العدوى في الفقه الإسلامي

العدوى في الفقه الإسلامي

- مرض الايدز إنموذجاً -

 

الحَمْدُ للهِ الذي جَعَلَ الأسبابَ بِيَدِهِ، وَرَبَطَ الأمور بأسبابِها يصرّفها كما يشاء، والصّلاةُ والسَلامُ على المَبْعوث رحمَةً للعالَمِين وَصَفْوَته
مِن أنسهِ وجنهِ أجمَعِين، وعلى آلهِ الأدلاّء على الخَيْرِ كُلِّهِ وَأصْحابِهِ المُنْتَجَبٍين.

إنّ الدّين الاسلامِيّ الحنيف رَبَطَ الأسباب بمسبّباتها، وأناطَ النتائج بمقدّماتها ولَيسَ في الوجودِ أعزّ من الصحّة والعافِيَةِ، ولا أدلّ على ذلك مِن قَولِ النَبيّ 6 لِذلِكَ الاعرابي الذي جاءَ لِيعلم ما يسأل الله عَنه بَعْدَ الصّلَواتِ الخَمْسَةِ: (سَلْ الله العافِيَة)(1)، وَقَولِهِ 6: (نِعْمتان مَغبونٌ فِيهِما كَثيرٌ مِنَ النّاسِ الصِحَّةِ والفراغ)([1])، فعلى المفتَقِر إلى الصِحّة أنْ يَسْعَى وراءَها بكُلِّ ما أوتي مِنْ قُوّة وعلم، وعلى المتمتّع بِها أنْ يحتَفِظَ بِها كلَّ الاحتِفاظْ وأنْ يُباعِدَ نَفْسَهُ عَنِ الأمْراضِ المُعْدِيَةِ.

إنَّ المَرَضَ وَالصِحَّةِ بِيِدِ اللهِ تَعالى، كَما أنَّ الأمُور كُلّها مِنه إليهِ وأرشدهُم إلى أنّ الأسْبابَ الفاعِلَة لِذلِك مَربُوبَة مَقهُورَة، وإنَّ اللهَ الذي خلقها قادرٌ في كُلِّ حِينٍ وآنْ أنْ يَجعَلَ مِنَ الداءِ الوبيلِ دواءْ، وَمِنَ الدّواءِ النّافع الناجِع داءً عِضالاً.

كما نَبّههم إلى أنّ العَدوى لا تَحْصَل بِذاتِها وإنّما تَحْصَل بِقَدرِ الله وَقُدرتِهِ، فإذا شاءَ جَعَلَ هذه الأسباب سارِيةً، وإذا شاءَ سَلَبَها قُدرتها على التأثير بأسبابٍ أخَرْ تُعارِضُها وتَضادّها، مِنْها ما أتِيحَ أنْ نعلمه بَعْدَ الاكتِشافاتِ العِلْمِيّةِ الواسِعِةِ، ومِنها ما لَم يُتحْ أنْ نَعْلَمَ مِنْهُ إلاّ القَلِيلَ رُغم الفِتوحاتِ العِلمِيّة الباهِرةِ.

واليَوم أصبَحت عَدوى الأمراض الجِنْسيّة عامّة منتَشِرة في العالَمِ على نِطاقٍ واسِعٍ، وعَدوى الإيدز بالخُصوصِ، كَما أنَّ الحَقن بالمَحاقِن المُلوّثة بِفيروسات مَرَض الإيدز والدّم ومُشتَقاته سَواء بالنَقلِ العِلاجي أو استِخدامِ الإبَرْ كُل تِلكَ الوَسائل تُؤدّي إلى العَدوَى، وكذلِكَ قَدْ تَنْتَقِل العَدوى مِن الأمّ إلى الجَنين.

إنّ العَدوى وَحدها أو المَيكروب وَحدهُ لَيْسَ هُو السّبَب المُنْحَصِر في حُصولِ المَرض بَلْ هُناكَ أسباباً أخَر بِيَدِ الله سُبحانَه وتَعالى إنْ شَاءَ جَمَعَها فَكانَ المَرض وكانت العَدوى، أمّا الاعْتِقادُ بأنّ المَيكروب هو سَبَب المَرض الوَحيد فهوَ جهلٌ بحقائِقِ الأشياء وجَهْلٌ بِقُدرَةِ الخالِق U وتَعظِيم للأسْبابِ الظاهِرة، فَيِرى الأسْباب الظاهِرِة ولا يَرى السَبَب الحَقِيقي وَهُوَ للهِ جَلّتْ قُدرَتُه وتَعالَتْ حِكْمَتُه. وَهَوَ الّذي خَلَقَ الدّاء والدَواء وهُو الذي إنْ شاءَ جَعَلَ مِن الدّاء دَواء وَجَعَلَ مِنَ الدّواء داء، فَكَم مِن داء في الأصْلِ إذا أصابَ شَخْصاً انْقَلَبَ في حَقّه إلى دَواء.

 

 


 

المبحث الأول: تعريف العدوى وطرق نقلها وصورها

أولاً: تعريف العدوى:

أ- تعريف العدوى لغة:

عدوى: مصدر  عدا، انتشر الجرب فأصابته العدوى الداء الذي ينتقل من مريض إلى آخر صحيح.

ب- تعريف العدوى عند أهل الاصطلاح (الأطباء):

هي استعمار كائن حي مضيف من قبل كائن متطفل أجنبي يسعى الى استخدام موارد الكائن المضيف من أجل مضاعفة الكائن الأجنبي عادةً على حسابِ المضيف كانتقالِ البكتريا والفيروسات أو الفطريات إلى أنسجة الجسم وانتشارها فيها.

تنقسمُ الأمراضُ التي تُصِيبُ الانسانَ إلى قسمين: أمراضٌ غير معدية، وأمراض مُعْدية، فالأمراضُ المعديةُ هي التي تنتقل من مريض إلى آخر بإحدى طرق العدوى.

والعَدوى هي نُزولُ الجُرثوم أو الفايروس بساحة البدن، أي: دخوله إليه وتكاثره فيه، وليس تَعني العدوى حتماً حدوثَ المَرَضِ؛ لأنّ اللهَ سبحانه وتعالى قد زوّد الإنسان بجهاز مناعي يتولّى مسؤوليّةَ الدّفاع عَن البَدَنِ ضِدَّ كُلِّ عَدْوَى تَسُومُهُ.

ويقوم الجهاز المناعي بواسطة أصناف متعددة من الخلايا منها ما يُهاجِمُ الجُرثُومَ أو الفايروسَ بِذاتِه فيلتهِمه أو يقتله، ومنها ما يُهاجم الجرثوم أو الفايروس بإفرازاته.

ومرضُ الإيدز هذا يسبّبه فيروس يُطْلَقُ عليه اسمُ فيروس العَوَز المناعي البَشَري، وهو ينتقلُ من الإنسان إلى الإنسان الآخر بواسطة سوائل البدن مثل المنيّ والدّم وغيرها.

ثانياً: طرق انتقال العدوى:

الأمراضُ المُعْدِية التّي تَنتقِلُ مِنْ المَريضِ إلى آخر تخْتلفُ طُرق وَوسائل انتقالِها مِن مرض إلى آخر.

فمنها: ما ينتقلُ بواسطة التَنفّس كأمراض الجهاز التنفسي، كالانفلونزا.

وَمِنها: ما يَنْتَقِلُ بواسطة الفم كأمراض الجهاز الهضمي مثل التِيفوئيد.

وَمِنها: ما ينتقلُ بطريق الملامسة كالجدري والجُذام.

ومنها: ما ينتقلُ عن طريق المعاشرة الجنسية مثل الزّهري والسَّيلان.

وبعضها ينتقلُ بواسطة الحُقن أو نقل الدّم، كالتهاب الكبد الفيروسي، أو بواسطة وخزِ  الحشرات كالملاريا التي تنقلها البعوضة أو الطاعون الذي تنقله الفئران.

وقد يكون للمرض الواحد أكثر من وسيلة لانتقاله كالايدز اذ تحقق أنه ينتقل بالاتصال الجنسي وعن طريق الدم ومشتقاته وعن طريق الحقن وغيرها(1).

ثالثاً: صور العدوى في الجسم:

إذا تغلبت وسائل المقاومة في البدن على الجرثوم أو الفيروس فحينئذ ينتهي المرض ولا تظهر له أعراض، أما إذا لم تتغلب فتكون صور العدوى هي:

يتغلب الجرثوم او الفيروس على وسائل دفاع البدن فلا يستطيع البدن المقاومة فتحدث الوفاة.

أن تقوم الوسائل المناعية بتعويق الجرثوم أو الفايروس المعتدي وتضيق عليه الخناق ولكنه يبقى حيا متربصا ينتهز الفرصة للانقضاض.

أن تصل الحرب بين الوسائل الدفاعية وبين الجرثوم أو الفايروس الى مرحلة هدنة، لا يقضي فيها الجسم على الجرثوم أو الفايروس ولا يؤذي الجرثوم أو الفايروس الجسم، ولكن الشخص يمكن أن ينقل الجرثوم إلى جسم آخر فيسبب فيه العدوى وربما المرض ويسمى الشخص في هذه الحالة بحامل الجرثوم أو الفايروس.

ومن المعلوم أن عزل المريض المعدي في طوال الحقبة التي يكون الشخص فيها معديا وهي محدودة في معظم الأمراض، إما في الايدز فهي العمر كله.

 

المبحث الثاني: الأدلة الشرعية الواردة في العدوى

استدل فقهاء مدرسة الخلفاء في حرمة العدوى بالنصوص الشرعية:

أولاً: الآيات الشريفة: قوله تعالى: [وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ]([2]).

ثانياً: الأحاديث الشريفة:

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله 6: (لا يورد الممرض على المصح)، وفي رواية (لا يورد ممرض على مصح) رواه البخاري ومسلم([3]).

