العروة الوثقى

في الدين

 

آية الله العظمى

الشيخ عباس الشيخ حسن كاشف الغطاء  قدس سره

 

 

 

مكتبة كاشف الغطاء                                                                   النجف الأشرف

423 هـ                                                                                                  2003م

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي ندب العباد إلى طاعته وحثهم على عبادته فقال في الذكر المصون [ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ] وأتم الحجة وأوضح المحجة ببعث الرسل وانزال الكتب وجعل الأوصياء حتى ختم الأنبياء بالمسك الأبيض الأذفر والخلفاء بالأئمة الأثنى عشر  فكانوا مع نبيهم  صلى الله عليه وآله وسلم  أدنى من قاب قوسين إليه وأكرم جملة المخلوقين عليه اللهم وصل عليهم صلاة لا منتهى لأبدها ولا غاية لأمدها ثم لما اقتضت الحكمة الإلهية والمصلحة الخفية إلى غيبة إمام العصر وخلو الدهر في ظاهر الأمر عن الإمام فنصب العلماء من بعدهم حججاً تأتمر الناس بأمرهم وتنتهي عند نهيهم كما تضمن ذلك جملة من النصوص مضافاً إلى حكم العقل كالمقبولة والمرفوعة والخبر العالي السند فيلزم رجوع الخلق إليهم والاعتماد في أحكام الشريعة عليهم فانهم النّواب عموماً شكر الله سعيهم وأحسن يوم الجزاء رعيهم.

وبعد فيقول الأحقر المذنب ذو الخطأ عباس بن المرحوم الشيخ حسن نجل الإمام الأكبر الشيخ جعفر كاشف الغطاء الغروي النجفي لقد سألني من يرجع إلينا في التقليد ان أضع رسالة وجيزة في بعض ما تعم به البلوى من الأحكام فاستخرت الله وأجبت مسألته ووضعت هذه الرسالة لسائر المقلدين وسميتها بالعروة الوثقى في الدين اسأل الله أن يعصمنا من الزلل وان يجعلها ذخيرة ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون ورتبتها على مقدمة وكتب ومقاصد:

 

المقدمة

أمّا المقدمة ففي بيان أن العمل منحصر بالقطع أو الاجتهاد أو التقليد فيجب في العقائد وما ضاهاها من الموضوعات الصرفة:

الأول : وهل يكفي الظن مطلقاً أو في الأخير فقط الظاهر كفايته مطلقاً وفي كفاية الظن الحاصل من التقليد في خصوص العقائد إشكال الأقرب عدمه ولا يجب البحث عن تفاصيل أحوال البرزخ والحشر والجنة والنار والصراط والقبر وغيرها على الأقوى ويجب في الأحكام.

 

الثاني : أي الرجوع إلى المجتهد الحي الإمامي الجامع للشرائط ولو مات الحي بعد تقليده بقي المقلد على تقليده في كل ما عمل فيه بقوله دون ما لو نوى العمل به على الأظهر ولا يجوز له العدول على الأقرب فإن وصف الحياة ملغى في الاستصحاب كالغاء الزمان فيه على ما هو الحق وإلا لثبت ذلك في الخلافيات الوارد بها الخبرين المتعارضين حيث لم يكن النظر إلى الواقع فإن حكم المنصوب حكم الناصب في حجية القول مطلقاً وان افترقا في غيره وعدم جواز تقليد الميت ابتداءاً إنما وجب للإجماع بالفتوى على وجوب البقاء في المسائل المعمول بها وعدم جواز الرجوع للميت ابتداءاً فليفهم ولو تبدل رأي المجتهد إلى القطع بالخلاف أعاد المقلد ما كان الحكم يدور فيه مدار الواقع ولا يعيد ما يدور الحكم فيه مدار علم المكلف ولو تبدل الظن بالخلاف لم يعد ما فعله وان كان الأحوط الإعادة فيما دار الحكم فيه مدار الواقع ولو ظن في حكم موضوع واحد كطهارة الماء ونجاسته وقد توضأ به قبل الحكم بالنجاسة بنى على صحة الوضوء ونجاسة الماء وكذا في نجاسة الأرض بعد طهارتها والصلاة عليها فلا يسوغ له استعمالها بعد ذلك ويجري على مقلدي المجتهد ما يجري عليه والأقوى صحة عبادة الجاهل إذا طابق الواقع ولم يكن في تقربه خلل بأن لم يكن اخذ بالمناسبات الذوقية والاستحسان والتشهر سيما في إحراز الشرائط وعدم الموانع فمن تبين له الخطأ في دعواه الاجتهاد أو الخطأ في طريق التقليد بعد ان عمل فوافق رأي المجتهد الحي الجامع للشرائط صح عمله وعلى ذلك تصح العبادات الموافقة للواقع أو لرأي المجتهد من الاخباريين ومتابعيهم ويجوز العمل بالاحتياط للمجتهد إذا أدى نظره إليه مطلقاً ولا يجب عليه الاجتهاد كي يعمل باجتهاده والأحوط العدم حتى في حق المقلد المتمكن من الاجتهاد وليس للمقلد ان يعمل بما أدى إليه نظره من الاحتياط إلا ان يكون رخّص له المجتهد بالعمل فيه مطلقاً والمقام مقامه أو رجع إليه في الاحتياطات الجزئية ولا يجوز للمقلد العدول من مجتهد إلى آخر مطلقاً أو قيما عمل فيه من المسائل في وجه قوي وحينئذ فلا يكفي مجرد الأخذ للعمل بل هو مع العمل وبهما يتحقق موضوع التقليد وتتعلق به أحكامه ويجب الرجوع إلى الأفضل مع العلم بخلافه للمفضول كما يجوز الرجوع إلى المفضول مع العمل بتوافقهما وأما مع الجهل بالتوافق وعدمه فيجوز الرجوع إلى المفضول والأقوى عدمه ولو قلد المفضول لجهل بالحكم أو الموضوع ثم تبين الخلاف فالأقرب صحة العمل الماضي والعدول في المستقبل ولو شك بالأفضلية تخير وفي لزوم الفحص إشكال الأقرب اللزوم ولو شك في الأفضل بعد العلم به استصحب والتخيير أقوى بعد البحث وبقاء الشك ولو قلد الأفضل فعاد مفضولاً لم يجز له العدول في الأظهر ولو عدل في مستقبل عمله كان احسن وكذا لو قلد حيّاً فمات أو عاقلاً فجن أو عاملاً فجهل أو عدلاً ففسق أو مؤمناً فعمى أو كفر فالأقوى في الجميع لزوم البقاء وعدم العدول ويجوز للمتجزي العمل برأيه والرجوع إليه به ان حصل له الاستفراغ التام في خصوص ما اجتهد به إلا في الارتباطيات من المسائل مع استفراغ الوسع في أحدها وفي نفوذ قضائه ورجوع وظائف المجتهد المطلق إليه من قبض الحقوق وإقامة الحدود لي تردد الأقرب عدمه ولا يجوز تقليد المختلفين في المسألة الواحدة فيعمل بقول هذا طوراً وبقول الآخر أخرى كما انه لا يجوز ان يلقد في تحديد الحائر مثلاً لواحد وفي التخيير لآخر مع اختلافهما في التحديد وقس عليها ما مثلها مثل لو كان الموضوع مستنبطاً يجب التقليد فيه فلا يجوز ان يقلد في الموضوع شخصاً وفي الحكم آخراً والظاهر لزوم تعيين المقلد فلا يجوز تقليد الواحد المبهم مع اتفاقهم في الحكم والعامل بفتوى المجتهد لا بعنوان التقليد بل بعنوان الاستقلال في صحة عباداته إشكال الأقرب الفساد ويثبت الاجتهاد بالبينة والشياع المورث الظن القوي وغيرهما من القرائن المورثة له وتقبل دعوى الاجتهاد ممن يمكن في حقه فلا يعارض في شيء من الآثار ويجوز العمل برأي المجتهد الفاسق عند الانحصار أو الاضطرار ويجب طلب المجتهد ولو بالمال غير المضر بالحال ويجوز الرجوع إلى وسائطه وكتبه الثابت إنها منه وإذا فقد المجتهد والعياذ بالله أو تعسر على المقلد الرجوع إليه رجع إلى كتب أصحابنا الماهرين الأعلم الاضبط فالأعلم فإذا نعسر رجع إلى الأخبار ان امكنه فهمها فإن لم يمكن فإلى القياس والاستحسان فإن لم يمكن فبفيه التراب والله غفور رحيم وهذا آوان الشروع في المقصود فنقول وبالله نستعين :

 

ففف

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين إلى يوم الدين.

كتاب الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر

وهي اعظم الأعمال فقد ورد ما مضمونه انه لا شيء بعد الشرك بالله اعظم من ترك الصلاة وانها عمود الأعمال إذا قبلت قبل ما سواها وإذا ردت رد ما سواها والبحث فيها فيحصر في مقاصد:

المقصد الأول : في الوضوء وما يتعلق به وفيه مباحث :

المبحث الأول : في بيان ما يشترط به

 وهو شرط في الصلاة الواجبة ولا فرق بين اليومية وغيرها إلا في صلاة الأموات وكذا هو شرط في المندوبة وأجزائها المنسية المقضية وسجود السهو وفي الطواف الواجب ومس كلمات القرآن ويدخل فيها اسم فرعون وإبليس وقارون ونحوها وحروفها ومس حروفه ويدخل في الحروف نحو المدة والتشديد والحركات دون السكنات ولايجب في مس اسم الله وصفاته الخاصة والأحوط ذلك ولو بغير العربية وأما أسماء الأنبياء والأوصياء والملائكة فله مسها ما لم يدخل في كتابة القرآن وان كان الأفضل بل الأحوط تركه في القسمين الأوليين اعني أسماء الأنبياء والأوصياء والألفاظ والمشتركة بين هذه الأشياء وغيرها يعتبر فيها قصد الكاتب دون اللامس ومع الاشتباه لا بأس والأولى بل الأحوط اجتنابه ويدور المنع مدار القرآنية فما على الخاتم ونحوه بنحو المكتوب على القرطاس وفيما كتبته الريح أو وجد على نحو الكتابة إشكال والأقرب عدم المنع في المختص منه والمشترك وفي المنقوش على الأبدان والحروف المقطعة والمكتوبة بالبياض وفي التطريز وضرب القالب اشد إشكالاً والأقرب المنع في الجميع حتى في الحروف المقطعة في ابتداء الكتابة التي قد نوي بها الانفصال من الأصل فإنها كالمتواصلة ومس اليد والبدن مشترك في المنع والأحوط اجتناب مس الشعر وغيره مما لا روح فيه بل الأقوى فيهما المنع ولا بأس بمس أسماء السور وعدد الآيات وفصولها ونحوها فأما صلاة الجنائز وسجود الشكر وسجود التلاوة وجميع أفعال الحج والعمرة سوى الطواف الواجب فيستحب فيها الوضوء ويستباح بالوضوء الرافع للحدث الدخول في الفرائض إذا نوى به الرفع ومنه الوضوء الاحتياطي سواء قصد الاستباحة أو لا واجباً كان أو ندباً قبل دخول الوقت أو بعده أم لو لم ينو الرفع فلا يجوز الدخول به فيما كان شرطاً فيه الوضوء كالوضوء التجديدي والوضوء الصوري فانهما لا يرفعان لعدم النية.

المبحث الثاني : في بيان أجزائه

 وهي ستة ثلاث غسلات وثلاث مسحات:

الأولى: غسل الوجه بإجراء الماء عليه ولو خفيفاً بنفسه أو بمعونة الكف ونحوها ولا يجب غسل ما بطن منه إلا ما كان من باب المقدمة ولا يجوز ترك ما ظهر بل لو تركه غير عامد فسد وضوءه مبتدءاً  من قصاص الشعر منتهياً به إلى الذقن طولاً ما جرى عليه امتداد ما بين طرفي مجموع الإبهام والوسطى عرضاً ويعرف بوضع وسط الامتداد على وسط القصاص وإجراءه على الوجه حتى ينتهي إلى الذقن فما دخل تحته دخل في الوجه وما خرج عنه خارج عن الوجه فمسترسل اللحية وما خرج عن الحد من الصدغ ونحوه خارجة ولا يجب إيصال الماء إلى ما تحت الشعر النابت في الوجه كثيفاً أو خفيفاً بل يكفي غسل ظاهره عن غسل ما تحته ولا يجزي غسل ما تحته عنه وأما المتدلي من الرأس عليه فلا بد من غسل ما تحته ويلزم استيعاب الوجه بالغسل بحيث لا يبقى مكان شعرة بلا غسل ويلزم رفع ما يمنع وصول الماء إليه أو تحريكه ان كان مقطوعاً بمنعه وحجبه ولو شك في الحاجب فإن كان في أصل تحققه لم يجب البحث عنه وان كان الأحوط ذلك وان كان الشك في حجبه مع تحققه فإن كان أولاً مقطوعاً بحجبه م عولج حتى صار مشكوكاً في حجبه وجب تحصيل القطع بعدم الحجب والقطع بالايصال وان كان مشكوكاً من أول الأمر في حجبه لم يجب على الأقوى وان لم يؤد إلى مشقة عادة وان كان الأحوط ذلك ويجب ان يبتدي من الأعلى ولو رد الماء في الأثناء إلى ما فوق صح مع عدم نية الخصوصية والأحوط تركه ولو رد الماء غير ناو به الغسل ونوى في نزوله فلا مانع ولو رمس وجهه في الماء ناوياً الغسل من الأعلى بادخاله وقد ادخل الأعلى قبل ما تحته أو بإخراجه كذلك أو ببقائه مع مضي زمان يتحقق فيه تقديم الأعلى على غيره فلا بأس ويلزم التحريك في الصورة الأخيرة ولا بد من إدخال شيء من الحدود ليعلم استيعاب الوجه والمدار في الحدود على مستوى الخلقة وغيره يرجع إليه فيراعى في الحدود ما يناسب في العادة المحدود ولا يجب فيه فرك ولا دلك.

الثانية : غسل اليد اليمنى مبتدأ من فوق المرفق من باب المقدمة والمرفق يجمع عظم الزند والعضد منتهياً إلى أطراف الأصابع وحاله في كيفية الغسل وتوابعه حال الوجه واستبطان الشعر هنا في غسل اليد واجب كوجوب غسل البشرة تحته خرج عن العادة في الكثافة أم لا ومثله في الوجوب إزالة الوسخ تحت الأظفار المانع سواء تجاوز المعتاد عند أهل الصحارى والبلاد أو لم يتجاوز وكذا إذا ظهر بعد التقليم.

الثالثة : غسل اليد اليسرى على نحو اليد اليمنى.

الرابعة : مسح بشرة شيء من مقدمة الرأس وهو الربع المتقدم من الرأس أو شعره المختص به المسامت له خلقة غير متجاوز عنه ولا بأس بالمجموع عليه ما لم يخرج بمذة عن حده بشيء من باطن الكف اليمنى أو اليسرى واليمنى أحوط بالبلل الباقي فيها أو في غيرها من محال الوضوء قيل ومن هنا يعلم ان الاحتياط بترك الاحتياط في غسل اليد اليسرى بعد تمامها باليد اليمنى وفيه انه ان كان القطع باستيعاب الغسل لليد حاصلاً فلا احتياط في الفرك والدلك لأجل الغسل بل هو ان وقع كان لشيء آخر غير الاحتياط وان كان القطع لم يحصل فالاحتياط في الفرك والدلك لازم ويجوز المسح من الأعلى إلى الأسفل وبالعكس والأحوط المسح على النحو المعهود والافضل بل الأحوط ان يمسح من الرأس ما لا ينقص عن عرض ثلاث أصابع وأحوط منه كون ذلك بثلاث أصابع.

الخامسة : مسح ظاهر القدم اليمنى بشيء من باطن الكف اليمنى أو اليسرى واليمنى أحوط بالبلة التي فيها على النحو المعهود مستوعباً لطولها من أطراف الأصابع إلى الكعب والأحوط ان يكون ذلك على جهة الاستقامة ونعني به قبة القدم وهي معقد شراك النعل ولا يلزم استيعابها عرضاً ويجوز الابتداء بالاصابع وبالكعب والأول أولى ويجب إزالة الموانع عن الأعضاء الممسوحة ليحصل مباشرتها والأحوط بل اللازم تجفيف الرطوبة عن الممسوح بحيث يؤثر فيه بلل الماسح ولا يلزم في الماسح للتعذر أو التعسر الموجبين لنفي التكليف ولو استحباباً والأقوى لزوم استبطان الشعر في مسح القدم لو حصل عليه شعر مانع سواء تكاثف أو لا خرج عن العادة أو لا.

السادسة : مسح ظاهر القدم اليسرى بشيء من باطن اليد اليسرى أو اليمنى واليسرى أحوط بما بقي فيها من البلل إلى الكعب على نحو ما ذكر في مسح اليمنى وكل ما ينبت في مواضع الغسل من لحم أو ورم أو غدد أو نحوها يجري عليها الحكم وأما ما ينبت منها في مواضع المسح فالأقرب مراعاة عدم التدلي من العضو الممسوح وذو الرأسين يغسل الوجهين ويمسح على الرأسين ما لم يعلم زيادة أحدهما فلا يعتبر الزائد وذو اليدين يغسلهما إلا ما كانت فوق العضد وعلمت زيادتها على الأقوى.

المبحث الثالث : في شرائطه

 وهي ستة :

أولها : طهارة الماء واطلاقه واباحته ويشترط إباحة المكان وهذا الشرط اعني إباحة الماء واباحة المكان مع الانحصار في المحرم لا إشكال فيه ومع عدم الانحصار إشكال وكذا يشترط إباحة الإناء ومسقط الماء ويد النائب بل مطلق المباشر والحكم في هذه في التفصيل بالانحصار وعدمه كما تقدم في الماء والمكان.

ثانيها : المباشرة بنفسه مع الاختيار فلو وضأه غيره أو شاركه في الوضوء أو بجزء منه بطل أمّا لو صب الغير الماء في كفه ولم يباشر شيئاً فلا بأس وان كره ولو صب الغير على عضوه فأجرى هو الماء ناوياً به الغسل لا بالصب فلا مانع.

ثالثها: عدم المانع عن استعمال الماء من مرض أو عطش على نفسه أو على نفس مؤمنة ونحو ذلك مما يوجب التيمم ولو توضأ والحال هذه بطل.

رابعها : الموالاة وهي ان يغسل العضو مبتدءاً به قبل ان يجف تمام ما تقدمه فلو بقي في شيء من الأعضاء السابقة شيء من البلل ودخل في اللاحقة لم يضر.

خامسها: الترتيب في الأعضاء دون الأجزاء إلا الأعلى مع غيره في مقام الغسل بأن يقدم الوجه على اليد اليمنى واليد اليمنى على اليسرى واليسرى على مسح الرأس ومسح الرأس على مسح القدمين ولا ترتيب بينهما بل تجوز الدفعة ولا يجوز تقديم اليسرى والأحوط الترتيب ولو أخل بالترتيب حيث يجب أعاد إلى ما يحصل معه الترتيب إذا لم يلزم فوات الموالاة ولو نسي جزءاً من السابق عاد عليه ثم أعاد اللاحق وصح الوضوء إذا لم تفت الموالاة.

سادسها : النية وهي قصد الفعل قربة إلى الله تعالى أمّا لأنه أهل لذلك أو لطلب رضوانه أو عفوه أو غفرانه أو لشكر إحسانه أو لعظمته أو جزاء لنعمته أو طلباً لرضاه أو فراراً من سخطه من حيث انه كذلك أو لطلب الثواب أو السلامة من العذاب دنيوياً أو أخروياً إذا كان الإخلاص وسيلة إلى حصولهما أو لا تركب منهما ولا بد من نية الوضوء جملة فلو نوى لكل جزء جزء على انفراده  لم يصح على الأقوى إلا ان يلحظ قصد الجزئية فيرجع إلى قصد الكل ولا يلزم نية شيء وراء ذلك سواء الجهة التي يتوقف عليها التعيين كما إذا نذر وضوءاً يقصد ه الندب وآخر يقصد به الوجوب وآخر يقصد به عبادة أخرى والأولى بل الأحوط تعيين الوجه من الوجوب والندب وأما مع التردد فتجزي نية القربة يقيناً والأقوى قصد رفع الحدث أو قصد استباحة الصلاة ونحوها فقط في دائم الحدث ولو ضم نية التبرد وكانت نية الوضوء ملحوظة بنفسها غير تابعة فلا مانع ولو نوى قطعه أو تردد في قطعه بعد ابتداء العمل لم يفسد بذلك فله البناء على الإتمام من محل نية القطع والتردد واعادة ما وقع في حال نية القطع والتردد من أفعاله مع حصول الموالاة على النحو المتقدم.

المبحث الرابع في الأحداث الناقضة للوضوء

وهي أحد عشر ستة منها يرتفع حكمها بمجرد الوضوء وهي خروج البول والغائط والريح الخارجة من المعدة وهذا القيد وهو الخروج من المعدة قيد للريح والمراد به ما كان مادته من الاخلاط في البدن ويقابله الهواء الذي يدخل في البدن كالزق المنفوخ ثم يخرج من الدبر فانه لا عبرة به والاستحاضة القليلة وهي ما يلطخ دمها القطنة ولا يغمسها ويلزم في هذه الوضوء لكل صلاة بعد غسل الفرج وتبديل النجسة بالطاهرة كل ذلك بغير فاصلة والمتوسطة بالنسبة إلى كل صلاة لم يحدث عندها الدم أو ينقطع عندها ولم تكن صلاة صبح مع استمراره ونعني بها ما يغمس الدم القطنة ولا يسيل إلى خارج والكثيرة بالنسبة إلى غير صلاة الصبح وغير الأولى من الظهرين والعشائين وغير الصلاة التي ينقطع عنها الدم عندها أو يحدث عندها ويشترط في جميعها الخروج من الموضع المعتاد أو ما صار معتاداً أو لا اعتبار بما يخرج من غير المعتاد والنوم الغالب على العقل قائماً أو جالساً ومضطجعاً وفي جميع الحالات وعلامته ان يغلب على حاستي السمع والبصر وجميع ما يغلب على العقل من جنون أو سكر أو اغماء أو نحوها ويكفي وضوء واحد لتلك الأحداث وان تعددت ومستدام الحدث كالمسلوس والمبطون المتواتر حدثهما والمستحاضة مع الاستمرار يتوضئون لكل صلاة بعد تطهير المحل ووضع الحفيظة ويبادرون بعد الوضوء إلى الصلاة من غير فاصلة ولو كان لهم فترة تسع الطهارة والصلاة انتظروها ولو فاجئ المسلوس المتراخي سلسله والمبطون كذلك والحال هذه ففيه إشكال والأحوط تحري الوقت الذي يكون خروج الحدث فيه اقل.

وأربع منها يرتفع حكمها بالوضوء والغسل معاً لا بأحدهما وهي الحيض والنفاس ومس الأموات والاستحاضة بقسميها الكبرى والوسطى بالنسبة إلى كل صلاة يتقدمها الغسل والأحوط بل الأقوى تقديم الوضوء فيها على كل غسل والحادي عشر ما يرتفع حكمه بالغسل فقط وهو الجنابة فهذه أحد عشر ولا ناقض سواها وكلها ناقضة للوضوء ولا ينقضه ما يخرج من المخرجين ولو من دم أو رطوبة أو حصاة أو نواة ونحوها مما لا يسمى بولاً أو غائطاً نعم لو خرج شيء من النواقض مصاحباً لأحدها نقض ولا يحكم بشيء منها إلا مع العلم فلو حصل ريح لا يعلم انه من المعدة أو خرج شيء شك في مصاحبة الغائط له فلا عبرة به والشك بل الوهم فيما يخرج من الذكر قبل الاستبراء بالبول من الإنزال أو بالاجتهاد من البول انه بول أو مني يقوم مقام العلم ولو حصل حدث وكان متردداً بين شخصين لم يحكم عليهما بشيء.

المبحث الخامس الاستنجاء

ويلزمه أمور :أولها : ستر لون العورة وكذا الحجم إذا وقع عليه البصر لا إذا علم وابصر ظلها من وراء الساتر وبطريق المقايسة بأن كان الساتر على قدرها وهي متلبسة به مثلاً وهي القبل والدبر والبيضتان دون الأليتين دون الشعر النابت حول العورة عن كل ناظر له لياقة التمييز والأحوط سترها عمن يزيد عمره عن ثلاث سنين سوى الزوجة والأمة التي يجوز الاستمتاع بها وما أحل له فرجها.

ثانيها : ان لا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ببدنه حال خروج البول والغائط بل حال قصد ذلك حالاً متصلاً والاستدبار في كل حال بحسبه فاستقبال القيام والمشي والجلوس والاضطجاع ونحوها مختلف كل بحسبه ومع الاضطرار أو اشتباه القبلة بغير محصور يسقط الحكم ولو كان بمحصور لزم اجتناب الجميع على الأقوى ولو استقبل القبلة وأمال ذكره عنها لم يرتفع المنع.

ثالثها : تجنب المواضع المحرمة كالمساجد ونحوها وتجنب الأماكن المغصوبة مملوكة أو موقوفة خاصة أو عامة مع منافاة غرض الواقف إذا لم يكن من الصحارى المتسعة أما لو كان منها فتحل لغير الغاصب وان صرح المالك بالمنع إذا كان الاتساع كلياً يؤدي تجنبه إلى الإضرار بالمسلمين وكذا المواضع المشتركة بين المسلمين كالشوارع والمشارع والاسواق إذا أضر بالمسلمين.

رابعها: الاستنجاء لمن أراد الصلاة ونحوها مما يشترط فيه الطهارة بالماء خاصة في غسل البول والأقرب عدم الاكتفاء بالمرة إلا في الجاري سواء تجاوز المحل عادة أو لا ويكفي في المرة مسمى الغسل ولو بالقطرة ويتخير بين الغسل بالماء وبين الحجر والخزف والمدر ونحوها في الغائط ما لم يصاحبه دم ولم تصبه نجاسة خارجية ولم يكن متجاوزاً لحلقة الدبر تجاوزاً بيناً بشرط كون الحجر ونحوه طاهراً مزيلاً لعين النجاسة والأحوط لزوم ما كونه جافاً ومتى فقد شرط من الشروط تعين الماء ويحرم الاستنجاء بالعظم والروث والأقوى عدم  إزالة النجاسة فيهما وكذا يحرم في الأشياء المحرمة كالقران وحائط الكعبة والتربة الحسينية وتربة القبر مطلقاً ومثله قبور سائر الأئمة وأما تربة كربلاء فلا يحرم الاستنجاء بها في ارض كربلاء ما لم تتخذ على هيئة مشعرة للعبادة ويحرم في غير كربلاء إذا أخذت للاحترام وإذا أخذت بقصد الاستعمال أو لا بقصد الاحترام فلا بأس والأحوط التجنب مطلقاً وكذا المغصوب والمطعون وتزول معه النجاسة ما لم يبعث على الارتداد ويبقى الإثم والأحوط إعادة الاستنجاء بالمحلل ويعتبر التثليث بالأحجار ونحوه فإن زالت النجاسة بأقل من ثلاثة أحجار وجب الإكمال وان لم تزل بالثلاثة فلا بد من الزيادة حتى تزول وفي الحجر الكبير والخزفة الواسعة قيل يكفي اعتبار الجهات والأحوط قسمها ثلاثاً حتى يكون المسح بثلاث منفصلات ولو تمسح بمثل الحائط أو الجبل أو شيء من أجزاء الأرض المتصلة كفى تعدد المكان الذي تمسح به وان كان متقارباً ولا يعتبر انفصاله والاحتياط لا يترك.

