تأليف

 

تحقيق

مقدمة المؤسسة

الحَمْدُ للهِ الذي بَجسَ يَنابِيْعَ الحِكْمَةِ مِنْ رَواشِحِ تَجَلِّياتهِ في الْعَشِيِّ وَالإِبْكار، لِتَسْتَنِيرَ بِها في مُدْلِهمّاتِ غَوامِضِ الأَسْرار ألْبابُ ذَوِي الْبَصائِرِ وَالأَبْصار، وَجَعَلَ أَدِلَّةَ الْعَقائِدِ الْحَقَّةِ مَنْظُوْمةً فَرائِدُها في سُمُوْط مُفْعَماتِ الأَسْفار، وَأَضاءَ بِمَصابِيْح هِدايتهِ سُبُلَ الْماتِنينَ والشّارِحِيْنَ لَها لِتَنْحَسِرَ عَنْ مَضامِيْنِها الْحُجُبُ وَالأَسْتار، وَأَفْضَلُ صَلَواتهِ وَأَزْكاها، وَأَعْطَرُ تَحيّاتِهِ وَأنْماها، على صَفْوَةِ خَلِيْقَتهِ وَسَيِّدِ بَرِيّتهِ خاتمِ الأنبياءِ والمرسَلينَ أبي القاسم محمّدٍ المُصْطفى الْمُخْتار، وَعَلى الأَئِمَّةِ الْلَهَامِيْمِ مِنْ عِتْرَتِهِ الطَّيّبِينَ الأطْهار، ما أَشْرَقَتْ أَنْوارُ شُرُوْحِ مُتُوْنِ الحِكْمَة بِبَدائِعِ الْفَوائِد وَرَوائِع الأَفْكار.

وَبَعْدُ: فَبينَ يدَي القارِئ الكَرِيْم هذا الكِتابُ النفيسُ في بابهِ المُمتِعُ في مَوضوعاتهِ الموسومُ بـ(تعليقةٍ على شرحِ المنظومة) الذي جاءَ منتظماً بعقودِ الحكمةِ الجَوْهَريةِ مِن رَشَحاتِ يَراعِ الفقيهِ الأصوليّ الحكيمِ سَماحةِ آيةِ اللهِ العظمى الشّيخ عليّ كاشف الغطاء  قدس سره  (ت 1411هـ)، نقدّمه بين يَدي القارئ في طبعتهِ الأولى بحلّتهِ القشيبةِ، مزدانةً بتحقيقِ مؤسسةِ كاشفِ الغطاء العامّة في النجف الأشرف.

وختاماً لا يَسَعنا إلا أن نتقدّمَ بآياتِ الشكرِ والثناءِ إلى كلّ مَن آزرنا ومَدّ إلينا يَدَ العونِ في مختلفِ المجالاتِ مما يَتعلّق في تهيئةِ هذا العِلْقِ النفيسِ مِن آثارِ سَلَفنا الصّالح، والشكرُ موصولٌ إلى الأمين العام لِمؤسّسة كاشف الغطاء العامّة سماحة الشيخ الدكتور عباس كاشف الغطاء، فله ولها ولجميع الجهود التي تظافرت من أجل طباعته خالص الثناء مشفوعاً بخير دعاء.

 والحمدُ لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات.

                                                                                       أمـير ريـاض المعمار

                                                                                           مدير المؤسسة


 

في تقريظ شرح المنظومة

للعلاّمة السيّد عبد الستار الحسني

بَيانُ عَلِيِّ بْنِ الرِضا شَرَحَ الصَّدْرا
 

 

وَعَنْ مُبْهَماتِ الشَّرْع قَدْ كَشَفَ السِتْرا
 

وَوَطَّدَ لِلْفِكْرِ الأصِيْلِ قَواعِداً

 

 

يَؤُمُّ صُواها مَنْ تَتَبَّعَ واستقرى
 

فكَمْ دَبَّجَتْ سِفْراً نَفِيساً يَمِيْنُهُ
بِهِ غَبَطَتْها بِالْعَطا يَدُهُ اليُسْرى

وَخاضَ فنُونَ العِلْمِ خَوْضَ مُنَقِّبٍ

مَكِيْنٍ خَبِيْرٍ حَيْثُ أوْسَعَها سَبْرا

فَلَيسَ بِبِدْعٍ إنْ حَبانا جَواهِراً

وأتْحَفَنا مِنها اللَآلِئَ وَالدُّرَا
وفي (نَقْدِهِ الآراءَ) أَبْدَى مَهارَةً

وَحَقّقَ بـ(الصُّغرَى) الكِفايَةَ و(الكُبْرى)

وأظْهَرَ بالتَنْقِيْرِ كُلَّ خَبِيْئةٍ

حَصانٍ - سَجِيْسَ الدَّهْرِ- حالَفَتِ الخِدْرا
 

فَلاحَ سَناها مُسْفِراً عَنْ (فَرائِدٍ)
 

 

أنافَتْ على (الأسْفارِ) وَائْتَلَقَتْ فَجْرا
 

وَفي (النَقْضِ والإبرامِ) جاءَ مُجَلِّياً
 

 

فَحازَ رِهانَ السَّبْقِ واتّشَحَ الفَخْرا
 

وَفي شَرْحِهِ (مَنْظُومَةَ) الدُرِّ شاَهِدٌ
 

 

على ما بِتَوْضِيْحٍ (مَقاصِدَها) أثْرَى
 

إذِ اسْتَخْرَجَ المَكْنُونَ مِنْها كَأنَّهُ
 

 

بأسْرارِها مِنْ فَهْمِ (ماتِنِها) أدرَى
 

وَحَسْبُ (الحَكِيْمِ السبْزَوارِيِّ) أَنْ لَها
 

 

تَصَدَّى (عَلِيٌّ) إِذْ أحاطَ بِها خُبْرا
 

فَأَلْقِ العَصا ([1]) وَاجْهَرْ وَأَرِّخْهُ: حالياً
 

 

نِتـــاجُ عَلِيٍ طابَ في عَبَقٍ نَشْرا
 

(-1)                            (50 - 1) 49

 

 (454)  (110)  (12)  (90) (172)(551)

   

 

                         سنة 1438هــ

مِنَ الأَقلِّ عبد الستّار

عَفا عَنْهُ المَلِيْكُ الغَفّار


 

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.

حازت الكتب القديمة التي تحتوي على أبكار الأفكار، ولوامع الأسرار، على مطالع أنظار الباحثين، وطوالع تأملات المفكرين، حيث تداولوها بالشـرح المبين، والكشف عن سرّها المتين، وذلك لما حوته من جزالة اللفظ، وعمق الفكرة، وسباكة البيان. فكانت الصحائف الأكثر تداولاً - من حيث الشـرح والنقد والعرض- هي تلك التي تُعنى بالفكر العقائدي.

ولا غرو أن الاختلاف في الرؤى بين المفكرين قد ولّد العديد من التباين في الآراء، حتى تمخّض عن كل منها مدرسة مستقلة، تتبنى منهجاً خاصاً بتوجه معين، ذو طابع كلامي أو فلسفي أو أصولي أو فقهي، وغير ذلك.

فكانت تلك الإبهامات والمجادلات التي تدور في أفق المعرفة، قد اتخذت ألواناً متعددة، إلا أن العنصـر المشترك في هذا الاختلاف بشكل عام يعود الى المسائل الكلامية، وما يتعلق بالخصوص منها في أبحاث إلهيات الفلسفة، فمثلاً من تناول الرازي في النقد والتجريح في كتابه (اعلام النبوة) لم يكن ناظراً الى ما كتب في الطب أو الهندسة، بل إلى أبحاثه المتعلّقة بالإلهيات وآرائه الكلامية، وكذا الحال للشيخ الرئيس، حتى أن أكثر إشكالات أبي الريحان عليه كانت تصب في آرائه الفلسفية ونظرياته فيها، ولم يتعرض لنقد أبحاثه في الطبيعيات والفلك والرياضيات التي بَرَعَ فيها الشيخ الرئيس كما اختصّ بها أَبُو الريحان، فقلّما كتب التاريخ وأقرّ بالاختلاف في العلوم الرياضية التي عمل بها الخوارزميون والنوبختيون، أو على الأمور الطبية التي تحدث عنها الشيخ الرئيس وابن الهيثم وابن البيطار، أو علم الهيئة والفلك والطبيعة التي تحدث عنها البيروني، بل إن الخلافات والمناكفات - التي وصلت الى حد التكفير- كان جلّها يرجع الى أبحاث الإلهيات والمسائل المتعلقة بها، والتاريخ حاكٍ عن تلك الوقائع التي حصّلها البعض ممن توسّم بالفكر الفلسفي، سواء في تاريخ الحضارة الإسلامية، أو ما قبلها من الحضارات الأخرى، حيث كان أصحاب السلطة يقرّبون البعض وينفون الآخر، لأسباب مختلفة، وأدى ذلك الى وقوع أحداث اليمة لأصحاب العلوم العقلية، والفلسفات النظرية، وتعرضوا لشتى أنواع الأذى والقتل والتهجير.

فإن قلت: ما الداعي لتوجه المسلمين نحو الفلسفة والاهتمام بها؟ بل ما هو هدف طالب العلوم الفلسفية؟ وكيف يجب أن يكون؟ وهل تُقدّم العلوم الفلسفية بديلاً عن الخطابات الإلهية التي أقرّتها الشـرائع السماوية؟ وهل تجعل من الإنسان إنساناً كاملاً؟ وما هدف الحكّام من بناء المؤسسات وتقريب الفلاسفة، أو التنكيل بهم؟ وهل القواعد الفلسفية الإسلامية هو نسخ إغريقي متداول؟ وغير ذلك من الأسئلة المتعددة والكثيرة.

أقول: تلك الاستفهامات وغيرها تحمل أبعاداً متعددة، فمنها البعد السياسـي والأخلاقي والعلمي والعقائدي والتاريخي، فنحتاج لبحثٍ مستقل لبيانها، وعلى هذا الأساس انطلقت النظرة الحُكمية على أصحاب هذا المسلك، والتي لا تستوقف دراسة موضوعية لأبعاده.

وكما نعلم ان الحضارة الإسلامية انجبت العديد من المدارس الكلامية والفلسفية، ذات المناهج المتعددة، إضافة الى الثقافات المستوردة، والاندماج الحاصل بين الفكرين، فقدّمت كل منها تعريفاً وبياناً لمفهوم الفلسفة (كما تعتقد وتؤمن) فكانت الأحكام تصدر تباعاً لذلك.

حيث قدّمت الحضارة اليونانية - بما تمتلك من مدارس متعددة - بيانات مختلفة عن مفهوم الفلسفة، وكذلك المدارس الإسلامية بأطيافها المتلونة، إلا أن العنصـر المشترك في تداولهم لتعريف الفلسفة، هما العلم والعمل، العلم بما ينبغي للوصول الى الكمالات من خلال تهذيب النفس بالعمل، وبالتالي إيجاد نظام إنساني متكامل، وهذا ما يسعى اليه الفلاسفة الإلهيون من خلال معرفة حقائق الموجودات، لذا قسّموها الى الحكمة النظرية والحكمة العملية.

وعلى هذا الأساس تواضع الباحِثُوْن على تسمية المنهج الأرسطي الذي يمتاز بالدقة العقلية بـ(المدرسة المشائية)، في قبال النهج الإفلاطوني المعتمد على الذوق والالهام المسمّى بـ(المدرسة الإشراقية)، وتجد ذلك واضحاً في كلمات الأعلام في وصف حال الشيخ الرئيس بمحي النظام المشائي في الحضارة الإسلامية، وكذا الفارابي والكندي وغيرهم، اما المسلك الإشراقي فقد التصق بالشيخ شهاب الدين السهروردي.

وقد ذكرتُ في كتاب (عقلانية التفكر ومنهجية التفكير) أَنَّ الإنسان بما يمتلك من مدركات عقلانية وعقلائية وعقلية لا يمكن استنساخ فكرة بكامل جزئياتها، أي بتعبير آخر لا يوجد فيلسوف مشّاء محض أو إشراق محض، وان كان البعض يقول ان ابن رشد والكندي ارسطوئيّان، وهو ظاهر البطلان من خلال الاطلاع على ما كَتَبا، فالشيخ الرئيس قد تناول العديد من آراء أرسطو بالنقد والنقض، ومن قبله المعلّم الثاني الذي سعى في تقريب الأفكار بين المدرستين (إن صحت التسمية)، بوضعه كتاب (الجمع بين رأي الحكيمين) أرسطو وأفلاطون.

وهذا التنوع في تقمّص الفكرة، وعرضها على معيار العقل والمرشح النقدي، هو ما امتاز به الحكيم السبزواري، حيث أشار في مواضع مختلفة إلى رفض القولبة، والاتّسام بالنهج الإشراقي أو المشائي كما رسمها في منظومته، وذكر ذلك في أكثر من موضع، حيث قال في مبحث الوجود الذهني: (وبالجملة، أخذت من كل مذهبي صدر المتألهين والمحقق الدوّاني شيئاً، وتركت شيئاً) وكذلك الحال في مباحث التشكيك في الماهية، والتركيب بين المادة والصورة، والقول بالأشباح، والتمايز بالأعراض لا بالأجزاء، وغيرها.

وكتاب المنظومة من الكتب التي استوقفت المفكرين، لما ضمّته من دقة الفكرة، وبديع البيان، كتبها الحكيم العارف المولى هادي السبزواري بطريقة النثر على قسمين:

الأول: في المنطق، وسمّاها بـ(اللئالئ المنتظمة).

والثاني: في الحكمة، وسمّاها بـ(غرر الفرائد). وتشتمل على سبعة (مقاصد) وقسّم كل مقصد الى (فرائد) وبسط القول في كل فريدة من خلال (غرر) وجاءت مقاصده على النحو التالي:

المقصد الأول: الأمور العامة.

المقصد الثاني: الجواهر والأعراض.

المقصد الثالث: الإلهيات بالمعنى الأخص.

المقصد الرابع: الطبيعيات.

المقصد الخامس: النبوات والمنامات.

المقصد السادس: المعاد.

المقصد السابع: الأخلاق.

وكما هو ظاهر اشتمال هذه المنظومة على مختلف الفنون الحكمية، ولذلك فان كلمة (فريدة) التي جاءت عنواناً لأبواب هذا المقصد، تعني لغة (الجوهرة النفيسة)، والغرر جمع (أغر) وهو الشـريف، فيكون معنى (غرر الفرائد) الجواهر النفيسة الشـريفة.

وقد أصبح هذا الكتاب من الكتب الدرسيّة في حوزاتنا العلمية، ونال الاهتمام الواسع من أساطين الفكر وروّاد المعرفة، فكتبت عليه كثير من الشـروحات والتعليقات، بالنقض والإبرام، والموافقة والوئام.

ومن هذه التعليقات ما نقرّظ له، للمحقق الشيخ علي كاشف الغطاء، حيث تناول الفرائد الخمسة الأولى من المقصد الأول، والتي دونها في مسودة أيام شبابه، عندما كان يدرّس كتب السطوح للحوزة العلمية.

النسخة التي اعتمدتها هي بخط الشارح  قدس سره  وهي المخطوطة الوحيدة الموجودة في خزانة اسـرة آل كاشف الغطاء، وتمتاز أيضاً بسلاسة عرض المطلب، والابتعاد عن التعقيد في العبارة، مع الدقة في الاستعراض، وعمق التحقيق، وهذا ما يسعى اليه الطالب لفهم مطالب المنظومة، ولهذا لم يقم الشارح بمناقشة موسّعة لما تبنّاه المصنف من آراء ومبانِ، واكتفى ببيان العبارة، إلا في مواضع قليلة تحتاج إلى المناقشة والتأمّل.

وهذا الشـرح كبقيّة الشـروحات، لا يخلو من النقض والنقص، وإلا لانتفى الداعي لتعددها، وهو السبيل الذي عليه يتقوّم بناء الشخصية العلمية، التي تسعى للإتيان بالأفضل.

المنهج المتبع في التحقيق

ويمكن بيانه على النحو التالي:

1. المخطوطة تقع في جزئين، الأول منها يندرج تحت التسلسل (1735) في قسم الحكمة، بعدد (301) صفحة، وبأبعاد (22,5 سم طول × 14 سم عرض)، والجزء الثاني يقع تحت التسلسل (1736) وبعدد (108) صفحة،
بأبعاد (22,5 سم طول × 14 سم عرض) في مؤسسة كاشف الغطاء العامة.

2. بعد المقابلة مع النسخة الخطية، قمت بتصحيح بعض الكلمات التي وردت في المخطوطة، وكذلك التي صُحّفت، مع بيان الرموز المعهودة والمختصـرات في كتابة المخطوطات.

3. ترجمة يسيرة لبعض الأعلام، الذي ورد ذكرهم.

4. الاعتماد في بعض المواضع على ما قرّره الأستاذ حسن زادة آملي في تحقيقه لشـرح المصنف، وكذا في تدوين المتن.

5. الابتعاد عن إبداء المقارنات بين شـروحات الكتاب، وكذلك عن محاكمة النص وطريقة الشـرح، وهذا لا يتناسب بطبيعة الحال مع مهام التحقيق، إضافة الى الاقتصاد في بيان المطلب، والاقتصار على الاختصار في التعليق.

6. السير على مسلك المحققين في تخريج الآيات القرآنية، والاحاديث النبوية والروايات، ووضع الفوارز، وتخريج المصادر، وكتابة بعض الفهارس، وغير ذلك من مرتكزات التحقيق.

7. كتابة مقدمة مُيسَّرة عن المصنف  قدس سره  وعن الشارح  قدس سره .

وفي الختام أقدّم الثناء الجميل لذرية الشارح الشيخ الدكتور عباس كاشف الغطاء لاهتمامه بنشر التراث الإسلامي، وإلى الأخوة في مؤسسة آل كاشف الغطاء العامة، لما بذلوه من جهود قيمة من مراجعة الكتاب وتنظيم فهارسه واخراجه فنياً، وأسال العلي الأعلى أن يوفق جميع العاملين لخدمة الدين والمعرفة.

 

 

عمار التميمي

النجـف الأشرف

1 شوال 1437هـ

 

ترجمة المصنف

ولادته:

ولد الحكيم السبزواري سنة (1212هـ) في مدينة سبزوار، وكان أبوه مهدي بن هادي السبزواري من أكابر التجار في مدينة سبزوار، عُرفت عائلته بالعلم والفضل والفقاهة، توفي والده وهو في سن الثامنة، ليتولاّه ابن عمّته المولى حسين السبزواري، وقد ذكر ذلك  قدس سره  في ترجمة كتبها الحكيم نفسه في رسالة جواباً لمن سأل منه ذلك، والرسالة هذه بالفارسيّة مطبوعة في (مجلة يادگار/السنة الأولى/رقم 3/ ص 45 -47) وقد ترجمها الى اللغة العربية المحقق محسن بيدارفر بإيجاز، في مقدّمة كتاب (شـرح نبراس الهدى).

(استدعى بعض الأحبّاء مني كتابة شيء عن كيفيّة تحصيلي للعلم، وتعريف أساتذتي، وإجابة عن هذا أكتب موجزاً من ذلك:

شـرعنا في السبع أو الثمان من الحياة بتحصيل النحو والصـرف، ووالدنا
الفاضل- حشـره اللَّه مع الأخيار - عزم زيارة بيت اللَّه الحرام، وفي المراجعة ارتحل في شيراز إلى الدار الباقي، وهذا الحقير بقي إلى العاشـرة من عمره في سبزوار، وبعد ذلك أتى بي ابن عمتي الفاضل الكامل الحاج ملا حسين السبزواري  رحمه الله  إلى المشهد الرضوي، وكان  رحمه الله  ساكناً بالمشهد طوال السنين، وكان أبوه شـريك أبي مشاعاً في الأموال، مشغولاً بالتحصيل، عالماً منزوياً عفيفاً، قليل الغذاء، مجتنباً عن المحرّمات والمكروهات، مواظباً على الفرائض والنوافل، وحيث كنت برهة من الزمان معه،
وفي حجرته أسهمني في ذلك السياق، وطال معيشتنا كذلك معه سنوات في هذه الرياضات.

وكان  رحمه الله  أستاذي في العلوم العربيّة والفقهيّة والأصوليّة، ولكنّه مع علمه بالحكمة والكلام لا يعلّمني من ذلك غير المنطق، وقليلاً من الرياضيّات، مع ما كان يرى منّي من الاستعداد لذلك العلم والشوق إليه.

فكنت مصاحباً لهذا المرحوم، في جوار الإمام المعصوم  عليه السلام   عشـر سنوات كاملة، حتى اشتدّ شوقي إلى الحكمة الإشـراقيّة، وبلغني صيت حوزة أصفهان، وانبساط بساط الحكمة فيها، فعزمت إليها، وتركت الأموال والأملاك الكثيرة في المحل، وسكنت في أصفهان قريباً من ثمان سنوات، ووفّقت لتحصيل العلوم الحقيقيّة، والرياضات الشـرعيّة فيه، وكنت في أغلب الأوقات مشتغلاً بالحكمة الإشـراقيّة. تعلَّمت الحكمة خمس سنوات في مجلس دروس زبدة الحكماء الإلهيّين وفخر المحقّقين، وبدر المتخلَّقين بأخلاق الروحانيّين - بل بأخلاق اللَّه - الآخوند ملا إسماعيل الأصفهاني  قدس سره  الشريف. وبعد وفاته  رحمه الله  حضـرت سنتين أو ثلاث سنوات مجلس دروس الحكيم المتألَّه، المحقّق الفائق، والنيّر الشارق الآخوند المولى على النوري- قدّس اللَّه نفسه وطيّب رمسه- وقبل ذلك أوان ورودي إلى أصفهان، كنت أحضـر سنتين أو ثلاث درس الفقه للمولى النبيل، والعالم الوجيه، والمحقّق الفقيه الآغا محمّد علي المشهور بالنجفي- أعلى اللَّه مقامه- وبعد مراجعتي إلى خراسان، كنت مشتغلاً بتدريس الحكمة في المشهد خلال خمس سنوات، مع قليل من الفقه والتفسير، لأنّ العلماء كانوا مقبلين إلى هذه العلوم، ومعرضين عن الحكمة بالكليّة، ولذلك كان اعتناء الداعي بالحكمة الإشـراقيّة أكثر، وبعد ذلك سافرت قاصداً لزيارة بيت اللَّه، وطال هذا السفر سنتين أو ثلاث، والآن أنا مشتغل في سبزوار طوال ثمانية وعشـرين سنة بتدريس الحكمة.

هذه الأسباب الظاهرية والهادي في الحقيقة هو اللَّه الذي علَّمني وربّاني).

انتهى ما حكيناه من رقيمة الحكيم السبزواري([2]).

دراسته:

امتاز  قدس سره  بالنبوغ والذكاء الحاد، وعشقه للعلم والمعرفة، وقد ذكر المحقق
الهيدجي انه (عزم في سنة الحادية والعشـرين من عمره إلى سفر الحجّ وكان  رحمه الله  إذ
ذاك ممتازاً بين أقرانه في العلوم الغريبة والفقه، قال: ولما كان الإصفهان حينذاك
دار العلم، فسافرت إليها قبل الموسم، قاصداً الإقامة نحو شهر فيها، للاطلاع
على كيفيّة التدريس والتحصيل وأهل العلم فيها، وحضـرت مجلس درس
الحاج الكلباسـي، والمرحوم الشيخ محمّد تقي، وكنت أتفحّص عن الدروس الأخرى أيضاً، واتّفق عبوري يوماً إلى مسجد رأيت حلقة درس دائراً فيها، فجلست فيهم، وكان الجمع أكثر من مائة طالب، يستمعون إلى أستاذ عليه أرذل الثياب، ذا سكينة ووقار، يدرّس علم الكلام ومسألة التوحيد، فأعجبني تقريره للمسألة، وحضـرت الدرس ثلاثة أيام متوالية، ورأيت الواجب عليّ شـرعاً حضور ذلك الدرس، وأنّ ذلك أوجب عليّ من سفر الحجّ، فصـرفت مؤنة حجّي في شـراء الكتاب ولوازم الإقامة، وبقيت قريباً من عشـر سنوات ملتزماً محضر ذلك الأستاذ العظيم المولى إسماعيل.

وكان الأستاذ بعد الفراغ من الدرس، يروح إلى حلقة درس الآخوند المولى علي النوري، فصـرت بعد خمس أو ستّ سنوات مضـى من تعلّمي عنده، أروح في مصاحبته إلى درس أستاذه النوري أيضاً، فأستفيد منه، وبعد إقامة ثمان سنوات في أصفهان، جاء المرحوم الشيخ أحمد الأحسائي إلى أصفهان، وأمر الآخوند النوري تلامذته بحضور درس ذلك الشيخ، فحضـرت إجابة لأمر الأستاذ مجالسه خلال ثلاثة وخمسين يوماً، ورغم أنّه كان في الزهد بلا مثال، غير أنّ علميّته لم تتظاهر قبال علميّة أفاضل أصفهان)([3]).

اساتذته:

المولى حسين السبزواري ابن عمته.

الشيخ محمد علي المازندراني النجفي.

الحاج محمد إبراهيم الكلباسـي.

الشيخ محمد تقي النجفي، صاحب كتاب هداية المسترشدين.

المولى إسماعيل الدربكوشكي الأصفهاني، المعروف بواحد العين.

المولى علي بن جمشيد النوري.

الشيخ أحمد الأحسائي.

السيد رضـي اللاريجاني المازندراني.

تلامـذته:

حسين قلي الهمداني (استاذ العرفاء).

محمد كاظم الخراساني (صاحب كتاب الكفاية).

الميرزا حسين السبزواري.

مؤلفـاته:

أجوبة مسائل أبو الحسن الرضوي بالفارسية، طبعت ضمن (مجموعة رسائل سبزواري) مع تعليقات الأستاذ السيد جلال الدين الآشتياني.

أجوبة مسائل المولى أحمد اليزدي بالعربيّة، طبعت ضمن مجموعة الرسائل المذكورة.

 أجوبة مسائل المولى إسماعيل البجنوردي الأولى والثانية والثالثة بالعربيّة، طبعت ضمن مجموعة الرسائل المذكورة.

أجوبة مسائل المولى إسماعيل الميان آبادي بالعربيّة، طبعت ضمن مجموعة الرسائل المذكورة.

أجوبة مسائل السيد صادق السمناني بالفارسيّة، طبعت ضمن الرسائل المذكورة.

أجوبة مسائل الشيخ محمد إبراهيم الواعظ الطهراني بالفارسيّة، طبعت ضمن مجموعة الرسائل المذكورة.

 أجوبة مسائل الميرزا بابا الجرجاني بالفارسيّة، وقد سأل السائل أسئلته نظماً، فأجابه المجيب على منواله، طبعت ضمن مجموعة الرسائل المذكورة.

 أجوبة مسائل بعض فضلاء قم بالفارسيّة، طبعت ضمن مجموعة الرسائل المذكورة.

أجوبة مسائل السيد سميع الخلخالي بالعربيّة، طبعت ضمن مجموعة الرسائل المذكورة.

أجوبة مسائل الفاضل التبّتي بالعربيّة، طبعت ضمن مجموعة الرسائل المذكورة.

أسرار الحكم بالفارسيّة في الحكمتين العلميّة والعمليّة: كتبه إجابة لطلب السلطان ناصـر الدين القاجار، طبع في حياة المؤلِّف، ثمّ مع حواشـي العلامة أبو الحسن الشعراني  قدس سره  سنة (1351هـ) (الطبعة الثانية) بطهران.

تعليقات على الحكمة المتعالية لصدر المتألّهين، طبعت على هوامش الحكمة المتعالية.

تعليقات على الشواهد الربوبيّة لصدر المتألّهين، طبعت مع أصل الكتاب طبعة حجرية سنة (1268هـ)، ومع تصحيح وتعليقات الأستاذ العلامة السيد جلال الدين الآشتياني.

تعليقات على المبدأ والمعاد لصدر المتألّهين.

تعليقات على مفاتيح الغيب لصدر المتألّهين.

تعليقات على البهجة المرضيّة في شـرح الألفيّة لابن مالك في النحو، لم يطبع، وتوجد مخطوطة منها في المكتبة المركزيّة لجامعة طهران (رقم 158، فهرس المكتبة: 2/ 374).

تعليقات على شوارق الإلهام في علم الكلام للمحقّق عبد الرزّاق اللاهيجي، لم يطبع، لم يذكرها صاحب الذريعة.

تعليقات على الشفاء لابن سينا، ذكره كاتب كتاب النبراس في خاتمة الكتاب ضمن تأليفات الحكيم، ولم توجد نسخته.

ديوان الأشعار، مجموعة من أشعار الحكيم بالفارسيّة.

راح القراح - كما في فهرس مكتبتي الرضويّة والمرعشيّة - أو راح الأفراح
- كما ذكره صاحب مطلع الشمس - في علم البديع.

الرحيق، في علم البديع.

رسالة في اشتراك الوجود والصفات الإلهيّة بين الحقّ والخلق، طبعت ضمن مجموعة الرسائل المذكورة.

رسالة في مشاركة الحدّ والبرهان، طبعت ضمن مجموعة الرسائل المذكورة.

شـرح الحديث العلوي (معرفتي بالنورانيّة)، طبعت ضمن مجموعة الرسائل المذكورة.

شـرح دعاء الجوشن الكبير المشهور بـ(شـرح الأسماء الحسنى)، منضمّاً إليه شـرح دعاء الصباح.

شـرح المثنوي للمولى جلال الدين الرومي، شـرح فيه الأبيات المشكلة، ولم يشـرح جميع المثنوي.

المحاكمات والمقاومات على شـرح رسالة العلم للشيخ أحمد البحريني، طبعت ضمن مجموعة الرسائل المذكورة.

مفتاح الفلاح ومصباح النجاح في شـرح دعاء الصباح المرويّة عن أمير المؤمنين  عليه السلام  .

المقياس، منظومة فقهيّة غير النبراس ولم يطبع، ذكرها صاحب مطلع الشمس (3 / 203) والذريعة (23 / 126).

منظومة في المنطق وشـرحها، أرجوزة في المنطق سمّاها (اللئالي المنتظمة)، ثمّ شـرحها بنفسه.

منظومة في الحكمة سمّاها (غرر الفرائد)، شـرحها مثل سابقتها بنفسه، ثمّ كُتب على الشـرح تعليقات كثيرة (والذي منها هذا الكتاب الذي بين ايدينا) وهذا الكتاب بعد انتشاره صار كتاباً درسيّاً في الحوزات العلمية.

كتاب مختصـر في المبدأ والمعاد.

نبراس الهدى، وشـرحه.

هداية الطالبين في معرفة الأنبياء والأئمّة المعصومين بالفارسيّة، طبعت ضمن مجموعة الرسائل المذكورة.

ذكر في فهرس مخطوطات المكتبة المرعشيّة بقم (5 / 131) رقم 1747، هادي المضلين في 136 ورقة من تأليفات الحكيم السبزواري في العقائد، كما أنّه ذكر رسالة بنفس الاسم في الفهرس الأبجدي لمخطوطات المكتبة الرضويّة بمشهد (ص605) رقم290 و10715. ولعلَّه متّحد مع المبدأ والمعاد([4]).

وفاته:

انتقل  رحمه الله  إلى جوار ربّه في العشـرة الأخيرة من ذي الحجة سنة (1289هـ)، وكانت مدّة عمره ثمان وسبعين سنة، ودفن في مدينة شيراز.

وبنيت على قبره قبّة في عهد ناصـر الدين شاه، وهي مقبرة كبيرة فخمة، وكانت أرض المقبرة من أملاك الحكيم السبزواريّ، فتولّى مستوفي الممالك أمر بنائها، فبُني فيها بناء كبير يضمّ عدداً كبيراً من الغُرف التي تقرّر أن تكون جزءاً من مدرسة ضخمة، لكنّها تحوّلت بالتدريج إلى مقابر للعلماء والأعلام من تلامذة الحكيم السبزواري([5]).