وقال B: (لا يورد ممرض على مصح، وإن الجرب الرطب قد يكون بالبعير فإذا خالط الإبل أو حككها وآوى إلى مباركها وصل إليها بالماء الذي يسيل منه)([4]).

النهي في الحديث ظاهر في الحرمة، وهو نهي إرشادي إلى حكم عقلي فلا يكون نهياً مولويا.

قوله 6: (لا عدوى ولا طيره ولا هامة ولا صفر وفّر من المجذوم كما تفر من الأسد)([5]).

الظاهر من هذا الحديث فيه تعارض بين فقراته، فكيف يكون لا عدوى ثم في فقرة أخرى يقول فرّ من المجذوم؟.

والجواب: لا تعارض بين فقرات الحديث؛ لأن قول النبي 6: (لا عدوى) فيه رد على  المشركين الذين يقولون أن العدوى تعدي بطبعها لا بفعل الله وقدره، فردّ عليهم النبي 6 بأن العدوى بطبعها لا تعدي، وإنما العدوى بفعل الله وقدرته الذي أجرى العادة لا بطبعها.

ومن اطلع على الأحاديث في هذا الباب يجد أن النبي 6 لا يصحح اعتقاداً سار عليه أهل الشرك ونحوهم من التطير والقول بوجود الغول والهامة، والذين اعتقدوا بأن مثل هذه الأشياء تؤثر في أفعال الإنسان لا بقدر الله ومشيئته، وهذا ما ذكره البيهقي([6]) وابن صلاح([7]) وكثير غيرهم، بأن الحديث سيق للرد على أهل الجاهلية الذين كانوا يعتقدون أن الأسباب تؤثر بطبيعتها في المسببات وأن الله لا يؤثر فيها، فردّ عليهم النبي 6 بان لا عدوى مؤثرة بطبيعتها، وإنما قد يجعل الله بمشيئته وإرادته مخالطة صحيح الجسم لمن به مرض معد سببا لإصابته بهذا المرض، فلا تنافي بين فقرات الحديث.

قال ابن حجر في فتح الباري من ضمن مجموعة من المسالك في
الجمع بين الأحاديث: (المراد بنفي العدوى أن شيئاً لا يعدي بطبعه
نفياً لما كانت الجاهلية تعتقده أن الأمراض تعدي بطبعها من غير إضافة
إلى الله، فأبطل النبي 6 اعتقادهم ذلك وأكلَ مع المجذوم ليبين
لهم أن الله هو الذي يمرض ويشفي ونهاهم عن الدنو منه ليبيّن
لهم أن هذا من الأسباب التي أجرى الله العادة بإنها تقضي إلى
مسبباتها ففي نهيه إثبات للأسباب وفي فعله إشارة إلى إنها لا تستقل،
بل الله هو الذي ان شاء سلبها قواها فلا تؤثر شيئاً، وإن شاء
أبقاها فأثرت)([8]).

اشكال: وقد يشكل بأنه ورد في بعض الروايات (لا عدوى في الإسلام) يعارض حديث (لا يورد ممرض مصح).

والجواب: لا يوجد تعارض بين هاتين الروايتين، فإن الرواية التي تقول (لا عدوى) في الإسلام صادرة باعتبار أن العرب في الجاهلية كانت تعتقد أن المرض والعاهة تعدي بطبعها لا بفعل الله تعالى فجاء الحديث يرد على هذه المزاعم.

أخرج مسلم من حديث عمر بن الشريد الثقفي عن أبيه، قال: (كان في وفد ثقيف رجل مجذوم يريد مبايعة الرسول 6 فأرسل إليه رسول الله "إنا قد بايعناك فارجع")([9]).

الروايات الواردة في مرض الطاعون والوباء، وهي على ثلاث طوائف:

الطائفة الأولى: المنع من الخروج من أرض الطاعون مطلقاً:

رُوي عن أسامة بن زيد، قال: قال رسول الله 6: (الطاعون رجز أو عذاب أرسل على بني إسرائيل أو على من كان قبلكم فإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا فراراً منه)([10]).

والرواية تذكر إذا كنت في أرض أصابها الطاعون فلا تخرج منها فيحتمل إصابة الآخرين الذين في الخارج، فلذا جاء النهي بعدم الخروج وليس إلاّ لاحتمال العدوى للآخرين.

الطائفة الثانية: وجوب الخروج من أرض الطاعون مطلقا:

عن علي بن جعفر عن أخيه الإمام موسى بن جعفر B: (عن الوباء يقع في أرض هل يصلح للرجل أن يهرب منه؟

قال: يهرب منه مالم يقع في أهل مسجده فإذا وقع في أهل مسجده الذي  يصلي فيه فلا يصح الهرب منه)([11]). ومعناه فرّ إي إذا لم يقع في محلتك.

الطائفة الثالثة: التفصيل بين المنع والجواز:

ما روي عن معاني الأخبار عن علي بن جعفر، قال: سألت أخي موسى بن جعفر - الإمام الكاظم B- عن الوباء يقع في أرض هل يصح للرجل أن يهرب منه؟ قال B: (يهرب منه ما لم يقع في أهل مسجده الذي يصلي فيه، فإذا وقع أهل مسجده الذي يصلي فيه فلا يصلح الهرب منه)([12]).

فالرواية تحث على الخروج من أرض الطاعون إذا لم تكن في محل الإصابة، والمنع من الخروج من أرض الطاعون إذا كنت في محل الإصابة.

جاء في البخاري ومسلم عن ابن عباس، قال: إن عمر بن الخطاب خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد- أبو عبيدة الجراح وأصحابه- فأخبروه أن الوباء وقع بأرض الشام. قال ابن عباس، فقال عمر: ادع المهاجرين الأوليين، فدعاهم، فاستشارهم وأخبرهم أن الوباء قد وقع في الشام، فاختلفوا، فقال بعضهم قد خرجنا لأمر ولا نرى أن ترجع عنه، وقال بعضهم: معك لقية الناس وأصحاب رسول الله 6 ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء، فقال: ارتفعوا عني، ثم قال: ادعو لي الأنصار، فدعوتهم فلم يختلف منهم عليه رجلان، فقالوا: نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء. فنادى عمر في الناس: إني مصبح على ظهر، فأصبحوا عليه. فقال أبو عبيدة بن الجراح: أفراراً من قدر الله؟ فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، نعم نفر من قدر الله الى قدر الله. أرأيت إن كان لك إبل هبطت وادياً له عدوتان: أحدهما خصبة والأخرى جذبة، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجذبة رعيتها بقدر الله؟ قال: فجاء عبد الرحمن بن عوف وكان متغيباً في بعض حاجته، فقال: إن عندي في هذا علماً، سمعت رسول الله 6 يقول: إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منها، قال: فحمد اللهَ عمرٌ ثم انصرف)([13]).

قال 6: (كلِّم المجذوم وبينك وبينه قدر رمح أو رمحين)([14]).

استدل الشيخ حسن الجواهري([15]) على حرمة عدوى الآخرين بقاعدة (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام)، بمعنى أنه لا يوجد حكم ضرري في الإسلام أي أن الأحكام التي ليست ضررية ترفع إذا أصبحت ضررية لأن الأحكام بطبيعتها ليست ضررية. فمعنى الحديث لا يجوز لأحد أن يضر غيره وهو معنى الضرار، فنقل العدوى للآخرين يكون محرماً ومن يفعله فإنه قد اقترف فعلاً محرماً، والحرمة في الرواية مولوية.

لذا يحرم على المريض بالايدز وكل مرض معدٍ نقل مرضه إلى غيره من المسلمين وأهل الذمة والمعاهدين؛ لحرمة الإضرار بهم جزما.

ويحرم الضرر بأي وجه اتفق حتى بمثل السحر ونحوه، بل العقل يقبح حرمة الاضرار بالحيوان وكل ما يحس الألم، وبمقتضى قاعدة الملازمة بين حكم والعقل وحكم الشرع يمكن أن نقول بحرمة ذلك شرعا.

وكذا لاطلاق قوله B (لا ضرر ولا ضرار)([16])، فيحرم الاضرار مطلقاً إلاّ فيما دلّ الدليل الشرعي على الجواز كذبح الحيوان واستثماره.

مناقشة وتعقيب:

قد يورد على الأدلة ما عدا دليل (لا ضرر ولا ضرار) بأنها أدلّة إرشادية إلى ما ينبغي أن يفعله المكلف الصحيح والمريض.

الجواب: عند الشك في كون الأمر مولوي أو ارشادي فلا بد من حمله على كونه مولوي وذلك بدليل (ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهى عنه فانتهوا).

فإن قيل أنه إذا شككنا أن هذا الأمر ارشادي أو مولوي إلزامي فنجري البراءة ونقول إنه إرشادي غير إلزامي.

قلت: عدم إمكان جريان البراءة في هذا المورد، وذلك لعلمنا بصدور نصوص من الشارع ولم نعلم هذه النصوص إرشادية أو مولوية وهو موردنا، فهنا القاعدة على حملها كونها مولوية إلا أن تثبت كونها ارشادية.

نعم، البراءة تجري في ما اذا قطعنا بإن الشارع لم يصدر منه نص في مورد معين كشرب الدخان فلو شككنا في حرمته فنجري أصالة البراءة والإباحة في مقابل أصالة الحظر.

دليل العقل:

إن شر المهلكات أمراض تتفشى وحميات تنتشر وتفتك بالنفوس فتكاً ذريعاً بإهمالنا تعاليم الدين الصحيحة، وإرشاداته النافعة، وكل ما يتعلق بالنظافة والاحتياطات الصحيحة.

وما أكثر ما جاء في الأحاديث الشريفة من الحث على النظافة([17])، والوقاية خير من العلاج التي هي من الإيمان.

كما أن دفع الضرر ودرء الخطر عن الأنفس واجب.

