الاحتياط

 

الاحتياط

 حقيقته وحجيته

 

رسالة تقدم بها

فاتح عبد الرزاق كاشف الغطاء

إلى مجلس

كلية العلوم الإسلامية – جامعة بغداد

وهي جزء من متطلبات نيل درجة ماجستير آداب

في الشريعة و العلوم الإسلامية

اشراف السيد

عبد العظيم دخيل البكاء

بغداد

بسم الله الرحمن الرحيم

وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلا قَلِيًلا

الإسراء /85

صدق الله العلي العظيم

 

 

إهداء

 

إلى من جلس جبرائيل  عليه السلام عند ركبتيه ، فدنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى من كتفيه أو أدنى من كتفيه فأوحى إليه ما أوحى من تنزيل .

ولولاك ما قلنا ولا قال قائل :
 

 

لمالك يوم الدين إياك نعبد
 

 

 والى الأئمة المنتخبين من ولد احمد صلى الله عليه وآله وسلم منتجبين.

والى معلمي ومرشدي لطريق الهدى الذي فاضت روحه الطاهرة إلى أعالي السماء قبل أن تطبع هذه الرسالة ، شيخي العلامة الشيخ علي بن الشيخ محمد رضا كاشف الغطاء .

 

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

الحمد لله الذي لا تدركه الأوصاف , باسط الأرض ورافع السماء بالعدل والإنصاف وباعث فيهما نبي من الأشراف مفصل الشريعة ولمدلهماتها كشاف. والحمد لله الذي نزل على الرسول محمدا والأعراف بكتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وليس في ذلك خلاف . والسلام والصلاة على نبي الكائنات محمد وآله من بنين وبنات وعلى صحبه المرتلين للآيات .

أما بعد :ـ فلقد لعبت سنة التقليد المغلوب للغالب دورها في صيغ الحياة الإسلامية انقيادا وتبعية لصيغة غريبة منقطعة جذورها عن ماضي الأمة وتراثها الأصيل فتبلبلت الأفكار واختلفت النظرات وأصبحت علامات الحيرة والتردد عناوين بارزة ترسم على ملامح الحياة الإسلامية صبغة السلبية والجمود . وفي ظل هــذا الوضع القلق المحير تطلع الناس نحو العلماء والمفكرين الإسلاميين آملين أن يجدوا  لديهم ما يخلصهم من هذه الحيرة ويريحهم من عناء التردد في الحكم الفقهي للأمور المستجدة وغير المستجدة التي تواجه حياتهم اليومية . من هـذا كان لزاما على علماء الأمة أن تستنبط الحكم الفقهي لها خصوصا ونحن أمة تميزت شريعتها عن باقي الشرائع بالعلم بالقواعد المشتركة الواقعة في طريق استنباط الحكم الشرعي . ومن منطلق خدمة الشريعة السمحة عكفت على البحث في موضوع الاحتياط لما له من مساس بحياتنا اليومية عبادات كانت أو معاملات خصوصا بعد ابتعادنا عن عصر النص الشريف أورثنا شكا وحيرة في وصول النص إلينا وعدمه من جهة وإجماله أو تعارضه من جهة أخرى إضافة إلى الأشتباه في الأمور الخارجية .

  ولسعة هــذا الموضوع وتشعب مداركه وتفرع تطبيقاته في المراجع الفقهية والأصولية اقتصرت على بحثه من جهة حقيقته وحجيته على أساس تثبيت العرض قبل الخوض في النقش وكانت طبيعة هــذا البحث تقتصر على ثلاثة فصول:ـ

الفصل التمهيدي منه عكفت على دراسة منشأ الاحتياط والحاجة إليه وقسمته إلى مبحثين وتوطئة لبيان أن الشك هو منشأ الاحتياط وفي البحث الأول منه بينت الشبهة المحصورة وغير المحصورة محددا أقوال معظم العلماء في ذلك ثم ناقشت تلك الأقوال مع الترجيح .

وفي المبحث الثاني تعرضت لأقوال العلماء في الشبهة المحصورة التي قسمتها إلى أربعة أقوال الأولى في القرعة والثانية في حلية ارتكاب جميع الأطراف والثالث في حلية ارتكاب جميع الأطراف إلا ما يساوي الحرام الواقعي والرابع حرمة ارتكاب جميع الأطراف  وفي نهاية البحث بينت ما أرجحه في هذه المسائل .

   وفي الفصل الأول من هذه الرسالة تناولت حقيقة الاحتياط وتطور مباحثه ففي المبحث الأول منه تناولت تعريف الاحتياط لغة راجعا إلى بعض المعاجم والقواميس اللغوية . ثم تناولت فيه أيضا تعريف الاحتياط اصطلاحا وذلك ليدرك القاري جليا تطور حقيقة الاحتياط اصطلاحا عند العلماء اطراد يا مع تطور مباحث الشك خلال زمانهم وفي نهاية المبحث ناقشت تلك التعاريف مع الترجيح .

  وفي المبحث الثاني تناولت فيه تطور مباحث الاحتياط والحاجة إليه وبينت فيه الاحتمالات التي تطرأ على المكلف في التكليف أو المكلف به مع بيان منشأ الشك فيهما وتقسيمه بحسبهما إلى الشبهة المختلفة التي تطرأ على الحكم تارة أو متعلقة تارة أخرى .

   وفي الفصل الثاني من هذه الرسالة تعرضت لحجية الاحتياط من خلال تمهيد لأراء العلماء في هذه الحجية وفي المبحث الأول ناقشت حجية الاحتياط من خلال الآيات الكريمة بعد أن نقلت أقوال من استدل بحجة تلك الآيات الكريمة مثل آيات التقوى وآيات حرمة القول بغير علم والآيات الدالة على نهي إلقاء النفس في التهلكة وبينت أقوال العلماء في ذلك وآراءهم . كذلك ناقشت تلك الأدلة وآراء من استدل مع الترجيح .

 وفي المبحث الثاني تناولت الأدلة  الدالة على الاحتياط من السنة الشريفة مستعرضا أخبار التوقف في الشبهة مثل أخبار تثليث الأحكام وأخبار تحريم الشبهة ، ثم تناولت الأخبار الدالة على الاحتياط مطلقا أي الدالة على وجوبه مطلقا أو رجحانه مطلقا كذلك استعرضت آراء العلماء في ذلك معتمدا على أمهات كتب الحديث الشريف وشروحها.

وفي المبحث الثالث من هــذا الفصل بينت حجية الاحتياط من خلال الأدلة العقلية متعرضا إلى  قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل والحكم بالحظر في الأفعال الضرورية قبل الشرع وانحلال العلم الإجمالي معتمدا في ذلك على أمهات المراجع الأصولية في ذلك مع دراسة وتمحيص لأقوال بعض العلماء واستخلاص النتيجة الواضحة في نهاية كل فقرة من فقرات هــذا الفصل .

 وختمت هذه الرسالة بخاتمة لأهم ما توصلت إليه من نتائج في هذه الرسالة .

وقد واجهت صعوبات عديدة في هــذا البحث ولعل من أهمها هو سعة هــذا الموضوع وتشعب فروعه وكان عليّ أن أنظر في كتب العلماء القدماء والمحدثين لاستخلاص منهجية واضحة في هــذا الموضوع حيث أن منهجيتهم فيه غير واضحة وقد سار أواخرهم على خطى الأوائل في المنهجية .

 هــذا واشكر السيد صبحي السامرائي لفتحه باب مكتبته على مصراعيها أمام هــذا البحث وكما أشكر وأقدر جهود وتوجيهات وملاحظات الأستاذ عبد العظيم البكاء في إشرافه على هذه الرسالة إخراجها بهذه الحلية.

 

وختاما فإن ما جاء من أراء وتوجيهات في هذه الرسالة أن أصبت فثوابها إلى العلماء الأعلام رحمهم الله الذين هداهم الله قبلي وأسأل الله أن يهدي بما سطروه قبلي . وإن أخطأت فأسال الله تعالى ينظرني بعين القبول والرضا فهو السميع البصير ، كتب على نفسه الرحمة ((لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)) ([1].

 الفصل التمهيدي

  منشأ الاحتياط والحاجة إليه

توطئة : في بيان أن الشك هو منشأ الاحتياط

 

المبحث الأول :ـ تمييز الشبهة المحصورة وغير المحصورة .

 

ا: حد الشبهة المحصورة وغير المحصورة

         

 ثانيا:  المناقشة والترجيح

المبحث الثاني:ـ الأقوال في الشبهة المحصورة

 

  القول الأول :ـ في جريان القرعة

 

 القول الثاني  :ـ حلية ارتكاب الجميع

 

 القول الثالث :ـ حلية ارتكاب الأطراف عدا ما يساوي الحرام

 

 القول الرابع  :ـ حرمة ارتكاب الجميع .

توطئة

إن الشك هو المنشأ للتفكير بالاحتياط والشك يكون في الموضوع تارة وفي الحكم أخرى فالمراد من الشبهة الحكمية هو أن يكون منشأ الشك في الحكم الشرعي الكلي وهذه تنقسم إلى شبهة تحريمية وشبهة وجوبيه . والشبهة التحريمية تعني الشك في التحريم ,والشبهة الوجوبية تعني الشك في الوجوب .

  أما الشبهة الموضوعية فهي التي يقع الاشتباه في مصداق الحكم مع العلم بالحكم الكلي ،فإنه بالاتفاق يجري فيها أصل البراءة(1)أيضا لأن الشارع ليس له شأن في تعين المصاديق بل في بيان الأحكام فقط .

 

والشك في الموضوع إما أن يكون في متعلق التكليف مثل الصلاة المرددة بين الظهر والجمعة ، أو يكون الشك في متعلق المتعلق مثل الخمر المردد بين أمور محصورة أو غير محصورة بعد العلم بتحققه خارجا (2)والعلم المراد به هو العلم الإجمالي بوجود الحرام أو النجس(3) لذلك فالشبهة هنا   هي موضوعية بين متباينين وهي قد تكون بين أمور محصورة وتسمى شبهة محصورة أو قد تكون بين أمور تربو عن الحصر وتسمى شبهة غير محصورة , وقد اشتهر بين العلماء الحاجة للاحتياط في الشبهة المحصورة فقط(4) (بمعنى حرمة المخالفة القطعية للتكليف المعلوم بالإجمال, ووجوب الموافقة القطعية له)([2])ومعنى ذلك تنجز العلم الإجمالي على المكلف ومعنى حرمة المخالفة القطعية هو عدم جواز ترك جميع الأطراف على الشبهة الوجوبية أو ارتكاب جميع الأطراف في الشبهة التحريمية . ومعنى وجوب الموافقة القطعية هو ( الإتيان بجميع الأطراف في الشبهة الوجوبية ويجب الاجتناب عن جميع الأطراف في الشبهة التحريمية) ([3]) .

وقد اختلف العلماء في ضابط الشبهة المحصورة وغير المحصورة واختلفوا أيضا في حكم العمل في الشبهة المحصورة .

 

المبحث الأول :ـ تمييز الشبهة المحصورة عن غير المحصورة .

(أولا) :ـ حد الشبهة المحصورة وغير المحصورة .

اختلف العلماء في تحديد مصداق الشبهة المحصورة عن المحصورة ، فقد ذهب البعض منهم إلى أن ذلك غير ممكن على وجه التحديد وإنما يضبط بالتقريب حيث (أن كل عدد لو اجتمع على صعيد واحد لعسر على الناظر عدّه بمجرد النظر كالألف والألفين فهو غير محصور وسهل كالعشرة والعشرين فهو محصور وبين الطرفين أوساط متشابهة تلحق بأحد الطرفين بالظن وما وقع الشك فيه استغنى فيه القلب)([4]).

وممكن تقسيم الكلام من حيث الاشتباه إلى :ـ

الشبهة المحصورة :ـ

 وهي اشتباه أمر بعدد محصور من الأمور  كما لو اختلفت الميتة بالمذكاة أو بمذكيات محصورات أو رضيعة بعشرة نسوة أو تزويج أحد الأختين واشتبهت عليه . كذلك لو اشتبه ثوب طاهر بأخر نجس فقد نقل الغزالي ([5]) ( ت 505)الاتفاق على وجوب اجتناب مثل هذه الشبهة ([6]) .

أقول أن ظاهر هــذا هو تعداد أمثلة فقهية وهي لا تعد ولا تحصى لذلك اكتفى العلماء في تحديد الشبهة غير المحصورة لمعرفة المحصورة .

الشبهة غير المحصورة:ـ

  وهي اشتباه فرد واحد بأفراد غير محصورة كما لو اختلطت الرضيعة بنساء البلد فقد قيل بعدم لزوم الاجتناب عن نكاح نساء أهل البلد.

وذهب البعض إلى وجوب التحري فإن لم يجد ينكح([7]). وذهب البعض ( إذا عم الالتباس أو لم يمكنه الانتقال إلى جماعة ليس فيهن محرم له فإن أمكن ذلك بلا مشقة فيحتمل أن يقال لا ينكح اللواتي يرتاب فيهن والظاهر أنه لا حجز )( [8])والمعنى اتخاذ جانب الورع قبل الإقدام . وقد نسب إلى الخطابي([9])( ت 388 هـ) بأن (تركه
 

ليس من الورع بل الوسواس)([10]) .

أقول هــذا الكلام مردود لأنه لا ينكر حسن الاحتياط أو ما اصطلح عليه بالورع بالفروج والنفوس والأموال .

وقد عد الغزالي اشتباه أفراد غير محصورة بأفراد غير محصورة أخرى شبه غير محصورة أيضا ( إذا تعلق الشك بالمال بأن يختلط حلال بحرام كما إذا حصل في السوق أحمال طعام مغصوب واشتراهما أهل السوق فلا يجب السؤال على من يشتري من تلك السوق إلا أن يظهر أن أكثر ما في أيديهم حرام فيجب السؤال وما لم يكن الأكثر حراما فيكون التفتيش ورعا لأن الصحابة (رض) لم يمتنعوا عن الشراء من الأسواق وكانوا لا يسألون في كل عقد وإنما نقل السؤال عن بعضهم في بعض الأحوال لريبة كانت ) ([11])

والظاهر أنهم استدلوا بحديث رسول الله   صلى الله عليه واله وسلم   أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته)([12])  .

وذهب الغزالي إلى أنه ( لا يحرم بهذا الاختلاط أن يتناول شيء بعينه احتمل أنه حرام وأنه حلال إلا أن يقترن بتلك العين علامة تدل على أنه من الحرام فإن لم يكن في العين علامة تدل على أنه من الحرام  فتركه ورع وأخذه حلال لا يفسق به آكله)([13]).

واستشهد بعمل الصحابة (رض ) فإنهم أدركوا الأمراء الظلمة ولم يمتنع أحد منهم عن الشراء والبيع في السوق بسبب نهب المدينة وقد نهبها أصحاب يزيد ثلاثة أيام وكان من يمتنع من تلك الأموال يشار إليه بالورع

والأكثر ون لم يمتنعوا مع الاختلاط وكثرة الأموال المنهوبة في أيام الظلمة ومن أوجب ما لم يوجبه السلف الصالح وزعم أنه تفطن الشر ما لم يتفطنوا له فهو موسوس مختل العقل([14]) .

وقد ذهب البعض أن ضابط تحديد الشبهة المحصورة عن غير المحصورة هو ( أن الكراهة تشتد بكثرة الحرام وتخف بكثرة الحلال فاشتباه أحد الدينارين بأخر سبب تحريم بيّن واشتباه دينار حلال بألف دينار حرام سبب حرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات مبنية على قلة الحرام وكثرته بالنسبة إلى الحلال فكلما كثر الحرام تأكدت الشبهة وكلما قل خفت الشبهة إلى أن يساوي الحلال الحرام فتستوي الشبهات )([15]) ومما يلاحظ  أن الإشكال هو في تحديد الحرام ونسبة الحلال أما ما تبين منهما فلا إشكال فيه كما ان تحديد الحرام ونسبة الحلال لا يعود لكثرة أحدهما على الأخر ويوضح الغزالي ذلك بقوله([16]) ( وليست العلة كثرة الحلال إذ لو قيل بذلك لزم صحة نكاح المحرمة إذا اختلطت بتسع حلائل ونحو ذلك ولا قائل به ولكن العلة هي الغلبة والحاجة معا. )

ومما يظهر يصعب تمييز الشبهة المحصورة عن غير المحصورة فإن كانت هناك ميتة ضمن ألف مذكاة في سوق واحد لا تساوي في الاحتمال وجود ميتة واحدة ضمن ذبائح مدينة بغداد وهذا الاحتمال يختلف عن العلم بوجود هذه الميتة في زمان محدد أو غير محدد كان تعلم بوجودها هــذا اليوم أو أن تعلم بوجودها قبل أيام ولم تقم بينة أو ظن على استهلاكها والتخلص منها إلى  زماننا الحاضر .

وقد ذهب المحقق الكركي (ت 94 هـ)([17]) إلى أن العرف هو الضابط في الأمور غير المحصورة ( أن طريق ضبطه أن يقال لا ريب أنه إذا أخذ مرتبة عليا من مراتب العدد كالألف مثلا  قطع بأنه لا يحصر ولا يعد عادة لعسر ذلك في الزمان القصير فيجعل طرفا ويؤخذ مرتبة أخرى دنيا جدا كالثلاثة يقطع بأنها محصورة لسهولة عدها في هــذا الزمان اليسير )([18]) .

وكذلك حقيقة كلام شمس الدين العاملي ([19]).(ت 1009 هـ ) حيث أكد ان الضابط في تحديد الشبهة غير المحصورة هو " العرف والعادة " ([20])

وظاهر كلام البحراني (ت 1186هـ) لضابط الشبهة غير المحصورة ( الحرج والمشقة والتكليف بما لا يطاق) ([21])في الامتثال . بينما نجد رأي أخر في التحديد من كلام صاحب القوانين (ت 1231هـ) في أن الضابط هو ( تعسر الإحاطة أو تعذرها)([22]) لأطراف الشبهة غير المحصورة .

وقال الفاضل الهندي ([23](ت 1137هـ) ( لعل الضابط في ما يؤدي اجتنابه إلى ترك الصلاة غالبا فهو غير محصور كما أن اجتناب شاة أو امرأة مشتبهة في صقع من
 

الأرض يؤدي إلى الترك غالبا)([24]) .

ونرى نظرة مختلفة للضابط عند الأنصاري([25](ت 1281هأ) وهو ما بلغ كثرة الوقائع المحتملة للتحريم إلى حيث لا يعتني العقلاء بالعلم الإجمالي الحاصل ) ([26])لأن كثرة الاحتمالات توجب عدم الاعتناء بالضرر المعلوم وجوده بينها وأن ارتكاب المحتمل في الشبهة غير المحصورة لا يكون إلا كارتكاب الشبهة غير المقرونة بالعلم الإجمالي ومثالا على ذلك في أن الفرق واضح (بين العلم بوجود السم في أحد الإناءين أو واحد من ألفي إناء وكذلك بين قذف الشخصين كليهما إلا بعينه وبين قذف واحد من أهل بلد فإن الشخصين كليهما يتأثران بالأول ولا يتأثر أحد من أهل البلد)([27]) وهذا معناه أن بكثرة الاحتمالات يفقد العلم الإجمالي خصائصه في التنجز على المكلف وبمعنى آخر أن بكثرة الاحتمالات تنفقد فعلية التكليف .

وقد ذكر الهمداني([28]) (ت 1322 هـ) أن الشبهة غير المحصورة ( هي ما لم تكن أطرافها محددة مضبوطة غير قابلة للزيادة والنقصان والمحصورة ما كانت كذلك)([29]) ومعنى ذلك  المراد من الشبهة غير المحصورة في المقام هو أن تكون أطراف المعلوم بالإجمال الني يحتمل بانطباق المعلوم بالإجمال عليها غير معلومة بالتفصيل بحيث لا يحتمل وجود فردا آخر يحتمل انطباق المعلوم بالإجمال عليه لأنه إن كان كذلك تكون محصورة مضبوطة بتلك الأطراف المعلومة المعينة سواء قلت تلك الأفراد أو كثرت ففي كلا القسمين تكون محصورة )([30]) .

وذهب صاحب الكفاية ([31])( ت 1329 هـ) إلى أن الضابط في التمييز بين المحصور وغير المحصور هو ( كون كثرة الأطراف في مورد موجبة لعسر موافقته القطعية باجتنابه كلها أو ارتكابه أو ضرر فيها أو غيرها مما لا يكون معه التكليف فعليا بعثا أو زجرا وليست موجبة لذلك ولو كانت قليلة في موارد أخر فلا بد من ملاحظة ذلك الموجب لرفع فعلية التكليف المعلوم بالإجمال أنه يكون أو لا يكون في هــذا المورد أو يكون مع كثرة أطرافه وملاحظة أنه مع أية مرتبة من كثرتها)([32]).

وينظر العراقي([33]) ( ت 1361هـ ) إلى الضابط من جهة ذات تحديد أخص فيقول في الشبهة غير المحصورة ( أن الضابط فيها هو بلوغ الأطراف في الكثرة بمثابة توجب ضعف احتمال وجود الحرام في كل واحد من الأطراف بحيث إذا لوحظ كل واحد منفردا عن البقية يحصل الاطمئنان بعدم وجود الحرام فيه الملازم للاطمئنان بكون الحرام المعلوم في بقية الأطراف)([34]) وظاهر هــذا القول أنه مع ضعف احتمال المعلوم الإجمالي بالحرام بسبب كثرة أطرافه وتعددها فإنه لا موجب للإقدام على الارتكاب بدون الاطمئنان بخلو هــذا الطرف من الحرام مثل ما لو علم وجود إناء سم وسط مائة إناء ماء فإن الشارب يترك المائة خوفا من السم ومع الاضطرار إلى الاستعمال فإنه يتحرى عن كل إناء اطمئنانا من السم المحتمل في الإناء . لذلك يجوز الارتكاب إلى أن يبقى مقدار الحرام أو النجس وبمعنى أعملا المخالفة القطعية هنا .

وبهذا المعنى ذهب النائيني ([35]) (ت 1355هـ) ( من أن الميزان في كون الشبهة غير محصورة عدم تمكن المكلف عادة من المخالفة القطعية بارتكاب جميع الأطراف ولو فرض قدرته على ارتكاب كل واحد منها . ومن هنا تختص الشبهة غير المحصورة بالشبهات التحريمية إذ في الشبهات الوجوبية يتمكن المكلف من المخالفة القطعية بترك جميع الأطراف وإن بلغت من الكثرة ما بلغت فالعلم بالنسبة إلى حرمة المخالفة القطعية يكون منجزا إلا أنه لا يتمكن من الموافقة القطعية فيجري حكم الاضطرار إلى ترك بعض الأطراف)([36]).

وقال هادي كاشف الغطاء (ت 1361هـ) ( أن الميزان في غير المحصور أن تبلغ حدا لا يمكن جمعها في الاستعمال فحبة الحنطة في حقة منها من المحصور لإمكان الجمع في الاستعمال .

أما الإناء في مجموع إناءات البلد وإن كانت معدودة ولكن إذا كان لا يمكن عادة جمعها في الاستعمال وكثر عددها كانت غير محصورة .

وحينئذ لا إشكال في ضابط المحصور بغيره )([37]) .

واستخلص الخوئي نتيجة بأنه ( لم يظهر لنا معنا محصلا مضبوطا للشبهة غير المحصورة )([38]) .

  ثانيا:ـ المناقشة والترجيح

‍1 ـ لم يبين الغزالي الضابط العام للشبهة غير المحصورة ولا غيره من العلماء الذين  اكتفوا بعرض أمثلة فقهية ومناقشتها .

2ـ عدّ الغزالي اشتباه أفراد غير المحصورة بأفراد غير محصورة أخرى حكمها حكم اشتباه الفرد المحصور بأفراد غير محصورة والحال ليس كذلك لأن الإشكال يبقى في تحديد الحرام في السوق وأن تحديده يعود إلى نسبة وجود الحرام المعلوم تفصيلا في غيره.

على سبيل المثال أن وجود شاة مغصوبة بين ألف شاة يحل ذبحها تكون النسبة واحد إلى ألف أي تسعمائة وتسع وتسعون احتمالا وهذا ما لا يعتني العقلاء به لفقدان العلم الإجمالي بوجود الحرام في القطيع فعليته في التنجيز على المكلف ولكن الحال يختلف عند العلم بوجود خمسمائة شاة مغصوبة في قطيع من ألف وخمسمائة يحل تناولها لأن النسبة هنا واحد إلى ثلاثة وهذا احتمال مما  يعتني العقلاء به وسمى علماء الأمامية هذا القسم اشتباه الكثير في الكثير ([39]).

فكان بيان ما ذكره من أن الغلبة والحاجة هي العلة في ضابط الشبهة غير المحصورة حسن مع نوع من الغموض فيه لا يتناسب مع ما ذكره في عدم اجتناب اشتباه الكثير في الكثير .

3ـ لا أعتقد حصول اليقين للإمام الغزالي في أن الصحابة لم يمتنعوا عن الشراء والبيع في السوق عند نهب المدينة من قبل أصحاب يزيد . ثم أنه ليس من المعقول أن صحابيا جليلا يبيع ويشتري ببضاعة منهوبة وهو على يقين من ذلك من بيت صحابي أخر أو أنصاري . ثم أن الذي نهب قد يكون خرج إلى خارج المدينة المنورة . وحتى عند احتمال عدم خروجه فإن الألفة الاجتماعية آنذاك بين أصحاب رسول الله   صلى الله عليه واله وسلم   وبين الأنصار لا تسمح بتعاطي المنهوب فضلا عن نهبه ، وعلى كل حال فهذا المثال ليس بلائق على أصحاب رسول الله   صلى الله عليه واله وسلم   فضلا على عدم صحته .

4ـ ما ذهب إليه المحقق الكركي (ت 940 هـ) وشمس الدين العاملي ( 1009 هـ) من أن العرف والعادة هي المرجع في التحديد مع أننا نرى أن السوق الكبير في بغداد يختلف فيه العقلاء فضلا عن اختلاف العلماء من قبل في تحديده هل الشبهة فيه محصورة أم لا .

لذلك فإن العرف قد يختلف عن مذاق الشرع وبهذا المعنى ممكن القول ( أن العرف لا ضابط له عندهم لتمييز المحصور عن غيره والسر فيه أن عدم الحصر ليس من المعاني المتأصلة وإنما هو أمر إضافي يختلف باختلاف الأشخاص والأزمان ونحوهما)([40]).

5ـ أما ما ذكره المحقق الكركي (ت 940 هـ) في سهولة وعسر العد للأطراف في الشبهة غير المحصورة نسبة إلى الزمان فإن العسر في العد ليس ضابطا للشبهة غير المحصورة ( إذ رب مورد من موارد غير المحصورة لا يلزم من الاجتناب فيه عسر كما إذا اشتبه إناء في أواني بلد يمكن للمكلف التحرز عنها من دون عسر )([41])بينما نرى أن كيلو واحد من الحنطة مع صعوبة عده ولكنه يعد محصورا.

وأما إذا قورن العد بالزمان فإن ( عسر العد لا انضباط له في نفسه من جهة اختلاف الأشخاص واختلاف زمان العد فالألف يعسر عده في ساعة مثلا ولا يعسر في يوم أو أكثر فكيف يمكن أن يكون عسر العد ميزانا للشبهة غير المحصورة )([42]) .

ويندفع بهذا أيضا كلام صاحب القوانين (1231هـ) الذي جعل الضابط تعسر عد الأطراف والإحاطة بها .

6ـ وما يقال في العسر يقال في لزوم الحرج والمشقة والتكليف بما لا يطاق لما ذهب إليه البحراني (1186هـ) كضابط للشبهة غير المحصورة حيث لا يلزم الاجتناب عن الشبهة غير المحصورة كل ذلك .

7ـ أما ما ذهب إليه الأنصاري (1281 هـ) من تحديد في أن كثرة الاحتمالات المصاحبة لكثرة الأطراف يوجب عدم اعتناء العقلاء بالعلم الإجمالي في الشبهة غير المحصورة فيمكن أن يقال فيه انعدام الاعتناء من قبل العقلاء ظاهر في المضار الدنيوية كمثال السم ومع ذلك قد يمتنع العقلاء على تناول إناء واحد ضمن ألفي إناء يوجد في أحدها سم .

وأما في المضار الأخروية ( التي يستقل العقل فيها بلزوم التحرز عنها ولو موهوما فإن في مثله لا بد من تجويز العقل للارتكاب من وجود مؤمن يوجب القطع بعدم العقوبة على ارتكابه ولو بإخراجه عن دائرة المفرغ يجعل ما هو المفرغ غيره من الأطراف ) ([43]).

لذلك لا قياس بين الضرر الدنيوي والضرر الأخروي لأن الأول قد يرتكبه العقلاء حتى ولو حصل لهم العلم التفصيلي به (الدواعي وأغراض فضلا عن المهمل والمشكوك كما في أطراف العلم الإجمالي )( [44]) كما أن الأنصاري لم يعين مرتبة الضعف والموهومية عند العقلاء الذي يوجب سقوط العلم الإجمالي عند التنجيز عندهم([45]).

8ـ ما ذكره صاحب الكفاية (1329 هـ) من أن العسر والحرج والإكراه والاضطرار إلى ارتكاب بعض الأطراف تفقد العلم الإجمالي فعليته ولكن هذا يحصل في الشبهة المحصورة وغير المحصورة على السواء وليس مختصا بغير المحصورة .

كما أن ( العسر إنما  يوجب ارتفاع التكليف بمقدار يرتفع به العسر لا مطلقا فالعسر لا يمنع عن تنجيز العلم الإجمالي على الإطلاق  )([46]).

9ـ  وقد رد الخوئي ما ذهب إليه النائيني (ت 1355 هـ) من أن الضابط هو عدم التمكن من المخالفة القطعية للمعلوم الإجمالي حيث أن عدم التمكن أو عدم القدرة على المخالفة القطعية قد يحصل في الشبهة المحصورة أيضا عند دوران الأمر بين محذورين أحدهما واجب والأخر حرام كما أن عدم القدرة عليها يعتمد على خصوصيات كثيرة مثل المعلوم بالإجمال والأشخاص والزمان وكذلك( أن عدم التمكن من المخالفة القطعية إن أريد به عدم التمكن منها دفعة فكثير من الشبهات المحصورة كذلك وإن أريد به عدم التمكن منها ولو تدريجيا فقلما تكون الشبهة غير محصورة إذ كثير من الشبهات التي تعد غير محصورة عندهم يتمكن المكلف من ارتكاب جميع أطرافها فمن سنة أو أكثر أو أقل .

10ـ ما ذكره العراقي (ت 1361هـ) من الاطمئنان بعدم وجود الحرام في كل طرف مع كثرة الأطراف هو في الحقيقة لا يمكن اعتباره ضابطا لتحديد الشبهة غير المحصورة لأنه يختلف حسب الأذواق والأعراف وقد يورث الوسواس نعم قد يصلح لبيان حكم العمل في الشبهة غير المحصورة وليس ضابطا لها حيث بين عدم جواز ارتكاب أطراف الشبهة غير المحصورة دفعة واحدة بل يجب ارتكابها تدريجيا حتى يعلم واقعا أو ظنا بالحرام وبين عدد معين من الأطراف فتتحول الشبهة من غير محصورة إلى محصورة .

11ـ ما ذكره هادي كاشف الغطاء (ت 1361 هـ) من الإمكان وعدمه في الجمع بالاستعمال ليس تاما أيضا لأنه ممكن اعتبار حبة الحنطة المغصوبة في مائة كيلو شبهة محصورة شبهة محصورة وممكن جمعها في الاستعمال البعض ولا يمكن البعض الأخر فيسقط الضابط حينئذ وأن إناء واحد مغصوب في سوق البلدة لتصنيع الأواني يعتبر غير محصور لبعض ومحصور للبعض الأخر كالذي يرغب بشراء جميع الأواني في السوق لغرض التصدير مثلا .

12ـ ذهب الخوئي إلى عدم وجود ضابط للشبهة غير المحصورة بناء على تفنيده بقية الضوابط ولازم ذلك عدم وجود ضابط للشبهة المحصورة أيضا فكيف إذن نتكلم بحكم العمل في شيء لا نعرف ضابطه ولكن ظاهر كلام الخوئي هو عدم التسرع من قبل المكلف في تحديد الأمور المحصورة وأن ذلك يعود إلى خصوصيات تختلف من حادثة إلى حادثة باختلاف (المعلوم بالإجمال باختلاف الأشخاص وباختلاف قلة الزمان وكثرته وغير ذلك من الخصوصيات)([47]).

13ـ ولعل الأقرب إلى الحقيقة اللغوية والعرفية وليس الاصطلاحية هو الضابط الذي قال به الهمداني (ت 1322هـ) وهو أن تكون الأطراف المعلومة بالإجمال تحت عنوان إجمالي ( من دون أن تكون الأطراف المعلومة بالتفصيل مضبوطة بحيث لا يحتمل أن يكون هناك فردا أخر يحتمل انطباق المعلوم بالإجمال عليه ) ([48])أي أن عنوان الحرمة الإجمالي لا يحتمل انطباقه على الأطراف المعلومة بالتفصيل لمرتكبيها وبحيث عدم احتمال وجود طرف منها أو طرف أخر ينطبق عليه عنوان الحرمة المعلومة بالإجمال .

 

وهذا أقرب للمعنى اللغوي للشبهة غير المحصورة ولعل الأفضل هو الثاني في تحديد غير المحصور بالنسبة للمكلف للخصوصيات التي ذكرها الخوئي .                  

 

المبحث الثاني:ـ حكم العمل بالشبهة المحصورة

القول الأول:ـ

  وهو القول بالقرعة ([49])بين الأطراف لاستخراج المحرم وحلية باقي الأطراف قال شمس الدين العاملي (1009 هـ) ( نقل عن السيد الجليل رضي الدين طاووس)([50]) (فتواه استعمال القرعة هنا ولا بأس به )( [51])ومورد العمل هو عند اشتباه القبلة .

والدليل على العمل بها هو أن (التمسك بالقرعة في موضوع الحكم بعد ما ثبت تعلق الحكم به مطرد لعموم الحديث الوارد فيها من أنها أمر لكل مشكل حتى أن السيد الجليل ابن طاووس L ذهب إلى العمل بالقرعة في الصلاة إلى أي الجهات للمتحير )([52])كما ذهب ابن القيم (751 هـ) ([53]) إلى العمل بالقرعة لو طلق المكلف احدى امرأتيه بعينها ثم اشتبهت عليه بأخرى وأنها ( ألحق إذا كان لواحد غير معين فإن القرعة تعينه فيسعد اللهب بها من يشاء ويكون تعيين القرعة له غاية ما يقدر عليه المكلف )([54]).