 

ترجمة الشارح

نسبه:

هو الفقيه الشيخ علي ابن الشيخ محمد رضا ابن الشيخ هادي ابن الشيخ عباس ابن الشيخ علي صاحب (الخيارات) ابن الشيخ الكبير جعفر صاحب (كشف الغطاء) ابن الشيخ خضر، الجناجي النجفي المالكي.

ولادته ونشأته:

ولد  رحمه الله  سنة (1331هـ) في محلة العمارة من محالّ النجف الأشرف،
شب في بيت علمي، ونشأ مع أسرة أدبية دينية تنحدر من سلالة عربية عريقة ينتهي نسبها إلى مالك الأشتر([6])، وتولى تربيته جده العلامة الهادي كاشف الغطاء، فكان يلقنه المعارف والحكم، ويغذيه ويدربه على مراقي الفضل والعبقرية، فنشأ خير منشأ([7])، وبعد أن فرغ من القراءة والكتابة توجه نحو المبادئ من العلوم الأولية، فأتقنها ومهر بها، وجدّ في تحصيل العلوم الدينية من الأصول والفقه حتى صار يُشار إليه بالبنان([8])، فأصبح من فضلاء هذه الأسرة المصلحين، ومن حملة العلم النابهين، تفوّق على أقرانه وزاحم الشيوخ في معارفهم، وسبق الكثير منهم في معلوماتهم([9]).

أساتذته:

ومِن أشهر أساتذته الأعلام من غير أسرته الفقيه الكبير الشيخ كاظم الشيرازي، الذي كان مِنْ ألْمع الأساتذة المُدرّسين يوم كانت النجف تَعجُّ بآلاف الطلبة ومئات المحصّلين، وكان هذا الشيخ ذا نظر ثاقب ورأي حصيفٍ وفكرةٍ نـقـّادةٍ، وكان يمتاز أيضاً بقوَّة التقرير وجزالة التحرير والفراسة الصادقة في تمييز مواهب تلامذتـه، ومنْ مصاديق قوّة التَّوَسُّم فيه أنـَّه قدَّم شيخنا المترجَم أعلى الله مقامه على سائر حُضّار بحثه، بلْ كان يُؤثره بإلقاء مطالب عالية في الفقه وأصوله على نحو الاختصاص ولم يشاركه غيره من كبار تلاميذه في حضورهـا، ثم بلغ الأمر بالشيخ الشيرازي أنْ حرَّم على الشيخ كاشف الغطاء أنْ يحضر درس غيره من الأعلام، هذا والشيخ بعد لمّا يزلْ غضَّ الإهاب، لم يخْلع بُرْدَ الفتوَّة، ولم ينـزع جلباب الشباب، وكان جُـلَّ تحصيله عليه حتى تبحر في علوم الفقه والأصول، وتضلَّعَ من المعقول والمنقول، وبلغ درجة الاجتهاد المُطْلق قبل الثلاثين من عُمُرهِ المبارك([10]).

ومن أساتذتـه في المعقول العلامة السيد علي اللكنهوي في الفلسفة والمنطق والعقائد([11])، ومن أساتذته أيضاً الشيخ ضياء الدين العراقي والشيخ محمد حسين النائيني.

تلامذته:

وتلامذتُـهُ هم جمهرةٌ صالحةٌ من كبار العلماء والباحثين والأدباء والنُّحاة واللَّغـَوييّن، من مشاهيرهم:

السيد جمال الدين نجل المرجع الديني الأعلى السيد أبو القاسم الخوئي  قدس سره .

أخوه السيد علي نجل السيد الخوئي  قدس سره .

العلاّمة الحجة الكاتب الإسلامي الشهير الشيخ باقر شريف القرشي.

العلاّمة الفقيه الشيخ عبد الكريم القطيفي.

العلاّمة الشاعر الكبير الشيخ عبد المنعم الفرطوسي.

العلاّمة الكاتب الإسلامي الشهير الشيخ أسد آل حيدر صاحب كتاب (الإمام الصادق والمذاهب الأربعة).

الخطيب الكبير العلاّمة الدكتور الشيخ أحمد الوائلي.

العلاّمة الشيخ نور الدين الجزائري.

العلاّمة الدكتور مهدي المخزومي كبير علماء النحو.

العلاّمة الشيخ حسين آل زاير دهام المخزومي النجفي.

دوره الديني والعلمي:

إن شعور الشيخ علي كاشف الغطاء نفسه إن واجبه الديني يفرض عليه أن يكون في وسط الأحداث، مرشداً وناصحاً وموجهاً ومسانداً، كان هو المحفّز للقيام بجلائل الأعمال،  وقد كان له بجميع مشاركاته فاعلية وقوة وتأثير، ويمكن الإشارة إلى السمعة الطيبة والمكانة المرموقة التي احتلتها أسرته- آل كاشف الغطاء- في المجالات الدينية والعلمية والسياسية قد ساهمت إلى حد كبير في بزوغه، فهذه الأسرة العربية الصميمة قدّمت الزعماء الدينيين على امتداد قرنين من الزمان (القرن التاسع عشر والقرن العشرين)([12]).

رُجِع إليه في التقليد بعد المرجع الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء، فقد بلغ درجة الاجتهاد المطلق قبل الثلاثين من عمره، وتولى إمامة الجماعة في الصحن الحيدري الشريف في مكان والده وجده الهادي رحمهما الله، وانتقلت إليه مكتبة
جده وأبيه، وأضاف إليها كثيراً من الكتب المطبوعة والمخطوطة، فهي من مكتبات النجف المهمة([13]).

وقد كان الشيخ كاشف الغطاء يتصف بِسِمات الرجل الجادِّ الذي يعمل بنشاط وحماس في كل موقف يرى فيه مصلحة للإسلام والمسلمين([14])، فكان يسعى بكل ما أعطي من حول وطول في قضاء حوائج المؤمنين، والحفاظ على دماء المسلمين، والدعوة لوحدة الصف، فرمته سهام أعدائه بأباطيل وأراجيف وأوهام يُسألون عنها أمام مالك يوم الدين.

إجازته في الرواية:

يروي الشيخ المترجَم بالإجازة عن جدّه الإمام الهادي عن العلاّمة الكبير الفقيه الأصولي الرجالي الشهير السيد أبي محمد الحسن آل صدر الدين الموسوي العاملي الكاظمي، وقد كتبها السيد المذكور للشيخ الهادي جدّ المترجم على نحو التفصيل وفيها من الفوائد ما لا يستغني عنه فقيه ومُحدّث([15]).

آثاره العلمية:

وله  رحمه الله  مصنفات قيّمة في مختلف فنون المعرفة الإسلامية، من الفقه والأصول والمنطق والتراجم والمناظرات بينه وبين كبار علماء الأمة من الفريقين، وهي:

أولاً: المطبوعات:

الأحكام، تقريراً لبحثه الخارج في الأصول (ستة مجلدات)، طبعته مؤسسة الذخائر سابقا -كاشف الغطاء حالياً- طباعة أولية.

أدوار علم الفقه وأطواره، طبعته مؤسسة كاشف الغطاء العامة سنة (1439هـ) بتحقيق الشيخ تحسين البلداوي.

أسس التقوى لنيل جنة المأوى، وهي رسالته العملية، وكانت الطبعة الرابعة منه في سنة (1391هـ) من قبل مطبعة الآداب في النجف الأشرف.

باب مدينة علم الفقه، طبع في مطبعة دار الزهراء في بيروت سنة (1405هـ).

التعادل والتعارض والترجيح، طبعته مؤسسة الذخائر سابقا -كاشف الغطاء حالياً- وعادت طباعته مطبعة سليمانزاده في قم سنة (1430هـ).

تعليقة على شرح المنظومة، وهو هذا الكتاب.

شرح العروة الوثقى، تقريراً لدرس استاذه الشيخ كاظم الشيرازي،
طبعته مؤسسة كاشف الغطاء العامة سنة (1439هـ) بتحقيق الشيخ كريم الكمولي.

كشف ابن الرضا عن فقه الرضا، رسالة مستلة من كتابه شرح المكاسب، طبع في بيروت من قبل مطبعة صبح سنة (1432هـ).

الكواكب الدرّية في الأحكام النحوية، طُبِع من قبل الذخائر سابقاً.

المختصر من مرشد الأنام لحج بيت الله الحرام، الطبعة الأولى من قبل المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف سنة (1374هـ)، والثانية في النجف أيضا في مطبعة الآداب سنة (1398هـ).

مصادر الحكم الشرعي والقانون المدنـي، (مجلدان)، طبع الأول منه في مطبعة الآداب في النجف الأشرف سنة (1408هـ)، والثاني في مطبعة العاني في بغداد سنة (1410هـ).

نظرات وتأملات، وهو شذرات من المطارحات العلمية والمناظرات الأدبية بينه وبين الدكتور فيليب حتي.

نقد الآراء المنطقية (مجلدان)، طبعته المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف، وطبعة أخرى من قبل مطبعة سليمانزاده في قم سنة (1427هـ).

نهج الصواب إلى حل مشكلات الإعراب، طبعته مؤسسة الذخائر سابقاً.

نهج الهدى في علم الكلام، المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف سنة (1354هـ).

النور الساطع في الفقه النافع، تقريراً لبحثه الخارج في الفقه (مجلدان)، الطبعة الأولى منه من قبل مطبعة الآداب في النجف الأشرف سنة (1381هـ)، والثانية من قبل ستارة في قم المشرفة في سنة (1430هـ).

ثانياً: المخطوطات:

إظهار الحق، شـرح لحاشية الشيخ ملا عبدِ الله اليزدي.

الحق اليقين في تراجم المعصومين  عليهم السلام  .

رسالة في أمارية اليد.

رسالة في وحدة الوجود.

شـرح الرسائل (ستة عشر مجلدا).

شـرح المكاسب (اربعة مجلدات).

شرح تجريد الاعتقاد.

شرح كفاية الأصول (عشرة مجلدات).

الكلم الطيب، مجموعة رسائل ومقالات.

وتعمل مؤسسة كاشف الغطاء العامة على تحقيق وإخراج تلك الدرر ضمن موسوعة تراث الشيخ علي آل كاشف الغطاء.

وفاتُهُ:

لبَّى نداء ربه بعد أنْ أكمل تكبيرة الإحرام من فريضة العشاء، وكان ذلك في ليلة الأربعاء 19 رجب الأصَمّ من سنة (1411هـ)، ودفن في مقبرة جدّهِ الشيخ الأكبر كاشف الغطاء في محلة العمارة من محال النجف الأشرف([16]).

 

 

 

 

صورة الصفحة الاولى من المخطوطة

 

 

 

 

صورة الصفحة الاخيرة من المخطوطة

 

 

 

 

 

 


 

مقدمة الشارح

تعريف الحكمة:

الحكمة([17]): هي العلم بأعيان أو بحقائق الموجودات، أي الوجودات العينية الخارجية على ما هي عليه، بقدر الطاقة البشـرية، أي الوجوب والإمكان والامتناع والتحيّز التام.

وتنقسم إلى:

العلمية: وهي العلم بما هو خارج عن محيط قدرتنا واختيارنا.

والعملية: وهي العلم بما يكون تحت اختيارنا وقدرتنا، وبما يكون من أفعالنا من حيث أنه يؤدي لإصلاح المعارف والمعاش.

و]الحكمة[ العلمية: إن كان البحث فيها عن ما هو مجرداً عن المادة ذهناً وخارجاً، فهو العلم الإلهي، ويسمّى بالعلم الأعلى، والفلسفة الأولى، والعلم الكلي، وما بعد الطبيعة، وما قبل الطبيعة، ويخصّ بالإلهي بالمعنى الأخص، وقد يطلق الإلهي على ما يبحث فيها عما لا يفتقر إلى المادة، سواء كان لم يقارنها اصلاً أو قارنها، كالوحدة والكثرة وسائر الأمور العامة، ويسمّى بالإلهي بالمعنى الأعم، كالبحث عن ذات
الله عز وجل  وصفاته واسمائه، وموضوعه الوجود بما هو واجب. وإن كان البحث فيها عما يحتاج إلى المادة خارجاً لا ذهناً، فهي العلم الرياضي بأقسامه الأربعة الحساب والهندسة والهيئة والموسيقى.

وأما الحكمة العملية: وهي ما كان موضوعها ما تحت قدرتنا واختيارنا.

أقول: إن كان البحث فيها عمّا يصلح أنفسنا فهي تهذيب الأخلاق، أو يصلح البيت فهي تدبير المنزل، أو يصلح الخارج مع الناس فهي علم السياسة، أو ما يصلح الخارج مع الله عز وجل  فهو علم النواميس وهو الفقه، موضوعها الموجودات الخارجيّة وعليه فيخرج المنطق منها.

 

الفريدة الأولى

في الوجود والعدم

 


 

 [1]

غرر في بداهة الوجود

مُعَرِّفُ الوُجودِ شَرْحُ الاسْمِ
 

 

وليس بالحَدِّ ولا بالرَّسْمِ
 

مَفهُومُهُ مِنْ أعْرَفِ الأشياءِ
 

 

وَكُنْـهُهُ في غايَةِ الخَفاءِ
 


 

في الوجود والعدم

[1]

غرر في بداهة الوجود

وإنه غني عن التعريف الحقيقي، وإن ما ذكروا له من المعرّفات تعريف لفظي(1). (معرف الوجود) كالثابت العين، أو الذي يمكن أن يخبر عنه، أو غير ذلك(2) (شـرح الاسم)(3) أي مطلب ما الشارحة(4). وهو ما يقال
 

(1) وهو تفسير مدلول اللفظ وتوضيح معناه، كتعريف الأسد بالغضنفر.

(2) مثل تعريف الوجود بأنه المنقسم إلى فاعل ومنفعل، وحادث وقديم، والعدم ما ليس كذلك.

(3) أي توضيح معناه، لا لبيان ماهيته، فالتعاريف المذكورة إنما هي توضيح لمعنى الوجود.

(4) قال الأستاذ([18]) لا وجه لهذا التفسير؛ لأن المطلوب بـ(ما) الشارحة قبل الجزم بوجوده إنما هو شـرح الماهية، وبعد الجزم بوجوده يكون بيان لحقيقة تلك الماهية، والتعريف اللفظي لا يشـرح الماهية، ولا يبيّن حقيقتها، بل يوضح اللفظ، فلا وجه لتفسير شـرح الاسم بمطلب (ما) الشارحة، إذ المطلوب بها لا يكون تعريفاً لفظياً. نعم الا اذا جرى على رأي الملا جلال الدّين، حيث أن رأيه ان (ما) قد يطلب بها تعريف لفظي([19]).

بالفارسية باسخ(5) برسش(6) نخستين(7).

قال الشيخ الرئيس في النجاة إن الوجود لا يمكن أن
يشـرح بغير الاسـم(8) لأنـه مبـدأ أول(9)

 

وأقول: رأي المناطقة أن (ما) الشارحة هي التي تستعمل لطلب شـرح الاسم وبيان مفهومه، أي تعريف لفظي يُطلب بها، كما أشار إليه محمد علي في شـرح الحاشية([20]).

(5) أي مطلب.

(6) أي السؤال.

(7) أي الأول.

(8) أي شـرح الاسم، فهو على حذف مضاف([21]).

(9) أي لأن الوجود مبدأ أول لشـرح كل شـيء، أي متوقف عليه كل الشـروح، بحيث لا يمكن معرفة أي شـيء بدون معرفته([22])، كما أنه أدعى أن النقيضين - لا يجتمعان ولا يرتفعان- مبدأ كل تصديق، ولولاها لما كان هناك تصديق بشـيء.

والبرهان على ذلك مذكور في حاشية المصنف في المنطق في بحث تقسيم المبادئ عند قوله مبدأ المبادئ([23]).

لكل شرح فلا شـرح له(10) بل صورته تقوم في النفس بلا توسط شيء.

(وليس) أي المعرف (بالحد)(11) حيث إن الوجود بسيط لا فصل له ولا جنس له كما سيجي‏ء (ولا بالرسم) لأن الرسم يكون بالعرضي(12) الذي من الكليات الخمس التي مقسمها شيئية الماهية(13) والوجود وعوارضه ليس من سنخ الماهية(14) ولأن المعرف لابد أن يكون أظهر وأجلى من المعرف، ولا أظهر من الوجود (مفهومه) أي مفهوم الوجود(15) (من أعرف الأشياء
 

(10) وإلا يلزم الدور، إذ عليه - ]اي الوجود[- تتوقف الأشياء، فلو توقف على شـيء منها لزم الدور.

(11) هذا نفي لذكر الحدّ لمفهومه، ومنه يبتني حال حقيقته، فهذا دليل على انتفاء الحد المفهومي والحقيقة؛ لأنه إذا لم يكن للمفهوم حدّ، لم يكن للحقيقة حد.

(12) هذا الدليل يمكن اجراؤُه في نفي الحدّ؛ لأنه مركّب من جنس وفصل، وهما ]جزءان[ لشيئية الماهية، وهذا نفي لرسمية مفهومه، ومنه يعلم الرسم الحقيقة.

(13) الاضافة بيانية.

(14) لأنه له حيثية الاباء عن العدم، وهي لها حيثية اللاإباء.

(15) هنا أمور ثلاثة: إن مفهوم الوجود العام هو أمر ذهني منتزع من الموجودات، بسبب الوجودات المقومة لها، ولذلك المفهوم حصص متكثرة، تتكثر الوجودات الخاصة بواسطة الإضافة إلى الماهيات، كوجود الإنسان والفرس، والمفهوم العام للوجود ذاتي لها، وهو نوع لها؛ لأنها أفراد متماثلة متعددة بمجرد إضافة ذلك المفهوم إلى الماهيات، فهي حصص متماثلة المعاني، وهي مع ذلك المفهوم العام المشترك - الذي هو ذاتي لها - زائدة على الماهيّات وعلى الوجودات الخاصة أيضاً، أما الوجودات الخاصة فهي متخالفة الحقائق بالشدّة والضعف، وليست متخالفة بمعاني ذاتية داخلة فيها كالفصول، أو بضمائم مأخوذة معها كالمصنفات والمشخّصات، بل اختلافها بكمالية ونقص وشدة وضعف في نفس طبيعة الوجود، سنخ حقيقته البسيطة، فإن الاختلاف بذلك يكون اختلافاً في نفس ما به الإشتراك
وكنهه) وهو الحقيقة البسيطة النورية التي حيثية ذاتها
حيثية الإباء عن العدم، ومنشئيّة الآثار(16)

 

والإتفاق، كطبيعة النور المشترك بين الأنوار المختلفة بالأشد والأضعف، والأكمل والانقص، كطبيعة العدد المشترك بين الأعداد المتفاوتة بالأزيد والأنقص، وهذا بخلاف الماهيات، فإنها متخالفة بالمعاني، وهي الفصول والمصنفات والمشخصات، والماهيات معلومة الأسامي، والوجودات مجهولة الأسامي.

ثمّ أنّ معرفة ماهية الوجود وتصورها، إنما يكون بوجهها لا بكنهها، لاستحالة وجود نفس ماهية الوجود في الذهن، وإلاّ لأنقلب الذهن خارجاً؛ لأن الأشياء في مقام تصورها تحصل بأنفسها في الذهن، فلو وجد نفس الوجود في وعاء الذهن، صار الذهن خارجاً.

وبعبارة أخرى: أن المعاني التي توجد في الذهن، لابد أن يكون لها وجودان، أصلي عيني خارجي، ووجود ظلي ذهني، مع انحفاظ الذات في كلا الوجودين، حتّى تخلع أحدهما وتلبس الآخر، وماهية الوجود لمّا كانت ذاتها الوجود الأصلي العيني، فمن المحال أن تخلعه وتلبس غيره، وإلاّ لتخلّفـت الذات عن نفسها، وصح سلبها عن نفسها، نعم إنما تعرف ماهيته الحقيقية على سبيل الإحاطة، بأن يكون بالعلم الشهودي الحضوري، كعلم الله عز وجل  بها.

إنْ قلت: إنا نعلم بوجودنا علماً حضورياً بإحاطة أنفسنا به، نظير الجوع.

قلنا: أنفسنا ليست لها إحاطة إلا ببعض ماهية الوجود؛ لأنّ ماهيته عبارة عن شـيء وجداني شخصـي، منبسط على العالم كلّه، فنفس الإنسان لا تحيط إلا بمقدار الحصة التي انبسطت عليها، وهي كالقطرة في البحر الخضم، فهو لا يوجب العلم بالكنه والحقيقة.

وأمّا مفهوم الوجود - فهو الشيئية والممكنية - أمر انتزاعي من حقيقة الوجود، يقع به الحكاية عنها، وآلة لملاحظتها، وليس بذاتي لها؛ لأنّ مصداقه صـرف الحقيقة، فهو بسيط.

(16) كالعلم والقدرة والحياة. واعلم ان مفهوم الوجود ليس يندرج تحت كلي من الكليات؛ لأنه لوحظ فانٍ في معناه.

والتي ذلك المفهـوم البديهي عنوانـه(17) (فـي غاية الخفاء).

وبهذا البيت جمع بين قول من يقول إنه بديهي، أي مفهومه، وقول من يقول إنه لا يتصور أصلاً أي حقيقته وكنهه إذ لو حصلت(18) في الذهن، فإما أن يترتب عليها آثارها، فلم يحصل في الذهن إذ الموجود في الذهن ما لا يترتب عليه الآثار المطلوبة منه(19) وإما أن لا يترتب فلم يكن حقيقة الوجود التي هي عين منشئية الآثار.

وأيضا كلما يرتسم بكنهه في الأذهان يجب(20) أن يكون ماهيته(21)
محفوظة مع تبدل وجوده(22) والوجود لا ماهية له وماهيته(23) التي هو
 بها هو(24) عين حقيقة الوجود، ولا وجود زائد عليها حتى يزول

 

(17) أي عنوان ذلك الكنه. واعلم ان المفهوم يكون عنواناً للذات، اذا كان لم يوجد في الخارج مثل مفهوم الوجود، فإنه لو كان هو الموجود في الخارج ويوجد في الذهن، لزم انقلاب الذهن خارجاً.

فلذا قيل له عنوان لذات الوجود، وليس موجوداً بها، وتارة يكون ليس بعنوان، كالإنسان والناطق الذي يوجد بوجود ذاته.

(18) وهذا دليل على عدم حصولها حقيقة الوجود في الذهن بالعلم الحصولي، واما بالعلم الحضوري، فقد بيّنه المصنف في الحاشية فليراجع([24]).

(19) في الخارج، والا لو حصل لانقلب الذهن خارجاً.

(20) ان يكون ماهية؛ لأنه لابد ان يكون محدوداً حتى يحيط به الذهن، فتحصل منه صورة فيه.

(21) أي المراد بها ما يقع في جواب ما هو.

(22) الخارجي بالذهني.

(23) أي ماهية الوجود.

(24) للماهية اطلاقان: الاول ما يقع في جواب ما هو، وحينئذٍ تكون لا تصدق
 

عنهـا، وتبقى نفسها محفوظة في الذهن(25).

على الوجود، لأنه يقع في جواب ما هو. والثاني ما به الـشـيء هو هو، وحينئذٍ تصدق على الوجود.

(25) فتثبت ان ماهية الوجود لا توجد في الذهن، فلا يكون لها تعريف، فافهم.

 

 [2]

غرر في أصالة الوجود

إنّ الوجودَ عِندَنا أَصِيلُ
 

 

دليلُ مَن خالَفَنا عَلِيْلُ
 

لأنّه مَنْبَعُ كُلِّ شَرَفِ
 

 

والفَرْقُ بينَ نَحْوَيِ الكَوْنَ يفـيْ
 

كذا لُزُوْمُ السَّبْقِ في العِلِّيّة
 

 

مَعْ عَدَمِ التَّشكيكِ في المَاهِيَّـة
 

كونُ المراتبِ في الاشتدادِ
 

 

أنواعاً استنـارَ للمُرادِ
 

كيفَ وبِالكَوْنِ عن استِـواءِ
 

 

قَدْ خَرَجَتْ قاطِبةُ الأَشيـاءِ
 

لو لم يؤصّلْ وحدةٌ ما حَصَلتْ
 

 

إذ غيرُهُ مَثارُ كثرةٍ أَتَتْ
 

ما وَحّدَ الحقّ ولا كلمتهُ
 

 

إلا بما الوحدةُ دارَتْ مَعَهُ
 


 

 [2]

غرر في أصالة الوجود(1)

اعلم أن كل ممكن(2) زوج(3) تركيبي له ماهية ووجود. والماهية التي يقال لها الكلي الطبيعي ما يقال في جواب ما هو. ولم يقل أحد من الحكماء(4)
 

(1) معنى الأصالة: هو كون أي واحد منهما طارداً للعدم، هل الماهية أو الوجود، ولا شك أن الوجود هو الطارد للعدم؛ لأنه هو نقيضه، لا الماهية، والذي يطرد العدم ليس الأمر الاعتباري، بل الأمر الموجود في الخارج، فالوجود موجود في الخارج.

(2) الدليل أن للممكن جهتين: وجود وحدود وجود، والماهية منتزعة من الثاني. فلا وجه لتخصيص النزاع بالممكن، بل في الواجب أيضاً يجري؛ لأنه قيل أنه عين الوجود وأن الوجود أصيل، وقيل ]الوجود[ اعتباري، ولكن لما عقد لوجود الواجب باب مستقل، لذا خصّص النزاع بالممكن([25]).

(3) لا وجه للتقسيم، فإنه على رأيه([26]) أن النفس ممكنة، وليس لها ماهية.

(4) نعم قال الشيخ أحمد الأحسائي([27]) الشارح للعـرشيات
بأصالتهما([28])، وهو ليس بحكيـم([29])، بل رجل أخباري.

بأصالتهما معا. إذ لو كانا أصيلين لزم أن يكون كل شيء شيئين(5) متباينين، ولزم التركيب الحقيقي في الصادر الأول(6) ولزم أن لا يكون الوجود(7) نفس تحقق الماهية وكونها، وغير ذلك(8) من التوالي الفاسدة. بل اختلفوا على قولين: أحدهما أن الأصل في التحقق هو الوجود والماهية اعتبارية ومفهوم حاك عنه(9) متحد به، وهو قول المحققين من المشائين، وهو المختار كما في النظم (إن الوجود عندنا أصيل). وثانيهما أن الأصل هو الماهية والوجود اعتباري. وهو مذهب شيخ الإشـراق شهاب الدين السهروردي  قدس سره  وهو المشار إليه بقولنا (دليل من خالفنا عليل) مثل أن الوجود لو كان حاصلاً في الأعيان، لكان موجوداً، فله أيضاً وجود، ولوجوده وجود إلى غير النهاية. وهو مزيف(10) بأن الوجود موجود بنفس ذاته لا بوجود آخر، فلا يذهب الأمر إلى غير النهاية.

(5) وذلك باطل؛ لأنهما ان كانا مستقلين فهو باطل لمخالفة الوجدان، وإن كان احدهما حال في الآخر فيكون لكل منهما وجود؛ لأن وجود الحال غير وجود المحل، فيكون للوجود وجود، وننقل الكلام إلى هذا الوجود فيلزم التسلسل.

(6) وهو العقل الأول، وهو باطل كما سيجيء.

(7) هو ذلك؛ لأن كلاً منهما متأصل في الوجود ]الخارج[، فكل منهما متحقق في الخارج، فهو له وجود، فلزم التسلسل.

(8) من اللوازم الفاسدة ]عدم صحة[ حمل أحدهما على الآخر؛ لأن كل منهما شـيء مباين للآخر.

(9) أي عن الوجود، فإذا قلت الحيوان الناطق فهو حاك عن الإنسان الموجود، وأما الذي ليس بموجود ]فالمفهوم غير حاك عنه[ فإنه ليس بحيوان ]ناطق[.

(10) أي باطل، وليعلم أن القائلين بأصالة الماهية على قسمين: بعضهم يقول أن الوجود اعتباري([30]) وليس موجوداً في الخارج، وبعضهم يقول أن الوجود نفسه متحقق في الخارج وهو صاحب الشوارق([31]).

وحاصل مذهبه ان الأشياء على قسمين:

منها ما هو موجود بوجوده في الخارج كالماهيات على رأيه. فالخارج ظـرف وجوده.

وقد أبطل الاستاذ السيد حسن([32]) هذا القول بأن قال: أنا لا نعقل وجود نفس الشـيء في الخارج؛ لأن الشـيء أما متحقق في الخارج، أو غير متحقق فيه، فالأول موجود فيه دون الثاني، وكذا الوجود.

فإن قلت: قد ذكر القوم أموراً نفسها في الخارج، لا وجودها، كالإضافات والاعتباريات.

قلنا: هذا اصطلاح منهم على أن الذي ليس له وجود في الخارج، بل الموجود منشأ انتزاعه يسمّى نفسه في الخارج، وإن كان هو موجوداً فيسمّى موجوداً في الخارج.

ومنها ما يكون الخارج ظرفاً لأنفسها، لا لوجودها كالوجود، فإن الخارج ظرف لنفس الوجود، لا لوجود الوجود، وإلا لزم التسلسل.

وقس عليه سائر أدلته المذكورة بأجوبتها في المطولات. ولا نطيل هذا المختصـر بذكرها(11). ثمّ أشـرنا إلى بعض أدلة المذهب المنصور، وهي ستة: الأول قولنا (لأنه منبع كل شـرف) حتى قال الحكماء مسألة أن الوجود خير(12) بديهية. ومعلوم أنه لا شـرف ولا خير في المفهوم الاعتباري(13).

والثاني قولنا (والفرق بين نحوي الكون) أي الكون الخارجي والكون الذهني (يفي) بإثبات المطلوب.

بيانه: أن الماهية في الوجود الخارجي يترتب عليها الآثار
المطلوبة منها وفي الوجود الذهني(14) بخلافه، فلو لم

 

(11) وملاكها التسلسل، وهو مدفوع بما ذكرناه.

(12) قد يعرضه الشـر من جهة العدم كالزنا، فإن وجوده خير، وعرض له الشـر من جهة زوال كمال النفس به، ووجود ]الشمر[ خير، والشـر عرض له من جهة ازهاق روح الامام الحسين  عليه السلام   ولذا هو أوجب كون الامام الحسين  عليه السلام   في الجنّة بمنزلة النبي صلى الله عليه واله وسلم  وتحصيل الثواب للباكين عليه، وهو أمر بديهي، حتى أن المتكلمين والحكماء اتفقوا عليه، وبعضهم استدل عليه من أن وجود كل شيء يلائم ذاته([33])، فهو ليس شـراً على ذاته([34])، وكذا يلائم علته، وكذا بالنسبة إلى وجود آخر فهو ليس شـراً. نعم يكون شـراً بالنسبة إلى اعدام وجود شـيء، أو عدم كمال وجوده من علم أو قدرة، وحينئذٍ الشـرّية تعرض عليه، فمعنى الخير حينئذٍ هو ما لائم الذات، وطلبته الاشياء بفطرتها، والوجود تطلبه الحيوانات والحجر والنبات كما سيجيء.

(13) الذي ليس له تحصّل في الخارج.

(14) الظلّي للوجود الخارجي، وإلا فالموجودات الذهنية على رأي الحكماء([35]) تتلبّس بصور محسوسة، كما في حالة النوم والموت والاغماء، فلذا تستلذ برؤية المحبوب في
 

يكن الوجود متحققاً(15) بل المتحقق هي الماهية وهي محفوظة في الوجودين بلا تفاوت لم يكن فرق بين الخارجي والذهني(16) والتالي(17) باطل(18) فالمقدم(19) مثله.

والثالث(20) قولنا (كذا) يفي بإثبات المطلوب (لزوم السبق) بالذات (في العلية) أي في كون شـيء علّة لشـيء (مع عدم) جواز (التشكيك في الماهية).

الرؤيا، وتفر من النار هناك.

(15) أي في الخارج.

(16) لأن الماهية هي منشأ الانتزاع للوجود الخارجي ]بناءاً على أصالتها[، وهي موجودة في الذهن بنفسها كما سيحقق فيما بعد([36]).