كما إنه يجب أن نأخذ بالأسباب، فالأسباب للمرض موجودة بقوة الله وقدرته، ومطالبون بمعرفة الأسباب، وهذا لا ينافي الاعتقاد بالتوحيد لأن أسباب المرض وحدها لا نعتقد فاعلة بذاتها للمرض، نعم أن يتخذ الأسباب ويعلم إنها مقهورة بيد بارئها، كما أن التداوي وأمر بالتداوي كلها أسباب للشفاء بيد الله.

كما أن للحاكم الشرعي من صلاحياته أن يحرم على المريض المعدي عدوى الآخرين فهو حكم ولائي حكومي إن لم تكف الأدلة المتقدمة من إلزامية الحرمة.

فلِوِلاة الأمر ولاية الأمر والنهي، فلولي الأمر أن يأمر بشيء فيجب، وينهى عن شيء فيكون المنهي عنه عاصياً بالمخالفة، وذلك لقوله تعالى [أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ]([18]).

كما أن له الولاية بالأمور الحسبية التي يعلم بعدم رضا الشارع بإهمالها وأما فعل المحرمات وترك الواجبات فلا ولاية للناس على شيء من ذلك فلا موجب لثبوت الولاية على ذلك للحكام، فليس لهم أن يمنعوا من فعل الصلاة والصوم والحج ولا يرتكبوا المحرمات بذريعة صلاح الأمة، فيرخصوا في شرب الخمر وفعل الفواحش أو ابطال الوقوف العامة والخاصة كالمساجد وغيرها.

نعم للحاكم إدارة شأن الأمة ورعاية مصالحهم وإرغاد عيشهم وتهيئة سبل المعيشة الهنيئة للناس، وعلى هذا الأساس يمكن لولاية الحاكم توسعة الشوارع والطرقات مما فيه صلاح الأمة وحاجتها بحيث تصرف ضرورة المجتمع عرفا.

فللمجتمع ضرورة كما للفرد ضرورة، وهذه الضرورة تختلف باختلاف الاعصار فللحاكم الشرعي الحركة في ضرورة المجتمع، وللفرد ضرورته الخاصة، ولا يحق لأحد من أفراد المجتمع أن يتعامل مع ضرورة المجتمع إلاّ الحاكم الشرعي.

 

المبحث الثالث: أحكام الإيدز

  الفرع الأول:  نقل العدوى

أولاً: نقل العدوى:

إن الشريعة الإسلامية حرمت فعل نقل العدوى وهناك طريقتان
محللة بواسطة نقل الدم، وطريقة أخرى طريقة محرمة كالزنا واللواط
فهناك يستحق الناقل عقوبتين وهما عقوبة نقل العدوى وعقوبة
الزنا فلو كانت عقوبة الزنا الجلد فهنا يجلد ويقتل فيما لو مات
المصاب.

إن العدوى بالإيدز إلى المريض الصحيح إذا كانت متيقنة فهي
عمل محرم، لأنها عبارة عن اضرار المريض بالفرد الصحيح،
والإضرار محرم في الشريعة. وكذا إذا كانت العدوى غير متيقنة وإنما
محتملة احتمالاً عقلائياً فإن الإصابة بالعدوى تكون قوية وإن كانت
غير متيقنة أيضاً محرم لأن الحرمة لا ضرر تشمل هذه الصورة العرفية،
أن لا ضرر يشمل الحرمة المتيقنة والحرمة المحتملة احتمالاً قوياً
عقلائياً، والذي نفهمه أن الشارع المقدس قد اهتم لسد طرق العدوى المحتملة احتمالاً عقلائياً فضلاً عن العدوى اليقينية. ورتب عليها عقوبة
لمن نقل العدوى للآخرين:

العقوبة الأولى القصاص:

إن الشريعة الإسلامية أوجبت عقوبة القصاص إذا كانت العدوى تقتل المصاب، وذلك لأن عقوبة القصاص توجب سواء كانت نسبت القتل إلى المسبب أو الفاعل وسواء كانت علنية أو خفية. فإن القتل اذا استند إلى شخص مع النية المبيّنة للقتل فإنه يعاقب بالقصاص.

وبما أن العدوى لمرض الايدز مع الاصرار عليها يوجب اسناد القتل الى المعدي وهو حامل الفيروس لان نتيجته الموت والقاتل هنا يكون المسبب في عدوى هذا الشخص فهذا يوجب القصاص. وهنالك عدة صور.

الصورة الأولى:

إذا كان قصد الناقل قتل من ينتقل إليه المرض المعدي وتحقق القتل قبل أن يموت المعدي فهنا يكون المعدي قاتلاً ويستحق القصاص.

فلو نقل المريض فيروس الإيدز إلى غيره فمات ذلك الغير ولو بعد مدة، وثبت علمياً استناد موته إلى نقل العدوى جاز لولي الميت قصاص الناقل.

أما لو مات الناقل قبل أن يموت المعدي فهنا تؤخذ من أموال المعدي الناقل الدية لورثة المصاب المعدى لعدم امكان القصاص منه لأنه غير موجود (ميت).

الصورة الثانية:

إذا كان قصد ناقل المرض المعدي إشاعة الفايروس للإيدز في المجتمع، فهنا يتوقف حفظ النظام على قتل هذا الشخص، فيجوز قتله بل يجب دفاعاً لحفظ النفوس عن المرض المعدي القاتل.

العقوبة الثانية: التعزير:

الصورة الأولى:

لو كان قصد ناقل المرض المعدي هو نقل مرض الإيدز وقد حصلت العدوى فقط دون القتل فهنا لا يجوز قتل الناقل لانه قصاص قبل الجناية وهذا غير جائز فإنه لم يتحقق قتل، فلا معنى للقصاص ويستحق الناقل التعزير.

الصورة الثانية:

إذا كان قصد الناقل المعدي المريض بالايدز قتل الاخر ولكن لم تحصل الإصابة بالمرض فهنا يجوز للشخص الاخر أن يقتل المهاجم دفاعاً عن النفس.

ولو رفعت دعوى إلى الحاكم الشرعي ولم تحصل العدوى وأقر الناقل بإرادته نقل العدوى، فالحكم هنا استحقاق التعزير بنظر الحاكم الشرعي لقاصد النقل، لأنه أراد فعل الحرام والمعصية للحاكم الشرعي تعزير فاعل المعصية.

الصورة الثالثة:

لو أراد المصاب بالمرض المعدي الايدز نقل المرض لفرد معين ولكن لم يتحقق، فيصدق عليه أنه متجري، وقد خرج عن حد العبودية لأنه مأمور بعدم التعدي على الآخرين (لا ضرر ولا ضرار)، فهنا يستحق حكم المتجري وهو التعزير.

العقوبة الثالثة: السجن

إذا كان قصد ناقل المرض المعدي الايدز اشاعة الفيروس في المجتمع ولكن لم يتوقف التحفظ منه على قتله فهنا لا يجوز قتله بل يعزر بالسجن طيلة عمره حتى لا يشيع المرض.

وفي الصور التي يبقى فيها المصاب بالإيدز حي، فيستحق المنتقل إليه أخذ الغرامة عن الناقل وحيث عليه الارش عند عدم وجود الدية حيث (كل ما لا تقدير فيه ففيه الارش)، مضافاً إلى إمكان استفادة أخذ الارش من النصوص فضلاً عن استفادة عدم بطلان الجناية وكونها هدراً حتى أرش الخدش.

وببناء العقلاء عليه، وما ورد من عدم سقوط حق المسلم، وما في الأحاديث المروية عن الأئمة G من ثبوث الارش حتى على الخدش والغمز([19]).

العقوبة الرابعة: الديّة

الصورة الأولى:

إذا لم يكن قصد المصاب نقل العدوى ولكنه اتفق، فإذا مات المنقول إليه مرض الإيدز، والناقل موجود فعليه الدية، لأنه من قتل مع الخطأ.

الصورة الثانية:

إذا كان قصد الناقل المعدي لمرض الإيدز قتل من ينقل إليه المرض، وتحقق القتل قبل أن يموت المعدى المصاب فهنا تؤخذ من أموال الناقل الدية لورثة المعدى لعدم إمكان القصاص لأنه غير موجود.

الصورة الثالثة:

إذا كان الناقل جاهلاً عن المرض المعدي الايدز فلا يجب عليه الدية. وإذا لم يعلم الناقل المعدي لمرض الايدز بالمرض فلو أصاب عدداً من الناس بالعدوى نتيجة عدم فحصه من قبل الطبيب فهنا لا تجب الدية عليه، ولو أهمل الطبيب الفحص وأدى إلى العدوى وموت المصاب فهنا تحقق على الطبيب الدية مع استحقاق العقوبة من تعزير كالسجن لأنه أهمل مسؤوليته الطبية.

العقوبة الخامسة: المحاربة (الحرابة):

ذهب بعض فقهاء مدرسة الخلفاء الى تطبيق عقوبة الحرابة على الناقل المعدي لمرض الايدز للعدوى.

اعتراض:

إن احكام الحرابة تنطبق على من أخاف الناس بالسلاح وهنا الاخافة بنقل العدوى لا بالسلاح فأحكام الحرابة لا تنطبق عليه.

وإذا فرض قيام فئة من الرجال والنساء بأمر من حكومتها المعادية للدول الإسلامية كإسرائيل بنشر الإيدز بين المسلمين، فحكم هؤلاء الناقلين حكم الساعين في الأرض فساداً([20]).

استحقاق المجنى عليه المصاب:

هنالك صور:

الصورة الأولى:

لا يبعد أن يلزم المعدي بدفع جميع ما يحتاج المريض المعدى إلى مصروفاته في العلاج من ثمن الأدوية وأجر الأطباء وما يصرف من مقدمات التداوي حتى اجرة السيارة، وكذا ما يفوت على المريض من المنافع اليومية لأجل المرض، وهذا هو طريق العقلاء في أخذ الغرامة من المعتدي.