ومما يذكر وردت عدة أحاديث في العمل بالقرعة عند الإمامية منها الحديث الذي اعتمدوا عليه في هذا المقام هو ( عن محمد بن حكيم قال : سألت أبا الحسن  عليه السلام  عن شيء فقال لي : كل مجهول ففيه القرعة قلت له : أن القرعة تخطيء وتصيب قال وأما حكم الله به فليس بمخطيء)([55])والمراد من العمل بالقرعة هو لتمييز الحرام عما عداه وهذا يستوجب عدم وجوب اشتغال الذمة بالحرام لأنه لو اشتغلت لا يكون الخبر مطردا وعليه فعند تمييز الطرف المحرم بها ممكن عندئذ تناول الأطراف الباقية أو بمعنى آخر تناول باقي الأطراف من باب البراءة ([56]) والظاهر أن هذا مراد صاحب القوانين (ت 1231هـ) من اعتراضه لهذا القول وتأكيد نسبته إلى ابن طاووس (ت 664هـ) .

المناقشة ورد الاحتجاج بهذا القول :ـ

لم أعثر على أية رواية تنص على أن القرعة لكل أمر مشكل بل وما هو منقول عن الإمام  عليه السلام  هو أن القرعة لكل أمر مجهول حكمه الواقعي والظاهري أي أن مصداق  دليل القرعة هو عند الإمام إمكان تحصيل الحكم الواقعي والظاهري لذلك الموضوع ( والمراد من قولهم هو مشكل أو فيه إشكال عدم العلم بالحكم الواقعي وعد الاطمئنان بالحكم الظاهري لجهة من الجهات لا عدم العلم و الاطمئنان بالحكم الواقعي فقط إذ الإشكال بهذا المعنى موجود في جميع الأحكام الفقهية سوى القطعيات) ([57])لذلك لا يبقى للقرعة موضوع بعد كونه موضوعه الجهل بالحكم الواقعي والظاهري بل يقدم على القرعة أدنى أصل من الأصول كأصالة الطهارة وأصالة الحل وغيرهما مما ليس له نظر إلى واقع بل تعين الوظيفة الفعلية في ظرف الشك في الواقع إذ بعد تعيين الوظيفة الظاهرية تنتفي القرعة بانتفاء موضوعها)([58]) لذلك لا يمكن إجراء القرعة لمعرفة الطرف الذي ينطبق عليه المعلوم بالإجمال لاحتمال جريان الأصول الأخرى فيه . وأشك في صحة نسبة مثل هذا القول لابن طاووس (ت664هـ) وذلك بسبب شذوذه عن باقي العلماء أولا وثانيا تصريح العاملي الشهير بالشهيد الأول (ت 786هـ) بأن القرعة لا تستعمل في العبادات إلا في موارد مخصوصة مثل بين أئمة الصلاة عند استواء المرجحات كذلك بين أولياء الميت في نجهيزه عند الاستواء كذلك بين الموتى في الصلاة والدفن مع الاستواء في الأفضلية وعدمها وغيرها من الموارد بل وأكد أنها لا تستعمل ( في الفتوى والأحكام المشتبهة إجماعا )([59]) فكيف يدعى الإجماع وهو أقرب عهدا به من صاحب المدارك فيظهر أن نسبة هذا القول لابن طاووس حدث سنة 786هـ إلى ما قبل 1009هـ .

القول الثاني :ـ

 وهو حلية ارتكاب جميع الأطراف تدريجيا وليس دفعة واحدة ومن القائلين به ما نسبه صاحب القوانين (ت 1231هـ) إلى المجلسي([60]) ( ت 1110هـ) حيث قال ([61]) ( قال العلامة المجلسي (رض) في الأربعين يحل له الجميع ما ورد في الأخبار الصحيحة إذا اشتبه عليك الحلال والحرام فأنت على حل حتى تعرف الحرام بعينه ([62]) وهذا أقوى عقلا .

ونسب إلى القمي بعينه إلى هذا القول ([63]) ولعل وجه النسبة استدلاله عليه والدفاع عنه بدليلين .

أولا:ـ ( نقول به لا دليل عقلا وشرعا يدل على الحرمة والعقاب ولا إجماع على بطلانه والقائل به موجود .

ثانيا:ـ نقول كما أن ارتكاب الحرام الواقعي المتبقي حرام فتحصيل اليقين بارتكاب الحرام أيضا حرام وتحريمه حينئذ من هذه الجهة فارتكاب الفرد الأخر الذي يوجب العلم بارتكاب الحرام الواقعي مقدمة لتحصيل اليقين بارتكابه ومقدمة الحرام حرام ويمكن منع المقدمتين)([64].

وبين المنع في المقدمتين بقوله ([65]) ( يعني حرمة تحصيل اليقين بارتكاب الحرام إذا لم يعلم بارتكاب الحرام بنفس ذلك الفعل بخصوصه وحرمة مقدمة الحرام.)

والظاهر أن معنى منع المقدمتين أنه لم يتحقق للمكلف علم في أنه استعمل الحرام وارتكبه حتى يكون الإتيان بالفرد الأخر حراما من باب المقدمة لأن ما فعله أولا لم يكن حراما عنده لاحتمال أن يكون الحرام هو الفرد الأخر وكذلك ما فعله أخيرا فلم يتحقق له علم بالأفعال الخاصة بخصوصها .

وقد استدل صاحب القوانين ( ت1231 هـ) على جواز ارتكاب جميع الأطراف في الشبهة المحصورة بأنه يجوز الارتكاب في الشبهة غير المحصورة مع العلم بوجود النجس والحرام يقينا في أطرافها وأن ( التمسك يلزم العسر والحرج لا يثبت الحل والطهارة بمعنى ترتب آثارهما بحيث يعتبر قاعدة كلية للحكم مطرد لأن مقتضى ذلك الحكم بطهارة صحراء وسيع الفضاء الذي تنجس بعضه ولم يعلم محلها لمن يزاولها بالرطوبة ويحتاج إلى مزاولتها ولا يحتاج إليها في الاجتناب عنها )([66]) .

ومعنى دليله أن الاجتناب عن غير المحصور ليس عسر أو حرجا في جميع الأزمان بالنسبة إلى جميع الأشخاص بحيث أن من لا يزاول صحراء وسيع الفضاء يعسر عليه الاجتناب عن جميعه بسبب علمه بتنجس بعض مكان غير معين منه بخلاف من يجتاز فيه ولا يحتاج إلى مباشرته ومزاولته وقد يتحقق العسر والحرج في المحصور أيضا في محل الحاجة والضرورة فلا بد إذن من دوران الأمر مدار العسر والحرج وعدمها دون انحصار الشبهة وعدمه .

رد الاحتجاج بهذا القول ومناقشته:ـ

وقد ورد الاحتجاج بهذا القول بأن الأخذ به يوصل إلى فعل جميع المحرمات على وجه مباح بأن يجمع بين الحلال والحرام المعلومين تفصيلا كالخمر والخل والزوجة والأجنبية على وجه يوجب الاشتباه فيرتكبها([67]) .

وأرجح أن الأمر عند من يجوز ارتكاب الجميع ليس كذلك لأن الالتزام به ليس بداعي تجويز الحرام نفسه بأن يشرب المائين المشتبهين بالنجس لارتكاب النجس أو يأكل اللحمين المشتبهين بالميتة لأكل الميتة لأن ذلك يكون تحت عنوان التجري([68]) على فعل الحرام وهو قبيح عقلا ونقلا بل كان قبحه من ضروريات مذهب الإمامية ولم يلتزم به الجاهل فضلا عن العلماء نعم ينطبق هذا الكلام على من يقول بجواز الارتكاب دفعة واحدة وهذا ليس في المقام فلا بد أن يكون قصدهم تجويز الارتكاب لداعي أخر مثل رفع العطش أو سد الجوع أو ستر العورة أو ما شابه ذلك من الأمور .

كما قد رد الاحتجاج بهذا القول بأن ( العسر والحرج إنما يقتضيان رفع الحكم الذي يترتبان عليه على قدر ترتبهما عليه ففي غير المحصور لما كان ترتبهما على وجوب الاجتناب عنه وما في حكمه كوجوب الاجتناب عن ملاقه ثابتا على الإطلاق حتى بالنسبة إلى ما يزيد عنه على قدر الضرورة لعموم مورده ابتلاء الناس به عامة الأحوال أو أغلبها لزم ارتفاعه على الإطلاق بخلاف المحصور لندرة الاضطرار إليه وعلى تقدير حصوله فدوران رفع المنع فيه مدار رفع العسر والحرج لا يوجب عسرا ولا حرجا ولهذا جاز ثبوت حكمه )([69]) .

ومعنى هذا الإيراد هو الفرق بين العسر النوعي والعسر الشخصي وأن العسر في غير المحصور نوعي وغالبي وفي المحصور شخصي ونادر وبناء الأحكام على الغالب دون النادر ولهذا يعتبر في غير المحصور دون المحصور .

وأرى أن العسر والحرج يفقد الحكم فعليته سواء هي الأمور المحصورة أو غير المحصورة ومما يعضد هذا الأمر قوله تعالى( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ)([70])وتفسيرها ( أن الله تعالى أراد في كل ما شرعه من الأحكام اليسر النوعي ومنه إفطار المريض والمسافر )([71]) وكذلك تفسير الآية (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)([72]) فإن لها نفس مضمون هذا التفسير([73]) ومن عموم هذه الآيات يستدل على أن (العسر بنفسه مانع عن تنجز التكليف وفعليته سواء كانت أطراف الشبهة قليلة أو كثيرة)([74]) .

ويمكن أن يرد الاحتجاج على القول بارتكاب جميع الأطراف بأن عدم وجود دليل شرعي على ارتكاب الجميع غير مسلم لأن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود إضافة إلى منع ارتكاب الجميع عقلا لأن ( كون تجويز ارتكاب الجميع نقصا لغرض الشارع لكونه وسيلة إلى إمكان ارتكاب المحرمات الواقعية بخلطها بالمحللات بحيث يقع الاشتباه بينهما وهو موجب لاختلال نظم الأموال والفروج وغيرها ) ([75]) حيث أن ما اشتمل الحرام اليقيني حرام قطعا وإن لم يعلم الحرام بشخصه فيه كما أنه وإن لم يعلم بارتكاب الحرام في الكل جملة وارتكاب الأول في المشتبهين مثلا فإنه بعد ارتكاب الفرد الأخر يعلم بارتكاب الحرام الواقعي ضمن الاستعمال الخاص لا محالة.

وأما إدعاء صاحب القوانين بعدم وجود الإجماع على بطلان القول به فإن كان عملا وفتوى فلا يوجد من العلماء قديما وحديثا أفتى بارتكاب الجميع ([76]) وإن كان قولا وافتراضا فإنه لم ينقل هذا القول عن المجلسي (ت 1110 هـ ) إلا صاحب القوانين ولا يمكن التنبؤ بصحة الطريق الذي أوصل إليه بهذا القول : وبذلك حذف الإجماع قولا وافتراضا .  

وأرى أن صاحب القوانين لا يذهب إلى هذا القول بل ولا يميل إليه ([77]) ولكن هذا القول مقدمة عامة وواسطة للاستشهاد بالقول بالتخيير لارتكاب الأطراف المشتبهة في الشبهة المحصورة والذي هو القول الثالث .

القول الثالث:ـ

وهو حلية ارتكاب جميع أطراف الشبه عدا ما يساوي الحرام فلا تجب الموافقة القطعية بل تحرم المخالفة القطعية أي التخيير بين الأطراف فعلا وإبقاء ما يتحقق به الحرام بمعنى (يجوز استعمال غير المساوي للحرام وأما الجميع فلا إذا باستعماله يحصل القطع باستعمال الحرام )([78]) .

وقد ذهب صاحب المدارك ( ت 1009 هـ) إلى هذا القول في الإناء المشتبه بأن (اجتناب النجس لا يقطع بوجوبه إلا مع تحققه بعينه لا مع الشك فيه) ([79]) وكذلك في مسألة الثوب الطاهر المشتبه بثوب أخر نجس حيث أن ( الذي يقتضيه النظر عدم الفرق بين المحصور وغيره وأنه لا مانع من الاقتناع بالمشتبه فيما يفتقر إلى الطهارة إذا لم يستوعب المباشرة بجميع ما وقع فيه الاشتباه)([80])واستدل على هذا القول كل من مهدي النراقي ([81]) ( ت 1209 هـ) بقوله ([82]) ( لنا حرمة المخالفة القطعية للجميع مع عدم القول بوجوب الموافقة القطعية ).

كذلك استدل على هذا القول صاحب القوانين ( ت 1231هـ) بقوله([83]) (حلية الاستعمال ما لم يتحقق استعمال ما لا ينفك عن استعمال الحرام جزما لا بمعنى الحكم بأنه الحلال الواقعي حتى يلزم التحكم بل بمعنى التمييز في استعمال أي منهما أراد من حيث أنه مجهول الحرمة لعدم المرجع ونحن نقول بوجوب إبقاء ما هو مساوي للحرام الواقعي أو أزيد منه) كذلك استدل عليه أحمد النراقي (ت 1244هـ) بقوله([84]) (الحق هو حلية غير ما يساوي الحرام تخييرا فلا يجب القطع بالموافقة بل تحرم المخالفة).

ولعلي أستطيع عرض أدلتهم بطريقين:

الطريق الأول :ـ التمسك بأدلة أصل البراءة بالنسبة للجاهل الذي لا يعلم الحرام بعينه لقول الإمام الباقر  عليه السلام  ( كل شيء حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه)([85]) وقوله عليه السلام ( كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف منه بعينه فتدعه)([86]).

وأن هذه الأحاديث مخصصة لعموم دليل تحريم العنوان المشتبه أي أن خطاب الشارع بوجوب الاجتناب عن الخمر يتنجز على المكلف عند العلم بتحقيق موضوع الاجتناب خارجا وإذا تردد المكلف بين مشتبهين يصدق على كل منهما أنه لا يعلم حرمته بعينه ولازم ذلك عدم التكليف باجتناب الموضوع الواقعي أي أن المعلوم الإجمالي ليس إلا الموضوع الخاص الواقعي المجهول بشخصه المتردد بين أحد المشتبهين فيصدق على كل منهما أنه لا يعلم حرمته بعينه ولازم ذلك عدم التكليف باجتناب الموضوع الواقعي.([87])

(ومن هذا يظهر أن أخبار التوسعة في الموضوع المشتبه تقدم على دليل حرمة ما في الواقع وتقييده دون العكس وإلا لم يبق مورد لأدلة البراءة مضافا إلى كونها أخص منها)([88]).

أي أن الأخبار الدالة على التوسعة تقدم على أدلة الاحتياط في الشبهة الحكمية الموضوعية لأن كلا المشتبهين لا يعلم حرمته تفصيلا حيث أن مورد أصل البراءة عدم العلم بالحكم تفصيلا كما يستفاد من خطاب الأخبار ولا يجب الاحتياط هنا لأن بوجوب جريانه في المورد لم يبق لأصل البراءة مورد وبما أن أصل الاحتياط يحسن العمل به مع التمكن من العلم التفصيلي وعدمه فإن أصل البراءة أخص منه بأن مورده فقط عدم العلم بالحكم التفصيلي .

وبما أن التكليف بامتثال شيء لازمه العلم به أو بما هو طريق للعلم وإلا  لزم التكليف بما لا يطاق يستفاد من أخبار التوسعة أن حكم الشارع بإباحة شيء يلزم الحكم بعدم حرمة أو وجوب مصداقه في الواقع وإن علم حرمته أو وجوبه بحسب مفهومه الكلي أي بالنظر إلى كل مشتبه من المشتبهين باعتبار الشك في موضوعه الواقعي .

مثال ذلك إذا شك في كون مائع معين خلا أو خمرا بدون تولد علم إجمالي بوجود الخمر يكون حكمه التناول لأدلة البراءة على الشبهة بالموضوع مع وجود النص من الشارع مثلا بوجوب الاجتناب عن المر الواقعي الكلي وذلك لتقدم أخبار التوسعة في الموضوع المشتبه على دليل الحرمة ([89]) .

(وبالجملة إن أريد بالمعلوم الإجمالي موضوع الخطاب الشرعي المعين في الواقع من حيث حرمته مثلا فينتفي بالشبهة المجردة ،وإن أريد خصوص المعلوم في مورد الشك المردد بين الشبهتين فليس هو عنوانا لموضوع الحرام في الخطاب ليستدل بتحريمه)([90]).

الطريق الثاني:ـ أن ( المراد بالاشتغال هو الاشتغال المعلوم كذلك فالرافع والمزيل أيضا لا بد أن يكون كذلك وفي غيره لم يثبت فإذا علمنا التكليف بالصلاة في الجملة فلا يثبت اشتغال ذمتنا إلا بما ظهر لنا أنه صلاة لا بالعلم أو الظن الاجتهادي بأنه هو الصلاة ولم يثبت اشتغال ذمتنا بما هو صلاة نفس الأمر خاصة )([91]) .

يعني ذلك أنه لم يثبت حصول الشغل ووقوع التكليف إلا بما دل عليه الدليل من الماهيات إما بطريق العلم أو الظن وإن حصل بانضمام الأصل والقول بكون الألفاظ وإن كانت أسامي لأمور النفس الآمرية ولكن التكليف لم يثبت إلا بما أمكننا معرفته لعدم توجه الخطاب الشفاهي إلينا حتى نتبع ظاهر اللفظ([92]).

وبذلك فإن التكليف لم يثبت إلا بما هو ممكن لنا تحصيله فإن أمكن لنا تحصيل اليقين بالماهيات الواقعية فيها وإن تعذر اليقين في تحصيلها كما هو الغالب فالمتبع هو الظن الاجتهادي وهذا يطابق الواقع وقد يغادره فيكتفي بالمضمون في مقام الامتثال أي يقوم المضمون مقام الماهية للنفس الآمرية في مرحلة الامتثال كما أن عدم وجود الدليل القطعي أصلا بالنسبة إلى جميع أجزاء الماهية وشروطها قد يؤدي إلى التكليف بالمحال أو إلى لزوم العسر والحرج في تحصيل العلم بها لكثرة الأجزاء والشروط والموانع بحيث يوجب التوقف في كل واحد منها ([93]).

ومن هذا يظهر أن الخطابات الشرعية تثبت تفصيلا للمشافهين أما لنا فلا نستطيع العمل بها إلا على ظاهرها ولأن تلك الخطابات تثبت كبريات المسائل أما صغرياتها فهي ليست من اختصاص الشارع .

وبهذا فإن خطاب الشارع بحلية كل شيء حتى تعرف الحرام بعينه يعمل بها على ظاهرها ككبرى والصغرى لها هو الإنائين المشتبهين أو الثوبين المشتبهين فإن قيل أن ذلك يوجب الوقوع في الحرام الواقعي بارتكابهما قيل بذلك تقيد هذه القاعدة بفعل أحدهما تخييرا وعدم (ارتكاب الفرد الآخر الذي يوجب العلم بارتكاب الحرام الواقعي )([94]).

رد الاحتجاج بهذا القول :ـ

وعلى أساس ما تقدم لا يكون المعلوم بالإجمال شيئا يعلم حرمته بعينه لأنه خارج عن موضوع الأخبار التي تدل على الحلية والتوسعة مثل الحديث المذكور عن الإمام محمد الباقر  عليه السلام  ( كل شيء فيه حلال وحرام فهو حلال حتى تعلم الحرام بعينه)([95])حيث أن قوله  عليه السلام  بعينه (مبني على إرادة بنفسه) ([96]) ولا يراد من اللفظ المذكور (تأكيد للضمير للاهتمام في اعتبار العلم كما يقال رأيت زيدا بعينه لدفع توهم الاشتباه في الرؤية )([97]) .

لذلك فالمعين الواقعي المردد بينهما لا يصدق عليه أنه معلوم الحرمة بل أن ظاهر اللفظ يرادف بشخصه الخارجي أي بتميز عند العالم عن غيره الذي هو ( الحرام الواقعي المجهول بشخصه أنه غير معلوم بعينه وأن الحرام منهما معلوم لا بعينه )([98]).

 القول الرابع :ـ

وهو الاجتناب عن جميع الأطراف أي حرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية للعلم الإجمالي ومن الذين صرحوا بذلك البحراني (1186 هـ) حيث قال([99]) (وهو لا يتم إلا باجتناب الجميع) وكذلك صدر الدين القمي (ت 1218هـ) في مسألة التردد في نجاسة أنائين مشتبهين حيث قال ([100]) (علماؤنا مطبقون على عدم جواز الاستعمال عن ما انقطع بنجاسته وإن لم يكن معينا بل كان طبيعة مرسلة بأحد الإنائين لا بعينه ولا شك أن امتثال النهي إنما يتحقق بترك جميع ما يصدق عليه تلك الطبيعة فلا بد من اجتنابها جميعا ) .وقد ذهب محسن الكاظمي([101]) (ت1234هـ) إلى التصريح بالإجماع على ذلك حيث قال( [102]) ( وقد أجمع الأصحاب على ضرورة اجتناب الجميع) وقال به الأنصاري (1281هـ) وفقا للمشهور ([103] ) .

وقد استدل أصحاب هذا القول على حرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية للعلم الإجمالي وهو :ـ

أولا:ـ ( وجود المقتضى للحرمة لعموم دليل تحريم ذلك العنوان المشتبه)([104])حيث أن قول الشارع اجتنب عن الخمر يدل على حرمة الخمر الواقعي على ما هو التحقيق من كون الألفاظ موضوعة للمعاني الواقعية فيشمل الخمر الموجود المشتبه بين الإناءين المعلوم إجمالا ولا وجه لتخصيصه بالمعلوم تفصيلا أنه خمر مضافا إلى   أنه لو اختص الدليل بالمعلوم تفصيلا خرج الفرد المعلوم إجمالا عن كونه حراما واقعيا وكان حلالاً واقعياً وهذا لا يلتزم به أحد حتى من القائلين بكون الألفاظ موضوعة للمعاني المعلومة فإن الظاهر أنه يريد به أعم من المعلوم إجمالا بحيث أن الدليل شمله ويقتضي حرمته أي بمعنى أن العلم الإجمالي كالعلم التفصيلي كلاهما علة تامة للتنجز في ذمة المكلف.

ثانيا:ـ عدم المانع عقلا أو شرعا على حرمة المخالفة القطعية للمعلوم الإجمالي أما العقل ( فلا يمنع من التكليف عموما أو خصوصا بالاجتناب عن عنوان الحرام المشتبه في أمرين أو أمور وهو العقاب على مخالفة هذا التكليف)([105]) ومعنى ذلك أن المانع العقلي على حرمة المخالفة القطعية لا يخرج من اثنين إما قبح التكليف بلا بيان وهذا منتف بالمقام لغرض حصول الاشتباه في المصداق أما الموضوع فمبين أما قبح التكليف بخطاب مجمل فمع القول بالعلم الإجمالي كالتفصيلي من ناحية التنجيز للمكلف فإنه لا يوجد مانع منه  بعد إمكان الاحتياط في المشتبهين أو المشتبهات ([106]) أي ( مع العلم الإجمالي بالحرمة ليس العقاب بلا بيان بل أي بيان أبين وأوضح من العلم)([107]) .

وأما الشرع( فلم يرد ما يصلح للمنع عدا ما ورد من قولهم  عليهم السلام  كل شيء حلال حتى تعرف  أنه حرام بعينه وكل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه وغير ذلك بناء على أن هذه الأخبار كما دلت على حلية المشتبه مع عدم العلم الإجمالي وأن كان محرما في علم الله سبحانه كذلك دلت على حلية المشتبه مع العلم الإجمالي)([108])أي أن ما يصلح للمنع شرعا هو جريان أصل البراءة في أطراف العلم الإجمالي وممكن دفع هذا المنع بأن لفظ تعلم في الخبر مطلق شامل للعلم الإجمالي والتفصيلي وهو في إفادة الإطلاق أظهر ( فيصير معنى الرواية أن كل شيء مشتبه بالشبهة البدوية فهو محكوم بالحلية في الظاهر ما لم يعلم حرمته تفصيلا أو إجمالا سواء كانت الشبهة حكمية أو موضوعية )([109])كما أن لفظ (بعينه) في الخبر (تأكيد للضمير جيء به للاهتمام في اعتبار العلم كما يقال رأيت زيدا بعينه لدفع توهم وقوع الاشتباه في الرواية)([110]) .

ومما يجدر الإشارة إليه أن إجراء أصل البراءة هي الشبهات البدوية يصح لعدم البيان من الشارع ( بخلاف المقام فإنه مستلزم للتناقض ولا يرتفع إلا بالالتزام بأحد الأمرين أما رفع اليد عن الحكم الواقعي وهو خلاف الغرض وأما بعدم منجزية العلم الإجمالي )([111]).

وقد ذهب البعض من العلماء المتأخرين إلى جواز جريان أدلة الترخيص في فعل الأطراف ولكن بشرط أن يكون التكليف (فعليا من جميع الجهات بأن يكون واجدا لما هو العلة التامة للبعث أو الزجر الفعلي مع ما هو من الإجمال والتردد والاحتمال فلا محيص عن تنجيزه وصحة العقوبة على مخالفته وحينئذ لا محالة يكون ما دل بعمومه على الرفع أو الوضع والسعة أو الإباحة مما يعلم أطراف العلم مخصصا لأجل مناقضتها معه)([112]) .

ومعنى ذلك أنه لو كان التكليف بعثيا زجريا فإن العلم الإجمالي يكون منجزا في ذمة المكلف وما دل على كون المشتبه المقرون بالعلم الإجمالي مشمولا بأخبار السعة والرفع والإباحة فإنها مخصصة للعقل ومنجزية العلم الإجمالي لذلك فإن العلم الإجمالي يقتضي التنجيز أي عند جريان تلك الأطراف يصبح أقل رتبة من ناحية التنجيز على المكلف من العلم التفصيلي وذلك لأجل اجتماع الضدين وهما جريان أخبار الحل والسعة والإباحة في كل واحد من أطراف الشبهة فعلا وحرمة الفرد المعلوم إجمالا الموجود بين الأطراف فعلا أيضا أي تضاد الحكم الظاهري في كل فرد من الأفراد مع الحكم الواقعي المعلوم بالجملة .

وأرجح أن هذا ليس بوارد لأنه لا يمكن إنكار احتمال معارضة الحكم الظاهري في الشبهة البدوية مع الحكم الواقعي فيها بل أن هذه الصورة من التضاد محتملة ( بين كل حكم ظاهري مجعول في حق الشاكب الواقع وبين الواقع المشكوك وتختص بما نحن فيه)([113]) .

وعلى كل حال فإن رتبة الحكم الظاهري بين الأطراف محفوظة مع العلم الإجمالي بالتكليف مما يجعله أقل رتبة عن العلم التفصيلي الذي هو علة تامة للتنجيز بينما العلم الإجمالي يقتضي التنجيز لذلك ( كان العلم الإجمالي كالتفصيلي في مجرد الاقتضاء لا في العلية التامة فيوجب تنجيز التكليف أيضا لو لم يمنع عنه عقلا كما كان في أطراف كثيرة غير محصورة أو شرعا كما في ما أذن الشارع في الاقتحام فيها)([114]).

وقد رد القول بأن العلم الإجمالي يقتضي التنجيز بأن الفعلية في التكليف سببا عن العلم بإرادة المولى وتعلق غرضه لصدور فعل من العبد لذلك لا معنى لفعلية التكليف سوى تنجزه بمعنى حكم العقل باستحقاق العقاب على مخالفته ( نعم محل الكلام هو الحكم الجدي الكاشف عن الإرادة الجدية لا مجرد الحكم الإنشائي الصوري فالأولى أن يقال بعد العلم إجمالا بتعلق الإرادة الجدية من المولى بأمر لا يبقى إشكال في حكم العقل بتنجيزه بمعنى عدم جواز مخالفته القطعية واستحقاق العقاب عليه) ([115])أي أن ( فعلية الحكم تابعة لفعلية موضوعه وليس العلم مأخوذ في موضوعه كي تكون فعليته متوقفة عليه)([116]) .

وكمثال على ذلك فإنه لو علم المكلف بوجوب (إكرام زيد بن بكر ومجرد تردده بين شخصين لا يوجب نقصا في علمه بالإضافة إلى متعلقة غاية الأمر أن علمه لم يحظ بتمام الخصوصيات المانعة من التردد بين شخصين ومن المعلوم بشهادة الوجدان أن عدم دخل لك في المنع من منجزية العلم إذ لا ريب في أنه بمجرد حصول ذلك العلم الإجمالي يتحرك العبد نحو موافقته بطبعه وعقله وبعد قول المولى لا تكرم كل واحد من الشخصين مناقضا لما علم بحيث يحكم إجمالا بأن أحد الكلامين ليس مطابقا للواقع)([117]) وهذا نظير العلم التفصيلي بوجوب الإكرام ثم يظهر مجال للترخيص الظاهري فيه فإن الأخذ بالترخيص يعد معصية للعلم التفصيلي بوجوب الإكرام مع العلم أن العقل يحكم بالامتثال للتكليف بعد وصل الحكم إلى المكلف ,والحكم الواصل قد يكون حكما واقعيا أو حكما ظاهريا ، فإذا وصل الأول لا مجال للثاني وإذا حصل الشك بالأول يكون الثاني (لذلك فوصول كلا الحكمين إلى المكلف في عرض واحد محال لكون الحكم الظاهري دائما في طول الحكم الواقعي)([118])ومن الواضح أن مخالفة التكليف الواصل يحكم العقل بقبحه (فإذا وصل التكليف إلى العبد من حيث الكبرى بمعنى علمه بحرمة شرب الخمر مثلا ومن حيث الصغرى بمعنى علمه بتحقيق الخمر خارجا فقد تم البيان ولا يكون العقاب على المخالفة حينئذ عقابا بلا بيان  وتردد الخمر بين مائعين لا دخل له في موضوع حكم العقل بقبح المخالفة )([119])وعلى أساس الصغرى والكبرى فلا يوجد فرق في حكم العقل بلزوم الامتثال أن كان الحكم الظاهري المجعول في أطراف العلم الإجمالي على خلاف مع وصول الحكم بالعلم التفصيلي أو بالعلم الإجمالي وكنتيجة لذلك فإن الحكم الواقعي للمعلوم بالإجمال فإنه يلزم من ذلك اجتماع الضدين في مقام الامتثال([120]).

رد الاحتجاج بهذا القول :ـ

وأرجح أن المولى إذا أمر عبده بإكرام زيد بن بكر وتهيأ العبد لإكرامه لـكنه تردد بين اثنين فله أن يرجع للمولى ويقول له لم أكرم زيد بن بكر لأني لم أكن أعرفه ولم تعينه لي  يقبح من المولى عقاب عبده لعدم قيامه بالإكرام كذلك فإن المولى له أن يرخص عبده بعدم الإكرام عند التردد نفضلا ومنة منه.

وأما القول بأن المكلف يعلم بحرمة شرب الخمر وأن الخمر متحقق في الخارج بأحد المائعين فيجب اجتنابها فأقول لو كان أحد المائعين (أ) والأخر (ب) وأسأل أن المائع (أ) هو خمر فالجواب قطعيا يكون لا وأسأل ثانية هل أن المائع (ب) هو خمر والجواب أيضا يكون لا وأسأل ثالثة فكيف تحكم بوجوب اجتنابها معا فإن أحدهما خمر لا محال والذي فيه الخمر هو الذي حكم الشارع بوجوب اجتنابه فإن ارتكاب أحدهما يمكن أن يرخص فيه الشارع لعدم المخالفة لخطابه وأن الشارع لم يقل اجتنب ما تردد أن يكون خمرا وأن فعلي هذا لا يعتبره الشارع (إذنا في المعصية التي استقل العقل بقبحها ومناقضا ومنافيا لتكليفه الأول أو لحكم العقل بوجوب الإطاعة فيؤوله أو يطرحه كلا بل يراه نظير الحرج الذي يرفع العقاب عن التكليف مع بقاء التكليف فإن الشارع بطرو الحرج رفع فعلية التكليف وتنجيزه)([121]).

وقد يقال أن الحرج عنوان خارجي عن محل النزاع في الشبهة الموضوعية حمكية وإنما الكلام في حكم العمل بالاحتياط فيها .

أقول أن حكم العمل بالاحتياط في الشبهة المحصورة هو لحرمة المخالفة القطعية أو وجوب المخالفة القطعية للعلم الإجمالي المتنجز في ذمة المكلف .

 

وبما أن الحرج يرفع تنجز التكليف المعلوم بالإجمال على المكلف بالاتفاق لذلك لا تنجز للعلم الإجمالي بذمة المكلف أي يرتفع وجوب الاحتياط في هذه الشبهة .

ولذلك أرجح عدم وجوب العمل بالاحتياط في الشبهة المحصورة بل يحسن العمل به لما اتفق به العقلاء على رجحان الاحتياط مطلقا في جلب المنافع ودفع المفاسد دنيوية أو أخروية .

 

 

 

 

الفصل الأول

حقيقة الاحتياط وتطور مباحثه

 

 

 المبحث الأول :ـ تعريف الاحتياط

 

            أولا:ـ لغة

            ثانيا:ـ اصطلاحا

            ثالثا:ـ مناقشة التعاريف

 

المبحث الثاني:ـ تطور مباحثه

 

 

         المبحث الأول:ـ تعريف الاحتياط لغة واصطلاحا

أولا:ـ الاحتياط لغة

وهو إما من الفعل  الثلاثي حاط ، والاسم منه الحوطة والحيطة ، ومعناه (صانه وحفظه وتعهده)([122]).

والفعل احتاط الثلاثي مزيدا والاسم منه حوطا ، وحيطة وحياطة ومعناه (أخذ في الحزم) ([123])مع العلم أن الحياطة بمعنى الحفظ([124]).

وقيل (احتاط الرجل إذا أخذ في أموره با لا حزم ،واحتاط الرجل لنفسه أي أخذ بالثقة والحوطة والحيطة والاحتياط)([125]).

وقيل الاحتياط (هو الأخذ بالأوثق من جميع الجهات)([126]).

وكذلك هو ( طلب الأحط والأخذ بأوثق الوجوه )([127])أي (الاحتراز عن الخطأ وإتقانه)([128]) .

ثانيا:ـ الاحتياط اصطلاحا

قالت الظاهرية (هو التورع نفسه ، وهو اجتناب ما يتقي المرء أن يكون غير جائز، وإن لم يصح تحريمه عنده )([129]).

وعرف الشريف الجرجاني ([130])(ت 816 هـ) ( هو حفظ النفس عن الوقوع في المآثم )([131]) .

قالت الأباضية ( فعل ما لم يتيقنه المكلف أنه عليه وخاف أن يكون عليه )([132]) .

ويلاحظ من التعريفين السابقين أن المراد من هذا الاصطلاح هو الورع([133])في العبادات المعاملات والخوف من أن يكون العمل الذي يأتي به المرء حراما عليه فيصيبه الهلاك من حيث لا يعلم .