فالوجود الخارجي ثابت للماهية لتحقق منشأ انتزاعه، فيلزم أن يكون الوجود الذهني عين الوجود الخارجي؛ لأن منشأ انتزاعهما واحد، فإذا وجدت في الخارج فهي موجودة في الذهن؛ لأن منشأ انتزاع الوجود الذهني وهو الماهية موجود، فلينتزع عنه. نعم إذا قلنا أنّ الوجود هو الاصيل والماهية اعتبارية فنقول الوجود الخارجي مرتبة من مراتب الوجود، والوجود الذهني مرتبة من مراتبه، وهو ليس منتزعا من الماهية.

(17) وهو عدم كون فرق بين الوجود الذهني أو الخارجي.

(18) لأن الفرق بينهما واضح؛ لأن آثار هذا غير آثار ذاك.

(19) وهو كون الماهية هي الاصل باطل.

(20) قبل الخوض في بيان هذا الدليل، يحتاج إلى تقديم مقدّمة:

وهي أن القائلين بأصالة الوجود يقولون لا تشكيك في الماهية، وإنما التشكيك في الوجود، وأن له مراتب([37]).

بيانه: أنه يجب تقدم العلة على المعلول(21) ولا يجوز التشكيك فـي الماهية، فإذا كانتا(22) من نوع واحد أو جنس واحـد كما في علّية نار لنار(23) أو علّية الهيولى والصورة للجسم، أو العقل الأول للثاني(24) وكان الوجود اعتبارياً، لزم كون الماهية النوعية النارية مثلاً في أنها نار(25) متقدّمة، والماهية النارية في أنها

والقائلين بأصالة الماهية على قولين: الأكثر قائلون بأنه لا تشكيك في الماهية؛ وإنما التشكيك في عوارضها، وبعضهم قال بالتشكيك بالماهية([38]).فهذا الدليل لا يكون رداً إلاّ على القائلين بأصالة الماهية، مع أن التشكيك لا يكون فيها([39]).

(21) وهما عبارة عن الماهية على القول بأصالتها، والوجود اعتباري.

(22) أي العلة والمعلول.

(23) أعلم أنّ المفيض للوجود هو الله عز وجل  لا غيره. نعم قد يحصل الوجود للماهية، كالنار تحصل الوجود لنار أخرى، وكالبناء يحصل الوجود للبيت، وأما الوجود فالذي صنعه هو الله عز وجل .

(24) أي للعقل الثاني.

(25) بما هي علة.

نار مؤخرة(26) والماهية الجنسية الجوهرية في أنها جوهر متقدمة بما هي في العلة(27) وهي في أنها جوهر متأخرة بما هي في المعلول(28) فيلزم التشكيك في الذاتي(29).

وقد جمع جم غفير منهم(30) بين اعتبارية الوجود ونفي التشكيك في الماهية، وعلى القول بأصالته(31). فالمتقدم والمتأخر(32) وإن كانا ماهية، لكن ما فيه التقدّم والتأخر هو الوجود الحقيقي.

(26) بما هي معلولة، فالتقدم بالعلية والمعلولية إنما كان في الماهية، لأنها هي التي كان أحدهما علّة للآخر، وأما الوجود فاعتباري، فلا يكون علّة للماهية.

(27) وهي الهيولى والصورة والعقل الأول.

(28) وهو الجسم والعقل الثاني.

(29) وهو الماهية على رأي القائلين بأصالتها.

(30) اي مِنَ القائلين بأصالة الماهية.

(31) أي اصالة الوجود.

(32) أي الذي به حصل تقدّم الماهية هو الوجود، وحاصله: أن التشكيك([40]) إنما وقع في الوجود على القول بأصالته؛ لأنه هو العلة وهو المعلول، لا الماهية لأنها اعتبارية، فلما وقع فصارت متقدمة ومتأخرة، والتشكيك إنما وقع في الوجود دون الماهية، ترشح عليها التقدم والتأخر، فهي مشككة بالعرض والمجاز([41]).

والرابع(33) قولنا (كون المراتب) أي مراتب الشديـد والضعيف الغير
 

(33) هذا الدليل مبني على اربع مقدمات:

الأولى: أنّ الاشتداد حركة من الضعيف الى القوي، كحركة البرودة التي تكون في الماء إلى اشدها حتّى يجمد الماء، وكذا الحرارة تتحرك إلى أن تصل إلى الغليان.

الثانية: الكم المتصل، هو القابلُ عند الوهم إلى التجزّء إلى أجزاء غير متناهية، والموجود فيه حد مشترك قابل لأن تفرضه أولاً لهذا القسم، أو آخر لهذا القسم كالخط، فإنه أحد نقاطه الوسطية، كما يمكن للوهم ان يفرضها بداية لقسمِه الثاني، وقابل لأن يفرضها نهاية للقسم الأول.

الثالثة: الاشتداد لما كان حركة؛ كان من الكم المتصل، والدليل على ذلك أن الحركة منطبقة على الزمان، فهي لا تكون إلا مع الزمان؛ لأنها لا توجد إلا معه، وهي منطبقة مع المسافة؛ لأنها لا توجد إلا معها، والمسافة منطبقة على الجسم، فإذا كان كذلك؛ فالحركة لو كانت كماً مُنفصلاً، فهي مركّبة من أجزاء لا تتجزأ، فالجزء الأخير منطبق على جزء من الزمان، وعلى جزء من المسافة فلابد أن يكون الجزء من الزمان والجزء من المسافة جزءاً لا يتجزأ، وإلا فلا ينطبق عليهما الجزء من الحركة، فيلزم أن يكون الزمان والمسافة متركّبين من جزءٍ لا يتجزأ، وذلك باطل كما سيجيء، فالاشتداد كم متصل.

الرابعة: أن الماهية (على قولهم)([42]) لا يكون فيها شدة وضعف، إنما الاختلاف في

المتناهية كما دلّ(34) عليه قولنا (في الاشتداد) لأن الاشتداد حركة، والحركة متصلة، وكل متصل يمكن أن يفرض فيه حدود(35) غير متناهية (أنواعا) لكل منها ماهية متحصّلة (استنار للمراد)(36).

الانواع، فتكون ماهية أخرى، ويستدلون على ذلك بأن الاشتداد أما في العوارض؛ فحينئذٍ لا اشتداد في الماهية، أو أن يكون الاشتداد في الماهية، فحينئذٍ تكون ماهيات متعددة كالبياض.

(34) أي على هذا القيد، وهو الغير المتناهية.

(35) أي اجزاء.

(36) هذا الدليل الرابع بيانه مبني على مقدّمات:

أحدها: أن الاشتداد في الماهيات حركة من الضعيف إلى القوي.

ثانيها: أن الحركة كم متصل، والكم المتصل قُرر في محله ليس له أجزاء خارجاً، بل هو قابل في الذهن للانقسام إلى أجزاء لا تتناهى، إذ كل ما فُرض تجزئته كمّاً مقدار، فالعقل يجوّز انقسام ذلك المقدار إلى أجزاء أخرى، وهلم جرا إلى (أن) ينقطع الفرض.

ثالثها: أن الماهيات ليست بنفسها قابلة للاشتداد؛ لأن الشديد منها إن كانت شدته بوجود أمر داخل في الماهية وجزء منها، كان الضعيف فاقداً له، وكان الضعيف ماهية أخرى، وإلاّ لزم تخلف الذاتي عن ذاته. وإن كانت شدته بأمر خارج عن الماهية، فلم يكن الاشتداد في الماهية، بل في غيرها.

رابعا: أن الاشتداد لا يكون في الأمر الاعتباري([43]) إذ ليس الاعتبار قابِلاً للشدة والضعف.

إذا عرفت ذلك فنقول:

إذا كانت الماهية اصيلة والوجود أعتبارياً، كان الاشتداد في الماهية للمقدّمة الرابعة، ولابدّ أن يكون اشتدادها بتبدل الماهية بأخرى للمقدمة الثالثة، ولابدّ أن تكون الماهيات المتبدلة لا تتناهى للمقدمة الثانية؛ لأن الماهيات إذا كانت هي الأصل، كانت
 

بيانه: أن مراتب الشديد والضعيف في الاشتداد كالاستحالة(37) أنواع متخالفة عندهم. وتلك المراتب غير متناهية حسب قول المتصل انقسامات غير متناهية.

فلو كان الوجود اعتبارياً، كان في الوحدة(38) والكثرة تابعاً للمنتزع منه،
 

أجزاء الحركة، والحركة كم متصل أجزائه لا تتناهى، فيلزم وجود ما لا يتناهى في أمر مُتَناهٍ للمقدمة الخامسة؛ لأن الوجود اعتباري منشؤه الماهية، وهي كانت لا تتناهى.

فإنه كل مرتبة منه ماهية ونوع، غير مرتبة الآخر، فحينئذٍ يتوجه الاشكال: أن البياض لو أخذ في الشدة، فيلزم أن يكون هناك ماهيات غير متناهية؛ لأن الاشتداد حركة، فهو كم متصل، والكم المتصل مركّب من اجزاء لا تتناهى فالاشتداد مركّب من ماهيات لا تتناهى، ولا يمكن أن تقول أنها وهمية، لأنكم جعلتم هذا الاشتداد الموجود هو عبارة عن الماهيات، فهي موجودة، وأيضاً بناؤكم على اصالة الماهيات وإنها هي الموجودة، فيلزم وجود ما لا يتناهى من الماهيات في شـيء متناهي، ويلزم أن يكون الكم المتصل كما نفصلا، وذلك كلّه باطل.

وأما على القول بأصالة الوجود فنقول: إن الوجود خيط مستمر بين مراتب الاشتداد، وليس عبارة عن وجودات مستمرة، ولكن هذا الاشكال ليس بصحيح؛ لأن القائلين بأصالة الماهية يقولون الاشتداد في نفس الماهية، لأنه هناك ماهيات كما زعم ذلك شيخ الاشـراق([44]).

فالمقدمة الرابعة ليست مسلّمة عند الخصم ولا عندنا؛ لأنا نقول: بأن الاشتداد يكون في الوجود لا في الماهية، نعم يكون هذا رداً على مَنْ قال بالمقدمة الرابعة من الخصم.

(37) التي هي حركة من ماهية إلى أخرى.

(38) أي كان الوجود واحداً أو كثيراً تابع للماهيات؛ لأنه منتزع منها
 

أعني الماهيات، وهي هنا غير متناهية متأصلة، كان أنواع غير متناهية بالفعل، محصورة بين حاصـرين المبدأ والمنتهى، بخلاف ما إذا كان للوجود حقيقة.

فإنه كخيط ينظم شتاتها(39) ولا ينفصم به متفرقاتها، فكان هنا أمر واحد كما في الممتدات القارة(40) أو غير القارة(41) حيث إن كثرتها(42) بالقوة(43).

والخامس قولنا (كيف) لا يكون الوجود أصلاً في التحقق (وبالكون) المراد به(44) ما يرادف الوجود (عـن استواء) أي استواء نسبة الوجود والعدم متعلق
 

على رأيهم([45]).

(39) أي شتات الماهيات، وحيث إنا سنبرهن على وحدة الوجود([46])، فلا
 يلزم تعدد الوجود حينئذٍ، ويمكنك أن تفرض له حدوداً، وكلّ واحد منها تنزع منه ماهية.

(40) كالخط

(41) كالزمان.

(42) أي كثرة أجزائها.

(43) أي بالوهم. ]وقد[ ذكر الاستاذ السيد حسن: أن المقدمة الرابعة لذلك الاشكال لا يلزم ذكرها حتّى يتوجه الاشكال، بل نقول: لو كان هناك اشتداد في الماهية أو في عوارضها، فلو اخذت الماهية أو عوارضها في الاشتداد؛ فحينئذٍ تكون اشخاص لها غير متناهية بين حاضـرين، وأما على القول بأصالة الوجود فالوجود واحد، لما سيجيء من وحدة الوجود.

(44) الكون له معنيان:

الأول: ما ذكره المصنف([47]).

بقولنا (قد خرجت قاطبة الأشياء) أي الماهيات إذ الشـيء(45) بمعنى الشـيء(46) وجوده(47) وهو الماهية.

وبيان هذا الوجه بحيث يدفع توهم المصادرة(48) أنه باتفاق الفريقين
 

والثاني: هو عالم الفساد.

فإن العوالم ثلاثة([48]): عالم الابداع وهو عالم العقول، وعالم الاختراع، وعالم الفساد وهو العالم المادي، وهو نحن.

(45) هذا تعليل إلى تفسير الاشياء بالماهية، وأن المراد بها هو الماهيات.

(46) أحترز عن الشـيء المساوق للوجود.

(47) أي المفاض على وجوده، الاشاءة والإرادة.

(48) وذلك أن هذا الدليل كان صدر المتألهين([49]) يذكره أول الأدلة على أصالة الوجود بهذه الصورة:

وهي أن خروج الماهيات عن الاستواء بالوجود، يدل على أصالة الوجود،
 

الماهية من حيث هي ليست إلا هي، وكانت بذاتها متساوية النسبة إلى الوجود والعدم، ولو كان الوجود اعتبارياً، فما المخرج لها عن الاستواء؟ وبمَ صارت مستحقة لحمل موجود؟ فإن ضم معدوم(49) إلى معدوم لا يصير مناط الموجودية.

وقول الخصم: إن الماهية من حيث هي، وإن كانت في حد الاستـواء،
إلا أنها من حيثية مكتسبة(50) من الجاعل بعد الانتساب(51) إليه
صارت مصداقاً لحمل الموجود، خال عن التحصيل(52) إذ بعد الانتساب،
إن تفاوتت حالها(53) فما به التفاوت هو الوجود، وإن تحاشى
الخصم عن اسمـه وكانت تلك الإضـافة إشـراقية(54) لا مقولية،

 

والماهية اعتبارية. فأشكل عليه: بأن هذا مصادرة على المطلوب؛ لأن المصادرة هو أن يكون الدليل عين المدعى، أو يكون الدليل مبني على المدعى، وهاهنا كذلك، لأن خروج الماهيات عن الاستواء بالوجود، متوقفة على أصالة الوجود لحمل الوجود بعدما كانت معدومة.

(49) هذا جواب اشكال، وهو أنها صارت موجودة بضم مفهوم الوجود الاعتباري إليها، فأجاب: بأن مفهوم الوجود على رأيكم اعتباري عدمي، وهي كانت معدومة، فضم معدوم إلى معدوم يزيد العدم.

(50) وهي المجعولية.

(51) أي انتساب الماهية إليه، أي الاتصال به على نحو اتصال العلة بالمعلول.

(52) هذا خبر قوله: (وقول الخصم) وهو قول الملا جلال الدين الدواني ذكره في شـرح التجريد([50]).

(53) أي حال الماهية.

(54) الاشارة عائدة للحيثية المكتسبة من الجاعل، أي إضافة وجود المعلول ونسبته للذات المقدسة اضافة اشـراقية([51])، وليعلم أن الاضافة على قسمين:

لأنها اعتبارية(55) كالوجود الاعتباري(56) وإن لم تتفاوت(57) ومع هذا(58) كانت مستحقة لحمل موجود، لـزم الانقلاب(59) وإن لم تستحق، كانت باقية على الاستواء، هذا خلف(60).

]القسم[ الأول المقولية: وهي التي تقوم بين شيئين، ووجودها موقوف على فرض وجودها، كالأبوة والبنوة التي هي اعتبارية.

والقسم الثاني الاشـراقية: وهي التي تكون متوقفة على أحد الطرفين، ويوجد الطرف الثاني بوجودها كالوجود، فإنها مفاض على الاشياء، وهو موقوف على وجود الباري، والطرف الثاني موجود بوجود هذه الإضافة الاشـراقية كالنور، فإنها مفاض على الاشياء، ويوجد الطرف الثاني- وهو المتنور- بوجود تلك الاضافة، وكذلك الفيض على الاشياء، أي من العلة إلى المعلول.

(55) هذا تعليل إلى كون تلك الاضافة اشـراقية لا مقولية. وقوله (أنها) أي لأن الاضافة المقولية.

(56) على قول الاشـراقيين القائلين بأصالة الماهية.

(57) أي الماهيات بعد الانتساب إلى الذات المقدسة.

(58) أي ومع عدم تفاوتها بعد الانتساب.

(59) أي انقلاب الماهية إلى الوجود؛ لأنا فرضنا أن الماهية لا يكون فيها تفاوت، وهي تستحق لحمل الوجود، لزم أن تكون الماهية عين الوجود، ولزم أن يكون الممكن عين الواجب، وذلك لأن الواجب ما انتزع من نفس الوجود من ذاته ونفسه- بعد فرض عدم التفاوت- فيلزم انتزاع الوجود من نفس الماهية، فتكون واجبة الوجود.

(60) لأن بقائها على الاستواء، يخالف ما فرضناه من أنها مستحقة لحمل الوجود عليها.

والسادس قولنا (لو لم يؤصل) الوجود (وحدة ما حصلت(61) إذ غيره) وهو الماهية(62) لأن أصالتها(63) محل النزاع مثار كثرة(64). أتت(65).

وإذا كان كذلك (ما وحد الحق ولا كلمته) ولا صفاته (إلا بما) أي بحقيقة الوجود الذي (الوحدة دارت معه).

بيانه:(66) أنه لو لم يكن الوجود أصيلاً، لم يحصل وحدة أصلاً،
لأن الماهية مثار الكثرة، وفطرتها الاختلاف، فإن الماهيات بذواتها
مختلفات(67) ومتكثرات، وتثير غبار الكثرة في الوجود(68). فإن الوجود(69) (يتكثر نوع تكثر(70) بتكثر الموضوعـات، كما أن الوجود مركز يدور

 

(61) فلا يصح حينئذٍ الحمل؛ لأنه لابد من الاتحاد في الوجود وفيه، أي ومن بين الماهيات لم تحصل، لأن الماهيات متعددة، والوجود منتزع منها، فهو متعدد بتعددها، ولا وحدة بين الواجبين، ولا بين الصفات.

(62) لما كان غير الوجود العدم والماهية، بين المراد بالغير هاهنا.

(63) هذا تعليل الى كون المراد بالغير هو الماهية لا العدم، وايضا هناك دليل آخر على ان المراد بالغير هو الماهية، وهو تأنيث (أتت).

(64) أي محل التكثّر.

(65) أنّثها مع كون الضمير عائد إلى غيره، لتأول الغير بالكثرة.

(66) أي بيان هذين البيتين.

(67) لما تجد من اختلاف مفاهيمها، فماهيات الجنس غير ماهية الفصل، وكل واحد منها مغاير لماهية النوع، أي ومن بين الماهيات لم تحصل؛ لأن الماهيات متعددة، والوجود منتزع منها، فهو متعدد بتعددها، ولا وحدة بين الواجبين ولا بين الصفات.

(68) لأنه على رأيهم اعتباري، فهو تابع للمنتزع منه، فإن كان واحداً صار واحداً، وإن كان متعدداً صار متعدداً.

(69) تعليل إلى نشـر غبار الكثرة.

(70) لأن الوجود له نوعان في التكثر: الأول التكثر بحسب المراتب، والثاني التكثر بحسب الموضوعات أي الماهيات.

عليه فلك الوحدة(71).

وإذا لم يحصل وحدة، لم يحصل الاتحاد الذي هو الهوهوية(72) كالإنسان كاتب، والكاتب ضاحك(73) إذا المفروض أن جهة الوحدة(74) وهي الوجود اعتبارية(75) والأصل هو شيئية ماهية الإنسان ومفهوم الكاتب والضاحك.

والمفاهيم ذاتيها الاختلاف(76) وتصحح الغيرية(77) وأين أحدها من الآخر لا الهوهوية(78) ولم يتم(79) مسألة التوحيد التي هي أس
 

(71) أي أينما كان الشـيء موجوداً كان واحداً، وهذا معنى أن الشـيء لا يتشخّص حتى يوجد، والوجود إن ضعف ضعفت الوحدة، وإن قوى قويت، فإن الواحد وجوده قوي فوحدته قوية، بخلاف ألف من حيث هو ألف، فوجوده ضعيف، كذلك كونه واحداً ليس بالألف ضعيف.

(72) هو الحمل.

(73) لوجود الجوهر مع العرض، ووجود العرض مع العرض.

(74) أي جهة اتحاد الوجودين بين الموضوع والمحمول.

(75) أي جهة الاتحاد اعتبارية، لما كان هذا الدليل مبنياً على مقدمتين:

الأولى: هي أن الماهية مثار الكثرة.

والثانية: أن الوحدة اعتبارية تابعة للوجود؛ لأنه جهة لها، فأشار إلى المقدمة الثانية بتلك العبارة.

(76) فالوجود حيث إنه اعتباري تابع للمنتزع منه، وحيث إنه متكثر فالوجود متكثر ومتعدد، فلم يكن هناك وحدة حتّى يَصِحّ الحمل.

(77) أي وذات المفاهيم تقتضي التغاير.

(78) عطف على تصحح الغيرية.

(79) أي لما كان مقتضى قولهم انتفاء الوحدة، رتب عليه لازمان باطلان:

الأول: عدم صحة الحمل؛ سواء كان بالشائع أو بالحمل الأولي، وكلام ملا صدرا([52]) يشعر بانتفاء الأول دون الثاني، ولكن الاصح أن الثاني ينتفي أيضاً؛ لأنه يعتبر
 

المسائل(80) لا توحيد الذات(81) لأنه إذا كـانت الماهية أصلاً لا يكـون بين الواجبين لأنه إذا كان الوجود اعتبارياً، لا يمكن أن يحكم العقل بأن مفاهيم
 

فيه اتحاد الوجود الذهني كالإنسان إنسان، فإذا قلنا أن الوجود اعتباري، صار الوجود الذهني متعدداً، فلا يوجد، فلا يصح الحمل.

والثاني: عدم تمامية مسألة التوحيد.

(80) أي مسائل الحكمة.

(81) وذلك أنهم استدلوا([53]) على وحدة الواجب وأنه واحد: بأنه لو كان اثنين كان مشتركين في وجوب الوجود، وما به الاشتراك لا يكون به الامتياز، فإن لم يكن بينهما تمايز لزم الخلف، وإن كان لزم التركيب في كل واحد منهما، فيكون مركباً مما به الامتياز ومما به الاشتراك، والتركيب يلزم الاحتياج في المركب إلى اجزاءه، والاحتياج من شأن الممكن، لا من شأن الواجب، وهذا الدليل هو الشائع بين المتقدمين والمتأخرين([54])، وعليه بنوا مسألة التوحيد.

فعلى القول بأصالة الماهية لا يكون هذا الدليل([55])
 

العلم والإرادة والقدرة وغيرها من الصفات الحقيقية(82) واحدة، ولا هي مع الذات المقدسة الوجوبية واحدة، إذ المفروض أن لا جهة وحدة، هي الوجود فيها، حتى تكون هي في مقام وجودها واحدة، وفي مرتبة مفاهيمها متغايرة كل مع الآخر.

والكل مع الذات المقدسة الموصوفة بها، لأنها أيضاً على هذا التقدير ماهية

صحيحاً([56])؛ لأن المفروض أن ذات كل واحد من الواجبين ماهية مستقلة، فليس هناك شـيء مشترك بينهما؛ لأن الوجود أمر اعتباري، والمنتزع منه متعدد فهو متعدد، فالذي فرضتموه مشتركاً ليس بمشترك.

المفروضين ما به الاشتراك، حتى يتركّب كل منهما مما به الاشتراك وما به الامتياز، لأن المفروض أن ذاتهما الماهية والماهيات متخالفات بالذات.

فلم يستقم استدلالهم على التوحيد بلزوم التركيب، ولا توحيد
الصفات.

أما على القول بأصالة الوجود، فالدليل يتم؛ لأن الوجود الذي فرضناه مشترك ليس باعتباري حتّى يتعدد بتعدد الماهية، بل هو أمر واحد، لما سنبين من وحدة الوجود، فلا بد حينئذٍ أن تكون الماهية مركبة.

ولذا قال: آغا حسين الخوانساري في حاشيته على الشفاء([57]) بأن توحيد
الباري مستفاد من قوله [تعالى]: [قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ]([58]) لما كان قائلاً بأصالة
الماهية.

(82) وهي التي تكون صفات للذات، وأما الاضافية وهي القائمة بين شيئين وهي صفات الأفعال كالقادريّة والعالميّة والخالقيّة ونحوها.

من الماهيات، فيلزم الكثرة(83) حسب كثرة الصفات مع الذات، ولا توحيد
فعل الله وكلمته(84) لأنه على هذا لم يكن الصوادر إلا الماهيات المتخالفة،
التي لكل منها جواب(85) عند السؤال عنه بما هو، ويقـال في حقهـا(86)
أين المجرد(87) من المادي، وأين السماء من الأرض، وأين الإنسان من الفرس وهكذا. فأين وجه(88) الله الواحد المشار إليه بقوله تعالى [فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ]، ومعلوم أن وجه الواحد واحد(89) وأنى كلمة كن الواحدة، المدلول عليها بقوله تعالى [وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ] بخلاف ما إذا كان الوجود الذي يدور
عليه الوحدة، بل هي عينه أصيلاً، فإنه يتوافق فيه المتخالفات، ويتشارك

 

(83) بخلاف ما لو قلنا أن الوجود أصيل، فيكون وجودها واحداً، وهي متحدة؛ لكون وجودها واحداً، وإن كانت مفاهيمها مختلفة.

(84) هذا عطف تفسير؛ لأن كلمة الله عز وجل  هي فعله، وهذا معنى أن المسيح كلمة
الله عز وجل ، أي فعله، وسيجيء أن الله عز وجل  أفعاله واحدة، وهذا معنى الوجه في قوله تعالى [فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ]([59]) أي فعله، وهذا معنى كلمة كن، والواحد فإن معناه حقيقة - بالنسبة إلى الذات المقدّسة - هو الفعل الواحد، وذلك الفعل هو الوجود، وهو العقل الأول، وهو نور محمد صلى الله عليه واله وسلم : وهو فيء وجوده، وهناك دليل عقلي على وحدة أفعاله، وهو أنه واحد، والواحد لا يصدر منه متعدد.

(85) ليس للأخرى يقع جواباً.

(86) من حيث التغاير وعدم الاتحاد.

(87) كالعقل والنفس، فهي ليست متحدة مع أنها أفعال لله عز وجل .

(88) أي فعل الله عز وجل .

(89) هذا دفع اشكال: وهو أنه من أين عرفت أن وجه الله عز وجل  واحد.

فأجاب بما ترى أن الله عز وجل  واحد، فلابد أن يكون وجهه واحداً.

فيه المتمايزات، وهو الجهة النورانية(90) التي انطمس فيها الظلمات، وهو كلمته ومشيته ورحمته، وغيرها من الصفات الفعلية(91).

(90) للممكن جهتان: إحْدَهُما نورانية وهي الوجود، والثانية الظلمة وهي التي تُعَيّنُ جهة الوجود.

(91) كالإفاضة والإحسان، فإنها كلها عبارة عن الوجود، فثبت أن كل الأشياء وجود، والماهيات اعتبارية.


 

 [3]

غرر في اشتراك الوجود

يعطي اشْتراكُهُ صُلوحَ المُقْسـمِ
 

 

كذلك اتّحادُ معنى العَدَمِ
 

وأنّهُ ليسَ اعتقادُهُ ارتَفَعْ
 

 

إذا التَّعيُّنُ اعتقادُهُ امتَنَعْ
 

وأن كُلاً آيةُ الجليلِ
 

 

وَخَصْمُنا قَدْ قالَ بالتَّعْـطيلِ
 

مِمّا بهِ أَيَّـدَ الادِّعاءا
 

 

أنْ جَعلهُ قافيةً إيْطـاءا
 


 

 [3]

غرر في اشتراك الوجود(1)

هذه المسألة أيضا من أمهات(2) المسائل الحكمية، ومنها يستنبط(3) حقيقة مذهب الفهلويين الذي سيجي‏ء ذكره، فإنه إذا كان مفهوم الوجود مشتركاً فيه لجميع الأشياء ومعلوم أن مفهوماً واحداً لا يتنزع مـن حقـائق متبايـنة بمـا
 

(1) المراد بالاشتراك: يعني هل الذي قلنا بأصالته مفهومه مشترك أم ليس بمشترك، سواء كان يسمّى ذلك المفهوم وجودا، أو حصولاً، أو غير ذلك من الاسماء، فليس النزاع في الوضع، وإلا لاستدل بصحة السلب أو بالتبادر.

بل النزاع أن الوجود هل هو واحد، وهذه الاشياء مراتبه كالضوء، فإن ]كان[ له مراتب فهو مشترك معنوي، وأن الوجود مختلف، وأن هذا الوجود غير ذلك الوجود، وأن كلاً منهما حقيقة غير الآخر.

(2) كما أن أصالة الوجود كذلك.

(3) أعلم أن القائلين بالتوحيد([60]):

تارة يقولون بتوحيد الوجوب، وأن الواجب هو الله عز وجل  لا غيره، وهذا أغلب الشرائع متفقة عليه. وتارة يقولون بتوحيد الخالقية، بمعنى أن الخالق هو الله عز وجل وحده. والمخالف في ذلك المعتزلة([61]) حيث قالوا: إن العبد أيضاً يخلق، وأنه يصنع هذه الأشياء من قيام وقعود([62])، وكذا الثنوية([63]).

وتارة يقولون بتوحيد الوجود([64])، يعني أن الوجود واحد، بمعنى أن وجود الباري واحد([65])، وهذه الوجودات كلّها وجود الباري، فليس هناك وجود وراء وجود الباري، وهذا مذهب الفهلوي([66]) الذي يذهب إليه المؤلف([67])، وهذا مبني على أن
 

 

هي متباينة لم يكن الوجودات حقائق متباينة، بل مراتب حقيقة(4)
مقولة بالتشكيك، والدليل عليه(5) من وجوه:

 

مفهوم الوجود مشترك معنوي([68])، وإلاّ لو كان مشتركاً لفظياً لما كانت حقائقه متفقة، ولم يكن الوجود واحداً، بل أمور متباينة([69]).

(4) كالضوء فإن له مراتب، وهو مقول بالتشكيك على افراده([70]).

(5) أي على هذا المطلب قيل: أن هذه الأدلة كلها منبهات، لأن المسألة بديهية
لأن كل أحد لا ينكر على أن بين الموجودات شـيئاً مشتركاً، ليس موجوداً بينها
وبين العدم، وذلك الشـيء هو الوجود، فمهوم الوجود واحد، مشترك اشتراكاً معنوياً([71]).

الأول ما أشير إليه بقولنا (يعطي اشتراكه) أي اشتراك الوجود معنى (صلوح المقسم) بأن يقسم الوجود إلى وجود الواجب ووجود الممكن، ووجود الممكن إلى وجود الجوهر ووجود العرض، وهكذا. والمقسم لا بد وأن يكون مشتركاً(6) بين الأقسام.

(6) لأن المقسم هو ضم حصة إلى شـيء، فيحصل قسم، ثمّ ضم حصة أخرى إليه، فيحصل قسم، فحينئذٍ المقسم مفهوم مشترك بين القسمين، فيكون الوجود مفهوماً مشتركاً بين القسمين، وهذا ليس نزاعاً في الوضع حتّى يقال الاستعمال أعم من الحقيقة والمجاز، بل المراد تصوير الجامع، وأن مفهوم الوجود مشترك بين جميع الموجودات.

والثاني ما أشير إليه بقولنا (كذلك) أي يعطي اشتراكه(7) (اتحاد معنى العدم) إذ لا تمايز في العدم والوجود نقيضه ونقيض الواحد واحد(8) وإلا(9) ارتفع النقيضان.

(و) الثالث (أنه ليس اعتقاده) أي اعتقاد الوجود (ارتفع إذا) أي حين (التعين)(10) كالجوهريّة أو العرضيّة، وهو كلفظ الخصوصية(11) في قول صاحب حكمة العين(12) (وإلا لزال(13) اعتقاد الوجود بزوال اعتقاد الخصوصية)
 

(7) أي اشتراك الوجود.