الصورة الثانية:

أما الأمراض التي لا علاج لها فتعيين أرشها موكول إلى نظر الحاكم الشرعي بمشورة أهل الخبرة منهم الأطباء، مضافاً إلى غرامة منافع المريض اليومية الفائتة لأجل المرض عليه.

الصورة الثالثة:

اذا كان مرض الايدز يهدم مناعة البدن وهي واحدة، فاتلافها يوجب الدية كاملة.

لكن قيل: إن قاعدة دية الاعضاء في خصوص الاعضاء دون المنافع، ففي صحيح هشام بن سالم المروي في الفقيه عن الامام ابي عبد الله الصادق B قال: (كلما كان في الانسان أثنان ففيهما الدية في أحدهما نصف الدية، وما كان واحداً ففيه الدية)([21]).

اعتراض:

تقييد الخبر أو انصرافه الى خصوص الاعضاء محتاج الى دليل وقرينة كقوله B في أول الخبر (اثنان) والا فالخبر يشمل الصفات النفسية أيضاً مضافاً الى قواه البدنية؛ لأن الموضوع هو الانسان، وهو مركب من البدن والنفس دون خصوص البدن.

معالجة العدوى بالايدز من منظور إسلامي:

ان الاسلام عالج العدوى بالايدز للسيطرة عليها بطرق وقائية منها:

أولاً: تحريم العملية الجنسية من زنا ولواط ومساحقة، والحث على الفضيلة ورفع شعار الجنس الحلال والآمن.

ثانياً: الحث على الزواج المبكر، قال رسول الله 6 (النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي ليس مني)([22])، وقال 6 (من تزوج فقد أحرز نصف دينه فليتق الله في النصف الآخر)([23]).

الفرع الثاني: زواج المصاب بالايدز:

 وقع الكلام هل يجوز للمريض المعدي كالمصاب بالايدز أن يتزوج؟

زواج المريض بالمرض المعدي الايدز له صورتان:

الصورة الأولى: في حالة العلم:

هنالك رأيان للفقهاء:

الرأي الأول:

جواز زواج المصاب بالمرض المعدي الايدز وعدم حرمة النكاح وإنما المحرم هو الجماع اذا قيل بذلك فإنه الطريق الى الانتقال، نعم هو من مقدمات الحرام. فإذا تبانيا على ترك المجامعة في مثل مرض الايدز صح النكاح ولم يحرم، فإنهما رضيا بالنكاح وإن حرم لأنه أوجب الاضرار بالنفس، فالحكم الوضعي غير الحكم التكليفي.

إن المريض بمرض الايدز يمكن مقاربة زوجته لأنه لاتكون موجبة لقطعية العدوى ولا محتملة احتمالاً كبيراً.

اعتراض:

ان احتمال الاصابة وإن كان ضئيلاً لكن المصاب يعلم أنه لا يقارب مرة واحدة بل للمقاربات الجنسية المتعددة يرد احتمال الاصابة.

والحاصل إن نفي احتمال الاصابة بالعدوى وإن كان ضعيفاً فإنه يوجب العلم الاجمالي بتحقق العدوى ومعه فالعقل يحكم بالعقاب وهو مقتضى الاحتياط، وعدم جواز المواقعة الجنسية.

كما يجوز إنجاب الأطفال، ولا دليل على منع الزواج، وكذلك الانجاب، فإن الحمل إذا وجد بعد الزواج فالأم لا تكون متعدية لأن انتقال المرض إلى الطفل قهري، لذا قد يقال بجواز الحمل، ولا يجوز قتله وتجب المحافظة عليه.

نعم، احتمال اصابة الجنين الذي سيوجد في المستقبل ليست اختيارية، فلا توجب حرمة الزواج والمواقعة، وأما إرضاع الجنين قد تؤدي إلى العدوى من قبل الأم فيمكن استئجار مرضعة أو استعمال الالبان المجففة.

جاء في ملخص أعمال الندوة الفقهية الطبية السابعة للمنظمة الاسلامية للعلوم الطبية بالكويت بجواز زواج المصابين بمرض الايدز الزوج والزوجة.

وفي هذه الصورة من الزواج يكون المريض المعدي بالايدز غرضه من الزواج المعاشرة الجنسية مع العازل الذكري - الواقي- ، أو يعمل على عدم إصابة الزوجة بالمرض المعدي فهنا لا دليل على تحريم هذا الزواج، والمواقعة مع العازل لا دليل على حرمتها.

الرأي الثاني: المنع من الزواج

 إن المريض بمرض الايدز يمنع من الزواج؛ لأنه يؤدي إلى عدوى الزوجة، كما أنه سبباً لنقل العدوى للأطفال. وذكر بعضهم أن سبب المنع هو الاضرار بالزوجة وهو واضح([24])، فإن المرض إذا كان مهلكاً ولا يتيسر التحفظ منه للسالم من الزوجين لا يجوز للسالم إجابة المريض للزواج لأنه من الالقاء في التهلكة.

وقيل يمنع من الزواج وذلك لأن الزواج يساعد على اضعاف صحة كل منهما كما يمكن أن تظهر ذرية جديدة مصابة بالايدز.

والحق هو لا مانع من الزواج وصحة النكاح لعدم دليل معتبر وما استدل عليه المانعون هي استحسانات عقلية.

وفي هذه الصورة من الزواج يريد المريض المعدي بالايدز أن يواقع زوجته بصورة طبيعية للحصول على الاطفال ولا يعلم زوجته بمرضه، ويكون نكاحه حراماً، لأنه من مصاديق ايقاع نفس زوجته بالتهلكة وهو محرم؛ للروايات الناهية مثل (لا ضرر ولا ضرار). كما أن زواجه تدليس وغش فإنه تزوج على أنه صحيح وليس بمريض وقد صح عن النبي 6: (من غشنا ليس منا)([25]).

فلو علمت الزوجة بمرض زوجها المعدي بالايدز جاز لها فسخ العقد قبل الوطء أو بعده، كما لو وجدت عيوباً في الزوج توجب المرأة الفسخ بأن يكون عنينا أو مجبوباً أو مجنونا.

بل يمكن القول إن العقد غير صحيح في ما لو اشترطت الزوجة أن قبولها بالزوج كونه صحيحاً. ولها حق الفسخ، ويجب دفع المهر مع الدخول إذا فسخت الزوجة، أما قبل الدخول فلا تستحق شيئا.

الصورة الثانية: في حالة الجهل

إذا تزوج أو زوّج جهلاً بالمريض المعدي بمرض الايدز، ثم علم فهل له فسخ العقد إذا كانت العدوى مهلكة أو مضرة إلى درجة كبيرة ولم يتيسر التحفظ منها الا بحرج شديد.

الأول: الزوج

 الظاهر عدم ثبوت خيار الفسخ للزوج وذلك لان الروايات حصرت عيوب الفسخ، والحصر ثابت للرجل فقط، وإن النكاح لا يرد الا من العيوب الواردة المحصورة في بعض الروايات. نعم له أن يطلقها.

وأما بناء على شمول العيوب لكلا الزوجين؛ لصحيحة الحلبي المروية في الفقيه، وجواز رد النكاح لكل منهما، فالحصر ثابت لكليهما فيمكن أن يرفع اليد عنه هنا لقاعدتي نفي الحرج والضرر، وهاتان القاعدتان جاريتان في حق الزوج والزوجة إلا إنّ يقال أن جواز الطلاق من طرف الزوج يمنع من جريان قاعدة الحرج والضرر.

الثاني: الزوجة

وأما الزوجة فلا يبعد ثبوت الخيار لها لقاعدة (لا ضرر)، التي استدل بها لثبوت بعض الخيارات في باب المعاملات، ولقاعدة نفي الحرج.

وأي ضرر أشد من ابتلائها بالمرض المهلك أو تدهور صحتها، وبحرمانها من لذة الجماع في مرض الايدز مادام العمر، إلا أن يقال إن التلذذ حاصل بالدخول مع استعمال العازل الذكري –الواقي الذكري- إن قلنا بكفاية ذلك لحقها فلا خيار لها حينئذ.

أو يقال أن الزوج المصاب بمرض الايدز في معرض الموت فلها الخيار من هذه الجهة.

وإنّ للحاكم الشرعي أن يأمر الزوج بالطلاق احتياطاً إذا رفعت الزوجة دعوى بالتفريق، فإن رفض الزوج تفسخ هي النكاح ويطلقها الحاكم ولاية احتياطاً.

اعتراض:

دعوى عدم ذهاب مشهور الفقهاء إلى ثبوت الخيار للأمراض المعدية.

الجواب:

أولا: إن هذه الدعوى غير ثابتة، وذلك لأن كثيراً من الفقهاء لا تصنيف لهم في هذه المسألة او لم تصل مصنفاتهم وتأليفاتهم إلينا.

ثانياً: ان ضرر الأمراض المعدية كالايدز لم يكن واضحاً للناس والفقهاء.

ثالثاً: انه غير مانع عن الفتوى بالدليل وهو قاعدتا نفي الحرج والضرر الرافعتان للزوم عقد النكاح بالنسبة الى الزوجة.

اعتراض: ان كل مرض معدٍ لا يوجب الفسخ لانه يمكن رفع العدوى بالاجتناب عن المواقعة الجنسية للزوجين، وهذا ما دعاه صاحب الجواهر بأن العدوى مع اقتضائها التعدية لا يمكن أن توجب الفسخ لأنه يمكن رفع العدوى بإيجاب التجنب([26]).

الجواب:

هذا الرأي يمكن مناقشته وذلك أن تجنب الزوج للزوجة أو بالعكس فيها حرجية أشد الحرج، ثم أي فائدة لهذا الزوج الفاقد للسكن والمودة والرحمة؟ وليس هو من الإمساك بالمعروف فأي زوجية هذه؟([27]).