خامسها : الاستبراء لمن خشى انتقاض طهارته أو نجاسة ثيابه والأولى في كيفيته ان يطهر الغائط أولاً ثم يمسح بعد انقطاع البول ما بين حلقة الدبر إلى اصل الذكر ثلاثاً ثم يعصر الذكر من أصله إلى طرفه ثلاثاً ثم ينتره ثلاثاً وفائدته انه لو خرج شيء من الذكر فلم يعلم انه بول أو لا حكم بطهارته ولم تنتقض طهارته ولو لم يكن مستبرياً تنجس ثوبه وانتقضت طهارته ولا استبراء على النساء وينبغي لهن التأني والصبر في الجملة بعد البول والتنحنح ولو عصرت فرجها عرضاً فلا بأس.

المبحث السادس في الوضوء الاضطراري

وهو أقسام :أولها : الوضوء للتقية وتتحقق بحضور من يخافه من العامة أو من كان متديناً بدينهم وان لم يكن منهم على نفسه أو ماله أو عرضه أو على بعض المؤمنين أو خشية بلوغ الخبر إليهم ويشترط في جواز التقية عدم إمكان الخروج عن محلها ولا يشترط عدم إمكان التخلص بالبذل فلا يجب بذل المال فر رفعها وان كان غير مضر على الأقوى ولو بذل فيشترط في جوزا البذل ان لا يكون ذلك القدر مضراً فلو مسح على الخفين أو غسل قدميه أو ابتدأ في غسل الوجه من اسفله وفي اليدين من أطراف الأصابع وانتهى إلى المرفقين في محل التقية جاز ولو ارتفعت التقية بعد فعل الصلاة لم يجب إعادتها ويجب الاستئناف لو زالت في الأثناء بعد الشروع في الوضوء قبل إتمامه وكذا تجب الاعاد لو زالت بعد إتمامه قبل الصلاة على الأقوى ولو دار الأمر بين مسح الخفين أو غسل الرجلين فالأقوى الأخير ان لم يتمكن من إيقاع المسح معه وإلا وجب.

ثانيها : وضوء اقطع اليدين أو القدمين مثلاً والحكم في ذلك انه ان بقي من محل المسح أو الغسل أتى بحكمه ولو انقطع محل الغرض بتمامه كأن تقطع اليد من فوق المرفق والقدم من فوق الكعب سقط الحكم ولو قطعاً من نفس المفصل فالأحوط الغسل لما اتصل بمحل الغسل والمسح لما اتصل بمحل المسح ولو لم يتمكن من غسل الأعضاء الباقية أو مسحها التمس أو استأجر بأجرة لا تضر بحاله من ينوب عنه فيما عجز عنه وكذا يجب ان يشتري أو يملك بأحد أسباب الملك من يتأتى منه النيابة فيما عجز عنه.

ثالثها : وضوء الجبائر فإن حصل في مواضع الغسل أو المسح جبيرة يضر حلها ولا يمكن في الغسل إيصال الماء إلى ما تحتها إلا بالإجراء ولا بالوضع في الإناء وأما لعدم إمكان إزالة النجاسة عنه أو لخوف الضرر عليه مسح برطوبة اليد عليها ولا يلزم سوى مسح ما تيسر فلا يلزم استيعاب ما بين الخيوط مما يتعذر أو يتعسر الوصول إليه والجرح والقرح المعصبان كالجبيرة والمكشوفان لا يجب تعصيبهما ويقتصر على غسل ما حولهما ومقدار ما يتصل بهما وان كان الأحوط التعصيب ولو أمكن المسح على البشرة فالأحوط الجمع بين الأمرين والظاهر جرى حكم الجبائر مع تحقق الكسر ونحوه في المحل بالدواء واللطوخ وأما ما التزق بمحل الغسل أو المسح منهما أو من غيرهما بحيث لا يمكن إزالته ولم يتصل اتصال الجزء مع صحة المحل فالأحوط الجمع بينه مع تحقق اسم الغسل به وبين التيمم أمّا لو اتصل اتصال الجزء فيغسل عوض ما تحته والأحوط الجمع بين المسح عليه مع تحقق اسم الغسل والتيمم ويجري حكم الجبيرة فيما لو عمت العضو أو الأعضاء وان كان الأحوط الجمع بينه وبين التيمم ولا يجري هذا الحكم في الرمد ووجع الأعضاء بل يتعين هنا التيمم ويضع خرقة طاهرة على الخرقة النجسة ان لم يمكن دفعها.

رابعها: شدة الحرارة المجففة لرطوبة الأعضاء وهنا ان تعذر عليه التخلص من ذلك فلا بأس وان امكنه التخلص من ذلك بلا مشقة تخلص منه وان جفت رطوبة اليد فقط فلم تبق رطوبة المسح اخذ مما بقي من رطوية الأعضاء أو اللحية ولا يؤخذ مما خرج عن حدود الوجه ويقوى جواز الأخذ من المسترسل ومن تحت شعر الوجه خفيفا كان أو لا والأحوط الاقتصار على الخفيف مع إمكانه ولو تعذر بقاء بلل الوضوء مسح بماء جدبه.

المبحث السابع : في ارتفاع الضرورة

فإن ارتفعت قبل الدخول في الضوء وجب وضوء المختار أو بعد الدخول قبل الإتمام فالأقوى الإعادة من رأس وان ارتفعت بعد فعل الصلاة فلا بأس في صحة الصلاة وان زالت بعد الوضوء قبل الصلاة فالأقرب لزوم الإعادة وعدم جواز الدخول به في الصلاة الأخرى.

المقصد الثاني في الاغسال الرافعة للحدث وفيه مباحث

المبحث الأول : في بيان أعدادها

وهي خمسة غسل الحيض والاستحاضة والنفاس وغسل الجنابة ومس الأموات ولا بحث لنا في غسل الأموات لأن البحث في حكم الأحياء ولا في الثلاثة الأول لأنها من خواص النساء ونحن إنما نبحث في المشتركات بينها وبين الرجال.

 

المبحث الثاني : في غسل الجنابة

ولا يشرع الوضوء معه على الأقوى بخلاف باقي الاغسال فانه يجب معها الوضوء وتحصل الجنابة بأمرين:

أولهما خروج المني مطلقاً سواء كان معتاداً أو لا بالأصل أو بالعارض في نوم أو يقظة مع العلم به فلو ظن حصوله أو شك في كونه منياً فلا بأس إلا ما يخرج قبل الاستبراء بالبول ولا يقوم مقام الاستبراء شيء من الخرط والنتر إلا مع عدم إمكان البول ويشترط العلم بصدوره منه فلو دار بين شخصين فلا يحكم عليهما بشيء إلا إذا كان الدوران مع كون الثوب مختصاً فالاختصاص قائم مقام العلم على الأقوى وحقيقته إذا علمت من أي طريق حصل العلم بها فلا إشكال ولو لم يحصل العلم بها فإن اجتمع في الخارج شهوة ودفق وفتور الجسد فهو بمنزلة العلم المعتبر شرعاً إذا خرج ذلك من صحيح البدن وفي المريض تكفي الشهوة وحدها وهي أيضاً قائمة مقام العلم وليس من الأمارات المعتبرة شرعاً كونه برائحة الطلع أو حصول الجرم في الثوب ونحو ذلك.

ثانيهما : الوطأ مع دخول الحشفة وان لم ينزل في القبل من المرأة أو دبرها أو دبر الغلام أو دبر الخنثى صغيرين كان الواطئ والموطوء أو كبيرين أو مختلفين حياً كان الموطوء أو ميتاً والأقوى في دخول ذكر الميت إجراء الحكم ويلزم الغسل على المكلف واطئاً أو موطوءاً وعلى غيره بعد البلوغ على الأقوى ولو شك في اصل الوطء أو دخول الحشفة فلا شيء عليه ولو وطىء بهيمة قبلاً أو دبراً لم يجب الغسل على الأقوى والأحوط الغسل.

المبحث الثالث : في بيان ما يتوقف على غسل الجنابة

وهو عدة أمور :أولها : الطواف الواجب والصلاة واجبة أو مندوبة فيما عدا صلاة الجنائز وكذا أجزائها المنسية وسجود السهو وأما سجود الشكر والتلاوة فلا يشترط فيهما الطهارة.

ثانيها: الصوم واجباً قضاءاً أو أداءاً والأحوط في المندوب بقسميه ذلك فلو أجنب ليلاً وجب الغسل قبل الفجر ليصبح طاهراً وأما ما يحدث من احتلام في أثناء النهار فليس عليه مدار والأحوط البدار.

ثالثها: الأحوط عدم مس اسم الله تعالى وهو جنب وليس بحرام سيما إذا لم يقصد به معناه ويحرم مس كتابة القرآن بيده أو بشيء من بدنه كائناً ما كان على نحو ما مر في الوضوء وفي تمشية الحكم هنا إلى الأسماء المحترمة كأسماء الأنبياء والأئمة وجه قوي والأقوى خلافه مع قصد مسمياتها وبدونه.

رابعها: اللبث في المساجد المشرفة ومع الاجتياز فلا بأس إلا في المسجدين المسجد الحرام ومسجد النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  في غير محل الزيارة فيهما حتى لو احتلم داخلهما لزمه التيمم للخروج ولو حصل فيهما ماء تقصر مدة الارتماس فيه عن غير مدة التيمم أو مدة الخروج قدم الغسل على الأقوى ولو تساوى المدتان فيه وفي الخروج أيضا تخير ولو شك في كونه متساوياً تخير أيضاً ومع الظن يعلم على الراجح ولو كان مدة الخروج اقصر من مدة التيمم خرج على الأقوى ويجوز اللبث والاجتياز في بيوت النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  والأئمة أحياءاً وأمواتاً كالروضات المشرفة على الأقوى والأحوط في جميع ذلك لغير اتباعهم إحياء الترك والاحوط لغير الاتباع ولو في الروضات المشرفة الاجتناب.

خامسها : وضع شيء في المساجد ولو من خارج فإن للجنب ان يأخذ وليس له ان يضع والأحوط إلحاق الروضات بها.

سادسها: قراءة شيء من سور العزائم الأربع وهي الم تنزيل وحم فصلت والنجم واقرأ وفي المشترك يتبع القصد.

المبحث الرابع: في بيان كيفيته

يلزم على من أراد سلامة طهارته وطهارة ثيابه وبدنه أن يستبرئ ان كانت جنابته من خروج المني بالبول فمن اغتسل ولم يبل مع إمكان البول وخرج منه شيء مشتبه لا يدري انه مني أو لا نقض غسله وحكم بنجاسته ومع عدم إمكان البول فالأقوى الاجتزاء بالاستبراء به والأحوط العدم ولو مضت مدة علم فيها عدم بقاء الشيء في المخرج أجزأ ولو صلى بعد الغسل قبل خروجه كانت صلاته صحيحة وخروج ذلك بمزلة جنابة جديدة ولو بال ولم يستبرأ من البول بالنحو السابق في الوضوء وان مضت مدة علم فيها النقاء وخرج المشتبه جرى عليه حكم البول في ترتب الوضوء دون الغسل وترتب نجاسة الثياب كنجاسة البول ويغسل النجاسة أولاً عن بدنه عن المحل الذي يريد إجراء ماء الغسل عليه ليجري ماء الغسل على محل طاهر والأحوط الغسل لكل نجاسة في أي موضع من البدن قبل الشروع ثم ينوي الغسل مقارناً لغسل الرأس ويغسل رأسه بتمامه إلى اسفل الرقبة واللازم إجراء الماء عليه بأي نحو كان ولا يلزمه الفرك ولا الدلك ولا يكتفي بغسل الشعر عن غسل البشرة فإذا فرغ من غسل الرأس وأتمه غسل شقه الأيمن من الكتف إلى اسفل القدم فإذا أتم نصف البدن غسل شقه الأيسر مستوعباً لجميع أجزائه والأولى بل الأحوط غسل العورة مع الجانبين أو غسلها بعد تمام الشق الأيمن مبتدءاً بشقه الأيمن واللازم استيعاب الأعضاء الثلاثة بالغسل ولا اعتبار بالصبات واحدة كانت أو متعددة والافضل يثلث الغسلات في كل عضو ويكفي في هذا الباب رمس الرأس بالماء أولا ثم الجانب الأيمن ثم الجانب الأيسر ورمس البعض والصب على بعض ولو ارتمس ثلاث ارتماسات ناوياً لكل واحدة غسل عضو صح وهذه كلها من الترتيب وهي أفضل من الارتماس والأحوط ترك الغسل الارتماسي والارتماس على الأقوى عبارة عن الإحاطة المستوعبة دفعة واحدة عن فيه ولا يلزم النية عنده بل يتخير بين ان ينوي عند ملاقاة أول جزء من البدن للماء مع توالي باقي الأجزاء في الدخول وبين ان ينوي حال الكون تحت الماء والأحوط مقارنة النية بوصول أول جزء من البدن إلى الماء واستمرارها إلى حين الاشتمال وان يكون الدخول دخولاً دفعياً لا تدريج فيه.

المبحث الخامس : في شرائطه

وهي أمور :أولها :النية مقارناً بها غسل الرأس في الترتيب وأول جزء من البدن أو حال الكون تحت الماء في الارتماس كما قد بينا وقد تبين كيفيتها وحال ضم نية التبرد ونحوه وحال نية القطع وغير ذلك من مباحث الوضوء.

ثانيها: المباشرة بنفسه فلو تولى غسله أو شاركه فيه غيره بطل مع الاختيار.

ثالثها: إباحة الماء بالنسبة إلى العالم وإطلاقه وطهارته مطلقا ويشترط إباحة الإناء ومسقط الماء والمكان والحال في هذه الشروط كما تقدم الكلام فيها في الوضوء ولا يشترط عدم منافاة ما أوجبه الشارع من الواجبات وان كان الأحوط مراعاة ذلك.

رابعها: الترتيب في غسل الترتيب بأن يغسل الرأس أولا مستوعبا له ثم لا يشرع في الجانب الأيمن إلا بعد تمامه وكذا لا يشرع في الجانب الأيسر إلا بعد الفراغ من الأيمن ومتى شرع في لاحق من الأعضاء قبل غسل تمام السابق ولو بمقدار شعرة عمداً أو سهواً وجب إتمام السابق ثم أعاد غسل اللاحق ولا ترتيب في الارتماس بل المدار فيه على كونه بجملته آناً من الزمان تحت الماء بأي طريق كان كما عرفت ولا بين أجزاء الأعضاء فلو غسل اسفل العضو قبل أعلاه فلا بأس ولا يجب عليه متابعة الأعضاء فلو غسل عضواً صباحاً وعضواً مساءاً صح الغسل ولا يضر الفصل ولا الجفاف ولكن لو احدث في الأثناء حدثاً اكبر أو اصغر والأحوط فيم لو احدث حدثا اصغر أعاد الغسل والوضوء.

خامسها : وصول الماء إلى البشرة فلا بد من إزالة جميع الموانع من وصوله ولا يكفي غسل الشعر عن غسل البشرة بل لا يجب غسل الشعر وان كان الأحوط غسله فما كان زوال مانعيته موقوفاً على إزالته ازيل أو على مجرد تحريكه حرك.

سادسها : عدم المانع من استعماله من مرض ونحوه.

المبحث السادس : في الغسل الاضطراري

وقد مر حكم وضوء التقية ووضوء الجبائر وحكم العاجز عن المباشرة والحكم هنا كما في الوضوء والجمع بين الغسل والتيمم في حكم الجبائر هنا أولى بالاحتياط.

 

المقصد الثالث: في غسل مس الأموات وفيه مباحث :

المبحث الأول : في بيان سببه

وهو مس الميت من الإنسان ممن لم يغسل أو عرض ما يقوم مقام الغسل فيه كمس الشهيد وفي إلحاق من سبق غسله قبل الصلب والحد بالشهيد إشكال والأقوى فيه وجوب الغسل كالمتيمم من الأموات  ويتحقق بمس جزء من الميت أي جزء كان بشيء من البدن كائنا ما كان بعد برده وقبل غسله فلو مسه بحرارته مع اليبوسة فلا شيء عليه ومع الرطوبة عليه غسل الماس فقط كما لو أصاب جسد حيوان ميت فانه مع الرطوبة يغسل ما أصابه ومع اليبوسة ففي عدم الغسل إشكال ولعل الأقوى وجوب الغسل ولو مسه بعد الغسل فلا شيء عليه ولو مسه بشعرة فالأقرب وجوب الغسل وما عداه مما لا روح فيه ماساً أو ممسوساً فيه الغسل ومسه في أثناء الغسل قبل تمامه كمسه قبل الغسل ولو مس بعضه المنفصل فإن كان قطعة فيها عظم لزم الغسل وان كان عظماً مجرداً فالأقوى عدم لزوم الغسل والأحوط الغسل وان كان لحماً فقط فهو نجس ويغسل ما مسه برطوبة أو يبوسة ولا غسل فيه والأحوط إلحاق السقط قبل ولوج الروح فيه بالقطعة ذات العظم وان كان الأقوى طهارته وعدم لزوم الغسل بمسه وحال المقطوع من الحي كحال المقطوع من الميت إلا انه لا غسل في مس السن من الحي ولو مس ثوب الميت فلا غسل فيه ولا غسل إلا إذا كان فيه رطوبة من الميت نجسة فإنه يجب بالفتح لا بالغسل بالضم وهو حدث مانع الدخول في كل ما يمنع منه الحدث الأصغر.

المبحث الثاني : في كيفية غسل مس الميت

هو وغيره من الاغسال كغسل الجنابة في الكيفية وجواز الترتيب فيه والارتماس وإنما يخالف الاغسال غسل الجنابة في عدم إغنائها عن الوضوء بخلافه فانه يغني عنه.

المبحث الثالث: في شرائطه وشروطه

في إباحة الماء واطلاقه وطهارته وغيرها كما مر في غسل الجنابة غير ان المنوي هنا رفع حدث مس الميت وهناك رفع حدث الجنابة.

المقصد الرابع: في التيمم وفيه مباحث:

المبحث الأول : فيما يتوقف على التيمم

التيمم قائم مقام الوضوء والغسل الرافعين للحدث فيثبت لما ثبت له الوضوء والأقوى عموم البدلية في الاغسال والوضوءات غير الرافعة للحدث.

المبحث الثاني : في كيفيته

وهي ان تضرب بباطن الكفين مجتمعين أو منفردين غير متعاقبين في الضرب على الأرض ويمسح بهما مجتمعين أو منفردين غير متعاقبين في المسح وان تعاقبا في الوضع والجمع أحوط تمام مسطح الجبهة إلى أعلى الأنف ثم تمسح بباطن كفك اليسرى ظاهر كفك اليمنى مما يماسه باطن الكف ولا عبرة بما بين الأصابع ثم تمسح بباطن كفك اليمنى تمام ظهر كفك اليسرى على ذلك النحو ويكفي ضربة واحدة للوضوء وللغسل ضربتان واحدة للوجه والأخرى لليدين ولو تيمم لهما بضربة واحدة يمما وبضربتين واحدة للوجه واحدة للكفين تيمماً آخر كان أحوط ويكفي في الاحتياط ان تضرب واحدة للوجه والكفين وتضرب أخرى للكفين فقط.

المبحث الثالث: في شرائطه

وهي عدة أمور : أولها : النية ويعتبر فيها كما مر تعيين العمل ومنه نية البدلية عن الوضوء والغسل على الأقوى والإخلاص فيه ويقصد هنا استباحة ما يتوقف عليه لا رفع الحدث به.

ثانيا: المباشرة بنفسه إلا مع العجز فييممه غيره والأقوى عدم الاكتفاء بكفي النائب مع التمكن من كفي المنوب ولو توقفت مباشرة الغير مع العجز على أجرة غير مضرة له بذلها وان زادت على ثمن المثل اضعافا مضاعفة.

ثالثها : الترتيب بتقديم الضرب على الجبهة والجبهة على الكف اليمنى والكف اليمنى على الكف اليسرى فلو ترك شيئاً من السابق عاد عليه وعلى اللاحق.

رابعها: الموالاة وهي هنا عبارة عن عدم التراخي في مسح أجزاء الجبهة من الوجه وأجزاء الكفين وعدم التراخي في مسح الكفين بعد مسح الجبهة ومسح أحدهما بعد الآخر.

خامسها: مباشرة بشرة الماسح لبشرة الممسوح فلو حصل حاجب جزئي لزمت إزالته ومع التعذر يمسح عليه.

سادسها: تعذر الماء أو تعسره مع خشية خروج وقت الفريضة للعلم بعدمه أو العجز عن طلبه أو ثمنه أو كون الثمن ضاراً بحاله أو لامتناع استعماله خوفاً من حدوث مرض مخوف أو بطء برئه أو خوفا على نفسه أو نفس محترمة أو نحو ذلك.

سابعها: كون ما يتيمم به أرضا ولا يشترط كونه تراباً يعلق بالكف على الأقوى ويلزم ان يكون طاهراً حلالاً والقول في حليته واباحة المكان ومحل التراب كما فصلناه في الوضوء والغسل.

 ثامنها: دخول وقت العمل فلو تيمم قبله بطل نعم لو كان متيمماً لصلاة سابقة ولم ينتقض تيممه بحدث أو بالتمكن من الماء مع اليأس من زوال العذر جاز له الدخول في الصلاة المتأخرة في أول الوقت ومن علم بوجود الماء في مكان لزمه طلبه مع الإمكان وعدم فوات الوقت ولو لم يعلم لزم ان يطلب في الطريق رمية سهم من قدامه وأخرى عن يمينه وأخرى عن شماله ان كانت الأرض وعرٍ فيها جبال أو شجر مثلا ولو كانت ارض سهل فمقدار رمتين من الجوانب الثلاث بحيث يطلع على خلوها من الماء ولو لم يكن مطلعاً على جهة الخلف طلب فيها أيضاً فيكون طلبه من الجوانب الأربع والأولى بل الأحوط في الجهات ان يطلب على وجه الاستدارة ليطلع على تمام ما دخل تحت الحد ولو علم بعدم إمكان حصول الماء في الوقت جاز التيمم في أول الوقت في وجه قوي والأحوط لمن فرضه التيمم لعجز كان أو مرض أو غيرهما التأخير إلى آخر الوقت ولو تيمم عن قضاء أو لنافلة جاز له الصلاة في أول وقتها بذلك التيمم ولو احدث المتيمم بدلاً عن الغسل أو تمكن من الماء فلم يغتسل أعاد التيمم عوضا عن الغسل فقط في الجنابة إذ لا وضوء معه وغسل غير الجنابة له تيممان أحدهما عوض الوضوء والآخر عوض الغسل ولو احدث بعدهما اعادهما معا  ومتى احدث في أثنائه اعاده.

المبحث الرابع: في أحكام النجاسات

وفيه مباحث ثلاثة : الأول : في تعدادها وهي عشرة أولها وثانيها البول والغائط مما يحرم لحمه إذا كان له دم يخرج بقوة أمّا ما يرشح فيه الدم رشحاً فبوله وخرؤه طاهران والمعنى بحرام اللحم ما يعم المحرم بالأصل كالثعلب والارنب ونحوهما وما يحرم بالعارض كالجلال وموطا الإنسان طيراً كان أو غيره وحلال اللحم طاهر البول والخرء سواء اعتيد أكله كالبقر والغنم أو لم يكن معتادا كالخيل والحمير والبغال ثالثها ورابعها المني والدم من ذي النفس السائلة ويستثنى من الدم ما يتخلف في الذبيحة المحللة ولو كان بالجزء المحرم منها كالطحال ونحوه فيما يبقى بعد انقطاع دم المذبح في بطن الذبيحة متصلاً باللحم أو منفصلاً عنه ولم يصبه دم المذبح أو نجاسة خارجة طاهر على الإطلاق وحلال ما لم يستقل أو يكن من الأجزاء المحرمة كالدم في الطحال. خامسها الخمر والفقاع وجميع المائعات بالأصالة من المسكرات والعصير العنبي إذا غلا والظاهر طهارة العصير التمري والعصير الزبيبي العنبي والمحافظة على الاحتياط أولى . سادسها الكفار ويدخل فيهم الجاحد والمشرك والمغالي والمجسم على الحقيقة والمشبه كذلك والجاحد لنبوة محمد  صلى الله عليه وآله وسلم  كأهل الكتاب ونحوهم والشاك فيها والمنكر للمعاد والشاك فيه والناصب وهو المبغض لأهل البيت  عليهم السلام  وكذلك الساب لله عز وجل وللنبي  صلى الله عليه وآله وسلم   أو لعلي أو للزهراء أو لأحد الأئمة  عليهم السلام  والمنكر لضروري الدين كالصوم لشهر رمضان والصلاة اليومية والزكاة المالية ونحوها ما لم يكن انكاره لشبهة والهاتك لحرمة الإسلام كالبائل في الكعبة أو على القرآن استهانة بهما. سابعها وثامنها الكلب والخنزير البريان ولا بأس بالبحريين والمتولد بينهما أو بين أحدهما أو بين حيوان آخر مع عدم صدق الاسم والأحوط الاجتناب ونجاسة الكافر وأخويه الكلب والخنزير جارية في الشعر والظفر والظلف ونحوها في جميع أجزائها. تاسعها الميتة من كل ذي نفس سائلة وجميع أجزائها نجسه من نجس العين ولا ينجس من طاهر العين ما لا روح فيه كالشعر والظفر والظلف ونحوها وكلما قطع من الحي ذي النفس السائلة وكان مما تحله الروح بالأصالة نجس سواء كان المقطوع صغيرا أو كبيرا منفصلا من الإنسان أو الحيوان سميت قطعة أو لا. عاشرها عرق الجنب من محرم كالزنا ونحوه وكذا عرق وطا الحائض والنفساء مع عدم العذر ولا فرق بين ما يحصل حين الجنابة أو بعدها قبل الغسل ولا ينجس باقي رطوباته كالبصاق ونحوه وأما عرق الإبل الجلالة وكل جلال فالأقوى نجاسته ونعني به المتغذي بعذرة الإنسان حتى ينبت لحمه ويشتد عظمه وفي إلحاق تغذيته ببعض النجاسات وجه قوي والأقوى خلافه.