وندرك ذلك جليا عند تعريف السلمي ( ت 770هـ) (الاحتياط هو الورع وهو أن يدع المكلف ما يريبه إلى ما لا يريبه)([134]).

وعرف عند الإمامية بعدة تعريفات منها:ـ

قال البحراني( [135])(ت 1186هـ) ( هو عبارة عمايخرج به المكلف من عهدة

التكليف على جميع الاحتمالات([136]) وقال صاحب القوانين المحكمة )([137]) (ت1231هـ) (وهو الأخذ بما لا يحتمل الضرر أو إما كان أقل ضررا سواء كان فعلا أو تركا كما هو المتبادر منه في العرف والشرع بل هو ظاهر من أهل اللغة )([138])وقال أحمد النراقي([139])(ت1244هـ) ( هو الأخذ بما هو أوفى للنفس من الهلاك في صورة الاحتمال)([140])ويزيد هذا المعنى حسن كاشف الغطاء([141])(ت 1262هـ) حيث قال (وهو الأخذ بما هو أوثق للنفس عند التردد)([142])وقد عرفه محمد
النراقي([143])(ت 1297هـ) (العمل بما يحصل القطع به بدرك الواقع وإحرازه على ما عليه في نفس الأمر عند الشك ولو بتكرار العمل سواء كان في نفس التكليف أو في المكلف به)([144]).

وقد قسم محمد تقي الحكيم ([145])الاحتياط إلى قسمين :ـ

الاحتياط الشرعي( هو حكم الشارع بلزوم الإتيان بجميع محتملات التكاليف أو اجتنابها عند الشك بها والعجز عن تحصيل واقعها مع إمكان الإتيان بها جميعا أو اجتنابها)([146]).

والاحتياط العلمي ( هو حكم العقل بلزوم الخروج عن عهدة التكليف المنجز إذا كان ممكنا)([147])وقد عرف الخوئي ([148])الاحتياط بأنه ( العمل الذي يتيقن معه براءة الذمة من الواقع المجهول)

وعرفه كاشف الغطاء ([149])( هو ما يحصل به القطع بامتثال التكليف واليقين بحصول الواقع المطلوب منه من دون الاستناد إلى حجة شرعية كآية قرآنية أو قول معصوم أو فتوى مجتهد أو نحو ذلك في تعيين الواقع)([150]).

ثالثا:ـ مناقشة التعاريف

لا تخلو التعاريف السابقة من بعض الملاحظات التي يجب الإشارة إليها:ـ

1ـ أن تعاريف الأجلاء القدماء من علماء المسلمين تعتمد على الربط بين ماهية الاحتياط وماهية الورع على أساس أن الورع هو الاحتياط المندوب([151])عند العمل للتقرب إلى الله تعالى زيادة في التقوى ولعل توسع علماء الأصول في الأونة الأخيرة عند الإمامية خاصة هو الذي خطّ الحدود بين الاحتياط الواجب والمندوب فرفعوا للأول أسس وقواعد وشروط يجري على طبقها .

ولكني لاحظت في تعاريف بعض العلماء قد صرحوا بأن الاحتياط هو الورع ، وهذا ليس ذاك لأن خشية الله وتجنب الوقوع في الآثام والوجل عند وقوع آيات الله تعالى كلها تدخل ضمن مصداق الورع ولكنها ليست احتياطيا.

2ـ تحدد الظاهرية تعريف الاحتياط بالاجتناب أي الترك بينما تحدده الاباظية بالفعل والحقيقة هو قد يكون فعلا أو تركا أو تكرار للعمل حسب مورد الاشتباه.

3ـ في تعريف (السلمي) ليس كل ريبة تدعو إلى الترك من قبل المكلف لأن ذلك قد يعد من قبيل الوسواس والحرج في الدين .

4ـ من تعريف البحراني للاحتياط يفهم منه أنه يجري في جميع محتملات التكليف ومن المعروف أنه لا يمكن الاحتياط عند دوران الأمر بين الوجوب والتحريم مع فقد المزية على الترجيح بينهما فإذن التعريف غير مانع هذا على اعتبار أن تعريفه يشمل الاحتياط الواجب والمندوب مع تعريفه على أنه لا احتياط في الشبهة الوجوبية ( أن الأصل عدم الوجوب حتى يثبت دليله وهذا القسم مما لا خلاف ولا شك في صحة الاستدلال به والعمل عليه)([152]).

5ـ أن التعاريف التي أوردها الشريف الجرجاني (وصاحب القوانين) و(أحمد النراقي) و (حسن كاشف الغطاء) تعتمد على التعريف اللغوي وقد صرح (صاحب القوانين) بذلك بقوله ( وهو ظاهر أهل اللغة ) كما أن استعمالهم لجمل مثل حفظ انفس و(أوفى للنفس من الهلاك) و ( الأوثق للنفس) ظاهرة في المعنى اللغوي للاحتياط ومبتعدة عن المعنى الاصطلاحي الذي من المستحسن أن يبين شروط العمل بالاحتياط بالتفصيل باعتباره أحد الوظائف العملية عند الشك بالحكم الواقعي للمكلفين فإن ما يكون أوثق للنفس أو أوفى لها عند البعض لا يكون كذلك عند الآخرين فلا يكون للاحتياط حدود وضوابط عند ذاك وأن حفظ النفس عن الوقوع في المآثم هي من مستلزمات الإيمان والتقوى لذلك فالتعريف عام لا يفهم منه خصوصية الاحتياط .

6ـ أن ماهية الاحتياط واحدة وتقسيمه إلى احتياط شرعي وعقلي إما بنحو الملاحظة إلى الأدلة الدالة عليه فالاحتياط الشرعي أدلته من الشرع وهي الكتاب والسنة والعقل ([153])فما معنى أن يذكر الاحتياط العقلي مع أن دليله يناقش ضمن أدلة الاحتياط الشرعي وما ذكره محمد تقي الحكيم من (لزوم الإتيان) و(لزوم الخروج) يفهم منه وجوب الاحتياط مع العلم أن للاحتياط وجه من الحسن المطلق لم نلمسه من التعريفين.

كما أن الأحكام التكليفية في الشريعة محصورة بالواجب والمستحب والمباح والمكروه والحرام([154])ولم يذكر ضمنها الاحتياط كحكم من الأحكام لذلك لا معنى لذكره كجنس في تعريف الاحتياط.

أو بنحو المنجز للتكليف أي أما أن يكون الشارع أو العقل هو النمجز للتكليف والتنجيز العقلي هو ( حكم العقل بحسن العقاب على تقدير المخالفة )([155]) للتكليف وأن التنجيز الشرعي هو حكم الشارع بالعقاب على من يخالف ذلك التكليف والحال أن الاحتياط ليس منجزا على المكلف بل أن التكليف هو الذي يتنجز وجهة التنجيزية إما عقليه أو شرعية لذلك لا يمكن أن يكون جنس الاحتياط في تعريفه هو الحكم لأن الاحتياط ليس منجزا على المكلف ( ويلزم من دعوى كونه منجزا كون الشيء حكما في نفسه)([156]) وحال الاحتياط ليس كذلك.

7ـ تعريف الخوئي للاحتياط لا يمنع من دخول ماهية التقليد([157])فيه الذي هو أيضا متحد بالجنس مع تعريف الاحتياط المذكور في أنه العمل الذي يقوم به المكلف مستندا إلى فتوى مجتهد ولا جدال واتفاقا بين جميع المذاهب براءة ذمة المكلف عند التقليد عند عروض الجهل([158])في الواقع . ويدافع البعض عن التعريف المذكور بقوله (فكل مكلف لا بد له في عباداته ومعاملاته من الحزم بامتثال التكليف الذي وجه إليه في الشريعة الإسلامية .

فإن كان مجتهدا له قدرة استنباط الأحكام من أدلتها عمل بما أوصله إليه الدليل وإن لم يكن كذلك كما في غالب المكلفين لزمه تقليد ذلك المجتهد الجامع لشرائع الفتوى والعمل بفتواه أما الاحتياط فإنه غالبا متعسر أو متعذر إما للجهل بمورده أو كيفيته فيقلد الفقيه فيهما)([159])ومن الواضح أنه عند تقليد المكلف للمجتهد في العمل بمشروعية الاحتياط انتفت حقيقة الاحتياط وحل محلها حقيقة التقليد بالنسبة للمكلف.

8ـ ذكر محمد النراقي توضيحا لتعريف للاحتياط ( مكان القطع بمطابقة العمل لما في الواقع والضرورة قاضية بخروج العهدة حينئذ)([160]) والحقيقة هي أن العمل بالاحتياط لا يكون مطابقا لما في الواقع لعروض الشك فيه أولا وأن أصالة الاحتياط (لا تكون محرزة للواقع لا وجدانا ولا بالتعبد الشرعي)([161]).

ثم أن قوله ( سواء كان الشك في التكليف) لا يمنع خروج أصل البراءة عن التعريف .

9ـ لا يمكن القول أن العمل بالاحتياط هو قطع بالحكم الواقعي لأنه أحد الأصول العملية غير المحرزة وليس نظر إلى الواقع بل هي عبارة عن وظائف عملية للجاهل بخصوص الواقع أو ما نزل منزلته وبتعبير أوضح هي وظائف عند طرو الشك في التكليف والمكلف به .

ولكن باعتبار تنجز التكليف أو حتى احتمال تنجزه فإن هناك أثر للقطع ( لا شيء نزل منزلته فإنه لا بد في التنزيل من أمور ثلاثة منزل ومنزل عليه ووجه التنزيل أي الأثر الذي يكون التنزيل بلحاظه وهو المصحح لذلك )([162]). لذلك فإن الاحتياط لا يكون في منزلة القطع بل الأثر المصحح للتنزيل . وهذا الأثر سببه أن (الأصول غير المحرزة كإيجاب الاحتياط باعتبار مبرزيتها للإرادة الواقعية في ظرف الشك تقوم مقام القطع ، غير أن قيامها مقامه من جهة التنجيز لا في ترتيب آثار الواقع لعدم تكفل مثلها لإثبات الواقع )([163]).

وأن إبراز الإرادة الواقعية في ظرف الشك يجعل لزاما على المكلف بالإطاعة أو الموافقة القطعية للتكليف المشكوك وإن كانت الإطاعة متعلقة بامتثال التكليف وأن غرض المولى منه (هو حصول الواقع وإتيان مطلوبه وبالاحتياط يحصل الواقع ومطلوب المولى قطعا فهو نوع نم أنواع الإطاعة التي لا يمكن جعل عدم الإطاعة به بقاء

 

المأمور به على مطلوبيته)([164]).

ويظهر من ذلك أن تعريف علي كاشف الغطاء هو أقرب التعاريف لحقيقة الاحتياط وأرى أن يكون تعريف الاحتياط هو ( وظيفة عملية يحصل بها القطع بامتثال التكليف واليقين بحصول الواقع المطلوب منه دون استناد إلى حجة شرعية كأية قرآنية أو قول معصوم أو فتوى مجتهد أو نحو ذلك في تعيين الواقع) . ويراد بالوظيفة العملية لبيان أن الاحتياط أصل عملي في ظرف الشك ويراد بالذي يحصل بها القطع إخراج الاستصحاب الذي يقوم مقام القطع الطريقي بسبب التعبد من الشارع بالأخذ باليقين السابق فيه ويراد بامتثال التكليف إخراج أصل البراءة التي موضوعها الجهل بالتكليف ويراد باليقين بحصول الواقع المطلوب منه إخراج القرعة التي موضوعها الجهل المطلق بالحكم الواقعي فضلا عن الظاهري . ويراد من دون الاستناد إلى حجة شرعية بيان أن العمل في ظرف الواقع المجهول بسبب طرو الشك في التكليف أو المكلف به ولا إشكال في أن النص الشرعي حجة شرعية وكذلك فتوى المجتهد حجة شرعية ([165])أيضا لأن الاجتهاد هو ( استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل الظن بالحكم الشرعي([166]) ولذلك تحصل به الموافقة الاحتمالية المعتبرة للتكليف ، إضافة إلى أن الاجتهاد هو ما يحرز به امتثال التكاليف الالزاميه([167]).

المبحث الثاني :ـ تطور مفهوم الاحتياط

في بداية الدعوة الإسلامية وبوجود النبي محمد   صلى الله عليه واله وسلم   كان إذا تعرض مسألة فقهية للصحابة رضي الله عنهم   يرجعون   إليه   صلى الله عليه واله وسلم   خصوصا عند عدم ظهور أو إجمال  النص القرآني الكريم أو فقدانهم للنص في تلك المسألة . ولكن بعد انتقال نبي الرحمة  صلى الله عليه واله وسلم   إلى جوار رب كريم فقد الصحابة مرجعهم ومعلمهم ، ومع تطور الحياة المعيشية وزيادة الفتوحات الإسلامية وتعرضهم للسؤال والاستفسار لبعض المسائل المستجدة كان يفتون بها أما استنادا إلى ما اعتبروه من تفسير للآيات الكريمة أو بما حفظوه من حديث عن نبي الرحمة   صلى الله عليه واله وسلم   وأما ما لا أثر له في كتاب ولا خبر  فقد ذكرت بعض الكتب توقفهم عن الفتوى بل جوابهم بلا ندري أو لا نعلم ([168])، وذلك حذرا من القول على الله عزوجل بغير علم أو افتراء عليه .

وقد سار بعض التابعين وتابعي التابعين وبعض الفقهاء المتأخرين عنهم على هذا المنهج ، بل توسعوا به حتى أنهم استعملوا الاحتياط في الفتوى وترجيح الأحاديث([169]). وذلك سيرا على خطى الصحابة من الخوف في الوقوع في التهلكة . ولهذا السبب كان مصطلح الاحتياط مطابقا لمصطلح الورع ، لمظنة التلازم بين مصطلح الورع والتقوى ومصطلح التصوف ازداد عمل الصوفية بالاحتياط حتى وصل الأمر بهم إلى تجنب العمل بالرخص بل والظاهر أنهم  اتهموا المفتي بها بعدم الورع ([170]).

ومع امتداد عصر الإمامة عند الأمامية فإن ابتلاءهم بما لا نص فيه جاء متأخرا عن أهل السنة ، وقد اختلفوا إلى فرقتين مشهورتين هما الأصوليون والأخباريون ، فالأخباريون تمسكوا بالاحتياط والتوقف عن الفتوى عند عدم وجود نص في الشبهة التحريمية والأصوليون عارضوهم في ذلك . واستمر الصراع بين الفرقتين إلى وقت متأخر ، وبرز نتيجة لذلك مبحث الشك ودراسة احتمالات التكليف .

فلبيان حقيقة الاحتياط وفهم معانيه الاصطلاحية لا بد من الإطلاع على الاحتمالات التي تطرأ على المكلف في التكليف أو في المكلفية هذه الاحتمالات تشمل أقسام الشك الذي هو موضوع ما يسمى بالأصول العملية وهي ( القواعد الشرعية الثابتة للشاك في مقام العمل ) ([171])ولا يعني ذلك أن الأصل إعراض عن الواقع (بل هو وظيفة في طريقه بل لولا الواقع لا معنى للأصل فضلا عن التكليف فيه ، فهو ظاهر بالنسبة للواقع)([172])وهذه الأصول العملية ([173])( منحصرة في أربعة هي أصل البراءة
وأصل الاحتياط والتخيير والاستصحاب)([174]) . وموارد الاشتباه في هذه الأصول عقلي ( بأن حكم الشك إما أن يكون ملحوظا فيه اليقين السابق عليه ، وأما أن لا يكون سواء لم يكن يقين سابق عليه أم كان ولم يلحظ ، فالأول هو مورد الاستصحاب ، والثاني أما أن يكون الاحتياط فيه ممكناً أم لا ، والثاني هو مورد التخيير ، والأول أما أن يدل دليل عقلي أو نقلي على ثبوت استحقاق العقاب في بمخالفة الواقع المجهول ، وأما أن لا يدل . فالأول مورد الاحتياط والثاني مورد البراءة)([175]).

وعلى كل حال لدراسة الاحتياط الذي هو أحد الأصول العملية لا بد من معرفة تقسيم الشك الذي هو موضوعها وينبغي التنبيه هنا إلى أن منشأ الشك والاشتباه إما أن يكون لعدم وجود نص من الشارع في المسألة أصلا أو إجماله مع وجوده أو تعارض النصين أو اشتباه الأمور الخارجية مع العلم أن منشأ الشك نتيجة لفقد النص اعم من غيره مطلقاً بحيث يشمل منشأه إما دلالة ضعيفة أو خبر ضعيف أو فتوى فقيه أو نحو ذلك ومن قبيل عدم ورود نص في حكم الأفعال قبل ورود الشرع فإن هذا خارج محل النزاع لعدم وجود احتمال الوجوب من أحد المتنازعين ولعل الوجه في ذلك كون المراد إثبات الإباحة بالمعنى الأعم الشامل للوجوب أيضا على اعتبار رفع الوجوب راجع إلى مسألة البراءة لأن عدم احتمال الوجوب مسلم منهم بحيث صار خارجا عن محل النزاع بينهم([176]).

الشبهة تكون إما شبهة في الحكم الشرعي الكلي أو شبهة في الموضوع الخارجي مع العلم بالحكم الشرعي الكلي . ويعبر عن الأول بالشبهة الحكمية أو المرادية لأن الاشتباه وقع في حكم الشارع ومراده والثاني بالشبهة الموضوعية أو المصداقية لأن الاشتباه وقع في الموضوع الخارجي وفي مصداق المفهوم الكلي .

كما أن الشك في كل من الحكم أو موضوعه يكون تارة مقرونا مع العلم الإجمالي في التكليف وأخر غير مقرون .وبعبارة أخرى تارة يكون أصل التكليف معلوما لأن الشك في المكلف به وآخر الشك في أصل التكليف([177]).

والمراد بمعلومية التكليف هو العلم بجنس التكليف وفصله ويكون الشك في متعلقة كما إذا علم بوجوب الصلاة في يوم الجمعة ويكون الشك في أنها وجوب صلاة الظهر أم وجوب صلاة الجمعة .وقد يكون الشك راجعا إلى متعلق التكليف أي أن الشك في تحقق الموضوع الخارجي مثل الخمر المردد وجوده في عدد من الأواني مع العلم بوجوده في أحد منها . وقد يكون الشك في فصل متعلق التكليف مع العلم بالجنس وفصل التكليف كما إذا شك في وجوب الصلاة أو الزكاة عليه مع العلم بوجوب أحدهما إجمالا( [178])ومثال الشبهة الحكمية أو المرادية المقرونة بالعلم الإجمالي هو الواجب المردد بين وجوب صلاة الظهر والجمعة ، ومثال غير المقرونة بالعلم الإجمالي هو الدعاء عند رؤية الهلال في وجوبه واستحبابه.ومثال الشبهة المصداقية أو الموضوعية المقرونة بالعلم الإجمالي هو العلم بوجود خمر مردد بين إنائين . ومثال غير المقرونة بالعلم الإجمالي المائع المردد بين الخل والخمر.

ثم أن الاشتباه في كل واحدة من الشبهة المرادية والمصداقية تارة ينشأ عن الشك في الموضوع وهو ما يعبر عنه بالموضوع في اصطلاح المنطقيين والأصوليين وبالمبتدأ في اصطلاح النحويين وهو المحكوم عليه وأخر ينشأ عن الشك في المحمول المعبر عنه بالخبر أيضا وهو المحكوم به وثالثة الشك في كليهما ([179])مثال الاشتباه الناشيء عن الشك في الموضوع في الشبهة المرادية الغناء لأن حكمه معلوم وهو الحرمة وإنما الاشتباه في موضوع حكم الشارع وهو مفهوم الغناء . ومثال الاشتباه الناشيء عن الشك في المحمول فيما هو الدعاء عند رؤية الهلال لأن الموضوع معلوم وإنما المشتبه في المحمول أنه الوجوب أو الاستحباب ، ومثال الناشيء منهما هو الظهر والجمعة على القول بأن العبادة بدون الأمر حرام ([180])حيث يكون أحدهما واجبة والأخرى محرمة ولكننا لا ندري موضوع الوجوب وموضوع الحرمة فالاشتباه واقع في كل نمهما . ومثال الاشتباه الناشيء من الشك في الموضوع في الشبهة المصداقية هو المرأة المحلوف على ترك وطئها المرددة بين امرأتين . ومثال الاشتباه الناشيء من لاشك في المحمول في الشبهة المصداقية هو المرأة المعينة التي وقع التردد بين الحلف على وطئها وتركه . ومثال الاشتباه في كليهما معا المرأتين المحلوف على وطء أحدهما وعلى ترك وطء الأخرى المشتبه أحدهما بالأخرى هذا عند كون الشك فينوع التكليف . أما عند  كون الشك في المكلف به أي بما اصطلح عليه بالاشتباه المقرون بالعلم الإجمالي أي العلم بنوع التكليف مثلا بعلم الحرمة أو الوجوب ويشتبه الحرام بالواجب فمثلا دوران الأمر بين الحرام وبين غير الواجب من جهة الأمور الخارجية أي في اشتباه الموضوع الخارجي الحرام بالموضوع الخارجي غير الواجب ويكون الاشتباه تارة في أمور محصورة وتارة أخرى بين أمور غير محصور .

وعلى كل حال أن الاشتباه المقرون بالعلم الإجمالي سواء كان بالشبهة الحكمية أو المصداقية يكون تارة لأجل دوران الأمر بين متباينين وأخرى لدوران المر بين الأقل والأكثر فالأول يشغل ذمة المكلف والثاني يعين مقدار اشتغالها والمورد أن هما مورد ما يسمى بأصالة الاشتغال.

ويراد بالمتباينين حقيقة أو حكما كالتعيين والتخيير مثل موضوع الظهر والجمعة وحكمه إذا دار الأمر بين التعيين والتخيير  وهذا التخيير تارة شرعي وتارة عقلي فالتخيير الشرعي([181]) كما إذا جعل الشارع وظيفة التخيير بين أمارتين متعارضتين . والتخيير العقلي([182]) كما إذا أمر بالمطلق تارة وبالمقيد أخرى  المتباينان حكما- والمراد بالأقل والأكثر الارتباطيين لأن الاستقلاليين داخلين في الشك في أصل التكليف وذلك لإنحلال العلم الإجمالي فيه إلى العلم التفصيلي والشك البدوي وكذلك الشبهة الحكمية في الارتياطيين تخرج عن الشك في المكلف به وتدخل في الشك بالتكليف وذلك لانحلال الشبهة إلى العلم التفصيلي وهو حرمة الأكثر وشك بدوي وهو حرمة الأقل وذلك كالشك في حرمة سور العزائم في الصلاة بل هو تمام الورد أو بعضها المخصوص كآية السجدة أو العلق فحرمة المجموع متيقنة وحرمة البعض معينا أو مطلقا مشكوك بعد ملاحظة الشبهة في الحكم وفي الشبهة في الموضوع ، نقول أما الشك في جميع الأحكام الخمسة أو بعضهما مع البعض ثنائيا أو ثلاثيا أو رباعيا فتتكثر صور الاشتباه لذلك نقول أن الشك إما بين التحريم وغير الوجوب فيسمى بالشبهة الحكمية التحريمية أو بين الوجوب وغير التحريم فيسمى بالشبهة الحكمية الوجوبية أو بين الوجوب والتحريم ، فهذه الأقسام الثلاثة مع القسمين في الشك في التكليف والقسمان هما إما الشك في نوع التكليف الخاص كالوجوب والحرمة والاستحباب أو الشك في جنس التكليف كالقدر المشترك بين الوجوب والاستحباب أو بين أحدهما والحرمة . فنحصل من ذلك على ستة أقسام مضافا إليها أربعة أقسام في الشك في المكلف به مع الثلاثة الماضية فنحصل على اثني عشر قسما فمجموع صور الاشتباه أو الاحتمالات ستة احتمالا .

 

وتجدر الإشارة هنا إلى أن منشأ الاشتباه في الشبهة الموضوعية هو وقوع الاشتباه في الأمور الخارجية ورفع الاشتباه فيها ليس من وظيفة الشارع إلا بحعل طريق كلي يجعله ميزانا يرفع الاشتباه كالبينة واليد والقرعة ونحوها مما يرجع في الحقيقة بيان الحكم الظاهري الكلي في الموضوع الكلي أما الاستصحاب فإن مبحثه على حده مع أن موضوعه يخرج من أقسام الشك المذكورة وذلك لأنه يعتبر فيه الحالة السابقة المتيقنة ، وتبحث الأصول الثلاثة في مبحث واحد عند الأصوليين لاشتراكهم في عدم ملاحظة الحالة السابقة مضافا إلى أنه يصعب أفراد شيء من البراءة والاحتياط عن الأخر لأن مسائلهما متقاربة في بعضها ، أضيف لهما التخيير لقلة مباحثه وهناك جهة فيه تناسب البراءة ولا يناسب الاحتياط وذلك من جهة عدم الإلزام بشيء من الفعل والترك والترخيص فيهما يناسب البراءة ومن جهة إلزام الأخذ بواحد من احتمالي الوجوب والحرمة وعدم الترخيص في الإلزام بالإباحة ونحوه يناسبه الاحتياط لذلك فالتخيير يناسب موضوع البراءة والاحتياط وليس مبحث الاستصحاب ([183]) وبعد معرفة احتمالات التكليف والمكلف به نرى تداخل مواضيع الأصول الثلاثة ، ويتضح منها الدقة اللازمة في بيان حقيقتها وصعوبة اختيار التعريف المناسب للاحتياط على سبيل المثال الذي هو موضوعنا .

 

الفصل الثاني

حجية الاحتياط

تمهيد:ـ الآراء في حجية الاحتياط وعدمها

المبحث الأول:ـ حجية الاحتياط من الكتاب الكريم وتقويمها

 أولا:ـ آيات التقوى .

ثانيا:ـ آيات حرمة القول بغير علم .

ثالثا:ـ آيات حرمة إلقاء النفس في التهلكة .

المبحث الثاني:ـ حجية الاحتياط من السنة الشريفة وتقويمها.

أولا:ـ الأخبار الدالة على التوقف في الشبهة .

        آـ أخبار تثليث الأحكام .

    ب ـ الأخبار الدالة على تحريم اقتحام الشبهة .

ثانيا :ـ الأخبار الدالة على وجوب ورجحان الاحتياط مطلقا .

آـ الأخبار الدالة على وجوب الاحتياط مطلقا

ب ـ الأخبار الدالة على رجحان الاحتياط مطلقا.

المبحث الثالث:ـ حجية الاحتياط من الأدلة العقلية وتقويمها.

أولا:ـ الحكم بالحظر في الأفعال الضرورية قبل الشرع.

ثانيا:ـ قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل .

ثالثا:ـ إنحلال العلم الإجمالي .

 

 

تمهيد:ـ  الآراء في حجية الاحتياط وعدمها

ذهب بعض علماء الأمامية من أصوليين وأخباريين إلى أن ثبوت اشتغال الذمة يكون الاحتياط حجة ( بالجمع بين الأفراد المشكوك فيها ما إذا اشتغلت الذمة يقينا بواجب لــكن تردد بين فردين أو أزيد من أفراد ذلك الواجب)([184])حيث أنه عند (ثبوت الشغل يلزم الاحتياط بالإتيان بكل ما يحتمل توقف البراءة عليه)([185])ولا يعني هذا (أنهم يوجبون تحصيل البراءة اليقينية دون الاحتياط ، لأنه هو بعينه احتياط)([186])أي أن الاحتياط وسيلة لتحصيل براءة الذمة ويوضع أحمد النراقي ذلك مع بعض التخصيص فيقول([187]): يشترط في جريانه أمران:ـ

أحدهما:ـ أن يمكن الإتيان بما يخرج به المكلف عن عهدة التكليف قطعا ، فلا يجري فيما لم يمكن فيه ذلك كما لو دار بين الواجب والحرام.

ثانيهما:ـ كون المورد معروض احتمال شغل الذمة فلا يكون احتياطا عند القطع بالشغل في الإتيان بالمقطوع ولا عند القطع بعدمه)أي لو كان متعلق الاحتياط مقطوعا به بدليل شرعي مثلا لا يعد ما أمر الشارع بفعله احتياطا بعد السؤال عن الشك فيه وبمعنى أوضح عند القطع باشتغال الذمة بتكليف معين في معروض معين لا معنى للاحتياط حينئذ كما في صلاة الاحتياط ([188])مثلا الذي أمر بها الشارع عند عروض الشك للمصلي في عدد من ركعات ([189]) الصلاة لأنه عند الشك اشتغلت الذمة يقينا بصلاة الاحتياط التي أمر بها الشارع فارتفع الشك حينئذ بالعلم الواصل من الشارع أي حصل للمكلف قطع طريقي بالتكليف .

أما إذا كان المورد المعروض هو احتمال شغل الذمة بنجاسة أحد الأنائين فممكن أن يصح وجوب الاحتياط بترك استعمالهما مثلا .

وقد اشترط علي كاشف الغطاء شرطين لوجوب العمل بالاحتياط هما ([190])الأخذ بما هو أقرب للواقع والعمل بما لا يحتمل الضرر أصلا كالإتيان بجميع الأفراد المحتمل فيها التكليف الإلزامي عند دوران الفعل المكلف به بين أمرين متباينين) حيث اشترط على ضرورة كون التكليف الذي تشتغل به الذمة إلزاميا من قبل الشارع أي أن الباعث على الفعل إلزامي على المكلف بحيث تركه يستوجب الزجر والعقاب من الشارع وذلك يستوجب أن الاحتمال والتردد في التكليف بل بالمكلف به دوران الفعل بين أمرين متباينين مثلا.

ولعل هذين الشرطين أوضح من الشرطين السابقين وأخص في أن وجوب العمل بالاحتياط عند دوران الفعل المكلف به بين أمرين متباينين وقد أورد العلماء عدة أمثلة على التردد بين متباينين وصرحوا بوجوب العمل بالاحتياط فيه مثل الخنثى المشكل بالنسبة للصلاة في الحرير وكشف بدنها وجهرها وإخفاتها وغير ذلك([191]) .

وكذلك إذا اشتغلت الذمة بصلاة يومية مع الشك بالخمس فالاحتياط أن يصلي خمس صلوات ليتوصل بالأربع إلى تحصيل الواجبة منه ([192]).

وكذلك أمثلة أخرى عديدة في اشتباه الأخت من الرضاع بأجنبية واشتباه درهم مغصوب بدراهم أخرى غير مغصوبة ([193])وعموما ذهب البعض من العلماء إلى وجوب الاحتياط في الفروج والدماء والأموال مطلقا([194]).

هذا وقد اختلف العلماء في حجية الاحتياط في صور الاحتمالات الأخرى حيث ذهب أحد الأخباريين من الأمامية إلى وجوب الاحتياط في الشبهة الوجوبية مطلقا([195]). وذهب آخرون إلى وجوبه عند الشك بين الوجوب والاستحباب وحيث أوجبوا التوقف في الحكم والاحتياط بالاتيان بذلك الفعل لتحصيل مصلحة الوجوب والندب([196]).

كذلك أنه حجة في كل ما هو (وسيلة إلى تحصيل ما تحقق تحريمه)([197])وبذلك يكون الاحتياط واجبا في الشبهة الحكمية أو كعموم للقاعدة كل ( ما لم يرد فيه نص من الأحكام التي تعم البلوى )([198]) وذلك لدرء مفسدة التحريم المحتمل وتحصيل مصلحة الوجوب المحتمل وكذلك تردد الفعل بين محذورين أحدهما واجب والأخر محرم فالاحتياط الترك أيضا ([199])وهذا ما لا يتفق به الأصوليون مع الإخباريين من الأمامية أي في وجوب الاحتياط في الشبهة الحكمية تحريمية كانت أو وجوبيه أو حتى عند تردد الفعل بين محذورين لدلالة الأخبار المستفيضة في المعصومين  عليهم السلام   بذلك حيث لم ير الأصوليين ذلك بل حملوا الأخبار على الإرشاد وأنه لا احتياط واجب عند الشك بالتكليف وإنما عند الشك بالمكلف به مع الإمكان وقد اتفق علماء المسلمين على عدم وجوب الاحتياط في الشبهة الموضوعية بدليل أن تحديد موضوع الحكم هو من قبل المكلف وليس الشارع([200]).

وقد اتفق الأصوليين من الأمامية على حسن الاحتياط مطلقا وأنه ( مما حكمت به بديهية العقل واتفقت عليه العقلاء رجحان الاحتياط في جلب المنافع ودفع المفاسد دنيوية أو آخروية لمجرد قيام الاحتمال بوجه يكون ملحوظا عند العقلاء)([201])ومشروعيته للمكلف إن (كان مجتهدا في الأحكام عارفا بمسائل الحلال والحرام أو مقلدا بعد عليه مجتهده ولم يظفر بمن قلده فإنه ليس طريق سواه ولا سيبل لما عداه) ([202])وقد يكون ذلك المجتهد سوغ لمقلده العمل بمقتضاه مطلقا ، أو حتى إذا قطع المقلد بأن الأحوط له العمل وفق ذلك ولكن على شرط بأن لا يوجد معارض لعمله بدليل حكم على احتياطه أو احتياط أقوى منه بل ذهب البعض إلى أنه يجوز العمل بالاحتياط ( حتى مع التمكن من العلم التفصيلي أو الظن المعتبر بامتثال التكليف)([203])وينبغي التنيبه إلى أن التمكن من العلم التفصيلي يختلف عن العلم به . لأنه في الأول لا يرفع موضوع الاحتياط وهو إحراز الواقع المشكوك من دون حجة شرعية . أما الثاني فإنه يرفع موضوع الاحتياط بسبب طرو العلم في الواقع الذي به الشك حكما وموضوعا .

وعلى كل حال لا إشكال في استقلال العقل بحسن الاحتياط([204])، ونسبة الرجحان إلى شيء كون ذلك الشيء حسنا في نفسه ، ولكن الظاهر من كلمات العلماء الأصوليين أرادوا منه المعنى الأعم من ذلك الشامل للحسن بواسطة الغير( [205]) وذلك لترددهم في استحباب الاحتياط بعد الاعتراف بحسنه الذاتي ووجه التردد في كون الاحتياط إما طاعة حكمية وبأن الأوامر الشرعية جاءت مؤكد لهذا المعنى أو مؤسسة لحكم استحبابي مولوي ( لأجل التحرز عن الهلكة المحتملة والاطمئنان بعدم وقوعه فيها)([206])وهذا معناه أن الأمر إرشادي أي ( لا يترتب على موافقته ومخالفته سوى الخاصية المترتبة على الفعل أو الترك)([207]).