(8) فالوجود واحد؛ لأنه نقيض العدم.

(9) أي وإن لم يكن واحداً أرتفع النقيضان؛ لأنه إذا ثبت الثالث ارتفعا، بل يكونان حينئذٍ ضدين.

(10) أي تعين الوجود بأنه جوهر أو عرض أو واجب([72]).

(11) أي لفظ التعيّن في البيت، كلفظ الخصوصية في كتاب الشيخ الرئيس([73]) في أن معناهما واحد، والمراد بهما واحد.

(12) هو الشيخ الرئيس([74]).

(13) هذا مقول القول، أي وأن لم يكن الوجود مشتركاً معنوياً، لزال اعتقاد
الوجود.

(اعتقاده)(14) مبتدأ خبره (امتنع) والجملة خبر للتعين.تقريره: أنا إذا أقمنا الدليل على أن العالم لا بد له من مؤثر موجود، اعتقدنا وأيقنا بوجود المؤثر، ثم لو حصل لنا التردّد في أنه واجب أو جوهر أو عرض، لم يقدح ذلك التردد في الاعتقاد المذكور.

فإذا اعتقدنا أنه واجب، ثمّ بدل ذلك الاعتقاد باعتقاد أنه ممكـن ارتفع الاعتقاد بأنه واجب، ولا يرتفع الاعتقاد بأنه موجود. فلولا اشتراكه، لارتفع الاعتقاد بكونه موجوداً بارتفاع اعتقاد أنه واجب، والتالي باطل فالمقدّم مثله.

(و) الرابع (أن كلا) من الموجودات الآفاقية(15) والأنفسية(16) (آية الجليل) جل جلاله وعلامته، كما قال في كتابه المجيد [سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ]. وعلامة الشـي‏ء لا تباينه من جميع الوجوه، بل يكون كالفـيء من الشـي‏ء(17). وهـل يكون(18) الظلمة آية النـور والظل آية الحرور(19) فلو لم
 

(14) أي اعتقاد التعيّن.

(15) وهي الاشياء التي ما عدا الأنفس الناطقة.

(16) وهي الاشياء التي لها نفس ناطقة([75])، وهي نفس البشـر والأولياء، وأنفس الأفلاك([76]).

(17) في أنه له سنخية مع الشـيء، وهو أن صورته عين صورة الشـيء، ويدل على الشـيء.

(18) هذا استفهام إنكاري.

(19) أي والليل علامة ]لغروب[ الشمس([77]).

يكن الوجود مشتركاً بين الموجـودات لما كانت آياته تعالى(20).

والحال أن الموجودات بما هي موجودات(21)
آيات له تعالى، مسطورة(22) في كتابه التكويني(23) الآفاقي

 

(20) لأنها لابد وأن تكون بينها وبينه نحو سنخية، وليس لله ماهية حتّى تكون
السنخية بالماهية، فلابد أن تكون السنخية بالوجود، فهي حيث إنه دالة عليه فهي فيها سنخية وهي الوجود.

وهذا الدليل يدل على أصالة الوجود؛ لأنه لو لم يكن أصيلاً لما كان بينها وبينه سنخية؛ لأنه لم يكن وجود في البين حتّى تكون سنخية، ويدل على وحدة الوجود، وأن الوجود واحد، وإلا لم تكن سنخية في البين، ويدل على أن مفهوم الوجود واحد، وذلك لأنه إذا دل على أن حقيقة الوجود واحد، فيكون مفهوم الوجود واحداً؛ لأن الشـيء الواحد ينتزع منه شـيء واحد، وإذا كان مشتركاً أي حقيقة واحدة مشتركة، فالمفهوم المنتزع أيضاً مشترك.

(21) أما بما انها ماهيات فلا تدل عليه؛ لأنه ليس له تعالى ماهية.

(22) هذه فائدة استطرادية وقعت، وإلا فالدليل تام.

(23) كل شـيء له أربعة وجودات([78]):

وجود لفظي، ووجود كتبي، ووجود ذهني، ووجود واقعي([79]).

فإذا عرفت هذا فنقول: القرآن له أيضاً أربعة وجودات، الأول لفظي وهو حال النطق به، وكتبي وهو المكتوب، وذهني وهو المعاني المفهومة منه وهو نفس محمدصلى الله عليه واله وسلم  وكذا كل مؤلف فإن وجوده الواقعي نفس مؤلفه.

فالقرآن المجيد وجوده الواقعي نفس محمدصلى الله عليه واله وسلم : التي في العقل الاول([80])، وهي
 

 

وكتابه التكويني الأنفـسي(24) كما ذكر في مواضع(25)
من كتابه التدويني(26) الموافق لهما(27)

 

ما اشتملت على كل شـيء، لأنها خلق منها كل شيء.

قال: (أول ما خلق نوري، ثمّ خلق من نوري جميع الأشياء)([81]) نور محمد صلى الله عليه واله وسلم  ونفسه، كان كل شيء موجود فيه، وإليه اشار [وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ]([82]) يريد نفس محمدصلى الله عليه واله وسلم ([83]) كذا ذكره الاستاذ السيد حسن. وقوله التكويني ]اي[ الواقعي.

(24) الذي هو مشتمل على أحوال النفوس، قيل والكتاب الآفاقي موجود في كتابه الأنفسـي؛ لأن الأنفس الناطقة فيها أولياء، وهم عالمون بالآفاق، فإذا كتب عنهم لابد أن يكتب عن أحوالهم وعن علومهم، وعلمهم حضوري، فيكتب نفس الأشياء في الكتاب الانفسـي.

(25) حيث قال [تعالى]: [وَلا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ]([84]).

(26) وهو المكتوب.

(27) أي التدويني، والموافق للكتاب الآفاقي والأنفسـي، إذ هو يحكي عنهما وإلا لزم فيه الكذب، وهو كتاب كريم لا ريب فيه.

 

موافقة الوجود الكتبي واللفظي للوجود الذهني والعيني(28).

(و) الخامس ان (خصمنا) كأبي الحسن الأشعري(29) وأبي الحسين
البصـري وكثير من معاصـرينا(30) من غير أهل النظر، النافين
للاشتراك المعنوي، حذراً من المشابهة والسنخية(31) بين العلّة والمعلول

 

(28) أي الخارجي.

(29) بعض الخصم([85]) له من يقول بنفي الاشتراك المعنوي بين كل الموجودات،
وبعضهم من يقول بنفي الاشتراك بين الموجودات الممكنة، وبين الواجب، وأما الوجود بين الممكنات فمشترك معنوي.

(30) كالشيخ أحمد الإحسائي([86])، وصاحب الفصول([87]).

(31) هذا عطف تفسير، والمراد بالسنخية هي ان المعلول يشتمل على امر موجود في العلة، وذلك الأمر هو الذي افيض من العلة على المعلول، فجملة من القوم أنكروا هذا المطلب، وقالوا: لو كان هناك سنخية بين المعلول والعلة ومشابهة، لزم أن يكون بين الله عز وجل وبين معلولاته مشابهة، والحال أنه يقول:[لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ]([88]) وكذا يستفاد من الرواية عن الرضا  عليه السلام  : (أنا نشترك مع الله عز وجل في الاسم فقط)([89]) بمعنى يطلق على إنسان رحيم، ويطلق عليه رحيم فلو قالوا بالاشتراك المعنوي في الوجود، لزمهم القول بالسنخية والمشابهة بين الله عز وجل ومعلولاته، ففراراً عن هذا قالوا ليس هناك اشتراك([90]).

لكن التحقيق وجوب السنخية بين العلة والمعلول، وذلك لدليلين:

أحدهما: لزوم الترجيح بلا مرجح، إذ أنه لم يكن بين هذا المعلول مع تلك العلة مناسبة، بل نسبة المعلول إليها كنسبته إلى شـيء آخر، فجعل هذا علة دون ذاك، يلزمه الترجيح بلا من مرجح([91]).

الثاني: إن فاقد الشـيء لا يعطيه، فلابد أن تكون العلّة لها شـيء تعطيه للمعلول، فإذا كان كذلك فالمعلول مشارك لها في ذلك الـشيء، مشابه لها في ذلك، وهذا هو معنى السنخيّة.

 

والحال أن السنخية كسنخية الشي‏ء والفي‏ء(32) من شـرائط العلية والمعلولية (قد قال بالتعطيل)(33) أي عن معرفة ذاته تعالى وصفاته.

لأنا إذا قلنا إنه موجود، وفهمنا منه ذلك المفهوم البديهي الواحد في
جميع المصاديق(34) وإن كان بعض مصاديقه(35) فوق ما لا يتناهى(36)

 

وفيه: أن القدرة على ايجاد الشـيء كافية في العلّية، فإن المتكلم يوجد الكلام ولم يكن عنده، والشخص يوجد العدم، كالشمر يوجد عدم الروح عن الحسين  عليه السلام   مع أنه لا سنخية ولا وجدان.

وأما ]ما[ استدل به الخصم من الآية فمردود، بأن المراد بالمثل هو المماثل،
والمماثل غير المشابه؛ لأن المماثل هو الذي يكون مشابهاً للشيء من جميع الوجوه والمعلول لا يشترط فيه أن يكون مشابهاً للشـيء من جميع الوجوه، والسنخية بيننا وبين الله عز وجل هي الوجود.

وأما الخبر فالجواب عنه: أن المراد بالاسم هو المفهوم، ونظيره قوله  عليه السلام  : (من عبد الاسم فقد كفر)([92])، أي من عبد مفهوم الاسم، فيكون الخبر دليلاً لنا لا علينا.

(32) أي كمشابهة الشـيء وظلّه.

(33) هذا هو الدليل الخامس، والكلام الذي تقدّم عليه كان استطرادياً، وقوله (بالتعطيل) أي بتعطيل العقول عن معرفة ذاته، وهذا باطل؛ لأنه يلزم عبثية أرسال الرسل، والأمر بمعرفة الله عز وجل والتصديق بوجوده.

(34) هذا صفة للمفهوم، أي الواحد الغير المتعدد، الموجود في جميع المصاديق.

(35) أي مصاديق هذا المفهوم.

(36) قبل الخوض في هذه العبارة لابد لنا من ذكر أمور:

أحدها: إنّ العلة فوق المعلول، وليس المراد الفوقية الحسّية، بل المعنوية وهي علو المنزلة، فالله فوق العقل الأول.

الثاني: إنّ عدم التناهي شدة، هو عبارة أن تكون الماهية صـرفة، أي مشتملة على جميع المراتب لها، كالله عز وجل مشتمل على جميع مراتب الوجود، وإلا فمتى فقدت الماهية أحدى المراتب لم تكن صـرفة، بل مركّبة من عدم تلك المرتبة مع باقي المراتب، وعدم التناهي في الشدة لا يوجد إلا في الله عز وجل ، وأما باقي الاشياء فلم يوجد فيها عدم التناهي بحسب الشدة، والعقل الأول ليس ما لامتناهياً بحسب الشدة؛ لأنه غير مشتمل على مراتب الوجود بأجمعها؛ لأن منها وجوب الوجود، وهو غير مشتمل عليها.

الثالث: إنّ عدم التناهي بحسب المدة([93])، هو أن يكون هذا الشـيء موجوداً في جميع الأزمنة كالله عز وجل ، فإنه موجود في جميع الأزمنة.

وأعلم أن اطلاقهم أن الله عز وجل غير متناهٍ بحسب المدة لا يخلو من تسامح؛ لأن الله عز وجل ليس له زمان([94])، وكذا العقل الأول غير متناهٍ بحسب الزمان؛ لأن الله عز وجل - حسب مدعى الحكماء - علّة تامة لوجود العقل الأول، فهو قديم كالله عز وجل .

الرابع: إنّ عدم التناهي بحسب العدة، هو أن آثاره لا تتناهى، ولا شك إن الله عز وجل أثره العقل الأول، وهو حقيقة منبسطة مالئة للكون، غير متناهية وكذا العقل الأول غير متناهٍ؛ لأن الآثار التي تصدر منه لا تقف عند حدّ محدود كما سيجيء.

 

بما لا يتناهى(37) عدة ومدة(38) وشدة(39)
وغيره(40) كان محدوداً(41) وفي عين محدوديته(42)

 

الخامس: إن الله عز وجل ليس بما أنه غير متناهٍ بحسب المدة والعدة فوق العقل الأول؛ لأنه يلزم - إذا كان غير متناهٍ باعتبار كونه فوق العقل الأول علة وعلو - أن يكون له زمان غير متناهٍ قبل العقل الأول، وعلى رأي الحكماء أن العقل الأول ليس وجوده متأخر عن وجود المبدأ الفياض، بل قديم مثله. وأن يكون له آثار متقدمة على العقل الأول؛ لأنه فرضناه سابقاً عليه بحسب العدة، والحال أنهم فرضوا أنه لا آثار متقدّمة قبل العقل الأول([95]).

فإذا عرفت هذا، فحينئذٍ الله عز وجل فوق العقل الأول الذي لا يتناهى مدة وعدة، كما أن الله عز وجل لا يتناهى شدة.

(37) هذا راجع إلى الفوق، أي كما لا يتناهى ذلك، وبعض النسخ تكون بالباء، وحينئذٍ فهو متعلق بفوق، والباء للملابسة.

(38) وهذان تميزان للذي لا يتناهى للفوقي، لما ذكرناه في الأمر الخامس([96]).

(39) كان تميزاً للذي لا يتناهى الفوقي، بناء على ما قررناه في الأمر الثاني، ولكن المصنف عدل عن هذا الرأي([97])، ورغم أنه أيضاً غير متناهي بحسب الشدة؛ لأنه مجرد، والمجردات تتعاكس أنوارها، فالعقل الأول جامع لكل أنوار الوجود، فهو غير متناه.

ويشكل عليه بأنه: من جملة مراتب الوجود وجوب الوجود، وليس العقل الأول مُشْتَمِلاً عليها.

(40) أي وغير ذلك البعض من مصاديقه.

(41) لأنه عبارة عن وجود محدود.

(42) أي في حين محدوديته، وبعبارة أخرى وفي نفس محدوديته.

 

ظلاً وفيئاً(43) لا أصلاً وشيئاً(44)فقد جاء الاشتراك(45).

وهؤلاء يفرون منه ومن لوازمه(46) فرار المزكوم من رائحة المسك.

وإن لم نحمل(47) على ذلك المفهوم، بل على أنه مصداق لمقابل تلك الطبيعة ونقيضها، ونقيض الوجود هو العدم، لزم تعطيل العالم عن المبدأ الموجود، نعوذ بالله منه. وإن لم نفهم(48) شيئاً، فقد عطّلنا عقلنا عن المعرفة.

وكذا إذا قلنا(49) إنه ذات مذوّت الذوات(50) وإنه شـي‏ء مشـيّ‏ء الأشياء،
فإما أن نفهم اللاذات واللاشـي‏ء، تعالى عما يقول الظالمون علواً كبيرا،

 

(43) اطلق عنه المخلوقات الظليّة والفيئيّة، لوجود هذا الاطلاق في بعض الأخبار([98])، كما ذكر ذلك الاستاذ، وهو اطلاق مجازي، كما أن الظل مرتبة ضعيفة من الشـيء، كذلك نحن مرتبة ضعيفة من الوجود.

(44) بنفسه ليس متأصلاً بالوجود بحيث يكون موجوداً بنفسه. وقوله (وشيئاً) موجوداً بنفسه ]فأن[ المراد بالشـيء هو المقرر الثابت في الخارج، مستقلاً عن الوجود،
لا حصـر بمصطلح المتكلمين([99]).

(45) لأنهم قالوا بوجود مفهوم مشترك في المقام.

(46) أي لوازم القول بالاشتراك، وهي وحدة الوجود والسنخية وغيرها.

(47) أي وأن لم نحمل على ذلك المصداق وهو الله عز وجل المفهوم من الوجود، نحمل الوجود على الله عز وجل في قولنا (أنه موجود) بالمعنى المتعارف، فيكون المفهوم مفعول مجمل واسم اشارة، اشارة للمصداق المعدّ، الذي هو قول ما لا يتناهى.

(48) من الوجود عند حمله عليه، فقد عطلنا عقولنا عن معرفته، ويكون عبث أمر الأنبياء لنا، والتصديق بوجوده، وتفسير الأئمة لنا بعض صفاته.

(49) والحاصل أن المصنف أشار أن النزاع جاري في الوجود، وغيره من الأمور التي تطلق عليه وعلينا.

 (50) أي صانع الذوات.

وإما أن نعطّل(51) ومثله القول في الصفات، فإنا إذا قلنا إنه عالم أو يا عالم، بعنوان إجراء أسمائه الحسنى(52) في الأدعية والأوراد، إما أن يعني من ينكشف لديه الشـي‏ء، فقد جاء الاشتراك ولوازمه(53) أو لا، فقد جاء المحذورات الآخر. فعطلوا العقول(54) عن المعارف، والأذكار إلا عن مجرد لقلقة اللسان.

وبالجملة جميع ما سمعنا عن كثير من المعاصـرين مغالطة من باب اشتباه المفهوم بالمصداق(55).

والسادس([100]) ما أشير إليه بقولنا (مما به أيد الادعاء) أي دعوى الاشتراك المعنوي، ما نقله الفخر الرازي في شـرحه للإشارات عن القوم.

وهو (أن) مخفّفة عن المثقّلة (جعله) أي جعل الوجود (قافية) لأبيات (إيطاء) وهو تكرار القافية المعيب عند البلغاء، فدلّ على أن له معنى واحداً، ولو كان مشتركاً لفظياً لم يلزم من الجعل المذكور إيطاء، كما لو جعل لفظ العين قوافي الأبيات، بل ينبغي أن يحكم بالتحسين لأنه يصيّرها من باب تجنيس القافية المعدود من المحسنات البديعية.

(51) عقولنا وهو باطل، وأما أن نفهم منه ما كنا نفهمه عند اطلاقه على غيره، وهو المطلوب لنا.

(52) أي عند خطابه بها بأن نقول: ياعالم لا في صورة الاخبار، كما نقول هو العالم.

(53) وهي السنخية والوحدة.

(54) هذا بيان للمحذورات الأخر.

(55) فأفهم لماذا المصاديق متغايرة، تخيلوا أن مفهوم الوجود متغاير فيها، حيث يدعون أن وجوده غير وجودنا، فالذي يفهم من اطلاق الوجود عليه غير الذي يفهم من اطلاق الوجود علينا([101])، فأن هذا النزاع ليس جاري في الوجود فقط، بل في كل من الأسماء والصفات المشتركة بيننا وبينه.


 

 [4]

غرر في زيادة الوجود على الماهية

إنّ الوجودَ عارضُ الماهـيّةْ
 

 

تَصَوُّراً واتحدا هُوِيَّـةْ
 

لِصِحّةِ السَّلبِ على الكونِ فَقَـطْ
 

 

ولافتقارِ حَمْلِهِ إلى الوَسَطْ
 

وَلانْفِكاكٍ مِنْـهُ في التعقُّـلِ
 

 

ولاِتّحادِ الكُـلّ والتَّسلْسُلِ
 

والفردُ كالمُطْلقِ مِنْـهُ والحُصَصْ
 

 

زِيْـدَ عَلَيْها مُطْلَقاً عَمَّ وَخَصْ
 


 

 [4]

غرر في زيادة الوجود على الماهية

خلافا للأشعري، حيث يقول بعينيته لها ذهناً،
بمعنى أن المفهوم من أحدهما(1) عين المفهوم من الآخر،

 

(1) يعني أن المفهوم من الإنسان عين مفهوم وجوده، وهي الحيوانية الناطقة. واعلم أنه على القول بزيادة الوجود على الماهية([102])، تحصل عندنا فائدتان:

الأولى: أنه يندفع الإشكال على القاعدة الفرعية، وهي أن ثبوت شـيء لشـيء فرع لثبوت المثبت له. وحاصل الإشكال: أن هذه القاعدة في الهليّة المركّبة جارية، وأما في الهليّة البسيطة فليست جارية؛ لأن الموضوع فيها أن كان ثابتاً بالثبوت الأول لزم تقدم الشـيء على نفسه، وإن كان بثبوت آخر فتكون تنحل منه قضية بسيطة، ويجيء عين هذا الكلام. ولدفع هذا الإشكال أجوبة متعددة سيجيء ان شاء الله، ومن هنا يمكن أن يكون جواباً عن هذا الإشكال وأن نقول أن الوجود زائد على الماهية، وعارض لها في الذهن([103])، فيكون الموضوع في البسيطة موطنه الذهن لا الخارج؛ لأن التحليل إنما يكون في الذهن لا في الخارج، وهذا ثابت في موطنه، والوجود أثبت له.

والثانية: أن بعدما اثبت أن الوجود عارض الماهية، اندفع ما يقال لِمَ خلق الله عز وجل الحمار حماراً، وهذا ظلم للحمار، ولِمَ جعل الشقي شقي، وجَعله ظلمٌ، وإنما اندفع هذا؛ لأنه بعدما ثبتت زيادة الوجود على الماهية، فالله عز وجل عَلِمَ بهذه الماهيات قدماً وأزلاً من الأبد، وليس علمه حادث، فهي في علم الله عز وجل ثابتة وكل منها طالب للوجود من الله عز وجل ومعنى طلبه استحقاقه للوجود، فالله عز وجل ان يفيض عليه الوجود حيث هو يطلبه، وهو العدل، وهذا معنى ملأ عدله كل شـيء.

لأن المحققين(2) من الحكماء قالوا بزيادته عليها في الذهن لا في العين(3) بل ولا

في حاق الذهن(4) بل تحليـل وتعمل(5) من العقل، فإن الكون في الذهن(6) أيضاً وجود ذهني، كما أن الكون في الخارج وجود خارجي.

لكن العقل من شأنه أن يلاحظها وحدها، من غير ملاحظة شـي‏ء من الوجودين، بنحو عدم الاعتبار(7) لا اعتبار العدم.

وبعبارة أخرى بعد التعمل الشديد في تخلية الماهية عن مطلق
الوجود ليست الماهـية بالحمل الأولي(8) الـذاتي وجودا

 

(2) هذا تعليل إلى جعل النزاع([104]) في زيادة الوجود على الماهية في الذهن، لا في الخارج.

(3) هنا ما نافية، أي لا في العين، أي لا في الخارج.

(4) أي نفس الذهن، فإن الوجود الذهني متحد مع الماهية.

(5) أي عمل من العقل بأن يقول العقل: هذا الوجود وهذه الماهية، وإن كانت الماهية في هذه الصورة أيضاً موجودةً، فالماهية لها وجود في مرتبة التحليل، منفكة عن الوجود.

(6) هذا تعليل إلى أن زيادة الوجود ليس في حاق الذهن، وأن هي تكون عند التعمّل، لقوله الوجودين الذهني والخارجي.

(7) أي يلاحظ الماهية من غير ملاحظة الوجود معها، بل منفكّة عنه على نحو عدم اعتبار الوجود معها، بأن يلاحظها بنفسها، لا أنّه يلاحظها، ويعتبر عدم الوجوب معها، فأنه حينئذٍ تكون معدومة، لا أنها موجودة([105]).

(8) أي ليست الماهية في مقام التحليل، وإلا فهي اخصّ كهوية، والحمل الاولي حمل شـيء على شـيء متحدين مفهوماً، أي بعد التحليل ليس حمل الوجود عليها حملاً أولياً، بل من قبيل حمل العارض على المعروض.

وإن كانت بالحمل(9) الشائع الصناعي(10) وجودا.

وكذا التخلية(11) والتجريد. (إن الوجود عارض الماهية)(12)
عروضاً ذهنياً، يكفيه نفس شيئية الماهية، لا خارجياً(13) مقتضياً(14)
لوجود المعروض سابقاً (تصورا واتحدا هوية)(15) في الواقع. ثمّ
أشـرنا إلى أدلة أربعة على العروض. الأول قولنا (لصحة السلب)(16)

 

(9) أي وإن كانت الماهية.

(10) وهو حمل شـيء على شـيء مع الاتحاد في الخارج، والتغاير في المفهوم، والوجود هو متحد مع الماهية في الخارج، وأن كانا متغايرين في عالم الذهن، كحمل الجزء على الكل كـ(الإنسان حيوان)، والعارض على المعروض كقولنا (الانسان ضاحك).

(11) في أنها بعد التعمّل بالحمل الأولي، الماهية عند ]التفكر[ خالية عن الوجود، وبالحمل الشائع الماهية غير خالية عن الوجود، بل هي متحلّية به، وكذا بالحمل الأولي الماهية مجردة عن الوجود، وبالحمل الشائع الماهية مختلطة به، فهي بالحمل الأولي متخلية ومتجردة عن الوجود، وبالحمل الشائع غير متخلية وغير مجردة عن الوجود([106]).

(12) ولا يشترط وجودها، بخلاف المعقولات الثانية، فإنه يشترط في عروضها للماهيات في الذهن وجود الماهية، ولا يكفيه شيئية الماهية ونفس الماهية.

(13) أي لا عروضاً خارجياً، أي في الخارج.

(14) ذلك العروض الخارج، لوجود المعروض وهو الماهية، سابقاً ذلك الوجود على وجود العارض، وهو الوجود، كعروض السواد للماهية، فإنه عارض يقتضـي سابقية الماهية على السواد؛ لأنه عرض له خارجاً.

(15) أي ذاتاً في الواقع، وإن كان التعمّل يجعل كلاً على حدة.

(16) بأن يقال ماهية الإنسان الموجودة في العقل، وفي مقام التعمّل، ليست وجوداً.

المعهودة(17) بين القوم بجعل الإضافة واللام للعهد (على الكـون فقط)(18) أي يصح سلب الوجود عن الماهية ولا يصح سلبها(19) عن نفسها، ولا سلب ذاتياتها عنها(20). فليس عينا(21) ولا جزء لها(22). (و) الثاني قولنا (لافتقار
 

(17) وهي سلب اللفظ بمعناه المرتكز في الذهن أجمالاً عن معنىً.

(18) أي في الكون، بأن يكون الكون يصح سلبه عن الماهية.

(19) أي سلب الماهية عن نفسها، فهي ليست عين الوجود.

(20) لا يقال الإنسان ليس حيوان، فهو ليست جزء منها.

(21) كالاشعري([107]).

(22) خلافاً لبهمنيار([108]) واشكل على هذا الدليل بان صحة السلب، أن كان المراد به سلب الحمل الأولي، فهذا لا يثبت إلا أن العينية منتفية دون الجزئية؛ لأن حمل الجزء على الكل حملاً شائعاً صناعياً، وان اراد سلب الحمل الشائع الصناعي، فهو غير صحيح، لأنه يحمل عليه حملاً شائعاً صناعياً.

وأجيب: بأنه الحمل الشائع على قسمين:

الأول: حمل الجزء على الكل، كحمل الحيوان على الإنسان.

والثاني: حمل العارض على المعروض، كحمل الضاحك على الإنسـان وهو أراد سلب الحمل الأولي، والحمل الشائع الصناعي، الذي هو حمل الجزء على الكل، والوجود يحمل على الماهية، من قبيل حمل العارض على المعروض.

حمله)(23) أي حمل الوجود على الماهية (إلى الوسط)(24) أي ما يقرن(25) بقولنا، لأنه كما عرّفه الشيخ(26).

فقولنا العقل موجود مفتقر إلى الدليل. وحمل الماهية وذاتياتها غير مفتقر إليه، لأن ذاتي الشـي‏ء بين الثبوت له(27). فليس عيناً(28) ولا جزء لها (و)
 الثالث قولنا (لانفكاك) للماهية(29) - والتنكير(30) للنوعية(31) إشارة إلى

 

والعبارة الجامعة لكلا القسمين السابقين بأن يقال: صحة سلب الوجود عن الماهية من حيث هي، فحينئذٍ تنتفي العينية، وتنتفي الجزئية، ولا تنتفي العارضية؛ لأنا قلنا من حيث هي، نعم لو قلنا من حيث العروض لانتفت العارضية.

فالحاصل أن العبارة تنفي صحة حمل الوجود على نحو العينية والجزئية، وليس تنفيه على نحو العارضية، بل يحمل عليها على نحو حمل العارض على المعروض.

(23) حاصله: لو قلنا بأن الوجود عين الماهية، فإذا قلنا أن هذا الشـيء ماهيته كذا، ينبغي أن تقول أنه موجود؛ لأن ماهيته عين وجوده، فالقول بها قول بوجوده، وكذا لو كان جزءاً، فالقول بها قول بوجوده، لاستحالة وجود الكل بدون جزئه، والحال أنا نقول بالماهية وتختلف في اتصافها بالوجود، كما في العقل، فأنا نقول: بأن ماهيته جوهر بسيط مجرد، غير مقارن في فعله وذاته للمادة، مع أنهم اختلفوا في وجوده، مع الاتفاق على أن ماهيته ما ذكرناه.

(24) أي واسطة في الاثبات.

(25) كقولنا العالم حادث؛ لأنه متغير، زيد محموم؛ لأنه متعفن الاخلاط.

(26) بأن الوسط ما يقارن قولنا لأنه([109]).

(27) كالحيوانية والناطقية.

(28) أي الوجود ليس عيناً للماهية.

(29) عن الوجود.

(30) أي تنكير الأنفكاك.

(31) أي اشارة إلى نوع من الانفكاك، وهو الذي في العقل، لا الانفكاك الخارجي.

 

التحليل والتعمّل المذكورين-  (منه) أي من الوجود (في التعّقل) أي نعقل الماهية، كماهية المثلث(32) ونغفل عن وجودها الخارجي والذهني،
وغير المغفول(33) غير المغفول(34). فثبت زيادته عليها. (و) الرابع
قولنا(35) (لاتحاد الكل)(36) أي للزوم اتحاد كل الماهيات لو كان
الوجود عيناً لها، لأنه معنى(37) واحد، فيكون حمل الوجود
عليها وحمل بعضها على بعض حملاً أولياً- لأن الكلام في
العينية والمغايرة بحسب المفهـوم(38)- واللازم باطل(39)
بالضـرورة.

(32) فإنها بالاتفاق توجد في العقل، وكذا كل جسم تعليمي كالمربع، بخلاف ماهية الإنسان، فإنهم اختلفوا في وجودها في الذهن.

(33) كالماهية.

(34) أي مغاير للمغفول عنه كالوجود.

(35) هذا الدليل الرابع مشتمل على محذورين:

الأول: مترتب على القول بالعينية.

والثاني: مترتب على القول بالجزئية.

(36) هذا هو المحذور الذي يترتب على كون الوجود عين الماهية.

(37) أي لأن الوجود معنى واحد مشترك بين الماهيات، كما تقدّم البرهان
عليه([110]).

(38) ودعواكم أن الماهية ]عين[ الوجود([111])، وهو مشترك بينها، فتكون الماهيات متحدة بالمفهوم، فيلزم حمل بعضها على بعضها حملاً أولياً.

(39) أي حمل الوجود عليها، وحمل بعضها على بعضها حملاً أولياً، الذي هو عبارة عن أتحاد الكل في المفهوم.

وعلى هـذا التقرير(40) لا يمكن التزام هذا اللازم(41)
بناء على ما نسب(42) إلى جماعة من الصوفية من وحدة الوجود،

 

(40) هذه العبارة ذكرها المصنف، لدفع اشكال صاحب الشوارق على هذا الدليل([112])، وحاصل اشكاله: أن الالتزام باتحاد الكل غير باطل، بل قالوا به كما نسب إلى جماعة من الصوفية([113]) وحدة الوجود، بل هو الظاهر من كلام صاحب الأسفار في البحث عن العلة والمعلول([114])، ومن كلام المصنف في كتابه أسـرار الحكم([115]).

وقد أجاب صاحب المواقف([116]) عن هذا الدليل: بأن وحدة الوجود طوراً وراء طور العقل، ليس العقل يمكنه أدراكها إلاّ بالعلم الحضوري وبالمجاهدات النفسانية، فنحن ابناء الدليل وليست وحدة الوجود مما تثبت بالدليل، فهي باطلة. وحاصل دفع المصنف لأشكال صاحب الشوارق: أن ما نسب إلى الصوفية هو وحدة الوجود الحقيقي ومصداق الوجود، ونحن كلامنا في المفاهيم، هل هي متحدة أو غير متحدة،
وهم (الصوفية) قائلون باختلاف المفاهيم وعدم اتحادها، فأصلاً هذا الأشكال غير وارد.