المبحث الثاني : في الأسئار

سؤر كل حيوان يتبعه في الطهارة والنجاسة فالفأرة والثعلب والارنب وسائر الحيوانات مما عدا الكافر وأخويه الكلب والخنزير سؤرهما طاهر وكذا لعابها وفضلاتها وعرقها وجميع رطوباتها فلبن أم البنت طاهر.

المبحث الثالث : في طريق الحكم بالنجاسة

لا يحكم بنجاسة شيء إلا بالتعيين عادة أو بإخبار صاحب اليد أو بشهادة العدلين دون العدل الواحد وان أفاد ظنا على الأقوى ولا يثبت في الظن إلا في المجتمع في غسالة الحمام ففيها إشكال والأقوى الحكم بطهارتها ولا بالشك إلا ما يخرج قبل الاستبراء على نحو ما ذكر ولا فرق في ذلك بين الاشتباه في الإصابة وبين الاشتباه في نفس النجاسة.

 

المقصد الخامس : في المطهرات وفيه مباحث:

المبحث الأول : في عددها

وهي أقسام : أحدها: المياه المطلقة وهي التي تسمى ماء من غير إضافة وتقييد بخلاف المياه المضافة كماء الورد والصفصاف ونحوهما فإنها لا تصح الطهارة بها ولا التطهير ولا فرق بين ماء البحر وغيره ولا بين ما ترشح من الأرض أو يسيل عنها ولو خالطها شيء طاهر فزال اسم المائية عنها خرجت عن حكم الماء ولو شك في الزوال فكذلك في وجه قوي ان كان الشك من حيثية احتمال غلبة الممتزج وبقاء اسمه وصدقه وإلا حكم ببقاء المائية وعدم زوالها.

ثانياً: الشمس مطهرة للارض وما يتصل بها من جص وأحجار ونورة وقير ونحوها وللجدران والأشجار والنباتات وللحصر الفروشة البواري فمتى كان منها شيء رطباً يبسته الشمس فقد طهر ولو كان يابساً رش بالماء ليصير رطباً وتجففه ولو جففت بغير الشمس أو بالشمس وغيرها بحيث لا يقال جففتها الشمس أو لم يطهر وكذا لو شك في كون الجفاف منها أو من غيرها وأما الثياب والأواني التي يمكن نقلها فلا تطهر بالشمس.

ثالثها: الأرض اليابسة أو الرطبة رطبة خفيفة لا يحصل منها تعد عرفاً ومع حصول التعدي فالأقوى عدم التطهير وهي مطهرة لما يباشرها ويماسها من باطن القدم والنعل والخف وكل ملبوس في القدم بالمشي عليها أو المسح بها والأقوى إلحاق القبقاب وخشبة مقطوع الرجل والأحوط العدم وأما اسفل العكاز فالظاهر عدم جريان الحكم فيها.

رابعها : ذهاب الثلثين فانه مطهر للعصير سواء ذهب بالنار أو بالشمس أو بهما مع الغليان ولو ذهب بغيرهما مع الغليان فالأقوى الاجتناب وكذا لو ذهب بدون الغليان كتصفيق الرياح.

خامسها : زوال التغيير بالنجاسة عن المعصوم بالمادة كالجاري وماء البئر وماء الحمام ونحوه إذا كان متصلاً بالمادة وزال تغييره وامتزج بماء المادة ولو شك في اصل المادة حكم بعدمها أمّا لو علمت وشك في انقطاعها حكم ببقائها ما لم تكن المادة تجدد شيئاً فشيئاً فانه لا يحكم ببقائها ولا التطهير بها.

سادسها : النزح كما لو تغير ماء البئر ولم يزل تغيره إلا بنزح جميع الماء فإذا نزح بتمامه طهر إذا حصل له مطهر بعد النزح وعلى المشهور تطهير البئر بنزح المقادير الموظفة.

سابعها : خروج دم المذبح فانه باعث على طهارة الدم المتخلف في ذبيحة مأكول اللحم في الابعاض المأكولة منها وفي دم ذبيحة غير مأكول اللحم وغير مأكول اللحم من ذبيحة المأكول إشكال والأقوى النجاسة في الأول والطهارة في الثاني.

ثامنها : إسلام الكافر فانه متى اسلم طهر.

تاسعها : آلات الاستنجاء فإنها مطهرة من الغائط كما مر.

عاشرها : زوال عين النجاسة من البواطن فإن ذلك يطهرها ولو اصابت رطوبات الباطن نجاسة في الباطن وخرجت غير متلوثة بها كانت طاهرة وكذا ما دخل طاهراً إلى شيء من البواطن أو خرج بعدما أصاب فيه النجاسة في الباطن وان كان الأحوط التجنب أمّا لو دخل متنجساً أو خرج متلوثاً بالنجاسة فانه نجس.

حادي عشرها : زوالها عن الحيوان الصامت مطلقاً والأقوى عدم تنجس الحيوان فلا يحتاج إلى التطهير وإنما عين النجاسة هي المختصة بالنجاسة الحكمية.

ثاني عشرها : الغيبة للإنسان مع علمه واحتمال التطهير وفي ذلك كلام والاكتفاء بالغيبة مطلقاً مع علمه وعدمه ضعيف.

ثالث عشرها : الاستحالة كصيرورة النطفة حيواناً والخمر خلاً والكلب ملحاً والعذرة دوداً أو دخاناً أو رماداً أو نحو ذلك بعلاج أو بغير علاج فإنها تطهر دون محالها إلا محل الخمر والمنقلب خلاً فانهما يطهران معاً وأما صيرورة الحطب جمراً أو فحماً والطين خزفاً والعصير دبساً والحنطة دقيقاً أو عجيناً أو خبزاً ونحو ذلك فليس من الاستحالة.

رابع عشرها : الانتقال كانتقال دم الإنسان ولحمه إلى البعوضة ونحوها مما لا نفس له فإن ذلك يطهره.

خامس عشرها : استبراء الجلال من الحيوان المحلل بما يخرج عن اسم الجلل فإن ذلك يطهر بوله وخرئه الكائنين فيه قبله ويحصل استبراء الناقة بأربعين يوماً والبقرة بعشرين والاربعون أحوط والشاة بعشرة والبطة بخمسة والدجاجة بثلاثة قيل والأحوط مراعاة العرف بعد إكمال العدد ولم نقف للعرف على حكم في الجلال في أمثال زماننا.

سادس عشرها : الاتصال فإن الأقوى طهارة رطوبات الكافر لاتصالها به عند إسلامه.

سابع عشرها : الانفصال فإن يطهر الرطوبة الباقية على المغسول بانفصال غسلاته والظاهر ان هذا يسمى عفواً لا طهارة.

ثامن عشرها : ما قيل ان الاستعمال يطهر آلات العصير وآلات نزح البئر وثياب المباشرين وأبدانهم دون جوانب البئر وكذا محل العصير إذا طهر وثياب المباشرين لتغسيل الأموات وأبدانهم والأقوى عدم طهارة آلات النزح وثياب النازحين وأبدانهم وكذا ثياب المباشرين لتغسيل الأموات وأبدانهم وتختص الطهارة بآلات العصير ومحله.

تاسع عشرها : التبعية فإن أولاد الكفار تطهرهم تبعيتهم للأبوين وللمالك المسلم.

العشرون : التيمم للميت لتعذر استعمال الماء فانه يطهره في وجه قوي ما لم يوجد الماء ووقت الغسل باقٍ فتعود النجاسة على الأقوى كذا قيل والحق عدم الطهارة حتى لو غسل غسلاً اضطرارياً كما لو فقد السدر أو الكافور وهكذا.

الواحد والعشرون : وقوع الزنا بين الكافرين فانه يطهر الولد والأحوط التجنب.

المبحث الثاني : في أحكام المياه

وهي قسمان مطلقة وهي التي يطلق عليها اسم الماء بغير إضافة وبها يحصل التطهير ومضافة وهي التي لا يطلق عليها اسم الماء إلا بالإضافة إلى شيء كماء الورد والصفصاف والهندباء ونحو ذلك وهذه تنجس بوقوع النجاسة بل بمطلق الملاقاة قليلها وكثيرها إلا ما سال وكان عالياً فلا ينجس العالي بالسافل ولا يجوز التطهير بها عن الاخباث ولا عن الأحداث ولا مطهر لها سوى الالقاء في الماء الجاري ونحوه فتستحيل فيه وأما المياه المطلقة فجميعها تنجس بالتغير بالحس بوقوع عين النجاسة فيها ولا  عبرة بما يكون من المجاورة ولا بالتغيير بالمتنجس إلا إذا غير بما فيه من وصف النجاسة الواقعة فيه الممازجة له والشرط في التغيير ان يكون بأحد الأوصاف الثلاثة اللون والطعم والرائحة ولا اعتبار بوصف الرقة والغلظة ونحوهما وان يكون محسوساً فلا اثر للمقدر ما لم يكن منع مانع من تشخيصه وتمييزه كامتزاجه بمساوٍ له في الوصف وذلك كالدم وبعض الصبغ الاحمر فإن علم ان الدم يستقل بالتغيير فهو نجس ولا يفيد عدم تشخيصه عدم تنجيسه وأما لو وقعت فيها نجاسة غير مغيرة فإن كانت لها مادة من الأرض كالجاري والنابع من الأرض كالبئر والعين غالباً فإن الغالب فيهما عدم انقطاع المادة والرشح وجميع ما مادته صادرة من بطن الأرض ولم يعلم انقطاعها وان لم يكن كراً أو متصلاً بما يبلغ كراً كماء الحمام وبعض الحياض الصغار المتصلة بالكر أو يحصل من مجموعها كر مع مساواة السطوح أو الاختلاف مع العلو الانحداري أمّا لو كان علوا تسنيمياً فإن الأقوى أن السافل لا يعصم العالي على ما قيل والأقوى انه يعصمه ولا ينجسه إذا كان سائلاً ولا يطهره بمجرد اتصاله وأما لو كان قد امتزج به وكان معتصماً بالكرية ونحوها فانه يطهره ويفعل العالي فيه جميع ذلك وكذا لو كان نازلاً من السماء كماء المطر وكان بمثابة ان يجري من ميزاب أو نحوه وان لم يجر أو متصلاً بشيء من المذكورات فإنها لا تنجس بمجرد الملاقاة وينجس القليل من غير ما ذكر بمجرد ملاقاة النجاسة قليلة أو كثيرة والكر بالوزن عبارة عن ألف ومائتي رطل عراقي والرطل عبارة عن مائة وثلاثين درهما وكل عشر دراهم عبارة عن سبعة مثاقيل شرعية والمثقال الشرعي عبارة عن الذهب الصنمي وهو ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي فيبلغ الرطل بالمثاقيل الشرعية واحداً وتسعين مثقالاً شرعياً وبالصيرفية ثمانية وستين مثقالاً وربعاً وبالمساحة ما بلغ مكسرة على الأقوى ثلاثة وأربعين شبراً إلا ثمناً ويتأتى بثلثه أشبار ونصف طولاً وثلاثة اشبار ونصف عرضاً وثلاثة اشبار ونصف عمقاً أو بما يكون بهذا المقدار والمرجع في الاشبار المتوسطة المتعارفة والتقدير فيه تحقيق في تقريب.

المبحث الثالث : في تطهير المياه

قيل تطهر المياة المعتصمة بالمواد كالجاري وماء المطهر ومطلق النابع من الأرض والمتصل بالكر بمجرد زوال التغيير فانه متى زال التغيير حكمت المادة بتطهيره وأما الكر حيث لا مادة له فلا يطهر بمجرد زوال التغيير لأن الكر إذا سبقته النجاسة لا تؤثر في كريته ويكون مع التغيير كحال القليل وطهارتهما موقوفة على زوال التغيير والاتصال بالمنبع أو الكر أو المجاري بشرط علوهما ونحوه كالمطر انتهى. ولكن الأقوى مراعاة الامتزاج بذلك هذا إذا استولى التغيير على تمام الماء أو على بعضه بحيث لم يبقى مقدار الكر سالماً من الطرف الآخر كفى زوال التغيير والأقرب مراعاة الامتزاج ولو كان السالم في الطرفين وبهما يتم الكر والتغيير في الوسط فإن انقطع عمود الماء بحيث لا يبقى من الماء شيء سالم واصل بين الطرفين فقد نجس الكل والاطهر بمجرد زوال التغيير هكذا قيل والأقرب اعتبار الامتزاج كما تقدم وكذا الحال في الجاري ونحوه والقليل ينجس سواء وقع على النجاسة أو وقعت النجاسة عليه فماء غسالة النجاسة قبل طهارة المحل نجسة وكذا بعدها على الأقوى إلا ماء الاستنجاء فانه طاهر ما لم يتغير بالنجاسة بشرط ان يكون وارداً على المحل فلا يحكم بطهارته إذا ورد المحل عليه وهو طاهر أيضاً ما لم يتغير بالنجاسة أو يكون الغائط مصحوباتً بالدم أو تصبه نجاسة من خارج أو يتجاوز المحل تجاوزاً فاحشاً وحد التفاحش ان يتجاوز المعتاد وجميع الماء طاهر مطهر للخبث والحدث وكذا ماء غسالة الجنابة رافعة للخبث بلا إشكال ويقوى ارتفاع الحدث بها والأحوط تجنبها ولا إشكال في غسالة الوضوء وباقي الاغسال فإنها طاهرة مطهرة للحدث والخبث إلا الاغسال الرافعة للحدث الاكبر فإن فيها إشكالاً ومع ذلك فالأقرب جواز رفع الحدث بها.

المبحث الرابع : في كيفية التطهير بالماء الجاري ونحوه

مما لا ينجس إلا بالتغيير أمّا الجاري فيكفي استيلاؤه على المتنجس بالبول مع زوال العين ولا حاجة فيه إلى تعدد وأما العصر فلا بد منه فيما يعصر وان كان في الماء وحكم المعتصم من الجاري وغيره حكم القليل في غير التطهير من البول في كل ما سنذكر في تطهير القليل إلا انه تطهر به جميع المتنجسات مما ترسب فيه النجاسة وان تعذر عصره كالأرض الرخوة ومما لا يرسب فيه كالأواني ونحوها لكنه لا يعتبر التعدد في غير المنقول كالأرض ونحوها ويعتبر التعدد في المنقول وأما التطهير بالقليل فلا يقع فيما يرسب فيه ما الغسالة ولا يعصر ولا تخرج غسالته كالأرض الرخوة ونحوها ويقع فيما لا يرسب فيه ماء الغسالة كالأرض الصلبة وأجزاء البدن ونحوهما ويكفي فيهما الصب مع انفصال ماء الغسالة عن المحل ولا حاجة إلى الفرك والدلك وأما ما يرسب

 

فيه ويمكن إخراجه بالعصر فيجب عصره باللي ان أمكن وإلا كفى الغمز أو الثقيل ويغسل من البول مرتين وفي الاستنجاء منه تجزي المرة والأقوى إلحاقه بغيره في لزوم المرتين ويعصر مرتين فإن كان مما يعصر أو يغمز أو يثقل كذلك إذا كان من قسميه والأحوط ان يكون بعد غسلة الازالة ومن غيره قيل تكفي مرة واحدة غسلاً وعصراً ولكن الأقرب مساواة غيره له في ذلك ولا عصر في بول الصبي الذكر إذا لم يتغذ بالطعام وكان عمره دون الحولين بل يكفي فيه الصب عليه وغسل الإناء من ولوغ الكلب بلسانه من مائع فيه أو لطعه للإناء نفسه ثلاث مرات الأولى بالتراب والأحوط بل الأقوى اعتبار طهارته وتحريكه والدلك به واثنتان بالماء وفي شرب الخنزير لا بد من سبع بالماء ولا بد من غسل الإناء من غير ما ذكر حتى في المعتصم من ثلاث مرات وكيفية غسله أما بوضع الماء فيه وتحريكه بحيث يباشر جميع أجزائه ثم يخرج منه وأما بآلة أو بصب الماء على باطنه بحيث يأتي عليه كله كذلك ويطهر المتنجس بزوال العين على الكيفية المفصلة فيما تقدم ولا يضر بقاء الوصف كاللون والرائحة مثلاً ولا يحكم بنجاسة الشيء إلا بالعلم أو ما قام مقامه وقد مر ولا يحكم بالطهارة بعد العلم بالنجاسة إلا بالعلم القطعي بالتطهير الشرعي كإخبار صاحب اليد مالكاً كان أو لا أو شهادة العدلين ولا يكفي العدل الواحد وان أفاد الظن أو الغيبة فيما تكون مطهرة له كما تقدم أو نحوها ولا يجوز أكل النجس وشربه فلا بد من اجتناب الأواني النجسة إذا تعدت نجاستها إلى المأكول والمشروب ويجب اجتناب آواني الفضة والذهب إلا ان هذين يحرم استعمالهما في الأكل والشرب ولا يحرم المأكول نفسه بخلاف السابق ويحرم مطلق استعمال آواني الذهب والفضة بل يحرم قنيتهما ويكره استعمال المذهب والمفضض ويلزم اجتناب موضع الفضة والذهب كالضبة ونحوها فلا يباشرها بفمه في الأكل والشرب لا في مطلق الاستعمال.

المقصد السابع : في لباس المصلي وفيه مباحث:

المبحث الأول : في مقداره وكيفيته

يعتبر فيه ان يكون ساتراً للعورة وهي عبارة عن الذكر والدبر والبيضتين وفي الأنثى في غير الصلاة عبارة عن الفرج والدبر وفي الصلاة عبارة عن جميع بدنها إلا مقدار الوجه ويراد هنا مجموع ما يسمى وجهاً عرفاً وهو أوسع من وجه الوضوء والأحوط الاقتصار عليه والكفين وقيل باستثناء القدمين ظاهرهما وباطنهما والأقوى عدم الاستثناء ورأس الأمة التي لم يتحرر منها شيء والصبية ليسا من العورة الصلاتية وفي النظر إشكال ولا بد ان يكون ساتراً للون كما ان الأقوى ستر الحجم على الوجه الذي ذكرناه في آداب الخلوة ويجب الستر في الصلاة من الجانبين ومن جهة الأعلى ولا يجب من جهة الاسفل فلا يجب لبس ما يستر الاسفل في الصلاة من السروال ونحوه إلا ان يكون فوق شباك ونحوه مع عدم امن المطلع فإن الأقوى فيه وجوب الستر من الاسفل وأما مع الأمن فلا يجب والأحوط التستر من الاسفل في ذلك مطلقاً ولا فرق في وجوب الستر في الصلاة بين وجود الناظر وعدمه ولا بين حصول الظلمة المانعة من الرؤية وبين الضياء بخلاف الستر في غير الصلاة فلو صلى غير مستوراً عمداً أو جهلاً منه أو في مشكوك بستره بطلت صلاته هذا إذا كان مع عدم إحراز الستر أولا ومع الإحراز فلا تبطل ولو زعم الستر فبان خلافه أو انكشف في الأثناء بغير اختياره فالأقرب الصحة ولو مع علمه به في أثناء الصلاة واتساع الوقت والأحوط الإعادة ولو تمكن من ستر البعض فقط فالظاهر لزومه غير ان ستر القبل مقدم على ستر الدبر المستور بالأليتين والمرأة تقدم ستر عورتها الحقيقة مع التعارض فيه على باقي بدنها في وجه قوي ولا فرق بين حصول الستر في ثوب واحد أو بمجموع الثياب الرقاق وان الأول في الصلاة أولى.

المبحث الثاني : في جنسه

ويشترط فيه أمور : أحدها : ان يكون مما يعتاد لبسه كثياب القطن والكتان والصوف على الأقوى ولا يجزي غير المعتاد اختياراً ومع الاضطرار فيجزي الخوص والليف ونحوهما وان لم يجعل على صورة الثوب والأحوط غير المعتاد الستر بما جعل منها بصورة الثياب وأما الطين فمرتبة ثانية وبعدها الستر بنحو الشعر أو اليد من البدن.

ثانيها : ان لا يكون من مثل شعر غير مأكول اللحم ولا متصلاً به ولا من جلده ولا يكون فيه شيء من فضلاته ويستثنى منه ما كان من الإنسان أو من حيوان صغير لا لحم فيه كالبق والذباب والقراد والزنابير ونحوها ولا بأس بالعسل والشمع وما كان من جلود الخز واللازم التجنب فيما كان من السنجاب والحواصل الخوارزمية ولو كان محمولاً ففيه إشكال والأحوط الاجتناب.

ثالثها : ان لا يكون من لباس الذهب أو المذهب أو الحرير حيث يكون المصلي رجلاً والخنثى هنا حكمها حكم المرأة والأحوط كونها كالرجل ولا بأس بالحرير المخلوط مع ما تصح به الصلاة إذا خرج عن اسم الحرير الخالص ولا تجوز الصلاة بما لا تكون له سعة يمكن احاطتها بعورة المصلي بحيث يمكن ان يصلي به وحده كالقلنسوة والتكة ونحوهما ولو كان المانع عن الصلاة به وحده رقته لا صغر حجمه فلا يجوز لبسه ولو كان مما يمكن الصلاة به التصرف به كجعل طوله في عرضه صحت به الصلاة ما لم يتصرف به ولو امكنت الصلاة به بالإدارة مرات لم تصح الصلاة به إلا إذا كان بإدارات كثيرة خارجة عن المعتاد كالحبل والخيط الطويلين فإن ذلك لا بأس به ولا بأس بحمله ولا بخيوطه ولا بمكفوفه ولو زاد على أربع أصابع والأحوط اجتنابه ما لم يصل إلى حد تتم به الصلاة فانه يلزم اجتنابه حينئذ على ما قيل ولكن الأقوى جوازه وان كان اجتنابه اشد احتياطاً من الناقص عن ذلك.

رابعها: ان لا يكون مغصوباً علم بالغصب أو ظن ظناً شرعياً والقول بالبطلان قوي من غير فرق بين ان يكون بعض الثوب وقت السجود تحت بعض المساجد أو يكون هو الساتر للعورة أو لا والأقوى في المحمول منه الصحة.

خامسها : ان يكون طاهراً فلو كان نجساً غير معفو عنه وتعمد الصلاة به وكان ملبوساً لا محمولاً اختياراً مع التمكن من الطاهر بطلت صلاته وكذا ان كان عالماً ونسى وصلى سواء ذكر في أثناء الصلاة أو بعدها في الوقت أو بعده فانه يلزم إعادتها على كل حال أمّا إذا لم يعلم بالنجاسة حتى دخل في الصلاة فإن علم بعد الفراغ منها مضت صلاته ولا إعادة عليه لا في الوقت ولا في خارجه ولو علم في أثناء الصلاة بنجاسة سبقت على حال علمه صادفت أول الصلاة أو في أثنائها وكانت الصلاة ممكنة بالطاهر والوقت متسعاً لاستئنافها على إشكال في الشرط الأخير فالأقوى البطلان فيما صادف أول الصلاة وفيما كان في أثنائها إشكال والأحوط في الصورتين نزعه إن أمكن وقد كان عليه غيره أو غسله مع عدم ترتب المنافي ثم إتمام الصلاة والاعادة ويعفى عن الدم ما لم يكن بسعة الدرهم البغلي وهو أوسع من الدينار وقدر راحة اليد المتوسطة إذا لم يكن من حيض أو استحاضة أو نفاس والأقوى عدم العفو عن دم نجس العين ومنه الميتة ولو كانت من مأكول اللحم من طاهر العين علا دم الإنسان ولو أصابته نجاسة أو اصابت محله وقد بقيت عين تلك النجاسة فلا عفو قطعاً إمام لو زالت وقد بقى الدم فالأقرب عدم العفو أيضاً ويجري العفو فيه سواء كان في الثوب أو البدن أو فيهما فإن كانت بحيث تبلغ الدرهم فلا عفو وإلا جاء العفو ويجري العفو فيما تنجس به من المائعات إذا اصابت بدن المصلي أو ثيابه من غير فرق بين ما يتصل به في محل الإصابة كالقيح والعرق وغيره مع مراعاة القدر في الدم والاجزاء المتفرقة من الدم تفرض مجتمعة سواء كانت في الثوب أو البدن أو فيهما فإن كانت بحيث تبلغ الدرهم فلا عفو وإلا جاء العفو ولو كان الثوب كثيفاً جداً وخرقة الدم فالأحوط احتساب ما في الجانبين بمنزلة الدمين ويعفى عن دم الجروح والقروح وحد العفو ان يكون الدم مأموناً من سيلانه والأقوى عدم اعتبار المشقة عن التحرز سواء كان في محل الجرح أو محاذياً له أو بعيداً عنه في الثوب أو البدن آمن من السيلان ولا مشقة في غسله فلا عفو وكذا يعفى عما لا تتم الصلاة به لصغره لا لرقته كالقلنسوة والتكة ما لم يكن جلد ميتة أو قطنة فرج المستحاضة أو خرقتها على الوجه المذكور في محله فانه يجب تغيرهما ولا يعفى عنهما وان صغر أو المعتبر في العفو حالته التي هو عليها كما تقدم فلو أمكن ستر العورتين به بوضع شيء من الطول بالعرض أو بالعكس فلا يخرج عن كونه لا تتم الصلاة به والأحوط اجتنابه ويعفى أيضاً عن خرقة المستحاضة وقطنتها وحفيظة المسلوس والمبطون المستدام وكل مستدام خروج النجاسة منه مع المحافظة على التبديل وكذا ما يشتملون به وان اتسع لتوقف الحفظ على الاتساع وعن ثوب المربية للولد المختصة به إذا تنجس بالبول خاصة فإنها تجتزي في اليوم والليلة بغسلة واحدة إذا لم يكن عندها غيره.