وعلى كل حال فإن المقصود بالإطاعة الحكمية هنا نظير الطاعة الحقيقية لأنهما معا غير قابلين للخطاب المولوي على فرض أنهما أمران انتزاعيان من مجرد ما يقتضيه الأمر المطاع بحيث لا يكون لعنوان الإطاعة والاحتياط أي عنوان ولا للأمر بهما غرض سوى الجري على ما اقتضاه أمر الشارع ,أما لو اعتبرناهما موضوعين مستقلين ملحوظين بعنوان في حد ذاته فيكون الأمر بهما مولويا وبذلك يجب الإطاعة حتى في الأوامر التوصيلية لأنه أمر مولوي متعلق  بالإطاعة ([208])حينذاك لأن المقصود فيها تحقق ذات العمل([209])لذلك فيكون مرجع الوجهين إلى أن الاحتياط الملحوظ موضوعا في متعلقات هذه الأوامر الشرعية ( فيكون حال الاحتياط والآمرية حال نفس الإطاعة الحقيقية والأمر بها في كون الأمر لا يزيد فيه على ما ثبت فيه من المدح والثواب)([210]).

لذلك أقول أن حسن الاحتياط في المقام تنزيهي لا إلزامي وهذا لا ينافي الأمن من الضرر في ترك أو فعل الشبهة الحكمية لتدارك الضرر المحتمل وتدارك احتمال الضرر بالاجتناب لغرض حصول الطاعة بالنسبة إلى أحكام الشارع بعدم ارتكاب المحرمات سواء كانت معلومة أو مجهولة حيث أن الفرق بينهما حال الفرق بين مناط الحكم التكليفي والإرشادي ( حيث أن المناط معلوما لكل أحد بحيث ارتكز في الأذهان كما في قوله تعالى( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ)([211])فهو للإرشاد)([212])وإن لم يكن معلوما ولكن الثواب وأمثاله هو من شأن الخالق وليس مما يكون بمحل الاتكال في نظر الفقيه لأن الغرض المعد للبحث عما يترتب على عمل المكلف فعلا أو تركا في العاجل مع العلم أن الثواب منشأ لتحريك المكلف إلى الإتيان بالعمل فإن منشأ التحريك في مقامنا هذا موجود على تقديرين وهو حسن الاحتياط مضافا إلى ما يأتي بعد هذا من كونه مثابا للإتيان بالأوامر الإرشادية([213]).

وقد يظن ترتب الثواب بتوقف على أن يكون الانقياد حسنا في نفسه وممدوحا كذلك بحيث لا يرجع المدح فيه إلى المدح الفاعلي وإلا فلا يكون سببا للثواب أو التزام بحسنه الذاتي وذلك بأن يقال أن العمل إذا أتى به بعنوان إحراز طاعة المولى يكون العمل بنفسه حسنا فأقول إذا كان الدم لا يتحقق في النهي إلا في المحرمات فإن المدح في الأفعال المأمور بها يتحقق في كل من واجبها ومندوبها وترك مكروهها أي إنما خصوص الدم في طرف النهي موجب للحرمة بخلاف الفعل المأمور به فإن مجرد المدح فيه غاية لا توجب وجوبه هذا في حسن الاحتياط عقلا ولا يعني ما تقدم أن النقل لا يؤيده حيث أن ما أوردها الأخباريون من الشارع على وجوب الاحتياط في الشبهة الحكمية والتحريمية خصوصا أو حتى مطلق الوجوب لا يسلم الأصوليون بدلالته على ذلك بل أن ظاهر الأخبار  مثل قول الرسول   صلى الله عليه واله وسلم   ( حمى الله محارمه فمن رتع حول الحمى أوشك أن يقع فيه )([214])وكذلك قول الإمام علي بن أبي طالب  عليه السلام  (فمن ترك ما اشتبه عليه من الأثم فهو لما استبان له ترك) ([215])وغير ذلك من الأخبار التي ظاهرها الأمر على الاستحباب (وحمكته أن لا يهون عليه ارتكاب المحرمات المعلومة )([216] ).

إن ما جاء الأخبار من المعصومين  عليهم السلام   هي للردع عن ارتكاب الشبهات بإقران الشبهة مع الاجتناب عن الحرام المعلوم([217])بمعنى أنه قرين له في كونه ردعا لذلك يكون حال  الشبهة في الأمر بالاجتناب حال الأمر بالاجتناب عن الحرام المعلوم من الأخبار السابقة والتي جعلها المعصوم  عليه السلام  مثلا للاقتران ولا ريب أن هذه المحارم هي للمثل وأن الاجتناب عنها للإرشاد لأن الأمر المقرون بها لا ريب ولا شك للإرشاد أيضا وهذا ما أكده الأنصاري حيث قال([218])(ومن المعلوم أن الأمر باجتناب المحرمات في هذه الأخبار ليس إلا للإرشاد ولا يترتب على موافقتها أو مخالفتها سوى الخاصية الموجودة في المأمورية وهو الاجتناب عن الحرام) . ومن دليل العقل والنقل على حسن الاحتياط يكون (لازم ذلك استحقاق الثواب على إطاعة أوامر الاحتياط مضافا إلى الثواب المترتب على نفسه)([219]).

مع ما تقدم من رجحان الاحتياط عند الأصوليين من الأمامية إلا أن البعض منهم طعن بالإطلاق حيث أوردوا بعض الصور لا يجوز العمل به فيها مثل الشك في   وجوب السورة وندبها في الصلاة فإن نوى أحدهما يحتمل بطلان الصلاة لاحتمال الخلاف في النية وأيضا احتمال بطلانها لاحتمال جزئها وإذا نواهما معا كان غير معقول وإذا صلى صلاتين قام الإشكال في نيتهما (فإن نوى الوجوب فيها أشكل الحال من جهة مخالفة الوجه وكذا لو نرى الندب وكذا لو أطلق في القربة قام الإشكال في احتمال دخولهما تحت النهي المنفي للزوم العسر والحرج)([220]).

وكقاعدة كلية أن الاحتياط ينافي نية الوجه وينافي قصد التمييز في العبادة من أن يميزها ويشخصها عن غيرها كما ينافي نية الوجه توصيفا يعني أن يأتي فيها بوصف أنها واجبة أو مستحبة حيث أن مع الاحتياط يحتمل أن يكون المأتي به غير واجب والواجب هو ما أتى به أو يأتي به لا حقا ([221])وقد أجاب الشيخ علي كاشف الغطاء على ذلك بقوله([222])( أن الأمور التي لا يلتفت إليها أغلب العامة وإن احتمل العقل الدقيق اعتبارها إلا أن العامة لا يلتفتون إليها . فسكوت المولى عن بيانها دليل على عدم اعتبارها فإنه لو كان يريدها ليبينها كما بيّن كثيرا من الواجبات التي يحكم بها العقل الدقيق لغفلة العامة عنها لذلك فعدم تعرض الشارع على عدم اعتبار أزيد من قصد القربة في العمل لا ينقص من سكوته عن أصل التكاليف أو كانت مراده له ولها دخل في حصول الغرض).

والمعتبر قصد القربة  في العبادات حيث أن الطاعة يكون العمل فيها بانبعاث الفاعل نحو العبادة وهذا الانبعاث بأمر المولى بينما يكون الانبعاث في الاحتياط عن احتمال الأمر العبادي وليس الانبعاث عن الأمر نفسه([223]).

ولا يمكن القول أن حسن الاحتياط على اعتبار أنه معلوم وممكن معرفة الأمر الشرعي منه على أساس قاعدة كل ما حكم به العقل حكم به الشرع حيث عند العلم بالأمر يكون الانبعاث عنه ([224])وذلك لأن حسن الاحتياط لا يستكشف منه أمر شرعي وإلا لزم الدور لأن ( الأمر بالاحتياط في المقام موقوف على حسنه فيه وحسنه فيه موقف على تحققه فيه ، وتحققه فيه موقوف على الأمر به فتوقف الأمر به وهو دور باطل)([225]).

ولكن ممكن القول( أن اعتبار القربة في العبادات إن كان من الشرع فليس في الشرع عين ولا أثر لاعتبار الجزم به وإن كان من جهة العقل فالعقل يكتفي في مقام الإطاعة بالاحتمال لأن العمل المنبعث عن لاحتمال الأمر يحكم العقل بعلته بالأمر والقرب من ساحة المولى )([226]).

ومن الموارد الأخرى التي أوردها العلماء في عدم جواز الاحتياط هو أنه قد يستلزم الاحتياط تكرار العمل وإذا حصل ذلك مع التمكن من الواقع بالنسبة للمكلف يعتبر عند العقلاء بل وحتى عامة الناس عابثا ولاعبا بأمر المولى بالإضافة إلى عدم إطاعته لأمر المولى ومثال ذلك عند التردد في القبلة وعلى فرض عنده خمسة أثواب يعلم بطهارة واحد منها وخمسة أشياء يعلم بصحة السجود على واحد منها فعليه أن يصلي مائة صلاة مع التمكن من صلاة واحدة ([227]). ولعل هذا المثال وهذا من أقوى الإيرادات على عدم جواز العمل بالاحتياط مطلقا.

على كل حال فالجواب من القسم الأول من الإيراد هوما يتعلق بعدم جواز الاحتياط عند التمكن من الواقع فإن موضوع الاحتياط هو إحراز الواقع المشكوك ولا تقييد هنا للموضوع حول كيفية إحراز هذا الواقع ، ثم أن التمكن من الواقع شيء والعلم به شيء آخر لأن الثاني يرفع موضوع الاحتياط أصلا أما الأول فليس هناك واجب عليه بالتمكن من الواقع من الشارع لأنه يستطيع إحرازه بالاحتياط، وأما الإيراد الثاني في المثال المتقدم فإن حسن الاحتياط في الدماء والفروج والأموال([228])متفق عليه على أنه ليس لعبا بأمر المولى لذلك لا يجوز الإطلاق في أن الاحتياط لعبا بأمر المولى.

أما إذا كان القصد ما يتعلق بالمثال الذي أوردوه فهو مسلم إلا أن الكلام في نفس ماهية الاحتياط من غير عنوان أخر عليه كأن يكون فيه ضرر محرم أو يؤدي إلى  نفرة من الدين الإسلامي أو حتى إلى العسر الشديد والحرج الشديد أو اختلال النظام أو قتل النفس المحترمة ([229])وممكن الرد على أنه ليس كل المكلفين عالمين بماهية الاحتياط على هذه الخصوصية وقد يطرأ عليه عنوان أخر من العناوين السابقة مع جهلهم بها ، ثم (أنه لو بنى المكلف يوما واحدا على الالتزام بالاحتياط في جميع أموره مما خرج من موارد الأدلة القطعية لوجد في نفسه حرجا عظيما فكيف لو بنى على ذلك جميع أوقاته وأمر عامة المكلفين حتى النساء وأهل القرى والبوادي فإن ذلك يؤدي إلى حصول الخلل في نظام أحوال العباد والإضرار بأمور المعيشة بل في تعليم موارد الاحتياط وتعلمها سيما عند تعارضها بترجيح مراعاة الاحتمالات القوية على ما دونها في القوة من الحرج ما لا يخفى)([230]).

لذلك لا يمكن إطلاق العمل بالاحتياط بل يجب الرجوع في بعض الموارد إلى الاجتهاد أو الفتوى في العمل.

المبحث الأول:ـ حجية الاحتياط من الكتاب الكريم

أولا : الاستدلال بآيات التقوى ([231])على وجوب الاحتياط .

استدل العاملي([232])(ت 786هـ) بآيات التقوى على وجوب الاحتياط ونسبه المشهور حيث قال ([233])( اشتهر بين متأخري الأصحاب قولا وفعلا الاحتياط بقضاء صلاة يتخيل اشتمالها على خلل بل جميع العبادات الموهوم فيها لعموم قوله تعالى(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ) ([234])وقوله تعالى(فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)([235])وقوله تعالى( وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ) ([236]).

وقد استدل الاخباريون من الإمامية على حجية الاحتياط بالآيات السابقة الذكر حيث أن ( المنع عن وجوب العمل بالاحتياط وعدم الاجتناب عن محتمل الحرمة مخالف لعموم الأمر بالتقوى )([237]).

ومكن الرد على ما تقدم :ـ

1ـ أن الإتقاء والمجاهدة ليس إلا الإتيان بجميع ما ثبت وجوبه وترك جميع ما ثبتت حرمته فارتكاب ما لم يبين الله تعالى حرمته لا ينافي حق التقوى والمجاهدة([238])لمجرد احتمال لاحرمة مثلا وبعبارة أخرى الاتقاء هو الخوف من الله تعالى وهو يتنفي عند مخالفة أحكام الله تعالى والمفروض أنه لم يثبت حرمة المشتبه واقعا ولا ظاهرا فدخول ترك المشتبه في التقوى موقوف على ثبوت حرمته أولا ولو من حيث أنه المشتبه فما لم يثبت حرمته أصلا لم يكن من أفراد الاتقاء حتى يتعلق به الأمر في الآيات السابقة الذكر وإثبات حرمته بهذا الأمر ( وحتى يتحقق بواسطته موضوع لوجوب تقدم الموضوع على الحكم والمفروض توقف تحقق الموضوع في المقام على الحكم فلابد من وجود الحكم أولا حتى يتحقق به الموضوع والحال أنه ما لم يتحقق الموضوع لا يتحقق الحكم فيلزم تحقق الحكم قبل تحققه وهو محال)([239]).

2ـ التسليم بأن مرتبة حق التقوى لا تكون فوقها مرتبة من الطاعة وذلك لا يكون إلا بإتيان المندوبات وترك التعرض للمكروهات والمشتبهات وهي مما لا إشكال في رجحانه عقلا ونقلا ولكن ( الأمر بتقوى الله سبحانه حق تقاته في هذه الآية مساوقا لما في الآية الأخرى من قوله U من قائل (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)([240])في كونه للاستحباب لا للوجوب([241]).

3ـ ( أن التقوى المأمور بها في الآية هي بمعنى التحفظ فمتعلقة إن كان هو العقاب الأخروي فارتكاب الشبهة غير مناف له إذ المفروض ثبوت المؤمن من العقاب في مورده وإن كان غيره من الوقوع في المفاسد الواقعية ونحوه فهو غير واجب قطعا . لذا اتفق العلماء حتى الاخباريون منهم على جواز الرجوع إلى البراءة في الشبهات الموضوعية مطلقا وفي الحكمية إذا كانت وجوبية مع كون الارتكاب فيها منافيا للتقوى بهذا المعنى )([242])أي بعدم الفرق في مقام التقوى بين إتيان الواجبات وترك المحرمات فإن كانت التقوى تشمل ترك محتمل الحرمة فكذلك تشمل إتيان محتمل الوجوب من غير فرق بين كون الاشتباه في الحكم وبين كونه في الموضوع كذلك أن ظهور الآيات الكريمة بإطلاقها في وجوب ترك محتمل التحريم فإن هناك أدلة قطعية على الرخصة فيه فيجب تقييده بها.

لذا فإن الأمر بالتقوى في الآيات الكريمة السابقة الذكر دلالتها إرشادية وليست مولوية.

 

 

 

ثانيا:ـ الآيات الدالة على حرمة القول بغير علم

استدل القائلون على وجوب الاحتياط بالآيات الدالة على حرمة القول بغير علم ([243])ووجوب رد المشتبهات إلى الله تعالى ورسوله   صلى الله عليه واله وسلم   وأئمة الدين  عليهم السلام  ومن لم يفعل ذلك فقد ألقى بنفسه إلى التهلكة ومن الآيات الشريفة الدالة على ذلك .

1ـ قوله تعالى (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) ([244]) .

وقيل في دلالتها لم لا يجوز أن يكون المراد بقوله فردوه إلى الله والرسول أي فوضوا علمه إلى الله واسكتوا عنه ولا تتعرضوا له وأيضا فلم لا يجوز أن يكون المراد فردوا غير المنصوص إلى المنصوص في أنه لا يحكم فيه إلا بنص) ([245]).

وقيل أيضا ( إذا تعرضتم إلى السؤال فيما ما لم يرد به نص فقولوا الله ورسوله أعلم) ([246])وظاهر المراد من الآية الشريفة ( أن التنازع كناية عن عدم العلم بشيء والمراد من الرد إلى الله ورسوله هو عين التوقف وعدم المضي في مورد الاشتباه)([247]).

(ونظير هذه الآية فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )([248])  و الآية ولو ردوه إلى  الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطون ([249])  )([250]) .

وممكن الرد على ما تقدم  بعدم جواز السكوت أو التوقف ( لأن الواقعة ربما كانت لا تحتمل ذلك بل لا بد من قطع الشغب و الخصومة فيها بنفي أو إثبات و إذا كان كذلك امتنع حمل الرد إلى الله على السكوت عن تلك الواقعة ) ([251]) .

كما إن الآية تدل على ( وجوب الرد في نفس الأحكام الدينية التي ليس لأحد أن يحكم فيها بنفاذ أو نسخ إلا الله ورسوله ، و الآية كالصريح في أنه ليس لأحد أن يتصرف في حكم ديني شرعه الله ورسوله و أولي الأمر ) ([252]) . أي ( إنها محمولة على صورة التمكن من إزالة الشبهة بالرد إليهم صلوات الله عليهم فلا تعم الشبهات البدوية بعد الفحص و اليأس عن الظفر بما يوجب إزالة الشبهة )([253]) .

ويعني الرد إليهم ( بالرجوع إلى ما ورد عنهم من الأحاديث و الأخبار و إزالة الشبهة بذلك و أما فيما لا يمكن إزالة الشبهة بعد الفحص و اليأس عن إزالة  الشبهة وورد الترخيص من الشارع فلا تشمله الآية قطعاً )([254]) .

أقول لعل الأمر بالرد عند الاختلاف في حكم الشيء المتنازع فيه ويمكن الرد على ما تقدم بأنه لا أحد من علماء المسلمين يجَّوز القول على الله عز وجل بغير علم أما من يقول بالحكم  بالترخيص الظاهري فيما لم يرد به نص بخصوصه فإنه يعتمد على أدلة الترخيص من الكتاب و السنة الشريفة و العقل . لذلك فإن ( الترخيص و الاقتحام بالادلة العقلية و النقلية ليس قولاً بغير علم ، بل القول بوجوب الاحتياط ان أبطلنا الادلة الدالة عليه يكون قولاً بغير علم ) ([255]).

أقول لا أرى ان العاقل بوجوب الاحتياط بعد أبطال الأدلة الدالة عليه مفترياً على الله عز وجل وقوله بغير علم لأنه أيضاً أقام الأدلة العقلية و النقلية على ذلك ، بل القائل بغير علم هو الحاكم بالترخيص الواقعي فيما لم يرد به نص وهذا لا يدعي أحد من القائلين بوجوب الاحتياط أو البراءة لأن الفريق الثاني يقولون بالترخيص الظاهري وليس الواقعي .

لذا فإن الآية الكريمة ليست محل الاستدلال لأن ( الأصولي يعترف بأن القول بالترخيص إذا لم يكن مستنداً إلى دليل فهو تشريع محرم ولكنه يدعي قيام الدليل عليه كما إن الأخباري القائل بوجوب الاحتياط أيضاً يعترف بأن القول بوجوبه من غير دليل يدل عليه تشريعي محرم ويدعي قيام الدليل عليه ، فبهذه الآية الكريمة الدالة على حرمة القول بغير علم أجنبية عن المقام ) ([256]).

ثالثا:ـ ما دل على النهي عن الإلقاء في التهلكة

وهي قوله تعالى (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) ([257]).

قيل في دلالتها ( على تحريم الإقدام على ما يخاف منه على النفس وتدل على حرمة الإقدام على ما يخاف الإنسان على عرضه أو ماله ولا تختص التهلكة بالدنيوية منها بل تشمل الأخروية أيضا)([258]).

وقد استدل البعض بأن مرتكبي المشتبه جاءهم ( الهلاك من مأ من اختيارهم والواجب لهم في ذلك الوقوف عند التحير)([259]).

وقد ورد الاستدلال بهذه الآية على وجوب الاحتياط والتوقف في ( أنه ليس في ارتكاب المشتبه تهلكة بعدما ورد الترخيص من قبل الشرع والعقل)([260])وأن هذه الآية (الناهية عن إلقاء انفس في التهلكة إن أريد بها التهلكة الدنيوية فلا شك في أنه ليس في ارتكاب الفعل مع الشك في حرمته احتمالا للهلكة فضلا عن القطع بها وإن أريد بها التهلكة الأخروية أعني العقاب فكان الحكم بترك إلقاء النفس فيها إرشاديا محضا إذ لا يترتب على إلقاء النفس في العقاب الأخروي عقاب أخر كي يكون النهي عنه مولويا)([261]) .

ولعل معنى ذلك منع كون ارتكاب محتمل التحريم تهلكة إذ لو أريد بها العقاب على مخالفة الحكم المحتمل فهو مقطوع العدم للأدلة النقلية والعقلية على الإباحة والرخصة في الارتكاب ولو أريد بها ارتكاب محتمل مفسدة دنيوية أخرى ففيه :ـ

 

1ـ أن ظاهر الآية النهي عن الإلقاء في التهلكة المعلومة .

2ـ وعلى فرض تسليم إرادة التهلكة الواقعية فإنه لا تنجز للتكليف إلا بعد العلم بالموضوع لأن الشبهة حين إذ موضوعية وعدم وجوب الاحتياط فيها مسلم عند كل  العلماء والمذاهب.

المبحث الثاني:ـ الأدلة الدالة على الاحتياط من السنة الشريفة .

أولا: الأخبار الدالة على وجوب التوقف .

1ـ أخبار تثليث الأحكام

عن النعمان بن البشير ([262])قال([263])( سمعت رسول الله   صلى الله عليه واله وسلم   يقول : وأهوى النعمان بإصبعه على أذنيه أن الحلال بين وأن الحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات إستبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه وأن لكل ملك حمى وأن حمى الله محارمه) . وقد روى عن النبي   صلى الله عليه واله وسلم   قال( الحلال بيّن والحرام بيّن  وبينهما أمور مشتبهة فمن ترك ما اشتبه عليه من الأثم كان لما استبان اترك ومن اجترأ على ما يشك فيه من الآثم أوشك أن يواقع ما استبان والمعاصي حمى الله فمن يرتع حول الحمى يوشك أن يواقعه)([264]) .

وعن الإمام الباقر  عليه السلام  قال([265]): ( قال جدي رسول الله   صلى الله عليه واله وسلم   أيها الناس حلالي حلال إلى يوم القيامة وحرامي حرام إلى يوم القيامة إلا وقد بينهما الله عزوجل في الكتاب وبينتهما لكم في سنتي وبينهما شبهات من الشيطان ويدعى بعدي من تركها صلح له أمر دينه وصلحت له مرؤته وعرضه ومن تلبس بها ووقع فيها واتبعها كان كمن رعى غنمه قرب الحمى ومن رعى ماشيته قرب الحمى نازعته نفسه أن يرعاها في الحمى إلا وأن لكل ملك حمى إلا وأن حمى الله عزوجل محارمه فتوقوا حمى الله ومحارمه).

قال( [266])أمير المؤمنين علي بن أبي طالب  عليه السلام  ( حلال بيّن وحرام بيّن وشبهات بين ذلك فمن ترك ما اشتبه عليه من الآثم فهو لما استبان له اترك والمعاصي حمى الله فمن يرتع حولها يوشك أن يدخلها).

قال([267])الإمام جعفر الصادق  عليه السلام  عن آبائه  عليهم السلام   (قال رسول الله   صلى الله عليه واله وسلم   في كلام طويل : الأمور ثلاثة أمر تبين لك رشده فاتبعه وأمر تبين لك غيبه فاجتنبه وأمر اختلف فيه فرده إلى الله عزوجل ) .

وفي حديث أخر عنه  عليه السلام  (قال رسول الله   صلى الله عليه واله وسلم   حلال بيّن وحرام بيّن وشبهات بين ذلك فمن ترك الشبهات نجى من المحرمات ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم)([268]).

ومع اختلاف ألفاظ الحديث بين العلماء إلا أن المعنى المتفق عليه بين سائر المذاهب الإسلامية هو اعتبار هذا الحديث من ( قواعد الدين الحنيف لأنه يجري على علوم الشريعة ففيه الحلال واجتناب الحرام والإمساك عن الشبهات )([269])ومن الأسباب الأخرى تعظيم العلماء لموقع هذا الحديث هو أنه (نبه على إصلاح المطعم والمشرب والملبس وغيرها وأنه ينبغي ترك المشتبهات فإنه سبب لحماية دينه وعرضه وحذر من مواقعة الشبهات وأوضح ذلك بضرب المثل بالحمى ولعل الأمر في الاستدلال بهذا الحديث على التوقف والاحتياط يدور مدار معنى المشتبهات الواردة في الحديث بعد أن بين الله تعالى وفسر رسوله الأعظم   صلى الله عليه واله وسلم   والأئمة الأطهار  عليهم السلام  ما هو الحلال والحرام للمكلف)([270]).

وقد نقل عن الإمام علي  عليه السلام  في معنى الشبهة ( إنما سميت الشبهة شبهة لأنها تشبه الحق)([271]).

وقد نقل عن أحمد بن حنبل ([272])(ت241هـ) أنه فسر الشبهة (بأنها منزلة بين الحلال والحرام ([273])وقيل (أنها كل ما تتنازعه الأدلة من الكتاب والسنة من المعاني)([274])وقيل ( كل شيء أشبه الحلال من وجه والحرام من وجه فهو شبهة)([275])وقيل أن معناها ( ليست بواضحة الحل ولا الحرمة فلهذا لا يعرفها كثير من الناس ولا يعلمون حكمها وأما العلماء فيعرفون حكمها)([276])ونقل البعض ثلاثة أقول في الشبهات التي ينبغي اجتنابها ( أحدها أنه الذي تعارضت فيه الأدلة فاشتبهت فيجب فيه التوقف إلى  الترجيح لأن الإقدام على أحد الأمرين من غير رجحان حكم بغير دليل محرم الثاني المراد بها المكروهات الثالث المباح وقال بعضهم هي حلال يتورع عنها) .       

     وقيل أن الاشتباه هو الالتباس وإنما يطلق في مقتضى هذه التسمية هنا على أمر أشبه أصلا ما وهو مع هذا يشبه أصلا أخر من الأصل الأول فكأنه كثر اشتباهه فقيل اشتبه بمعنى اختلط حتى كأنه شيء واحد من شيئين مختلفين)([277])لذلك فإن رده ببعض الأصول يوجب تحريمه ورده لبعضها يوجب حله فلا شك أن الأحوط هنا تجنب هذا ومن تجنبه وصف بالورع والتحفظ في الدين) ([278])وقيل أن الشبهة من الشيء المشتبه ( لخفائه فلا يدري أحلال هو أم حرام وما كان هذا سبيله ينبغي اجتنابه لأنه إن كان في نفس الأمر حرام فقد برأ من التبعة وإن كان حلالا فقد استحق الأجر على الترك لهذا القصد لأن الأصل مختلف فيه حظر أو إباحة )([279])وهذا القول لا يختلف عن سابقه في تحديد سبب الخفاء والالتباس في المشتبهات في كونها من الأمور غير المبينة وهو ما يدرك من الحديث الشريف ( لكونها ذات جهة إلى كل من الحلال والحرام)([280])ومن هذا يتبين أن الشبهة تولد الشك في النفس لذلك فقد روي عن حسان بن أبي سنان([281]) أنه (قال إذا شككت في شيء فاتركه)([282])وقيل ما شككت فيه فالورع اجتنابه)([283])وذلك بدلالة الحديث المذكور في أن من وقع في الشبهات وقع في الحرام)([284])وأن حمى الله محارمه فمن قارب الحمى (يوشك أن يقع فيه ومن احتاط لنفسه لم يقاربه ولا يتعلق بشيء يقربه من المعصية فلا يدخل في شيء من الشبهات)([285])وأن الوقوع في الشبهات يكون بوجهين :ـ

أحدهما ( إن كثرة تعاطي الشبهات يصادف الحرام وإن لم يتعمده وقد يأثم لذلك) ([286]) مما يؤدي إلى ظلام قلبه ( لفقدان نور العلم ونور الورع فيقع في الحرام وهو لا يشعر به ) ([287]) .

ثانيهما ( أنه يعتاد التساهل ويتمرن عليه ويجسر على الشبهة ثم شبهة اغلظ منها ثم أخرى اغلظ وهكذا حتى يقع في الحرام عمداً ) ([288]) ، اضافة إلى ما تقدم ، فإن (من اتقى الأمور المشتبهة و اجتنبها حصن عرضه من القدح و الشين الداخل على من لا يجتنبها وفي هذا دليل على ان من ارتكب الشبهات فقد عرّض نفسه للقدح فيه و الطعن) ([289]) .

وعلى كل حال فقد اختلف العلماء في حكم المشتبهات([290]) ، ولكنهم اتفقوا على انه من الحسن تجنبها ( فلا شك أن الاحوط هاهنا تجنب هذا ومن تجنبه وصف بالورع و التحفظ في الدين ) ([291]) ، وإن أولى على المرء أن يحتاط ( لنفسه لا يقارب ذلك الحمى خوفاً من الوقوع فيه ) ([292]) لأن الحديث ( وإن كان لفظه الشرط و الإخبار فإن معناه الأمر ) ([293]) بالترك .

وقد عمم  البعض الاستدلال بهذا الحديث للدلالة على أن الأحكام ثلاثة حلال بيّن وحرام بيّن  وشبهات بين ذلك ، فإن الأول و الثاني معلومان الحكم ، أما الثالث فحكمها أما التوقف أو الاحتياط لأنه ( لو تم ما ذكروا من العمل بالبراءة الاصلية المقتضي لدخول ما دلت عليه في الحلال البيّن لم يبق للقسم الثالث فرد يندرج تحته ولما كان للتثليث وجه بل يتعين القول بالتثنية وهو الحلال و الحرام خاصة و الأخبار بخلافه) ([294]) .

و اتفق العلماء إن الشبهات هي ما لم يبلغ حكمها لنا ( أما لاحتمال الدليل أو لعدم بلوغ ما يدل عليها إلينا من الشارع و إن كان في نظر العقل حسناً أو قبيحاً فرب حسن عندنا له جهة قبح لا نعرفها وهكذا في جانب القبيح فمن ترك الشبهة يعني محتمل الأمرين نجا من ارتكاب الحرام الواقعي وإن لم يكن حراماً عليه بظاهر الشرع ومن اخذ بالشبهة وعمل بها ارتكب الحرام الواقعي فإذا ارتكب الشبهة حلل من حيث لا يعلم لا لكون هذا الارتكاب سبباً قريباً للهلاك بل لكونه وسيلة وسبباً بعيداً إذا فعل الحرام أو الشبهة تصير النفس متهاونة إلى فعل معلوم الحرمة )([295]) .

وقد ردّ العلماء الاستدلال بهذا الحديث على وجوب الاحتياط . فقد قال ابن حزم الظاهري([296]) ( ت 456 هـ ) ([297]) ( لو صح هذا الحديث إنما هو على الحض لا على الايجاب فلو كان المشتبه حراماً وفرضاً تركه ، لكان النبي   صلى الله عليه واله وسلم  قد نهى عنه ولكنه  صلى الله عليه واله وسلم  لم يفعل ذلك لكنه حض على تركه وخاف على مواقعه أن يقدم على الحرام ، ونظر ذلك   صلى الله عليه واله وسلم  بالراتع حول الحمى ، فالحمى هو الحرام وما حول الحمى ليس من الحمى ، و المشتبهات ليست من الحرام ما لم يكن حراماً فهو حلال وهو في غاية البيان ، وهذا هو الورع الذي يحمد فاعله ويؤجر ولا يذم تاركه ولا يأثم ما لم يواقع الحرام البيّن ) لأن ( تلك المشتبهات ليست بيقين من الحرام و إذا لم تكن مما

 

فصل من الحرام فهي على حكم الحلال بقوله تعالى (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ)([298]) فما لم يفصل فهو حلال بقوله تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا)([299]))([300]) ومعنى الشبهات عند ابن حزم هي التي إذا فعلها المكلف يكون يقيناً قد وقع في الحرام لقوله   صلى الله عليه واله وسلم  ( ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ) ( وذلك نحو مائين كل واحد منها مشكوك في طهارته متيقن نجاسة أحدهما بغير عينه ، فإذا توضأ بهما جميعاً كنا موقنين بأنه صلى وهو حامل نجاسة ) ([301]) ويذهب إلى هذا المعنى السيد إبراهيم القزويني ([302]) ( ت 1262هـ ) حيث قال ([303]) ( فتدل الرواية على إن من اخذ جميع الشبهات في الواقعة استحق عقابات عديدة حسب تعدد الشبهات المرتكبة) لأن ( المراد من الشبهات و المحرمات المعنى الأعم الذي يشمل جميع الشبهات و المحرمات في الواقعة الخاصة ) ([304]) ، أي ان الواقعة الخاصة ذات الحكم المجهول ينطبق عليها الحديث من حيث الخصوصية بأنها شبهة ولكنها مع ذلك لا مانع من الأقدام عليها لعموم أدلة البراءة .

ويرد على ما تقدم ان المراد من الحديث الشريف هو تحريم جنس ( الشبهة التي هي ما قامت فيها أمارتا المنع و الجواز فيبقى طالبها بين اقدام و احجام ) ([305]) لبيانه  صلى الله عليه واله وسلم   ان الحلال بيّن فلا مانع من الأقدام عليه و الحرام بيّن في وجوب الاحجام عنه و الشبهات يتردد فيها المكلف بين الأقدام و الاحجام . كما انه لا يمكن حمل الجمع المعرف في الشبهات و المحرمات على العموم الحقيقي لأن ذلك يستوجب ( من ارتكب جميع الشبهات وقع في جميع المحرمات وهو غير صحيح لأن ارتكاب جميع الشبهات متعسر أو متعذر عادة فلا فائدة من التعرض لحكمه مع إن ارتكابها لا يوجب الوقوع في جميع المحرمات ) ([306]) كما في الشبهة الوجوبية على سبيل المثال ،كما ان الواقعة الخاصة متى صدق على إنها كانت محكومة بعموم الحديث الشريف في تحريم ارتكابها ولا مجال لإباحتها من حيث عموم أدلة البراءة للزوم التناقض بين العمومين . 

 وقد رد الاستدلال على الرواية المذكورة أيضا ( ان ارتكاب جنس الشبهة لا يوجب الوقوع في الحرام ولا الهلاك من حيث لا يعلم على مجاز المشارفة)([307])أي أن القائل بوجوب الاحتياط يحرم ارتكاب الشبهة لأنها توجب الإشراف على الوقوع في الحرام وهذا موقوف على إثبات كبرى وهي أن الإشراف على الوقوع في الحرام حرام وحيث أن هذه الكبرى ممنوعة لأنها من قبيل الشبهة الابتدائية بالنسبة للمكلف فلذلك لا يتم الاستدلال بالصغرى([308])لذلك فإن الأخذ بالشبهات بنفسه ليس من المحرمات بل يستلزم ذلك الوقوع فيها فيكون النهي عن الأخذ بالشبهات للإرشاد على عدم الوقوع في المحرمات لأن التجنب عن الشبهات يوجب حصول ملكة الرد عن المحرمات كما أن الاقتحام فيها يوجب الجرأة على فعل المحرمات وذلك هو الظاهر من قوله   صلى الله عليه واله وسلم  من ترك الشبهات نجى من المحرمات ومن أخذ بالشبهات وقع في المحرمات وهلك من حيث لا يعلم)([309]).