أما لو كانت المدلسة الزوجة وهي المصابة بالمرض المعدي الايدز فيجوز للزوج الفسخ، ولا تستحق المهر حتى مع الدخول.

وذكر الدكتور صاحب اثر الامراض المعدية (إذا اقدم الخاطب على الزواج من مخطوبته، وقد ابتلي بمرض معد، أو مرض وراثي سلباً على حياتهما، ولم يبين ذلك الا بعد زواجه، فيعتبر غشاً وتدليساً، وأنه من الاضرار بالنفس، فإنه يقع على الزوجة ضرر عظيم، وأوجب على الخاطب إخبار المخطوبة بمرضه)([28]).

الأدلة على خيار الفسخ للمرض المعدي للزوجة:

يمكن التمسك بأدلة على خيار الفسخ للزوجة في المرض المعدي الايدز:

قوله تعالى: [الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ]([29]).

يحتمل أن المراد من الامساك بالمعروف هو الامساك لسكون النفس اليها لا لاخذ المهر كلا أو بعضا، ومعلوم أن امساك الزوجة من قبل الزوج المبتلى بمرض معدي كالايدز ليس بمعروف، واذا قصد الزوج
المريض بإمساكها إضرارها فهو مدلول قوله تعالى: [وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا].

قوله تعالى: [وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا]([30]).

اذ لا فرق بين الامساك المسبوق بالطلاق بعد الرجوع وبين الامساك الابتدائي المسبوق بالنكاح في الحكم، ومعلوم أن امساك الزوجة من
قبل الزوج المبتلى بالعدوى أو المريض بالمرض المهلك كالايدز ليس بمعروف.

وهذا كله يوجب الخيار لها أو أنه يسبب جواز إجبار الحاكم الشرعي للزوج على الامساك بالمعروف وعدم الامساك بالاعتداء، وأنه لو لم يقبل الزوج أمر الحاكم الشرعي ولم يطلقها أو لم يصلح شأنه كان الولاية للحاكم الشرعي طلاقها.

يمكن إثبات الخيار للزوجة في فسخ عقد النكاح لأجل التدليس، فإن المرأة لو علمت بحال خاطبها وأنه مبتلى بالعدوى والمرض المهلك لما رضيت بالزواج منه قطعاً. وسكوت الزوج عن مرضه مع بناء الناس على إصالة الصحة وغفلة الزوجة عن احتمال مرضه تدليس.

والسلامة من مثل هذه الأمراض المعدية وإن لم تشترط صريحة في العقد لكنها مما يبنى الزوجان عليها ويجريان عقد النكاح عليها، ولا فرق على الأظهر بين الشرط المذكور صريحاً في العقد وبين الشرط المبنى عليه العقد.

حكم تمكين الزوجة من الزوج المصاب بالمرض المعدي كالايدز:

لا يجب على الزوجة التمكين من الزوج المريض بمرض معدٍ كالايدز إذا احتملت الضرر المهم بالمباشرة، وربما لا يجوز اذا كان الضرر مهلكاً أو شبهه. كما لا يجب على الزوج وطء الزوجة المريضة بالايدز ونحوه لذلك اذا كان احتمال الضرر بعد تثبيته راجحاً عند العقلاء. وحرمة الاضرار بالنفس أهم من وجوب أداء حق الزوجين، وعند التزاحم تقدم حرمة الاضرار بالنفس على أداء حقوق الزوجية.

نعم لا مانع من سائر الاستمتاعات في مرض الايدز التي لم يؤدِ الى نقل العدوى بها دون الوطء مثل التقبيل والملامسة والمداعبة، للأصل ببقاء الزوجية وعدم التفريق فمتى ثبتت الزوجية لا يجوز التفريق الا بدليل من الكتاب العزيز أو السنة الشريفة.

وإلاّ فلا. قال ابن حزم الاندلسي: (لا ينفسخ النكاح بعد صحته بجذام حادث ولا برص كذلك ولا بجنون كذلك، ولا بأن يجد بها شيئاً من العيوب ولا بأن تجده هي كذلك)([31])، فإن حصول المرض المعدي كالايدز بالمباشرة في ما دون الفرج مشكوك فيه ولا يزول اليقين بالشك وتبعاً للأصل والأصل بقاء ما كان على ما كان.

وكذا يجب أداء حق الزوجين في الوطء إذا اطمأنا بقول الطبيب الثقة الماهر بعدم العدوى مع استعمال الرفال الواقي الذكري أو العازل الذكري([32]).

فلا تصل النوبة الى امتناع الزوجة عن المقاربة الجنسية والذي هو حق الزوج وبه يحفظ حقه ويحفظ حقها. والأدلة على ذلك:

جاء في ملخص أعمال الندوة الفقهية الطبية السابعة للمنظمة الاسلامية للعلوم الطبية بالكويت في زواج المصابين بمرض الايدز الزوج والزوجة (بالنسبة للمصابين يمكن أن يجامع كل منهما الآخر ويستحسن أن يكون باستخدام العوازل الذكرية أو الأنثوية لمنع تكرار نقل العدوى بينهما خاصة).

حمل المصابة بالايدز:

لو اختلف الزوجان المصابان بالايدز فرغب أحدهما في الانجاب وامتنع الاخر عنه، فالظاهر أنه لا وجه لاجبار الممتنع وذلك لان الوليد لا علاج ولا دواء له من مرض الايدز.

وينبغي توجيه النصح إلى المرأة المصابة بمرض الايدز بتجنب الحمل والانجاب، وأن تتخذ الوسائل والاحتياطات اللازمة التي تمنعها، لا لقطع النسل ولا لمنعها من حنان الأم ورغبتها في الطفل، ولكن لما يترتب على الحمل من مشكلات ومفاسد.

اجهاض الجنين المصاب بالايدز:

الاجهاض لغة هو إلقاء الحمل ناقص الخلقة أو ناقص المدة سواء من المرأة أو غيرها، والإلقاء سواء كان بفعل فاعل او تلقائياً، ومرادفاته الطرح والاملاص والالقاء والاسقاط.

واختلف الفقهاء في إباحة الاجهاض:

أولاً: ذهب فقهاء مدرسة الخلفاء بإباحة الاجهاض ما لم يتخلق أو يكون مضغة أو قبل أربعين يوماً من الحمل على آراء.

الرأي الأول: إباحة الاجهاض مطلقاً بعذر أو بغير عذر، قال به بعض علماء الحنفية فقد ذكروا انه يباح الاسقاط بعد الحمل ما لم يتخلق شيء منه والمراد بالتخلق في عباراتهم تلك نفخ الروح.

وقال به بعض المالكية فيما قبل الاربعين يوماً وقال به بعض الشافعية قبل الاربعين أيضاً.

وقال به بعض الحنابلة في أول مراحل الحمل إذ أجازوا للمرأة شرب الدواء المباح لالقاء نطفة لا علقة، وقالوا: وما دامت لم تحله الروح فلا يبعث ويؤخذ من ذلك أنه لا يحرم اسقاطه.

الرأي الثاني: إباحة الاجهاض لعذر فقط:

وهو مذهب الحنفية، فقد نقل ابن عابدين عن بعضهم عدم الحل لغير عذر وقال بعضهم أن إباحة الاسقاط محمولة على حالة الضرورة.

ومن قال من المالكية والشافعية والحنابلة بالإباحة دون تقييد بالعذر فإنه يبيحه هنا من باب أولى.

وقرر الدكتور عبد الكريم زيدان إباحة الاجهاض لعلاج المرأة الحامل المريضة فيعد المرض الذي يسبب العدوى من الاعذار المبيحة للاجهاض قبل نفخ الروح.

وقد صدرت فتوى هيئة كبار العلماء في المملكة السعودية فصلت فيها ضوابط الاجهاض (ان كان الحمل في الطور الاول وهي مدة الاربعين وكان في اسقاطه مصلحة شرعية أو دفع متوقع جاز اسقاطه).

ثانياً: فقهاء مدرسة أهل البيت G:

ذهب فقهاء مدرسة أهل G الى تحريم الاجهاض قبل نفخ الروح وبعدها بل أنه قتل بلا خلاف مطلقاً.

ولا يجوز إجهاض الأم المصابة بعدوى مرض نقل المناعة المكتسبة الايدز مطلقاً لأنه قتلها بغير حق. وذكر الشيخ محمد آصف المحسني بقوله (لا يجوز اجهاض الجنين المصاب بالايدز بعد تعلق الروح به، وإما قبله فإن كانت الإصابة به مظنونة فكذلك، وإن كانت مقطوعة طباً فالحكم بجواز اجهاضه مشكل جداً، وان فرض موته أثناء سنه بعد ولادته)([33]).

وصرح الشيخ فاضل اللنكراني (اذا علمنا ان الجنين مصاب بمرض معين بحيث يموت بعد ولادته أو يصاب بأمراض وراثية أو مشاكل صحية، فمثل هذه الأمور لا تجيز اسقاط الجنين، بل تبقى حرمتها على حالها)([34]).

وفي صدد هذا الموضوع صدر قرار المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي في الدورة الثانية عشرة والتي عقدت بمكة المكرمة بتاريخ 15-12/7/1410هـ والذي جاء فيه أن المجلس قرر بأكثرية الأصوات ما يلي:

(أنه لا يجوز اجهاض الجنين حيث جاء في قرارهم المرقم (90) (9/7) بشأن مرض نقص المناعة المكتسبة الايدز).

الفرع الثالث: الفحص الطبي قبل الزواج:

تعتبر الفحوصات الطبية قبل الزواج من الوسائل الوقائية الفعالة جداً في الحد من الأمراض الوراثية والمعدية الخطرة، وتشكل حماية للمجتمع من انتشار الأمراض والحد منها، ولضمان إنجاب أطفال أصحاء سليمين.