المبحث الثالث : في فقد الساتر

إذا فقد الساتر المعتاد أو الشجر والنبات ونحوهما ووجد الطين تستر به ان أمكن فإن فقد الجميع صلى من قيام ان لم يره أحد مومياً لركوعه وسجوده وإلا صلى جالساً كذلك ولا يجب عليه رفع شيء إلى جبهته بل لا يجوز على الأقوى ولو أمكن التستر بحفيرة عن الناظر لزم وان لم يتمكن إلا من الحرير أو الثوب النجس صلى عرياناً وان لم يتمكن إلا من جلد غير مأكول اللحم أو ما نسج من صوفه وشعره ووبره فالأحوط الجمع بين الصلاة عارياً على التفصيل المتقدم في صلاة العاري والصلاة في الساتر المذكور ولو شك في نجاسة الثوب مثلاً بنى على الطهارة وصلى فيه وان كان متمكناً من متيقن الطهارة ولو شك في كونه حريراً أو جلد غير مأكول اللحم مثلاً قيل لم تصح الصلاة به والأقوى الصحة ولو اشتبه في المتصل بالثياب فلا بأس ولو اشتبه القابل للصلاة بغيره صلى صلاتين إلا في المغصوب بالنسبة إلى الرجال والنساء والحرير وما فيه الذهب بالنسبة إلى الرجال فإن عليهم الصلاة عراة حينئذ.

 

المقصد الثامن : في مكان المصلي وشرائطه:

أحدها : كونه مباحاً فلو صلى في كان مغصوبة أرضه أو فضاؤه أو فراشه عالماً بالغصب بطلت فأما إذا كان الغصب في السقف والجدران فإن الأقوى الصحة وكذا في بيت الشعر ونحوه وأطنابه وحباله وأوتاده وكذا سرج الدابة ورحلها ووطاها ونعلها فإن الأقوى أيضاً الصحة إلا إذا كانت حركة الصلاة تستلزم مماستها أو تحريكها ولو لم يعلم بالغصب فالأقوى أيضاً الصحة وأما الصلاة في الأماكن المغصوبة المتسعة فجائزة لغير الغاصب والأحوط عدم الجواز للغاصب وان كانت متسعة اتساعً يحصل منه الحرج والضيق عليه ولو حبسه ظالم في مكان مغصوب صلى فيه ما لم يستلزم تصرفاً زائداً على اصل الكون ولو خرج المجبور على البقاء في المغصوب من المغصوب وصلى في خروجه مع عدم استلزامه تصرفاً زائداً على الخروج صحت صلاته عند ضيق الوقت ولو كان مختاراً في ذلك فالأقرب الصحة أيضاً عند ضيق الوقت وان حصل الاختلاف في ترتيب الإثم وعدمه والأحوط الإعادة.

ثانيها : ان يكون مما يستقر عليه فلا يصح على مثل بيدر التبن والرمل مما لا يحصل عليه استقرار ولو كان مضطرباً أول الوقوف وأول السجود ثم استقر جاز إلا مع بطئه فالأحوط بل الأقوى اجتنابه.

ثالثها : في خصوص الفريضة وهو ان لا يكون حيواناً ونحوه مما يتحرك بحركته سائرين مطلقاً أو واقفين مضطرين مع الاختيار ولو تعذر فعلها على الأرض صح ويتحرى القبلة بقدر إمكانه ولو بتكبيرة الإحرام ويرفع إلى جبهة ما يسجد عليه ويأتي بما أمكنه مع الاستقرار والأقوى لزوم تأخير الصلاة مع رجاء الأرض إلى آخر الوقت وإلا فهو على الاستحباب والأقوى في السفينة السائرة عدم الجواز اختياراً ولو مع استيفاء الأفعال والشرائط فيها وعدم بعثها على حركة المصلي استقلالاً.

رابعها : في الفريضة أيضاً فقط مع الاختيار وهو ان لا يكون في جوف الكعبة ولا على سطحها.

خامسها : ان لا تجتمع فيه صلاة ذكر وانثى إلا والذكر مقدم عليها سواء كان رجلاً مع امرأة أو صبية أو كان صبياً مع امرأة أو صبية ولو كان بعقبيه أو منكبيه أو بينها وبينه عشرة اذرع بذراع اليد أو يكون بينهما ما يمنع الرؤية ولا فرق بين الأعمى والبصير والليل والنهار وكل من تأخر بالصلاة عن صاحبه أعاد الصلاة من غير فرق بين الزوجين والمحارم والأجانب والأقوى ان ذلك على الفضل والاستحباب لا على الفرض والايجاب وان كان الأحوط المحافظة على التجنب هذا إذا صليا معاً ولو صلى أحدهما والآخر قائم أو نائم أو جالس فلا بأس.

سادسها : طهارة المكان في موضع الجبهة وموضع جميع البدن وسلامته من النجاسة المتعدية أو غيرها إلى البدن أو إلى الثياب ولو وضع على النجس طاهراً وصلى عليه أو سجد عليه فلا بأس.

سابعها : مساواة موضع القدمين وموضع الجبهة ويجوز الاختلاف لكن يعتبر عدم ارتفاع موضع الجبهة عليه بأكثر من أربعة أصابع عرضاً من مستوى الخلقة ولا فرق فيه بين التسريح وغيره وكذا لا يجوز هبوطه عنه بالقدر المذكور والأولى مساواة أمكنة المساجد وعدم الاختلاف هبوطاً وارتفاعاً في التسريح وغيره.

ثامنها : ان لا يتقدم ولا يساوى حين الصلاة على قبر المعصوم إلا مع الحاجز المانع للرؤية الرافع لسوء الأدب فلا تعد الشبابيك فاصلة ولا الصندوق الشريف ولا ثوبه وقيل ان هذه الآداب على الاستحباب والأقوى كونها على الإيجاب.

تاسعها : ان يكون مما يمكن أداء أفعال الصلاة فيه ولو كان ضيقاً بحيث لا يتمكن فيه من أداء الواجبات فلا تصح.

عاشرها : ان يكون مطمئناً في بقائه على قابلية الصلاة فلو وقفت السفينة هنيئة والملاح يعالجها فالظاهر ان حكمها حكم السائرة وجميع الموانع المذكورة عدا الغصبية مغتفرة عند ضيق الوقت وعدم التمكن من المكان الجامع للشرائط وأما الغصبية فقد مضى حكمها.

 

المقصد التاسع : في الأوقات وفيه مباحث:

المبحث الأول : في بيان الأوقات للفرائض ونوافلها

هي أوقات خاصة فلا تصح في كل وقت فأول الظهر زوال الشمس ويستمر إلى أن يبقى مقدار أداء العصر وإذا مضى مقدار ما يؤدى به صلاة الظهر دخل وقت العصر واستمر إلى الغروب ويدخل وقت المغرب بغروب الحمرة المشرقية ويستمر إلى ان يبقى من انتصاف الليل مقدار صلاة العشاء وان مضى بعد غروب الحمرة المشرقية مقدار ما يؤدى به المغرب دخل وقت العشاء ويستمر إلى انتصاف الليل وبعد انتصاف الليل إلى الصبح ليس بوقت ولا يبعد القول بأنه وقت للمضطر ويدخل وقت الفجر بدخول الفجر الصادق من اسفل الأفق ويستمر إلى طلوع الشمس ومن اضطر إلى التأخير فأدرك من آخر الوقت ركعة مع شروطها فكأنما أدرك الوقت كله وهذه أوقات الإجزاء وأما أوقات الفضيلة فوقت الظهر ينتهي إلى بلوغ زيادة الظل الحادث أو الزائد مثل الشاخص والعصر إلى مثليه والمغرب إلى غروب الحمرة المغربية والعشاء بعدها إلى ثلث الليل والصبح إلى ان يتجلل الصبح السماء ووقت نافلة الظهر من الزوال إلى ان يبقى من فضيلتها مقدار أربع ركعات ونافلة العصر إلى ان يبقى من فضيلتها مقدار أداء العصر والأولى بل الأحوط مراعاة القدمين في نافلة الظهر والأربعة أقدام في نافلة العصر ولا يؤخرهما عن ذلك ونافلة المغرب إلى غروب الحمرة المغربية والوتيرة تصلى قبل النوم في أي وقت شاء ونافلة الليل من انتصافه إلى طلوع الفجر ويزاحم بها الفجر إذا صلى منها أربع ركعات ويستحب التخفيف فيهما ويجوز تقديمها للشاب والشيخ الكبير خوفاً من المشقة ولكل من يخاف عروض الموانع عن الإتيان بها في الوقت ويتخير بين ذلك والتاخير فيقضيها والأخير أفضل ونافلة الفجر من طلوع الفجر الكاذب إلى الحمرة ويجوز فعلها قبله بعد نافلة الليل والاوقات كلها قابلة للقضاء ولنوافل الابتداء والأحوط ان لا يتطوع بشيء من الصلاة وعليه شيء من الصلوات الواجبات مؤداة أو مقضيات سوى ما استثنيناه من فعل الرواتب في أوقاتها ومزاحمة بعض النوافل للفرائض كنافلة الفجر وكذا نافلة الزوال فقد إذن في مزاحمتها الظهر فمتى شرع فيها زاحم بها فضيلة الظهر ولو فات وقتها وكذا نافلة الليل لمن صلى الأربع.

المبحث الثاني : في طريق معرفتها

يعرف الزوال بنصب الشاخص المعتدل معتدلاً في الأرض المعتدلة فإن حدث له ظل بعد العدم كما في بعض البلدان أو حدث زيادة في الظل فقد دخل وقت الظهر والمغرب يعرف بغياب الحمرة المشرقية كما مر وانتصاف الليل بملاحظة ما يطلع عند الغروب ويغرب عند الفجر من الكواكب كالقمر وبعض النجوم السيارة في بعض الأوقات ففي مثل ذلك يعرف بوصولها إلى محل زوال الشمس وهو كبد السماء ولو لاحظها وقت الطلوع وراى بعدها عن المشرق ولاحظها عند الفجر ورأى نسبتها إلى المغرب وقسم مقدار سيرها بخياله كان الانتصاف ببلوغ نصف المسافة وكذا لو لاحظ دور الفرقدين أو بنات نعش على الجدي وقسمتها بخياله عرف ذلك وكذا بملاحظة الساعات وارباب الأعمال والمدار في الضيق في وقت العشاء على خوف الانتصاف والعاجز عن الرؤية أو المعرفة يسأل حتى يحصل له اليقين أو الظن الذي تطمئن به نفسه وفي يوم الغمام أو ليلته يكفي في الكل بالمظنة ومثله جميع العلل السماوية الحاجبة عن الرؤية والأحوط في الجميع الصبر والتاخير حتى يحصل العلم وفي يوم الصحو لا بد من العلم للمتمكن وفي الاكتفاء بشهادة العدلين أو العدل الواحد مع حصول الظن وجه قوي والأقوى ما ذكرناه.

 

المبحث الثالث : في الخطأ

لو دخل في الفريضة قبل الوقت متعمداً عالماً كان أو جاهلاً بطلت صلاته وكذا لو صلاها ظاناً لدخول الوقت أو عالماً به فانكشف خلافه ما لم يدخل عليه الوقت في أثناء الصلاة فإن دخل في اثناءها وانكشف بعد الدخول صحت صلاته والأحوط إتمامها والاعادة ومن قدم صلاة العصر على الظهر أو العشاء على المغرب عمداً بطلت صلاته جاهلاً بالحكم أو عالماً به ولو قدم اللاحقة على السابقة ناسياً وذكر في أثناء الصلاة عدل إلى السابقة فوراً مهما أمكن العدول ولو ذكرها بعد الفراغ فإن صلى العصر أو العشاء في وقت الأوليين وذلك قبل مضي زمان يمكن ان يصلي فيه الظهر والمغرب بطلت صلاته وان صلاها في الوقت المشترك صحت على كل حال ولو صلى الظهر أو المغرب في وقت العصر أو العشاء وهو مقدار ما يؤدى به صلاتهما من آخر الوقت فالحكم ما مر من البطلان في صورة العمد أو الجهل بالحكم ولو كان في صورة النسيان أو الاعتقاد ببقاء الوقت فالحكم فيه الصحة ومن أدرك خمس ركعات من أخ الوقت أتى بالفرضين معاً على الترتيب ولو أدرك مقدار ربع ركعات فقط وكان متماً أتى بالاخيرة وقضى الأولى بعدها وأما القصر فيأتي بهما معاً ومن أدرك من أول الوقت مقدار الأولى فقط ثم جاءه العذر الشرعي سقط عنه فرض الأخيرة وقيل ان من أتى بشيء من الأخيرة في وقت الأولى ناسياً ثم ذكر بعد دخول وقت الثانية فالأقوى لبطلان ولو كان ظاناً لدخول وقت الثانية فالأقوى الصحة انتهى والأقوى الصحة في المقامين والأحوط الإعادة ولو ظن الضيق إلا عن الأخيرة وبعد الفراغ علم السعة فالظاهر صحتها ويضع الأولى في موضع الأخير وفي وجوب كونها في الوقت إشكال كما في كونها قضاء.

المقصد العاشر : في القبلة وفيه مباحث:

المبحث الأول : في بيانها

القبلة موضع الكعبة ويستقبل البعيد جهتها فإن تمكن من معرفة الجهة فبها وإلا اكتفى بالعلامات وهي ان يجعل الجدي على المنكب الأيمن للأواسط من العراق كبغداد والكوفة وما ولاها وجعل المغرب على يمينه والمشرق على شماله لأطراف العراق الغربية كسنجار وما والاها وأما أطرافه الشرقية كالبصرة ونحوها فتحتاج إلى زيادة انحراف نحو المغرب على الانحراف في الأوسط وعلامة الشام جعل الجدي خلف المنكب الأيسر وعلامة اليمين جعل الجدي بين العينين.

المبحث الثاني : فيما تعرف به القبلة

والمرجع في هذه الأمور إلى معرفة علماء الرياض ويكتفي غير العارف إذا دخل بلاداً من بلاد المسلمين ان يتعرف حالهم في الاستقبال ويوافقهم عليه أمّا من محاريب مساجدهم أو وضع مقابرهم أو ذبح ذبائحهم أو نحو ذلك والاعمى يقلد في الاستقبال والظاهر اكتفاؤه بمجرد الظن ولا يلزم زيادة الطلب بل يكفي الظن بالنسبة إلى السليم أيضاً مع توقف العلم على طلب مكان آخر ولو تعارضت طرق الظن اخذ بالراجح والأحوط طلب العلم أولاً ثم طلب الأقوى فالأقوى من الظنون وعل كل حال فلو تعذر عليه العلم أول الوقت صلى بالظن ويلزمه الانتظار مع الرجاء ومن لا يعرف القبلة ان دار شكه بين جهتين أو ثلاث جهات أو أربع جهات فالأقوى عدم وجوب التكرير بل يتخير ويصلي إلى أي جهة.

المبحث الثالث : في وقوع الخطأ

لو دخل في الصلاة فظهر له الخطأ في القبلة وان كان إلى نفس المشرق أو المغرب أو مستديراً للقبلة أعاد الصلاة والأحوط المضي والاعادة ولو ظهر له عدم الاستقبال بعد الفراغ وكان مستدبراً للقبلة أعاد في الوقت بلا تأمل ويلحق به ما لو أدرك من الوقت ركعة على إشكال وفي خارجه احتياطاً سواء كان خطاؤه عن جهل في القبلة أو غفلة أو نسيان أو غيرها وان كان إلى المشرق والمغرب أعاد في الوقت لا في خارجه وفيما بين المشرق والمغرب له حكم المستقبل لا إعادة عليه.

المبحث الرابع : فيما يوجب الاستقبال

يجب الاستقبال في صلاة الفرائض والنوافل وفي وضع الميت عند الاحتضار وفي القبر وفي الذبح والنحر وإنما يلزم مع الإمكان فلو تعذر صحت هذه الأفعال بلا استقبال فلو اضطر إلى صلاة الراحلة أو ماشياً لزمه الاستقبال فيهما مهما أمكن ومع التعذر أو التعسر أو منافاة الفرض يسقط الوجوب ولو أمكن في البعض استقبل ولو في تكبيرة الإحرام ولا يلزم ذلك في النافلة بل يصليها حيث توجه في السفر والخطر إلا إذا كان واقفاً مستقراً فانه يجب عليه الاستقبال.

المبحث الخامس : في كيفية الاستقبال

يجب الاستقبال في الصلاة بالوجه ومقاديم البدن كالصدر والبطن ونحوها فلو استقبل بالوجه فقط لم يكن مستقبلاً والأحوط الاستقبال بالقدمين أيضاً أمّا اليدان فيضعهما كيف شاء.

 

المقصد الحادي عشر : في كيفية الصلاة اليومية وعدد ركعاتها

على الإجمال إذا أراد الصلاة وقد أتى بالشروط المذكورة من الطهارة من الحدث والخبث والساتر ولاحظ المكان والوقت والقبلة قام ناوياً للصلاة المعينة قاصداً وجه الله تعالى والتقرب إليه مقارناً للتكبير قائلاً : الله اكبر ثم يقرا الحمد وسورة ثم يركع مطمئناً قائلاً : سبحان ربي العظيم وبحمده مرةً أو ثلاثةً أو خمسةً أوسبعةً أو اكثر ولو أتى بها شفعاً أيضاً أجزأ أو يقول : سبحان الله ثلاثاً على الأحوط أو اكثر ثم يرفع رأسه منتصباً مستقراً ثم يهوي إلى السجود ساجداً على سبعة أعضاء الجبهة والكفين وعظم الركبتين وطرفي إبهامي الرجلين مستقراً مطمئناًَ واضعاً للجبهة على ما يصح السجود عليه قائلاً : سبحان ربي الأعلى وبحمده مرةً أو ثلاثاً أو خمسة أو سبعة أو اكثر ويجزي الشفع كما في الركوع أو يقول : سبحان الله ثلاثاً على الأحوط أو اكثر ثم يرفع رأسه حتى يجلس منتصباً مطمئناً مستقراً ثم يسجد مرة أخرى ويصنع كما صنع في الأولى ثم يقوم ويقرأ الحمد وسورة ويصنع كما صنع في الركعة الأولى فإن كان في ثنائية كصلاة السفر تشهد وسلم بأن يقول : اشهد ان لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمداً عبده ورسوله اللهم صلِّ على محمد وآل محمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أو يقول : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين وان كان في ثلاثية كالمغرب قام بعد التشهد قبل التسليم وقرأ الحمد وحده سراً أو قال بدله سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله اكبر محافظاً على اللفظ العربي ثلاثاً ولو زاد بقصد الذكر فلا بأس ثم يركع ويسجد ويقعد فإذا رفع رأسه تشهد وسلم وان كان في رباعية ترك التشهد والتسليم بل يقوم بعد رفعه من السجود ويأتي بالرابعة على نحو الثالثة فإذا رفع رأسه من السجدة الأخيرة تشهد وسلم على النحو السابق وهذا المقدار كافٍ في الصلاة وإذا أضاف الآذان والإقامة والأقوال والأفعال المندوبة فقد فعل ما هو الأفضل واهتدى إلى الصلاة من بابها.

المقصد الثاني عشر : في ذكرها مفصلة وفيه مباحث:

المبحث الأول : في الآذان والإقامة

وهما مستحبان مؤكدان بل الأحوط عدم ترك الإقامة والأقوى اعتبار نية التقرب فيهما لأنهما عبادتان ويحرم اخذ الأجر على الآذان دون الإقامة لورود الدليل فيه لا لكونه عبادة فإن كونه عبادة لا يمنع اخذ الأجرة كما ورد في إجارة الحج ويختصان بالفرائض اليومية بالنسبة إلى باقي الصلوات وان شرعا في مواضع آخر واذن في ترك الآذان يوم الجمعة لمصلي العصر أو في عرفة مع الحاج أو العشاء في المزدلفة كذلك سواء جمع بين الصلاتين أو لا في هذه المواضع الثلاثة على الأقوى وكذا إذن للجامع بينهما في غيرها ولقاضي الصلاة فانه يؤذن في أول الورد ويقيم إقامة في الباقي ومتى فصل بينهما بزمان أو صلاة أخرى أعاد الآذان ومن دخل المسجد وأراد الجماعة أو الانفراد وقد صلت الجماعة الأولى ولم تتفرق ترك الآذان والإقامة ووقته بعد دخول الوقت ورخص في تقديمه على العجز لغرض الأعلام ويلزم المحافظة على الترتيب بينهما بأن يكون الآذان قبل الإقامة وبين فصولهما وان أخل أعاد بما يحصل معه الترتيب ولو نسيهما معاً أو نسي الإقامة فقط حتى دخل في الصلاة فلا يرجع إليهما ان كان ركع والأرجح والأحوط ان لا يرجع يعد الدخول في القراءة بل بعد الدخول في الصلاة مطلقاً ولو نسى شطراً أو شرطاً منهما أو من أحدهما حتى دخل فالأقوى عدم الرجوع ويستحب الاستقبال وترك الاعراب في آخر كل فصل والفصل بينهما لفاعلهما دون فاعل أحدهما وسامع الآخر دون سامعهما من أهل الجماعة مثلاً على الأقوى بسكتة أو جلسة أو خطوة أو صلاة ركعتين وفي المغرب يقتصر على السكتة أو الخطوة تبعاً لما قالوا وفي الخبر الجالس بين آذان المغرب واقامته كالمتشحط بدمه في سبيل الله ويستحب الترسل في الآذان والمد فيه وعكسهما في الإقامة وان يكون فيهما على حال الصلاة وهذا الحال في الإقامة شرط على الأقوى ولا خصوصية لما بعد قد قامت الصلاة والمحدث في أثنائها لا يلزمه عود الآذان ويلزمه عود الإقامة مطلقاً طال الفصل أو لا وقيل يحرم على المرأة إسماع الاجانب والأقوى عدمه لكنه مكروه ويستحب ان يكون المؤذن عدلاً صيّتاً بصيراً بالأوقات أميناً من كل الجهات ولا اعتداد بالمجنون ولا السكران وغير المؤمن ويعتد بآذان المميز من أطفال المؤمنين وان يعلو على مرتفع والسنن كثيرة.

المبحث الثاني : في القيام

وهو في تكبيرة الإحرام وقبل الركوع متصلاً به ركن في الصلاة لو أخل به عمدا أو سهوا بطلت صلاته وفي حال القراءة وبدلها من التسبيح واجب غير ركن وللمستحب كالقنوت مستحب وهو عبارة عن الانتصاب وهو نصب فقار الظهر والفخذين والساقين مع الاستقرار لا الاطمئنان والمراد بالاستقرار عدم الانتقال وهو المشي من مكان إلى آخر والاطمئنان عبارة عن سكون الأعضاء والأحوط نصب العنق ولو طأطأ الرأس يسيراً فلا بأس به ويلزم فيه الاستقلال ولو توقف على الاستناد والاعتماد اعتمد ولو لم يكن ما يعتمد عليه اشتراه أو استأجره مع القدرة وعدم الضرورة ولو قدر على القيام في البعض قام ولو قام من القراءة سكت حتى يستقر ولو امكنه القيام إلى الركوع قام إليه ولو عجز عن الاعتدال قام منحنياً ولو عجز عن الانحناء وقدر على القيام قام وأوما لركوعه وسجوده فإن عجز عن القيام أصلاً جلس مستقلاً وإلا فمعتمداً فإن عجز عنه أصلاً اضطجع على الجاني الأيمن فإن عجز فعلى الأيسر فإن عجز استلقى محافظاً على الاستقبال في جميع الأحوال وتختلف هيئة الاستقبال باختلاف الأحوال ويكون ركوعه بإيماء رأسه وكذا السجود إلا انه يزيد في الانحناء يسيراً فإن عجز فبعينيه ويتخير في النوافل بين القيام والجلوس والركوب والمشي ويجوز المشي فيها سفراً وحضراً اختياراً واضطراراً ولو وجبت بنذر ونحوه فلا يجب القيام إلا مع نذر القيام.

المبحث الثالث : في النية

وقد تبين إنها عبارة عن المقصد وتعيين المقصود وكونه خالصاً لوجه الله تعالى أمّا لأهليته أو جزاء لشكر نعمته أو لطلب العبد رزقه منزلته أو طلباً لرضاه أو فراراً من سخطه أو رجاءاً لثوابه أو خوفاً من عقابه أو ما يتركب من ذلك إلى غير ذلك ولو قصد التوصل بطاعة الله تعالى إلى الأمور الدنيوية صح قيل والأحوط الترك وهو متروك قطعاً ويلاحظها بالتبع للطاعة لو أرادها أو أراد الآخروية والمراتب تختلف باختلاف المطالب ولا حاجة إلى نية الوجوب والندب ولا القضاء ولا الأداء ولا القصر والاتمام ونحوها إذا لم يتوقف عليها اليقين ولو نوى الوجوب في مقام الندي وبالعكس صحت والأحوط مراعاة الوجه وهي بحكم الركن تبطل الصلاة بتركها عمداً وسهواً وينوي الصلاة جملة ولا تصح نية الأجزاء بأن ينوي شيئاً فشيئاً إلا إذا افادت نية الجملة وتصح نية الوجوب في الصلاة الواجبة ولو قلنا باشتراطها ولا يضر دخول المستحبات فيها لدخولها تبعاً في النية أو لأن نيتها حين فعلها وحرمة قطع النافلة بعد الدخول فيها حيث نقول به ولا يقتضي وجوبها فنية الندب لا إشكال فيها ولو نوى في الفريضة المشتملة على المندوبات مطلق التقرب إلى الله تعالى كان اسلم ولا بد من استدامة النية ولو نوى بالفعل الرياء في الأثناء بطل كما في الابتداء نعم ليس في مجرة الخطور محذور ولا يبطلها العجب المتأخر ولا الرياء وان حرما على الأقوى ولو نوى القطع أو تردد فيه ووقف على القراءة وكان ذلك لتوهم فساد في الصلاة فعلم الصحة فلا إشكال مع عدم الفصل الكلي ولو قرأ وكان تردده لا لذلك فالأحوط الإعادة ولا يجب احضار الصلاة مفصلة حين النية بل يكفي الإجمال ولو نوى الصلاة من لا يحسنها واخر حوله يعلمه أولاً فأولاً فلا بأس ولو نوى الصلاة فذكر أخرى سابقة عدل عن اللاحقة إلى السابقة وكذا إذا لم يعلم ما قام إليه بعد الدخول ودار أمره بين السابقة واللاحقة عين السابقة سواء كانا مؤدتان كأن يدخل في العصر أو العشاء ويذكر الظهر أو المغرب أو مقضيتين كمن عليه مقضية سابقة ولاحقة ونوى اللاحقة أو مقضية ومؤداة بأن يدخل في المؤداة فذكر المقضية كل ذلك ما لم يتجاوز محل العدول فلو كانت الفائتة صبحاً مثلاً وقد صلى الثالثة فلا عدول ويهدم وقت القيام على الأقوى ولو شك في تعيينها بنى على ما قام إليه وإذا تجاوز محل العدول إثمها وأتى بالسابقة بعدها وليس العدول فرضا إلا في المؤداتين المترتبتين كالظهرين والعشائين أو المقضيتين مع وجوب الترتيب بينهما أمّا من المؤداة إلى المقضية فعلى الندب على الظاهر ولا يعدل من مقضية إلى مؤداة على الأقوى ولا يجوز العدول عن فرائض الصلاة إلى مثلها في غير ما ذكر ويجوز العدول من الفرائض إلى النوافل في الجماعة إذا كان قد دخل في الصلاة ثم دخل الإمام وخاف السبق ولم يتجاوز المحل فإن تجاوزه أتم واعادها جماعة ولناسي سورة الجمعة في يوم الجمعة لمصلي الجمعة مع قراءة التوحيد أو غيرها على الأقوى والأحوط الترك والأقوى عدم جواز العدول لناسي الآذان والإقامة معاً أو الإقامة وحدها أو بعضها مطلقاً والحاصل ان العدول لا يجوز إلا في مواضع مخصوصة ولا يقاس عليها ويحرم التلفظ بالنية معتقداً ان اللفظ هو النية وبدون ذلك يكره في الصلاة لأنه كلام بعد قول : قد قامت الصلاة والأحوط الترك ولو قام لصلاة الظهر مثلاً فسبق لسانه أو خياله خطوراً إلى العصر فالبناء على ما قام له .