(41) أي اتحاد كل المفاهيم([117]).

(42) أي ولو بنينا على ما نسب.

كما في الشوارق(43) لأن ما قالوا(44) في مقام وجودها الحقيقي، وأما في مقام شيئيات الماهيات والمفاهيم(45) فلا يمكنهم(46) التزام الاتحاد.

(و) لـزوم (التسلسـل)(47) لو كان الوجود جزء للماهية بيان اللزوم أنه على هذا كان لها(48) جزء آخر موجود، لامتناع تقوّم الموجود(49) بالمعدوم، فيلزم أن يكون الوجود على هذا التقدير جزءاً للجزء، وهكذا، فيلزم ذهاب أجزاء الماهية إلى غير النهاية فيمتنع تعقل ماهية من الماهيات بالكنه(50).

وهو باطل، لأنا نتصور كثيراً(51) من الماهيات بجميع ذاتياتها الأولية(52)

 

(43) أن هذا الدليل لا يتم على هذا البناء، فهذه العبارة رجعت للمنفي لا للنفي([118]).

(44) اي الصوفية([119]).

(45) عطف تفسير على شيئّيات الماهية.

(46) أي فلا يمكن للصوفية الالتزام باتحاد المفاهيم، لانا نجد بالوجدان مفهوم هذه الماهية غير مفهوم تلك الماهية.

(47) هذا هو محذور الجزئية.

(48) أي للماهية جزء آخر موجود غير الوجود.

(49) هذا تعليل إلى كون الجزء الآخر موجود، وإنما كان ممتنعاً لاستحالة كون العدم فصلاً؛ لأن الوجود هو كان مشتركاً، فلا يصح فيه الفصلية؛ لأن ما به الاشتراك لا يكون به الامتياز، فلابد أن يكون شـيء به الامتياز، والعدم لا يكون به الامتياز([120]).

(50) لأنه يلزم حضور ما لا نهاية له في الذهن.

(51) كالمثلث والماهيات الاصطلاحية والاعتبارية.

(52) وهي جنسها وفصلها، والذاتيات الثانوية هي جنس الجنس وفصله، كالإنسان على القول بأن حقيقته حيوان ناطق، فالحيوان ذاتي أولي، وكذا الناطق، والجسم الحساس المتحرك بالإرادة ذاتيات ثانوية.

والثانوية وإنكار ذلك مكابرة. وكون هذا تسلسلاً(53) إن كانت هذه الأجزاء المترتبة(54) خارجية(55) ظاهر، وأما إن كانت أجزاء عقلية، فلأنها متحدة
في الوجود(56) لا في مقام تجوهر ذواتها(57) فهي متمايزة بحسب نفس
الأمر(58).

كيف وهذا ملاك(59) سبقها بالتجوهر؟ هذا على قول القائلين
بأصالة الماهية، وأما على القول بأصالة الوجود، فنقول: اتحادها في الوجود(60)

(53) أي وكون المراد به هاهنا هو ذهاب أجزاء الماهية المترتبة إلى غير النهاية.

(54) في التقدم والتأخر؛ لأن بعضها كلٌ وبعضها جزءٌ، والجزء سابق على الكل، ومن ]هنا[ يظهر أن المراد بالتسلسل هاهنا هو ترتب اجزاء لا تتناهى.

(55) هذا لا يحتمل في المقام؛ لأن كلامنا في مفهومية الوجود أنها جزء من مفهوم الماهية أو لا، فليس الكلام في الوجود الخارجي، بل أنه قلنا إتحدا هوية، ولكن هذا مجاراة للخصم، وجميع ما يحتمل يذكر في رده.

(56) كالحيوان والناطق، فإن وجودها واحد.

(57) أي جوهرية ذاتهما، أي في ذاتها ونفسها في الحيوان والناطق، في ذاتهما يتغايران وفي ذاتهما سابقان على النوع، وكذا في الناطق سابق على الحيوان على القول بأنه علّة له، ولكن في الوجود واحد.

(58) أي في ذاتها.

(59) أي وتمايزها ملاك سبقها على النوع، وسيجيء تحقيق هذا السبق([121])، وإذا كان للماهية بحسب نفس الأمر أجزاء لا تتناهى، أعني كان لها أجزاء عقليـة فيلزم أن لا توجد ماهية بكنهها في الذهن، وهذا باطلٌ، على أن عدم تناهي أجزاء الماهية بحسب نفس الأمر باطل عندهم([122]).

(60) لما كان التسلسل في الاعتباريات ينقطع بانقطاع الاعتبار، فلذا لم يكن باطلاً،
 

ماهيات البسائط الخارجية، وأما في ماهيات المركبات الخارجية فهي(61) عن المواد والصور، والتفاوت بالاعتبار(62).

فإذا كانت(63) غير متناهية، يلزم
 

وحيث إنه على القول بأصالة الوجود فالماهية اعتبارية، وحينئذٍ أجزاءها المفهومية قابلة لان تنقطع بانقطاع الاعتبار، ولكن حيث إن الهيولى والصورة موجود ثاني في الخارج كما سيجيء، وأن كانت الماهية اعتبارية والجنس والفصل منتزعان من الهيولى والصورة، فحينئذٍ إذا كان الوجود جزء من مفهوم الماهية - وحيث إن المفهوم عبارة عن الجنس والفصل- فتكون للماهية أجناس وفصول لا تتناهى، فتكون للماهية هيوليات وصور لا تتناهى، فتكون أجزاء الماهية الخارجية لا تتناهى، وذلك باطل.

ولكن هذا جار في الماهية المركّبة([123]) دون البسيطة؛ لأنه ليس لها هيولى وصورة حتّى يكون لها جنس وفصل مأخوذاً فيهما الوجود، وقوله (فنقول اتحادها) أي إتحاد اجزاء الماهية في الوجود الخارجي، لا أنه يقول بعدمها، كأنياب الاغوال، بل وجودها اتحد مع الوجود.

(61) اي اجزاء للماهية الموجودة في الذهن.

(62) بمعنى أن المادة والصورة اعتبرا بشـرط لا ]الحمل[، والجنس والفصل- اللذان هما أجزاء الماهية الذهنية- اعتبرا لا بشـرط ]الحمل[، ولذا صحّ حمل كل منهما على الآخر، وحملهما على الماهية.

(63) أي الأجزاء الذهنية غير متناهية.

التسلسل(64) لا محالة ولزوم التسلسل في موضع ما يكفي في المحذورية(65) وفي تحقق الطبيعة(66). (والفرد) من الوجود(67) (كالمطلق منه) وهو مفهوم الوجود(68) المطلق (والحصص) وهي نفس المفهوم مضافاً(69) إلى ماهية ماهية(70) بحيث يكون الإضافة(71) داخلة والمضاف إليه خارجاً(72) (زيد عليها) أي على الماهية (مطلقا) تعميم في الفرد (عمّاً وخصّ) أي عاماً وخاصاً- بيان للإطلاق- والمراد بالعموم والخصوص هنا(73) السعة والضيق بحسب الوجود العيني(74) الغير المنافي للفردية.

وهذا كثير(75) الدور على ألسنتنا طبقاً لأهل الذوق، فيطلقون على الوجود
 

(64) في المواد والصور كما بينا([124]).

(65) من جزئية الوجود، ونحن كلامنا عام في جميع الماهيات، لا في بعض دون بعض، والأحكام العقلية لا تخصص.

(66) أي طبيعة التسلسل؛ لأن الطبيعة توجد بوجود فرد منها، وتنتفي بانتفاء جميع أفرادها، وحيث إن هذه الطبيعة على ذلك القول يلزم تحققها؛ وهي مستحيلة الوجود، فيستحيل تحققها.

(67) أعني مصداق الوجود.

(68) الذي هو (هست) في الفارسية.

(69) كوجود الإنسان، ووجود زيد، ووجود الفرس، فهذا الوجود حصة من حصص الوجود.

(70) هذا نظير علمته الحساب باباً باباْ.

(71) أي التقيد داخل، بحيث تكون الحصة هي الوجود المقيّد بكذا.

(72) أي القيد خارج، وهو عبارة عن الماهية المضاف إليها. وبعبارة أخرى أن الوجود المقيّد هو الحصة من مطلق، لا الوجود مع الماهية هو الحصة.

(73) في الفرد.

(74) أي المتعين أي الوجود الفردي.

(75) أي وعموم فردية الوجود وخصوصها كثير... الخ.

الحقيقي(76) الممتنع الصدق على كثيرين لفظ الكلي والعام والمطلق،ويعنون المحيط الواسع(77) وعلى نحو(78) من الوجود الحقيقي لفظ الخاص والمقيّد والجزئي، ويعنون المحدود المحاط(79).

ومن هذا القبيل(80) إطلاق الإشـراقيين لفظ الكلي على رب
النوع(81).

والمقصود(82) أن هاهنا ثلاثة أشياء كل منها مغاير للماهية(83) المفهوم العام البديهي من الوجود، وحصصه وأفراده التي هي(84) حقيقة الوجود(85) المنبسط

(76) أي مصداق الوجود لا مفهومه([125]).

(77) وهو وجود المبدأ الفياض المالئ عدله كل شـيء.

(78) أي ويطلقون على نحو.

(79) وهو وجود الأشياء الخارجي أو الذهني.

(80) أ ي ومن قبيل أطلاق الكلي على الفرد الواسع المحيط.

(81) أي على عقل النوع، فإنه واسع مع أنه فرد كما سيجيء([126]).

(82) من هذه الابيات.

(83) أي بلفظ المغاير اشارة إلى المراد بالزيادة في الأفراد المغايرة؛ لأن الوجود الحقيقي سنخ يقتضـي الإباء عن العدم، والماهيّة سنخ يقتضـي الإباءة، وليس المراد بزيادة الوجود في الأفراد هنا هو العروض، بل المغايرة، ولكن اتحدا هوية، ويجوز أن نريد بالزيادة في المقام العروض؛ لأنه لمّا كان الوجود المطلق عنوان لهذا الوجود، وصفنا الوجود المعنون بأحكام الوجود العنواني؛ لأن العنوان علّة للحاظ المعنون، جاز وصف المعنون ببعض أحكام العنوان، ومن احكامه العروض، فلذا هذا حكمه العروض.

(84) هذا صفة للأفراد.

(85) وهو الوجود ]الذي يسمّى بالفيض المقدّس، ما يقابل الفيض الاقدس[.

المسمّى بالفيض المقدّس، وأنحاء الوجودات الخاصة(86) التي بها يطرد الأعدام عن الماهيات. والأولان كما هما(87)زائدان على الماهية(88) كذلك زائدان على الثالث، وليسا ذاتيين له. إنما الذاتي هو المفهوم العام(89) للحصص. والأشاعرة في المقامات الثلاثة يقولون بالعينية، أي ليس هاهنا وجود عام، ولا حصص منه، ولا أفراد له، سوى الماهيات المتخالفة(90).

(86) وهي وجوداتنا.

(87) هذا مطلب خارج عن المقام تعرض إليه استطراداً. وقوله (والأولان) وهما الوجود المطلق وحصته.

(88) أي مفهوم الوجود وحصته عارضان للفرد.

(89) يريد أن المفهوم العام ذاتي للحصص من الوجود؛ لأن الحصص مركّبة من شيئين: مفهوم الوجود والتقيّد، فمفهوم الوجود ذاتي للحصص.

(90) كالفرس والبقر والإنسان.


 

 [5]

غرر في أن الحق تعالى إنيّة صرفة

وَالحَقُّ ماهِيَّتُـهُ إنِّيَّتُـهْ  
 

 

إذْ مقتضى العُرُوضِ مَعْلُوْلِيَّتُهْ
 

فَسابِقٌ مَعْ لاحِقٍ قَدِ اتّحَـدْ
 

 

أوْ لَمْ تَصِلْ سِلْسِلَةُ الكَونِ لِحَـدْ
 


 

 [5]

غرر في أن الحق تعالى إنية صرفة

(والحق) تعالى شأنه، قال المعلم الثاني: (يقال حق للقول المطابق(1) للمخبر عنه، إذا طابق القول، ويقال حق للموجود الحاصل بالفعل ويقال حق للموجود الذي لا سبيل للبطلان إليه(2).

والأول تعالى(3) حقٌ من جهة المخبر عنه(4) حقٌ من جهـة الوجود(5) حق من جهة أنه لا سبيل للبطلان إليه. لكنا إذا قلنا(6) إنه حق، فلأنه الواجب
 

(1) بفتح ]الباء[ ذكر المعلم الثاني في فصوص الحكم([127]) أن القول باعتبار مطابقته للواقع يسمّى (صدقاً) وباعتبار مطابقة الواقع له يسمّى (حقاً)([128]).

(2) أي لا سبيل للزوال إليه، أي يتطرّقه العدم، أعني أنه دائم.

(3) أراد الله عز وجل .

(4) بالوجود فيقال: الله عز وجل موجود.

(5) لأن وجوده فعلي.

(6) هذا من كلام المعلم الثاني أعني (الفارابي)([129]) وهذا معنى رابع للحقّ، يختصّ بذاته المقدّسة المتعالية، وأما تلك المعاني فلا تختص به. أما بالمعنى الأول فيطلق على القول، وأما المعنى الثاني فيطلق على وجوداتنا، وأما المعنى الثالث فيطلق على العقل الأول، فإنه على رأيهم قديم غير قابل للزوال، بخلاف هذا المعنى الرابع([130]).

الذي لا يخالطه بطلان وبه يجب وجود كل باطل(7). ألا كل شـيء ما خلا الله‏ باطل)(8)‏.انتهى.

(ماهيته) أي ما به هو هو(9) (إنيته)(10) إضافة الإنّية إليه تعالى إشارة إلى
أن المراد عينيّة وجوده الخاص(11) الذي به موجوديته لا الوجود المطلق

 

(7) أي وجوباً غيرياً.

(8) اشكل على أن هذا لا وجه للاستشهاد به، لأن ما خلا الله عز وجل من جملته العقل الأول. والجواب: أن المراد بالباطل هنا ما قابل الحقّ بالمعنى الرابع، وهو الذي يكون واجباً لا يخالطه باطل([131])، وبه يجب وجود كل باطل.

(9) للماهية تفسيران:

الأول: هو الذي تقدّم في أصالة الوجود، من أنه هو الواقع في جواب ما هو، أي الكلي الطبيعي.

الثاني: هو ما به الشـيء هو هو، وهذا أعم من الأول؛ لأن الأول يصدق
على الكلي الطبيعي فقط، والثاني على الكلي الطبيعي والوجود الصـرف؛ لأن الكلي الطبيعي بكليته الطبيعية كلي، كالإنسان بإنسانيته إنسان، وكذا الوجود بوجوديته وجود، ولكن الوجود لا يقع ماهيته في جواب ما هو، وإلا يلزم وجودها في الذهن.

(10) أي تحققه مأخوذ من (أن) المشبّهة.

(11) أي الحقيقي.

المشترك فيه(12) لأنه زائد في الجميع(13) عند الجميع(14) فهو صـرف(15) النور وبحت الوجود(16) الذي هو عين الوحدة الحقّة(17) والهوية الشخصية(18) (إذ مقتضـى العروض) لو كان وجوده عرضياً لماهيته بأن يكون شيئاً ووجوداً كما أن الممكن ماهية ووجود(19) (معلوليته) أي معلولية الوجود العارض، لأن
كل عرضـي معلّل، حتى إنه عرّف الذاتي بما لا يُعلّل والعرضـي بما
يُعلّل.

فوجوده(20) إما معلول لمعروضه، والعلة متقدّمة بالوجود على المعلول(21) وذلك الوجود الذي هو ملاك التقدّم، إما عين ذلك الوجود المعلول (فسابق) هو وجود المعروض (مع لاحق) هو الوجود العارض(قد اتحد) فيلزم تقدّم
 

(12) بفتح التاء.

(13) أي في جميع الموجودات، لما بينا أن الوجود المطلق - أعني مفهوم الوجود - زائد في جميع الماهيات.

(14) ما عدى الأشاعرة([132]) فإنهم لا يقولون إلاّ بالماهيّات، وليس عندهم هناك وجود.

(15) أي فالذات المقدسة.

(16) أي وصـرف الوجود.

(17) أعلم أن الماهية ذو وحدة؛ لأن الوحدة غير ذاتها، وحيث إن الواجب لا ماهية له- وهو صـرف الوجود- كان عين الوحدة، لا ذو وحدة([133]).

(18) الاضافة بيانية، ولو كان له ماهية لقيل ذي التشخّص.

(19) واتحدا خارجاً، وليس أحدهما عارضاً للآخر في الخارج، نعم في الذهن عارض مفهوم الوجود للماهية.

(20) أي وجود الحقّ تعالى.

(21) لأن فاقد الشـيء لا يعطيه، ولذا كان علّة الماهية ماهية، كلوازم الماهية،
 

 الشـيء(22) على نفسه، وإما غير ذلك الوجود(23) المعلول، فحينئذٍ
ننقل الكـلام إليـه(24) والفرض أن(25) الوجود عارض، وهو
أيضا معلول للمعروض(26) وهكذا(27) وإليه أشـرنا بقولنا (أو لم تصل سلسلة الكون) أي الوجود (لحدّ) أي إلى حدّ فيلزم التسلسل، وإما معلول لغير المعروض(28) فيلزم إمكانه(29) إذ المعلولية(30) للغير ينافي الواجبية(31). وإنما لم نتعرض له(32) لظهور بطلانه، ولك أن تدرجه في النظم(33) لأن ذلك الغير

 

كالزوجية للأربعة، فإن علّتها الماهية، وعلة العدم العدم، فلا بدّ هي متقدمة بوجودها على وجود معلولها، وكلامنا في العلّة هاهنا ما منه لا ما به، فنفس الماهية لا يمكن أن ]تؤثر[ بالوجود، فلا بدّ أن تؤثره وهي موجودة.

(22) الذي هو لازم فاسد لا أفسد منه، وبه بطل الدور.

(23) هذا عطف على قوله: أما عين ذلك الوجود.

(24) أي إلى هذا الوجود الثاني للمعروض.

(25) لأن الكلام إنما هو في رد القائلين بأن وجود ذاته ليس عين ذاته.

(26) لأنه كلامنا مع الخصم، على فرض أن المعروض هو المؤثر والعلة.

(27) أي ننقل الكلام إلى وجود هذا المعروض، فإن كان عين الأول لزم تقدم الشـيء على نفسه، وإن كان غيره لفرض أن المعروض هو المؤثر، فلابد أن يكون موجوداً، وهلم جرا، فيلزم تسلسل الوجودات، وذلك باطل.

(28) هذا عطف على قوله: إما معلول لمعروضه. وقوله (وإما معلول) أي الوجود.

(29) أي إمكان الواجب؛ لأنه كان محتاجاً إلى الغير.

(30) هذا تعليل إلى إمكانه.

(31) ويستدعي الإمكانيّة.

(32) أي وإنما لم نتعرض لهذا الشق الثاني وهو: وإما معلول لغير المعروض.

(33) أي ولك أن تدرج هذا الشق الثاني في النظم، بمعنى ]أن[ نجعل أحد ذينـك اللازمين الباطلين مترتباً على القول بالشق الثاني، كما إن كان احدهما مرتباً على القول بالشق الأول.

إما ممكن فيدور(34) ومفسدة الدور تقدّم الشـيء على نفسه، وإما واجب آخر فيتسلسل(35) لأن الكلام فيه كالكلام في الأول حيث(36) إن عينية الوجود للذات من خواص الواجب(37).

وبيان ذلك أن نقول: (إنّ ذلك الغير) إمّا ممكن فيلزم تقدم الشـيء على نفسه، وذلك لأن الواجب وجوده مستمد من الممكن، فالممكن متقدم على الواجب، والممكن مستمد من الواجب، فالواجب متقدّم على الممكن، فصار الممكن متقدماً على الواجب، والواجب متقدماً على الممكن، فلزم تقدّم الشـيء على نفسه، وصار حينئذٍ السابق وهو الممكن ]متحداً[ مع اللاحق وهو الممكن، وتوقف الشـيء على نفسه([134]).

وإمّا أن يكون واجباً فننقل الكلام إليه، فإن كان بواجب آخر، فأيضاً ننقل الكلام إليه، فتجيء سلسلة الواجبات.

(34) لأن الواجب متوقف عليه، وهو متوقف على الواجب، فيلزم تقدّم الشـيء على نفسه، وقد أشار الى هذا اللازم بقوله: فسابق مع لاحق قد اتحد.

(35) وأشار إلى هذا اللازم بقوله: أو اتصل سلسلة الكون لحد.

(36) هذا تعليل إلى أن الكلام في الثاني، عين الكلام في الأول.

(37) وليس من خواص الذات المقدّسة بخصوصها، بل المدعى العينية، يدعي في كل من وجدت فيه صفة وجوب الوجود، فحينئذٍ أن قلتم بأن واجب الوجود الثاني وجوده عين ذاته، فلم تفصلون، هناك ليس بعينه وهنا عينه، وإن لم تقولوا بأنه عينه يجري الكلام فيه كالأول.

قال الاستاذ السيد حسن (ادام الله علينا فيض علمه): أنّ صدر المتألهين أورد على هذا الدليل([135]): بأن الوجود عارض مفهوماً على الماهية في الذهن، وأما في الخارج فمتحدان، لا أن احدهما عارض على الآخر، ونحن كلامنا في وجود الحقّ الحقيقي والخارجي، هل هو عين ذاته أو لا؟ وهما في الخارج متحدان، فليس أحدهما عارضاً للآخر، فقابل لمنكر أن يقول أنهما متحدان في الخارج كوجود الممكن، فحينئذٍ ليس الوجود عارضاً حتى يقتضـي علّة، وتغايرهما كما في الممكن لا يستدعي العلّية. نعم العروض يستدعي العلية؛ ولكن ليس هنا عروض، فهذا الدليل باطل.

ثمّ قال: قد يتعجب السامع لهذا الدليل من المصنف؛ لأن المصنف شارح للإسفار، وردّ هذا الدليل مذكور فيها في مقامين.

وأجاب الأستاذ: بأن المصنف في حاشيته على الأسفار في الجزء الثاني([136]) أجاب عن رد هذا الدليل: بأنه إذا كان الوجود في ]الذهن[ عارض الماهية، والعقل مرتبة من الواقع فيكون الوجود في الواقع عارض الماهية، فيجيء الإشكال أن العروض يقتضـي العليّة...الخ.

واشكل عليه استاذنا: أن هذا لا يرفع الإشكال؛ لأن كلامنا في الوجود الحقيقي الخارجي لا في المفهوم، وهذا الدليل حينئذٍ ينفي عروض مفهوم الوجود للماهية.

والحقّ أن هذا الدليل غير صحيح، فلابد لنا من الاستدلال بغيره، وهناك أدلة كثيرة([137])، منها أنه لو لم يكن وجوده عين ماهيّته لزم التركّب، وهو من شأن الممكن لا الواجب. وأيضاً لو كان له ماهية، لزم أن يكون وجوده ناقصا؛ لأن الماهية هي تحدد الوجود. وتمنع بسطه.

 

 [6]

غرر في بيان الأقوال في وحدة حقيقة الوجود وكثرتها

الفَهْلَويّـوْنَ الوُجودُ عِنْدَهُـمْ
 

 

حقيقةٌ ذاتُ تَشَكُّكٍ تَعُـمْ
 

مَراتِباً([138]) غِنىً وَفَقْراً تَخْتَـلِفْ
 

 

كالنّورِ حَيْثُمـا تَقَوّى وَضَعُـفْ
 

وعِنْدَ مَشّائِيّـةٍ حَقائِقُ
 

 

تبايَنَتْ وولدي زاهِـقُ
 

لأنّ مَعْنىً واحِـدا لا يُنْتَـزَعْ
 

 

مِمّا لها توحّدٌ ما لَم يَقَعْ
 

كأنّ مِنْ ذوقِ التّألُّـهِ اقْتَنَصْ
 

 

مَنْ قال ما كان لَهُ سِوى الحِصَصْ
 

والحِصّةُ الكُلِّيْ مُقَيَّداً يَجِيْ
 

 

تقيدَ جُزءٍ وقيـدَ خارِجي
 


 

 [6]

غرر في بيان الأقوال في وحدة حقيقة الوجود وكثرتها(1)

(الفهلويون) من الحكماء، والفهلوي معرب البهلوي (الوجود عندهم
 

(1) (في بيان أقوال وعلّة الوجود)

قبل الخوض في بيان هذا المبحث، نحتاج إلى بيان أربع مقدّمات:

الأولى: أنه عندنا وحدة الواجب([139])، ووحدة الخلق، وقد نازع فيها الثنوية([140])، ووحدة الوجود([141]) وقد نوزع فيها.

الثانية: أن بعضهم قال: أن الله عز وجل وجوده غير وجودنا، وهذه وحدة الوجود العامية، ]الذي[ يقول ان الله عز وجل وجوده غير وجودنا، وزعم ملا جلال([142]) بأن الوجود واحد، وذلك أنه أدعى أن الله عز وجل هو المتصف بالوجود، ونحن ليس فينا الوجود، بل يقال لنا موجودين باعتبار نسبتنا إليه، كما يقال (تامر) نسبة للتمر، لا أنه فيه تمر، وهذه يقال لها وحدة الوجود الخاص؛ لأنه قال بها خاصة الناس، وهم بعض العلماء.

وزعم الفهلوييون([143]) - وهم أهل لسان الفرس، وكانوا في زمان المجوس - أن الوجود واحد، والموجود واحد، فهو كالبحر الواحد والنور الواحد، ولهم في هذا القول مشـربان:

الأول: هو مشـرب الفهلويين، وهو أن الوجود والموجود واحد، ولكن كان بينها تفاوت بالشدّة والضعف، والاحتياج وعدمه، كالنور كيف يختلف بالشدة والضعف، والبحر بالحلو والمالح، والصافي والكدر.

والثاني: وهو مشـرب الصوفيين من الوجود واحد، ولا تفاوت بينها، وقالوا هذا لا

حقيقـة ذات) أي صاحبة (تشكك تعم مراتبا) مفعول تعم (غنى وفقرا)(2) على سبيل التمثيل، فكذا شدّة وضعفا(3) وتقدّماً وتأخراً، وغير ذلك(4) (تختلف كالنور). يعني أن النور الحقيقي الذي هو حقيقة الوجود، إذا النور هو الظاهـر

يظهر إلا بالعلم الشهودي، وإلا فالعقل لا مسـرح له هنا، وقد استدلوا ببعض الآيات كقوله تعالى:[اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ]([144])، [هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ]([145])، ولكن حيث إن هذا طور وراء طور العقل لابد لنا من التأويل فيها.

الثالثة: أن الماهيات قد تتفاوت بأنفسها كالأجناس، كالجوهر والكيف، وقد تتفاوت بالأجزاء كالنوع لجنس واحد، وقد تتفاوت بالأعراض والطوارئ كماهية الإنسان في زمان آدم وزماننا، فهذه اختلفت بحسب العوارض وهو الزمان، وهذه الاقسام متفق على صحتها، ولكن هناك قسم رابع، وهو أن الماهيات تتفاوت بالشدة والضعف، والعلية والمعلولية، والتقدم والتأخر لذاتها بذاتها، بمعنى الماهية واحدة، وتكون لها مراتب متفاوتة لا بعارض، بل بنفسها وحقيقتها، وهذا هو الذي قال به الاشـراقيون([146]) وأنكره المشاؤون، وهو كحقيقة الوجود والنور.

الرابعة: أن مذهب الفهلوي لم يُقم المصنف عليه دليلاً مستقلاً، حيث إنه لما أبطل المذاهب التي غيره، ثبت هو.

(2) بعض المراتب مستغنية عن المؤثر كالله عز وجل ، وبعضه مفتقرة إليه.

(3) كوجود الله عز وجل ووجودنا.

(4) كالعلية والمعلولية، وكمراتب الماهية.

بذاته المظهر لغيره، وهذا خاصية حقيقة الوجود(5) لكونها ظاهرة بذاتها
مظهرة لغيرها الذي هو ماهيات سماوات(6) الأرواح وأراضـي
الأشباح(7) كالنور الحسـي الذي هو أيضا طبيعة مشككة ذات مراتب
متفاوتة (حيثما تقوى)(8) ذلك النور الحسـي (وضعف).فالاختلاف
بين الأنوار(9) ليس اختلافاً نوعياً(10) بل بالقوة والضعف،

 

(5) لأنه ظاهر بنفسه ومظهر للماهيات، والنور عبارة عن الوجود، فلا يرد أن هذا غير مختص بالوجود.

(6) هذا صفة للغير.

(7) المراد بسموات الأرواح هي الاجسام المجردة كالعقول، وسمّيت سماء لأنها عالية، والمراد بالأراضـي الأشباح([147])، هي الأجسام السفلى، أي الغير المجردة.

(8) هذه الحيثية راجعة إلى النور، وهذا هو وجه الشبه، حيث يتفاوت ]بالقوة[ والضعف، فكذا الوجود له تفاوت([148]).

وللأستاذ دليل على هذا المذهب: هو الموجودات متفاوتة ومختلفة، فإن كانت بأنفسها لزم عدم السنخية بينها، وأن لا يكون مفهوم عام جامع لها، وقد اثبتنا أن الوجود مشترك بينها. وإن كانت بأجزائها فلزم تركّب الوجود؛ لأنها ليست إلا وجود، والوجود بسيط، وإن كان بأمر خارج عن الوجود، فلا يخلو إمّا أن يكون العدم أو الماهيات، ولا يجوز أن يكون العدم؛ لأن الاعدام لا تستدعي التميز - كما سيأتي - ولا الماهيات لأنها معدمة، فحينئذٍ انتزاع الماهية من هذا الوجود دون ذاك ترجيح بلا مرجح، فلابد أن تكون هناك مراتب للوجود، هي التي استدعت التمييز بين الموجودات، وصحة انتزاع الماهية من هذا الوجود دون هذا، وتلك المراتب ذاتية.

(9) الحسّية، اي المشبه بها.

(10) أي ليس الاختلاف بينها، أي كالاختلاف بين الانواع.

فإن المعتبر في النور(11) أن يكون ظاهراً بالذات مظهراً للغير. وهذا متحقق(12) في كل واحدة من مراتب الأشعة(13) والأظلة(14) فلا الضعف قادح في كون المرتبة الضعيفة نوراً، ولا القوة والشدّة(15) ولا التوسط شـرط أو مقوّمة(16) إلا للمرتبة الخاصة(17) بمعنى ما ليس بخارج(18) عنها أو قادحة(19).

فالقوي هو النور والمتوسط أيضا هو هو، وكذا الضعيف. فللنور عرض عريض(20) باعتبار مراتبه البسيطة، ولكل مرتبة(21) أيضاً عـرض باعتبـار إضافتها(22) إلى القوابل المتعددة.

(11) هذا دليل على أن الاختلاف في مراتب النور، لا أن النور حقائق متخالفة.

(12) فحيث إنه تحقق في كلها مفهوم حقيقة الظل، علم أنها ليست حقائق متباينة.

(13) هو النور الكامل الشديد.

(14) هو النور الحاصل مع الظل، وهو مرتبة ضعيفة.

(15) عطف تفسير.

(16) هذا راجع للقوة والشدّة والتوسط.

(17) أي لمرتبته، فالشدّة تقوي مرتبة الشدّة، والتوسط يقوي مرتبة التوسط.

(18) المقوم له تفسيران:

مقوم بمعنى جزء الذات، وهو الجنس والفصل.

ومقوم معناه ما ليس بخارج عن الذات.

وحينئذٍ النوع يكون مقوماً؛ لأنه مقوم لأفراده، لأنه ليس خارجاً عنها ولا جزءها، فكذا هاهنا الشدّة مقوّمة لمرتبتها، بمعنى أنها غير خارجة عن المرتبة، لا أنها جزء مرتبتها؛ لأن مراتب النور كلّها بسيطة.