أقول وإن كان هذا الحديث يحمل على الإرشاد في الشبهة الحكمية فيما لم يرد به نص ولكنه يدل على وجوب التجنب عن الوقوع في الحرام الواقعي وأن مرتكب جميع أطراف الشبهة المحصورة دفعة أو تدريجا يقع في الحرام الواقعي المنهي عنه في الحديث المذكور .

ب ـ الأخبار الدالة على تحريم اقتحام الشبهة

منها عن أبي عبد الله جعفر الصادق  عليه السلام  قال([310])( قال رسول الله   صلى الله عليه واله وسلم   لا تجامعوا في النكاح على الشبهة وقفوا عند الشبهة إلى إن قال فإن الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة ).

ومنها حديث مرفوع إلى جعفر الصادق  عليه السلام  أنه قال([311])( أورع الناس من وقف عند الشبهة ).

ومنها أنه  عليه السلام  قال لأحد أصحابه في حديث طويل ([312])( فإن كنت على بينة من دينك ويقين من أمرك وتبيان من شأنك فشأنك وإلا فلا ترومن أمرا أنت منه في شك وشبهة ).

ومنها ما روي عن الإمام الصادق  عليه السلام  قال([313])( لو أن العباد إذا جهلوا وقفوا ولم يجحدوا لم يكفروا).

ومن الأخبار الدالة على التوقف والرد إلى أئمة الهدى  عليهم السلام   ما روي عن جعفر الصادق  عليه السلام  قوله([314])( أنه لا يسعكم فيما ينزل بكم إلا الكف عنه والتثبت والرد إلى أئمة الهدى حتى يحملوكم فيه على   القصد ويجلو عنكم فيه العمى ويعرفوكم فيه الحق) .

ومنها سئل الإمام الباقر  عليه السلام  ( ما حجة الله على العباد قال أن يقولوا ما يعلمون ويقفوا عند ما لا يعلمون)([315])ومنها في مقام ترجيح الأخبار ما روي عن الإمام الرضا  عليه السلام  قال([316])( ما لم تجدوه في شيء من هذه الوجوه فردوا إلينا علمه فنحن أولى بذلك ولا تقولوا فيه بآرائكم وعليكم بالكف والتثبت والوقوف وأنتم طالبون باحثون حتى يأتيكم البيان من عندنا).

استدل الاخباريون من الأمامية بالأحاديث السالفة الذكر على وجوب التوقف والاحتياط عند الشبهة التحريمية حيث قال الحر العاملي ([317])( ت 1104هـ) ( أنه لا يجب الاحتياط بمجرد احتمال الوجوب بخلاف الشك في التحريم فيجب الاحتياط)([318])والتوقف لحصول العلم بهما بالنص المتواتر)([319])ويشير الشيخ يوسف البحراني (ت 1186هـ) إلى هذا المعنى حيث يقول([320])أن ( الأخبار المتكاثرة بل المتواترة معنى أنه مع عدم العلم بالحكم الشرعي يجب السؤال منهم  عليهم السلام  أو من نوابهم وإلا فالتوقف والوقوف على جادة الاحتياط) وقد شدد على عدم ( إخراج ما لم يرد فيه نص من الشبهة على تقدير شمول تلك الأخبار فإن الدليل على دخوله في الشبهة ليس مختصا بعموم أخبار الشبهة بل خصوص هذه الأخبار ناصة عليه بخصوصه الآمرة بالتوقف فيه والرد إلى أصحاب العصمة  عليهم السلام   ([321]).

وقد قيل في هذه الأحاديث أن يكون غرضها ( هو الترك بطريق الأولوية لا من حيث أنه مطلوب الشارع طلبا لزوميا بل من حيث عدم ثبوت فيكون في سعة لا يضره الترك حتى يلقي من يخبره بحقيقة الأمر أو من سمع به أو بالجملة فتدل على أنه إذا كان شيء محتملا للوجوب أو الحرمة ينبغي أن يترك ولا يعمل به وقد قيل أن ترك الواجب أهون من فعل الحرام ولعل السر فيه أن أغلب الواجبات تحصيل كمال للنفس المستعدة فكثيرا ما تترك ويبقى الاستعداد بحاله لاسيما مع الجهل بها وأغلب المحرمات مبطل للاستعداد بالخاصية)([322]).

وقد ردَّ الأصوليون من الأمامية هذه الأخبار بأنها لا تفيد أزيد من استحباب التوقف عندها وإن كان بعضها بلفظ الأمر الدال على الوجوب إلا أن منها ما هو صريح بعدم الحرمة مثل قوله  عليه السلام  ( لا ورع كالوقوف عند الشبهة ) . كما أن الطائفتين من الأمامية متفقتان على التوقف في الحكم الواقعي للشبهة (وهو الحكم المتعلق بالعنوانات الخاصة التي يحصل بها التمييز بين الأشياء)([323]).

فالأصوليون يقولون بجواز الفعل والترك حيث الأول لعدم الدليل على تحريمه بأدلة أصل البراءة  والثاني ورعا وتقوى والاخباريون يقولون بالترك لأدلة التوقف.

ويمكن القول بالتسليم بأدلة التوقف ( لــكن نقول أن كل محتمل الحرمة الذي لا نص على حرمته معلوم الحكم لا بأدلة البراءة مثل كل مجهول الحكم حلال وأمثاله من الأدلة النقلية عن المعصوم  عليه السلام  وذلك لإمكان المعارضة بالمثل)([324])بل بما هو مصرح به في القرآن الكريم في أن كل ما لم يحرم فيه فحكمه الحلية وما لا نص فيه منه بدلالة الآية الكريمة (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا)([325]).

وقد اتفق جواب الأصوليين على الأخبار السالفة الذكر ( في كون الأمر فيها للإرشاد من قبيل أوامر الأطباء المقصود منها عدم الوقوع في المضار إذ قد تبين فيها حكم طلب التوقف ولا يترتب على مخالفته عقاب غير ما يترتب على ارتكاب الشبهة أحيانا من الهلاك المحتمل فيها )([326])ويعني ذلك ليس في مخالفة هذا الطلب الإرشادي عقاب وقد يوقع مخالفة هذا الطلب الإرشادي في مفسدة الحرام الواقعي على تقدير مصادقته ( فالحكمة في طلب التوقف عند الشبهات هو الإرشاد إلى الحذر من تلك المفسدة اللازمة لأنه قد يكون المشتبه هو الملزوم بتلك المفسدة ولو كان مأذونا فيه من الشارع بمعنى عدم النهي الذي يترتب عليه عقاب لا بمعنى رفع ذلك الأثر اللازم ولا بمعنى التزام التدارك)([327]) عن الوقوع في الهلكة . وعلى أساس ما تقدم فإن الأخبار السالفة الذكر لا تدل عل إيجاب الاحتياط ( فإن كان مقدمة للتحرز عن العقاب الواقعي المترتب على التكليف الواقعي بالمجهول فهو مستلزم لترتب العقاب على التكليف المجهول وهو قبيح وإن كان حكما ظاهريا نفسيا فالهلكة مترتبة على مخالفته لا مخالفة الواقع)([328]) .

وقد رد هذا القول في أنه يكون إيجاب الاحتياط ( طريقيا وهو عقلا مما يصح أن يحتج به على المؤاخذة في مخالفة الشبهة كما هو الحال في أوامر الطرق والإمارات والأصول العملية )([329])أي أنه لا ينحصر وجوب الاحتياط في أحد الأمرين الباطلين ليكون باطلا بل يمكن أن يكون بنحو أخر بأن يكون طريقيا كسائر الوجوبات التي تضمنتها أدلة الطرق والإمارات والأصول ناشئا عنه الاهتمام بمصلحة الواقع وحينئذ يكون بيانا على الواقع مصححا للعقاب على مخالفته واردا على قاعدة قبح العقاب بلا بيان ورود جميع الطرق والإمارات والأصول عليهما )([330])هذا مضافا لو سلم كون الوجوب نفسيا فهو أيضا ( مصحح ضرورة لأن وجوب الاحتياط في الشبهة يكون ظاهري لا واقعي ومن المعلوم أن الأحكام الظاهرية إذا أصابت نجزت نفس الواقع وترتب على موافقتها ومخالفتها نفس ثوابه وعقابه وأن ما يتحقق ثمرة الخلاف في كونه عذريا أو واقعيا ثانويا في صورة الخطأ)([331]).

وعليه فإن أخبار التوقف مخصوصة في موارد معينة ( كما لو كان التكليف متحققا فعلا في موارد الشبهة المحصورة ونحوها أو كان المكلف قادرا على الفحص وإزالة الشبهة بالرجوع إلى الإمام  عليه السلام  أو الطرق المنصوبة أو كانت الشبهة من العقائد أو الغوا مض التي لم يرد من الشارع التدين بها بغير علم وبصيرة بل نهى عن ذلك([332])بقوله   صلى الله عليه واله وسلم   ([333])( أن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحد لكم حدودا فلا تعتدوها ونهاكم عن أشياء فلا تنتهكوها وسكت عن أشياء غير نسيان فلا تكلفوها رحمة من ربكم فاقبلوها ) . ولا يعني ذلك وجوب الاحتياط والتوقف في مطلق الشبهات باحتمال اقتحامها على أساس أن وجوب الاحتياط مولوي بالدلالة الالتزامية، بل بين ذلك وما نحن فيه فرق وذلك لأن ( العقل لما أدرك عدم صحة العقاب على فعل المباح فلا محالة بكون الأخبار عن العقاب على فعل أخبار  عن حرمته بالالتزام وهذا بخلاف التعليل في المقام إذ ليس المخبرية فيه إلا كون التوقف خير من الاقتحام في الهلكة فيكون الإقدام اقتحاما في التهلكة أمر مفروض الوجود والأمر

 

بالتوقف متفرع عليه ومعه كيف يكون الأمر مولويا طريقيا ومصححا للعقاب على مخالفة الواقع )([334]) وعلى كل حال فإن أريد بالهلكة معنى العقاب الأخروي ويستلزم ذلك التوقف عن الاقتحام فيه فإن ذلك (يستلزم إمكان تحقق العقوبة على مخالفة التكليف المحتمل قبل صدور هذا الخطاب مع أن من البديهي أنه لا عقوبة في الشبهة البدوية حتى عند الأخباري قبل إيجاب الوقوف والاحتياط )([335])وإن أريد بالهلكة معنى العقاب الدنيوي أي عند الاقتحام تتحقق المفسدة الواقعية ( مع أنه خلاف الظاهر في نفسه يستلزم الالتزام بالتخصيص في موارد الشبهات الموضوعية )([336])مع أن لفظ الروايات وظاهرها آب عن مثل هذا التخصيص في حمل الهلكة على المفسدة الدنيوية الواقعية الأخروي والأمر فيه للإرشاد نظير أوامر الطبيب .

لذلك لا مجال إلا في حمل الهلكة في الرواية على معنى العقاب الآخروي.

 

ثانيا : الأخبار الدالة على وجوب ورجحان الاحتياط مطلقا

1ـ الأخبار الدالة على وجوب الاحتياط

1ـ ما روي عن النبي   صلى الله عليه واله وسلم   ( اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعه في غلام فقال سعد يا رسول الله هذا ابن أخي عتبة بن أبي وقاص عهد إليّ أنه ابنه وقال عبد بن زمعه هذا أخي يا رسول الله ولد على فراش أبي من وليدته فنظر رسول الله   صلى الله عليه واله وسلم   فرأى شبها بينا بعتبة فقال   صلى الله عليه واله وسلم   هو لك يا عبد بن زمعه الولد للفراش وللعاهر الحجر واحتجبي منه يا سودة فلم تره سوده قط)([337]).

وقد قيل في الاستدلال بهذا الحديث أن أمر النبي باحتجاب سوده هو ( احتياطا لأنه في ظاهر الشرع أخوها لأنه ألحق بأبيها لــكن لما رأى الشبه البين بعتبة بن أبي وقاص خشي أن يكون من مائه فيكون أجنبيا عنها فأمرها بالاجتناب منه احتياطا)([338])أي أن حكم النبي   صلى الله عليه واله وسلم   ( علي سبيل التغليب لا على سبيل القطع ثم أمر سوده بالاحتجاب منه للشبهة الداخلة عليه فاحتاط لنفسه وذلك من فعل الخائفين من الله عز وجل إذ لو كان الولد ابن زمعه في علم الله عز وجل لما أمر سوده بالاحتجاب منه كما لم يأمرها بالاحتجاب من سائر إخوانها عبد وغيره) ([339])وقد استدل العاملي الشهير بالشهيد الأول (ت 786هـ) على وجوب العمل بالاحتياط في الحديث المذكور([340])أقول أن هذا الحديث على قاعدة مهمة من القواعد الفقهية في باب القضاء أراد     صلى الله عليه واله وسلم   أن يبينها للمسلمين وهي الولد للفراش وللعاهر الحجر وليس من اختصاص القاضي العلم بحقيقة الحال عند فقدان البينة بل يحكم حكما ظاهريا استنادا إلى القاعدة المذكورة([341])ولعل الإشكال الذي حمل العلماء على إيجاب الاحتياط هو أمر النبي   صلى الله عليه واله وسلم   سوده بالاحتجاب حيث أن إلحاقه بزمعة يقتضي أن لا تحتجب منه سوده ولكن قيل في هذا الأمر ([342])( أن ما حجب سوده منه لأن للزوج أن يمنع زوجته من أخيها وغيره من أقاربها) وقيل ([343])( بل حجب ذلك لغلظ أمر الحجاب في حق أزواج النبي   صلى الله عليه واله وسلم ولو اتفق مثل ذلك لغيره لم يجب الاحتجاب كما وقع في حق الأعرابي الذي قال له ( لعله نزعه العرق([344])كما أن مع دلالة اللام في الحديث للاختصاص قد تحمل في هذا الحديث خاصة للتمليك أي جعله مملوكا له ولو كان أخو سوده لما أمرها بالاحتجاب وقد قيل أنه ذكر في نهاية الرواية إضافة ( فإنه ليس بأخ لك)([345])وهذه دلالة أخرى على أن اللام الأولى في لك يا عبد للتمليك مع أن دلالتها للاختصاص أقوى عند عدم الإضافة المذكورة وإن سلمنا أن في هذا الحديث دلالة على وجوب الاحتياط مطلقا فإن تحقق موضوع الاحتياط عند فقد الحكم الواقعي من كتاب أو سنة فكيف يعقل أن يأمر النبي   صلى الله عليه واله وسلم بالحكم الظاهري وهو مصدر من مصادر العلم بالحكم الواقعي .

2- ما روي عن الأمامية في صحيحة عبد الرحمــن بن الحجاج قال([346])( سألت أبا الحسن  عليه السلام  عن رجلين أصابا صيدا وهما محرمان الجزاء بينهما أو على كل منهما جزاء . فقال  عليه السلام  بل عليهما أن يجزي كل واحد منهما الصيد . فقلت أن بعض أصحابنا سألني عن ذلك فلم أدر ما عليه قال  عليه السلام  إذا أصبتم بمثل هذا ولم تدروا فعليكم الاحتياط حتى تسألوا أو تعلموا).

وقيل بدلالة هذه الرواية على وجوب الاحتياط ( في بعض جزئيات الحكم الشرعي مع الجهل به وعدم إمكان السؤال وذلك لأن ظاهر الرواية ان، السائل عالم بأمل وجوب الجزاء وأن ما شك في موضوعه بكونه عليهما معا جزاء واحد أو على كل منهما جزاء بانفراده)([347])وقد أجيب على هذه الدلالة بأن المورد ‘إما من قبيل الشك في التكليف أي أن  الشخصين متيقنان من وجوب نصف الجزاء عليهما ويشكان في وجوب النصف الأخر على أي منهما فيكون من قبيل التردد بين الأقل والأكثر عندئذ الاحتياط غير لازم هنا باتفاق الأصوليين الإخباريين لأنه شك في الوجوب أو يكون المورد من قبيل الشك في المكلف به ( لكون الأقل على تقدير وجوب الأكثر غير واجب في الاستقلال ) ([348])أي ( مما ذكر كون مورد الرواية بين الأقل والأكثر الارتباطيان والاستقلاليان فظهر أن ما نحن فيه ليس مماثلا لموردها فلا وجه لسراية الاحتياط إليه سواء كان المراد منه هو الإفتاء بالاحتياط فيه أو الاحتياط بالاحتراز عنه)([349])( لأن في صورة اشتراك الشخصين في الصيد إما أن نقول بوجوب إعطاء نفس البدنة وإما أن نقول بوجوب إعطاء قيمتها فإن قلنا بوجوب إعطاء القيمة فالشاك في مورد السؤال يرجع إلى الأقل والأكثر غير الارتباطيين لأن اشتغال ذمة كل نمهما بنصف قيمة البدنة متيقن ويشك اشتغال الذمة بالزائد نظير تردد الدين بين الأقل والأكثر وإن قلنا بوجوب إعطاء نفس البدنة فالشاك في مورد السؤال يرجع إلى الأقل والأكثر الارتباطيين لأنه يدور الأمر بين وجوب إعطاء تمام البدنة على كل منهما أو نصفها )([350])وفي كلتا الحالتين تكون الشبهة وجوبيه لا يجب بها الاحتياط إتفاقا مع أنه يمكن أن يلتزم بوجوب الاحتياط في خصوص الرواية وليس على صفة العموم .

3ـ ما روى عدي بن حاتم([351])( قلت يا رسول الله أرسل كلبي وأسمي فأجد معه على الصيد كلبا ولم اسم عليه ولا أدري أيهما أخذ قال لا تأكل أنما سميت على كلبك ولم تسم على الأخر ) .

حيث قل ( كان في فتياه   صلى الله عليه واله وسلم دلالة على الاحتياط في الحوادث والنوازل المحتملة
للتحليل والتحريم لاشتباه أسبابها )([352]).

أقول لا وجه للدلالة على الاحتياط في هذه الرواية لأن الرسول   صلى الله عليه واله وسلم أعطى حكما في المسألة وهو مصدر تشريع لذلك يكون حكمه حكما واقعيا في خصوص تلك المسألة ومن المعروف أن موارد الاشتباه التي بخصوصها الاحتياط حكمها ظاهري فالرسول أعطى حكما خاصا لهذه الواقعة الخاصة.

4ـ موثقة عبد الله بن وضاح قال( [353]) (كتبت إلى العبد الصالح يتواري القرص ويقبل الليل ارتفاعا وتستتر عنا الشمس وترتفع فوق الجبل حمرة ويأذن عندنا المؤذن افأصلي حينئذ أو أفطر إن كنت صائما  أو أنتظر حتى  تذهب الحمرة التي فوق الجبل فكتب إليّ أرى لم أن تنظر حتى تذهب الحمرة وتأخذ بالحائط لدينك) وقد قيل (الاحتياط هنا بالتوقف على ذهاب الحمرة عند من قام له الدليل على أن الغروب عبارة عن استتار القرص المعلوم بعدم رؤيته عند المشاهدة مع عدم الحائل محمول على الاستحباب وأما عند من يجعل إمارة الغروب زوال الحمرة كما هو المختار عندنا لحمل تلك الأخبار على التقية , فهو محمول على الوجوب )([354]).

وقد رد هذا الاستدلال بأن الحمرة الواردة في الرواية أما الحمرة المغربية وهي (الباقية على رؤوس الجبال المحتملة كونها من ضوء الشمس بعد استتارها عن الأبصار وبقاءها فوق الأفق أو الحمرة المشرقية . فعلى الأول يكون السائل شاكا في الغروب ويكون حينئذ من بعض أفراد هذا المورد . فلا يصلح دليلا للكلية ) ([355]) والتأخير هنا من قبيل الاحتياط المستحب قطعا لأن وجوب الانتظار هنا لأجل الاستصحاب وقاعدة الاشتغال بالصلاة والصيام وبذلك يكون المورد أجنبي عن المقام وأما إن أريد به زوال الحمرة المشرقية فإن غاية النهار زوالها ولا  ريب أن مع بقاءها لا يجوز الصلاة ولا الإفطار فالمورد هنا غريب عن معنى الاحتياط . ثم أن تقرير الجاهل على جهله وأمره بالأخذ بالاحتياط بعيد عن شأن ومنصب المعصوم حيث أن اللازم عليه  عليه السلام  الجواب بالحكم الواقعي([356]) ثم أن تقييد الجواب بالتقية بعيد عن النظر لأن السائل ظاهر من الرواية بعيد عن المعصوم  عليه السلام  وقد سأله أمر من أمور دينه المبتلى يوميا بها ولا قرينة من خلال الرواية على أن المراد للجواب هو التقية فلازم ذلك أنه سيعتبر هذا الجواب منه  عليه السلام  هو الحكم الواقعي ويعمل به ويفتي به مع أن المقصود به التقية أي أن جوابه عليه السلام  سيورث السائل جهلا إضافة إلى جهله وحاشى أن يفعل ذلك  عليه السلام  في أصحابه .

5ـ ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن موسى بن جعفر  عليه السلام  ([357]) (قال سألته عن الرجل يتزوج المرأة في عدتها بجهالة أهي ممن لا تحل له أبدا . فقال : لا , أما إذا كان بجهالة فليتزوجها بعدما تنقضي عدتها وقد يعذر الناس في الجهالة بما هو أعظم من ذلك . فقلت : بأي الجهالتين أعذر , بجهالته أن يعلم أن ذلك محرم عليه أم بجهالته أنها في عدة , فقال : إحدى الجهالتين أهون من الأخرى الجهالة بأن الله حرم عليه ذلك وذلك بأنه لا يقدر على الاحتياط معها فقلت : أهو في الأخرى معذور فقال نعم إذا انقضت عدتها فهو معذور أن يتزوجها . فقلت : فإن كان أحدهما متعمدا والأخر بجهل , فقال : الذي تعمد لا يحل له أن يرجع إلى صاحبه أبدا).

 

ووجه الدلالة فيه ( أن هذه الرواية اشتملت على فردي الجاهل بالحكم الشرعي والجاهل ببعض جزئيا ته ودلت على معذورية كل منها إلا أن الأول أعذر لعدم قدرته على ذلك , وبيان ذلك : أن الجاهل بالحكم الشرعي وهو تحريم التزويج في العدة جهلا ساذجا غير مقصود له بالمرة لا يتصور الاحتياط في حقه بالكلية لعدم تصوره الحكم بالمرة وأما الجاهل بكونها في عدة مع علمه بتحريم التزويج في العدة فهو الجاهل بموضوع الحكم المذكور مع معلومية أصل الحكم له ويمكنه الاحتياط بالفحص والسؤال عن كونها ذات عدة أم إلا أنه غير مكلف به بل ظاهر الأخبار مرجو حية السؤال والفحص([358]) .

ومن الواضح أن ظاهر هذه الرواية هو الحث على الاستعلام والسؤال عن حكم الواقعة والحث على التعلم كما أنه لا دلالة لحملها على وجوب الاحتياط أصلا بل صريح في عدمه حيث أن الإمام  عليه السلام  صرح بمعذورية الجاهل بالحكم الواقعي لذلك تعذر الاحتياط([359].

6ـ ما روي عن أنس قال ([360]) قال( مرَّ النبي   صلى الله عليه واله وسلم بتمرة مسقوطة فقال  لولا  أن تكون صدقة لأكلتها) , وما روي عن أبي هريرة عن النبي   صلى الله عليه واله وسلم  قال ([361])  ( أجد تمرة على فراشي لولا أن تكون صدقة لآكلتها) قيل في الاستدلال أنه (يشك في شيء فلا يدري أحلال أم حرام ولا يحتمل الأمرين جميعا ولا دلالة على أحدهما فالأحسن التنزه بالاحتياط)([362]) .

وأقول أن في هذا الحديث دلالة على شدة تحريم الصدقة على النبي   صلى الله عليه واله وسلم وأهل بيته  عليهم السلام   حتى ضرب   صلى الله عليه واله وسلم مثلاً كهذا حيث أنه حرم قليل الصدقة عليه فيكون تحريم كثيرها من باب أولى أي أنه   صلى الله عليه واله وسلم تركها لحالة خاصة بنفسه   صلى الله عليه واله وسلم   وأهل بيته  عليهم السلام  لأن الأصل كل شيء في بيت الإنسان على الإباحة حتى يقوم دليل التحريم فما تركها إلا لأجل تلك الحالة الخاصة .

ب ـ الأخبار التي تدل على رجحان الاحتياط

منها : ما روي ([363]) عن النبي   صلى الله عليه واله وسلم   ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) .

وقد استدل به العاملي الشهير الشهيد الأول على وجوب الاحتياط([364]) .

وقد حمل ابن رجب الحنبلي ( ت 795هـ) هذا الحديث على معنى التوقف عند الشبهات لأنه يحصل بها للقلوب القلق والاضطراب الموجب للشك)([365])وما معنى الريبة عنده إلا هذا لأن الحلال المحض لا يحصل به الريب في قلب المؤمن . وقد ذكر العسقلاني ( ت 852هـ) أن  دلالة الحديث ( إذا شككت في شيء فدعه وترك ما يشك فيه أصل عظيم في الورع ([366]) وقد استشهد بحديث النبي  صلى الله عليه واله وسلم   أنه قال (إذا شككت في شيء فاتركه ) ([367])وقد ذكر السيوطي ( ت 911هـ) أن معناه أن يدع العبد ( ما يشك فيه إلى ما لا يشك فيه )([368]).

أي ( أن ما اشتبه حاله على الإنسان فتردد بين كونه حلالا أو حراما فاللائق بحاله تركه والذهاب إلى ما يعلم حاله ويعرف أنه حلال([369]) . وقد حمل البعض معنى الحديث المذكور على نفس معنى الحديث المروي عن النبي   صلى الله عليه واله وسلم  ([370])( لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لابأس به حذراً مما به بأس ) وهذا دلالة على تمام التقوى وأعلى درجاتها ([371])وإرشاد من الشارع إلى اجتناب ما لا يتيقن المرء حله ([372]).

وقد ردَّ الاستدلال بهذا الحديث بأنه ( خبر واحد لا نعلم مثله في مسائل الأصول . سلمناه لكن إلزام المكلف في ثقل مظنة الريبة يوجب إلزام المشقة ولم يدل الشرع عليها فيجب إطراحها بموجب الخبر ([373]) وقد ردَّ هذا القول لأن ( أما الإلزام من هذا الأمر فلا ريب فيه ) ([374])أي أن الإلزام بالاحتياط ثبت بهذا الأمر وهو قوله  صلى الله عليه واله وسلم   (دع ما يريبك) فلا يكون فيه ريب وأيضا أن الريب جاء باعتبار احتمال الحظر ومع الأمر لا حظر بلا ريب .

ومن الأحاديث الأخرى الآمرة برجحان الاحتياط ([375])ما روي من طرق الأمامية منها:ـ

ما روي عن وصية الإمام علي  عليه السلام  لصاحبه كميل بن زياد ( يا كميل أخوك دينك فأحتط لدينك بما شئت) ([376]).

وعن الإمام الصادق  عليه السلام  ( خذ بالاحتياط لدينك في جميع أمورك ما تجد إليه سبيلا وأهرب من الفتيا هربا من الأسد ولا تجعل رقبتك عتبة للناس )([377]).

 وما أرسله الشهيد الأول عن الصادق  عليه السلام  ( لك أن تنتظر الحزم وتأخذ بالحائط لدينك)([378])وما أرسل عن الأئمة  عليهم السلام   ( ليس بناكب عن الصراط من سلك طريق الاحتياط)([379]).

وقد رد الاستدلال بهذه الروايات على مطلق الوجوب أو الاستحباب لأنه يلزم ( إخراج أكثر موارد الشبهة وهي الشبهة الموضوعية  مطلقا الوجوبية , والعمل على الاستحباب أيضا مستلزم لإخراج موارد وجوب الاحتياط فتحمل على الإرشاد وعلى الطلب المشترك بين الوجوب والندب وحينئذ فلا ينافي وجوبه بعض الموارد وعدم لزومه في البعض الأخر لأن الطلب الإرشادي وعدمه بحسب المصلحة الموجودة في الفعل) ([380]).

وقد قيل تأكيدا لورود الروايات في مقام الإرشاد في أن الأمر فيها تابع للمرشد إليه ولا يمكن أن يكون الأمر بالاحتياط فيها أمرا مولويا وإلا يلزم تخصيص الأكثر لعدم وجوب الاحتياط في الشبهات الموضوعية مطلقا وفي الشبهات الوجوبية بالاتفاق)([381]) فيما يرى البعض الأخر أن الأمر في تلك ( الروايات ظاهر في الاستحباب لكونها مسوقة لبيان أعلى مراتب الاحتياط وأن كلما تحتاط لدينك كان في محله لكونه بمنزلة أخيك وأما الهرب عن الفتيا بالواقع عند عدم العلم فمما يعترف به الأصوليون أيضا)([382]).

وأرجح أن هذه الأخبار تحمل على الإرشاد لأنه لا يمكن أن يكون الأمر فيها مولو يا لثبوت عدم وجوب الاحتياط في الشبهات الموضوعية مطلقا فضلا عن عدم وجوبه في الشبهات الوجوبية بالاتفاق , وكذلك لاستقلال العقل بحسن الاحتياط مطلقا([383]).

 

المبحث الثالث:ـ حجية الاحتياط من الأدلة العقلية

أولا :ـ الحكم بالحظر في الأفعال الضرورية قبل الشرع

 

قسّم علماء المسلمين الأفعال الضرورية إلى اضطرارية كالتنفس وعمل الأجهزة العضوية والأكل والشرب ما يسد الرمق , أو كل ما لا يمكن التعيش بدونه , أو اختيارية كشم الورد والرائحة والاقتباس من نار الغير والنظر في مرآته أو كل فعل ينشأ من إرادة الكلف([384]).

واتفق العلماء على أن الأولى من قبيل المباحات بينما كان محل نزاعهم في الثانية حيث اختلفوا في استقلال العقل بإدراك حكم الله - عند عدم ورود شرع - باعتبار ما في  الأفعال من جهات حسن أو قبح أو انتفائها , فإن قضى العقل بحسن أو قبح ترتب على العقل أحد الأحكام الخمسة وإن لم يقض بأي منهما ذهبوا فيه إلى ثلاثة مذاهب هي الإباحة أو الحظر أو الوقف([385])وما يخص بحثنا هو الاستدلال بحكم الحظر قبل الشرع على الاحتياط بعده([386]).

وقد نسب إلى طائفة من الأمامية أن الأصل في تلك الأفعال الحظر([387]) فيعمل به (حتى يثبت من الشرع الإباحة ولم ترد الإباحة في ما لا نص فيه وما ورد على تقدير تسليم دلالته معارض بما ورد من الأمر بالتوقف والاحتياط فالمرجع إلى الأصل كما عليه الشيخان )([388])حيث قال الشيخ المفيد (ت 413هـ) ([389])( الأشياء في أحكام العقول على ضربين أحدهما معلوم حظره بالعقل وهو ما قبحه العقل وما زجر عنه والأخر موقوف في العقل). واستدل على القول بحظر الأفعال قبل الشرع قلة من علماء المالكية([390]). والشافعية([391]) والأحناف ([392])والحنابلة ([393])حيث صرح به بعضهم ([394])ونسب القول به أيضا إلى المعتزلة البغداديين ([395])والإخباريين من الأمامية([396])حيث عمم العمل به قبل وبعد الشرع بعضهم ([397])واستدلوا عليه بالأدلة التالية:ـ

الدليل الأول :ـ

 أن متعلقات الأفعال من الأعيان هي ملك لله تعالى لأنه هو أوجدها والتصرف في ملك الغير يحتاج إلى الأذن لأن المالك أحق بالتصرف في ملكه من غيره وأن غيره لا يجوز التصرف فيه إلا بأذنه وحيث الأذن يأتي من الشرع والفرض قبل الشرع لذا فالتصرف بها يعتبر قبيحا محظورا([398]).

الدليل الثاني:ـ

إن في الانتفاع بها خطرا لاحتمال الحظر أما ترك المباح فليس بحظر فالأولى الامتناع عنها ووجه الحظر هنا أنها قد تحتمل مفسدة تؤدي إلى مضرة وهلاك ودفع الضرر المحتمل واجب يحكم به العقل ([399]).

الدليل الثالث:ـ

 ( إن العقل لا ينفك عن الشرع لأنه لو أنفك عنه لم يحسن الإقدام على المناهج ولا الإحجام عنها لجواز كون كل واحدة منهما مفسدة . ولم يقبح الإقدام والإحجام معا لاستحالة الانفكاك عنهما وهذا يفضي إلى المحال فثبت أنه لا ينفك العقل عن الشرع وإذا لم ينفك فالشرع قد يمنع من التصرف في ملك الغير بغير أذنه فدل على أن العقل قد يمنع أيضا)([400]) .

أقول لعل من أقوى الأدلة عند القائلين بالحظر هو أن التصرف في ملك الغير بغير إذنه قبيح ولعل أول من ناقش دليلهم هذا في حدود معرفتي - أبو إسحاق الاسفرايني (ت 481هـ) . حيث قال ([401]) ( من ملك بحرا لا بنزف واتصف بالوجود ومملوكه عطشان لاهث والجرعة ترويه والنفيه من الماء تكفيه ومالكه ناظر إلى عطشه فلا يدرك بالعقل تحريم القدر النذر من البحر الذي لا ينقصه ما يؤخذ منه نقصا محسوسا).أقول أن هذا الرد ينطبق لو كان الكلام في الأحكام الاضطرارية قبل الشرع ولكن الغرض هو الأحكام الاختيارية .

وقد ردَّ أيضا بأن التصرف في ملك الغير بغير أذنه يحتمل قياسين . إما تصرف بعضنا في ملك البعض الأخر بغير الأذن , فإن الامتناع عن ذلك يسبب جريان الحظر في جميع الأشياء ولازم ذلك تكليف ما لا يستطاع ([402])ويسبب إضرار بالنفس لأن منع النفس عن الفعل تصرف في ملك الغير أيضا ويحتمل الضرر , وإن قالوا أن الحظر في بعض الأشياء وليس كلها فذلك ترجيح بلا مرجح.

وإن قاسوا على المنع من التصرف في ملك الغير باعتبار أن المالك هو الله تعالى فذلك باطل لأنه قياس مع الفارق حيث لازم الملك الانتفاع وأن الله خلق هذه الأشياء لانتفاع العباد بها وليس لانتفاعه بها عز وجل . وأن النتيجة المستحصلة هو أن القبح في التصرف في ملك الغير يكون قبيحا إذا كان ذلك التصرف يضر المالك ولا يتعلق القبح في التصرف بسبب المالكية فقط([403])لذلك يحسن منا الاستظلال بحائط غيرنا والنظر في مرآته والتقاط ما تناثر من حب غلته بغير أذنه ما لم يضره ذلك .