وقد ألزمت بعض الدول رعاياها وأبناءها بإجراء الفحص الطبي قبل الزواج، فهل يحق للدولة تحتم الفحص عن الايدز بل عن كل مرض معد من كل من يريد التزويج والتزوج، وان استلزم مؤنة كثيرة من الزوجين؟

الأولى: إحالة هذا الحكم إلى الحاكم الشرعي فيحكم باللزوم أو عدمه حسب شرائط الظروف والوضع الصحي.

واذا احتمل الطبيب عند نقل دم أحد ولو بتوسط زرع عضو منه في بدن الغير ان الدم مبتلى بالايدز أو مرض معد آخر، فهل يجب عليه الفحص حتى الاطمئنان بعدمه أو لا يجب عملاً بإصالة الصحة أو إصالة عدم حدوث المرض المعدي أو إصالة البراءة عن وجوب الفحص؟

لقد تعرض العلماء المعاصرين لهذه المسألة، وجاء رأيهم متفقاً مع رأي الأطباء من الناحية الشرعية، ومن هؤلاء الاستاذ محمد عبير الذي يرى أن الفحص الطبي (لا يتعارض مع الشريعة الاسلامية ولا مع مقاصد الزواج لأن زواج الأصحاء يدوم ويستمر أكثر من زواج المرضى، ويمكن تنظيم الفحص الطبي بحيث لا يترتب عليه ضرراً بالرجل أو المرأة)([35]).

الرأي الأول: ضرورة وجوب الفحص الطبي:

ذكر الاستاذ الصابوني ضرورة الفحص الطبي، ويرى أنه من المسوغات الشرعية، فيقول (إصابة أحد الزوجين بمرض معدٍ ينتقل للزوج الآخر فيه من الضرر ما لا يخفى، كما أن فيه تغريراً للسليم منهما إذ ربما لو علم بمرض زوجه لما وافق على الزواج به، وإني أقترح أن يضيف المشرع إلى هذه الشهادة تقريراً يتضمن فحص فصيلة دم كل من الزوجين، فقد أثبت الطب الحديث بما توصل إليه المختبر من دقة التحليل على أن فصيلة دم الزوجة إذا لم تكن على وفق مع فصيلة دم الزوج فقد يحصل تشويه في الجنين أو إجهاض أو ينشأ الولد مريضا الى غير ذلك من الأمور التي يمكن للطب حالياً أن ينبئ عنها نتيجة فحص زمرة دم كل من الزوجين، إن تقريراً من الطبيب لا يؤخر الزواج، لكنه يعطي صورة واضحة لكل راغبي الزواج عن شريك حياته المقبل، والشريعة الاسلامية تتقبل كل ما هو نافع ومفيد للفرد والاسرة في هذا المضمار ولو لم ينص عليه الفقهاء بعينه)([36]).

ويقول عارف علي عارف في بحثه حول الأمراض الوراثية، وهو يرى ضرورة إجراء التحليل الجيني قبل الزواج وهو جزء من اختبار الفحص الطبي، أنه: (قد يحقق مصالح شرعية راجحة، ويدرأ مفسدة متوقعة، وليس في هذا مضادة لقضاء الله وقدره، بل هو من قضاء الله وقدره، وينفع التحليل الجنين خاصة في العائلات التي لها تاريخ وراثي لبعض الأمراض ويتوقع الإصابة بها يقيناً أو غالباً، والمتوقع كالواقع والشرع يحتاط لما يكثر وقوعه احتياطاً لما تحقق وقوعه)([37]).

فإذا علم الطبيب بأنه في فرض ترك الفحص يبتلى جمع من المرضى بفيروس الايدز لا محالة، فلا يبعد وجوب الفحص عليه.

وكذلك إذا اشترط المريض على الطبيب الفحص الطبي أو الحكومة الإسلامية وجب لقوله B: (المؤمنون عند شروطهم)([38])، ولقوله تعالى: [أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ]([39]).

وربما يقول: إن الأصل في النفوس والفروج والاموال الكثيرة هو الاحتياط دون البراءة ومسألة الفحص الطبي داخلة في هذا الأصل، فإن مرض الإيدز مهلك لا علاج له، فيجب الفحص للاحتياط.

ولكن هذا القول على اطلاقه لا دليل له ويجري الاستصحاب وأصالة البراءة في كثير من جزئيات تلك الموارد الثلاثة، كما ذهب السيد الحكيم في مجلس درسه كما ذكر الشيخ محمد آصف المحسني([40]).

الرأي الثاني: المنع من الفحص الطبي:

يرى عبد العزيز بن باز في بعض فتاويه أنه لا حاجة لهذا الفحص الطبي وأنه مضاد لقضاء الله وقدره (ونصح المقدمين على الزواج
بإحسان الظن بالله فالله سبحانه وتعالى يقول (أنا عند ظن عبدي بي)([41]). كما روي ذلك عن نبيه، ولأن الكشف- الفحص- يعطي نتائج غير صحيحة)([42]).

اعتراض:

إن الثقة بالله لا تتعارض مع الاخذ بالأسباب، إما كون نتائج الكشف احتمالية، فقد أثبت الطب الحديث قدرته الأكيدة على اكتشاف العديد من الأمراض المعدية الوراثية وإمكانية المعالجة للعديد منها قبل أن تؤثر سلباً على الزوجين والذرية.

الرأي الثالث: جواز الفحص الطبي:

وهو الرأي الراجح في جواز الفحص الطبي للزوجين قبل الزواج، وهذا لا يمنع من زواج المتقدمين للفحص بعد معرفة العيوب معينة، فعملية الفحص الطبي لا تلغي حرية الزواج على الرغم من وجود العيوب.

كما أن الفحص الطبي لا يتعارض مع الثقة بالله مع الأخذ بالاسباب، وأما كون نتائج الفحص الطبي احتمالية فقد أثبت الطب الحديث قدرته الأكيدة على اكتشاف العديد من الأمراض المعدية والوراثية، وإن كانت أيضا تبقى احتمالية، فالشرع يحتاط لما يكثر وقوعه واحتياطه لما تحقق وقوعه.

وإذا رأى الحاكم الشرعي الأمر بإلزام الناس بالفحص الطبي واجبارهم عليه حالة انتشار أمراض معينة في بلد معين، وكان الزواج أحد أسباب زيادة انتشاره جاز ذلك من باب السياسة الشرعية، إلاّ أن هذا الاجبار وإن كان فيه إلزام قانوني أو تترتب عليه عقوبات مالية لا يؤثر في صحة عقد الزواج، فالعقد الصحيح إذا تكاملت فيه شروط الانعقاد الاخرى كان العقد صحيحاً.

وفي هذه المسألة الرجوع إلى أهل الخبرة الذين يؤكدون أن مرض الايدز تحتمل العدوى فيه احتمالاً قوياً، حينئذ من باب رجوع الجاهل إلى العالم المختص فنرجع اليهم لمعرفة احتمال الاصابة وعدمها.

الفرع الرابع: افشاء السر من قبل الطبيب للمرض المعدي:

هل يجوز للطبيب إخبار أقارب المريض بمرضه المعدي مثل
اخبار الزوجة بأن زوجها مصاب بمرض الايدز، وإذا كان يجوز فهل
هو على نحو الوجوب اخبار الزوجات عن ازواجهن المصابين أو بالعكس؟

إن الأصل المنع من افشاء السر وعدم جواز افشاء المرض لما قرر من أن الطبيب هو الحافظ لسر المريض وذلك للأدلة التالية:

قوله تعالى: [وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ]([43]).

أدلة حرمة الغيبة:

أدلة حرمة إيذاء المؤمن:

وهو قياس شرطي مركب من مقدم وتالي، فإذا بطل التالي بطل المقدم فيثبت نقيضه لذلك نقول: لو جوزنا إفشاء سر المريض للزم تهمته بالزنا واللواط والمساحقة والتالي باطل شرعاً فالمقدم مثله فيثبت نقيضه وهو عدم جواز افشاء السر.

بيان الملازمة وبطلان التالي: لما كان مرض الايدز مثلا يحدث غالباً من طريق المعاشرة الجنسية غير الشرعية، فالاعلان عن الاصابة معناه هتك لاعتبار المريض لاتهامه بمرض يسيء اليه، أو أنه كشف لعيبه المستور اذا صح انه قد انتقل اليه المرض من مواقعة جنسية شاذة وهذا الهتك محرم شرعاً فالافشاء محرم شرعاً وهو المطلوب.

ثم ان إطلاع الزوجة قد يجر الى اطلاع الأقارب والذين يشتغلون مع الفرد المصاب، وهذا يجرهم الى اجتنابه مما يؤدي الى طرده من المجتمع بصورة غير معلنة، واذا فصل ذلك فقد تحصل للمريض حالات عصبية تجرّه الى الانتقام من المجتمع فيعمد الى نقل المرض الى غيره.

والحاصل لا يجوز افشاء اسرار المريض(1) وعيوبهم من قبل الاطباء، إلاّ في بعض الموارد الخاصة التي سيأتي ذكرها في المسائل التالية(2):

اذا علم الطبيب باصابة المريض بنوع من الأمراض السارية، وكان كتمانه سبباً لمفسدة اجتماعية هامة وخطيرة، فلا يجوز له كتمان ذلك بل يجب إطلاع الجهات المعنّية بالأمر.

أثناء الاختبارات التي تجري قبل الزواج، إذا اكتشف الطبيب أو مسؤول المختبر ان المتقدم للزواج مدمن فليلزم عليه اخبار أولياء الفتاة بذلك أو أكتشف إدمان الفتاة فيلزم عليه إخبار المتقدم للزواج بها بذلك وكذلك اذا أكتشف إصابة شخص بمرض سوف يؤدي الى مشاكل أسرية أو اجتماعية كالإيدز عليه اطلاع الطرف المقابل والجهات المعنّية بذلك.