(19) هذا عطف على مقومه.

(20) حقيقة واسعة عامة غير ضيقة.

(21) أيضاً عرض، أي سعة.

(22) كمرتبة من النور تضيفها إلى زجاجات متلونة، فهذه مرتبة من النور أيضاً، كان لها وسع من جهة كونها لها مراتب.

فكذلك حقيقة الوجود، ذات مراتب متفاوتة، بالشدّة والضعف والتقدّم والتأخر، وغيرها، بحسب أصل تلك الحقيقة (23). فإن كل مرتبة(24) من الوجود بسيط، من الوجود بسيط، ليس شديده (25) مركباً من أصل الحقيقة والشدّة، وكذا الضعيف(26) ليس إلا الوجود- والضعف عدمي- كالنور الضعيف حيث إنه غير مركّب من أصل النور والظلمة، لأنها عدم(27) وكالحركة البطيئة. حيث

واعلم أن تمثيل الوجود بالنور لا يخلو من إشكال؛ لأن النور تفاوت مراتبه([149]) إنما كان بحسب القوابل، فنور القمر المستفاد من الشمس، ونور الظل المستفاد منها كان ضعيفاً من جهة اختلاف القوابل، لا من جهة نفس النور، ولذا لو خلي النور في العالم بنفسه، لكان هذا النور واحدا لا تفاوت فيه، بخلاف الوجود؛ فإن الاختلاف فيه ليس بحسب القوابل، بل بذاته لذاته، ولكن يحتمل أنه متمثل به من جهة الاختلاف في الشدة والضعف، من جهة أنه حقيقة واحدة، كما أن الوجود كذلك.

(23) لا بحسب القوابل لها كالنور، فإنه بحسب القوابل وليس بسبب جزئها، بل نفس تلك الحقيقة، تارة متقدمة ومتأخرة([150]).

(24) هذا تعليل إلى كون الوجودات مراتباً، والاختلاف بحسب أصل تلك الحقيقة.

(25) مركّبة من أصل الحقيقة والشدة، ليس كل مرتبة شديدة، بل بعضها شديد، والشديد منها ليس مركباً من أصل الحقيقة والشدّة، بل الشدة مقوّمة له، بمعنى ليس بخارجة عنه، كالنوع ليس بخارجٍ، وليس جزءً.

(26) أي من المراتب.

(27) والوجود لا يتركّب مع العدم، وإلا لزم كون الشـيء موجوداً ومعدوماً([151]).

إنها غير مركّبة من الحركات والسكنات(28) بل قدر من الامتداد على هيئة خاصة.

كذا التقـدّم للوجود المتقدم ليس مقـوماً(29) وإلا
لتركّب(30) والوجود بسيط(31) ولا عارضاً(32) وإلا لكان
جائز التأخر(33) والحال أن جواز تأخره مساوق جواز الانقلاب(34)

 

(28) لأنه لو كانت مركبة منها، لزم تركب الشـيء من الوجود والعدم؛ لأن السكنات عدم الحركة.

(29) على نحو أنه جزء له؛ وإلا فهو مقوّم، بمعنى أنه غير خارج عن مرتبته كالنوع بالنسبة إلى افراده.

(30) أي الوجود المتقدم.

(31) أي والحال أن مطلق الوجود بسيط.

(32) أي ولا التقدم عارض للوجود المتقدم.

(33) أي لكان الوجود المتقدم يجوز أن يكون متأخراً؛ لأن العارض يجوز إنفكاكه، فيجوز أن تنقلب الماهية.

واشكلت على الاستاذ: من أنه يحتمل أن يكون من العوارض المستحيلة الانفكاك، فبانفكاكها تذهب الماهية، لا أنها تنقلب.

وأجاب: بأنه المراد بأنها عرض مفارق، أو تأثر بدليل آخر، وهو أنه ليس شـيء وراء الوجود إلا الماهية والعدم، والماهية ليس الشدّة والتقدّم شـيء منها، والشـيء لا يعرض لنفسه، فالشدّة داخلة في الوجود، مقوّمة لمرتبتها، بمعنى أنها ليست بخارجة ]عنها[، فكذا التقدّم.

(34) لأن الوجود المتقدم فيه ماهية، والوجود المتأخر فيه ماهية، فإذا جاز الانقلاب
 في الوجود جاز الانقلاب في الماهية، وسيجيء البرهان على عدم جواز الانقلاب في

بل عينه وإن لم يعتبر في أصل الحقيقة(35). وكذا التأخر(36) للوجود   المتأخر.وجميعها بما هي وجود(37) ومقيسة إلى العدم،
 

الماهيات([152]).

(35) هذا عطف على قوله ولا عارضاً، وإن وصلية، أي ليس بعارض، وإن لم
يعتبر في نفس حقيقة الوجود، بل اعتبر في مرتبة من مراتبها؛ لأنه لو أعتبر في نفس الحقيقة؛ لزم أن تكون جميع مراتب الوجود ]متقدّمة[، ولزم أن تكون المراتب كلّها متقدمة.

(36) ايضاً ليس مقوماً بنحو الجزئية؛ وإلا لزم التركّب، بل هو عدمي، وكذا ليس بعارض؛ وإلا لزم الانقلاب، وليس معتبراً في أصل الحقيقة؛ وإلا لزم تأخر جميع المراتب([153]).

(37) لما ذكر([154]) جهة اختلاف الوجود، أخذ في جهة اتحاده، وقوله (وجميعها)
 

كأشعة وأظلة(38) مقيسة إلى ظلمة بحتة، وبما هي مشتركات(39) في مفهوم  الوجود، وبما هي شـيء لم يتخلل(40) اللاشـي‏ء فيه، وبما أن ما به الامتياز في شيئية الوجود عين ما به(41) الاتفاق لبساطته(42) لا في شيئية الماهية(43) وبما أن هذه الكثرة من حيث الشدة(44) والضعف، والكمال والنقص، والتقدم والتأخر

مبتدأ خبره ترجع، أي وجميع مراتب الوجود.

(38) الوجود الواجب كالشعاع، ووجودنا كأظلة.

(39) أي وجمعيها بما هي مشتركات في مفهوم الوجود، والاشياء المتباينة لا تشترك في معنى واحد.

(40) أي وجميعها بما هي شـيء، لم يتخلل اللاشـيء فيه، لما بيّنا أن الوجود بسيط، ولأن الشـيء لا يتركّب من عدمه.

(41) وجميعها بما أن ما به الامتياز عين ما به الاتفاق، كما في الاعداد، فإن ما به الامتياز الواحد لا بشـرط، وهو ما به الافتراق، فإن الاعداد كلّها مركّبة منه على ما سيجيء، والعشـرة مع الستة مشتركة في الواحد لا بشـرط، ومفترقة عنها بأربعة، وهي ليست إلا الواحد لا بشـرط، وكذا الخط الطويل مع الخط القصير متفق في الامتداد الطولي، وممتاز عنه بالزائد عليه، وذلك الزائد أيضاً إمتداد طولي، كذا ورد في الحاشية([155]).

(42) لأنه لو كان ما به الامتياز غير ما به الاشتراك؛ لكان كل مرتبة منه مركّبة من شيئين متغايرين.

(43) فإن ما به الامتياز غير ما به الاشتراك، فإن الأول الفصل، والثاني
الجنس.

(44) أي وجميعها بما ]أنّ[ هذه الكثرة من الشدة...الخ، تؤكد انها ما كانت تؤكد الوحدة، لأنها كلّما كثرت مراتب الوجود اتسعت نطاق الوحدة، وكلما قلّت مراتب
 

تؤكد الوحدة التي هي حق الوحدة(45) وإن لم تكن الكثرة التي من حيث الإضافة إلى الماهيات الإمكانية كذلك(46) ترجع(47) إلى أصل واحد(48) وسنخ فارد وحدة ليست مـن جنس الوحدات(49) المشهورة.

الوجود ضعفت وحدته، لضعف نطاقها.

(45) أي الوحدة، وسيجيء الكلام في الوحدة أنها على قسمين:

منها أن تكون الوحدة عين الذات، وهي تسمّى (الوحدة الحقّة) كما في الوجود، فإنها عين الذات. ومنها أن تكون خارجة عن الذات، كوحدة الماهية، والجنس والفصل، فإنها ذات وحدة.

والوحدة الحقّة على قسمين: (ظليّة) وهي وجودنا، و(حقيقية) وهي وحدة الواجب.

(46) أي تؤكد الوحدة؛ لأن الماهية تحدد الوجود وتمنع سعته وتوجب ظلمته.

(47) خبر قوله وجميعها.

(48) أي إلى حقيقة واحدة، وسنخ واحد، والسنخية أعلى من المثلية؛ لأن السنخية تكون في فرد واحد له مراتب متعددة، بخلاف المثلية إنما تكون في فردين.

(49) لأنها ليست من وحدة الجنس ولا النوع ولا الفصل، ولا الوحدة بما ]هي[ المقابلة للأثنين، بل معنى وحدة الوجود أنه ليس شـيء في العالم غيره؛ لأن الماهيات منتزعة منه وتابعة له، بل هي ملحقة بالعدم، والعدم عبارة عن البطلان، فلا يصح أن
يكون شـيء وراء الوجود في الكون، وربما يشكل على مذهب الفهلوي بأنه جعلتم الوجود مراتباً، وجعلتم الله عز وجل مرتبة منه، فيلزم تحديد الواجب، وفقدانه لباقي المراتب([156]).

والجواب: أن هذا ناشئ من عدم الفهم، وإلا فالله عز وجل مرتبة جامعة لجميع المراتب، كيف وفاقد الشـيء لا يعطيه، نعم تلك المراتب فيها حدود، والحدود نقص؛ لأنها أعدام، فلذا لم توجد تلك الحدود في الذات المقدّسة، وإن شئت فاعتبر ذلك في النور الشديد، فإنه فيه مرتبة نور الظل.

 

(و) الوجود (عند) طائفة (مشائية) من الحكماء (حقائق تباينت)(50) صفة لحقـائق، بتمـام ذواتها(51) البسيطة، لا بالفصـول(52)- ليلزم التركيب(53) ويكون الوجود المطلق جنساً - ولا بالمصنّفات والمشخّصات(54)- ليكون نوعاً- بل المطلق عرضـي لازم لها، بمعنى أنه خارج محمول، لا أنه عرضـي بمعنى المحمول بالضميمة. (وهو) أي هذا المذهب (لدي زاهق) باطل (لأن معنى واحدا لا ينتزع مما) أي من أشياء (لها توحّد ما) إبهامية (لم يقع). بيان ذلك:
 

(50) أي الوجودات حقائق متباينة([157]).

(51) متعلق بتباينت، وهو القسم الأول من التباين الذي تقدّم سابقاً.

(52) أي ليس الوجودات لها جنس، وهو الوجود المطلق، ولها فصول متخالفة، هي التي ميزت بعض الحقائق عن بعضها؛ لأن الوجود بسيط لا جزء له في الذهن ولا في الخارج كما سيجيء البرهان عليه.

(53) أي لتركيب الوجود في الذهن؛ لأن الفصل والجنس من الأجزاء الذهنية، وسيجيء أن الوجود ليس متركّباً لا في الذهن ولا في الخارج، على أنه لو كان للوجود جنس وفصل، لوجد في الذهن بحقيقته؛ لأن الجنس والفصل من الأجزاء الذهنية، ومتى وجدا في الذهن وجدت الحقيقة، والوجود لا يمكن أن يوجد في الذهن، وإلا إنقلب الذهن خارجاً.

(54) أي وليس حقائق الوجود متباينة بالأصناف والمشخصات، كالأفراد لنوع واحد كزيد وعمرو، فإنهما تباينا بالأصناف، وهو كون هذا رومي وذلك نجفي، وبالهيئة الحاصلة لعمر وغير الهيئة الحاصلة لزيد؛ لأنه لو كانت حقائق الوجودات متباينة بالأصناف والمشخصات؛ لكان الوجود المطلق هو النوع فيلزم أن يوجد في الذهن؛ لأن النوعية أنما تعرض للأشياء في الذهن، والحال إنا بيّنا أن الوجود لا يمكن أن يوجد في الذهن، ولا التمايز بعين ما به الاشتراك؛ لأن الاشدّية والاضعفيّة والكمال والنقصان:

- إن كانت عين المراتب من الوجود؛ لزم أن تكون تلك المراتب حقائق متباينة.

- وإن كان اجزاؤها؛ لزم أن يكون الوجود مركّباً.

- وإن كانت اعراضاً، فليس هناك تفاوت بالوجود بل بأعراضه، وهذا باطل؛ لأنه لا شـيء وراءه حتى يعرض له على أنه يلزم الانقلاب.

هذا دليل المشائين([158])، وهم موافقون لنا في كون التمايز لا بالأجزاء ولا بالأعراض، ومخالفون لنا في كون أن ما به التمايز عين ما به التفاوت، ولكن الحق ما ذكرناه من أنّ ما به التمايز عين ما به الاشتراك.

والجواب عن دليلهم: أنه ما كان بهذه الحيطة والسعة، وليس محدوداً بحدّ، بل هو لا يتناهى مدة وشدة وعدة، قابل لأن يتحد ببعض المراتب، وتكون مرتبة لجزء، ومرتبة اخرى لجزئه، نعم حيث إن الماهيات ليس لها سعة واحاطة بالأشياء، لذلك كان ما به الأشتراك غير ما به الافتراق، ونحن نُسلّم هذا في الماهيات، والمراتب والحدود هي وجود، لا أنها غير وجود.

وربما اشكل المشاؤون على مذهب الفهلويين: بأنه يلزم تأثير الشـيء بنفسه؛ لأن الأشياء كلّها متفقة وسنخ واحد.

والجواب: أن الاختلاف في المراتب كاف في تصحيح المعلولية والعلية، وقوله (بل المطلق عرضـي) أي الوجود المطلق عرضي لحقائق الوجودات، وذلك أن العرض له إطلاقان:

الأول: في باب الجوهر والعرض، حينئذٍ المراد به ما كان قائم بالغير، ويطلق العرض في باب الكليات، وحينئذٍ المراد به ما هو خارج عن الذات، ويحمل عليها ولو كان جوهراً، فالحيوان عرض في باب الكليات؛ لأنه يحمل على الناطق، وهو خارج عن الناطق، وبينهما عموم وخصوص من وجه لاجتماعهما في الاسود، ويفترق الذي في باب الجوهر في السواد والبياض، فإنه عرض في باب الجوهر، وليس عرضاً في باب الكليات؛ لأنه لا يحمل، ويفترق الثاني في الحيوان؛ فإنه عرض في باب الكليات، وليس عرضاً في باب الجوهر.

والعرض في باب الكليات قسمين:

خارج المحمول: وهو الخارج عن الذات الذي يحمل عليها، وليس له وجود وراء وجود الموضوع، ومنتزع منه، كالوحدة والشيئية، وكذا كل المعقولات الثانية، والوجود المطلق على رأي المشائين([159]) من هذا القبيل؛ لأنه الوجود المطلق محمول على هذه الحقائق المتباينة، ومنتزع منها.

وعندنا محمول بالضميمة: وهو الخارج عن الذات الذي له بإزاء في الخارج، وله وجود غير وجود الموضوع، كالأبيض؛ فإنه يحمل على الموضوع، وله بإزاء في الخارج.

واعلم أنّه على مذهب المشائين لم تنحل شبهة ابن كمونة([160])؛ لأنه يمكنه دعوى وجودين بسيطين، فليس هناك ما به الاشتراك، وأما على رأي الفهلويين فتنحل لأنه وجودان واجبان، ليس أحدهما إلا أكمل والآخر أنقص، وإلاّ لو كانا من جميع الجهات متوافقين، كانا شـيئاً واحداً، فيكون أحدهما علة والآخر معلول، ولم تكن سنخية، فيلزم أن يكون فاقد الشـيء يعطيه، ولم تكن الوجودات آية له، ولم يكن العلم بالعلة يستلزم العلم بالمعلول، كذا في الحاشية([161]).

ولذا صدر المتألهين([162]) أوّل مذهبهم بأن المراد: أن تفاوت الوجودات بالماهيـات؛
 

أنه لو انتزع مفهوم واحد من أشياء متخالفة بما هي متخالفة بلا جهة وحدة هي بالحقيقة مصداقه، لكان الواحد كثيـراً والـتالي باطل بالضـرورة، فالمقدّم مثله.

بيان الملازمة: أنه حينئذٍ يكون المصداق والمحكي عنه بذلك المفهوم الواحد(55) تلك الجهات الكثيرة المكثّرة(56).

إن قلت: لا نسلم بطلان التالي وادعاء الضـرورة فيه غير مسموع(57) والسند(58) ان الواحد الجنسـي(59) عين الكثير النوعي(60) والواحد
 

لأنها مثار الكثرة، فسـرى الحكم للوجود بالعرض.

وقوله: (بلا جهة وحدة هي بالحقيقة) أي بلا أتحاد بينها، وأعلم أنه سيجيء
أن المتخالفات والمتباينات إذا كانت بينها جهة وحدة في الحقيقة، فالمفهوم
الصادق عليها مصداقه الواقعي هي جهة الوحدة، وتلك الحصص التي هي متحدة مصداقه.

(55) أي المفهوم الواحد لمّا كان متنزعاً من هذه الكثرة، فهو منطبق عليها، فيكون المفهوم الواحد عين الأشياء المتخالفة، والاشياء المتخالفة عين الواحد، وهذا باطل.

(56) اسم فاعل، اي التي توجب الكثرة.

(57) أي غير مقبول.

(58) أي والمستند في عدم تسليم بطلان التالي.

(59) كالحيوان.

(60) كالإنسان والفرس والحمار... الخ.

النوعي(61) عين الكثير العددي(62). قلـت: فرق بين أن يكون الواحد عين الكثير(63) وبين أن يكون تحته الكثير(64) والسند من هذا القبيل(65).

إن قلت: أليس يحمل النوع على الأفراد مثلاً والحمل هو الاتحاد في الوجود؟(66).

قلت: بلى ولكن الموضوع في الحقيقة جهة الوحدة (67) في الأفراد، فإن جهات الكثرة في أفراد الإنسان مثلاً، هي العوارض، كالكم والكيف والوضع وغيرها، ومعلوم أن كل شيء في نفسه ليس إلا نفسه(68).

وأيضا لو انتزع مفهوم واحد(69) من المتخالفات، بما
هي متخالفات فإما أن يعتبر هذه الخصوصية(70) في صدقه،
لم يصدق على الذي له خصوصية أخرى، مما تحته، وإما
أن يعتبر الأخرى، لم يصدق على ما له هذه، وإن اعتبر المجموع(71)

 

(61) كالإنسان.

(62) كزيد وعمرو وخالد... الخ.

(63) كالمفهوم المنتزع عن نفس الكثير.

(64) بأن ينتزع من شـيء واحد، ولكن هذا الواحد تعرض له الكثرة كالإنسان، فإنه ينتزع من الإنسانية الموجودة في الأفراد، وهذه الإنسانية عرضت لها الكثرة، بأن صارت زيداً، وأخرى عمرَ، وأخرى خالداً.

(65) منتزع عن الكثيرين، وعين الكثيرين حتّى يكون سند العدم صحيحاً.

(66) فالنوع الواحد متحد مع الكثرة من الأفراد، فالواحد يمكن أن يكون عين الكثرة.

(67) كالإنسانية.

(68) فالكم لا يكون إنساناً، ولا الكيف يكون إنساناً، فلابد أن يكون الموضوع هو جهة الوحدة، أعني الإنسانية.

(69) هذا دليل ثاني على أن الواحد لا يكون عين الكثرة.

(70) بعينها أو على سبيل عدم التعين، وحينئذٍ الذي يصدق عليه المفهوم لا يعلم ما هو.

(71) أي مجموع الخصوصيات المتخالفة.

فلا وجود له سوى كل واحدة(72) واحدة، وعلى تقدير(73) وجود على حدة له، يكون الواحد عين الكثير(74). ثمّ كيف يكون(75) لحقيقتين مختلفتين ماهية
 

(72) أي ليس وجود المجموع إلاّ وجود أفراده، فإذا انتزع مفهوم واحد منه، لزم اتحاد الواحد مع الكثير.

(73) أي مع التنزّل أن للمجموع وجوداً على حدة، غير وجود الأفراد، وحينئذٍ أيضاً يلزم أن يكون الواحد عين المتكثر؛ لأن المجموع ليس إلاّ الافراد والأجزاء.

(74) هذا جواب الى قوله وان اعتبر المجموع.

(75) هذا دليل ثاني على عدم اعتبار المجموع.

وبيانه: أن الفرق بين الماهية والحقيقة بالاعتبار، بمعنى أن المفهوم إن وجد في الذهن فيسمّى (الماهية) وإن وجد في الخارج فيسمّى (الحقيقة) فالمفهوم الواحد لو انتزع من المجموع؛ فيلزم أن تكون الماهية واحدة، والحقائق كثيرة لتلك الماهية، والحال أنه لا فرق بينهما إلاّ بالاعتبار في الخارج والذهن.

ولكن هذا الدليل أخصّ من المدعى؛ لأن المدعى أن مطلق المفهوم الواحد لا ينتزع من المجموع، سواء أكان مفهوما عنوانياً كالمعقولات الثانية مثل الشيء، والكلية كالوجود؛ لأن المفهوم العنواني: هو عبارة عن الذي لم يكن ذاتياً للأفراد ولا عرضاً، والوجود كذلك، كما أن المعقولات الثانية كذلك، سواء أكان المفهوم ماهوياً ]أو لا[.

وهذا الدليل إنما يجري في المفهوم الماهوي لا في المفهوم العنواني، نعم ]هو[ قابل لإجرائه في مفهوم الوجود؛ لأنه كمفهوم الماهوي؛ لأنه حكاية عن ذات الوجود لا عن عارضه، فنسبة مفهوم الوجود إلى حقيقته، نسبة مفهوم الإنسان إلى الإنسان الخارجي، بحيث لو كان الوجود يوجد في الذهن، لوجد له هذا المفهوم، فمفهوم الوجود من اللوازم المنتزعة من ذات الملزوم.

وهذا المطلب: وهو عدم تفاوت الماهية والحقيقة إلا في الاعتبار، يمكن أن يجعل دليلاً مستقلاً على عدم إمكان انتزاع مفهوم واحد من اشياء متخالفة؛ لأنه يلزم أن تكون الماهية واحدة والحقائق متعددة، والحال أنه لا فرق بينها إلا في الاعتبار، وهذا قابل لأن نسـريه في مفهوم الوجود؛ لأنه كما بيّنا أنه مثل مفهوم الماهية في الملاك، فلا يمكن أن
 

واحدة ولا تفاوت بين الماهية والحقيقة إلا باعتبار وعاء الذهن والخارج؟ بل مجرد هذا(76) كاف في إبطال مذهب المشائية، لأن مفهوم الوجود كالماهية(77) لحقيقته(78) وإن كانت الخصوصيات ملغاة، فالقدر المشترك هو المحكي عنه وهو واحد.

وأما صدر المتألهين  قدس سره  فقد جعل في الأسفار، والمبدأ والمعاد، وغيرهما، هذا الحكم، أعني عدم جواز انتزاع مفهوم واحد من حقائق متخالفة من حيث التخالف من الفطريات(79). (كان من) مذهب منسوب، على زعم المحقق الدواني، إلى(ذوق التأله)(80) أي التوغل في العلم الإلهي(81) فالتاء للمبالغة، كما في التطبّب، إذ زيادة المباني تدل على زيادة المعاني (اقتنص) وأخذ (من قال) من المتكلمين(82) (ما) نافية (كان له) أي للوجود أفراد حقيقية(83)
 

يختلف مع ما في الخارج.

(76) أي عدم الاختلاف بين الماهية والحقيقة إلاّ بالاعتبار.

(77) أي مثل مفهوم الماهية، قد بيّنا في الحاشية المتقدمة وجه المثليّة.

(78) أي لحقيقة الوجود، وهذا متعلق بقوله: مفهوم الوجود.

(79) فلا يحتاج إلى دليل([163]).

(80) أي أن القائل بهذه المقالة، قد اخذها من القول المنسوب لملا جلال الدواني([164]).

(81) أي التعمّق في العلم الالهي، والحكمة الإلهيّة.

(82) أي يرجع قول المتكلمين([165]) إلى القول الصادر من الرجال الذين دخلوا في العلم الإلهي، وتوغلوا فيه وصار لهم ذوق فيه.

(83) أي خارجية.

متخالفة بالذات(84) أو بالمراتب(85) الكمالية والنقصية (سوى الحصص) التي هي(86) مفهوم الوجود المطلق المتفاوت عندهم، بمجرد عارض الإضافة إلى ماهية ماهية. فالوجود عندهم(87) اعتباري(88).

والحصص الذهنية(89) كبياض هذا الثلج وذاك وذلك في الخارج(90)
 

(84) كما قال المشاؤون.

(85) كما قال الفهلويون.

(86) هذا ]نعت[ للحصص.

(87) أي عند المتكلمين، هذا وأراد أن يفرق بين مذهب الفهلويين والمشائين والمتكلمين([166]).

(88) لأنهم جعلوه عبارة عن الحصص، وليس له أفراد في الخارج، وقد تقدّم أن الحصص في الوجود هي عبارة عن أن تكون الاضافة داخلة، والمضاف إليه خارجاً، أي التقيد داخل، والتقيد متى ما كان معتبراً في الشـيء، يكون ذلك الشـيء ذهنياً؛ لأن التقييد ذهني.

(89) مبتدأ خبره كبياض الثلج.

(90) اشارة إلى أن التشابه بين حصص الوجود، وبياض هذا الثلج، وذلك في الاختلاف بحسب المضاف إليه، فإن البياض كما أنه اختلف بالإضافة إلى هذا الثلج وذاك- وإن كان هو حقيقة واحدة - كذلك الوجود اختلف بالإضافة إلى هذه الماهية وتلك، وإن كان المشبّه موجوداً في الذهن، والمشبّه به في الخارج؛ لأن البياض موجود في الخارج، فلهذا قيّد المشبّه وهو الحصص بالذهنية، وقيّد البياض بالخارج، فحينئذٍ يكون الغاية من التشبيه الاختلاف بحسب المضاف إليه، هذا إذا جعلت القيد في الخارج راجعاً إلى البياض، وأمّا إذا جعلته راجعاً للثلج واردت بالبياض الحصص، فيكون البياض حصصه، فيكون موجوداً في الذهن، فيتفق المشبّه والمشبّه به في الوجود الذهني.

حيث إنها متماثلة(91)متفقة في اللوازم. والأفراد الخارجية(92) المتخالفة على
مذهب المشائين، كالأجناس العالية المتفاوتة بنفس ذواتها(93)
البسيطة.

والمراتب الخارجية(94) على مذهب الفهلويين كمـراتب الأنـوار المتفاوتة كما في النظم(95).

وقدّ أشـرنا في هذا البيت إلى قولين: أحدهما المذهب المنسوب إلى أذواق المتألهين القائلين بوحدة الوجود وكثرة الموجود، بمعنى المنسوب(96)
إلى الوجود(97). فإنهم قالوا: حقيقة الوجود قائمة بذاتها وهي واحدة، لا تكثر

(91) هذا وجه الشبه بين الحصص الذهنية وهذا البياض وذاك، أي أن الوجودات متماثلة في ذاتها، وكذا البياض للثلج متماثل في الحقيقة، وكذا بياض الثلج متفق في لوازمه، كذا الوجود المضاف للحصص متفق في لوازمه. إذا جعل المتكلمون له لازماً، كأن يجعلوا طرد العدم لازماً له، فالحاصل أن المتكلمين لم يجعلوا أفراداً للوجود، بل جعلوا له حصصاً.

(92) هذا مبتدأ خبره كالأجناس العالية، فالمشاؤون([167]) قائلون بالأفراد المتخالفة دون المتكلمين.

(93) هذا بيان وجه الشبه.

(94) مبتدأ خبره كمراتب الأنوار، فالفهلويون([168]) يقولون أن هذه الوجودات وجود واحد، وهي متخالفة في المراتب. فظهر الفرق بين المذاهب الثلاثة.

(95) المتقدّم سابقاً، وهو قوله كالنور حيثما تقوى وضعف.

(96) هذا تفسير الى كثرة الموجود.

(97) وهي الذات المقدّسة.

فيها بوجه من الوجوه(98) وإنما التكثّر في الماهيات المنسوبة إلى الوجود، وليس للوجود قيام بالماهيات وعروض لها، وإطلاق الموجود على تلك الحقيقة(99) بمعنى أنها نفس الوجود، وعلى الماهيات بمعنى أنها المنسوبة إلى الوجود، مثل المشمس(100) واللابن والتامر ونحوها. وهذا المذهب وإن ارتضاه جم غفير لكنه عندنا غير صحيح(101) لأنهم حيث قالوا بأصالة الماهية، يلزم عليهم(102) القول بالثاني للوجود، وأن في دار التحقق سنخين وأصلين(103).

وأما نحن فنعتقد أن ذوق التأله يقتضـي سنخاً واحداً وأصلاً فارداً، لأصالة الوجود واعتبارية الماهية، إذ الشيئية منحصـرة(104) فيهما، والأمر في
الأصالة يدور عليهما(105). فإذا بطل أصالة الثاني(106) تعيّن أصالة الأول. فالمضاف إليه(107) هو الوجود، والإضافة(108) إشـراقية(109) هي الوجود،

 

(98) ولا الأفراد، ولا المراتب، ولا الحصص.

(99) وهي الذات المقدّسة.

(100) في قولهم الماء المشّمس، أي المنسوب إلى الشمس.

(101) لأنه اثبتنا أن هذا المفهوم يطلق على الممكنات، والواجب بمعنى واحد، وبيّنا أن كل ممكن زوج تركيبي من الماهية والوجود.

(102) أي بأصالة الوجود، للوجود الذي على رأيهم هو الوحدة، التي لا تكثّر فيها.

(103) وجود وماهية، والحال إنا بيّنا سابقاً: أن الأدلة التي اقمناها على اصالة الوجود عامّة، لوجود الواجب ولوجود الماهية، فليس في دار التحقق إلاّ أصلاً واحداً.

(104) أي إمّا شيئية الوجود، أو شيئية الماهية.

(105) أي على أصالة شيئية الوجود، أو شيئية الماهية.

(106) أي أصالة الماهية.

(107) على رأي المصنف، أي المنسوب إليه الوجود، هذا جرياً على ذوق المتأله، واراد بالمضاف إليه هو الواجب.

(108) إي الاشـراق من الذات المقدّسة علينا بالوجود.

(109) أي التي يوجد المضاف بوجودها.

والمضاف(110) أيضاً أنحاء الوجودات(111) التي هي المتعلقات
بنفسها(112) المتدليّات(113) بذاتها بالمرتبة(114) الغير المتناهية في
شدة النورية(115). بل اصطلحنا(116) على تسميتها(117)
بالتعلّقات والروابط المحضة، لا أنها أشياء لها التعلق(118)

 

(110) أي وهو وجود الماهيات، وهو منسوب إلى الماهيات.

(111) أي مراتبها.

(112) بالذات المقدّسة، لا بواسطة شـيء من الأشياء.

(113) هذا تفسير إلى المتعلّقات.

(114) وهو الله عز وجل وهذا متعلق بالمتعلّقات.

(115) هذا متعلق بالمتناهية.

(116) في بعض كلامه اصطلح على أن يسمّى أنحاء الوجود.

(117) أي تسمية أنحاء الوجود.

(118) كما لو أنه يفهم هذا المعنى لو عبّرنا بالمتعلّقات، هذا وربما زعم بعضهم
أن القائلين بمذهب ذوق التأله قائلون باعتبارية الماهية، فلا يلزم أن يكون في دار التحقق سنخية، ولكن هذا لا وجه له لتصـريحهم بأن الماهية أصل كما ذكره صدر المتألهين في اسفاره([169])، وحينئذٍ يرد عليهم ما يرد على الوحدة الصوفية، وهو أن الماهية إذا كانت اعتبارية لابدّ لها من منشأ انتزاع، وليس في دار التحقق مرتبة قابلة للانتزاع منها، إلا من وجود واجب الوجود، ولا وجود غيره، وحيث إنها ناقصة، فلا [بد] أن تنزع من مرتبة ناقصة، فيلزم أن تكون مرتبته ناقصة، تعالى عن ذلك علواً كبيراً.