أما دليلهم الثاني : هو ارتكاب الفعل يحتمل مفسدة وكل محتمل مفسدة محتمل للضرر لذلك وجب التحرز عنه عقلا ([404]). فقد رد هذا الدليل الذي يعتبر عمدة أدلتهم لأنه من جملة أدلة الاحتياط العقلي([405])بأن هذا الفعل أجمعت العقول على عدم إدراك جهة لقبحه لأن الفرض بأن له نفع منجز مقطوع به فكيف تصل درجة قبحه على فرض وجودها إلى حد الحرمة وكذلك فإنه يمكن قلب الدليل عليه لأنه لا نأمن أن نعاقب على ترك ذلك الفعل فيمنع القول بقبح ارتكاب محتمل الضرر.

وبهذا المعنى أشار إسحاق الشيرازي ([406])بقوله ([407])( إنا لا نأمن من أن يكون الانتفاع بها واجبا فيعاقب الله سبحانه على ترك ذلك لأن العقاب يتعلق تارة بالترك وتارة بالفعل ).

وإن أريد تعميم النزاع إلى ما بعد الشرع فإنه لا يستلزم القول بالحظر القول بالاحتياط (لاحتمال أن يقال معه بالبراءة لقاعدة قبح العقاب بلا بيان .

وما قيل أن الإقدام على ما لا يؤمن المفسدة فيه كالإقدام على ما تعلن فيه المفسدة ممنوع ولو قيل بوجوب دفع الضرر المحتمل , فإن المفسدة المحتملة في المشتبه ليس بضرر غالبا ضرورة أن المصالح والمفاسد التي هي مناطات الأحكام ليست براجعه إلى المنافع والمضار بل ربما يكون لمصلحة فيما فيه الضرر والمفسدة فيما فيه منفعة .

واحتمال أن يكون في المشتبه ضرر ضعيف غالبا لا يعتنى به قطعا مع أن الضرر ليس دائما مما يجب التحرز عنه عقلا بل يجب ارتكابه احيانا في ما  كان مترتب عليه أهم في نظره مما في الاحتراز عن ضرره مع القطع به فضلا عن احتماله)([408])

مع العلم ان عمم  النزاع بعد الشرع فإن الشبهة في المقام تكون موضوعية ولا وجوب الاحتياط عندئذ اتفاقاً.

 

ثانيا :ـ قاعدة دفع الضرر المحتمل

استدل القائلون بالاحتياط والتوقف في الفعل بأن العقل يستقل بوجوب التحرز عن الضرر وبذلك ( لم يحسن منا أن نقدم على تناول ما لا نأمن منه([409]) وذلك لأنه (قد ثبت في العقول أن الإقدام على ما لا يؤمن المكلف كونه قبيحا مثل إقدامه على ما يعلم قبحه )([410]) ولا شك أن المفسدة والمضرة قبيحة لذلك يوجب العقل دفع تلك المضرة حتى لو كانت محتملة وبما أن ( ارتكاب المشكوك فيه محتمل الضرر فالتحرز عنه لازم بحكم العقل فيكون ارتكابه حراما ) ([411]).

والظاهر أن هذه القاعدة كبرى قياس على سبيل المثال لشرب التتن فيقال شرب التتن محتمل الضرر كونه محرما وكل ما هو محتمل الضرر يجب تركه بحكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل ([412])  فشرب التتن يجب تركه ، وقد ردَّ الاستدلال بهذه القاعدة بقاعدة أخرى هي قبح العقاب بلا بيان التي ( يشهد لها حكم العقلاء كافة بقبح مؤاخذة المولى عبده على فعل ما يعترف بعدم إعلامه أصلا بتحريمه)([413])وهذه القاعدة تكون كبرى قياس أيضا للمثال المذكور بأن يقال شرب التتن مثلاً غير مبين الحرمة وكل غير مبين الحرمة مأمون الضرر لقبح العقاب بلا بيان فشرب التتن مأمون الضرر.

وقد يتبين من نتيجتي القياسين أنهما متعارضتان وذلك لأنه من القياس الثاني (شرب التتن غير مبين الحرمة الواقعية بالفرض وكلما هو غير مبين الحرمة الواقعية مأمون الضرر من حيث الحرمة الواقعية بحكم العقل بقبح العقاب من غير بيان , فشرب التتن مأمون الضرر من حيث الحرمة الواقعية )([414]).

ثم أن الظاهر من المراد بالبيان ليس خصوص العلم وإلا لقبح العقاب على مخالفة التكاليف القائمة عليها الطرق الظنية المعتبرة ضرورة لأن قيام الإمارة الظنية على تكليف لا يوجب العلم به فهل يعقل كونها بيانا علميا له مع أنه لا شبهة في جواز وحسن العقاب عليها بحكم العقل وشهادة العقلاء كافة . لذلك فإن المراد بالبيان الحجة القاطعة للضرر بين المولى والعبد وهو ما لو عمل به العبد واتفق مخالفته للواقع بأن كان مؤديا إلى مبغوض المولى لقبح على المولى عقاب العبد ولو كان البيان مؤديا إلى مطلوب المولى ولم يعمل به العبد , حسن للمولى عقابه عليه فيعم بذلك البيان بالطرق الظنية المعتبرة والتي هي صفة الطريقية ثابتة لها في نفسها كالعلم غير أن الخاصية المترتبة على العلم وهي السببية لقطع العذر ليست لازمة لها كما في العلم نفسه, بل إنما هي بجعل الشارع فجعله مكملا لطريقتها لا محدث لصفة الطريقية فيها([415]).

ومن هذا يظهر أنه لا يعقل أن يأمر الشارع بالاحتياط في مورد الشك في التكليف الواقعي لأجل قاعدة دفع ضرر  ذلك التكليف الأخروي سواء كان الأمر إرشاديا أو شرعيا إذ بعد قبح العقاب على ذلك التكليف المشكوك لا ضرر حتى يجعل التحرز منه منشأ للأمر به ( كما أنه يقبح على الشارع إلزام المكلف بخطاب أخر سوى الخطاب الواقعي المشكوك فيه كان يلزمه على امتثال المشكوك فيه )([416])بأن يقول له مثلا يجب عليك امتثال المشكوك من التكاليف الواقعية ،حيث لا يعقل منه سبحانه وتعالى كونه بيانا لذلك التكليف الواقعي المشكوك فيه وطريقا له حيث يكون ذلك إلزاما بامتثال التكاليف بلا بيان له أصلا وهو قبيح ويمكن القول بأن هذا جائز في الصورة المفروضة بالاحتياط مع جعل موضوعه هو احتمال خطاب الواقع للضرر الأخروي أي بأن يأمر المولى عند الاحتمال في مورد احتمل كونه منهيا عنه في الواقع يجب عليك التحرز عنه لأن المفروض هو احتمال الخطاب وليس احتمال الضرر الأخروي الذي يقطع بعدمه فيقبح جعل موضوع ذلك الأمر هو محتمل الخطاب وقد قيل ([417])( أن العقل وإن استقل بقبح العقاب مع عدم البيان الواقعي إلا أن استقلاله بذلك لمكان أن مبادئ الإرادة الأمرية بعد لم تتم فلا إرادة في الواقع ومع عدم الإرادة لا مقتضى لاستحقاق العقاب لأن لم يحصل تفويت لموارد المولى واقعا). أي ( إنما يكون محركا للعبد أو زاجرا له إنما هو الوجود العلمي لا الوجود الواقعي فقد يموت الإنسان عطشا والماء في رحله لجهله بذلك فكما أن شوق المولى إلى فعل العبد لا يحركه نحوه ما لم يصل إليه كذلك حكمه وإن بلغ من اللزوم والتأكد ما بلغ فالحكم ما لم يصل إلى المكلف لا يمكن التحرك منه ومعه كان العقاب على مخالفته عقابا بلا مقتضى كما إذا لم يكن حكم ما للمولى أصلا)([418]).

ثم أن المراد بالوجوب والقاعدة المذكورة وجوبا طريقيا ([419])وبما أن وجوب دفع الضرر المحتمل ( احتمال العقاب مأخوذ في موضوعها فلو فرضناه ترتبه عليه على ما هو مقتضى كون الوجوب طريقيا لزم الدور , فتعين أن يكون وجوب دفع الضرر المحتمل إرشاديا لا يترتب عليه غير ما كان مترتبا على نفس احتمال العقاب من التحرز والاجتناب فإن الإنسان في جبلته وفطرته متحرزا دائما عما يراه ضررا عليه ولو احتمالا)([420])أي يترتب احتمال العقاب على الوجوب الطريقي والوجوب الطريقي يترتب عليه احتمال العقاب فالدور هنا واضح . هذا إن أريد  بالضرر العقاب الأخروي .

أما لو أريد به الضرر الدنيوي ( أي لا يتوقف ترتبه على العلم فهو وإن كان محتملا لا يرتفع احتماله بقبح العقاب من غير بيان , إلا أن الشبهة في هذه الجهة موضوعية لا يجب الاحتياط فيها )([421]) بالاتفاق .

وأما لو أريد بالضرر المفسدة والمصلحة ( التي تكون مناطات الأحكام فعليه احتمال التكليف مستتبعا لاحتمال المفسدة في مخالفته بناء على ما هو التحقيق في تبعية الأحكام لملاكات في متعلقاتها ولا يرتفع الاحتمال بقاعدة قبح العقاب بلا بيان ) ([422])أي أن رفع الشك في الحكم من هذه الحيثية منحصر ببيان الشرع ولو بتوسط جعل الحكم بأن الشارع الحكيم خبير بالمفاسد والمصالح التي تكون مناطات للأحكام .

والجواب على ذلك ( منع كون مجرد فوات المصلحة أو الوقوع في المفسدة ضررا يحكم العقل بوجوب دفعه , فإن الضرر عند العقلاء عبارة عن النقصان الوارد على النفس والبدن والمال ومطلق المفسدة لا يكون نقصا في العمر أو البدن أو المال وعلى فرض تسليم حكم العقل بوجوب التحرز عن مثله يمنع كونه حكما مولويا يستتبع القبح واللوم بل هو إرشاد محض للتخلص من الوقوع في المفسدة المحتملة نظير أوامر الطبيب ونواهيه)([423]).

وأرجح أن ذلك لا يخرج الموضوع عن كونه شبهة موضوعية مع عدم كونه من وظيفة الشارع فإذا كان المفروض حكمه بتوسط العقل بوجوب التجنب عن كل محتمل مفسدة فليس من وظيفته لما هو شارع في تعيين مصاديق هذه الكلية

كما أنه يمنع القول بوجوب دفع المفسدة أو المضرة المحتملة عقلا وشرعا ( لأن بناء العقلاء على ارتكاب محتملها لمجرد الدواعي على ذلك كما أن الدعوى أنه واجب شرعا بدليل النهي عن الإلقاء في الهلكة مدفوعة لأن المراد من التهلكة الهلاك أو مظنته وأين هو من مطلق المضرة أو المفسدة)([424]).

 

ثالثا:العلم الإجمالي بالمحرمات

وقد استدل الأخباريون من الأمامية على الاحتياط بأن العقل يوجب الاحتياط للعلم الإجمالي بوجود محرمات كثيرة منجزة عليه بتكاليف إلزامية من ذمته([425])وعليه أن هذه التكاليف منها محرمات كثيرة والواجب شرعا وعقلا ( الخروج عن عهدة تركها على وجه اليقين في الاجتناب واليقين لعدم العقاب لأن اشتغال اليقين يستدعي البراءة اليقينية باتفاق الأصوليين والأخباريين )([426]) من الأمامية.

لذلك فإن هذا الدليل مركب من المقدمات :

المقدمة الأولى :العلم إجمالا ضرورة بوجود محرمات في الواقع .

المقدمة الثانية : وجوب الاجتناب والتحرز عن الوقوع فيها وذلك بالانتهاء عنها بدلالة الآية الكريمة (وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)([427]) و التي تدل على إمضاء حكم العقل بوجوب طاعة المولى .

المقدمة الثالثة : وجوب كون التحرز عن الوقوع فيها على وجه اليقين دون الظن والاحتمال وذلك لاتفاق المجتهدين والإخباريين من الأمامية على ذلك ([428])

ومما هو واضح من هذا الدليل أن المقدمة الثانية والثالثة مستندة على صحة المقدمة الأولى لذلك تناولها العلماء بالنقد تارة والتحليل أخرى ([429]).

 وقد رد هذا الدليل على أن العلم الإجمالي بوجود محرمات كثيرة إنما هو قبل مراجعة الأدلة أو قبل الفحص عنها  .

أما بعد مراجعة المصادر الفقهية والأصولية فينقلب هذا العلم الإجمالي إلى علم تفصيلي وشك ابتدائي لحصول العلم التفصيلي بحرمة عدة أمور يساوي المعلوم الإجمالي فيكون الشك في غيرها ابتدائيا ومرجعا للبراءة الأصلية اتفاقا .

فإن علم إجمالا بوجود محرم أو نجس بين أمور مثلا ثم علم بنجاسة أحدها أو حرمته تفصيليا فهناك صورتان .

الصورة الأولى : إن العلم آنذاك المعلوم بالتفصيل الآن , هو المعلوم بالإجمال من قبل .

الصورة الثانية : أن لا يعلم سبق حرمة أو نجاسة , وإنما المعلوم تفصيلا الآن هو حرمته أو نجاسته, مع احتمال عروض الحرمة أو النجاسة عليه بعد زمان العلم الإجمالي .

أما الصورة الأولى فمن الواضح جواز الرجوع إلى اصل البراءة بالنسبة إلى حرمة ذلك المعلوم بالتفصيل .

أما الصورة الثانية فإن المقتضى للاحتياط فيها هو ثبوت التكليف بأمر مردد وهو منتف بعد العلم التفصيلي , حيث أنه بالنسبة للزمان الثاني واضح ضرورة أنه لا يعلم بالتكليف الآن بأزيد من ذلك المعلوم بالتفصيل , ولا يعلم الآن بتكليف المردد بينه وبين غيره .    

أما بالنسبة للزمان الأول الذي هو زمان العلم الإجمالي فإننا لا نعلم الآن بالتكليف فيه بأزيد من الشك فيه بالنسبة إلى الزمان بعد العلم التفصيلي بحرمة خاصة أو نجاسة بدوية .

أما إذا الشك فيه إلى ذلك الزمان قبل العلم التفصيلي بحرمة أو نجاسة ففيه إشكال نظرا إلى أنه لا يعلم الآن بالتكليف الواقعي بأزيد من ذلك بالتفصيل إلا أنه يعلم بتكليف واقعي منجز عليه في السابق فلا بد من الخروج عن عهدة ذلك التكليف-  إن قيل بتنجز العلم الإجمالي على المكلف - .

ومما نحن فيه هو من قبيل الصورة الثانية فإنه إذا علم بحرمة أمور بعد الفحص يعلم بثبوت الحرمة لها من قبل فلا إشكال في الرجوع إلى البراءة الأصلية في غيرها([430]).

ويمكن الرد عليه بأن ما سبق يصدق على أطراف قليلة يعلم إجمالا بنجاسة أو حرمة أحدها أما فيما نحن فيه فإن المعلوم بالإجمال أحكاما كثيرة لا تعيين لها وعند حصول العلم التفصيلي بأحكام خاصة في موارد مخصوصة لا ينفي بقاء أو ثبوت الحكم في الموارد الأخرى لذلك لا ينحل العلم الإجمالي([431]) .

ومن الأرجح الاستدلال على انحلال العلم الإجمالي بـ:

أولا : النقض بالشبهات الوجوبية والموضوعية , أي أننا نعلم إجمالا بوجود واجبات كثيرة ولكن مع ذلك لا نعلم بالاحتياط في خصوصها ( أي أننا نعلم أيضا بطريق الإجمال بوجود واجبات في الشريعة ولا تحصل البراءة اليقينية عنها إلا بإتيان كل ما يحتمل الوجوب . ولا نأتي به وجوبا لدليل العقل والنقل على أصل البراءة في كل ما يحتمل الوجوب بالاتفاق  )([432]).

ثانيا: ( لا تأثير لمثل هذا العلم الإجمالي بعد العلم بقيام طرق خاصة على مقدار من المحرمات التي يمكن انطباق المعلوم بالإجمال عليها خصوصا بعد أن ضم إليها موارد الأصول المثبتة الشرعية والعقلية كالاستصحاب وقاعدة الاشتغال )([433]).

وممكن القول أن الأصل الأولى في مورد العلم الإجمالي هو الاحتياط ولا ترتفع اليد عنه إلا بعد دليل على كفاية الموافقة الاحتمالية في مقام امتثال الواقع ( لكون هذا الحكم عند العقل على وجه التعليق وقد تصرف الشارع في هذا الحكم وبمنعه عن الواقع في مقام الامتثال بمؤدى الطريق كما يكشف عن ذلك عموم أدلة الطرق لموارد المعلوم بالإجمال )([434]).

ولكن بالفرض أن العلم الإجمالي بالحرمة محيط بجميع موارد لأحكام فإذا ثبتت عموم أدلة الطرق فمفاد ذلك تنزيل مؤدى الطرق منزلة الواقع وجعله بدلا عنه . فتتنجز بعض أطراف المعلوم بالإجمال والباقي يكون الشك فيه بالحرمة ابتدائي , فحينئذ يكون المرجع في الباقي هو البراءة .

وقد نقل عن الخوئي استدلاله على انحلال العلم الإجمالي بتقسيمه إلى ثلاثة أقسام :

القسم الأول : العلم الإجمالي ذو أطراف كثيرة العدد وينشأ من العلم بثبوت أصل الشريعة وأطرافه كل ما يحتمل التكليف .

القسم الثاني : علم إجمالي متوسط الأطراف وينشأ من مطابقة الإمارات للواقع وأطرافه الطرق والإمارات المعتبرة وغير المعتبرة شرعا .

القسم الثالث: علم إجمالي قليل الأطراف وينشأ من القطع بمقدار من الإمارات للواقع وأطرافه موارد الإمارات المعتبرة شرعا .

ويظهر من ذلك أن القسم الثاني ينحل للقسم الثالث و الأول ينحل بالثاني (بحيث لو أفرزنا من أطراف العلم الإجمالي الكثير مقدار معلوم بالإجمال في العلم القليل لم يبق لنا علم إجمالي في بقية الأطراف . فمثلا إذا علمنا إجمالا بوجود خمس شياه مغصوبة في قطيع من الغنم ,وعلمنا أيضا بوجود خمس شياه مغصوبة في جملة البيض من هذا القطيع , فلا محالة ينحل العلم الإجمالي الأول بالعلم الإجمالي الثاني فإنا لو فرزنا خمس شياه بيض لم يبق لنا علم إجمالي بمغصوبية البقية لاحتمال إنطباق المعلوم بالإجمال في العلم الإجمالي الكثير على المعلوم بالإجمال بالعلم الإجمالي القليل)([435]) وكذلك الحال هنا حيث أن العلم الإجمالي باستلزام الشرع بوجود أحكام وتكاليف , إنحل بالعلم الإجمالي بقيام طرق وأمارات على تلك الأحكام وهذا انحل في العلم الإجمالي بالطرق والإمارات المعتبرة شرعا والصادرة عن المعصوم  عليه السلام للدلالة على ضرورة العمل بالظن المعتبر شرعا . فلذلك( لم يبق لنا علم إجمالي بوجود التكاليف في غيره ولو مع ضم سائر الإمارات , بل وجود التكاليف في غيره مجرد احتمال فيستكشف بذلك أن المعلوم بالإجمال في العلم الثاني لا يزيد عددا على المعلوم بالإجمال في العلم الثالث  فينحل العلم الثاني بالعلم الثالث )([436]).

وبقي القول أنه لا فرق في انحلال العلم الإجمالي إن كان حكميا أو وجدانيا .

فالانحلال الحكمي هو القول بأن مفاد أدلة حجية الإمارات والطرق هو الأمر بالعلم على طبقها , فيكون المجعول من مواردها حكما تكليفيا أو بجعل الحجية والمنجزية .

إذ على تقدير الأول تكون الوظيفة هي التعبد بالوجوب والحرمة في موردها من أول التشريع يعني قبل حصول العلم الإجمالي. ولازم ذلك البناء على ثبوت الوجوب في الموارد السابقة قبل العلم الإجمالي وسقوط أثره من زمان ثبوت هذا التعبد في الأول فيجب البناء على زمان قيام الإمارة على عدم منجزية العلم من زمان حدوثه  .

 

وبذلك لا يبقى لوجوب الاحتياط في غير موارد الإمارة من زمان قيامها وجه بسبب لغوية العلم الإجمالي آنذاك ([437]).

وأما الانحلال بجعل حجية ومنجزية فإن الحجة المجعولة وإن كانت من زمان قيام الإمارة من أول الأمر بها فإن وجوب التنجيز للعلم الإجمالي في جميع الأطراف قبل ذلك الزمان بالفرض , ونتيجة لجعل الحجة فإنه يسقط العلم الإجمالي عن المنجزية لثبوت المنجز في بعض أطرافه من أول قيام الإمارة فلا يثبت  للعلم الإجمالي تكليف منجز لاحتمال ثبوت متعلقه في موارد الإمارات التي فرض تنجيزها ([438]).

وأما انحلال العلم الإجمالي بالوجدان - يعبر عنه بالسببية- وهو أحكام فعلية على طبق مؤديات الطرق والإمارات حيث ( إن قيام الإمارة يكشف عنه ثبوت أحكام فعلية في مواردها من أول الأمر فلا يبقى أثر للعلم الإجمالي بثبوت  تكاليف واقعية مرددة بينها وبين غيرها )([439]) .

والقول الراجح في جميع ما ذكر أن العلم الإجمالي ينحل ( في جعل الإمارات تكون المحتملات في غير مواردها موردا لأصل البراءة , أما القول بالطريقية فينحل العلم الإجمالي بقاء بالشك الساري والعلم التفصيلي , وأما على القول بجعل المنجزية والمعذرية فيكشف قيام الإمارة عن تنجيز التكليف في بعض الأطراف من أول الأمر من غير جهة العلم الإجمالي , وأما القول في السببية فتكشف الإمارة عن اشتمال مؤدياتها على مصلحة أو مفسدة مستلزمة لثبوت الحكم على طبقها من أول الأمر)([440]).

أي أنه بقيام الإمارات ينحل العلم الإجمالي بالمحرمات ولا يبقى سببا لوجوب تنجزه ويتم ذلك إما بالانحلال الحكمي أو الطريقي وهو يعني قيام الإمارات قبل زمان تولد العلم الإجمالي وبذلك فإن العلم الإجمالي ينحل بسبب قيام أدلة الطرق والإمارات ويتحول بذلك إلى علم تفصيلي وشك ساري الذي هو موضوع الأصول العملية .

وأما على القول بانحلال العلم الإجمالي بجعل الحجة فإن قيامها وإن كان بعد زمان العلم الإجمالي على سبيل الفرض فإن بعض الأطراف سيتم تنجيزها نتيجة قيام أدلة الطرق والإمارات ويتولد في باقي الأطراف شك ابتدائي الذي مرجعه إلى أصل البراءة .

وأما الإنحلال الوجداني فإن هناك سبب عقلي يدعو إلى دفع مفسدة أو جلب مصلحة لقيام أدلة الإمارات والطرق في مؤدياتها وهذه المصالح والمفاسد لا تتبدل طبقا لمؤديات الطرق فلازم ذلك ثبوت أحكامها الفعلية منجزة من أول الأمر فلا يبقى أثر لتنجيز العلم الإجمالي .

خاتمة البحث ونتائجه

أن سعة مباحث العلماء في الاحتمالات التي تطرأ على المكلف في التكليف والمكلف به زائدا سعة من مباحث الاحتياط الأصولية أو الفقهية خصوصا بعد انتقال هادي الأمة   صلى الله عليه واله وسلم   إلى جوار رب كريم مما أدى إلى فقدان النص من جهة أو إجماله من جهة أخرى أو تعارضه مع نص أخر أو اشتباه الأمور الخارجية .

  ومن ذلك كان تطور تعريف الاحتياط اصطلاحيا ملازما لتطور هذه المباحث وكثرة اتساعها وعليه فيمكن تعريف الاحتياط بأنه ( وظيفة عملية الذي يحصل بها القطع بامتثال التكليف و اليقين بحصول الواقع المطلوب منه من دون الإستناد إلى حجة شرعية كآية قرآنية أو قول معصوم أو فتوى مجتهد أو نحو ذلك في تعيين الواقع ) وإن العمل بالإحتياط حسن عقلا وشرعا ولا يحصل هذا على الوجوب بل الندب أي أن حسن الإحتياط في العمل تنزيهي لا الزامي . مع أنه في بعض الموارد يكون محرما عند طرو عنوان آخر على ماهية الإحتياط مثل أن يؤدي إلى نفره من الدين الإسلامي أو ضرر محرم أو إلى العسر و الحرج الشديد واختلال النظام .

وقد استدل بعض العلماء بآيات التقوى على وجوب الإحتياط خصوصا فيما اشتبه تحريمه مع أن هذا الإستدلال لا يتم لأن ارتكاب ما لم يبين الله تعالى حرمته لا ينافي حق التقوى و المجاهدة لمجرد احتمال الحرمة مثلا وكذلك لا يتم الإستدلال عليه بحرمة القول على الله بغير علم حيث أن ذلك مختص بحرمة التصرف في حكم ديني شره الله و رسوله لا ما لم يعلم حكمه . كما أنه لا أحد من المسلمين يجوز القول على الله بغير علم بل بحكم الترخص الظاهري في مورد الفقه و كذلك لا يتم الاستدلال بالآيات الدالة على نهي إلقاء النفس بالتهلكة بعد ورود الترخص من قبل الشرع والعمل في مورد الشبهة .

وأما ما دل على الاحتياط من السنة الشريفة المطهرة فلا يتم الاستدلال به لأن المشتبهات المذكورة في حديث التثليث مثلا ليست من الحرام يقينا لذلك فإن حكمها على الإباحة لان الله عز وجل قال في محكم كتابه العزيز (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ). كذلك لا تتم الدلالة بالأحاديث الأخرى مثل الدالة على تحريم اقتحام الهلكة أو الرد إلى الله ورسوله وأئمة الهدى . وكذلك لا تتم الدلالة بالأحاديث الدالة على وجوب أو رجحان الاحتياط مطلقا.

وأما الاستدلال بالأدلة العقلية فإنه مدفوع حيث أنه لا دليل على الحكم بالحظر في الأفعال الضرورية قبل الشرع وذلك لأن الأشياء خلقها الله عز وجل لانتفاع الناس بها ولم يخلقها عبثا كذلك فإن قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل لا تتم في المقام لأن ما لم يصل الحكم إلى المكلف لا فعلية للأمر بالحكم بذمته فيكون العقاب على مخالفة ذلك الأمر غير الواصل عقابا بلا مقتضى وكذلك القول بوجود علم إجمالي بالمحرمات وذلك لمجيء الطرق والإمارات المميزة شرعا مما أدى لانحلال العلم الإجمالي وما بقي منه فإن الأصل فيه البراءة .

ومن هذه الأدلة تظهر أن الشبهة الموضوعية التحريمية إن كانت ذات أطراف غير محصورة فإن الأصل فيها براءة الذمة كما هو عليه اتفاق العلماء وإن كانت ذات أطراف محصورة فإنه لا وجوب للعمل بالاحتياط فيها لحرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية وذلك لعدم تنجز المعلوم بالإجمال على المكلف . لإمكان جريان أصل البراءة في أطراف المعلوم بالإجمال لذلك لا يبقى تأثير لتنجز العلم الإجمالي بذمة المكلف.

هذا واسأل الله التوفيق والرضا والقبول.

 


([1]) البقرة  / الآية 283.

(1) وممكن مراجعة الأدلة على أصل البراءة في الموسوعات الأصولية للإمامية خاصة ويقسم أصل البراءة إلى شرعي وعقلي فالبراءة الشرعية هي ( الوظيفة الشرعية النافية للحكم الشرعي عند الشك فيه واليأس من تحصيله).  والبراءة العقلية هي ( الوظيفة المؤمنة من قبل العقل عند عجز المكلف عن بلوغ حكم الشارع أو وظيفته ) .

أنظر الحكيم ، محمد تقي / الأصول العامة للفقة المقارن / 481  ، 531 .

(2) الزنجاني /بداية أصول الفقه/481،531.

(3) قسم العلماء العلم من ناحية تأثيره إلى علم فعلي وأخر اقتضائي والعلم الفعلي يقسم إلى إجمالي وتفصيلي، والعلم الاقتضائي مثل العلم المتولد من الاستصحاب . أنظر الطهراني محمد هادي بن محمد أمين / حجة العلماء / نشر عبد الحسين الأصفهاني / 1320 / 8  .

(4) أما الشبهة غير المحصورة فقد اتفق كافة علماء المسلمين على أن اقتحامها لا يخل بذمة المكلف بمعنى جواز إجراء أصل البراءة فيها .

انظر يعقوب عبد الوهاب الباحسين /رفع الحرج في الشريعة الإسلامية /طبع وزارة الاوقاف والشؤون الدينية /بغداد /الجمهورية العراقية /1400هـ /158.

(1) كاشف الغطاء علي / مصادر الحكم الشرعي /ج1/153.

([3]) الحسيني ، محمد سرور / مصباح الأصول /ج2/67. 

([4])  الغزالي أبو حامد محمد بن محمد بن محمد ( ت 5  5 هـ) أحياء علوم الدين / مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده / مصر / 1347 هـ / ج 2/ 92

([5])  وهو أبو حامد محمد بن محمد فيلسوف وفقيه وأصولي ولد بمدينة طوس 450 هـ ومات فيها  505 هـ أنظر الزركلي / أعلام/ ج 5 / 310 .

([6])  الغزالي المصدر السابق أيضا أنظر النووي أبو زكريا محي الدين (ت 676 هـ) المجموع شرح المهذب / نشر زكريا علي يوسف / مطبعة الإمام / مصر / ج9 / 334 .

([7]) ابن قيم الجوزية  ،ابن عبد الله محمد بن أبي بكر الدمشقي ( ت751 هـ ) / بدائع الفوائد / إدارة الطباعة المنيرية / نشر دار الكتاب العربي / بيروت / لبنان/ ج2 / 258 .

([8])  الزركشي بدر الدين محمد بن بهادر الشافعي (ت 794 هـ) المنشور في القواعد / ط 2/ تحقيق الدكتور تيسير فائق محمود / مراجعة الدكتور عبد الستار أبو غدة / نشر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية / المطابع التجارية شركة دار الكويت للصحافة / الكويت / 1405 هـ 1985 م / ج 1 / 127.

([9] ) وهو أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن خطاب السبتي المعروف بالخطابي نسبة جده إلى زيد بن الخطاب أخو عمر بن الخطاب (رض) أخذ عن القفال وابن أبي هريرة المتوفى (388 هـ) انظر ابن السبكي عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي (ت 771هـ ) / طبقات الشافعية الكبرى / تحقيق محمد الطناحي وعبد الفتاح الحلو / مطبعة عيسى البابي الحلبي / القاهرة / 1383 هـ 1964 م / ج3 / 282.

([10])  الزركشي / المصدر السابق  .

([11])  النووي / المجمع شرح المهذب / ج 9 / 336337 وأنظر ابن نجيم زين العابدين بن إبراهيم الحصري الحنفي (ت 970هـ ) /1 الاشياه والنظائر / تحقيق عبد العزيز محمد الوكيل / مؤسسة الحلبي وشركاؤه / مصر / 1387 هـ 113.

([12])  العسقلاني / فتح الباري شرح الصحيح البخاري / ج 13/ 264.

([13])   الغزالي إحياء علوم الدين / ج 2 / 93.

([14]) الغزالي المصدر السابق .

([15]) السلمي / قواعد الأحكام في مصالح الأنام / ج1 / 85  .

([16])  الغزالي/ أحياء علوم الدين / ج 5 / 93 أيضا النووي / المجموع شرح المهذب / ج 9 / 334 .

([17])  وهو علي بن الحسين بن عبد العالي الكركي العاملي والمشتهر بالمحقق الكركي أو المحقق الثاني له تصانيف عديدة مثل فوائد الشرائع وهو حاشية على شرائع الإسلام وشرح لقواعد العلامة وحاشية على المختصر النافع وحاشية على الإرشاد وحاشية على المختلف ورسائل عديدة في الفقه توفى سنة (940 هـ ) . أنظر الخونساري / روضات الجنات في |أحوال العلماء والسادات / 390.

([18])  المحقق الكركي علي بن الحسين (ت 940هـ) / فوائد الشرائع / طبع هجري / لم يذكر مكان وسنة الطبع /55.

([19])  وهو شمس الدين محمد بن علي بن الحسين بن أبي الحسن الموسوي العاملي صاحب كتاب مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام شرح منه العبادات فقط وكذلك حاشيته على الاستبصار وحاشية على التهذيب وشرح المختصر النافع للمحقق الحلي وتوفى (1009 هـ ) انظر الخونساري / روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات / 601 .

([20]) العاملي ، شمس الدين محمد بن علي الموسوي ( 1009 هـ )/ مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام / طبع حجري / لم يذكر مكان وسنة الطبع / 42 .

([21])  البحراني / الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة ج1 / 503.

([22])  القمي / القوانين المحكمة / ج2 / 24 .

([23])  وهو بهاء الدين محمد بن تاج الدين حسين بن محمد الأصفهاني الملقب بالفاضل الهندي لنشوئه في بلاد الهند تصانيفه عديدة منها شرح التلخيص للتفتازاني في البلاغة وشرح القواعد النقية في أصول الدين وله كتاب مهم بالقواعد الفقهية المسمى كشف اللثام عن قواعد الأحكام وهو شرح لقواعد العلامة الحلي توفي سنة (1137هـ) انظر الخونساري / روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات /601 .

([24])  الفاضل الهندي بهاء الدين محمد بن تاج الدين (1137 هـ) /كشف اللثام عن قواعد الأحكام / طبع حجري / طهران / لم تذكر سنة الطبع / 25.

([25]) وهو الشيخ مرتضى بن محمد أمين الدسفولي عاش في النجف ومات فيها واشتهر بالشيخ الأنصاري له كتاب فرائد الأصول في الأدلة العقلية وقد نهج به منهجا جديدا ويسمى أيضا بكتاب الرسائل وله كتاب أخر يسمى (المتاجر أو المكاسب وهو في فقه المعاملات ) توفي سنة (1281 هـ) أنظر الخونساري / المصدر السابق / 637 .

([26])  الأنصاري / فرائد الأصول / 261 .

([27]) الأنصاري المصدر نفسه .