المبحث الرابع : في تكبيرة الإحرام

وهي ركن تبطل الصلاة بزيادتها عمداً وسهواً أو بترك القيام فيها كذلك أيضاً وصورتها الله اكبر بفتح همزة اسم الجلالة ومد لامه وتفخيمه وإدغامه وضم هاه سالمة من الإشباع المؤدي إلى زيادة الواو وفتح همزة اكبر وباءه سالمين من المد والمؤدي إلى زيادة الألف والمشهور اعتبار الوقوف على رائه على المتيقن وفيه إشكال فلو كبر بغير هذه الصيغة أو بدل الاسم الأعظم بغيره أو بدل أكبر أو عرفها فقال : الأكبر أو عكس الترتيب أو أخل بحرف أو زاده أو زاد كلمة أو نقصها أو ادغم غير المدغم كالراء أو فكك المدغم كاللام أو غير شيئاً من الهيئة الخاصة بطلت صلاته والأقوى جواز حذف همزة الوصل من لفظ الجلالة حيث يوصلها ببعض أدعية الاستفتاح أو غيرها وان كان الأحوط ترك ذلك ولو ترك الوقف على الراء مع جواز الوصل فالأقوى الصحة ولا يجوز ترك تفخيم اللام أو الراء وكذا لا يجوز مد الألف مداً يتولد من ألف أخرى ويجب التعلم على من لا يحسنها فإن تعذر استقلاله بالنطق نطق بها ناطق حرفاً حرفاً ونطق خلفه مراعياً للهيئة وعدم تقطيع الحروف مهما أمكن وان لم يتمكن من الجميع أتى بالممكن وترجم عن الباقي وان تعذر الكل ترجمها بلسانه والأخرس يحرك بها لسانه ويشير بها بعد ان يعقد بها قلبه ويجب تحقق الذكر اللساني بها ويعلم ذلك بإسماع نفسه تحقيقاً أو تقديراً والأولى ان يكبر سبعاً ويتخير في جعل أيتها شاء تكبيرة الإحرام ويستحب ان يجعل الأخيرة هي تكبيرة الإحرام بل هو أحوط ويستحب رفع اليدين بها مبتدياً بالرفع بابتداء الكبير منتهياً بانتهائه وجميع تكبيرات الصلاة مستحبة سوى تكبيرة الإحرام.

 

المبحث الخامس : في القراءة وبدلها

وفيه فصول فيما يجب منها الواجب في الركعتين الأوليين من الفرائض قراءة الحمد والسورة تامتين فلو أخل بحرف أو حركة أو تشديد في كلمة أو سكون لازم أو بدل حرفاً بغيره وان كان الضاد بالظاء بطلت صلاته والجاهل بالحكم كالعامد ولو أخل في ادغام بين كلميتن أو مد واجب أو صناعة واجبة من صناعات القراءة كما إذا وقف مع الحركة أو وصل مع السكون بطل أيضاً وكلما لزم عند القراء والصرفيين فهو لازم ومع الاختلاف فاللازم الترجيح بالاجتهاد أو التقليد ويجوز للمريض والخائف والمستعجل وخائف رفع الإمام رأسه عن الركوع قبله الاقتصار على الحمد والبسملة آية منها ومن كل سورة سوى براءة وكل السور مجزية إلا الأضحى وألم نشرح وألم ترى ولإيلاف فإن كل واحدة منها بعض سورة ومجموع الأوليتين سورة واحدة وكذا مجموع الأخيرتين وما عدا سور العزائم وهي سورة الم تنزيل وحم فصلت والنجم واقرأ ما يفوت الوقت بقرائته فمتى قرأ أحدها أو قرأ شيئاً منها بقصد الوظيفة بطلت صلاته ولو كان ناسياً فذكر في الأثناء قطع العزيمة وقرأ غيرها ان لم يكن قرأ آية السجدة واستبدل بالسورة الطويلة غيرها اقصر منها ولو قرأ السجدة ساهياً في الفريضة فتفطن بعد الفراغ أتم الصلاة وسجد بعد الفراغ منها وكذا لو استمع وأما النافلة فقراءتها فيها مع العمد يستأنفه ويسجد لها في أثناء الصلاة ولا تجب في النافلة سورة بل يجوز الاقتصار فيها على الفاتحة ولو وجبت النافلة بنذر وشبهه فالأحوط استحباباً ان يصنع فيها ما يصنع في الفريضة.

المبحث السادس : في كيفية القراءة وبدلها من التسبيح

والمراد من التسبيح بدل القراءة في ثالثة المغرب وأخيرتي الظهرين والعشاء فإن يتخير فيها بين الفاتحة وحدها وبين التسبيح وهو قول : سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله اكبر ثلاثاً محافظاً على العربية والألفاظ الخاصة والعاجز يأتي بالممكن فإن لم يتمكن يأتي بالذكر مطلقاً عوضه والأحوط الاقتصار على التسبيح وكل ذلك إذا لم يتمكن من قراءة الحمد وإلا تعينت الحمد والأخرس يشير ويعقد بقلبه ويحرك لسانه كما في القراءة ويلزم الترتيب والمتابعة وأما القراءة فيلزم فيها الترتيب بين الحمد والسورة وأبعاضها فمتى أخل بشيء من السابق وأتى باللاحق ولم يتعمد الإخلال ولا الإتيان عاد على الفائت ثم أتى بما بعده ما لم يدخل في ركن فإن دخل في ركن مضى ولا شيء عليه ومتى تعمد أحدهما وان نسي الآخر بطلت صلاته ويلزمه الموالاة بين الحروف والكلمات والآيات فلو سكت سكوتاً طويلاً مخلاً بصورة القراءة بطلت والجهر واجب على الرجال والخناثى المشكلة في القراءة في صلاة الصبح وأولتي العشائين والاخفات في البواقي عدا صلاة الجمعة وظهرها فانه يستحب الجهر فيهما والاخفات في الظهر أحوط وهما معلومان عرفاً ويجب الاخفات في القراءة أو بدلها كالتسبيح في ثالثة المغرب والاخيرتين من العشاء والظهرين فلو تعمد الاخفات في موضع الجهر والجهر في موضع الاخفات بطلت صلاته إلا البسملة فإن الجهر بها في موضع الاخفات مستحب حتى في ثالثة المغرب وأخيرتي العشاء الرباعية والظهرين على الأقوى لكن الأحوط في ثالثة المغرب وأخيرتي الرباعية الاخفات وإلا إذا كان جاهلاً بوجوب ذلك فيصح ولو خالف نسياناً أو علم بعد الجهل في أثناء القراءة مضت قراءته لا إعادة عليه ولا يجب فيما عدا القراءة وبدلها من التسبيح جهر ولا اخفات بل يتخير في الأذكار الباقية بين الجهر والاخفات إلا ان الجهر مستحب وكذا لا يجبان فيما عدا الفرائض الخمس لكن يستحب الجهر في نوافل الليل والاخفات في نوافل النهار ولا يجبان فيها وان وجب بنذر ونحوه ولو شرط في النذر كيفية خاصة اتبع الشرط.

المبحث السابع : في كيفية أحكامها

وهي أمور : أولها : قول آمين بعد الفاتحة بعنوان استحباب الخصوصية تشريع حرام مفسد للصلاة وبدون ذلك فالأقوى عدم لزوم تركها والأحوط تركها إلا مع التقية بل الأحوط تركها في جميع أحوال الصلاة.

ثانيها : العاجز عن اصل القراءة أو بعض كيفياتها يأتي بالمقدور منها فإن عجز قرأ من غيرها فإن عجز سبح الله تعالى وذكر الله تعالى بمقدار ويلزم التعلم بقدر الإمكان ويجب عليه الصلاة جماعة أو وقوف من يقرأ له وهو يتبعه أو يقرأ هو في المصحف مخيراً بينها على الأقوى وان وجبت عليه القراءة عن حفظ مع الإمكان ومن اخذ في التعلم أو تركه عاصياً آخر صلاته إلى ضيق الوقت والأخرس يعقد بقلبه ويلوك بلسانه ويشير كما تقدم.

ثالثها :  لا يجوز الجمع بين سورتين ولا بين سورة وبعض سورة ولا بين سورة وبعض سورتين مع قصد الجزئية ولا الاقتصار على بعض سورتين ولا بعض سورة وكل ذلك لا بأس به في النافلة ولو كرر السورة بنفسها قاصداً تلاوة السورة أو القرآن لا جزئية الصلاة فلا بأس ما لم يخرج بالإطالة عن هيئة المصلي وكذا لو قرأ السورة أو البعض من السورة من حيث انه قرأ والأحوط الترك ولو جمع بين السورة وبعضها من جهة العدول في محل الجواز جاز.

رابعها : يجوز العدول من سورة إلى أخرى ما لم يبلغ نصفها والأقوى جواز العدول ما لم يتجاوز النصف والأحوط الاقتصار على ما دونه وهو جائز في كل سورة إلا في التوحيد والجحد فلا يجوز العدول منهما إلى غيرهما مطلقاً إلا في سورة الجمعة والمنافقين في يوم الجمعة فانه يجوز العدول منهما إليهما مطلقاً والاحتياط الاقتصار على الظهر والجمعة بل على الجمعة فقط ولا يعدل في الجحد والتوحيد من أحدهما إلى الأخرى في وجه قوي ويجب العدول مطلقاً مع نسيان شيء من السورة التي دخل بها.

خامسها : من أراد التقدم خطوة أو خطوتين سكت عن القراءة في حركته.

سادسها : لا يجب في البسملة تعيين السورة المتعينة بنفسها كالفاتحة والسورة المنذورة والأقوى وجوب التعيين في غيرهما ولا تغني العادة علن التعيين بحيث انه لو سأل ما تريد ان تفعل قال : السورة الفلانية على الأحوط بل الأقوى ولو لم يعين في موضع الإبهام تعين عليه الرجوع والتعيين أو العدول مع بقاء محله ويستحب التعوذ سراً قبل الفاتحة في الركعة الأولى والأولى ان يأتي بها بلفظ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وسؤال الرحمة إذا قرأ آية الرحمة والنجاة من العذاب إذا قرأ آيته وإذا قرا مثل يا أيها الذين آمنوا ويا أيها الناس قال : لبيك ربنا وترتيل القراءة محافظاً على الوقوف مبيناً للحروف متدبراً لمعاني القرآن وساكتاً بعد الفراغ من الفاتحة وبعد الفراغ من السورة واختيار السورة الموظفة كالجمعة والمنافقين في الظهرين يوم الجمعة والجمعة والأعلى في عشائها وكذا في مغربها وصبحها وفي صبح الاثنين والخميس في الأولى وهل أتى على الإنسان وفي الثانية هل أتاك وفي العصر والمغرب بقصار السور وفي الظهر والعشاء بالمتوسطات ونحو ذلك وفي النوافل بما وظف لها.

المبحث الثامن : في الركوع

ويجب في غير الكسوف في كل ركعة مرة وهو ركن تبطل الصلاة بزيادته في غير الجماعة وأما في الجماعة فسيجيء حكمه ونقصه عمداً وسهواً كما ان القيام الذي عنه تركع ركن كذلك تبطل بتركه الصلاة عمداً وسهواً ويجب فيه أمور:

أحدها : الانحناء لمستوى الخلقة بقدر ما يصل طرف الإبهام من اليد إلى الركبة والأحوط مراعاة وصول راحتيه ولو مال بأحد شقيه حتى أمكن وصول إحدى يديه إلى إحدى ركبتيه أو رفع ركبتيه وخفض أليتيه لم يكن راكعاً والمدار على ما يسمى به راكعاً ومن خلق على هيئة الراكع أو كان كذلك لمرض أو كبر يزيد في الانحنا يسيراً فإن لم يتمكن يجب عليه الإيماء واكتفى به.

ثانيها : الطمأنينة بمقدار الذكر الواجب.

ثالثها : الذكر ويكفي فيه مطلق الذكر على الأقوى ولا يكفي فيه الذكر المخصوص وهو سبحان ربي العظيم وبحمده مرة أو اكثر أو سبحان الله ثلاثاً أو اكثر وان كان ذلك بخصوصه أحوط محافظاً فيه على العربية والترتيب والموالاة وكونه بعد الاطمئنان ولو أتى بالذكر مقارناً للاطمئنان كفى ولا يلزم وقوعه بعده فلو ذكر قبل الاطمئنان عمداً أو شرع في الرفع قبل إتمام الذكر الواجب بطلت صلاته ولو عجز عن الطمأنينة أو عن الرفع سقطا ويستحب له التكبير رافعاً يديه إلى حذاء إذنيه وقول : سمع الله لمن حمده بعد الفراغ والانتصاب بعد الرفع بحيث يقع من أوله إلى آخره وهو قائم والجمع بينه وبين الحمد لله رب العالمين أولى ولو اقتصر على أحدهما فالأقرب ان الأولى للمأموم قول الحمد لله رب العالمين ولغيره سمع الله لمن حمده ورد الركبتين إلى خلفه وتسوية الظهر ووضع اليدين على الركبتين وتبليغ الكفين لهما مفرجات الأصابع إلى غير ذلك ويكره وضع اليدين تحت الثياب.

المبحث التاسع : في السجود

يجب في كل ركعة سجدتان وهما ركن بمعنى انه لو زادهما في ركعة واحدة أو أخل بهما عمداً أو سهواً بطلت صلاته بخلاف ما لو أخل بواحدة أو زاد سهوا ويجب فيه أمور :

أولها : أن يسجد على الأعضاء السبعة وهي الجبهة وباطن الكفين والركبتين ويعتبر ان يكون على العظم المستدير الموضوع على مجمع عظمي الساق والفخذ وطرف ابهامي الرجلين ظهراً أو بطناً بما يسمى سجوداً والأحوط ان لا ينقص في الجبهة عن مقدار درهم فإن كان في جبهته دمل ونحوه وعسر عليه السجود حفر حفيرة وسجد فيها ليقع بعض ما عدا موضع الدمل على الأرض فإن تعذر فعلى ذقنه فإن تعذر أومى مع رفع محل السجود إلى محل السجود.

ثانيها : الانحناء بحيث يساوي موضع قدميه موضع جبهته أو يزيد عليه بأربعة أصابه فما دون والافضل بل اللازم مراعاة ذلك بالنسبة إلى الهبوط والأولى مراعاته في جميع المساجد ولو عجز عن الانحناء رفع محل السجود إلى جبهته والأحوط تعميم الحكم في العلو القائم والمسرح.

ثالثها : الذكر مطلقاً ولا يتعين المعهود كما تقدم في الركوع وان كان الأحوط المعهود وهو سبحان ربي الأعلى وبحمده مرة أو اكثر أو سبحان الله ثلاثاً أو اكثر محافظاً على العربية والترتيب والموالاة والطمأنينة والاستقرار مع الاختيار ويسقط الجميع مع الاضطرار ويأتي حينئذ بالممكن.

رابعها : كون السجود على الأرض باقية على حالها أو على ما ينبت فيها مما لا يؤكل ولا يلبس في العادة فلا يجوز السجود على ما ليس من الأرض ولا من نباتها كالصوف والشعر والحرير وجميع أجزاء الحيوانات من الجلود ونحوها ولا على ما كان منها ثم خرج بالاستحالة كما إذا استحالة إلى شيء من المعادن كالذهب والفضة والصفر والنحاس والملح والقير والبلور والعقيق والفيروزج ونحوها أو استحالت هي أو نباتها رماداً ونحوه والأحوط تجنب الجص والنورة بعد الإحراق والطين الأرمني والدر النجفي وحجر النار وحجر الرحى والخزف والفحم وكذا الأحوط تجنب السبخ دون الرمل والحصى فانه لا بأس بهما ولا يجوز السجود على ما كان من نباتها وكان مأكولاً بالعادة أو ملبوساً كذلك فلا يجوز السجود على المخبوز والمطبوخ والحبوب المعتاد أكلها من الحنطة والشعير ونحوهما والفواكه والبقول المعتاد أكلها والأقوى جواز السجود على قشر الجوز والبندق ونحوهما مع الاتصال مع عدمه وكذا نوى التمر والمشمش ولا بأس بأوراق الأشجار وأثمارها من غير المأكول وان كان قشر الحبوب باقياً عليها لم يصح نعم لو انفصل فلا بأس إلا النخالة فإن اللازم تجنبها وكذا لا بأس بجواز السجود على التبن والقصيل مع الانفصال وعدمه والأقوى جواز السجود على قشر الارز مع الاتصال وكذا لا يجوز على القطن والكتان ولا بأس بعوديهما والأحوط تجنب حبها وأما أمّا يؤكل غير معتاد كبعض النباتات أو يلبس كذلك كاللباس المتخذ من الخوص والليف فلا بأس بالسجود عليهما بخلاف ما كان مأكولاً من النباتات كالبصل والكراث والفجل والرشاد ونحوهما وإما ما لا يؤكل أصلاً أو يؤكل نادراً كالضريع والخرنوب ونحوهما فلا بأس بالسجود عليهما والأقوى عدم جواز السجود على ما ينبت على الماء كبعض النباتات للحصر المنصوص من عدم جواز السجود إلا على الأرض أو ما انبتت الأرض إلا ما أكل أو لبس والمذكور خارج عن ذلك ولو أكل في اقليم دون آخر جرى عليه المنع.

خامسها : ان يكون المكان مباحاً وهذا بالنسبة إلى تمام الأعضاء وكذا يشترط أيضاً ان يكون طاهراً بالنسبة إلى موضع الجبهة فقط على المشهور بالنسبة إلى غيرها كما ذكرنا في المكان ويجوز السجود على القرطاس مطلقاً والأحوط تجنب ما كان من شيء لا يجوز السجود عليه أو شك انه منه.

سادسها : الجلوس بين السجدتين كيف اتفق والافضل للرجال التربع على النحو المعهود مطمئناً مستقراً مع الإمكان ومع التعذر يأتي بالممكن.

سابعها : تمكين الجبهة والمساجد من محال السجود ومعنى التمكين هو عدم التجافي فاللازم إلقاء ثقلها إلى محالها لا مجرد المماسة.

ثامنها : رفع ما يمنع الجبهة عن مباشرة محل السجود ورفع الوسخ المتكاثر على التربة الحسينية على مشرفها أفضل الصلاة والتحية ولو التزق ما يسجد عليه بالجبهة واستمر إلى السجود الثاني عمداً بطلت صلاته على إشكال والأحوط المضي والاعادة أمّا بالنسبة إلى باقي المساجد فلا بأس به ويستحب فيه أمور التكبير له حال القيام بحيث يتم التكبير وهو قائم في السجود الأول وحال الجلوس بحيث يتم وهو جالس في الثاني وتلقي الأرض بالكفين ورفع ذراعيه وبسط كفيه مضمومتي الأصابع حذاء إذنيه ونظره في السجود إلى طرف انفه وارغام الأنف والتكبير لرفع الرأس بعد تمام الرفع وهو جالس في السجودين وجلسة الاستراحة قبل القيام بعد السجود الأخير والجلوس على الورك الأيسر وجاعل ظاهر القدم اليمنى على باطن اليسرى والنظر حال الجلوس إلى الحجر وقول : بحول الله وقوته أقوم واقعد إذا أراد القيام أو هو اخذ فيه كل ذلك مع الخضوع والخشوع كما ينبغي المحافظة عليهما في جميع الأفعال ويستحب سجود التلاوة على القارئ والمستمع كذلك وكذا السامع على الأقوى في أحد عشر موضعاً في سورة الأعراف والرعد والنحل وبني إسرائيل ومريم والحج في موضعين والفرقان والنمل وص والانشقاق ويجب في أربع الم تنزيل وحم فصلت السجدة والنجم واقرأ على القارئ لها والمستمع وإنما يجب السجود في المواضع الأربع لاتمام السورة وكذا في المواضع المستحبة وكذا الاستماع في الجميع والسماع يستحب به في الواجب والمستحب والأحوط له الإتيان به في الواجب ويستحب للشكر سجدتان أو واحدة ويستحب التعفير بينهما ولا يشترط في سجود الشكر والتلاوة شيء من شرائط الصلاة سوى النية والأحوط بل الأقوى مراعاة ما يصح السجود عليه والأولى المحافظة على هيئة سجود المصلي والافضل في سجود الشكر ان يقول شكراً شكراً مائة مرة أو عفواً عفواً مائة مرة وفي سجود التلاوة سجدت لك يا رب تعبداً ورقاً لا مستكبراً عن عبادتك ولا مستنكفاً ولا متعظماً بل أنا عبدٌ ذليل خائف مستجير ولو أتى في الجميع بمطلق الذكر فلا بأس والأحوط عدم الاخلاء منه.

المبحث العاشر : في التشهد

وهو واجب في الصبح مرة بعد الركعتين وفي المغرب والرباعيات مرتين مرة بعد الثانية ومرة بعد الأخيرة ويجتز فيه بمسمى الشهادتين والصلاة على محمد وآله على الأشهر والأحوط الاقتصار على النحو المألوف وهو اشهد ان لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمداً عبده ورسوله اللهم صلِّ على محمد وآل محمد محافظاً على العربية والترتيب والموالاة بحيث لا يكن فصل محل بين الكلمات أو بين الحروف وعدم النقص والتبديل ويشترط فيه أمران:

 أحدها: الجلوس كيف شاء وان كان الأفضل ان يجلس على الورك الأيسر ويصنع ما مر.

ثانيها: الاستقرار والطمأنينة وقد أوجب الفقهاء الطمأنينة في الركوع والسجود وغير ذلك ولم يوجبوها في القراءة وفسروها بأنها عبارة عن سكون الأعضاء وقد نقل الإجماع في عدة مواضع على وجوبها في التشهد فتجب أيضاً بمقدار الذكر الواجب فلو شرع فيه قبل إتمام الرفع من السجود أو أكمله وهو اخذ في القيام بطل والعاجز عنه يجب عليه التعلم ولا يشتغل بشيء غير ضروري حتى يفرغ منه ولا بد ان يأتي بالممكن فإن عجز عن الذكر المخصوص أتى بغيره من الأذكار العربية فإن لم يتمكن من النطق بالعربي أتى به بغير العربي فإن لم يتمكن كان حكمه حكم الأخرس في انه يشير ويعقد بقلبه ويلوك بلسانه.

المبحث الحادي عشر : في التسليم

وهو واجب ويكفي فيه قول : السلام عليكم واسلم صورة الجمع بين قول : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين وبين قول : السلام عليكم والأحوط إضافة ورحمة الله والأولى ان يقول : ورحمة الله وبركاته محافظاً على العربية والترتيب والموالاة قيل ولو أتى بالسلام علينا فالظاهر لزوم قول : السلام عليكم وينوي الخروج بقول : السلام علينا والأحوط ان ينوي مطلق الخروج من غير تعيين المخرج والظاهر عدم لزوم نيته من رأس وأما قول : السلام عليك أيها النبي فهو مستحب ولا يحصل به خروج ومع ذلك فالاتيان به أحوط والمنفرد فيسلم تسليمة واحدة إلى القبلة ويومئ بمؤخر عينيه إلى يمينه والإمام يومئ بصفحة وجهه إلى اليمين فقط وكذا المأموم إذا لم كن على يساره أحد وان كان على يساره أحد سلم تسليمة ثانية وأومأ بصفحة وجهه إلى يساره أيضاً ويقصد المنفرد ومن سلم على جانب واحد من حضر من الملائكة والنبيين والمسلمين من الجن والأنس والمأموم إذا أتى باثنتين قيل يقصد بأحدهما صورة الرد على الإمام وبالأخرى من ذكر كذلك فلو قصد الرد حقيقة فالأقرب عدم الصحة كما انه لا يصح مع قصد الإمام التحية كذلك بل المستحب قصد صورتها انتهى والأقرب مع قصد الدعاء من كل من الإمام والمأموم بذلك بل في جميع ما ذكر لمن ذكر الصحة ويستحب ان يكبر ثلاثاً رافعاً يديه قائلاً : لا اله إلا الله وحده وحده انجز وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده فله الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت وهو على كل شيء قدير في الفريضة دون النافلة على الأقوى إذا قصد الخصوصية الخاصة من الورود وان قصد القربة المطلقة في النافلة فلا بأس.

 

المبحث الثاني عشر : في القنوت

وهو مستحب في كل ثانية من فريضة أو نافلة بعد الفراغ من القراءة إلا في ثانية الجمعة فانه بعد الركوع يستحب في أول الجمعة ومفردة الوتر كغيرهما قبل الركوع وروي فيها خبر آخر بعده وفي صلاة الصبح والمغرب اشد استحباباً ولو نسيه قضاه بعد الركوع ولو ذكره بعد الهوي إلى السجود أو فيما بعده من أجزاء الصلاة أو بعد الفراغ من الصلاة قضاه بعد الصلاة مستقبلاً للقبلة ولو طال الفصل والأولى قضاؤه من جلوس والكل على طريق الندب ولو تعمد تركه وركع لم يقضه بل الأحوط عدم القضاء حتى مع النسيان ويجوز الدعاء فيه بالفارسية وبالملحون مع عدم قصد الخصوصية ولم يكن إلحاناً يخرجه عن اسم الدعائية كما تجوز المناجاة والثناء والدعاء في أثناء الصلاة بذلك والأولى بل الأحوط المحافظة على العربية في جميع ذلك وأما القراءة والأذكار الواجبة فلا بد فيهما من المحافظة على العربية ويستحب له التكبير ورفع اليدين فيه إلى حذاء وجهه والنظر إلى باطن كفيه كما ذكره العلماء والدعاء بما تيسر ولو مقتصراً على الصلاة على النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  وكلما طال الذكر فيه في غير الفرائض كان أولى وفي الفرائض منع الفاضل الهندي  رحمه الله في شرح القواعد من الاطالة من الذكر فيها فالأحوط تركها في الفرائض.