ويلزم أن يكون لوجوده حدّ حتى تنتزع منه الماهية، ولا حدّ لوجوده؛ لأنه يـلزم أن يكون ماهية، بل يكون له ماهيات لكثرة الماهيات، وكلّها منتزعة منه، وحيث أن وجود الماهيات ممكن، ووجود الواجب واجب، لزم اجتماع المتقابلين بالذات في
 

والربط(119). وثانيهما قول المتكلمين(120) المذكور. ولما كان هذا بظاهره باطلاً أردنا تأويله بإرجاعه إلى الأول(121) بتنزيل جميع ما قالوا في المفهوم على الحقيقة، بأن يكون مرادهم بكون الوجود مفهوماً واحداً كون حقيقته واحدة(122) كما في ذلك المذهب المنسوب إلى أذواق المتألهين، ومرادهم بحصصه(123) التجليات(124) التي لا تستلزم تكثراً في المتجلي(125) إلا في
 

وجود واجب الوجود، ولزم أن تكون العلة عين المعلول.

(119) بل أنحاء الوجودات هي نفسها عبارة عن الربط والاضافة والتعلّق،
والوجود المنبسط والوجود السعي لا شيء وراءها، كالنور الذي اخترقه والصادر منه نور.

 

(120) المذكور سابقاً، وهو أن الوجود ليس له فرد في الخارج، وإن في دار التحقق ماهيات، واجباً كان أو ممكن.

(121) وهو قول ذوق التأله، على نحو يكون إرجاع فاسد إلى فاسد، وحيث إن المتكلمين القائلين بهذا القول من الكبار الذين لا يصدر منهم هذا القول([170])، لذلك أرجعه إلى هذا القول، وإن كان فاسداً أيضاً، إلا أنه أقرب إلى الصواب من ذاك قوله بتنزيل جميع ما قالوا في المفهوم على الحقيقة، بأن تقول أنهم أرادوا بمفهوم الوجود حقيقة الوجود، أي الوجود الخارجي([171]).

(122) وهي الذات المقدّسة.

(123) أي حصص مفهوم الوجود.

(124) أي الظهورات للواجب، وهو الظهور في الماهيات على نحو (النسبة) كما أنّ ذوق المتألهة يقولون بظهور الواجب وحقيقة الوجود في الماهيات لنسبتها له.

(125) ]بكسر[ اللام من المتجلَّي، والمراد به حقيقة الوجود، أي واجب الوجود.


 

النسب(126) كما قالوا(127) لا تكثر في مفهوم الوجود(128) إلا بمجرد عارض الإضافة(129).

وكما أن الحصّة نفس ذلك المفهوم الواحد مع إضافة إلى خصوصية(130) داخلة بما هي(131) إضافة(132) لا بما هي مستقلة(133) في اللحاظ، لأنها حينئذٍ تصير طرفاً(134) هذا خلف(135). كذلك معنونها(136) أعني الحصّة الحقيقية(137) التي
 

(126) لأن ذوق المتأله يقول: الحقيقة واحدة ولها مظاهر متعددة، ولا تستلزم تلك الظهورات تكثراً؛ لأن ظهورها على نحو النسبة إليها، نعم تلك الظهورات تستدعي كثرة النسب.

(127) عرض المصنف تطبيق قول المتكلمين على ذوق التأله.

(128) وحيث بيّنا أن المـراد بالمفهوم هو الحقيقة، فيكون معناه: لا تكثر في حقيقة الوجود إلا بمجرد النسب، وهذا عين قول ذوق التأله.

(129) أي النسبة.

(130) وهي الماهية الشخصية أو الكلية.

(131) أي الاضافة داخلة، أعني النسبة داخلة، وهذا تقدّم كلّه.

(132) أي نسبة، أي معنىً حرفياً، وملحوظةً مع الغير، وحالة له، كما هو شأن المعنى الحرفي.

(133) أي لا بأن الاضافة ملحوظة مستقلة؛ لأنها حينئذٍ تصير قيداً، فتحتاج إلى تقيد ونسبة، وهذا خلاف الفرض من أنها هي نسبة، بأن يكون هكذا مفهوم الوجود المقيد بالإضافة إلى ماهية، فتصير الاضافة قيداً وطرفاً، وهذه الاضافة غير معتبرة في الحصة، بل المعتبرة فيها هي التي بالمعنى الحرفي.

(134) إذ المعنى الحرفي يصير اسماً، يتوجه الالتفات إليه.

(135) لأن المعتبر في الحصة هو المعنى الحرفي، والرابطة بين القيد والمقيد، لا التي هي قيد.

(136) هذا خبر أن في قوله (وكما أن الحصة) أي الذي جعلت الحصة عنواناً له عند المتكلمين بحسب الارجاع.

(137) وهذا تفسير لمعنون الحصة.

هي نفس حقيقة الوجود(138) مع إضافة إشـراقية(139) وتجل ذاتي(140) بما هي ربط(141) محض، بحيث لا يخلو(142) في اللحاظ عن الحقيقة. (والحصة)(143) هي (الكلي مقيدا يجي) مقصور(144) لضـرورة الشعر (تقيد جزء) بما هو تقيد لا بما هو قيد(145) (وقيد خارجي)(146).

فالحصة لا تغاير نفس الكلي إلا بالاعتبـار(147)؛ لأن(148) القيد خارج
 

(138) وهو الله عز وجل تعالى على رأيهم.

(139) أراد هاهنا بالإضافة الاشـراقية، لا المعنى المصطلح عليه بينهم، وهي المقابلة للمقولية، فإن ذوق التأله لا يقول بها، بل المراد بالإضافة هاهنا هي النسبة ووصفها بالاشـراقية؛ لأنها توجب أن تكون الماهية ظاهرة ومشـرقة، وتخرجها عن ظلمة العدم، فلا يرد ما ذكره بعض المحشين([172]).

(140) في حقيقة الوجود والذات المقدّسة.

(141) أي تلك الاضافة الاشراقية، أي غير مستقلة بنفسها، وملحوظة استقلالاً، بل بما أنها عبارة عن التقييد الكائن بين الحقيقة والماهيات.

(142) هذا بيان للربط المحض، هذا الربط عند لحاظه لحاظ حقيقة الوجود، بل لابد عند لحاظه من لحاظ حقيقة الوجود، كما هو شأن المعنى الحرفي من أنه لابد في لحاظه من لحاظ متعلّقه، وكما في حصة الوجود؛ فإنه لا يخلو لحاظ الربط فيها من لحاظ مفهوم الوجود.

(143) هذا تفسير للحصص الواقعة في البيت المتقدم.

(144) لأنه اصله يجيء، فحذف الهمزة.

(145) أي غير مستقل في اللحاظ، كما لو لوحظ مستقلاً.

(146) وهو الذي اضيف المقيد، أعني الكلي إليه.

(147) وذلك لان الكلي لم يعتبر ويلحظ معه التقيد، بخلاف الحصة، فإنها الكلي الذي لوحظ معه التقيد.

(148) هذا بيان لوجه عدم التغاير بينهما.

والتقييد بما هو تقييد، وإن كان داخلاً، إلا أنه أمر اعتباري لا حكم له في نفسه(149) بل لا نفسية له بهذه الحيثية(150).

(149) أي نفس التقيّد لا حكم له ولا يحكم عليه بأنه هو أو ليس هو؛ لأنه كان آلة للحاظ الغير وربطاً محضاً، فكيف يصح الحكم عليه في ذاته، فلا يحكم عليه بشيء.

(150) وهي من حيث إنه تقيد وربط محض، أي لا ذات للتقيد قائمة بنفسها حتّى يصح الحكم عليه بأنه هو أو ليس بهو من حيث إنه تقييد، بل هو الآلة لملاحظة حالة الغير، فهو قائم بالغير.

 

[7]

غرر في الوجود الذهني

للشي‏ءِ غَيرَ الكَوْنِ في الأعيانِ
 

 

كونٌ بِنفسهِ لدى الأذهانِ
 

لِلْحُكْمِ إيجاباً على المعـدومِ
 

 

ولاِنْتزاعِ الشيءِ ذِي العُمومِ
 

صَرْفُ الحقِيقةِ الذي ما كَثُرا
 

 

مِنْ دُوْنِ مُنْضَمّاتِها العَقْلُ يَـرى
 

والذات في أَنْحا الوجوداتِ حُفِظْ
 

 

جَمْعُ المقَابِلَيْنِ مِنْهُ قَدْ لُحِـظْ
 

فَجَوْهَرٌ مَعْ عَرَضٍ كَيْفَ اجْتَمَـعْ
 

 

أَمْ كَيفَ تَحْتَ الكَيفِ كُلٌّ قَدْ وَقَـعْ
 

فَأنكَرَ الذِّهْنِيَّ قَوْمٌ مُطْلَقـا
 

 

بَعْضٌ قِياماً مِنْ حُصُولٍ فَرّقـا
 

وَقِيْلَ بالأَشباح الاَشْيا انْطَبَعَتْ
 

 

وقِيْلَ بالأنْفُسِ وَهْيَ انْقَلَبَـتْ
 

وقِيْلَ بالتّشْبِيْهِ والمُسامَحَةْ
 

 

تسميةٌ بالكَيْفِ عَنْهُمْ مُفْصِحَةْ
 

بِحَمْلِ ذَاتِ صُوْرَةٍ مَقُوْلَـةْ
 

 

وَحْدَتُها مَعْ عـاقلٍ مقولَـةْ
 

 

 

 

قال الاستاذ قبل الخوض فيه لابدّ من تقديم مقدّمات:

الأولى: أنّ محل النزاع ليس في العلم، بل المنكرون للوجود الذهني([173]) قائلون بالعلم، وأنه عندهم المعلومات منقسمة إلى تصور وتصديق، غاية ما في الباب يفسرون العلم بالإضافة بين العالم والمعلوم، ويقولون ليست الاشياء موجودة في الذهن، وليس لها وجود وراء الوجود الخارجي، وأما القائلون بالوجود الذهني فمرادهم: أن الاشياء لها وجود في انفسنا، كما لها وجود في الخارج، فبعضهم يجعل حصول تلك الاشياء أو انفسها هي العلم، وبعضهم يجعل العلم هو الاضافة كما تقدم([174]).

الثانية: أن القائل بأصالة الماهية لا يمكنه القول بالوجود الذهني؛ لأنه على رأيه تكون الماهيات هي المترتبة عليها الآثار، فلو وجدت الماهية في الذهن يلزم ترتب الآثار الخارجية عليها في الذهن، وذلك باطل بالحس. وكذا القائل بالوحدة الصـرفة لا يمكنه القول بالوجود الذهني؛ لأن الاشياء كلّها وجود واحد لا مرتبة له، فلا يمكن وجودها في الذهن؛ والا لزم انقلاب الذهن الى الخارج، فالذي له حق النزاع هو القائل بأن الوجود مراتب متعددة، والقائل بأن الاشياء وجودات متباينة بالذات.

الثالثة: أن هذه المسألة تنفع في المعاد الجسماني.

الرابعة: أن لا نزاع في أن حقيقة الوجود الخارجي لا يمكن أن توجد في الذهن، وإلاّ لزم الانقلاب.

 

 [7]

غرر في الوجود الذهني

(للشـيء)(1) أي الماهية (غير الكون في الأعيان) وهو الوجود الذي يترتب عليه الآثار(2) المطلوبة منه(3) (كون بنفسه) وماهيته(4).

هذا إشارة إلى ما هو التحقيق من أن الأشياء تحصل بأنفسها(5) (لدى
الأذهان) وهو الوجود الذي لا يترتب(6) عليه تلك الآثار(7). لم نقل في
الأذهان للإشارة إلى أن قيام الأشياء بها(8) قيام صدوري(9) لا حلولي كقيام

 

(1) أي الماهية خارج الوجود الخارجي.

(2) ويقال له الوجود الخارجي، والوجود العيني، والوجود الأصيل.

(3) أي المطلوب من الوجود الخارجي.

(4) عطف تفسير على نفسه، أي كون بنفس ذلك الشـي وماهيته، أي له وراء وجوده الخارجي وجود بنفسه وبماهيته.

(5) لا بأشباحها في الذهن([175]).

(6) أي الآثار المترتبة على الوجود الخارجي، ويقال له الوجود الذهني (في الذهن) والوجود الظليّ، والوجود الغير الأصيل، كذا ذكره بعض المحشين([176]).

(7) ما لم يقوى بالموت أو الفناء أو النوم، فإنه إذا قوى بهذه الثلاث فيترتب عليه الآثار الخارجية، بل تكون أقوى.

(8) أي بالأذهان.

(9) قيام الفعل بالفاعل لا كقيام الفعل بالمفعول، بمعنى أن النفس والذهن خالقة للأشياء فيها، وموجودة لها هناك، وهذا لا ينافي ما ذكر من أن فاعل الوجود هو الله عز وجل لا غيره؛ لأن النفس هو فاعل ما به لا منه، والفاعل للوجود ما منه هو الله عز وجل فقط، وأما الذي ما به وبسببه يحصل الوجود فهذا كثير، ومن جملته النفس والذهن.

الأشياء بالمبادئ العالية(10) ولا سيما مبدأ المبادي(11). ثمّ أشـرنا إلى وجوه من الأدلة. الأول قولنا (للحكم إيجابا) أي نحكم حكماً إيجابيا (على المعدوم) أي ما لا وجود له في الخارج، كقولنا بحر من زيبق بارد بالطبع، واجتماع النقيضين مغاير لاجتماع الضدين. وثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له.

وإذ ليس المثبت له هنا في الخارج ففي الذهن(12).

(و) الثاني قولنا (لانتزاع الشـيء ذي العموم) أي نتصور مفهومات(13) تتصف بالكلية والعموم، بحذف ما به الامتياز عنها(14)
 

(10) وهي نفوس الافلاك والعقول، فإن الاشياء قائمة بها قيام صدوري، لأنها تصدر منها بعض الاشياء، وهو قائم بها.

(11) وهو الذات المقدّسة، فإن جميع هذه المخلوقات قائمة قيام صدور؛ لأنها صادرة منه.

(12) واجتماع النقيضين، والبحر المذكور كلّها اثبتت لها أحكام، وقاعدة ثبوت شـيء لشـيء فرع لثبوت المثبت له مسلّمة عند الخصم، وحيث إنه لا وجود لهذين الموضوعين في الخارج، فهما موجودان في الذهن، فثبت الوجود الذهني.

وأشكل على هذا الدليل: بأنه إن هذه الموضوعات إنما حكمه عليها لوجودها في المبادئ العالية، ونحن كلامنا في أن الاشياء توجد في انفسنا، أو لا. فهذا الدليل لا يثبت المطلوب. وأجاب صاحب الشوارق([177]) بجواب لم يرتضه الاستاذ واجاب: بأن حكمنا عليها إمّا مع الالتفات إلى وجودها في تلك المبادئ، أو لا. وإمّا مع عدم الالتفات فلا يصح الحكم؛ لأنه هناك عندك شيء، وإن كان مع الالتفات بأن أدركتها وبلغتها وصلت إليها، فليس طريق الوصل إليك بها إلا أن توجدها نفسك، عندها ويصح حينئذٍ الحكم إليها، وإلا فلا يمكن بالالتفات الحكم؛ لأنها غير محيطة بها.

(13) كالإنسان والفرس.

(14) أي بدون مشخصاتها.

والتصور(15) إشارة عقلية، والمعدوم المطلق(16) لا يشار إليه مطلقاً(17)
فهي بنحو الكلية موجودة، وإذ ليس في الخارج- لأن كل ما يـوجد في الخارج جزئي- ففي الذهن(18).

والثالث قولنا (صـرف الحقيقة)(19) أية حقيقة كانت(20) (الذي)
صفة صـرف(21) (ما) نافية (كثرا)(22) - الألف للإطلاق- (من دون
منضماتها) أي غرائبها(23) وأجانبها(24) كالمادة ولواحقها(25) (العقل يرى) أي

 

(15) حاصله ما يرده بهذا: أن هذه المفهومات التي تتصف بالكلية المنطقية ليست معدومة مطلقاً؛ لأن المعدوم لا يتصور، وليست في الخارج؛ لأن الذي يوجد فيه يكون شخصياً لا كلياً، وأما أن يكون له شيئية الماهية فقط، لا موجود ولا معدوم كما تقول المعتزلة([178]) وهو باطل كما سيجيء، فلابد أن يكون موجوداً في الذهن، فثبت المطلوب.

(16) فليست تلك المفهومات معدومة مطلقاً.

(17) أي لا بالإشارة الحسية ولا العقلية.

(18) أي فوجودها في الذهن.

(19) المراد بالصـرف هو الخالص، أي الحقيقة الخالصة من عدم كل مرتبة من مراتبها، بحيث كل مرتبة منها اوجدت، جاءت فيها تلك الحقيقة، وهي صادقة على جميع مراتبها، فالصـرف هنا هو الحقيقة الصادقة على أفرادها المفروضة لها كالإنسان.

(20) ما عدا حقيقة الوجود، فإنه بيّنا أن الكلام ليس فيها، بل في الماهيات؛ لأنها تجـيء في الذهن دون حقيقة الوجود.

(21) أي تعريف إلى صـرف الحقيقة.

(22) أي ما كثر صـرف الحقيقة، أي الحقيقة الخالصة لا تكثّر فيها.

(23) أي الخارجة عن ذاتياتها.

(24) أي والاجانب عن الحقيقة، وهذا عطف تفسير.

(25) كالمقدار والأين والوضع والكيف ونحوها.

يعرف، فصـرف الحقيقة مفعول يرى قدم عليه. والحاصل أن صـرف
كل حقيقة بإسقاط إضافته عن كل ما هو غيره من الشوائب الأجنبـية،
واحد(26) كالبياض فإنه إذا أسقط عنه الموضوعات(27) من الثلج
والعاج والقطن وغيرها، واللواحق من الزمان والمكان والجهة(28)
وغيرها مما لحقه بالذات(29) أو بالعرض(30) كان واحداً(31) إذ لا ميز في الشـيء(32) فهو بهذا النحو(33) من الوحدة الجامعة لما هو من سنخه، المحذوف عنها(34) ما هو من غرائبه(35) موجود بوجود وسيع(36) وإذ ليس في الخارج(37)

(26) خبر قوله فصـرف كل حقيقة، أي الحقيقة الصـرفة واحدة، أي الحقيقة المتوحدة والمتفردة التي ليست مع اشياء أُخر.

(27) أي المواد؛ لأن مادة العرض هو موضوعه ومحلّه.

(28) المراد بها الجهات الست، وان كان يوجد فيها.

(29) كالمقدار للبياض، فإنه لحقه بالذات.

(30) اي بواسطة الجسم كالمكان والزمان، فإنه لما كان الجسم في مكان، كان البياض فيه، وكذا لما كان الجسم في زمان، كان البياض فيه.

(31) هذا جواب إذا، أي كان البياض واحداً، أي صـرف الحقيقة.

(32) فلا تكثّر فيه، بل الشـيء الصـرف واحد لا يمارسه العدم.

(33) أي فالبياض بهذا النحو من الوحدة الجامعة، تلك الوحدة لكل ما هو من سنخ البياض، بحيث أينما وجد مقدار خردلة من البياض، فهذا البياض يصدق عليه، فهذا البياض المتصور لا يتناهى؛ لأن كل مرتبة فرضتها له صدق عليه.

(34) هذا صفة للوحدة.

(35) أي من غرائب حقيقة البياض، أي الخارج عن حقيقة البياض.

(36) هذا خبر قوله (فهو بهذا النحو) الذي يوجد فيه:

- تارة بوجود ضيق، وهي الجزئيات، اذا وجدت فانه تكون في وجه واحد.

- وتارة بوجود وسيع، وهو وجود الكليات؛ لأنها تصدق على كثيرين.

(37) اي هذا الوجود الوسيع ليس في الخارج.

لأنه فيه(38) بنعت الكثرة والاختلاط ففي صقع(39) شامخ(40) من الذهن.

وهذه الوجوه الثلاثة(41) فروقها جلية، لأن بعضها يثبت المطلوب من مسلك موضوعية الموجبة(42) وبعضها من مسلك الكلية(43) وبعضها من مسلك الوحدة(44) وأيضا بعضها من مسلك التصديق(45) وبعضها من مسلك التصور(46). ولأن مباديها مختلفة، فإن مؤنة قاعدة الفرعية لا تحتاج إليها فيما عدا الأول(47) وكذا مبادى‏ء الآخرين(48) فلا وجه لقول المحقق اللاهيجي 
في الشوارق، بعد نقل مسلك الكلية عن المواقف وشـرح المقاصد، إن

 

(38) أي لأنه في الخارج ينعت بالكثرة، فلا يكون له أفراد كثيرة، والحالة أنه فرضناه واحداً، ويكون هذا الوجود مختلطاً بالغير، والحالة أنه فرضناه مجرداً عن الغير، وقطعاً ليس بمعدوم مطلقاً؛ لأنه متصور، فهو مشار إليه بالإشارة الحسيّة.

(39) أي جهة، وهي التعقل؛ لأنها هي التي يوجد فيها الوجود الوسيع.

(40) أي وسيع عالي؛ لأن هذه الجهة هي التي توجد فيها الوجودات الوسيعة لا غيرها من المراتب.

(41) التي ذكرها لإثبات المطلوب.

(42) وهو الوجه الأول، حيث إنه كان مبتنياً على أن ثبوت شـيء لشـيء فرع لثبوت المثبت له.

(43) وهو الدليل الثاني: حيث إنه ذكرنا أن الشـي المعدوم كلي، وليس موجوداً في الخارج، فلابدّ أن يكون موجوداً في الذهن.

(44) وهو الدليل الثالث.

(45) وهو الدليل الأول.

(46) وهو الدليل الثاني والثالث.

(47) وهو الثاني أو الثالث، ولذا لو لم تثبت قاعدة الفرعية، فالدليل الثاني والثالث يتم.

(48) وهي الثاني والثالث، أمّا مبدأ الثاني فهو: أن المعدوم مطلقاً لا يشار إليه مطلقاً، وأما مبدأ الثالث وهو: أنه بإسقاط الشوائب الاجنبية كان واحداً.

هذا داخل في الوجه الذي تمسك فيه(49) بالحكم الإيجابي على المعدوم.

(والذات)(50) أي الماهية وذاتياتها (في أنحا الوجودات) الخارجية والذهنية(51) عالية كانت أو سافلة (حفظ)(52) كما اشتهر بينهم أن الذاتي لا يختلف(53) ولا يتخلف(54). فهذا حكم صدقه العقل ولكن عارضه ونازعه أن (جمع المقابلين منه) أي من انحفاظ الذات والذاتي (قد لحظ) ولزم بنظر العقل أيضاً، وهو محال.

(فجوهر مع عرض كيف اجتمع)؟ هذا تعيين للمتقابلين(55).

بيان اللزوم(56) أن الحقائق الجوهرية بناء على أن الجوهر(57) جنس لها
 

(49) وهو الوجه الأول الذي مبدؤه القاعدة الفرعية([179]).

(50) هذا اشارة الى إشكالين مهمين([180]) على الوجود الذهني كما سيذكرهما لك.

(51) فإن الموجودات الذهنية: تارة توجد في النفوس السماوية والعقول الكلية، وهذه على أنحاء الوجودات. وتارة توجد في طرف الخارج وفي الذهن، وهذا نحو من الوجود، لكنه نحو سافل.

(52) هذا خبر والذات، أي والذات حفظت في اتحاد الوجودات خارجاً وذهناً، والنفوس الكلية السماوية والعقول.

(53) أي ينقلب.

(54) اي لم يأتِ.

(55) اللَذَين لزم أجتماعهما من الحكم بوجود الذات في انحاء الوجودات.

(56) إعلم أن هذا الاشكال يثبت اجتماع الجوهر والعرض فقط، بخلاف الاشكال الثاني؛ فإنه يثبت أن المقولات التسع كلّها مندرجة تحت الكيف.

(57) وأما على القول بأن الجوهر عرض لها فلا يرد هذا الاشكال؛ لأنه إذا كان

وقد تقرّر انحفاظ الذاتيات في أنحاء الوجودات كما تسوق إليه أدلة الوجود الذهني(58) يجب أن تكون(59) جواهر أينما وجدت(60) وغير حالّة(61) حيثما تحققت فكيف جاز أن تكون حالّـة كما هو مذهبهم(62) في الذهن(63) وهو محل مستغن عنها في وجوده والحال في المستغني عرض؟ (أم) – منقطعة(64) بمعنى بل- (كيف تحت) مقولة (الكيف كل) من المقولات التسع (قد وقع)؟ هذا إشكال آخر أصعب(65) من الأول.

الجوهر عرضاً وقد اجتمع مع العرض، والعرض يجتمع مع مطلق العرض، كالكيف يجتمع مع العرض في السواد، فإنه يصدق عليه كيف وعرض، وهذا لا مانع منه؛ لأنه لا تقابل بين الكيف والعرض، فكذا إذا قلنا الجوهر عرض، فإذا اجتمع مع العرض لا مانع منه؛ لأنه حينئذٍ لا تقابل بينهما.

(58) حيث نقول إن الشـيء موجود بذاتياته في الذهن، على أنه لو كان الشـيء غير موجود في الذهن بذاتياته وليس هو حينئذٍ موجوداً فيه، بل غيره؛ لأن شيئية الشـيء بذاتياته، فإذا لم يوجد بذاتياته، فلا يوجد بنفسه.

(59) أي الحقائق الجوهرية.

(60) لأن جوهريته حينئذٍ ذاتية لها.

(61) أي الحقائق الجوهرية؛ لأنها لو كانت حالّة في محل، أي محتاجة إلى محل وهو غير محتاج إليها، كانت عرضاً، والحالّة قد ذكرنا أنها جوهر، والجوهر جنس لها، وهو مقابل للعرض.

(62) أي مذهب القائلين بالوجود الذهني، لا المصنف، فإنه قائل بالصدور لا بالحلول.

(63) أي أن تكون الحقائق الجوهرية حالّة في الذهن، وحينئذٍ اجتمع المتقابلات في الجوهر؛ لأنه ذاتي فهو موجود معها. والعرض؛ لأنها حالّة في الذهن، والذهن مستغنٍ عن الحقائق الجوهرية، والحال في المستعني عرض.

(64) هذا شـروع في الإشكال الثاني، وهو مبني على مقدمة: من أن المقولات التسعة جنس الى ما تحتها، فالكيف جنس إلى ما تحته، وكذا غيره من المقولات.

(65) سيجيء وجه الاصعبية.

بيانه: أن القوم قد عدّوا العلم كيفاً نفسانياً، والعلم عين المعلوم بالذات(66) والمعلوم بالذات قد يكون جوهراً وقد يكون كمّا ًوقد يكون مقولة أخرى، فيلزم اندراج جميع المقولات في الكيف(67). وإنما قلنا هذا أصعب من الأول لأن العرض عرض عام(68) للمقولات التسع العرضية، لكونه من العروض، وهو وجودها في الموضوعات(69).

فليس كثير إشكال(70) في كون الجوهر الذهني عرضاً إذ لا يصير
 

(66) الصورة الذهنية للشـيء معلومة بالذات، والشـيء الخارجي معلوم بالعرض؛ لأنه بواسطة الصورة علم، وليس العلم إلا عبارة عن تلك الصورة الحاصلة، فالعلم عين المعلوم بالذات

(67) وذلك لأنها كلّها تكون معلومة، وحينئذٍ تتصف بالكيف، وحينئذٍ يكون الكيف جزءاً من حقيقتها، والحالة أن الجوهرية أيضاً جزءٌ من حقيقتها، وكذا الكم، فيجتمع المتقابلان في شـيء واحد، وذلك باطل اشد البطلان.

(68) وليس جنساً لها.

(69) ربمّا يشكل أن العروض هو الطرو والحلول، فلا وجه لتفسيره بالوجود في الموضوعات.

والجواب: أنّ الطرو والحلول ليس له وجود وراء وجود العوارض في
محلها.

قلنا: أن العروض هو وجودها في الموضوعات، والوجود للشـيء بعد تمام ماهيته، فكان الوجود زائداً على الماهية، فالعرضية زائدة على الماهية، فهي زائدة على الكم والكيف وسائر المقولات. فظهر أن العرض ليس جنساً إلى ما تحته، بل عارضاً عليها.

ومما يؤيد أن العرض عرض عام للمقولات التسعة، أن المقولات التسعة أجناس عالية، ولو كان العرض جنساً لها لما كانت اجناس عالية.

(70) أي ليس هناك اشكال عظيم في كون الجوهر الموجود في الذهن عرضاً، بل أنه
قد أجيب عن الإشكال الأول- كما سيجـيء- بأن الجوهر إن وجد في الخارج كانت الجوهرية تقتضي الاستغناء عن المحل، وأن وجد في الذهن لم تقتض ذلك،

 

جنساً له(71) بخلاف الكيف، فإنه جنس عال. فإذا كانت الصورة العلمية جوهراً كالإنسان والفـرس أو كمّاً أو وضعاً، كالسطح أو الانتصاب، لزم أن يكون شـيء واحد(72) مندرجاً تحت مقولتين(73) ومجنّساً بجنسين في مرتبة واحدة(74) بحسب ذاته، وإذا كانت(75) كيفاً محسوساً مثلاً، كالسواد، لزم أن يكون شـيء واحد كيفاً محسوساً وكيفاً نفسانياً معاً.

فهذا الإشكال جعل العقول حيارى والأفهام صـرعى، فاختار كل مهربا.

(فأنكر) الوجود (الذهني) فراراً من هذا ونظائره (قوم)
 من المتكلمين (مطلقا) وإن كان بنحو الشبح، وجعلوا العلم بالشـيء

 

بل يكون عرضاً، فحينئذٍ قابل لأن يكون الشـيء جوهراً بإعتبار استغنائه عن المحل في الخارج، وعرضاً بإعتبار احتياجه إلى المحل في الذهن، فقابل لأن يكون الشـيء جوهراً وعرضاً باعتبارين، ولا منافاة بينهما، وليس هناك جمع بين المتقابلين؛ لأن كلاً منهما كان باعتبار، وإنما المنافاة لو اجتمعا على شـيء واحد، كما لو كان العرض جنساً، فحينئذٍ يلزم أن يجتمعا في شـيء واحد دائماً أمران متقابلان، العرض والجوهر في كل من انحاء الوجودات.

وكما بيّنا في الحاشية السابقة، من أنه قابل لأن يكون الجوهر عرضاً، اجاب عنه بعضهم.

(71) أي إذ لا يصير العرض جنساً للجوهر، وحينئذٍ قابل أن يكون الجوهر
الذهني عرضاً. نعم لو كان العرض جنساً، كان كثير إشكال اجتماع الجوهر والعرض؛ لأنهما متقابلان، فكيف يجتمعان في شـيء واحد، وجزء من حقيقة شيء واحد.

(72) كصورة الإنسان، فإنها جنسها الجوهر، وهي أيضاً كيف؛ لأن المعلوم بالذات كيف، فهذه كيف وجوهر.

(73) احدهما الكيف والآخر أحد المقولات التسعة.

(74) وهي مرتبة الوجود الذهني.

(75) أي الصورة العلمية.

مجرد الإضافة(76).

ويبطله العلم بالمعدوم(77) وعلم النفس بذاته. (بعض) وهو الفاضل القوشجي (قياما) بالذهن (من حصول) فيه(78) في التنكير(79) الذي للتنويع إشارة إلى ما اصطلح عليه(80) (فرقا) فقال: إن في الذهن عند تصورنا الجوهر أمرين: أحدهما ماهيـة موجودة فـي الذهن وهو معلوم وكلي وجوهر، وهو غير قائم بالذهن ناعتاً له(81) بل حاصل فيه حصول الشـيء في الزمان والمكان(82)
 

(76) بين العالم والمعلوم([181]).