([28]) وهو أغا رضا بن أغا هادي الهمداني له تصانيف في أصول منها حاشيه على رسائل الشيخ الأنصاري كذلك حاشية على مكاسب الشيخ الأنصاري في الفقه توفي في سامراء سنة (1322هـ) أنظر الطهراني أغابزرك (ت 1388هـ) نقباء البشر في القرن الرابع عشر / مطبعة الآداب / النجف / 1388 هـ / ج1/ق4 /1657 .

([29]) الهمداني رضا بن هادي (ت1322هـ) الفوائد الرضوية على الفوائد المرتضوية / طبع حجري / أصفهان / 1376 هـ / 51.

(1)  البجنوردي / منتهى الأصول / ج2 / 285  .

([31] ) وهو كتاب كفاية الأصول للشيخ محمد كاظم الخراساني يعتبر من أمهات كتب الأصول عند الشيعة الإمامية لسعة مباحثه وعظمة شأن مؤلفه وعليه شروحات وحواشي وتعاليق المخطوط أكثر من المطبوع.

([32]) الخراساني محمد كاظم (ت 1329 هـ) كفاية الأصول / ج2/ 224

([33]) وهو الشيخ ضياء الدين علي بن محمد العراقي مجتهد محقق من أكابر علماء عصره وقد عرف بالذكاء المفرط والنبوغ المبكر والعبقرية العلمية وكان مجلس درسه مفضلا على كثير من علماء عصره ولا سيما في علم الأصول الذي اشتهر به وهو من المجددين فيه توفي (1361هـ). انظر أغا بزرك الطهراني /المصدر السابق /ج1/ق3/956/959.

([34]) البروجردي / نهاية الأفكار / تقريرات الشيخ ضياء الدين العراقي / ج3/ 330

([35]) وهو محمد حسين بن شيخ الإسلام عبد الرحيم النائيني النجفي من اعظم علماء الشيعة وأكابر المحققين . تتلمذ على يد كبار علماء الإمامية وتخرج على يده من لا يزيدون عنهم رتبة . أعتبر من المجددين في علم الأصول عند الشيعة الأمامية توفي(1355هـ) ،انظر الطهراني /أغا بزرك /طبقات علماء الشيعة / نقباء البشر في القرن الرابع عشر /ج1/ق2/593/596 .

([36]) الكاظمي / فرائد الأصول / من تقريرات الشيخ النائيني / ج4 / 38

([37]) وهو الشيخ هادي بن الشيخ عباس ابن الشيخ علي بن الشيخ جعفر كاشف الغطاء من علماء الشيعة الأمامية المرموقين تتلمذ على يد أغا رضا الهمداني في الفقه والخراساني في الأصول توفي سنة (1361 هـ ) في النجف الأشرف وتصانيفه مما لا يسعها المقام . الطهراني ، أغا بزرك / نقباء البشر في القرن الرابع عشر / ج1 / ق 2 / 548 .

([38])  الحسيني محمد سرور / مصباح الأصول تقريرات السيد أبو القاسم الخوئي  ج2 / 375

([39]) الاشتياني محمد حسن (ت1391) / بحر الفوائد في شرح الفوائد / ج2/ 131

([40]) الحسيني محمد سرور / مصباح الأصول / تقريرات السيد أبو القاسم الخوئي / ج2 /3777740373 أيضا أنظر الاشتياني محمد حسن / بحر الفوائد في شرح الفوائد / ج2/ 130

([41]) التبريزي موسى / أوثق الوسائل / 347

([42])  الحسيني محمد سرور / مصباح الأصول / تقريرات السيد أبو القاسم الخوئي / ج2 / 372

([43]) البروجردي / نهاية الأفكار / ج3/ 329.

([44]) البنجوردي / منتهى الأصول/ ج2 م288.

([45]) أنظر الحسيني / دراسات في الأصول العلمية / تقريرات السيد أبو القاسم الخوئي / ج3/ 274.

([46])  الحسيني / مصباح الأصول تقريرات السيد أبو القاسم الخوئي / ج2/ 373.

([47]) الحسيني محمد سرور / مصباح الأصول / تقريرات السيد أبو القاسم الخوئي / ج2/ 374 .

([48])  البجنوردي / منتهى الأصول / ج2 / 258.

([49]) القرعة اصطلاحا (هي اجالة السهام أو غيرها بين أطراف مشتبه لاستخراج الحق من بينها) الحكيم محمد تقي / الأصول العامة للفقه المقارن / 551.

([50]) وهو رضي الدين أبي القاسم علي بن سعد الدين أبي إبراهيم موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد الملقب بطاووس الحسيني العلوي الفاطمي الحلي وهو من نقباء الأمامية في الحلة له كتب عدة في الأدعية وكذلك في الفقه وكان يجلس للفتوى في الحلة توفي فيها (ت 664هـ) أنظر الخونساري / روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات / 609 .

([51])  العاملي شمس الدين / مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام / طبع حجري / 52.

([52]) القمي / القوانين المحكمة / ج2 / 42 .

([53])  وهو محمد بن أبي بكر أيوب أبو عبد الله شمس الدين الدمشقي كان مولده سنة 691 هـ ووفاته 751 هـ في دمشق تتلمذ على يد ابن تيمية الحفيد (ت 728هـ ) أنظر الزركلي / الأعلام / ج6 / 280.

([54]) ابن القيم / بدائع الفوائد / ج3 / 264 .

([55]) العاملي الحر / وسائل الشيعة إلى تحصيل علوم الشريعة / ج18/ 189 .

([56]) كاشف الغطاء علي / مصادر الحكم الشرعي والقانون المدني / ج1/ 191 .

([57]) الحكيم محمد نقي / الأصول العامة للفقه المقارن / 554 .

([58]) الحسني محمد سرور / مصباح الأصول/ تقريرات السيد أبو القاسم الخوئي /ج3/342 .

([59])  العاملي أبو عبد الله / القواعد والفوائد /ج2/ 23.

([60]) وهو محمد باقر بن محمد تقي بن مقصود علي الأصفهاني المشتهر بالمجلسي وقد اشتهر بجمعه للأخبار تولى الوزارة الصفوية في حدود (1090 هـ) في بلدة أصفهان .

له كتاب (بحار الأنوار ) وكذلك كتاب ( الأربعين) في شرح أربعين حديثا وتوفى سنة (1110هـ) .

أنظر الخونساري / روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات /119 .

([61]) ورد نص الحديث عن الإمام محمد الباقر   عليه السلام   ( كل شيء فيه الحلال والحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه) أنظر الحر العاملي / وسائل الشيعة إلى تحصيل علوم الشريعة / ج17/ 91.

([62]) القمي / القوانين المحكمة / ج2/ 27.

([63]) نسب ميل القمي إلى هذا القول كاشف الغطاء علي / مصادر الحكم الشرعي / ج1/ 153.

([64]) القمي / القوانين المحكمة / ج2/ 25 .

([65])  القمي المصدر نفسه.

([66]) القمي المصدر نفسه.

([67]) الحائري محمد حسين / الفصول الغروية / ج2/ 94.

([68]) التجري عنوان للتحقق مع إرادة مخالفة المولى قطعا أنظر الأردبيلي / أبو الحسن بن عبد الحسين / شرح الكفاية / ج2/ 8/ مطبوع على هامش كتاب كفاية الأصول / مطبعة سيد محمود الكتابجي / طهران.

([69])الحائري محمد حسين / الفصول الغروية / ج2/ 94 .

([70]) البقرة  آية 174- 185 .

([71]) السبزواري عبد الأعلى الموسوي / مواهب الرحمـن في تفسير القرآن / ج3/ 36 .

([72]) الحج /78 .

([73]) السبزواري / المصدر السابق  .

([74]) الحسيني محمد سرور / مصباح الأصول تقريرات السيد أبو القاسم الخوئي /ج2 / 373

([75])التبريزي موسى/ أوثق الوسائل في شرح الرسائل / 323

([76]) التبريزي موسى / أوثق الوسائل في شرح الرسائل /321

([77]) كاشف الغطاء علي / مصادر الحكم الشرعي والقانون المدني / ج1/ 153

([78]) النراقي أحمد / مناهج الأصول / 435 .

([79]) العاملي / مدارك الأحكام شرح شرائع الإسلام / 42 .

([80]) العاملي/ المصدر السابق / 44 وأنظر مناقشات المسألة في الطوسي أبو جعفر محمد بن الحسن ( ت460 هـ) / المبسوط / طبع حجري / 1271 هـ / 24 أنظر ابن إدريس أبو عبيد الله محمد العجلي الحلي ( ت598هـ) / السرائر / طبع حجري / 1270هـ / 36 وأنظر الطباطبائي علي بن محمد علي (ت 1215هـ/ رياض المسائل في بيان الأحكام بالدلائل / طبع حجري / 1275/ أحكام النجاسات / ج1/ 45 وأنظر الفاضل الهندي / كشف اللثام / ج1/ 25 وأنظر العاملي محمد جواد ( ت1226هـ) / مفتاح الكرامة شرح قواعد العلامة / مطبعة الشورى / مصر / 1323هـ/ كتاب الطهارة / ج1/ 126 . وأنظر التبريزي / أوثق الوسائل في شرح الرسائل / 370 .

([81]) وهو مهدي ابن أبي ذر الكاشاني النراقي نسبة إلى مسقط رأسه نراق على وزن عراق كان من العلماء الأعلام والفضلاء الأعيان المتبحرين في العلوم صنف في الفقه والحكمة والعقائد وله مصنفات في أصول الفقه منها كتاب جامعة الأصول وكذلك التجريد في أصول الفقه .

أنظر الخونساري محمد باقر / روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات / 647 .

([82]) النراقي مهدي ابن أبي ذر ( ـ 1209هـ) / جامعة الأصول / مخطوطة في مكتبة الشيخ علي كاشف الغطاء / غير مرقمة  .

([83]) القمي أبو القاسم / القوانين المحكمة / ج2/ 25 .

([84]) النراقي محمد بن مهدي بن أبي ذر ( ت 1297هـ) / مشارق الأحكام / طبعة حجرية / طهران / 1294هـ / 272 .

([85]) الحر العاملي / وسائل الشيعة إلى تحصيل علوم الشريعة / ج17/ 91 .

([86]) المصدر نفسه .

([87]) النراقي مهدي / جامعة الأصول / مخطوطة غير مرقمة  .

([88]) النراقي محمد/ مشارق الأحكام /273 .

([89]) أنظر القمي أبو القاسم / القوانين المحكمة / 25 .

([90]) النراقي محمد / مشارق الأحكام / 274 .

([91]) القمي أبو القاسم / القوانين المحكمة / 29 .

([92]) القمي أبو القاسم / القوانين المحكمة / 29 .

([93]) القمي / أبو القاسم / م . ن  .

([94]) القمي أبو القاسم / قوانين المحكمة / 25 .

([95]) الحر العاملي / وسائل الشيعة إلى تحصيل علوم الشريعة /ج17/ 91 .

([96]) النراقي محمد / مشارق الأحكام / 274 .

([97]) الأنصاري / فرائد الأصول / 241 .

([98]) الأنصاري / المصدر نفسه .

([99]) البحراني / الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة / ج1/ 510 .

([100]) وهو صدر الدين محمد بن السيد محمد باقر الرضوي توفي سنة 1218 هـ وكان أمامي أخباري وله شرح لوافية الأصول للفاضل التوني أنظر قوله في شرح الوافية / 133 .

([101]) وهو السيد أبو الفضائل محسن بن السيد حسن الحسني الأعرجي الكاظمي تتلمذ على يد أبو القاسم القمي (1231هـ) له مؤلفات في الفقه والأصول ومنظومة في الأشباه والنظائر من مسائل الفروع سكن بلدة الكاظمين وتوفي فيها سنة (1234هـ) له شرح على كتاب الوافية في الأصول للفاضل التوني (1071هـ) سماه الوافي . أنظر الطهراني أغا بزرك (ت 1389هـ) الذريعة إلى تصانيف الشيعة / ط1/ المكتبة الإسلامية / طهران / 1389هـ / ج25/ 12. 

([102]) الكاظمي أبو الفضائل محسن بن حسن الحسيني الأعرجي ت 1234هـ) الوافي في شرح الوافية / 153/ مخطوطة في مكتبة الشيخ علي كاشف الغطاء / لم بذكر اسم الناسخ أو سنة النسخ / غير مرقمة .

([103]) الأنصاري / فرائد الأصول / 244 .

([104]) الأنصاري / فرائد الأصول / 240 .

([105]) الأنصاري / فرائد الأصول / 241 .

([106]) التبريزي / أوثق الوسائل في شرح الرسائل / 305 .

([107]) البنجوردي / منتهى الأصول /ج2/ 243 .

([108]) الأنصاري / فرائد الأصول / 241 .

([109]) التبريزي / أوثق الوسائل في شرح الرسائل /325 .

([110]) الأنصاري / فرائد الأصول / 241 .

([111]) البجنوردي / منتهى الأصول / 244 .

([112]) الخراساني / كفاية الأصول / ج2/ 208 .

([113]) الحكيم / حقائق الأصول/ ج2/ 48 .

([114]) الخراساني/ كفاية الأصول / ج2/ 34.

([115]) كاشف الغطاء علي بن الشيخ محمد رضا بن الشيخ هادي / تقريرات الشيخ كاظم الشيرازي / مخطوطة بقلم المؤلف / سنة 1351/ 34 .

([116]) الحسيني محمد سرور / مصباح الأصول / تقريرات السيد أبو القاسم الخوئي / ج2/ 71 .

([117]) الحكيم محسن / حقائق الأصول / ج2/ 49 .

([118]) الحسيني محمد سرور/ مصباح الأصول تقريرات السيد أبو القاسم الخوئي / ج2 / 73 .

([119]) المصدر نفسه /70 .

([120]) الحسيني محمد سرور / المصدر نفسه / 73 .

([121]) كاشف الغطاء على / مصادر الحكم الشرعي والقانون المدني /ج1/ 160 .

([122]) الفيروز آبادي مجد الدين / القاموس المحيط / مطبعة السعادة / نشر المكتبة التجارية الكبرى / مصر/ ج2 / فصل الحاء باب الطاء / 355 .

([123]) المصدر نفسه .

([124]) المصدر نفسه.

([125])ابن منظور أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم الأفريقي المصري/ لسان العرب دار صادر ودار بيروت للطباعة والنشر / بيروت / 1388هـ  1968 م / ج7 / (8) 279 باب الحاء / 279 .

([126]) الكفوي أيوب بن موسى / كليات ابن البقاء / دار الطباعة العامرة / مصر / 1253هـ / 20 .

([127]) الفيومي أحمد بن محمد بن علي بن المعرى / المصباح المنير في غريب الشرح الكبير / دار الكتب العلمية بيروت / 1389هـ/ ج1 / مادة أحوط / 189 .

([128]) المصدر نفسه.

([129]) ابن حزم محمد بن علي حزم الأندلسي (ت 456 هـ) / الأحكام في أصول الأحكام / دار الجيل بيروت / لبنان / 1407- 1997/ج1/ 50 .

([130]) (وهو علي بن محمد بن علي المعروف بالشريف الجرجاني من كبار علماء العربية وفيلسوف ) ولد سنة 740 هـ ومات 816 هـ / انظر الزركلي / الأعلام /ج2/159.

([131]) الجرجاني أبو الحسن علي بن محمد (ت 819هـ) التعريفات / 706 / الدار التونسية للنشر / 1971م / 6-7 .

([132]) التميني ، الشيخ ضياء الدين عبد العزيز ( ت1223 هـ) /النيل وشفاء الغليل /مكتبة الإرشاد/ جده /المملكة العربية السعودية /1405 –1985 /ج12 /425 .

([133]) الورع لغة هو التقوى أنظر الفيروز آبادي / القاموس المحيط / ج3/93 / فصل الواو باب العبين قال الجرجاني (هو اجتناب الشبهات خوفا من الوقوع في المحرمات) أنظر الجرجاني / التعريفات/ 24 .

قال القرافي (بأنه ترك ما لا بأس به حذرا مما به بأس ) أنظر القرافي شهاب الدين ابن العباس أحمد بن إدريس بن عبد الرحمــن الصنهاجي (ت 684هـ) / الفروق / عالم الكتب / بيروت/ ج4/ 210قال الصنعاني ( هو تجنب الشبهات خوف الوقوع في محرم) أنظر الصنعاني محمد بن إسماعيل الكحلاني (ت 1183 هـ) / سبل السلام شرح بلوغ المرام / مراجعة عبد العزيز الخولي/ بيروت / لبنان/ ج4/ 171. 

([134]) السلمي أبو محمد  عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام (ت 660هـ) قواعد الأحكام في مصالح الأيام / تعليق طه عبد الرؤوف سعد / مكتبة الكليات الأزهرية / دار الشرق للطباعة / القاهرة / مصر / 1388/ج2/ 19.

([135]) وهو يوسف بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن صالح بن أحمد بن عصفور الدرازي البحراني ولد في قرية الدراز وهي أحدى قرى البحرين له تصانيف عديدة منها كتاب (الحدائق الناضرة في احكام العترة الطاهرة) في الفقه وكتاب (الدرر النجفية) في الرجال وكذلك (لؤلؤة البحرين ) توفي في سنة (1186هـ) في مدينة كربلاء أنظر الخونساري محمد باقر (ت 1313هـ) روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات / طلع حجري / 1347هـ / 741 .

([136]) البحراني يوسف (1186هـ) الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة / تحقيق محمد تقي الايرواني / دار الكتب الإسلامية / مطبعة النجف الأشرف / 1377هـ / ج1/ 68

([137]) وهو أبو القاسم بن محمد حسن الجيلاني الملقب بالفاضل القمي له رسائل عديدة في الفقه وكتاب (القوانين المحكمة ) في أصول الفقه توفي في سنة (1231هـ) أنظر الخونساري / روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات (ت 492) .

(3) القمي أبو القاسم محمد بن حسن الجيلاوي (ت 1231هـ) القوانين المحكمة / طبع حجري / 1301هـ / ج2/28.

 

([139]) وهو أحمد بن محمد مهدي بن أبي ذر الكاشاني النراقي له تصانيف عديدة في الفقه واللغة والحساب والعقائد والمنطق وعلم الكلام وله كتاب (المناهج) في أصول الفقه توفي سنة (1244هـ) في ايران بعد أن عاش مدة طويلة في مدينة النجف الأشرف أنظر الطهراني أغا بزرك (ت 1389هـ) / الكرام البررة في القرن اثالث بعد العشرة / المطبعة العلمية / النجفالأشرف/ 1374هـ/ ج2/ 20 .

([140]) النراقي أحمد بن محمد مهدي بن أبي ذر (ت 1244هـ) مناهج الأصول / طبعة حجرية / لم يذكر مكان وتاريخ الطبع /420 .

([141]) وهو ( حسن بن الشيخ جعفر النجفي الفقيه المنفرد المشهور وهو أيضا من أجلاء علماء زماننا وكبراء نبلاء أواننا منتهيا إليه أمر الفقاهة في الدين ورئاسة علماء المجتهدين) له كتاب أنوار الفقاهة في الفقه وكتاب شرح أصول كشف الغطاء توفي في النجف الأشرف سنة (1262هـ) أنظر الخونساري / روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات /182 .

([142]) كاشف الغطاء حسن (1262هـ) / شرح أصول كشف الغطاء / مخطوطة في مكتبة الشيخ علي كاشف الغطاء /320 .

([143]) وهو محمد بن محمد مهدي بن أبي ذر النراقي صاحب كتاب الأصول أنظر الطهراني أغا بزرك / الكرام البررة في القرن الثالث بعد العشرة / ج2/ 629 .

([144])النراقي محمد بن أحمد مهدي (ت 1297هـ) مشارق الأحكام / طبع حجري / طبع أغا محمد باقر / طهران / 1294هـ/ 290 .

([145]) وهو السيد الجليل محمد تقي الحكيم عضو المجمع العلمي العراقي الباحث .

([146]) الحكيم محمد تقي / أصول الفقه المقارن / ط3/ دار الأندلس للطباعة والنشر / بيروت / 1963م / 495.

([147]) الحكيم / المصدر نفسه / 521 .

([148]) وهو السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي زعيم الحوزة العلمية في النجف الأشرف والمرجع الديني الأعلى للشيعة الأمامية في الوقت الحاضر له تصانيف عديدة في الفقه والأصول والتفسير والحديث إضافة إلى تقريراته فيها التي كتبها تلاميذه بإجازة منه . (الباحث) .

([149]) وهو الشيخ علي بن الشيخ محمد رضا بن الشيخ هادي آل كاشف الغطاء له تصانيف في الفلسفة والمنطق والعربية والآداب والفقه والأصول . (الباحث) .

([150]) كاشف الغطاء الشيخ علي بن الشيخ محمد رضا بن الشيخ هادي / النور الساطع في الفقه النافع / مطبعة الآداب النجف الأشرف / 1381هـ- 1961/ ج1/ 52 .

([151]) الأنصاري / فرائد الأصول/ 216 .

([152]) البحراني / الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة / ج1/ 43 .

([153]) بما أن المسألة خلافيه بين المذاهب عامة والمذهب الواحد الأمامية خاصة لذلك لا يوجد دليل من الإجماع على أصل الاحتياط .

([154]) ذكر البعض أن الأحكام سداسية أو سباعية ولكن الاتفاق على أن لا يقل عن خمسة أحكام بين المذاهب الإسلامية. الباحث.

([155])الحكيم محسن (ت 1390هـ) حقائق الأصول /30/ المطبعة العلمية / النجف الأشرف / 1372هـ / ج2/ 30 .

([156])الحكيم / المصدر نفسه / 30- 31 .

([157]) وهو الإستناد  في مقام العمل إلى فتوى مجتهد أنظر الخوئي / المسائل المنتخبة /2 .

([158]) الحسيني محمد سرور الواعظ / مصباح الأصول / تقريرات السيد أبو القاسم الخوئي / مطبعة النجف / النجف الأشرف / 1387هـ / ج3/ 342 .

([159]) الغريفي محي الدين الموسوي / الاجتهاد والفتوى في عصر المعصوم وغيبته / ط1 / دار التعارف للمطبوعات / بيروت / لبنان / 1398هـ /95  .

([160]) النراقي . محمد / مشارق الأحكام / 390 .

([161]) الشاهرودي سيد علي الحسيني (ت 1375هـ) دراسات الأستاذ المحقق الخوئي في الأصول العملية / المطبعة الحيدرية / النجف الأشرف/ 1371هـ  1952م / 38 .

([162]) الشاهرودي / دراسات الأستاذ المحقق الخوئي في الأصول العملية / 38 .

([163]) البروجردي محمد تقي / نهاية الأفكار / تقريرات الشخ محمد ضياء العراقي (ت 1361هـ) المطبعة العلمية/ النجف / 1371هـ / ج3/ 22 .

([164]) كاشف الغطاء علي/ النور الساطع في الفقه النافع ج1 / 53 .

([165]) الأنصاري / فرائد الأصول/2 .

([166]) ابن الحاجب عثمان بن عمر بن أبي بكر المالكي (ت 646هـ) / مختصر المنتهى / المطبعة الكبرى الأميرية / بولاق / مصر / 1317 هـ/ ج2/ 289 والجباعي . جمال الدين أبو منصور حسن بن زين الدين بن علي بن أحمد النحاريري الشامي (ت 1011هـ) معالم الأصول طبع حجري / المكتبة العلمية الإسلامية / طهران / 1378هـ م 232.

([167]) الخوئي / المسائل المنتخبة /2 .

([168]) أنظر ابن عبد البر ، يوسف (463هـ) / جامع بيان العلم وفضله / ط1 / مطبعة إدارة الطباعة المنيرية / مصر / ج2 / 52  54 .

([169]) نلتمس ذلك في كتب القواعد الفقهية عناوين مثل ( درء المفاسد مقدمة على جلب المصالح) و ( سد الذرائع في منع وسائل  الفساد ) وفي باب ترجيح الأحاديث مثل (إذا اجتمع الحلال والحرام غلب الحرام) و ( إذا اجتمع الحظر والإباحة غلب الحظر)  .

([170]) أنظر الشاطبي أبو إسحاق إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي ( ت 790هـ) / الموافقات في أصول الأحكام / المطبعة السلفية / مصر /1341 هـ م ج1 / 234 أقول حتى أن الشعراني( 973هـ) دافع عن أبي حنيفة في أنه كان كثير الاحتياط والتورع في فتواه .

أنظر الشعراني عبد الوهاب ابن أحمد (973هـ)/ الميزان الكبرى / المطبعة العثمانية / القاهرة / 1311هـ / ج2 / 68.

  

([171]) الزنجاني إبراهيم الموسوي (ت 1351هـ) / بداية أصول الفقه / مؤسسة الأعلمي للمطبوعات / بيروت / لبنان / ط1 / 1399هـ  1979م / 116.

([172]) كاشف الغطاء محمد رضا بن الشيخ هادي (ت 1366هـ) / دروس في أصول الفقه / تقريرات الشيخ محمد بن حسين النائيني (ت 1355هـ) / مخطوطة بقلم المؤلف في مكتبة الشيخ علي كاشف الغطاء / 1334 / 220 .

([173]) هناك أصول أخرى كأصالة الطهارة وأصالة الصحة وأصالة الحرية في الإنسان وأصالة الولد للفراش ولكن هذه الأصول مختصة في باب واحد من أبواب الفقه كما يدل عليها عنوانها وليست شاملة لجميع الأبواب كالأصول العملية الأربعة المشهورة عند الإمامية  .

([174]) الأنصاري مرتضى ( ت1281) / فرائد الأصول / طبع حجري / مطبعة المصطفوي / طهران / 192 ويعرف الاستصحاب ب( حكم الشارع ببقاء اليقين في ظرف الشك من حيث الجري العملي ) أنظر الحكيم ، محمد تقي / الأصول العامة للفقه المقارن / 474 .

([175]) الأنصاري المصدر نفسه.

([176]) الاشتياني محمد حسن (ت) / بحر الفرائد في شرح الفرائد / طبع حجري / مطبعة قاعدة طهران / طهران/ 1315هـ / ج2/ 10 .

([177]) كاشف الغطاء علي بن الشيخ محمد رضا بن الشيخ هادي / شرح الرسائل / مخطوطة بقلم المؤلف / لم يذكر سنة الكتابة /ج2/30 .

([178]) الزنجاني / بداية أصول الفقه/ 124- 125هـ .

([179])كاشف الغطاء علي / شرح الرسائل / ج2/150 .

([180])أنظر الأنصاري / فرائد الأصول / 216 حيث يقول فيما احتمل عبادة (حسن الاحتياط بتركه إذ لا ينفك ذلك عن كون فعله تشريعا محرما) .

([181]) ويراد به ( جعل الشارع وظيفة اختيار إحدى الإمارتين للمكلف عند تعارضهما وعدم إمكان الجمع بينهما أو ترجيح أحدهما على الأخرى) .

([182]) ويراد به( الوظيفة العقلية التي يصدر عنها المكلف عند دوران ألأمر بين محذورين وعدم تمكنه حتى من المخالفة القطعية .

أنظر الحكيم محمد تقي / الأصول العامة / ج1/ 505 - 541 .

([183]) أن هذه المنهجية في تقسيم الشك ومنشأه يرجع الفضل بها  إلى الشيخ الأنصاري في فرائد الأصول أنظر الأنصاري/ فرائد الأصول / 192  201 .

([184]) البحراني / الحدائق الناضرة / ج1/ 72 .

([185]) كاشف الغطاء / جعفر بن الشيخ خضر (ت 1227هـ) كشف الغطاء عن خفيات ومبهمات الشريعة الغراء / دار طباعة السيد مرتضى / طبع حجري / 1317هـ /35 .

([186]) النراقي / محمد مهدي بن أبي ذر (ت 1209هـ) جامعة الأصول / مخطوطة في مكتبة الشيخ علي كاشف الغطاء / غير مرقمة. 

([187]) النراقي أحمد / منهاج الأصول/ 420 .

([188]) وهي عبارة عن صلاة يقوم بها المصلي من نية وتكبيرة إحرام وبفاتحة الكتاب فقط وهي إما ركعة واحدة أو ركعتين من قيام أو جلوس عند الشك في عدد ركعات الصلاة الرباعية وحسب تفصيله . أنظر المحقق الحلي أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسين (ت 676هـ) / شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام / تحقيق عبد الحسين محمد بن البقال / ط1/ مطبعة الآداب / النجف الأشرف /1389هـ  1969م  / ج1 /117 .

([189]) فعند الشك بين الركعة الثانية والثالثة مثلا وبعد السجدتين أو بين الثالثة والرابعة وأينما كان الشك يبنى على الأكثر للخبر الوارد عن الإمام الصادق   عليه السلام   (كلما دخل عليك من الشك في صلاتك فأعمل على الأكثر) فإذا شك المصلي بين الثانية والثالثة بنى على الثالثة وأتم صلاته . وبعد التشهد يأتي بركعة من قيام للخبر الوارد عن الصادق   عليه السلام   (فإذا فرغ تشهد وقام قائما يصلي ركعة بفاتحة الكتاب ) وقيل يتخير بين ركعة من قيام وركعتين من جلوس ولكن الظاهر أن الأول أقوى للخبر السالف الذكر وأما إذا كان الشك بين الثالثة والرابعة يبني على الرابعة ويتخير بعد التشهد بركعة من قيام أو ركعتين من جلوس اتفاقا بين فقهاء الأمامية للخبر الوارد عن الصادق   عليه السلام   (إذا اعتدل الوهم في الثلاث والأربع فهو بالخيار إن شاء صلى ركعة وهو قائم وإن شاء صلى ركعتين وأربع سجدات وهو جالس ). أنظر الحر العاملي / وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة /ج5 / 317- 322.

هذا ولا وجود لصلاة الاحتياط ذكر عند مذاهب السنة عامة وإنما عند الشك في عدد ركعات الصلاة يبني المصلي على الأقل ويسجد سجدتين سهو قبل التسليم للخبر الوارد عن النبي   صلى الله عليه واله وسلم   (إذا سهى أحدكم في صلاته فلم يدر واحدة صلى أو اثنين فليبن على واحدة ، فإن لم يدر اثنين صلى أم ثلاث فليبن على اثنين ، فإن لم يدر ثلاث صلى أم أربع فليبن على ثلاث ويسجد سجدتين قبل أن يسلم) أنظر الترمذي أبو عيسى محمد بن عيسى السلمي (ت 279هـ) / الجامع الصحيح تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي / المطبعة المصرية بالأزهر وطبعه مصطفى الحلبي / 1350هـ م ج2/ 245.

وقد نقل عن الحسن البصري بالأخذ بالأكثر ويسجد السجدتين ونقل عن الأوزاعي ببطلان الصلاة عند عروض الشك للمصلي .

أنظر القفال الشاشي سيف الدين أبي بكر بن محمد (ت 507هـ) / حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء / تحقيق ياسين أحمد إبراهيم درادكه /ط1 / مكتبة الرسالة الحدثية / المملكة الأردنية الهاشمية / عمان / 1988 /ج2/ 162.

([190]) كاشف الغطاء علي / مصادر الحكم الشرعي والقانون المدني / ج1/ 151 .

([191])السلمي/ قواعد الأحكام / ج2/ 19 وأنظر كاشف الغطاء حسن / شرح مقدمات كشف الغطاء / 328

([192]) السلمي/ المصدر نفسه وأنظر البحراني / الحدائق الناضرة / ج1/ 72 .

([193]) أنظر ابن قيم الجوزية أبو عبد الله محمد بن أبي بكر الدمشقي (751هـ) بدائع الفوائد / إدارة الطباعة المنيرية / دار الكاتب العربي ،/ بيروت / لبنان / ج3/ 258- 260 .

([194]) أنظر ما ذكره السلمي والبحراني وابن قيم من أمثلة فقهية في المصادر السابقة .

([195]) وهو الاستربادي محمد أمين (1033هـ) الفوائد المدنية / طبع حجري/ 1321هـ / 139.

(1) السلمي / قواعد الأحكام / ج2/ 20 كذلك البحراني/ الحدائق الناضرة / ج1/ 69.

([197]) السلمي / المصدر نفسه .

([198]) البحراني / الحدائق الناضرة / ج1/70. 

([199]) البحراني المصدر نفسه.

([200]) النراقي أحمد / مناهج الأصول/ 322.

([201])كاشف الغطاء جعفر / كشف الغطاء عن خفيات الشريعة الغراء/ 43 .

([202]) كاشف الغطاء حسن / شرح مقدمات كشف الغطاء / 327 .

([203]) كاشف الغطاء / علي / النور الساطع في الفقه النافع /ج1/ 52.

([204]) الأنصاري / فرائد الأصول/ 216 .

([205]) كاشف الغطاء / أحمد / حاشية على الرسائل/ 150. 

([206]) الأنصاري / فرائد الأصول / 216 .

([207]) الأنصاري / المصدر نفسه.

([208]) كاشف الغطاء أحمد / حاشية على الرسائل/ 150.

([209]) الحسيني محمد سرور الواعظ / مصباح الأصول / تقريرات السيد أبو القاسم الخوئي/ ج2/ 315.

([210]) الأنصاري / فرائد الأصول/ 217. 

([211]) البقرة آية 282 .

([212]) أن الشهادة في النكاح عند الأمامية للإرشاد وليس الوجوب أنظر كاشف الغطاء أحمد / حاشيه على الرسائل/ 150 .

([213]) أنظر القمي / غلام رضا رجب علي (ت 1332هـ) / قلادة الأصول/ مطبعة الشيخ رضا / طبع حجري / طهران/ 1312هـ / 139 .

([214]) أنظر الحر العاملي محمد بن الحسن (ت 1104هـ) وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة / دار أحياء التراث العربي / بيروت لبنان/ ج18/ 122.

([215])الحر العاملي / المصدر نفسه/118.

([216]) الأنصاري /فرائد الأصول /217.

(4)كاشف الغطاء علي/ شرح الرسائل /ج2/ 31 .

 

([218]) الأنصاري / فرائد الأصول / 216 .

([219]) الأنصاري / فرائد الأصول /217 .

([220]) كاشف الغطاء حسن/ شرح مقدمات كشف الغطاء /327 .

([221])كاشف الغطاء حسن / شرح مقدمات كشف الغطاء /327 .

([222])كاشف الغطاء علي/ النور الساطع في الفقه النافع/ ج1/56 .

([223]) القزويني مهدي/ موارد الأصول / مخطوطة في مكتبة شيخ محمد حسين كاشف الغطاء غير مرقمة . 

([224]) الحسيني / مصباح الأصول/ تقريرات السيد أبو القاسم الخوئي / ج2/ 315 .

([225]) كاشف الغطاء علي/ النور الساطع / ج1/56 .

([226]) كاشف الغطاء علي/ المصدر نفسه.