المقصد الثالث عشر : في أسباب الخلل في الصلاة وفيه مباحث:

المبحث الأول : في نقص الشروط

وهو أقسام : أحدها : ترك الطهارة من الحدث من الوضوء أو الغسل أو التيمم سواء تركها أو ترك بعض أجزائها لأن عدم الجزء بمنزلة عدم الكل وهو مفسد للصلاة موجب للاعادة سواء كان عن عمد أو جهل أو نسيان وسواء ذكر في أثناء الصلاة أو بد الفراغ منها قبل مضي الوقت أو بعده فإن علم الصلاة التي اختل شرطها بعينها أعادها ولو اشتبهت بأمثالها كالرباعية بين الرباعيات أعاد واحدة عما في ذمته يتخير فيها بين الجهر والاخفات ان اختلف حكمها وان اتحد كالظهرين والعشائين لمن عليه عشاء مقضية لزمه حكمها والحاصل يأتي بواحدة يجتزي بها عن كل مساوية لها ومع اختلافها لا بد من التكرار حتى تستوفيها ويجزي الحكم في المشتبه بين القضاء والاداء وما عليه أصالة ونيابة فيه وجه قوي والأحوط التعدد مع الإتيان بواحدة عما في ذمته.

الثاني : ترك غسل النجاسة غير المعفو عنها فقد تقدم انه ان كان عن عمد أو نسيان أو جهل بالحكم الشرعي وجبت الإعادة مطلقاً في الصلاة وبعد الفراغ في الوقت وبعد خروجه مع سعة الوقت أمّا مع الضيق فتصح في الجميع وان كان عن جهل بالأصل وعلم به بعد الفراغ فلا إعادة مطلقاً وان علم أو حدث في أثناء الصلاة فعلى التفصيل السابق في باب الشرائط والأحوط في ذلك مطلقاً نزعه ان أمكن وكان عليه غيره أو غسله مع عدم ترتب المنافي ثم إتمام الصلاة والاعادة.

الثالث : ترك ستر العورة وهو مفسد مع العلم والجهل بالحكم مع تعمد الفعل والقدرة على الستر مع سعة الوقت وأما مع الغفلة والنسيان فالأقوى الصحة والأحوط الإعادة ويستر نفسه لو علم في الأثناء وأما لو تستر بغير الجائز مما عدا ما ذكر من الحرير وجلد غير مأكول اللحم والذهب فالحكم فيه البطلان مطلقاً إلا مع الضرورة من تقية ونحوها أو نسيان والأحوط في الجميع الإعادة مع النسيان أو عدم المعرفة بالموضوع ولم يكن ذلك عن تقصير ولو استعمل المشكوك فيه من اللباس ودار بين الحرير وغيره والمذهب وغيره قيل بطلت صلاته مطلقاً والأقوى ان كان الشك في غير المحصور والحكم بالصحة وجواز اللبس في الصلاة وغيرها وان كان في المحصور فالحكم بالبطلان متوجه ومع ذلك فيه إشكال وقيل لو دار بين مأكول اللحم وغيره فتبطل مع تمكنه من غيره والأصل به وبغيره الاشتباه بمحصور وتركه مع الاشتباه بأصل جنسه وصلى عارياً انتهى والأقوى الحكم بالصحة في غير المحصور مع التمكن من غيره وعدمه في المحصور يتخير بين الجمع بأن يصلي صلاتين في كل واحد مثلاً وبين ان يصلي بغير المشتبه صلاة واحدة وذلك مع التمكن ومع عدم التمكن يصلي جمعاً بين الصلاتين أمّا المشكوك به في اصابة النجاسة فلا بأس به ما لم يتعلق بمسألة المحصور.

الرابع : ترك ما يلزم من المكان من الإباحة والاستقرار والطهارة لوضع الجبهة وتفصيل الحال في السجود على ما يصح السجود عليه لنجاسة أو غيرها ان السجود عمداً مع جهل الحكم وبدونه على ما لا يصح السجود عليه مع سعة الوقت وصدق اسم السجود عليه حقيقة مبطل للعمل ومع الضيق يمضي في عمله ومع عدم صدق اسم السجود عليه يجوز مطلقا ما لم يدخل في الفعل الكثير ويرفع رأسه ويعود إلى السجود ومع السهو وصدق اسم السجود عليه فإن تجاوز المحل بالدخول في ركن آخر مضى ولا قضاء للسجود عليه ومع عدم التجاوز يصح مع الضيق مطلقاً ومع السعة فإن امكنه جر الجبهة والسجود على ما يصح السجود عليه وجب وإلا بطلت صلاته والأحوط الرفع والسجود على ما يصح السجود عليه ثم الإعادة.

الخامس : ترك الاستقبال وقد تقدم الكلام فيه وانه مع العلم مفسد مع جهل الحكم وبدونه ومع الجهل من دون مظنة مع تمكنه من الظن مفسد أيضاً ومع الاجتهاد إذا انكشف الخلاف فإن كان إلى ما بين المشرق والمغرب فصحيحة وان كان إلى نفس المشرق أو نفس المغرب أو إلى عكس القبلة فإن تبين في الوقت أعاد وفي خارجه لا قضاء عليه والأحوط في المستدبر القضاء في خارج الوقت أيضاً.

السادس : ترك شرائط الإجزاء كالاستقرار حين الاعتدال والاطمئنان حين الأفعال وتفسد الصلاة بتركهما أو بترك أحدهما عمداً مع الجهل بالحكم والعلم به ولا تبطل مع النسيان وفوات المحل بخروجه عن محله والأقوى الإعادة مع فوات الاستقرار في قيام تكبير الإحرام وكذا ما قام مقام القيام والجلوس حيث يتعين فيها وكذا في المتصل بالركوع والأحوط بالنسبة إلى فوات الطمأنينة في الأركان الإعادة وأما الجهر والاخفات فإنما تفسد بتركهما مع العلم والتعمد ولا يفسد مع الجهل بالحكم إذا كان بأصله أمّا الجهل بخصوصيته فوجهان أقواهما عدم لزوم الإعادة وكذا لا تفسد مع النسيان حتى لو ذكر في أثناء الفاتحة انه جهر بأولها في مقام الاخفات أو بالعكس أو علم بحكمه بعد الجهل بأصل الحكم لم يعد إليه ومعنى مجاله.

السابع : في نقص الأجزاء والضابط فيه انه متى نقص جزءاً متعمداً جاهلاً بالحكم أو عالماً به بطلت صلاته ومتى نقصه نسياناً فإن بقي محله بأن لم يدخل في شيء من أركان الصلاة عاد إليه ان لم يستلزم الرجوع إليه زيادة ركن أو بعضه كما  لو ذكر الحمد وهو في السورة أو السورة وهو في القنوت أو ذكر السجدتين أو السجدة الأخيرة وهو في التشهد أو ذكرهما أو ذكر التشهد وهو في القيام أو اخذ فيه أو في القراءة عاد إليها وأتى بها وأما إذا دخل في شيء من أركان الصلاة كما إذا نسى القراءة أو التشهد أو السجدتين أو أحدهما حتى ركع أو الركوع أو الانتصاب فيه أو الاستقرار به حتى دخل في السجود فإن كان المنسي من الأركان كالركوع والقيام المتصل به أو تكبيرة الإحرام أو مجموع السجدتين بطلت الصلاة وإلا لم تبطل قيل والأحوط بالنسبة إلى الدخول في السجدة الواحدة الإتمام والاعادة ولا يجب بعد ذلك قضاء إلا في التشهد والسجدة المنسيين فانه يأتي بهما بعد الفراغ ناوياً بهما عوض ما فاته ويسجد لكل واحد منهما بعد ذلك سجود السهو ولو ذكر الركوع وهو في الهوي إلى السجود انتصب وركع مطلقاً والأحوط إعادة الصلاة بعد ذلك حيث انتهى إلى محل الراكع أو يتجاوزه ولو نسى الذكر وقد تجاوز محله وذلك بأن يرفع رأسه من الركوع ويخرج عن حد الركوع أو يرفع من السجود أو الطمأنينة فيهما مضى ولا شيء عليه غير سجود السهو ولو نسى الرفع من الركوع أو الاتصاب بعده أو الاستقرار أو الطمأنينة فيه عاد إلى القيام وجدد الهوي إلى السجود ولو ترك السجدتين فشك في أثناء الصلاة انهما من ركعة فيكونان ركناً أو من ركعتين فاللازم إتمام الصلاة وقضاء السجدتين وقضاء الصلاة واعادتها ثم النية وتكبيرة الإحرام لا تنعقد الصلاة إلا بهما فمتى ترك واحدة منهما أو القيام في تكبيرة الإحرام أعاد الصلاة من أولها مطلقا ولو نسى الركعة الأخيرة فذكرها بعد التشهد قبل التسليم قام وأتى بها وعليه سجود السهو ولو ذكرها بعد التسليم قبل فعل ما يبطل سهواً قام واتم ويسجد للسهو مرة والأحوط السجود ثلاث مرات عن التسليمات الثلاثة بل أربعاً لزيادة الجلوس ولو فعل ما يبطل الصلاة عمداً وسهواً كالحدث واستدبار القبلة ونحوهما أعاد الصلاة من رأس ولو نسى السجدتين حتى خرج من الصلاة أعاد الصلاة ولو كان قد حصل ما يبطل عمداً وسهواً على سبيل الوجوب كما لو نسى الركعة على نحو ما تقدم وإلا فعليه فعل السجدتين ثم التشهد والتسليم وسجدتي السهو ولو نسى سجدة واحدة أو تشهداً قضاهما وسجد للسهو ولو ذكرها بعد الدخول في التسليم قبل تمام ما يخرج به وكان من الأخيرة عاد عليهما واتى بهما وسجد للسهو احتياطاً لازما ولو نسى ذكر الركوع أو ذكر السجود أو الطمأنينة فيهما أو سجد على غير ما يصح السجود عليه حتى رفع منهن ومضى ولا شيء عليه.

المبحث الثامن : في زيادة الأجزاء وفقه المسألة

ان المزيد في الصلاة عن عمد ان كان قد قصد الجزئية بالزيادة في ابتدائها ابطل مطلقاً وان نواها في الأثناء فإن أتى بشيء من الأجزاء الباقية على ما نوى بعنوان التشخيص بطل الجميع وإلا بطل ما زاده وتبطل الصلاة به ان كان قولاً غير القراءة أو الذكر أو الدعاء وفيما كان منها وجهان والأحوط الإعادة ركناً أو فعلاً كثيراً ونحو ذلك من المبطلات وإلا فإن لم يكن من أجزائها لم تبطل به وان كان من أجزائها فوجهان والأحوط الإعادة في الجميع ومع عدم قصد الجزئية فإن كان ركناً ابطل إلا ان يدخل تحت المنافيات للصلاة من كلام أو فعل كثير ونحوهما من المنافيات رفع الجبهة مطلقاً وغيرها من أعضاء السجود وفي حال الذكر الواجب إذا لم يتلافى الذكر بعد وضعها بعد رفعها في غير الجبهة والأحوط التجنب مطلقاً ولو زاد شيئاً نسياناً فإن كان تكبيرة الإحرام أو ركعة أو ركوعان أو سجدتين في ركعة واحدة بأن يسجد أربع سجودات بطلت صلاته وأما زيادة الركوع في الجماعة فسيجيء التفصيل فيها ولو زاد قياماً فإن ذكر حال القيام تمام ركعاته فجلس بعد القيام أو قعد موضع القيام واتم صحت صلاته ويجب عليه السجود للسهو على الأقرب بل الأقوى وجب سجودهما لكل زيادة ونقصان لمن تيقن ذلك ومجرد الاحتمال ولو بلغ الظن ليس عليه مدار ولو سهى عن الأخيرة من ركعات الصلاة أو الركعات الاحتياطية أو الأجزاء المنسية فذكر بعد ان كبر لفريضة أخرى فقد قيل ببطلان الفرض الأول وصحة الثاني فيلزم فيه العدول إلى الأول مع الترتيب بينهما وبقاء محله وقيل أيضاً ان الأقوى إتمام الأول وكل ذلك ليس بمتوجه فالأقوى التفصيل أمّا في الأجزاء والصلاة الاحتياطية فيمضي في الفرائض الذي دخل فيه ويأتي في الأجزاء وصلاة الاحتياط بعد الفراغ وأما في الصلاة فإن لم يفعل فعلاً كثيراً من أجزاء الفرض الثاني أتم الأولى والغى ما فعله من أجزاء الفرض الثاني وإلا عدل إلى الفرض الأول بنيته وكان الفرض الأول باطلاً وذلك مع إمكان العدول والأصح الثاني على ما افتتح به وبطل الأول واتى به بعده ذلك والأحوط الإعادة ولو قضاءاً بعد ذلك.

المبحث التاسع : في الزيادة الخارجية

وهي أقسام : أحدها : ما يبطل الصلاة عمداً وسهواً ومنه الحدث واستدبار القبلة أو التشريق أو التغريب من الأصل أو بالالتفات على الأقوى إذا كان بكل البدن لا بالوجه إلا إذا كان إلى عكس القبلة والفعل الكثير والسكوت الطويل المخرجان للصلاة عن صورتها .

ثانيها : ما يبطل عمداً لا سهواً ومنه كلام الآدميين ونعني به ما تركب من حرفين فصاعداً أو كان حرفاً مفهما للمعنى أو غير مفهم وقد اتصل بأقوال الصلاة فغيرها إلى اللحن ولا يكون قرآنا ولا دعاءاً ولا ذكراً ومنه السلام إذا كان تحية وأما الدعاء منه فيلحق بالدعاء وفي إلحاق تسليم الصلاة بالكلام وجهان أقربهما ذلك ولو كان بصورة الدعاء كصبحك الله بالخير ومساك الله بالخير وادخلوها بسلام وفي أمان الله ونحو ذلك ما لم يقصد القرآن والدعاء ومع السهو والغلط تصح الصلاة ويلزم في السهو بعدها سجود السهو والأحوط في الغلط ذلك أيضاً ويستثنى منه رد السلام فانه يجب على المصلي رد السلام دون باقي التحيات ولو ترك الرد مع عدم من يرد سواه فقيل ببطلان الصلاة والأقوى خلافه وصورة الرد سلام عليكم أو السلام عليكم أو السلام عليك أو سلام عليك قيل والأقوى لزوم الاقتصار على هذه الصيغ الأربعة والأحوط الاقتصار على الصيغة الأولى ولا يجوز ان يبتدأ بالسلام وسلام المجنون وغير المميز من الأطفال لا يجب رده ولا تفسد به الصلاة ولو قام به غيره فالأقوى لزوم الترك إلا إذا خص بالسلام فانه يتعين في وجه قوي ويستحب للمصلي التحميد ان عطس وتسميت العاطس إذا كان مؤمناً بمثل القول : رحمك الله لكن يقصد الدعاء وكذا يستحب التسمية بقوله : يغفر الله لكم ويرحمكم ونحوه بل الأحوط ان لا يترك ومنه التكفير مع قصد استحباب الخصوصية به على الأقوى والأحوط الترك مطلقاً وهو وضع اليمين على الشمال أو وضع الشمال على اليمين في وجه قوي والقهقة والمراد بها ما اشتمل على صوت وقيل إنها الضحك الغالب وهو ما قابل التبسم ولو كان بغير صوت وهو أحوط ولو وقعت اضطراراً من غير اختيار بطلت الصلاة والدعاء بالمحرم والفعل الكثير غير الماحي لصورة الصلاة وأما الماحي للصورة والحقيقة فانه مبطل عمداً وسهوا كما تقدم ومنه البكاء لأمور الدنيا والمراد به ما اشتمل على النحيب وهو مستحب لأمور الآخرة مما يبعث عليه ذكر الثواب والعقاب وأما الراجح في نفسه كالبكاء على مصائب الأنبياء والأوصياء والعلماء فالأحوط تركه والأكل والشرب مما يسمى أكلاً وشرباً ولم يكن ماحياً لصورة الصلاة والغالب فيهما المحو فلا بأس بابتلاع بعض الأشياء الصغار المتخلفة في الأسنان ونحوها ورخص في شرب الماء في دعاء الوتر لمريد الصوم مع عطشه وخوف طلوع الفجر وكاره قطع الدعاء والبقاء على العطش وبينه وبين الماء خطوتان أو ثلاثة لا اكثر من غير استدبار وجميع ما ذكرنا من مبطلات العمد لا تخل مع النسيان ولو صدرت من غير اختيار كالضحك والبكاء في اكثر الأوقات أو مع الإجبار فالأقوى في غير التكفير لزوم الإعادة ولو صدرت للتقية فلا بأس به ويشترك في ذلك الفرض والنفل إلا الوتر فيجوز على نحو ما مر ويحرم قطع الفريضة فعل منافيها اختياراً والأقوى في النافلة الجواز ويكره تطبيق إحدى  الراحتين على الأخرى وعقص الرجل شعره ونعني به جمع الشعر في وسط الرأس وربما اضيف إليه إلى الفتل والظفر والأحوط تركهما.

ثالثها : ما لا يبطل في العمد والسهو معاً وهو الفعل القليل كتعداد الركعات بالحصى وقتل الحية والعقرب والإشارة باليد والتصفيق للاعلام والتمطي والتثاؤب والتنخم والبصاق والتأوه ونفخ موضع السجود ما لم يتولد فيها حرفان فصاعداً وفرقة الأصابع والالتفات يميناً وشمالاً التفاتاً غير فاحش ولو كان فاحشاً وجب اجتنابه وتفصيل الحال ان الأقوى جواز الالتفات عمدا بالوجه إلى المشرق والمغرب على كراهية والأحوط الترك وأما الالتفات إلى عكس القبلة فهو مفسد مع العمد قاضٍ بلزوم الإعادة في الوقت والقضاء في خارجه ومع السهو يعيد في الوقت دون خارجه والأحوط القضاء وأما الالتفات بكله على وجه يخرج عن اسم الاستقبال فهو مبطل مع العمد مطلقاً ومع السهو فإن كان إلى ما بين المشرق والمغرب فلا يضر وان كان إليهما أو إلى عكس القبلة أعاد في الوقت وجوباً في الكل وفي خارجه بالنسبة إلى الأخير احتياطاً والكلام بحرف واحد غير مفهم لمعنى ومدافعة الاخبثين والتحرك مقدار خطوة قيل وفي الخطوتين إشكال وهو ضعيف وفي إرادة لحوق الجماعة لمن دخل المسجد رخصة ويترك القراءة حال التخطي كما مر.

رابعها : في أحوال الشك ونعني به ان لا يحصل في نفسه ترجيح للوجوب ولا للعدم أمّا إذا حصل ترجيح لأحد الطرفين بنى على الراجح في نظره وعمل عليه في الأمور المتعلقة بأجزاء الصلاة أمّا ما يتعلق بنفس الصلاة كأن يظن انه صلى مثلاً أو بنفس الشرائط كأن يظن انه توضأ أو اغتسل أو ببعض أجزاء الشروط فلا عمل على الظن ويكون بمنزلة الشك وأما البحث في أحوال الشك فهو ان كثير الشك لا عبرة بشكه في جميع أقسام الشكوك على الأقوى وصدقه يتبع العرف وأما الشك في النوافل فإن كان في عدد الركعات جاز البناء على الأقل وعلى الأكثر والأول أفضل إلا في ركعتي الشفع والوتر فإن الأحوط فيهما الإتمام والاعادة للرواية الدالة على ان الشك فيها مبطل كالمغرب وهي معتبرة جداً وان كان الشك في الأجزاء أتى بها في محالها وبنى على فعلها إذا تعداها وأما الشك في غير ذلك فمنحصر البحث فيه في مقامات :

المقام الأول : الشك في أجزاء الشروط كالشك في بعض أجزاء الوضوء والحكم فيه انه ان شك في الأثناء رجع على المشكوك واتى به واعاد على ما بعده وان شك بعد الفرغ في المكان الذي هو فيه من دون فاصل زماني ولا دخول في فعل فإن كان الشك تعلق في الجزء الأخير فالأقوى وجوب العود عليه وان تعلق فيما قبله فالأحوط استحباباً العود على المشكوك واتمام ما بعده بشرط ان لا يزم خلل في بعض الشرائط كالموالاة ونحوها وان كان كثير الشك أو شك بعد فاصلة كلية أو دخل في عمل آخر أو انصراف عن المكان بنى على صحة الوضوء وأما الشك في أجزاء الغسل أو التيمم فالحكم فيه انه متى عرض بعد الدخول في جزء منهما لم يعتد به والأحوط جري الحكم فيهما.

المقام الثاني : الشك في نفس الشروط كما إذا شك في انه توضأ أم لا أو غتسل أم لا أو لبس في صلاته ما لا ينبغي لبسه أم لا أو صلى على القبلة أم لا ونحو ذلك والحكم في ذلك انه ان حصل الشك بعد مضي الوقت فلا اعتبار وكذا لو شك بعد الصلاة في أثناء الوقت أمّا لو شك في أثناء الصلاة قيل الأقوى عدم اعتبار الشك أيضاً والبناء على صحة تلك الصلاة وهل يجب ان يعيد في الجميع بالنسبة إلى غيرها الأقوى العدم والأحوط إتمام الصلاة واعادتها بوضوء جديد لو شك في أثنائها في طهارة الحدث واعادتها من رأس لو شك بعد الفراغ انتهى والوجه في جميع ما ذكر البطلان إلا في الاحتياط في سورة الشك بعد الفراغ من الصلاة وقيل يجري هذا الحكم بالنسبة إلى الشك في شرط الشرط كما لو شك في تطهير الماء الذي توضأ به بعد نجاسته أو إباحته بعد غصبه أو إطلاقه بعد اضافته فانه يدخل به في الغاية ويمضي في العمل الذي شك في ذلك في أثنائه ولا يستأنف بالنسبة إلى ما بعده انتهى وهو كذلك بالنسبة إلى نفس الشرط لو وقع الشك في شرطه بعد تمام عمل الشرط كما لو فرغ من الوضوء وشك في شرطه وهكذا وأما لو كان في أثناء الوضوء فالحكم فيه كما تقدم فيما لو شك في الوضوء بمعنى انه توضأ أم لا وكان ذلك في أثناء الصلاة فانه يحكم بالبطلان كما انه بالنظر إلى الموضوع نفسه وهو ذلك الماء الذي توضأ منه لا يجوز الوضوء به ثانياً بل يجب اجتنابه ويجب تطهير الأعضاء من الماء المشكوك وتطهيره على الأقوى وكذا لو شك في تطهير الأعضاء  بعد نجاستها فانه يجب أيضاً تطهيرها أيضاً.

المقام الثالث : الشك في نفس العمل كمن لا يعلم انه صلى أو لا وكذا الحكم فيه انه لا إعادة عليه ان كان الشك بعد مضي الوقت وجب عليه فعل الصلاة.

المقام الرابع : الشك في أجزاء الصلاة مما عدا الركعات ولا يعتد به بعد الفراغ من الصلاة أصلاً بقي الوقت أم لا نعم لو شك في التسليم وهو جالس على هيئة المصلي أتى به ولو انصرف فلا يبالي وأما الشك قبل الفراغ فمتى شك في شيء وهو باقٍ في محله لزمه الإتيان به وإلا لم يلزمه وان كان الدخول في مندوب من أجزاء الصلاة فإن شك في النية نوى ما لم يكبر للإحرام أو في تكبيرة الإحرام كبر ما لم يدخل في التوجه أو الاستعاذة أو القراءة ولو دخل في شيء منها بنى على الصحة ولو شك في القراءة أو بدلها من التسبيح أتى به إلا إذا كبر للركوع أو للقنوت أو قنت أو ركع ولو شك في الفاتحة أو أبعاضها حتى دخل في السورة أو في آية بعد ما دخل في آية أخرى فالأقوى عدم لزوم الإعادة وكذا لو شك في حرف من حروف الكلمة بعد ان دخل في حرف آخر فالأقوى عدم لزوم الإعادة على المشكوك به والأحوط الإعادة واعادة الصلاة ولو شك في الركوع ركع إلا إذا هوى إلى السجود فإن الأقوى عدم الرجوع إلى الركوع ولو شك في السجود سجد إلا إذا دخل في التشهد أو القيام أو اخذ في القيام ولم يستكمل القيام فالأقوى الرجوع للرواية المعتبرة فيه ولولاها لكان العمل بالعموم متجها والأحوط إعادة الصلاة فيما لو شك في الركوع وهو في الهوي إلى السجود وكذا لو شك في التشهد يتشهد إلا مع القيام أو الأخذ فيه على الأقوى وهكذا ولا فرق بين ما يكون في الركعتين الأولتين وغيرهما ولا بين الأركان وغيرها وحكم الشك في المندوبات يجري بهذا النحو ولو أتى بالمشكوك وهو في محله ثم ذكر فعله فإن لم يكن ركناً فلا بأس وان كان مما يبطل زيادته عمداً وسهواً بطلت صلاته وكلما عاد على المشكوك أتى به وبما بعده ليحصل الترتيب ولو شك وهو في فعل انه هل شك في بعض الأفعال المتقدمة عليه سابقاً أو لا فلا يبالي كما لو شك في انه هل سهى كذلك أو لا.

المقام الخامس : الشك في الركعات وهو بجميع أقسامه مفسد إلا ثمانية شكوك في الرباعية :

أولها : الشك بين الاثنين والثلاث بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة فانه يبني على الثلاث ويأتي بالرابعة ثم يحتاط بركعة من قيام أو ركعتين من جلوس والأول أحوط.

ثانيها : الشك بين الثلاث والأربع في أي محل كان يبني على الأربع ويحتاط بركعة من قيام أو ركعتين من جلوس كالسابقة والثاني أحوط.

ثالثها : الشك بين الاثنين والأربع بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة يبني على الأربع يحتاط بركعتين من قيام.

 رابعها : الشك بين الاثنين والثلاث والأربع بعد رفع الرأس من السجود الأخير يبني على الأربع ويحتاط بركعتين من قيام يقدمهما وركعتين من جلوس.