اذا توقفت مداواة المريض وعلاجه على إفشاء سرّه، فيجوز للطبيب إطلاع أقاربه بذلك مع الاكتفاء بمقدار الضرورة.

اذا لم يكن افشاء المرض المخفي للمريض أمر ذا بال بالنسبة اليه فلا يجب على الطبيب كتمانه، اما اذا عُدّ إفشاؤه غيبية فهو محرم.

اذا أدى عدم اطلاع المريض على نوع مرضه الى عدم اهتمامه باتباع العلاج وإلحاق الضرر به نتيجة ذلك، فاللازم إطلاع المريض على نوع مرضه.

الفرع الخامس: مرض الايدز والتبرعات المنجزة

من المعلوم ان مرض الموت يمنع فيه المريض عن التبرعات المنجزة الزائدة عن الثلث في ماله([44])، فهل مرض الايدز مرض موت؟

لابد من تعريف مرض الموت حتى نتمكن من معرفة ان مرض الايدز أحد مصاديقه أم لا؟

  أختلف الفقهاء في تعريف مرض الموت اختلافاً كبيراً، وذلك لعدم وجود تحديد له في الكتاب العزيز والسنة الشريفة، وإنما مردّه الى الاجتهاد.

قال بعض الفقهاء (ان مرض الموت هو الذي يقعد الانسان عن عمله المعتاد في حالة الصحة).

وعن ابن عابدين الحنفي (ان علم ان مرضه مهلكاً غالباً وهو يزداد الى الموت فهو المقبر، وان لم يعلم انه مهلك يعتبر العجز عن الخروج للمصالح)([45]). وعرفت مجلة الاحكام العدلية (بان مرض الموت هو الذي يموت المريض قبل سنة من الاصابة به).

وحدد فقهاء الشافعية مرض الموت بانه هو المرض المخوف الذي يتصل بالموت ولو لم يكن الموت بسببه([46]). فعلى هذا يشترط لتحققه ان يتوفر فيه وصفان:

أحدهما: ان يكون المرض مخوفا أي يغلب الهلاك منه عادة أو يكثر ويرجع هذا القيد الى الاطباء أهل الخبرة في طبيعة المرض وأعراضه.

ثانياً: ان يتصل المرض بالموت سواء وقع الموت بسببه أم بسبب أخر خارجي عن المرض كقتل أو غرق أو حريق أو تصادم أو غير ذلك.

وعلى هذا التحديد لمرض الموت اعتبر بعض الفقهاء المصاب بمرض الايدز مرض الموت نظراً لتوفر مناط التعليل فيه كونه مخوفاً واتصاله بالموت. ومن الفقهاء من اقتصر على ان الايدز مرض الموت في مراحله الأخيرة عندما يصل الى حد انهاك الجسم وقتل قوة المناعة في الجسم أو ظهور أمراض عصبية قاتلة([47])، فالظاهر ان كل من يقول بان مرض الموت يقصد هذه المرحلة

الرأي الراجح:

  ان الاحاديث الشريفة الواردة في مرض الموت تعبر بعبارات (عند موته) وفي بعضها (حضره الموت). وفي بعضها في حق المرأة (في مرضها) فهي تشمل حالات المراحل الأخيرة لمرض المصاب بالايدز، وهي يمنع من نفوذ التبرعات الزائدة من الثلث في المال.

نعم عدم شمول المصاب بمرض الايدز لان العبارات عند الموت فلا يحق للمصاب به لذلك ذهب بعض الفقهاء بصحة التبرعات المصاب بمرض الايدز لان الاحاديث الوردة في منع نفوذ التصرفات التبرعية في حالة (عند الموت) أو (حضره الموت).

الفرع السادس: صلاة الجمعة والجماعة للمصاب بالايدز

هل يترتب على القول بوجوب عزل المريض المصاب بمرض معد كالايدز منعه من حضور صلاة الجمعة والجماعات في المساجد وأداء الحج والعمرة؟

أختلف الفقهاء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:

القول الأول: يمنع المريض بمرض معد كالايدز حضور الجمعة والجماعات في المسجد وهو قول جمهور الفقهاء من اتباع مدرسة الخلفاء من الشافعية والحنابلة وبعض المالكية([48])، وقد استدل أصحاب هذا القول بعدة أدلة منها:-

حديث (فرَّ من المجذوم فرارك من الأسد).

وقالوا في توجيه الاستدلال: ان النبي 6 نهى عن مخالطة المريض بمرض معدِ للأصحاء لئلا يكون قدر الله على المختلط به مثل دائه، وحضور المريض لاداء الصلوات جماعة مظنة لهذا الأختلاط ويجاب بانه هذا حكم إرشادي.

الأثر الذي رواه مالك في الموطأ عن عمر بن الخطاب، أنّه مرَّ بأمرأة مجذومة وهي تطوف بالبيت فقال لها: يا أمة الله لا تؤذي الناس لو جلست في بيتك، فجلست فمر بها رجل بعد ذلك قال لها: ان الذي كان قد نهاك مات فاخرجي، فقالت: ما كنت لأطيعه حياً أو أعصيه ميتاً)([49]).

ويجاب أولاً أن قول عمر بن الخطاب ليس حجة، كما أنه لم يعزم على المرأة المجذومة بالنهي عن الطواف ودخول البيت، وإنما خاطبها على سبيل الرفق.

حديث (لاضرر ولا ضرار) حيث ان المصلين يتأذون من المريض المصاب بمرض معدِ أشد من تأثرهم بمن يأكل البصل والثوم، وقد أمرهما النبي 6 بأن لا يقربا المسجد.

ويجاب ان هذا قياس ثم ان النبي 6 أمره على الكراهة وليس الحرمة.

القول الثاني: لا يمنع المريض بالمرض المعدِ كالايدز من الحضور لصلاة الجمعة والجماعات في المسجد واداء الحج والعمرة وهو قول فقهاء الامامية وقول عند المالكية([50]).

القول الثالث: تسقط عنهم صلاة الجمعة والجماعات للمصابين بالأمراض المعدية كالايدز اذا لم يجدوا موضعاً يتميزون فيه عن الناس، واما لو وجدوا وجبت عليهم ومنعت المخالطة. وهذا أحد الأقوال عند المالكية ودليلهم أنهم يمنعوا من حضور المسجد لتضرر الناس بهم فإذا وجدوا مكاناً يصلون فيه ولا يلحق ضررهم بالناس فان الجمعة والجماعات واجبة عليهم.

ويجاب عنه: هذه استحسانات عقلية ليست بحجة من دون دليل معتبر.

والرأي الراجح هو جواز حضورهم للجمعة والجماعات للمصابين بالمرض المعدي كالايدز ولكن مع المراقبة بل يجوز للمريض بالمرض المعدي بالايدز الذهاب الى معاهد التعليم والتعلم والمعامل والمؤسسات الحكومية وغيرها، وإنما يراقبون مراقبة تمنعهم من العدوى.

بل يجوز لهم بذهابهم للمدارس. نعم مراقبتهم في مسألة الدم والمباشرة.

الفرع السابع: حقوق المصاب بالايدز:

لا يجب عزل الصبي عن أمه المصابة بالايدز، لحق الحضانة لعدم نقل العدوى باللبن مع تحفظ على مسألة نقل الدم، والأحسن والأحوط عدم إيجار المرضعة المصابة بالأيدز.

نعم يجب عزل الطفل عن الأم المصابة بمرض يعدي باللبن أو بالتماس الجسمي ويسقط حق حضانتها.

 ليس كل مصاب بمرض الايدز مجرماً، لانه قد ينتقل المرض إليه من دون تقصير له ولا تخلف عن حكم شرعي، فلا يجوز بهم سوء الظن.

لا حاجة للعزل للمريض المعدي في مكانات خاصة إلاّ في حالات نادرة جداً عندما لا تتوفر أساسيات الصحة الشخصية في المنزل.

وهنا يجب ان ننبه ان المتدينين لا حاجة الى حجرهم نعم قد يطبق على غير المتدينين في مرض الايدز خاصة.

 


 

المصادر

القرآن الكريم.

المبسوط في فقه المسائل المعاصرة، الشيخ محمد القائني، اعداد ونشر: مركز فقه الأئمة الأطهار، ط2، (1432هـ).

الفقه والمسائل الطبية، سماحة آية الله الشيخ محمد آصف الحسيني، ط1، قم.

أثر الأمراض المعدية في الفرقة بين الزوجين، الدكتور عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار، موقع المنار الأسلامي.

الاحكام الطبيه، طبقاً لفتاوي سماحة المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ محمد فاضل اللنكراني، ط1، (1428هـ- 2007م)، دمشق.

من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، طبعة طهران.

الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، ابن القيم، دار احياء العلوم.

العدوى بين الطب وحديث المصطفى 6، الدكتور محمد علي البار، دار الفتح للدراسات والنشر، ط1، عمان، (1432هـ -2011م).

فتاوى الأزهر، المفتي محمد بخيت، موقع وزارة الأوقاف المصرية، شعبان، (1337هـ )- 27مايو (1919م).

صحيح البخاري،  محمد بن اسماعيل بن المغيرة، دار الفكر للطباعة، بيروت، (1401هـ)، طبعة بالاوفسيت عن مطبعة دار الطباعة العامرة باسطنبول.

مسند أحمد، الامام أحمد بن حنبل، دار صادر، بيروت، وبهامشه منتخب كنز العمال.

سنن الترمذي، (الجامع الصحيح)، محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، حققه عبد الوهاب عبد اللطيف، دار الفكر، بيروت.

رؤية اسلامية للمشاكل الاجتماعية لمرض الايدز، احمد رجائي، المنظمة الاسلامية للعلوم الطبية.

بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي، مؤسسة الوفاء، بيروت، ط2، (1983م).

الكافي، ثقة الاسلام محمد بن يعقوب بن اسحاق الكليني، صحّحه علي أكبر الغفاري، دار الكتب الإسلامية، طهران، ط2، (1388هـ).

تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي، تحقيق السيد حسن الموسوي الخرسان، دار الكتب الإسلامية، طهران، (1390هـ).

من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق محمد بن علي الحلي القمي، صححه علي اكبر الغفاري، منشورات جماعة المدرسين، ط2، قم المقدسة.

جامع أحاديث الشيعة، حسين البروجردي، المطبعة العلمية.

تفصيل وسائل الشيعة الى تحصيل مسائل الشريعة، المحدّث الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي، مؤسسة آل البيت لاحياء التراث الاسلامي، ط2، (1414هـ)، قم المقدسة.

جواهر الكلام، الشيخ محمد حسن النجفي، تحقيق عباس القوجاني، الناشر دار الكتب الاسلامية، طهران، ط2، (1456هـ).

موقف الاسلام من الأمراض الوراثية، شبير محمد عثمان، الحكمة، العدد السادس.

أحكام الزواج في الفقه الإسلامي، عبد الرحمن الصابوني.

الاختبار الجنيني من الأمراض الوراثية في المنظور الإسلامية، عارف علي عارف، مجلة التجديد.

الايدز معضلة الطب الكبرى، جريدة المسلمين، العدد (597).

رد المحتار حاشية در المختار، ابن عابدين.

حاشية رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين الشهرباني عابدين، مكتبة البحوث والدراسات، دار الفكر، بيروت، (1415هـ).

الأم، محمد بن ادريس الشافعي، دار الفكر للطباعة، بيروت، ط2، (1403هـ).

مغني المحتاج، الخطيب، محمد الشربيني، دار احياء التراث العربي، بيروت، أوفيس طبعة مكتبة مصطفى البابي الحلبي، مصر، (1958م).

مواهب الجليل لشرح مختصر جليل، الحطاب الرعيني محمد بن محمد بن عبد الرحمن المغربي، ضبطه الشيخ زكريا عميران، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، (1416هـ).

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، الشيخ محمد عرفة الدسوقي، دار احياء الكتب العربية، عيسى الحلبي، مصر.

التاج والاكليل لمختصر الخليل، أبو عبد الله، محمد بن يوسف العبيدي، الشهير بالمواق (ت:897هـ)، مكتبة النجاح، ليبيا، مطبوع هامش مواهب الجليل.

نهاية المحتاج الى شرح المنهاج، محمد بن أبي القمي أحمد بن حمزة الرملي المصري، دار احياء التراث العربي، بيروت، ط1، (1412هـ).

أسنى المطالب في نجاة أبي طالب، احمد بن زيني دحلان، مطبعة مصطفى محمد، (1985م).

مطالب أولى النهى، في شرح غاية المنتهى، مصطفى بن سعد الحنبلي، جامعة أم القرى، مكتبة الميكروفيلم، (1795م).

الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، ابن القيم الجوزية، الدار العربية للعلوم، ناشرون المكتبة الاسلامية لطباعة والنشر، (2002م).

المنتقى شرح المؤطا، سليمان بن خلف الباجي، دار الكتب العربي، (1999م).

 

(1) عن العباس بن عبد المطلب: قال: قلت يا رسول علمني شيئاً أسأله الله U، قال: سل الله العافية، فمكثت أياماً ثم جئت فقلت: يا رسول الله علمني شيئاً أسأله الله، فقال لي: يا عباس يا عمّ الرسول سل الله العافية في الدنيا والآخرة. أخرجه ابن ابي شيبة، ج6، ص24، رقم (29185). وأحمد، ج1، ص209، رقم (1783). والترمذي، ج5، ص534، رقم (3514). وحديث الأعرابي في سبل الهدى والرشاد، ج12، ص98.

([1]) البخاري، ج8، ص88، رقم (6412).

(1) رؤية اسلامية للمشاكل الاجتماعية لمرض الايدز، ص145.

([2]) سورة البقرة، الآية 195؛ استدل بهذه الآية محمد بخيت.

([3]) البخاري، كتاب الطب، باب السلام، حديث رقم (2770)؛ مسلم، كتاب السلام، باب اجتناب المجذوم، حديث رقم (2231). وأخرجه أبو داود في كتاب الطب، باب الطيرة، حديث رقم (3911).

([4]) أخرجه في فتح الباري، ج10، ص134.

([5]) رواه البخاري، كتاب التوحيد. مسلم، كتاب القدر. البخاري، كتاب الطب، باب الجذام، حديث رقم (5707). مسلم، كتاب السلام، باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة، حديث رقم (2220). من لا يحضره الفقيه، الصدوق، ج4، ص357. مسلم بشرح النووي، حديث رقم (7)، باب العدوى، ج2، ص222.

([6]) هذا واضح من كلام البيهقي في سننه، ج7، ص216، عندما عنون الباب بقوله (باب لاعدوى، على الوجه الذي كانوا في الجاهلية يقصدونه من إضافة الفعل الى غير الله تعالى).

([7]) مقدمة ابن صلاح، ص173.

([8]) فتح الباري، ج10، ص135.

([9]) مسلم، كتاب السلام، باب اجتناب المجذوم، حديث رقم (2331).

([10]) مسلم، كتاب السلام، باب الطاعون والطيرة والكهانة.

([11]) مسائل على بن جعفر، ص117.

([12]) بحار الأنوار، المحدث المجلسي، ج6، ص122.

([13]) البخاري، كتاب الطب، باب ما يذكر في الطاعون. ومسلم في كتاب السلام، باب الطاعون والطيرة والكهانة.

([14]) كنز العمال، ج10، ص54، حديث رقم (28389).

([15]) بحوث في الفقه المعاصر، ج2، ص407، وما بعدها.

([16]) سنن ابن ماجة، كتاب الأحكام، باب من بنى بحقه ما يضر بجاره، رقم الحديث (2340).

([17]) سنن الترمذي، ج4، ص198، باب ما جاء في النظافة.

([18]) سورة النساء، الآية 59.

([19]) الكافي، الكليني، ج7، ص302. التهذيب، الطوسي، ج1، ص232. الفقيه الصدوق، ج4، ص114.

([20]) الفقه والمسائل الطبية، الشيخ محمد آصف الحسني، ص306.

([21]) من لا يحضره الفقيه، ج4، ص133، كتاب الديّات، الحديث رقم (5288).

([22]) هذا المعنى موجود في البخاري كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح. وفي مسلم، كتاب النكاح، باب ندب من رأى امرأة فوقعت في نفسه. وابن ماجة، كتاب النكاح، باب ما جاء في فضل النكاح، حديث رقم (1846).

([23]) الامالي، الشيخ الطوسي، المجلس الثامن عشر، حديث رقم (44).

([24]) رؤية اسلامية للمشاكل الاجتماعية لمرض الايدز، ص327.

([25]) سنن ابن ماجة، كتاب التجارات، باب النهي عن الغش، رقم الحديث (2225).

([26]) جواهر الكلام، الشيخ محمد حسن النجفي، ج30، ص330.

([27]) الفقه والمسائل الطبية، محمد آصف الحسني، ص305.

([28]) اثر الأمراض المعدية في الفرقة بين الزوجين.

([29]) سورة البقرة، الآية 229.

([30]) سورة البقرة، الآية 231.

([31]) المحلّى، ج10، ص109.

([32]) الواقي الذكري: هو عبارة عن غشاء بلاستي مطاطي معقم يوضع على الذكر لمنع ملامسة افرازات الزوجين.

([33]) الفقه والمسائل الطبية، الشيخ محمد آصف المحسني، ص306.

([34]) الأحكام الطبية، الشيخ فاضل الانكراني، ص115.

([35]) موقف الإسلام من الأمراض الوراثية، شبير محمد عثمان، الحكمة، العدد السادس، ص210.

([36]) أحكام الزواج في الفقه الاسلامي، عبد الرحمن الصابوني، ص237.

([37])  الاختبار الجنيني والوقاية من الامراض الوراثية في المنظور الاسلامي، د. عارف علي عارف، مجلة التجديد، ص124.

([38]) الاستبصار، أبواب أولياء القصد، باب من عقد على امرأة وشرط لها أن لا يتزوج عليها، رقم الحديث (4).

([39]) سورة النساء، الآية 59.

([40]) الفقه والمسائل الطبية، ص303.

([41]) التجاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى [وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ].

([42]) الايدز معضلة الطب الكبرى، ص325، جريدة المسلمين، العدد (597).

([43]) سورة الاسراء، الآية 70.

(1) المقصود من سر المريض هو المرض أو المشكلة التي يعاني منها المريض بحيث لا يطلع عليها الناس بمجرد النظر إليه أو مشاهدته.

(2) الاحكام الطبية، الشيخ فاضل اللنكراني، ص56.

([44]) جواهر الكلام، الشيخ محمد حسن النجفي، ج26، ص63.

([45]) رد المحتار حاشية الدر المختار، ج2، ص716.

([46]) الأم، محمد بن ادريس الشافعي، ج4، ص35. مغني المحتاج، الخطيب الشربيني، ج3، ص50.

([47]) رؤية اسلامية للمشاكل الاجتماعية لمرض الايدز، ص523.

([48]) مواهب الجليل، الحطاب، ج2، ص184. حاشية الدسوقي، الدسوقي، ج1، ص189. التاج والأكليل، ج2، ص556. نهاية المحتاج، الرملي، ج2، ص160. مغني المحتاج، الخطيب الشربيني، ج1، ص476. اسنى المطالب، ج1، ص215. مطالب اولي النهى، ج30، ص699.

([49]) الطرق الحكمية في سياسة الشرعية، ابن القيم، ص268. المنتقى شرح الموطأ، ابن الباجي، ج3، ص81.

([50]) مواهب الجليل، الحطاب، ج2، ص184.حاشية الدسوقي، الدسوقي، ج1، ص389.

 
 
البرمجة والتصميم بواسطة : MWD