([227]) الحائري محمد حسين بن محمد رحيم ( ت 1254هـ) / الفصول الغروية / طبع حجري / طهران / 1355هـ/ ج2/ 91 كذلك الأنصاري/ فرائد الأصول/ 217 .

([228]) الأنصاري / فرائد الأصول / 217.

([229]) أنظر كاشف الغطاء علي/ النور الساطع في الفقه النافع / ج1/ 6- 61 .

([230]) محمد باقر الشيخ مرتضى / حجية المظنة / طبع حجري / طهران / 1337هـ .

([231]) التقوى لغة من الحذر والورع أنظر الفيروز آبادي / قاموس المحيط / فصل الواو باب الياء / ج4/ 401،انظر فصل الواو باب العين /ج3/ 93 في مادة الورع .

وقيل في معنى التقوى في الآيات الكريمة التي وردت وغيرها من الآيات التي تدل علىالتقوى ( اتقوا الله : خافوا الله وراقبوه بطاعته واجتناب معاصيه) . أنظر الطبري أبو جعفر محمد بن جرير (ت310هـ) جامع البيان عن تأويل أي الرحمـن / ط2/ مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده / مصر/ 1373هـ / ج4 /27  .

وقيل ( أتتقون المعاصي والمناهي والمحارم التي حرمها الله عليكم ) أنظر الماتريدي أبو المنصور محمد بن محمد بن محمود الحنفي (333هـ) / تأويلات أهل السنة / تحقيق دكتور محمد مستفيض الرحمــن / وزارة الأوقاف والشؤون الدينية / مطبعة الإرشاد / بغداد / 1404هـ  1983م / 66- 67 .

([232])وهو شمس الدين أبو عبد الله محمد بن جمال الدين مكي بن شمس الدين محمد بن حامد العاملي الشهير بالشهيد الأول ولد في جزين (734) وتوفي سنة (786) في دمشق له تصانيف عديدة في القفه وأصوله والحديث والشعر والقواعد الفقهية .

أنظر الحر العاملي محمد بن الحسن (ت 1104هـ) أمل الآمل في تراجم علماء جبل عامل / تحقيق أحمد الحسيني / مكتبة الأندلس/ ج1/ 182.

([233]) العاملي / أبو عبد الله محمد بن مكي (ت786هـ) / ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة / طبع حجري / خونسار / 1271هـ / 71 .

([234])  آل عمران /102 .

([235]) التغابن / من الآية 16 .

([236]) الحج / 78 .

([237]) القمي صدر الدين محمد بن السيد محمد باقر الرضوي (ت1218هـ) شرح الوافية / مخطوطة في مكتبة الشيخ علي كاشف الغطاء / بخط المؤلف / لم تذكر سنة النسخ / 280  .

([238]) البجنوردي السيد حسن الموسوي (ت 1395هـ) / منتهى الأصول / مطبعة الآداب / النجف الأشرف/ 1388/ ج2/ 198 .

([239])كاشف الغطاء أحمد بن علي بن محمد رضا (ت1344هـ) شرح الرسائل / مخطوطة في مكتبة كاشف الغطاء / رقم 630 / بخط المؤلف /200 .

([240]) الحجرات / من الآية 13.

([241]) البرجوردي محمد تقي / نهاية الأفكار / تقريرات الشيخ ضياء الدين العراقي (ت 1361هـ) / المطبعة العلمية / النجف الأشرف/ 1371هـ / ج3/ 242 .

([242]) الشاهرودي علي الحسيني (ت 1375هـ) / دراسات في ألأصول العملية / تقريرات السيد أبو القاسم الخوئي / المطبعة الحيدرية / النجف الأشرف/ 1371هـ / ج3/ 172 .

([243]) الخراساني محمد كاظم الطوسي (ت1329هـ) / كفاية الأصول / طبع حجري / المطبعة العلمية الإسلامية / طهران / 1374هـ/ ج2/ 184 .

([244]) النساء / من الآية 59.

([245]) الرازي / مفاتيح الغيب / ج1/ 151 .

([246]) القرطبي / جامع أحكام القرآن / ج2 / 1831 .

([247]) الاستربادي محمد أمين / (ت 1033هـ) الفوائد المدنية / طهران / 1321/154 .

([248]) النحل /43 .

([249]) النساء / من الآية 83.

([250]) القمي ، صدر الدين / شرح الوافية /239.

([251]) الرازي / مفاتيح الغيب /ج1 /151.

([252]) الطبطبائي /الميزان في تفسير القران /ج4/402.

([253]) البروجردي / نهاية الأفكار / تقريرات الشيخ ضياء الدين العراقي / ج3/242.

([254]) البجنوردي / منتهى الأصول /ج2/ 198.

([255])نفس المصدر السابق.

([256]) الحسيني /مصباح الأصول /تقريرات السيد أبي القاسم الخوئي/ج2/298.

([257]) البقرة / من الآية 195 .

([258]) الطبرسي مجمع البيان في تفسير القرآن / ج3/ 145- 155 كذلك القمي محمد علي / حاشية على الكفاية / طبع حجري / طهران / ج2/ 38 .

([259]) القمي / شرح الوافية / 240 .

([260]) البجنوردي / منتهى الأصول / ج2/189 .

([261]) الحسيني/ مصباح الأصول / تقريرات السيد أبو القاسم الخوئي / ج2/ 298 .

([262]) وهو النعمان بن بشير بن سعد الأنصاري ولد على رأس الأربعة عشر شهرا من الهجرة رأى النبي   صلى الله عليه واله وسلم   بعد وقبل بلوغه روى له مائة حديث وأربعة عشر حديثا قتل غيلة وله أربعة وستون سنة أنظر الدينوري ابن قتيبة / المعارف / 128 .

([263]) أخرجه البخاري محمد بن إسماعيل (ت 265هـ) الجامع الصحيح / دار إحياء التراث العربي / بيروت / ج1/23.

كذلك أخرجه مسلم ، مسلم بن الحجاج القشيري (ت261هـ) / الجامع الصحيح / تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي / دار إحياء التراث العرب/ بيروت/ ج2/ 64  .

([264]) أخرجه أحمد . أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الشيباني (ت 241هـ) / المسند / تحقيق أحمد محمد شاكر / ط2/ دار المعارف / مصر / 1368هـ  ج4/ 270 .

كذلك الدارمي ، أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمـن (ت 255هـ) / السنن / تحقيق محمد الدهان / مطبعة الاعتدال / دمشق / 1349هـ / ج2/ 245  كذلك ابن ماجه ، أبو عبد الله محمد بن يزيد بن عبد الله القزويني (ت 273هـ) / السنن / تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي / دار إحياء الثراث العربي / بيروت / 1395هـ / ج2/ رقم الحديث 3984 .

كذلك أبو داود ، سليمان بن الأشعث بن إسحاق الأسدي السجستاني (ت 275هـ) / السنن / ط2/ تحقيق محب الدين عبد الحميد / المكتبة التجارية / القاهرة / 1369هـم رقم الحديث 3329.

كذلك الترمذي أبو عيسى محمد بن عيسى (ت 279هـ) / السنن / ط1/ مطبعة مصطفى البابي الحلبي / القاهرة / 1382هـ / رقم الحديث 1205 . كذلك النسائي ، أبو عبد الرحمـن أحمد بن شعيب بن علي (ت 303هـ) / السنن / دار الحديث / القاهرة / 1407هـ / ج7/ وأيضا ج8/ 327.

كذلك أبو نعيم ، أحمد بن عبد الله الأصبهاني (ت430هـ) حلية الأولياء / مطبعة السعادة / القاهرة / 1351هـ/ ج4/ 336.

كذلك البيهقي ، أبو بكر أحمد بن علي (ت 458هـ) السنن الكبرى / مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية / الهند / ج5/ 64.

كذلك النووي ، أبو زكريا يحيى بن شرف الدين (ت 676هـ) / الأربعين النووية في الأحاديث النبوية / ط1/ 1388هـ/ الحديث السادس . كذلك ابن دقيق العيد ، تقي الدين أبي الفتح (ت 702هـ) أحكام الأحكام / ط2/ تحقيق أحمد محمد شاكر / عالم الكتب / 1407هـ / 277.

كذلك الحر العاملي محمد بن الحسن (ت 1104هـ) وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة / تحقيق محمد الرازي / دار إحياء الثراث العربي / بيروت / لبنان / ج18/ 122/ رقم الحديث 40.

([265]) الكراكجي، محمد بن علي بن عثمان ( ـ 449هـ) كنز الفوائد / مكتبة مصطفوي / قم/ طبع حجري / 1322هـ 164 .

([266]) الصدوق ، أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (ت 381هـ) / من لا يحضره الفقيه / بلكنهو / الهند / طبع حجري/ 1307هـ / ج4/ 53 .

([267]) الصدوق/ من لا يحضره الفقيه / ج4/ 286 . كذلك الصدوق / الخصال /طبع حجري /طهران/1302هـ /ج1/74.كذلك الصدوق /المجالس/طبع حجري /قم/1374هـ/183.

([268]) الكليني أبو جعفر محمد بن يعقوب (ت 329هـ) / الكافي / طهران/ طبع حجري/ 1311هـ/ ج1/ 167/ رقم الحديث 10 ، وأنظر الطوسي أبو جعفر محمد بن الحسن (ت 460هـ) تهذيب الأحكام / طهران / 1381هـ / ج6،/ 301/ رقم الحديث 52 كذلك الفاضل التوني ، عبد الله بن حاجي محمد البشروي (ت 1071هـ) الوافية في الأصول / مخطوطة في مكتبة كاشف الغطاء / رقم 987/ 61. 

([269]) النووي / شرح متن الأربعين النووية / 52 .

([270]) النووي ، محي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف الشافعي (ت 676هـ) / شرح صحيح مسلم / ط1/ دار القلم / بيروت / لبنان / 1407هـ / ج11/ 30 .

([271]) الحر العاملي / وسائل الشيعة / ج18/ 117/ رقم الحديث 20 .

([272]) وهو أحمد بن محمد الحنبلي الشيباني أحد أئمة المذاهب الأربعة عند أهل السنة توفي في بغداد سنة 241هـ  الباحث .

([273]) ابن رجب زين الدين أبي الفرج عبد الرحمـن (ت 795هـ) / جامع العلوم والحكم / ط2/ مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده / مصر / 1369هـ / 58 .

([274]) ابن دقيق العيد / شرح الأربعين النووية / ط2/ مطبعة الاستقامة / القاهرة / 1375هـ / 24 .

([275]) الخطابي أبو سليمان أحمد بن محمد بن إبراهيم (ت 388هـ) / معالم السنن شرح أبي داود / مطبعة أنصار السنة / 1367هـ / ج4/ 140 .

([276]) النووي / شرح صحيح مسلم / ج11/ 31 . كذلك الصنعاني / سبل السلام / ج4/ 172. 

([277]) السيوطي ، جلال الدين عبد الرحمـن بن أبي بكر (ت 911هـ) شرح سنن النسائي / دار الحديث / القاهرة / 1407هـ/ ج7/ 243- 244 .

([278] ) السيوطي / المصدر نفسه.

([279]) الشوكاني ، محمد بن علي بم محمد ( ت 1255هـ) نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار / دار الكتب العلمية / بيروت / لبنان / ج5 / 208- 209.

([280]) المبار كفوري ، أبو العلى محمد عبد الرحمــن بن عبد الرحيم ( ت 1353هـ) تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي / دار الفكر / ج4/ 395 .

([281]) وهو حسان بن أبي سنان بصري تابعي وصف بالزهد والعبادة -باحث .

([282]) العسقلاني أحمد بن علي بن حجر (ت 852هـ ) فتح الباري / تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي / دار المعرفة / بيروت لبنان/ ج4/ 292-293

([283] ) الخطابي / معالم السنن شرح أبي داود / ج4/ 140

([284]) الكرباسي محمد إبراهيم (ت 1404هـ) / منهاج الأصول / محاضرات الشيخ ضياء الدين العراقي / مطبعة النجف / النجف الأشرف/ 1386هـ / ج4 / 106

(1) النووي / شرح صحيح مسلم / ج11/ 32 كذلك الصنعاني / سبل السلام / ج4/ 173.

([286]) النووي / شرح صحيح مسلم /ج11 /33.

([287]) ابن دقيق العيد / شرح الاربعين النووية /26.

([288]) الشوكاني / نيل الأوطار وشرح منتقى الأخبار /ج5 /210.

([289]) ابن رجب / جامع العلوم و الحكم /63.

([290]) العيني / عمدة القارئ شرح صحيح البخاري /ج1 /300.

([291]) السيوطي / شرح سنن النسائي / ج7 /244.

([292]) السندي / حاشية على سنن النسائي / دار الحديث / القاهرة/ 1407هـ /ج7 /243.

([293]) الباجي / أبو الوليد سليمان بن خلف ( ت 474 هـ ) / أحكام الفصول في أحكام الأصول /ط1/تحقيق عبد المجيد تركي / دار الغرب الإسلامي / بيروت / لبنان / 1407 هـ /692.

([294]) البحراني / الحقائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة /ج1/46.

([295]) القمي / شرح الوافية / 272.

([296]) قال الذهبي : ( وهو الإمام العلامة الحافظ الفقيه المجتهد أبو محمد علي بن احمد بن سعيد بن حزم الفارسي الأصل الأموي اليزيدي القرطبي الظاهري صاحب التصانيف ) .

انظر الذهبي ، شمس الدين محمد بن احمد ( ت 748 هـ ) / تذكرة الحافظ / ط3 /دائرة المعارف العثمانية /حيدر آباد / 1955 م / ج2 / 178 .

([297]) ابن حزم الظاهري / الأحكام في أصول الأحكام / ج6 /182.

([298]) الأنعام / آية 119 .

([299]) البقرة / آية 29 .

([300]) ابن حزم الظاهري / الأحكام في أصول الأحكام /ج6/180.

([301]) ابن حزم الظاهري / م. ن .

([302]) وهو إبراهيم بن محمد باقر الموسوي القزويني وهو من علماء الشيعة الامامية جليل القدر و الفضل صاحب كتاب ضوابط الأصول وكتاب نتائج الأفكار توفي في كربلاء سنة ( 1262 هـ ) .

([303]) القزويني ، إبراهيم ( ت 1262 هـ ) / نتائج الأفكار / مخطوطة بقلم المؤلف / في مكتبة كاشف الغطاء / رقم 976 /غير مرقمة .

([304]) القزويني ، إبراهيم / ضوابط الأصول / طبع حجري / طهران / 1275هـ/320.

([305]) كاشف الغطاء ، حسن / شرح مقدمات كشف الغطاء / 324 .

([306]) الحائري ، محمد حسين بن محمد رحيم ( ت 1254 هـ ) / الفصول الغروية / طبع حجري /طهران/1355هـ / ج2 /88-89 .

([307]) الأنصاري / فرائد الأصول /212.

([308]) الأنصاري / المصدر نفسه .

([309]) الكاظمي محمد علي الخرساني ( ت 1366هـ) فوائد الأصول / تقريرات الشيخ محمد حسين النايني ( ت 1355هـ) / مؤسسة النصر ومكتبة الصدر / طهران / طبع حجري / ج3/ 138  .

([310]) الطوسي / تهذيب الأحكام/ ج2/ 246 .

([311]) الصدوق / الخصال/ ج1 /11 .

([312])الكليني / الكافي / ج2/ 388 .

([313]) الكليني / الكافي / ج1/ 356 .

([314]) الكليني / الكافي /ج1 / 50.

([315]) الصدوق / المجالس/ طبع حجري / مطبعة الكمبائي / قم/ 1374هـ / 152 .

([316]) الحر العاملي / وسائل الشيعة إلى تحصيل علوم الشريعة / ج18/ 118 .

([317]) هو الشيخ محمد بن الحسن بن ابي محمد بن الحسين الحر العاملي الأخباري ( صاحب كتاب وسائل الشيعة وأحد المحمدين الثلاثة المتأخرين الجامع لأحاديث الشريعة).

([318]) الحر العاملي / المصدر نفسه.

([319]) الحر العاملي / المصدر نفسه.

([320]) البحراني / الحدائق النضرة في أحكام العترة الطاهرة / ج1/ 46 .

([321]) البحراني / الحدائق النضرة في أحكام العترة الطاهرة / ج1/ 51 .

([322]) القمي صدر الدين / شرح الوافية / 240 .

([323]) القمي / صدر الدين / المصدر نفسه.

([324]) النراقي أحمد / مناهج الأصول/ 451 .

([325]) الأنعام / آية 145 .

([326]) الأنصاري / فرائد الأصول / 107 .

([327]) الكرماني رحمه الله / حاشية على الرسائل / مطبوعة على2 هامش كتاب فرائد الأصول / مطبعة مصطفوي / قم/ 1374هـ/ 184.

(3) الانصاري  / فرائد الأصول / 207.

(4) الخراساني / كفاية الأصول / ج2/ 184.

 

([330]) الحكيم محسن (ت 1390هـ) حقائق الأصول / المطبعة العلمية / النجف الأشرف / 1372هـ / ج2/ 240

([331]) كاشف الغطاء علي / الأحكام / مخطوطة بقلم المؤلف / ج4/ 1023.

([332]) الأنصاري / فرائد الأصول / 207  .

([333]) الدار قطني علي بن عمر (ت 385هـ) / السنن/ عالم الكتب / بيروت / ج4 / 298 كذلك الصدوق / من لا يحضره الفقيه / ج4 / 53 .

([334]) الحسيني علي/ محاضرات في الأصول العملية / ج4/ 173 .

([335]) كاشف الغطاء علي/ الأحكام / ج4 / 1028 .

([336]) الحسني علي / المصدر نفسه.

([337]) انظر مسلم بن الحجاج / صحيح مسلم / ج2/ 1080/ كتاب الرضاع / باب 10/ حديث 36.

([338]) ابن دقيق العيد / شرح الأربعين النووية /25 .

([339]) ابن دقيق العيد / شرح الأربعين النووية / 25.

([340]) العاملي أبو عبد الله محمد بن مكي العاملي الشهير بالشهيد الأول ( ت 786هـ) القواعد والفوائد / تحقيق عبد الهادي الحكيم مطبعة الآداب / النجف الأشرف / 1400/ ج1/ 308 .

([341]) عن الإمام علي   عليه السلام   عن رسول الله   صلى الله عليه واله وسلم   قال (إنما أنا بشر وأنتم تختصمون ،ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض وإنما أقض على نحو ما أسمع منه فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فلا يأخذ به فإنما أقطع له قطعة من النار) أنظر الحر العاملي / وسائل الشيعة إلى  تحصيل علوم الشريعة / ج18/ 170 .

([342]) العسقلاني / فتح الباري شرح صحيح البخاري/ ج4/ 293 .

([343]) العسقلاني / المصدر نفسه .

([344]) عن أبي هريرة قال جاء رجل من بني فزارة إلى  رسول الله   صلى الله عليه واله وسلم   فقال ولدت امرأتي غلاما أسود وهو حينئذ يعرض بأن ينفيه فقال النبي   صلى الله عليه واله وسلم   هل لك من الإبل قال نعم قال فما ألوانها قال أحمر قال هل فيها من أورق قال أن فيها أورق قال فأنى أتاها ذلك قال لعل نزعة عرق قال فهذا عسى أن يكون نزعه عرق ولم يرخص له في الانتقاء منه) أنظر الشوكاني / نيل الأوطار/ ج6/ 278.

([345]) الشوكاني / نيل الأوطار / ج6/ 280 .

([346]) الكليني ، أبو جعفر بن يعقوب ( ت 329هـ) / الفروع / طبع حدري / طهران/ 1351هـ / ج4/ 391 كذلك الطوسي / تهذيب الأحكام / ج5 / 466 .

([347]) البحراني / الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة / ج1/ 73 .

([348]) الأنصاري / فرائد الأصول / 210 .

([349]) الخرساني محمد كاظم الطوسي (ت 1329هـ) / حاشية على الرسائل / طبع حجري / مطبعة أفتاب/ طهران/ 1376هـ / ج2/29 .

([350]) الكاظمي / فوائد الأصول/ تقريرات الشيخ محمد حسين النائيني / ج4/ 292 .

([351]) العسقلاني / فتح الباري في شرح صححي البخاري / ج4/ 292 .

([352]) ابن دقيق العيد / شرح الأربعين النووية /25 .

([353]) الطوسي / تهذيب الأحكام / ج2/ 259 كذلك الطوسي محمد بن الحسن (ت 460هـ) / الاستبصار / النجف الأشرف/ ج1/264.

([354]) البحراني / الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة /ج1/ 75 .

([355]) النراقي أحمد / منهاج الأصول /442 .

([356]) البرجوردي / نهاية الأفكار / تقريرات الشيخ ضياء الدين العراقي /ج3/ 247 .

([357]) الكليني / الفروع / ج2/ 35, الطوسي / تهذيب الأحكام / ج2/ 20 الطوسي / الاستبصار / ج3/ 186 .

([358]) البحراني / الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة / ج1/ 74 .

([359]) أنظر النراقي , أحمد / منهاج الأصول / 445 .

([360]) العسقلاني , ابن حجر / فتح الباري شرح صحيح البخاري / ج4 / 293 .

([361]) العسقلاني / المصدر نفسه .

([362]) ابن دقيق العيد / شرح الأربعين النووية / 26 .

([363]) أخرجه عبد الرزاق , أبو بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني ( ت211هـ) المصنف / تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي / ط1/ المجلس العلمي / دار القلم / بيروت / 1390هـ / رقم الحديث 4984. كذلك أحمد بن حنبل / المسند / ج1/ 200 . كذلك أبو داود السنن / 1178 . كذلك الترمذي / السنن / ج4/ 668 ,كذلك النسائي / السنن / ج8 / 327. كذلك ابن حبان / الصحيح / ج2/ 498. كذلك الطبراني , أبو القاسم سليمان بن أحمد (ت 360هـ ) / المعجم الكبير / تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي / ط2/ مطبعة الزهراء/الموصل/404 هـ / ج2/ 75 ، كذلك الحاكم محمد بن عبد الله النيسابوري /المستدرك /مكتبة النصر الحديثة/ الرياض / ج2/ 13/. كذلك الكراكجي / كنز الفوائد / 164 كذلك النووي / شرح الأربعين نووية / 75.

([364]) العاملي / القواعد والفوائد / ج1/ 311 .

([365]) ابن رجب / جامع العلوم والحكم/ 94 .

([366]) العسقلاني / فتح الباري شرح صحيح البخاري /ج4/ 293 .

([367]) العسقلاني / المصدر نفسه .

([368]) السيوطي / شرح سنن النسائي /ج8/ 328.

([369]) السندي / حاشية على شرح السيوطي لسنن النسائي / ج8 / 228 .

([370]) أخرجه ابن ماجة / السنن / ج2/ 1049. كذلك الترمذي / السنن/ ج4/ 634.

([371]) ابن دقيق العيد / شرح الأربعين النووية / 39.

([372]) الشوكاني / نيل الأوطار / ج5/ 211. 

([373]) المحقق الحلي أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن (ت 676هـ) معارج الأصول / طبع حجري / طهران / 1310هـ / 156 .

([374]) الأنصاري / فرائد الأصول / 211. 

([375]) البحراني / حدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة / ج1/ 77 .

([376]) الحر العاملي / وسائل الشيعة إلى تحصيل علوم الشريعة / ج8/ 123 .

([377]) الحر العاملي / المصدر نفسه / ج18/ 127 .

([378]) الحر العاملي / المصدر نفسه / ج18 / 127 .

([379]) الفاضل التوني / الوافية في الأصول / 270 .

([380]) الأنصاري / فرائد الأصول / 211 .

([381]) الكاظمي / فوائد الأصول / تقريرات الشيخ محمد حسين النائيني / ج3/ 138 .

([382]) البرجوردي / نهاية الأفكار / تقريرات الشيخ ضياء الدين العراقي / ج3/ 246.

([383]) أنظر الحسيني محمد سرور / مصباح الأصول / تقريرات السيد أبو القاسم الخوئي / ج2/ 322 .

([384]) أنظر البصري أبو الحسين محمد بن علي الطيب المعتزلي (ت 436هـ) المعتمد في أصول الفقه / تحقيق محمد حميد الله / المعهد العلمي الفرنسي للدراسات العربية بدمشق / المطبعة الكاثوليكية / بيروت / 1384هـ / ج1/ 869 كذلك المحلي جلال شمس الدين محمد بن أحمد (ت 862هـ) / شرح جمع الجوامع / مطبعة مصطفى محمد / المكتبة التجارية / مصر / ج1/ 92 .

([385])الآمدي , سيف الدين أبي الحسن علي ( ت 631هـ) الأحكام في أصول الأحكام /مؤسسة الحلبي وشركاؤه /دار الاتحاد العربي للطباعة / 1387هـ/ ج1/87 كذلك الفاضل الجواد , جواد بن سعد الله بن جواد البغدادي الكاظمي / غاية المأمول شرح زبدة الأصول مخطوطة في مكتبة كاشف الغطاء / رقم 762/ ج2/ غير مرقمة  .

([386]) حيث أن الحكمين الآخرين تبحث تنزلا في مطالب الحسن والقبح العقليين  .

([387]) الأنصاري / فرائد الأصول / 214 .

([388]) وهما الشيخ المفيد وهو أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبري توفي 413هـ وتلميذه الشيخ أبو جعفر محمد ابن الحسن الطوسي توفي 460هـ .

([389]) المفيد , أبو عبد الله محمد (ت 413هـ) / أوائل المقالات في المذاهب والمختارات / ط2/ مطبعة رضائي / تبريز / 1371هـ/ 11-12وأنظر الطوسي , أبو جعفر محمد بن الحسن (ت 460هـ) / عدة الأصول / طبع حري / طهران / 1317هـ / 296.

([390]) نسب إلى بكر أل أبهري (ت 375هـ) من المالكية أنظر الباجي أحكام الفصول / 681. وأنظر القرافي شهاب الدين أحمد بن إدريس (ت 684هـ) تنقيح الفصول في اختيار المحصول / تحقيق طه عبد الرؤوف سعد / ط1/ شركة الطباعة الفنية المتحدة / 1393هـ / 98.

([391]) نسب إلى أبي علي بن أبي هريرة ( ت 345هـ) أنظر الشيرازي أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف (ت 476هـ) / التبصرة في أصول الفقه / تحقيق حسن هيتو / دار الفكر / دمشق / 1400هـ / 533. وأنظر الرازي فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين ( ت 606هـ) / المحصول في أصول الفقه / دراسة وتحقيق دكتور طه جابر فياض العلواني / ط1/ مطابع الفرزدق / جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية / المملكة العربية السعودية / 1399هـ / ج1 / ق1/ 209-210. 

([392]) باد شاه , محمد أمير معروف الحسيني الحنفي الخراساني / تيسير التحرير / مطبعة مصطفى ببابي الحلبي وأولاده / مصر / 1351هـ / ج2/ 168.

([393]) وهو قول ابن حامد الحنبلي (ت 403هـ) والحلواني أنظر آل تيميه , مجد الدين أبو بركات (ت 652هـ) , شهاب الدين أبو المحاسن (ت 682هـ) , تقي الدين العباس (ت 728هـ) / المسودة في أصول الفقه / جمعها شهاب الدين أبو العباس الحراني الدمشقي الفقيه الحنبلي (ت 745هـ) حققه محمد محي الدين عبد الحميد / مطبعة المدني / القاهرة / 1384هـ / 474 , وأنظر ابن عقيل , أبو الوفا بن عقيل البغدادي / الواضح في أصول الفقه مخطوطة في مكتبة السيد صبحي السامرائي / صورة عن نسخة في المكتبة اظاهرية بدمشق / ج1/ 48آ .

([394]) وهو القاضي أبو يعلي البغدادي الحنبلي (ت 458هـ) في كتابه العدة في أصول الفقه حيث قال ( أنها على الحظر) أنظر أبو يعلي القاضي محمد بن الحسين الفراء البغدادي ( ت458هـ) / مخطوطة مصورة في مكتبة كاشف الغطاء / رقم 1530/ ج2/ 185آ . وأنظر الفتوحي تقي الدين أبي البقاء محمد بن شهاب الدين الفتوحي الحنبلي ( ت 1000هـ) شرح الكوكب المنير / تحقيق محمد حامد الفقي / ط1/ مطبعة السنة المحمدية / القاهرة / 1372هـ/ 102   .

([395]) البصري / المعتمد في أصول الفقه /ج2/ 868 . أنظر الشيرازي أبو إسحاق (ت 476هـ) اللمع في أصول الفقه / مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده / مصر / 1377هـ / 68 .

([396]) كاشف الغطاء الشيخ جعفر بن خضر الجناجي ( ت 1228هـ) غاية المأمول إلى علم الأصول / مخطوطة بقلم المؤلف / مكتبة الشيخ علي كاشف الغطاء / رقم 135/ ج2/ 124 .

([397]) الاستربادي / الفوائد المدنية / 138 .

([398]) ابو يعلي / العدة في أصول الفقه / ج2/ 186آ / وأنظر ابن قدامة عبد الله المقدسي الحنبلي ( ت 620هـ) روضة الناضر وجنة المناظر / ط4/ المطبعة السلفية / القاهرة / 1391هـ.

 

([399]) الطوسي , أبو جعفر محمد بن الحسن ( ت 460هـ) / العدة في أصول الفقه / طبع حجري / طهران / 1314هـ / 296/ وأنظر الاستربادي / الفوائد المدنية / 140-141 .

([400]) أبو يعلي / المصدر نفسه / وأنظر الكلوذاني أبو الخطاب محفوظ بن أحمد الحنبلي ( ت 510هـ) التمهيد في أصول الفقه / دراسة وتحقيق مفيد محمد أبو عمشة / ط1/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة / المملكة العربية السعودية / 1406هـ/ ج4/ 485 .

([401]) إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني ( ت 478هـ) / البرهان في أصول الفقه / تحقيق عبد العظيم الديب / ط1/ مطابع الدوحة الحديثة / قطر / 1399هـ/ ج1/ 100 .

([402]) المصدر نفسه  .

([403]) الغزالي , أبو حامد محمد بن محمد بن محمد (ت 505هـ) المستصفى في علم الأصول/ المطبعة الأميرية بولاق / مصر / 1322هـ/ ج1/ 65 .

([404]) القزويني مهدي (ت 1310هـ) موارد الأصول مخطوطة بقلم المؤلف / مكتبة الشيخ علي كاشف الغطاء / رقم 510 / بقلم المؤلف غير مرقمة  .

([405]) الكمال, الكمال بن الهمام (ت 861هـ) / تحرير / مطبوع على هامش تيسير التحرير / مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده / مصر / 1351هـ / ج2 / 168 .

([406]) وهو الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي الفيروز آبادي الملقب جمال الدين الشافعي تفقه على جماعة من الأعيان وصحب القاضي أبا طيب الطبري أنظر ابن خلكان أبو العباس شمس الدين أحمد (ت 681هـ) / وفيات الأعيان وأنباء الزمان / تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد / ط1/ مكتبة النهضة العصرية / مصر / 1376هـ / ج1/ 1009 .

([407]) الشيرازي أبو إسحاق / الوصول إلى مسائل الأصول/ تحقيق عبد المجيد تركي / الشركة الوطنية / الجزائر / ج4/ 380  .

([408]) الخراساني : كفاية الأصول / ج2/ 189-190 .

([409]) الطوسي عدة الأصول / 301.

([410]) الطوسي / المصدر نفسه / 296.

([411]) القزويني إبراهيم (ت 1262هـ) نتائج الأفكار / مخطوطة بقلم المؤلف / في مكتبة كاشف الغطاء / رقم 976/ لم ترقم صفحاتها . 

([412]) ابن أمير الحاج محمد بن محمد بن حسن الحنفي ( ت 879هـ) / التقرير والتحبير / المطبعة الكبرى الأميرية / بولاق / مصر / 1317/ ج3/ 21 .

([413]) الأنصاري / فرائد الأصول / 203 .

([414]) الكرماني رحمة الله / حاشية على الرسائل / 203.

([415]) كاشف الغطاء أحمد / حاشية على الرسائل / 211 .

([416]) كاشف الغطاء محمد حسين (ت 1373هـ) حاشية على الرسائل / مخطوطة في مكتبة كاشف العطاء / بقلم المؤلف / 21.

([417]) الكاظمي / فوائد الأصول / تقريرات الشيخ النائيني / ج3 / 133 .

([418]) الحسيني , علي / محاضرات في الأصول العلمية / من تقريرات السيد الخوئي /ج3/ 163.

([419]) وهو الذي يترتب عليه احتمال العقاب ويكون منشأ له  .

([420]) الحسيني , علي / م ن  .

([421]) الأنصاري / فرائد الأصول / 204  .

([422]) البرجوردي / نهاية الأفكار / تقريرات الشيخ ضياء الدين العراقي / ج3 / 236 .

([423]) البروجردي / م ن / ج3/ 364

([424]) كاشف الغطاء , علي / تقريرات في الأصول / تقريرات الشيخ كاظم الشيرازي / مخطوط بقلم المؤلف / في مكتبة المؤلف / 32 .

([425]) الخونساري , جمال الدين بن حسين بن جمال الدين (ت 1125هـ) / الردود والنقود / على حاشية ميرزاجان حبيب البغنوي الشيرازي (ت 994هـ) على مختصر المنتهى / مخطوطة بقلم المؤلف / في مكتبة علي كاشف الغطاء / ج2/ 220 .

([426]) الأنصاري / فرائد الأصول / 212 .

([427]) الحشر / آية 7 .

([428]) الخونساري , جمال الدين / م ن . 

([429]) التبريزي / أوثق الوسائل في شرح الرسائل / 281 .

([430]) كاشف الغطاء , علي / حاشية على الكفاية / مخطوطة بقلم المؤلف / في مكتبة الشيخ علي كاشف الغطاء / ج4/ 131 .

([431]) الحسيني , علي / محاضرات في الأصول العملية / تقريرات السيد أبو القاسم الخوئي / ج2 / 176  .

([432]) رجب علي / القلائد على الفرائد / 135.

([433]) البرجوردي / نهاية الأفكار / من تقريرات الشيخ العراقي / ح3 / 248 .

([434]) رجب علي / القلائد على الفرائد / 136 .

([435]) الحسيني , محمد / مصباح الأصول / تقريرات السيد الخوئي / ج2 / 350 .

([436]) الحسيني و محمد / مصباح الأصول / ج2 / 305 .

([437]) كاشف الغطاء علي / تقريرات الشيخ كاظم الشيرازي / 34  .

([438]) البرجوردي / نهاية الأفكار / تقريرات الشيخ العراقي / ج2 / 245- 255 .

([439]) الحسيني , علي / محاضرات في الأصول العملية / تقريرات السيد الخوئي / ج3 / 179 .

([440]) الحسيني علي / مصباح الأصول / ج3 /179.

 
 
البرمجة والتصميم بواسطة : MWD