خامسها : الشك بين الأربع والخمس ويصح فيها صورتان أحدهما : ما إذا شك في حال القيام فانه يهدم ويجلس ويرجع شكه إلى ما بين الثلاث والأربع ويحتاط بركعة من قيام أو ركعتين من جلوس كما مر ويسجد للسهو عن القيام احتياطاً لازماً. ثانيهما ان يشك بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة فيبني على الصحة ويسجد سجدتي السهو.

 سادسها : الشك بين الثلاث والخمس حال القيام فيهدم ويرجع شكه إلى الشك بين الاثنين والأربع ويأتي بركعتي الاحتياط كما مر ويسجد سجدتي السهو لزيادة القيام احتياطاً لازماً.

 سابعها : الشك بين الثلاث والأربع والخمس حال القيام فانه يهدم القيام ويرجع شكه إلى الشك بين الاثنين والثلاث والأربع فيأتي بركعتين من قيام وركعتين من جلوس كما مر ويسجد سجدتي السهو لزيادة القيام احتياطاً لازماً.

ثامنها : الشك بين الخمس والست وهو قائم فيهدم ويرجع شكه إلى ما بين الأربع والخمس ويسجد للسهو عن القيام فيكون عليه سجودان للسهو أحدهما واجب والثاني لزيادة القيام احتياطاً لازماً ويبطل ما عدا ذلك من الشكوك فيقطع الصلاة من حينها بعد التروي والأحوط الإتمام والاعادة فيما عدا الشكوك الخمسة الأول كما ان الأحوط الإتمام والاعادة في جميع صور الشك بين الأربعة والخمس إلا في الصورة الثانية من الصورة الخامسة وان أردت التفصيل فاعلم ان الشك في عدد الركعات في الثنائية كصلاة الصبح والسفر والجمعة والثلاثية كالمغرب مبطل في جميع أقسامه وكذا لو شك بين الواحد من الرباعيات وبين غيرها وكذا الشك إذا دخل فيه الزيادة على السادسة إلى ما لا نهاية له في جميع الركعات وكذا إذا لم يدر مقدار ما صلى من الركعات أمّا الشك بين الثانية وبين غيرها فإن كان حال القيام أو الركوع أو بعد رفع الرأس منه قبل السجود أو في أثناء السجود الأول أو بين السجدتين أو في اثناء السجود الثاني فكذلك مبطل بالنسبة إلى جميع الركعات فمن شك بينها في هذه الصورة وبين ركعة من الركعات بطلت صلاته وأما بعد الرفع من السجدة الثانية فيصح منه أقسام ثلاثة وهي ما إذا كان بينها وبين الرابعة أو بينها وبين الثالثة والرابعة ومتى دخلت الخامسة في شكها فقد افسدت وأما الشك بين الثالثة وبين غيرها فتصح في ثلاثة أيضاً وهي بينها وبين الأربع وبينها وبين الخمس وبينها وبين الأربع والخمس لكن الصورة الأولى تصح مطلقاً وتصح الصورتان الاخيرتان في حال القيام قبل الركوع وأما الرابعة فتصح مع ما مر بينها وبين الخمس على النحو السابق فهذه سبعة ويضاف إليها الشك بين الخمس والست قائماً وإذا ترتب الشكوك فالحكم على الأخير مثلاً لو شك وهو قائم بين الثلاث والأربع فلما رفع رأسه من السجود شك بين الاثنين والأربع فلما اخذ بالتشهد شك بين الاثنين والثلاث والأربع قيل كان العمل على الأخير إذا كان انقلاباً أمّا إذا كان مرتباً فالظاهر العمل على الشكين معاً كما إذا شك بين الاثنين والثلاثة وبنى على الثلاثة ثم قام إلى الرابعة فشك في ان قيامه للرابعة أو للخامسة فانه يهدم ويرجع شكه إلى الثلاث والأربع ويأتي بعمل الشكين معاً والظاهر ان الترتيب يستلزم الانقلاب فالحكم واحد وقيل في الصورة المذكورة ان احتمال رجوعه إلى الشك بين الاثنين والثلاث والأربع يعيد لكن هذا الاحتمال متعين وكذا لو ظن ثم حصل له الشك أو شك ثم حصل له الظن مع بقاء المحل وكان انقلاباً كان العمل على الأخير أمّا لو كان مرتباً أحدهما على الآخر عمل بمقتضى كل منهما ولو تردد في ان الحاصل ظن أو شك كما يتفق كثيراً لبعض الناس كان ذلك شكاً ولو حصل له شيء في أثناء الصلاة وبعد ان دخل في فعل آخر لم يدر انه كان ظناً أو كان شكاً فهو شك ولو كان كثير الشك لم يلتفت إلى شكه بل يبني على التمام ونفي الزيادة والنقصان والمرجع في معرفة كثرته بقياس حاله على حال غيره من غالب الناس أو عرض حاله على العارفين ولو حصل له شك في شك سابق بعد دخوله في محل آخر انه مفسد أم لا كما لو شك في الثالثة ان شكه في الركعة السابقة بين الاثنين والأربع كان بعد رفع الرأس من السجود أو قبله بنى على الصحة ولو شك بعد الفراغ من الصلاة في ان ذلك الشك هل كان موجباً للركعة أو للركعتين وجب الإتيان بهما والأحوط الإتيان بهما ثم الإعادة ولو كان شاكاً شكاً يوجب الركعتين فانقلب شكه إلى ما يوجب الواحدة في أثناء الاحتياط وبعد الفراغ منه عمل على الثاني مطلقاً فلو كان في أثناء الاحتياط وتجاوز محل العدول بأن دخل في الركوع الثاني أبطله واستأنف الاحتياط للواحدة وان لم يتجاوز عدل إلى الواحد واتم قيل والأحوط ان يعمل على الشكين ويعيد الصلاة ولا جه لهذا الاحتياط كما لا يخفى على المتأمل نعم الاحتياط في العمل على الشك الأخير ثم الإعادة ولو طرأ له شك ثم جهل كيفيته من رأس فهو راجع إلى من لا يدري كم ركعة صلى وهذه الركعات الاحتياطية واجبة فلا يجوز لأحد ان يدعها وان يعيد الصلاة من الأصل وكذا من فعلها لا يحتاط بإعادة الصلاة في الأربع الأول والصورة الثانية من الخامسة ومن اشتغلت ذمته بركعتي الاحتياط فمات من حينه قبل فعل ركعتي الاحتياط كان على الولي قضاؤهما خاصة والأحوط الإتيان بالاحتياط أولاً ثم إعادة الصلاة وسيجيء الكلام في الأجزاء المنسية وأما سجدتي السهو فقيل تقضى عنه بنفسها والقول بعدم لزوم القضاء هو الأقرب والأحوط بعد فعلها قضاء الصلاة من رأس.

المقام السادس : الشك في الموانع كالنجاسة والكلام وغيرهما والحكم فيها ان الشك في النجاسة معتبر بالنسبة إلى ما يخرج قبل الاستبراء من البول أو المني فانه يحكم بنجاسته دون غيره وأما الشك في كونه من جنس ما يصلى فيه فلا يفسد إلا إذا تستر بالمشكوك فقط مع وجود غيره مما يعلم كونه من الجائز على احتمال الأقوى خلافه كما تقدم في لباس المصلي وفيما عدا ذلك لا فساد كالشك في التذكية مع الأخذ من يد المسلمين أو سوقهم ممن لا يعرف حالهم أو أرضهم مع ظهور أمارات الاستعمال أو الانتفاع عليه ولو قامت البينة أو أخبر صاحب اليد عن قابليته للصلاة صحت به ولا تكفي شهادة العدل الواحد وان أفاد الظن والأحوط تجنب ما يؤخذ من يد المسلمين المستحلين لجلود الميتة.

المقام السابع : في صلاة الاحتياط وهي واجبة لما مر وكيفيتها ان ينوي هاتين الركعتين احتياطاً عما لعله نقص قربة إلى الله تعالى ولا يشترط فيها لفظ ولا تصور ولا يلزم نية الوجوب ولا غيرها كما مر ثم يكبر تكبيرة الإحرام على نحو تكبيرة الصلاة ثم يقرأ الحمد وحدها سراً ثم يركع ويسجد ثم يقوم ويقرأ الفاتحة وحدها سراً ثم يركع ويسجد كذلك وله الجهر في البسملة والأحوط خلافه ثم يتم الصلاة ويتشهد ويسلم على نحو ما يصلي في النافلة وان كانت من جلوس صلاها كما يصلي النافلة من جلوس وان كانت ركعة من قيام أتى بها مفردة كمفردة الوتر بالحمد وحدها سراً كذلك ويركع ويسجد على نحو ما يصنع في مفردة الوتر إلا إنه يقتصر على الحمد وحدها سراً كما مر وهي صلاة لكن ليس فيها آذان ولا إقامة ولا قنوت وتجري عليها أحكام الصلاة من الشرائط والموانع.

المقام الثامن : في الأجزاء المنسية وان ما يقضى منها التشهد لو فات بتمامه والأقوى جري الحكم في أبعاضه بشرط ان تكون الابعاض من الجمل المفيدة والأحوط إذا ترك غير المفيدة ان يأتي بها مع المفسدة المتعلقة بها خصوصاً الصلاة على النبي محمد وآله وكذا السجود دون غيرهما من واجب ومستحب عدا القنوت كما مر وكيفيتها ان يقصد قضاء هذا السجود أو التشهد المنسي قربة إلى تعالى وقد مر الكلام في النية والأحوط استحباباً ان يستمر في نية السجود من حين الهوي إلى حين الوضع على الأرض ثم يسجد السجدة ولا يلزم فيها الذكر المعهود بل هو أحوط ويتشهد التشهد على نحو التشهد المعلوم ثم يسجد بعدهما للسهو ويشترط فيهما جميع ما يشترط في الصلاة ويخل بهما جميع ما يخل بالصلاة فلا بد من جمع تلك الشرائط وفقد هاتيك الموانع.

المقام التاسع: في سجود السهو ويلزم على من نسي السجدة أو التشهد ان يفعلهما بعد الصلاة ويسجد بعدهما سجدتي السهو وكذا يجبان في الكلام ومنه زيادة السلام وفي الشك بين الأربع والخمس قيل ويلزم في غيرها حتى في زيادة القيام في موضع القعود وزيادة القعود في موضع القيام سهواً والأحوط فيهما ذلك انتهى والأقوى الإتيان بهما في كل زيادة أو نقيصة والأحوط استحبابا في احتمال الزيادة والنقيصة وصورتهما ان ينوي سجدتين لما احدثه من زيادة أو نقيصة على ما وقع قربة إلى الله تعالى مقارناً بالنية حال وضع الجبهة على الأرض واستمرارها من حين الهوي إلى حين الوضع أحوط ثم يسجد بغير تكبيرة ولا قراءة آتياً بجميع ما يلزم في سجود الصلاة تاركاً لجميع ما يجب تركه فيها ولا تفاوت إلا في الذكر في السجود فانه يقول: بسم الله وبالله وصلى الله على محمد وآل محمد أو يقول : بسم الله وبالله اللهم صلِّ على محمد وآل محمد أو يقول : بسم الله وبالله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته والأحوط ترك الأخير وإلا في التشهد فانه ينبغي هنا تخفيف التشهد ولو أتى به تاماً لم يكن به بأس ولكن الأحوط التخفيف فله ان يقول في تشهدهما : اشهد ان لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمداً رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم  والأحوط بل الأقوى ان يضيف إلى ذلك الصلاة على النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  في المقامين ويجب فيه السلام مقتصراً على السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أو جامعاً بينها وبين السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين على نحو ما سبق.

المقام العاشر : في أحكام ما يتبع الصلاة من الأجزاء المنسية والركعات الاحتياطية وسجود السهو والكلام يقع في أربع مقامات :

المقام الأول : في الأجزاء المنسية ويجب فعلها بعد الصلاة بلا فصل ويغتفر الفصل بينها وبين الصلاة بالأدعية والأذكار كما يغتفر في أثناء الصلاة ومنه التعقيب وكذا المستحبات التي بعد التسليم حتى التكبير ولو أتى بشيء مخل فالأحوط استحباباً انه ان كان عن عمد أعاد وان كان عن نسيان فإن كان مما يبطل فعله في الصلاة عمداً وسهواً أعاد أيضاً وإلا لم يعد ويسجد للسهو لو أتى فيها بموجبة احتياطاً وان كان الأقوى عدمه ويشترط فيها شرائط الصلاة وينافيه منافياتها فيكون حاله في السجود والتشهد المقضيين كحاله فيهما في أثناء الصلاة ولو أخر واتى بالمخل والأحوط استحباباً الإتيان بهما ثم أعاد الصلاة ولو تعددت منسياتها كأن نسي سجدة من الركعة الأولى وأخرى من الثانية أتى بهما واحدة بعد واحدة ولا يشترط التعيين على الأقوى والأحوط التعيين ولا يجب عنده الترتيب على الأقوى ولو فاته تشهد وسجود كان بالخيار في تقديم أيهما شاء وقيل يجب ملاحظة المتقدم فيقدمه وليس بلازم وان كان الأحوط ملاحظة الترتيب فلو نسي سجدة من الأولى والتشهد قضى السجود أولاً ثم التشهد بعده مراعاة للاحتياط في الترتيب ولو شك في السابق واللاحق تخير في تقديم ما شاء والأحوط مراعاة الترتيب ويحصل بتكرار أحدهما قبل الآخر وبعده ولا تلزم الإعادة بعد ذلك وان كان الأحوط الإعادة ولو بنى على سبق سابق فقدمه ثم ظهر لاحقاً أو بالعكس فالأحوط الإعادة على ما يحصل به الترتيب وتكون الصلاة صحيحة والأحوط الإعادة بعد ذلك.

المقام الثاني : في الركعات الاحتياطية ويجب فعلها بعد الصلاة بغير فصل كما في الأجزاء المنسية فلو فصل بما يفسد عمداً متعمداً أو بما يفسد عمداً وسهواً فالأقوى الصحة لكل من الصلاة والاحتياط والأحوط الإعادة بعد الاحتياط ولو فعل ما يوجب السجود في الصلاة فالأحوط الإتيان بها استحباباً ثم يسجد للسهو ولو لزمه ركعتان من جلوس وركعتان من قيام فالأقوى تقديم الركعتين من قيام على الركعتين من جلوس.

المقام الثالث : في سجدتي السهو والأحوط فعلهما بعد الصلاة بلا فصل فيقدمهما حتى علم السنن المتأخرة حتى على التكبير بعد التسليم ولو فصل بينهما وبين الصلاة عمداً أو سهواً بأي وجه كان لم تفسد صلاته ويأتي بهما بعد ذلك والأحوط الإعادة واسباب السجود إذا اختلفت فلا ريب في تعدده بتعدادها كما إذا زاد قياماً وسلاماً وكلاماً فانه يسجد ثلاث سجودات لكل واحد منها سجدتان وإذا اتحدت كما إذا تكلم ثلاث مرات أو سلم ثلاث مرات لزم التعدد على الظاهر وتعدد السبب مع اختلاف المحل واضح أما إذا حصل كلام كثير في محل واحد فإن حصل بين أبعاضه فواصل بحيث يصير كلاماً مختلفاً قوى التعدد وان كان متصلاً فهو كلام واحد وله سجود واحد وأما التسليم فإن تعدد حيث يتكرر فالامر واضح وبدون التكرار يحتمل قوياً ثلاث سجودات واحد لقول السلام عليك والثاني لقول السلام علينا والثالث لقول السلام عليكم وكفاية السجدتين عن الجميع مع حصولها في محل واحد اوفق بالصواب والأحوط الترتيب بين السجودات على نحو ترتيب الأسباب فيقدم ما سببه مقدم ويأخر ما سببه مؤخر فالسبب الحاصل في الركعة الأولى سجوده مقدم على سجود ما حصل في الركعة الثانية وهكذا ولو نسى تخير والأولى ان يقدم ما سببه النقص على ما سببه الزيادة ويقوى القول بالاكتفاء بإطلاق النية.

 

المقام الرابع : في الأحكام المشتركة بينها وهي أمور:

 أولها : لو جامع بعضها بعضاً قدمت الأجزاء المنسية والركعات الاحتياطية على سجود السهو وان تقدم سببها على محل الأجزاء وفي لزوم تقديم الأجزاء المنسية على الركعات الاحتياطية وجه قوي وكذا احتمال تقديم الركعات الاحتياطية لا يخلو من وجه والتخيير أقوى وطريق الاحتياط غير خفي.

ثانيها : لو فعل الأجزاء المنسية أو سجدتي السهو فبان عنده ان لا سهو ولا نقص تبين بطلان ما فعل وصلاته صحيحة وان تبين ذلك في أثناء فعل الجزء المنسي أو في أثناء السجدتين قطعهما وأما في الركعات الاحتياطية فإن تبين النقص في الأثناء فالظاهر الصحة واتمام الاحتياط سواء كان موافقاً كما لو تبين له نقص ركعة وقد كان داخلاً في ركعة قيام أو ركعتين وقد دخل في ركعتي قيام أو مخالفاً بمنزلة الموافق كما إذا كان النقص ركعة ودخل في ثاني ركعتي جلوس أو بعد ركوع الأولى لأن الركعتين بركعة وأما لو دخل في ركعتي قيام فظهر له نقص الواحدة فإن كان دخل في ركوع الثانية بحيث لا يمكن التسليم على الأولى فالأقرب انه ان كان سبب الركعة الواحدة وهو الشك بين الثلاث والأربع وقد جامع سبب الركعتين وهو الشك بين الاثنين والأربع كمن شك بين الاثنين والثلاث والأربع فقام لركعتي القيام فبان له بعد دخوله في ركوع الثانية ان صلاته ناقصة واحدة فانه يتم الركعتين ويأتي بالواحدة عن الناقصة وان كان سبب الركعة الواحدة لم يجامع سبب الركعتين بأن كان شكه بين الاثنين والأربع فقط فبان له بعد دخوله لركوع الثانية ان صلاته ناقصة واحدة أتم الركعتين نفلاً وصحت الصلاة وقبل بطلت وان كان باقياً في الركعة الأولى قيل بنى على الاكتفاء بها وأتم وسلم وفيه إشكال والأقرب الإتمام ركعتين نفلاً ثم الإتيان بموجب ركعة ولو ظهر له نقص الاثنين وقد دخل في ركعة قيام قيل أضاف إليها ثانية وسلم والأقرب الإتمام نفلا على ما نوى أولاً ثم الإتيان بموجب الركعتين ولو دخل في ركعتي جلوس فالأقرب انه ان كان احتمال الاثنين داخلا في اصل الشك بناءاً على جواز تقديم ركعتي الجلوس أتم ركعتي الجلوس نفلاً واتى بركعتين من قيام وان كان نقص الاثنين لم يكن محتملا قبل ذلك وإنما بان بعد ركعتي الجلوس قيل بطلت الصلاة والأحوط في مقام الصحة والبطلان في جميع هذه الصور الجمع بين هذه الأعمال واعادة الصلاة من رأس ولو ظهر له مقدار النقص بعد عمل الاحتياط فإن كان موافقاً فلا بحث كما إذا شك بين الاثنين والثلاث والأربع واتى بالاحتياط فذكر إنها اثنتان بعد ان صلى ركعتي قيام فقط أو شك بين الاثنين والثلاث فذكر إنها ثلاث بعد ان صلى ركعة قيام وان كان مخالفاً كما إذا ذكر نقص الاثنين بعد ركعتي الجلوس قبل ركعتي القيام أو نقص الواحدة بعد ركعتي القيام قبل ركعتي الجلوس فهو كما لو تبين في الأثناء على التفصيل الذي ذكرناه هناك فيصح فيما يصح هناك ويبطل فيما يبطل هناك والأحوط في الجميع إتمام عمل الاحتياط ثم الإعادة ولو انكشف له الحال بعد فعلهما وكان المقدم هو الموافق كما إذا كان مقدماً ركعتي الجلوس فظهر نقص الواحدة أو ركعتي القيام فذكر نقص الثنتين صح ولو انعكس الحال فالأحوط الإعادة على جهة الاستحباب وان تبين عدم النقص بعد الإتيان بالركعات كانت نفلاً يثاب عليها وفي أثنائها يعدل إلى النفل في وجه قوي.

ثالثها : ما بيناه من انه يشترط في جميعها شرائط الصلاة ويجب ترك موانعها على نحو ما فصل سابقاً.

رابعها : لو حصل فيها شك أو سهو والمحل باق تداركه واتى به وان تعدى المحل فإن كان شكاً فلا اعتبار به وان كان سهواً فالأقرب لزوم ما تداركه ما لم يدخل في ركن.

 

المقصد الرابع عشر : في القضاء

لا قضاء على الصغير لكن يستحب تمرينه على العبادات مطلقاً من الصلاة وغيرها أداؤها وقضاؤها فرائضها ونوافلها وشروطها وأحكامها وعلى كل عبادة إذا كان مميزاً ويختلف التمييز باختلاف الصبيان في الأذهان وعباداتهم شرعية يثابون عليها ويجب على الولي منعهم عن كل ما يترتب عليه الإضرار بهم أو بالخلوة وان لم يبلغوا حد التمييز بل كانوا غير مميزين ولعل أكل الأعيان النجسة وشربها من دون المتنجسة حكمنا بحرمة مناولتها لهم أولاً والأحوط منعهم من المحرمات كلبس الحرير والذهب ومس كتابة القرآن مع الحدث واللبث في المساجد مع الجنابة وغير ذلك إذا بلغوا حد التمييز وليس ذلك بواجب أمّا مع عدمه فلا احتياط ويلزم منعهم مطلقاً عما علم إرادة الشارع بعدم وقوعه في الوجود ولعل الغناء منه وكذا لا قضاء على المجنون والحائض والنفساء والكافر الأصلي دون المرتد إذا استغرقت هذه الأوصاف تمام الوقت فلو بقي من الوقت مقدار ما يسع الطهارة والصلاة معاً وجبتا جميعاً ولو وسع مع الطهارة صلاة واحدة وجب دون الأخرى فإن وسعت العصر فقط لم يجب قضاء الظهر ولو مضى من الوقت مقدار يسع الطهارة والظهر فقط ولم يصل وجب قضاء الظهر فقط أمّا لو وسع الوقت مقدار الطهارة وركعة فقط فإن كانت الأولى فلا قضاء ولو كانت الأخيرة كما لو أدرك من العصر ركعة بعد الطهارة فعليه الإتيان بالركعة واتمام الصلاة ناوياً في ذلك القربة المطلقة دون القضاء والاداء ولو نوى الأداء فلا بأس ويلزمه القضاء لو ترك والحال هذه ويجب على من أخل بالصلاة عمداً أو سهواً أو للنوم أو لغير ذلك من الأعذار وفي فاقد الطهورين والمغمي عليه مع استيعاب الوقت وجهان أحوطهما ذلك وان كان الأقوى عدم لزوم القضاء في الثاني وكذا في الأول على إشكال وليس للقضاء وقت فيقضي النهارية في الليل والنهار والليلية في النهار أو الليل مرتباً اللاحقة على السابقة فلو قدم اللاحقة على السابقة وجبت الاعاد عالماً بالحكم أو جاهلاً به ومع النسيان ان ذكر بعد تمام الصلاة مضت صلاته ولا إعادة وان ذكر في الأثناء فإن كانت اللاحقة أدائية والسابقة قضائية فالأحوط العدول إلى السابقة وان كانت قضائيتين وجب العدول كما في الأدائيتين هذا بالنسبة إلى القضاء عن صلاته وكان عالماً بالترتيب أمّا لو جهل فالأقرب السقوط مطلقاً أمّا في النيابة فالظاهر عدم لزوم الترتيب حتى مع العلم به على الأقوى ويجب على اكبر الولد الذكر ان يقضي عن أبيه ما فاتته من صوم أو صلاة من غير تقصير والأحوط ان يقضي عما فاته بتقصير أو غيره وان يقضي عن أمه أيضاً والأحوط قضاء أولي الأولياء ان لم يكن له ولد ويجوز نيابة الرجل عن المرأة وبالعكس ويصلي الرجل صلاة الرجال وان كان المنوب عنه امرأة والمرأة صلاة النساء ولو كان المنوب عنه رجلاً ومن فاتته فريضة غير معينة من الصلوات الخمس قضى ثلاث فرائض ثلاثية وثنائية ينوي بهما مغرباً وصبحاً ويجهر فيهما بالقراءة ورباعية ينوي فيها عما في ذمته في علم الله ويتخير فيها بالجهر والاخفات ويقضي من فاته الصلاة تماماً ولو في السفر ومن فاتته في السفر قصراً ولو في الحضر والأحوط استحباباً على الأقوى الإتيان بالقضاء فوراً وعدم الاشتغال عنه بفريضة موسعة ولا بنافلة ويقضي النوافل الرواتب بعد مضي وقتها ويستحب لتاركها ان يتصدق عن كل ركعتين بمد من طعام فإن عجز فعن كل أربع فإن عجز فعن نوافل الليل مد وعن نوافل النهار مثله وتارك الصلاة يعزر مرة على تركها فإن تركها ثانية عزر أخرى فإن تركها ثالثة قتل والأحوط القتل في الرابعة هذا في غير المستحل تركها والمستحل تركها كافر ويجري عليه حكم الارتداد ما لم تكن له شبهة مسموعة ولو كانت محتملة.

 

المقصد الخامس عشر : في صلاة الآيات

تجب صلاة الآيات عند كسوف الشمس وخسوف القمر والزلزلة والريح الصفراء والسوداء وجميع الآيات السماوية المخوفة والمدار على الخوف عند عامة الناس لا على النفوس التي يسرع إليها الانفعال ولا على القلوب التي لا تنفعل لعظائم الشدائد والأهوال ووقت صلاة الكسوف والخسوف من الابتداء إلى تمام الانجلاء على الأقرب والأحوط إيقاع تمام الصلاة قبل الأخذ في الانجلاء ويعتبر فيما عدا الزلزلة اتساع زمانها لفعل الصلاة على الأقرب والأحوط فيما عدا الكسوفين الإتيان بها وان لم يتسع الوقت والاحتياط بذلك في الكسوفين ضعيف وتقضى الصلاة في جميعها مع العلم والتفريط ولو مع جهل الحكم والأحوط قضاء الناسي ولا تجب بدونه إلا في الكسوفين إذا احترق القرص فانه يجب القضاء مطلقاً ويعلم حدوثها أمّا بالمشاهدة أو بالشياع أو الخبر المفيد للعلم أو بشهادة العدلين أو العدل الواحد مع إفادته الظن في وجه قوي لكن الأقوى خلافه ويجب على الناس تعلمها عيناً وتعليمها كفاية ولو حدثت إحدى الآيات في وقت فريضة يومية فإن كان وقتهما موسعين تخير في تقديم أيهما شاء وان كان الأولى تقديم اليومية وان كانتا مضيقتين أتى بالفريضة وقضى صلاة الآيات ولو كانت إحديهما مضيقة والأخرى موسعة وجب تقديم المضيقة ويشترط فيها ما يشترط في الصلاة اليومية ويستحب إعادتها ما دامت الآية باقية وإذا زالت في أثناء الصلاة أتمها في خارجها ويستحب الإتيان بها جماعة وصورتها ان ينويها معيناً لها متقرباً إلى الله تعالى مقارناً بالنية لتكبيرة الإحرام على نحو إحرام الصلاة ويقرأ بعد التكبير الحمد والأولى ان يأتي بسورة تامة غير مبعضة طويلة كانت أو قصيرة ويركع ركوع الصلاة اتياً بما يلزم فيه من الذكر وغيره ثم يرفع رأسه منتصباً ويقرأ الحمد وسورة ثم يركع ثم يرفع رأسه منتصباً ثم يقرأ نحو ذلك ثم يركع ثم يرفع رأسه منتصباً ثم يقرأ نحو ذلك ثم يركع ثم يرفع رأسه منتصباً ثم يقرأ نحو ذلك ثم يركع فإذا أتم الركوع الخامس رفع رأسه منتصباً وهوى إلى السجود وسجد سجدتين على نحو سجود الصلاة ثم يقوم إلى الثانية ويأتي بركوعات خمسة وسجدتين على نحو ما مر في الركعة الأولى من القراءة والركوع والسجود ولو فرق سورة على بعض ركوعات الأولى والثانية أجزأ عن الفاتحة إذا قرأها من حيث نقصها ولو كرر الحمد مع التوزيع فالأقرب الصحة والأحوط الترك ولو ابتدأ بسورة لزمه استئناف الحمد فإذا جلس من السجود الأخير تشهد وسلم على نحو ما كان يصنع في الفريضة ويستحب القنوت خمساً ويستحب الجهر فيه وفي القراءة ولو كانت نهارية يقنت قبل الركوع الثاني وقبل الركوع الرابع وقبل الركوع السادس وقبل الركوع الثامن وقبل الركوع العاشر ويستحب له ان يكبر قبل الركوع والسجود والرفعة منه وقبل القنوت وعند رفع رأسه من الركوع إلا في الرفع الخامس والعاشر فيقول : سمع الله لمن حمد ويستحب له التطويل إذا كان منفرداً في قراءته وفي ركوعه وفي سجوده وفي قنوته وان كان خاشعاً خاضعاً خائفاً وجلاً على أفضل أحوال العبد إذا قام بين يدي مولاه ولو حضر وقتها وفقد بعض الشرائط فالحال فيها كما في صلاة اليومية يصليها عند الضيق والاضطرر راكباً وماشياً وجالساً ومضطجعاً وعرياناً وفي جميع الأحوال آتيا بالأولى فالأولى على نحو ما مر في الصلاة.

المقصد السادس عشر : في صلاة الجماعة

ولا تجب إلا في صلاة الجمعة والعيدين في زمان ظهور الإمام إذ يجوز تركها في زمن الغيبة ولذا لم نتعرض لذكرها وتستحب في باقي الفرائض ويجوز اقتداء المفترض بمثله وان اختلف الفرضان ومن عليه فرض من الفرائض اليومية لا يأتم بمن عليه صلاة العيد أو الآيات وبالعكس ولا تجوز في النوافل إلا في صلاة الاستسقاء والغدير على قول فيه والأقرب جازه وان كان الأحوط الترك وللمعيد استحباباً خلف المعيد كذلك وخلف مصلي الفرض ويقوى جواز صلاة المفترض خلف المعيد وكذا في صلاة العيدين واقل ما تنعقد به الجماعة اثنان أحدهما الإمام وتدرك الركعة بادراك ركوع الإمام حال تكبيرة المأموم بل وحال ركوعه على الأقوى والأحوط ادراكه قبل الشروع في الرفع وان لم يخرج عن حد الراكع ولا فرق في إدراكه راكعاً بين ان يكون قبل الذكر أو في أثنائه أو بعد الفراغ منه والأحوط المحافظة على إدراك الذكر بل الأحوط المحافظة على إدراك تكبيرة الركوع ولو وجد الإمام ركعاً وأراد الدخول معه فالأقرب انه مع الاطمئنان باللحوق يسوغ له الدخول في الركوع وكذا يسوغ اللحوق مع تساوي الاحتمالين بل الأقوى الجواز مع ظن العدم وان كان الأحوط الترك وتصح الصلاة لو صادف اللحوق ولو لم يصادف بطلت ولو دخل في الصلاة مطمئناً ثم شك في اللحوق قبل الركوع لم يجز له الدخول في الركوع كما لو علم بعدم اللحوق قبل الركوع فانه يلزمه إما الانفراد أو انتظار الإمام إلى الركعة الثانية والدخول معه في الركوع وقيل لو ادركه قائماً وفاته الركوع معه ركع وسجد لنفسه ولحقه في الركوع الثاني ويكفيه إدراك ركوع ما معه انتهى وفيه إشكال والأحوط نية الانفراد واتمام الصلاة واعادتها بعد ذلك

 

ولو لم يدرك ركوعاً بالمرة لم تنعقد جماعته ولو هوى إلى الركوع مطمئناً ثم شك في اللحوق حكم بعدمه ويجري عليه حكم ما لو قصد إدراك الركوع فلم يصادفه والأقرب هنا البطلان والأحوط إتمام الصلاة بنية الانفراد ثم الإعادة ولو خشى رفع الإمام رأسه نوى وكبر مستقلاً في موضعه وركع ومشى في ركوعه ليلحق به وان لم يمكنه اللحوق به في الركوع سجد في موضعه ثم لحق الإمام ويجر رجليه جراً ولو التحق به بعد الركوع ودخل معه في السجود الأول أو في السجود الثاني حصل له ثواب الركعة واعاد تكبيرة الإحرام عند القيام ولو دخل معه بعد الرفع من السجود الأخير تشهد معه وأدرك الفضيلة ولا تكبير عليه بعد القيام ولا تصح مع حائل يمنع مشاهدة الإمام إذا كان المأموم رجلاً وان كان امرأة فلا بأس والأحوط مساواتها للرجل ولا بأس بما يمنع المشاهدة في بعض أحوال الصلاة دون بعض وتغني مشاهدة من يشاهد الإمام من المأمومين عن مشاهدته له وحجب الظلمة والغبار لا مانع منه ومن خلف الاسطوانات من المأمومين يكفي مشاهدته لمن على جانبيه منهم ولو حصل في مكان لا يشاهد فيه أحداً من الإمام وغيره بطلت صلاته ولو دخل الإمام في محراب بطلت صلاة الصف الذي على جانبيه ان لم يكن أحد منهم يشاهد الإمام وصحت صلاة الصف الذي خلفه ما لم يبعد عن الإمام زائداً عن الحد وفواصل الصفوف اللاحقة لا تضر بتقدم من في الصفوف السابقة عليهم وفواصل الصف السابق مخل بصلاة من بعد عن الإمام في الزيادة عن الحد والفصل لعدم التكبير غير مخل فلا يلزم البعيد عن الإمام انتظار تكبير القريب إليه ولو كانت الفاصلة لا تمنع المشاهدة كالشبابيك فلا بأس وان كان الأحوط الاجتناب ولا يجوز كون الإمام أعلى من المأموم إلا ان يكون العل تسريحاً أو اقل من مقدار شبر ويجوز العكس ولا كونه بعيداً عنه أو عمن يقتدي به بمقدار ما لا يتخطى في جميع حالاته خطوة تملأ الفرج ولو كان في حال سجوده بقدر ما تخطى مثلاً كفى وان كان في حال قيامه بقدر ما لا يتخطى وهكذا بالنسبة إلى المأمومين بعضهم مع بعض والأقرب مراعاة هذا الشرط في الابتداء وهو كافٍ في تحقق الصدق فلا يضر حدوث البعد في الأثناء وان كان الأحوط المحافظة على القرب ما أمكن الانفراد والأحوط له ترك القراءة خلف الإمام في جميع الصلاة بالركعتين الأوليتين إذا كان الإمام في محل القراءة وان كان الأقوى إنها مستحبة حيث تكون في الجهرية والمأموم لا يسمع الهمهمة ويقرأ المأموم إذا تجاوز محل قراءة الإمام كما إذا ادركه في الثالثة أو الرابعة وان كان الإمام قارئاً ويخفت ما لم ينفرد عنه ولو كانت الصلاة جهرية ويقوم المأموم بالواجبات ما عدا القراءة في الركعتين الأوليتين فإن الإمام لا يتحمل عنه سواها وإذا سبق الإمام على المأموم بعمل وكان معذوراً في التأخير أتى به ولحقه وان تقدمه بركن والأحوط بل الأقوى الانفراد لو كان بركنين فما زاد وكذا لو كان بركن ولو أتى الإمام بعمل كالتشهد ونحوه وليس محل فعل الإمام يستحب للمأموم متابعته فيه ويستحب ان يتجافى في محل تشهد الإمام إذا لم يكن عليه تشهد بل هو الأحوط بل يجب عليه متابعة الإمام في الأفعال ومنه المتابعة في تكبيرة الافتتاح وفي التسليم فلا يدخل في الصلاة ولا يركع ولا  يسجد ولا يرفع قبله ومن ركع أو سجد قبله رفع رأسه ان امكنه لحوقه وهو قائم ثم ركع معه أو سجد وكذا إذا رفع رأسه قبله عاد إلى الركوع أو السجود وكل ذلك مع النسيان ويستمر مع العمد منتظراً له لا يسبقه بغير ذلك والأحوط بل الأقوى فيما إذا تعمد السبق أو تعمد ترك الرجوع حال النسيان أعاد الصلاة من رأس والأحوط بل الأقوى ان لا يتقدمه في الأقوال الواجبة وإذا لم يسمع عمل على ظنه وإذا ظن ان الإمام قرأ شيئاً تبعه ولو دخل المأموم في نافلة فدخل الإمام واحرم وخاف المأموم فوت الركعة قطعها ولو كان داخلاً في فريضة عدل إلى النافلة مع إمكان العدول ولو تعدى محل العدول أتمها وأعادها جماعة ويشترط عدالة الإمام ظاهراً فلا تجوز الصلاة خلف الفاسق ومجهول الحال ولو ظن العدالة فظهر الخلاف في أثناء الصلاة عدل إلى الانفراد ولو ظهر بعد الفراغ مضت صلاته ولا إعادة عليه وتعرف العدالة باجتناب الذنوب العظام في نظر الشارع والإصرار على الصغائر وترك منافيات المروءة بحيث يكشف ذلك عن الملكة الراسخة ولو تاب بعد المعصية وظهر منه صدق التوبة عادت عدالته والأحوط مخالطته جديداً حتى يعرف اتصافه بالعدالة ولا يكتفي بظهور صدق التوبة فقط ويشترط صحة صلاة الإمام ظاهراً فلو علم بفسادها إما انه لا يحسن القراءة أو أخل في بعض الشروط لم تجز الصلاة خلفه ولو تبين فساد صلاته بترك الطهارة أو غيرها من الشرائط مثلاً فإن كان قبل الفراغ عدل إلى الانفراد وان علم بعده مضت صلاته ولا إعادة عليه ولو كان لا يحسن القراءة لآفةٍ في لسانه أو مانع لا يمكنه دفعه فالأقوى عدم جواز الإتمام به للصحيح دون المساوي له في مقام يتحمل فيه القراءة عن المأموم والأحوط تركه مطلقاً ويجب وجوباً شرطياً لصحة الاقتداء به على المأموم تعديل الإمام وتنبيهه إذا صدر منه غلط أو سهو فإن لم ينبهه وكان تركه مفسداً كالركن مثلاً بطلت صلاته وصلاة المأموم ان لم ينفرد عنه وفي غيره تصح صلاة الإمام وفي صلاة المأموم تفصيل لكن قيل والأحوط للمأموم إعادتها مع عدم التقصير في التنبيه من قول أو فعل فضلاً عن التقصير سيما لو كان الخطأ في القراءة ولو كان مقصراً في التنبيه في القراءة فالأقوى وجوب الإعادة انتهى والأقوى انه ان علم المأموم بالخلل في أثناء الصلاة ولم يمكن تداركه وجب عليه الانفراد فإن لم يفعل وجب عليه الإعادة ويستحب ان يقف المأموم عن يمين الإمام إذا كان واحداً وخلفه ان كانوا اكثر أو كانت امرأة ولو امّت المرأة النساء وقفت غير بارزة منهن ولا يجوز تقدم المأموم على الإمام بالعقب ولا عبرة بالرأس ولا ان تؤم المرأة الرجال ولا القاعد القائمين ولكل من الإمام والمأموم حكم نفسه مع الشك والسهو إلا في شك الركعات في قول والأقرب لحاق الشك تبعية الأفعال بها فإن الشاك منها يتبع الضابط ولو اتفقا فيه أتى كل منهما بما يلزمه من الركعات الاحتياطية أو الأجزاء المنسية ولو تخالفا فييقن أحدهما خلاف ما عليه الآخر اخذ باليقين وانفرد أو لو اختلف المأموم اخذ الإمام بالراجح ومع عدم الترجيح رجع حكمه إلى الشك ويجب وحدة الإمام فلا يأتم بالمتعدد وتعيينه بالاسم أو الوصف أو الإشارة ولو بالقلب ولو أشار الى شخص زعم انه زيد فبان انه عمر فلا بأس ولو صلى خلف زيد فبان انه عمر فالأقوى الصحة مع نية الانفراد عند البيان ان كان لا يقتدى به وان كان يقتدى به فله الاستمرار في الاقتداء وله الانفراد ويكفي في التعيين ان ينوي هذا المتقدم مع العلم بعدالته ولا يجوز ان يجعل أحد المأمومين ولا غيره إماماً إلا بعد انقضاء صلاة الإمام أو فسادها وفيما لو تبين بطلان إمامة الإمام وجه قوي ويجوز للمأموم العدول إلى الانفراد ويتم صلاته لنفسه اختياراً أو اضطراراً أو الأحوط تجنب ذلك مع الاختيار.

 

المقصد السابع عشر: في صلاة المسافر

يجب في السفر ترك الركعتين الأخيرتين من الرباعيات بشروط:

 

أولها: المسافة وهي عبارة عن ثمانية فراسخ امتدادية ذهاباً أو إياباً أو أربعة ذهاباً وأربعة إياباً سواء رجع في يومه أو لا ولو تردد في اقل من أربعة فراسخ حتى قطع ثمانية فراسخ أو اكثر لم يكن قاطعاً للمسافة ولو ذهب فرسخين ورجع ستاً في طريق آخر وبالعكس فالأقوى عدم اعتبارها وكذا كل تلفيق بين الذهاب والإياب عدا الأربعة ومبدأ الاحتساب من سور البلد ومنتهى البيوت في صغار البلدان أو متوسطاتها وأما الكبار المخالفة للعادة فالمدار فيها على منتهى المحلة وجاهل المسافة يتم ولا يكلف الاختيار ما لم يكن جهل قدرها الشرعي فلا يعذر بجهلة وفي صحة صلاته وجه والفرسخ ثلاثة أميال والميل أربعة آلاف إلا ذراع بذراع اليد المتوسطة والمسافة مبنية على التحقيق فلو نقص شيء من الحد لم يكن مسافة ولو كان له طريقان مبلغ أحدهما مسافة بنحو ما اعتبر دون الآخر اعتبر ما يسلكه فإن بلغ الحد قصّر وإلا فلا.

ثانيها: ان يتوجه إلى مقصد معلوم والمدار فيه على قصد المسافة ولا يعتبر بعد ذلك سواه من مقصد معلوم أو غير معلوم فمن هام على وجهه أو طلب عبداً آبقاً أو دابة ضالة أو شيئاً ضائعاً لا يعرف في أي مكان أو نحو ذلك ولم يكن قاصداً للمسافة لا يكون عليه تقصير ولو بلغ الصين له لم يعين منتهي سفره ويتعين عليه التقصير حيث يعين في الابتداء أو في الأثناء مقصداً يبلغ المسافة وفي حال رجوعه مع بلوغ ذلك.

ثالثها: بقاء المقصد فلو عدل في الأثناء قبل ان يبلغ اقل المسافة كأربعة فراسخ عاد إلى التمام ومضت صلاته الواقعة قصراً كذا لو تردد في الأثناء جرى عليه الحكم المذكور ومنتظر الرفقة في أثناء المسافة بل بلوغها إذا اطمأنت نفسه بمجيئها قصراً ولو تردد أتم فإن رجع إلى عموم السفر قصر بعد الضرب في الأرض من دون اعتبار محل الترخص على الأقوى ويلزمه مراعاة مسافة جديدة من محل العدول أو التردد على الأقوى وطريق الاحتياط لا يخفى وللتابع كالمرأة والخادم والعبد ونحوهم حكم المتبوع مع لزوم صحبته بحسب عزمه لا لزوماً شرعياً ولا عادياً حتى لو عزم على عدم الصحبة وكانت لازمه له شرعاً استقل بحكمه ولا يكون تابعاً فيه فإن علم قصد متبوعه تبين قصده وحكمه وان جهل ذلك بقى على التمام لعدم قصد المسافة ولا يكلف الاستخبار من متبوعه ولو علم قصد متبوعه وتردد في انه يصحبه معه أو لا لم يكن قاصداً للمسافة ويكون كطالب الآبق والمجبور على السفر ان علم غاية الجبر عرف حكمه ببلوغ المسافة وعدمه وان لم يعلم متى يأذن له بالرجوع كان كطالب الآبق أيضاً.

رابعها: الدخول في السفر فلا يكفي مجرد القصد وهو في بلده.

خامسها: ان يتجاوز محل الترخص وذلك بأن يخفى عليه إما إذا المؤذن لو وقف على سور البلد أو يخفى عليه شكل جدرانها المتوسطة ولا يلزمه اجتماع خفاء الآذان وخفاء الجدران وان كان الاجتماع أحوط ويعتبر المعتاد في صوت المؤذن وسماع السامع وارتفاع المؤذن ونظر الناظر إلى الجدران وتوسطها في العلو والهبوط واستواء الأرض إلى غير ذلك والحاصل المدار على انه يسمع الآذان سماعاً معتاداً ويرى الجدران كذلك فمتى لم يكن بالغاً ذلك الحد المعلوم كان مأموراً بالتمام وكذا مع الاشتباه في بلوغ الحد المعلوم.

سادسها : كون السفر سائغاً فلا يقصر العاصي بنفس سفره كالآبق والناشز والعاصي بسفره كالقاصد إلى جهة محرمة كقطع الطريق أو مواجهة الظالم ليتوصل إلى المظالم أو قطع الطريق مع ظن التلف أو لصيد اللهو مع الإشكال في حرمته بخلاف صيد القوت والتجارة فإن عليه في جميع ما تقدم التمام سواء كان ذلك عند خروجه من البلد أو عند رجوعه من سفره وهو باقٍ على نيته السابقة اعني الدوام على تلك المعصية أو معصية أخرى فلو عدل عنها واراد الرجوع فإن بلغ زمان الرجوع المسافة قصر وإلا بقي على التمام وكذا يقصر في سفر النزهة ولو ركب دابة مغصوبة أو على رحل مغصوب أو ذات نعل مغصوب أو مستصحباً لشيء مغصوب أو ترك أمراً واجباً كقضاء الدين أو نفقة الزوجة ونحو ذلك فالأقرب القصر والأحوط الجمع.

سابعها : ان لا يقيم عشرة أيام واحدٍ أو محل واحدٍ والمدار على ظنه بالبقاء عشرة أيام والأحوط مراعاة العزم وعدم الاكتفاء بمجرد الاطمئنان بالبقاء عشرة أيام والمدار في البلاد الكبيرة الخارقة للعادة على المحلة وبلاد النجف ومسجد الكوفة محلان وكذا بلاد الكاظمين H وبغداد والمعتبر المكان دون البيت فلا يصح نيتها في بيوت الأعراب ما لم تطمئن نفسه بعدم الرحيل إلى عشرة أيام وإذا تمت شرائطها فأقامها ناوياً لها أثم ولو نوى إقامته في أثناء المسافة في الأثناء أو حال قصد المسافة بطل حكم المسافة وكذا لو تردد فيها كذلك نعم لو قصد مسافة فبلغها ثم حصل له التردد فإن تردده لا يؤثر شيئاً ويبقى على حكم القصر ولا بد من عشرة أيام تامة متوالية مع لياليها والأقوى عد اليوم المنكسر مع جبره بما يكمله في صورة التلفيق والأحوط الجمع ولو عدل عن الإقامة في أثناءها أو تردد فإن كان صلى فريضة تماماً ولو نسياناً بقى على التمام والداخل في ركوع الثالثة في حكم من أتم الفريضة في وجه قوي وفي الصلاة تماماً في محل التخيير وجه وهو الحق وقيل الأقرب خلافه وهو بعيد ولا يلحق بها النوافل والصيام وينقطع حكم السفر في التردد ثلاثين يوماً في محل واحد عرفاً على نحو ما مر وبالمعصية في نفس السفر أو غايته ويبقى على التمام حتى يقصد المسافة على نحو ما يعتبر في الخارج عن المنزل والأحوط الجمع بين القصر والاتمام إذا لم يقصد مسافة بعد مفارقة المعصية ومثله جميع من فرضه التمام بعد الارتفاع ولو خرج إلى ما دون المسافة أتم في الذهاب وفي نفس المقصد ناوياً للرجوع أو متردداً فيه ناوياً للاقامة بعد الرجوع أو لعدمها أو متردداً فيها بلا إشكال وأما الرجوع ومحل الإقامة فاللازم عليه بلا إشكال الإتمام إلا مع قصد عدم الإقامة مع قصد المسافة فاللازم عليه التقصير في ذلك على إشكال والأحوط حينئذ الجمع بين القصر والاتمام ويلحق بالإقامة في قطع حكم السفر اعتبار المسافة الجديدة للقصر جميع موانعه على الأقوى والأحوط فيما عدا الإقامة الجمع بين القصر والاتمام.

ثامنها : ان لا ينقطع حكم سفره بالورود إلى وطنه ومسكنه فلو وصل إليه انقطع حكم سفره ولا فرق بين ما كان له فيه منزل أو لا وما كان له فيه ملك أو لا ولو  كان ذا وطنين تقسم السنة بينهما نصفين تقريباً أتم في كل منهما ولو عدل عن وطن إلى غيره فإن لم يكن له في الأول منزل أقام فيه ستة اشهر ولو متفرقاً قصّر فيه بلا ريب وان كان له ذلك فالأحوط الجمع وان كان الأقوى القصر ويتم في الوطن الجديد بمجرد النية في وجه والأحوط التوطن أياماً يتحقق بها الصدق العرفي وأحوط منه اعتبار إقامته فيه ستة اشهر فإن لم يكن ذلك ولو متفرقاً فالأحوط الجمع ووطن الأعراب بيوتهم ان كانوا من أهل الرحيل ومكانهم الخاص ان لم يكن لهم عنه رحيل ومسافتهم تعتبر من طرف البيوت ان كانت مجتمعة وان لم تكن خارجة عن العادة ومع الخروج عنها يكون لكل فريق حكم نفسه ومع عدم الاجتماع يلحق كل بيت حكمه.

تاسعها : ان لا يكون السفر عمله كالمكاري والملاح والساعي وأمير البيادر والشحاني وأمراء الفلاحين وجميع من عملهم السفر والأقرب مراعاة كون سفرهم في عملهم فلو سافر المكاري بدون دابته والملاح بدون سفينته وكذا الباقون فالأقرب القصر والأحوط الجمع وينقطع حكم التمام مع الإقامة عشرة أيام في منزله منوية أو غير منوية أو في غير منزله مع النية والأحوط الجمع مع عدم النية ويرجع إلى التمام في السفرة الثانية على الأقوى والأحوط الجمع في السفرة الثانية.

عاشرها : وهو شرط وجوب القصر إلا ان يكون في المواطن الأربعة المسجد الحرام ومسجد النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  ومسجد الكوفة والحائر الحسيني على مشرفه أفضل التحية والسلام فالمصلي في أحدها يتخير بين القصر والإتمام أفضل ويقتصر على المسجدين الأصليين دون الزيادتين والأقوى إلحاق السطوح والمواضع المنخفضة من المساجد بالمساجد وفي المحاريب الداخلة في الجدران إشكال وكذا الإشكال لو دخل بعض المصلي في المسجد وخرج بعض والأحوط القصر حينئذ وقيل الحائر ما دار عليه سور الصحن الشريف لكن هذا التحديد مشكل من جهة عكس القبلة ومن باقي الجهات لا إشكال فيه والأحوط الاقتصار على ما حول الضريح المبارك مما لا يزيد على خمسة وعشرين ذراعاً بذراع اليد والأحوط في الجميع القصر ثم المدار في القصر على وقت فعله لا على وقت الوجوب فمن دخل عليه الوقت في بلاده وسافر حتى خرج عن محل الترخص قصّر ومن دخل عليه الوقت في السفر ثم دخل منزله أو محل إقامته عشرة أيام قبل الصلاة صلى تماماً والأحوط الجمع بين القصر والاتمام في المقامين وأما القضاء فيتبع الأداء فما فات حضراً يصلي تماماً ولو في السفر وما فات سفراً يصلي قصراً ولو في الحضر ومن أتم جاهلاً بأصل مسألة التقصير صحت صلاته ومن جهل بالخصوصيات كحكم الإقامة والتردد فزعم ان إقامة الخمسة مثلاً أو التردد في العشرين يوماً موجب للإتمام فأتم لزمه الإعادة والقضاء على نحو المتعمد وهذا الإطلاق هو المشهور لكن في الصحيح إذا أتيت بلدة وأزمعت المقام بها عشرة فأتم الصلاة وان تركه جاهلاً فليس عليه الإعادة وقد عمل به جماعة من المحققين فالحكم في مورد النص هو الأقوى ومن قصر في الحضر أعاد وقضى مطلقاً ومن أتم في السفر ناسياً أعاد في الوقت لا في خارجه والأحوط الإعادة مطلقاً وإذا ائتم مسافر بحاضر أو بالعكس اصطحبا في الأوليتين وافترقا في الأخيرتين ويستحب الجبر عقب كل مقصورة على استحبابه بعد كل فريضة يقول : سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله اكبر ثلاثين مرة قبل التسبيح أو بعده.

والله ولي التوفيق والحمد لله على التمام والكمال والإفضال

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

 
 
البرمجة والتصميم بواسطة : MWD