(77) فإنه لا إضافة بينهما؛ لاستحالة الاضافة بالقياس إلى المعدوم، وكذا استحالة تحقق إضافة الشـيء إلى نفسه، وذلك لأن الاضافة تستدعي تحقق الطرفين، وليس في المقام كذلك.

(78) أي في الذهن.

(79) قياماً وحصولاً.

(80) الفاضل القوشجي([182])، وهو أنه اراد هنا بالقيام حصول شـيء في الذهن على نحو الاحتياج إليه، واراد بالحصول هنا وجود شـيء في الذهن، لا على نحو الاحتياج إليه، كوجود الشـيء في الزمان والمكان.

(81) أي وغير ناعت للذهن بالعلم، وغير واصف له، أي الذهن ينعت بالعلم، ليس بهذا الشـيء الحاصل في الذهن، بل ينعت من جهة حصول صورة وشبح فيه، مطابقاً لهذا الموجود في الذهن، فحينئذٍ ينعت بالعلم ويوصف به.

(82) فإن الشـيء الحاصل فيها ليس بحال.

وثانيهما موجود خارجي(83) وعلم وجزئي وعرض
قائـم بالذهن من الكيفيات النفسانية(84)

 

(83) وهو الصورة والشبح الذي حصل من صورة الشـيء الموجودة في الذهن، وحيث إن هذا الشبح قائم بالذهن، وحالّ فيه حلول العرض بمعروضه، والذهن موجود في الخارج، فهذا أيضاً موجود في الخارج؛ لأن هذا الشبح عارض للذهن، فوجوده تابع لوجود الذهن، والذهن موجود في الخارج، فهذا أيضاً موجود في الخارج، وهذا الشبح هو العلم، لا تلك الصورة الحاصلة في الذهن.

(84) على الوجود الذهني اشكلوا أربعة إشكالات([183]):

الأول: يلزم أن يكون الجوهر عرضاً، وقد تقدّم الكلام عليه.

والثاني: يلزم أن تكون جميع المقولات مندرجة تحت مقولة الكيف، وقد تقدّم الكلام ايضاً فيه.

والثالث: يلزم أن يكون العلم عين المعلوم على القول بالوجود الذهني؛ لأن العلم هو الوجود ذهناً، وحيث إنكم قلتم بوجود الاشياء بأنفسها في الذهن، فالشـيء الواحد علم ومعلوم، والحالة أن العلم غير المعلوم، ولذا للعلم حكم، وللمعلوم حكم آخر، لا يكون كل منهما ثابتاً للآخر، فإن العلم بالكفر لا يوجب وصف الإنسان بالكفر، ولو كان العلم عين المعلوم؛ لزم أن يكون العلم بالكفر كفر، والله عز وجل عالم بالعالم، وعلمه عين ذاته، فيلزم أن يكون الله عز وجل عين ذاته العالم بناءاً على أن العلم عين المعلوم.

والرابع: هو أن يكون الكلي جزئي، وذلك لأنه بعدما وجد الكلي في الذهن احتاج إلى موضوع، والشـيء إذا احتاج إلى موضوع تشخّص، ولذا قيل: الشـيء إذا وجد تشخّص، وفي عبارة المصنف ذكر ثلاثة إشكالات وأهمل الثاني.

والأصح: أنه بقوله (وعرض قائم بالذهن من الكيفيات النفسانية)، اشار إلى الإشكال الأول والثاني، لأن المحذور فيهما إنما كان لزوم العرضية للجوهر والكيف للمقولات الباقية، وإلى المحذور الأول اشار بالعرض، وإلى الثاني بقوله أي الكيفيات النفسانية.

والجواب: عن هذا الإشكال دفعه الفاضل القوشجي([184]) بما ذكره من أن الموجود في الذهن شيئان، فالحاصل في الذهن هو الجوهر، وهو المعلوم، وهو الكلي، وهو الكم ونحوه. والقائم في الذهن هو الكيف، وهو العلم، وهو الجزئي، فتغاير الكلي والجزئي والعلم والمعلوم، وأما المصنف فالإشكالان الأولان سيجيء دفعه لهما.

وأمّا الإشكال الثالث فأجاب عنه في حاشيته([185]): أن العلم والمعلوم بالذات متحدان ذاتاً ومختلفان اعتباراً، فالشـيء الحاصل في الذهن - باعتبار وجوده فيه وحصوله فيه- علم، من حيث هو علم، وهذا نظير تغاير الوجود والماهية، فإنهما متحدان ذاتاً مختلفان بالاعتبار، فمن حيث الحدود ماهية، ومن حيث التحقق في الخارج وجود.

وأما الإشكال الرابع: فجوابه على رأي المصنف كما ذكره في الحاشية([186])، في
أن الكلي في الذهن وإن كان جزئياً، إلا أنه إذا قيس إلى الأشخاص الخارجية

 

فحينئذٍ لا يرد إشكال(85).

إنما الإشكال من جهة كون شـيء واحد جوهراً(86) وعرضاً، أو علماً ومعلوماً، أو كلياً وجزئياً انتهـى. وتصويره(87) أنـه إذا فرض مشكل(88) محفوفاً بمرآة من بلور أو ماء من جميع الجوانب، بحيث انطبع صورته(89) فيها(90) فهاهنا أمران:

أحدهما شيء ليس قائماً بالمرآة، ولكنه فيها وهو الصورة.

وثانيهما شـيء قائم بالمرآة، وهو نفس الصورة المنطبعة.
فقس عليه ما في مرآة الذهن. هذا مذهبه(91)

 

والذهنية - باعتبار الصدق عليها - فهو الكلي، وباعتبار وجوده في الذهن جزئي.

(85) لأنه ثبت شيئان في الذهن، أحدهما علم والآخر معلوم، واحدهما كلي والآخر جزئي، وأحدهما عرض والآخر جوهر، واحدهما كيف والآخر أحد باقي المقولات التسعة.

(86) أي الإشكال الذي كان يرد هو: كان الشيء الواحد جوهراً وعرضاً، وعليه ترتب ذلك المحذور الفاسد، وهو كيف يجتمع الجوهر والعرض، وبعدما اثبتنا أن هناك شيئين في الذهن، احدهما جوهر والآخر عرضاً، فلا إشكال حينئذٍ وارد؛ لأن لا محذور في كون شيئين موجودين في موضوع واحد، أحدهما جوهر والآخر عرض، وكذا الكلام في باقي الإشكالات.

(87) أي تصوير مذهب الفاضل القوشجي.

(88) أي له شكل.

(89) أي صورة هذا الشكل.

(90) أي في المرآة، أو في الماء، ومثّل بعض شارحي السُلّم بالضياء في غرفة فقال: هناك شـيء حاصل في الغرفة وهو نفس الضياء، وشـيء حالّ في الغرفة وهو نفس الضياء، وشـيء حال في الغرفة وهو النور الحاصل من الضياء، ثمّ قال: وهذا التمثيل أولى من غيره.

(91) فتلخص من عنده، يوجد الشـيء في الخارج، ويحصل في الذهن، ويقوم شبحه
 

وفيه ما فيه(92). (وقيل) والقائل جماعة من الحكماء (بالأشباح) لا
بالأنفس (الأشياء انطبعت) في الذهن، فلا يلزم كون شـي‏ء واحدٍ جوهراً

 

الحاصل من تلك الصورة في الذهن.

(92) وذلك بأن يقال: إن أراد الفاضل المذكور بالتغاير بين هذين الشيئين في الذهن التغاير الاعتباري، فهذا لا يدفع إشكال الجوهر والعرض، وإندارج المقولات التسعة تحت الكيف؛ لإن هذه أمور ذاتية لا تختلف باختلاف الاعتبار، والشـيء باقٍ على وحدانيته، فلزوم اجتماع الأمرين المتقابلين في شـيء واحد باقٍ على حالته، وإن أراد أنهما متغايران بالذات كما هو ظاهر عبارة هذا القائل، وكذا المصنف في الحاشية([187]) رد على هذا الوجه الثاني لا الأول، فيردّ عليه:

أولاً: أنه هذا مخالف للضـرورة والوجدان.

وثانياً: إحداث قولٍ ثالث بلا بينة ولا برهان؛ لأن الحكماء منهم من قال بحصول الأشياء بأشباحها في الذهن، ومنهم من قال بحصولها بأنفسها في الذهن، ولم يقل أحد بأن الأشياء توجد بأشباحها وانفسها في الذهن، ولا داعي إلى هذا الالتزام، مع إمكان دفعه بغير هذا الالتزام.

وثالثاً: يلزمه أن يقول: تكون النفس فعّالة لما هو عقل بالفعل؛ لأن هذه الصورة الموجودة في النفس الغير القائمة بها عقل بالفعل، لما تقرر عند الحكماء أن كل مجرد قائم بذاته فهو عقل عاقل لذاته، ومعقول لذاته، فهذه الصورة عقل عاقل معقول.

ولا يمكن القول بحصول هذه الصورة من دون مدخلية للنفس في حصولها فيها، وإلا لِمَ حصلت في تلك دون هذه، فهذه الصورة التي حصلت للنفس بإدراكها إياها، لابد أن يكون للنفس علّية بالقياس إليها، أما أن تكون النفس علّة فاعلية لها
 

وعرضاً، أو جوهراً وكيفاً مثلاً، لأن بقاء الذاتي في نحوي الوجود، فرع بقاء ذي الذاتي. وعلى القول بالشبح لا يحصل بنفسه(93) وماهيته في الذهن. وأنت خبير(94) بأن الوجوه الدالة على ثبوت الوجود الذهني، إنما دلالتها على وجود حقائق(95) الأشياء وماهياتها في الذهن، لا ما يغايرها في الماهية(96) ويوافقها في
 

أو مادية([188]) أو غائية أو صورية، لا سبيل إلى كونها علة غائية أو صورية؛ لأنه بعدما أثبتنا أنها عقل، والعقل أتمّ وأشـرف من النفس؛ لأنه هو الذي أخرج النفس من القوّة إلى الكمال، حيث صيّرها مدركة، فكيف يكون الانقص غاية للأشـرف أو صورة له، فلا يمكن أن تكون النفس صورة أو غاية للصورة الحاصلة فيها، وأيضاً لا سبيل إلى كونها علّة مادية؛ لأنه باعتراف الفاضل أنها غير قائمة بالنفس.

فتعيّن كونها علّة فاعلية لهذه الصورة، التي هي عقل، وحيث إن قلنا أنها اشـرف، والنفس أقل مرتبة منها؛ لأن النفس في قوس النزول لا في قوس الصعود، فلا يمكن أن يتأثر الأنقص في الأعلى، فلا تؤثر النفس في الصورة مطلقاً.

ورابعاً: هذا قوله بحدوث العقل وتجدده، هو خلاف ما تقرّر عندهـم، وقد قرّر هذه الإشكالات على هذا الفاضل في حاشية الشوارق فراجع([189]).

(93) أي ذي الذاتي لا يحصل بذاته ونفسه، فحينئذٍ ذاتياته لا تحصل، بل يوجد ظله الحاكي عنه كحكاية اللفظ والكتابة، إلا أن محاكاة الالفاظ والكتابة بحسب الوضع، وتلك الاشباح بحسب الطبيعة.

(94) هذا جواب عن القول بالأشباح([190]) في دفع الإشكال.

(95) لأن مفادها أن الشـيء لو لم يوجد في الذهن لكان كذا وكذا.

(96) كما لو قلنا الشبح، فإن ماهيته غير ماهية الشـيء، فلم يكن الشـيء موجوداً في الذهن، ولم يكن للماهية نحوان من الوجود الذهني والخارجي، بل كان لها وجود
 

بعض الأعراض(97) كما لا يخفى.

(وقيل) والقائل هو السيد السند صدر الدين(98) انطبعت الأشياء في الذهن (بالأنفس) أي بأنفسها وماهياتها (وهي) أي والحال أن أنفس الماهيات
 

خارجي فقط.

ومن المفاسد العظيمة على القول بالشبح لزوم كون المعلوم جهالة؛ لأن العلم بالشيء انكشافه بما هو عليه، وإذا لم يوجد شـيء من مقوّماته، لم يكن هذه الماهية تلك الماهية، فلم ينكشف الشـيء بما هو عليه، إذا لم يوجد بنفسه في الذهن، وقد وجّه القول بالشبح اللاهيجي([191]): أن الماهية وإن كانت موجودة بنفسها، إلا إنه بالوجود الذهني، فهي شبح للماهية بوجودها الخارجي، كذا في الحاشية للمصنف([192]).

(97) كالكم والهيئة.

(98) والقائل السيد السند الصدر([193])، حاصل مذهبه: أن الماهية لها وجودان، وهي
 

(انقلبت) وقد بين مذهبه هذا القائل بعد تمهيد مقدّمة بأنه، لما كانت موجودية الماهية متقدّمة على نفسها(99) فمع قطع النظر عن الوجود، لا يكون هناك ماهية أصلا. فإذا تبدل الوجود بأن يصير الموجود الخارجي والوجود الذهني
 

تختلف بذاتياتها وتنقلب بحسبهما، فماهية الإنسان هي المردّدة بين الوجود الخارجي والوجود الذهني، وهي في الخارج جوهر وفي الذهن عـرض، ففي الخارج لها ذاتيات، وهي في الذهن تنقلب تلك الذاتيات، قالوا الجوهر يكون عرضاً، والكم كيفاً، فماهية زيد وجدت بذاتياتها الذهنية، ومع ذاك أندفع الاشكالان المذكوران.

(99) أي نفس الماهية، لأنها قبل الوجود لم تكن ماهية، وبعد الوجود صارت ماهية. فموجودية الماهية سابقة على نفس الماهية، والمراد بالتقدّم هنا التقدّم بالأحقيّة، يعني تحقق الشـيء وحصوله من حيث هو موجود، اولى وأحسن وأحقّ بالحصول من حيث هو ماهية.

قال المصنف في الحاشية على الأسفار([194]): وهذا الكتاب لعلك تقول كيف يقول السيد بهذا، وهو يقول بأصالة الماهية واعتبارية الوجود، وأقول قد كان متصلباً في ذلك، حيث أدعى أصالة الماهية حتّى في الواجب، وكان يقول: إذا اقترن مفهوم الموجود مع الماهية وجودات، وليس عندنا وجود أصلاً.

ثمّ قال المصنف فأقول: مراده تقدّم الماهيّة الخارجة عن استواء الطرفين، المستحقة لحمل الموجود عليها، باكتسابها حيثية المجعولية على الماهيّة من حيث هي هي تقدّماً
 

والخارجي مختلفان بالحقيقة(100).

موجوداً في الذهن، لا استبعاد أن يتبدل الماهية(101) أيضا. فإذا وجد الشـيء في الخارج، كانت له ماهية، إما جوهر أو كم، أو من مقولة أخرى.

وإذا تبدل الوجود، ووجد في الذهن، انقلبت ماهيته(102) وصارت من مقولة الكيف. وعند هذا اندفع الإشكالات، إذ مدار الجميع على أن الموجود الذهني باق على حقيقته الخارجية.

بالأحقّية، وبعبارة ]اخرى[ نفس الماهية المتحدة مع مفهوم الموجود، متقدّمة على الماهية التي لم تتحد، لكن المناسب لأصالة الماهية أن يقول: الماهية متقدّمة
على الوجود بالتجوهر كما يقول السيد الداماد، والمحقق الدواني، والمحقق اللاهجي([195]).

اقول: هو ليس قولاً بأصالة الماهية، لان حقيقة الاصالة اقتضاء الاسّية في البناء العقلائي على الاشياء، لتكون هي المنطلق والمرتكز للبناء، الا اني ارى انه قول بالتقدّم الرتبي للقائلين بالتجوهر، فلا يصح الوجود العبثي اللاادراكي، فحقيقة الاشياء ادراكها قبل وجودها، والا كان وجوداً عبثياً. نعم لا اقول بأصالتها، بل الوجود هو الاصيل الذي يبتني عليه اللوازم الذاتية والعرضية، واعتقد النزاع لفظي.

(100) إلى هنا تمت المقدّمة.

(101) لما بيّنا في المقدمة من أن الماهية من حيث هي تابعة للماهية الموجودة، فقابل لأن تختلف الماهية من حيث هي باعتبار الوجودين، بخلاف ما لو قلنا أن الماهية هي المتقدّمة وليست بتابعة، فحينئذٍ يستبعد تبدلها بتبدل الوجود.

(102) وحينئذٍ فالأشياء توجد في الذهن بماهياتها، غاية ما في الباب أنه لا ماهية، إن كانت في الخارج فهي تلك ذواتها، وإن كانت في الذهن فهي ذواتها منقلبة عن تلك، وحينئذٍ زيد وجود بماهيته، ونفسه في الذهن.

أقول: مدار إشكال(103) كون شـي‏ء واحد جزئياً وكلّياً ليس عليه(104).

ثمّ أورد على نفسه أن هذا هو القول بالشبح(105). وأجـاب
بأنه ليس للشـيء، بالنظـر إلى ذاتـه بذاته حقيقة معينة(106) بل الموجود

 

 

فكأنه يجعل ماهية زيد هو الماهية التابعة للوجود الخارجي والذهني.

(103) هذا اشكال على السيد السند([196]).

(104) أي على كون الوجود الذهني باق على حقيقته الخارجية، قال المصنف في الحاشية([197]): إذ مدار جزئيته على كون الموضوع من جملة المشخّصات، ومدار كلّيته، على أن كل شيء في العقل يحذف غرائبه، سواء كان نفس الموجود الخارجي، أو شبحه، أو منقلبه.

(105) لأن القائلين بالشبح يقولون بأنه يوجد شـيء حاكٍ مخالف في الحقيقة للوجود الخارجي.

(106) كما هو قول القائلين بالشبح من أن له حقيقة معينة، وهذا مخالف لها حاكي عنها، فهو شبحها، وعلى رأي السيد فليس لها حقيقة معينة حتّى يكون لخالقها وشبحها، بل على رأيه أن لها إبهاماً، مثل أنه الأمر الدائر ]بين[ الجوهر والكيف، فتكون إما هذه حقيقة وإما تلك، فإن وجد في الخارج فتلك حقيقته، وإن وجد في الذهن فتلك حقيقته.

 

الخارجي(107) بحيث إذا وجد في الذهن، انقلب كيفاً، وإذا وجدت الكيفية الذهنية في الخارج، كانت عين المعلوم الخارجي.

ثمّ أورد سؤالاً آخر، بأنه إنما يتصور هذا الانقلاب لو كان بين الموجود الذهني والخارجي مادة مشتركة(108) كما قرّروا الأمر في الهيولى المبهمة(109) وليس كذلك(110).

وأجاب بأنه أنما استدعى الانقلاب مادة، لو كان انقلاب أمر في صفته(111) أو صورته(112) وأما انقلاب نفس الحقيقة بتمامها إلى حقيقة أخرى فلا.

(107) نظر لهذا المطلب المصنف في الحاشية([198])، بأن قال مثل ما يقال في تفسير الكلي بالمطابق للكثيرين، مع أن المطابق مجرد، والكثيرون ماديون، وبينهما غاية البعد.

أن المراد بالمطابقة: أنه لو حصل الكلي في الخارج كان عين الأفراد، ولو حصلت الافراد في العقل كانت عين الكلي المجرد، إذا يحذف غرائبها تكون عينه.

(108) بين المنقلب والمنقلب إليه، وبرهنوا على ذلك بأنه لو لم تكن مادة مشتركة لم يقل هذا منقلب عن ذاك دون هذا، أو لم يقل أن كلاً منهما حقيقة بنفسه، فلابد
من وجود مادة مشتركة.

(109) حيث قال: أن الهيولى تنقلب صورتها إلى صورة نوعية أخرى، كما في هيولى الماء، فتارة تصير ماءً، وتارة هواءً، وتارة ناراً، والمشترك بين هذه العناصـر الثلاث هو الهيولى المبهمة الصورة.

(110) أي والموجود الذهني والخارجي ليس بينهما أمر مشترك، بل صار كل منهما تحت جنس غير الجنس الأول، كما لو صار للشـيء هيولى غير الهيولى الأولى، فلم يكن هناك أمر مشترك يصح الأنقلاب.

(111) كما لو انقلب الجسم الاسود إلى البياض، فهناك شيء مشترك وهو الجسم.

(112) كما إن انقلبت صورة الماء إلى صورة الهواء، وصورة الهواء إلى صورة النار، فهنا أيضاً يراد أمراً مشتركاً.

نعم يفرض العقل لتصوير هذا الانقلاب أمرا مبهما عامّاً(113). هذا مذهب هذا السيد  قدس سره  وهو بظاهره سخيف(114) لأنه قائل بأصالة الماهية. وأنى للماهية هذا العرض العريض(115) مع كونها مثار الاختلاف، وعدم وجود
مادة مشتركة(116) كما اعترف به في الانقلاب الذاتي؟

 

ويشكل عليه: أنه ليس ترجح لأن يقال هذا منقلب من ذاك، على أن يقال أنهما حقيقتان برأسهما، إذ ليس فيهما مادة مشتركة، فلِمَ تقول هذه تلك.

(113) للموجود في الذهن والخارج، مثل الممكن والأمر والشـيء، ولا يخفى أن كل واحد منها من المعقولات الثانية، ولا يحاذيه شـيء في الخارج مشترك بينهما، بل هي أمور اعتبارية، فلم يكن شيـئاً باقياً في الاحوال.

(114) أتى بلفظ الظاهر للإشارة على أنه له توجيه تندفع به تلك الإشكالات، كما ذكره ملا صدرا في الوجود الذهني من أسفاره([199]).

(115) أي تكون ماهية واحدة مقولة بالتشكيك، فتارة تكون لها مرتبة الجوهرية، وأخرى مرتبة العرضية، مع كونها مثار الاختلاف ومنشأ للتعدد، وعدم وجود
مادة مشتركة حتّى تقول هذه الماهية هي تلك، فمع هذه الأمور الثلاث كيف يقال أنهما ماهية واحدة، ولشخص واحد، مع القول بأن الذاتيات مختلفة، فلابد أن
يقال أن هناك ماهيتين مختلفتين، وحينئذٍ لا علقة بينهما توجب العلاقة، وماهية الإنسان واحدة منهما، فأما أن يقول هي الخارجية فقط والذهنية فقط، وأما أن لا تكون موجودة في الخارج إن كانت ذهنية، وإلا فليس موجود في الذهن إن كانت ذهنية.

(116) فلا يكون لها مراتب، بل لابدّ وأن تكون لها مرتبة واحدة.

وأشكل الأستاذ على هذا الجواب بما حاصله: أنه يظهر من هذا الجواب بأنه لو كان للماهية هذا العرض العريض لصحّ مذهبه، والحالة هو غير صحيح؛ لأنه باعترافه يقول بالانقلاب، وجعل الانقلاب جزءاً من دليله، ولم يجعل الاشتراك، وفي هذا نظر.

نعم هذا(117) حق طلق للوجود، لكونه مقولاً بالتشكيك على مراتب فيها أصل محفوظ، وسنخ باق. لكنه  قدس سره  لا يقول بأصالته(118).

(وقيل) والقائل هو المحقق الدواني (بالتشبيه والمسامحة)- متعلق بمفصحة-(تسمية) أي تسمية العلم (بالكيف عنهم) أي عن الحكماء (مفصحة)
أي مروية. فعند المحقق إطلاق القوم لفظ الكيف عـلى الصور العلمية
من الجوهر ومن سائر المقـولات ما عدا الكيف(119)
أنما هو على المسامحة تشبيهاً للأمور الذهنية(120) بالحقائق الكيفية الخارجية. وأما في الحقيقة، فالعلم لمّا كان متحداً بالذات مع المعلوم بالذات(121) كان من مقولة

(117) أي العرض العريض، والتشكيك وجود المراتب، إنما هو حق طلق الوجود، أي مطلق الوجود.

(118) أشكل الاستاذ عليه: بأن هو ظاهره هذا الجواب، أنه لو قال بأصالة الوجود فصحيح مذهبه، والحالة أنه لو قال ايضاً ]بعدم أصالته[ لم يكن صحيحاً؛ لأن الكلام في الماهيات، هل يمكن وجودها في الذهن بذاتياتها أم لا، ولا دخل في هذا المذهب لأصالة الوجود.

(119) لأنه على نظر الدواني([200]) أن الصورة العلمية تابعة للمعلوم الخارجي، فإذا كانت الصورة العلمية للكيف، فإطلاق الكيف عليها صحيح؛ لأنها تابع.

(120) ووجه الشبه أن الصورة العلمية غير قابلة للقسمة، محتاجة إلى المحل والمحل مستغن عنها، وليس لها إضافة إلى أمر من الأمور، فاستحقت أن يطلق عليها لفظ الكيف تسامحاً، ولأجل المشابهة، لا أنها كيف واقعاً.

(121) والمعلوم بالذات هو الصورة الذهنية، وهو مطابق للمعلوم بالعرض وهو الأمر الخارجي، فهما مثلان، والامران المتماثلان مشتركان بالماهية واللازم.

قال المصنف في الحاشية([201]) ممثلاً لذلك: إن العلم بالشمس شمس أخرى، ولذا يقال

 

المعلوم(122) فـلا يلزم اندراج شي‏ء واحد تحت مقولتين(123).

وأما جوهرية شـيء واحد وعرضيته، فليس فيه عنده إشكال، لأن العرض كما مر من العروض، وهو الحلول، وهو نحو من الوجود(124) والوجود
 

العلم بالشـيء الصورة الحاصلة عند العقل، ويقال صورة الشـيء ماهيته.

(122) أي كان العلم من مقول المعلوم بالعرض لما بينا من أنهما متماثلان، فاللازم والذاتي لاحدهما عين اللازم والذاتي للآخر.

فإن كان جوهراً، فجوهر، وإن كماً فكم، وإن كيفاً فكيف، وهكذا.

(123) إن قلت: قد ذكرتم أن الصورة العلمية فيها حد الكيف، ومفهومه من أنه القائم في محل من دون إضافة، غير قابل للقسمة، فهي كيف.

قلت: هذا الإشكال وارد على مذهب الدواني([202])؛ لأنه على رأيه أن هذه المقولات مأخوذ فيها الوجود الخارجي، وذلك لأنه يقول أنهم قسّموا الموجود الخارجي إلى قسمين: واجب وممكن، والممكن إلى المقولات التسعة والجوهر، فهذه التسعة والجوهر جعل مقسمها الوجود الخارجي، فالكيف معناه هو الشيء الذي إذا وجد في الخارج يكون قائماً في محل، من دون إضافة، غير قابل للقسمة، وصورة الجوهر
ليست كذلك،فصورة الإنسان ليست إذا وجدت في الخارج تحتاج إلى محل، وكذا الجوهر هي الشيء الذي إذا وجد في الخارج لا يحتاج إلى محل، ومتقوّم بذاته، وهذا ينطبق على صورة الإنسان، فهي جوهر لا كيف، وكذا سائر المقولات، فالصورة تابعة، ولا يصدق عليها تعريف الكيف، نعم يصدق على صورة الكيف؛ لإنها اذا وجدت في الخارج تكون محتاجة إلى المحل، غير قابلة للقسمة ولا النسبة.

(124) وهو الوجود الرابطي، والوجود يكون بعد تمام الماهية زائداً عليها، فلا
يكون العرض المطلق ذاتياً للماهية، بل ]هو[ خارج محمول عليها، فلا يلزم أن
ليس ذاتياً للماهية، فمفهوم العرض يصدق على المقولات العرضية(125) وعلى الجوهر الذهني، صدق العرض العام على المعروض.

ولا منافاة بين كون الشـيء جوهراً ذهنياً، بمعنى أنه ماهية، حقّ وجودها في الأعيان أن لا يكون في الموضوع، وبين كونه عرضاً خارجياً(126) لا في مقام ذاتـه(127).

(بحمل ذات)(128) أي بالحمل الأولي الذاتي (صورة) علمية من كل ممكن
 

تتركّب ماهية عند وجودها في الذهن من أمرين متباينين.

(125) أي التسعة.

(126) أي موجوداً فعلاً في موضوع.

(127) أي كونه عرضاً لا في مقام ذاته، بل بالعرض، وعارض عليه العرضية، وليست جزءً لذاته.

ويبطل هذا الجواب: أن الصور الذهنية بلحاظها إلى الوجودات الخارجية تسمّى ذهنية، وإلاّ باللحاظ إلى نفسها تكون خارجية؛ لأنها موجودة في النفس، والنفس خارجية، فهي موجودة في الخارج، ورتبت عليها آثارها وهو العلم، فهي أيضاً في نفسها جوهر وكم ونحوها، مع أنها محتاجة إلى محل، فهي في الخارج بالنسبة إلى نفسها، وهي محتاجة إلى محل في الخارج، فيلزم الاشكال المذكور.

وإذا قلت: أنها كيف، فعرضيها ذاتية لها، وفي مقام ذاتها.

وأيضاً يرد عليه: من أن الصور العلمية ليست تندرج تحت أيّة مقولة من المقولات من حيث هي، كما سنحققه في مذهب ملا صدرا([203])، والمصنف لم يبطل هذا الجواب؛ لأنه يظهر الجواب عنه من كلام ملا صدرا؛ لأنه في جوابه عن الإشكالين يختار أحد شقيه.

(128) هذا مذهب ملا صدرا([204])، وله في الجواب عن هذين الإشكالين مسالك ثلاث:

الأول: أن الصور الذهنية ليست قائمة في الذهن قيام حلول، بل قيام صدور،
 

 

(مقولة) من المقولات، جوهر أو كم أو كيف أو غيرها. وأما بالحمل الشائع فهي كيف ولا منافاة لاختلاف الحمل، كما أن الجزئي جزئي بأحد الحملين.

وليـس بجـزئي بالآخر. ولذا اعتبر في التناقض وحدة الحمل أيضاً وراء الوحدات الثمان. وهذا طريقة صدر المتألهين  قدس سره .

فليست بكيف؛ لأنها ليست حالّة في الذهن، كالصور المناميّة عندما يراها النائم، أما في مثل الصور الجزئية فواضح صدورها من النفس، وأما الكليات المعقولة فهي عندما تلاحظ رب النوع ويتجلى لها، يصدر منها صورة ومفهوم له.

والثاني: أنه بالنسبة إلى الصور الجزئية صدور، وبالنسبة إلى المعقولات الكلية من قبيل مشاهدات رب النوع، لا أنه تأتي صورة له وتصدر عنها صورة، بل يظهر رب النوع للنفس عند إدراكها للكليات.

وسيجيء مسلك ثالث له، وهذا جواب له، مع البناء على أن الصور العلمية حالّة في النفس، والنفس محل لها، وإلا فهذه المسالك الثلاث المذكورة كافية في الجواب، فهذا الجواب مع عدم البناء على هذه المسالك.

وحاصل هذا الجواب: ولمّا كان محصّل الإشكالين لزوم التناقض؛ لأنه على هذا
تارة يقال له جوهر وغير جوهر، وكيف وغير كيف، لذلك محصل جوابه منع التناقض، بل كونه جوهراً وليس بجوهر، وكيفاً وليس بكيف، وذلك أنهم اشترطوا في وجود التناقض شـرطاً تاسعاً وهو وحدة المحل، إن ذاتي فذاتي وإن شائع فشائع، مستدلين على ذلك: بأن الجزئي يصح حمل الجزئي عليه، ويصح سلبه عنه، ومع ذلك فلا تناقض؛ لأنه في صورة الحمل يكون حملاً أولياً، من قبيل حمل الشـيء على نفسه، وصورة سلب الجزئية عنه يكون من قبيل سلب الحمل الشائع، وذلك لأن الجزئي ليس بجزئي بالحمل الشائع؛ لأنه بالحمل الشائع من افراد الكلي لا الجزئي، والصورة الذهنية من حيث هي ليست فرداً لأية مقولة من المقولات، ولا تحمل عليها بالحمل الشائع، بل هي كم أو كيف بحسب ذاتها، ويحمل عليها ذات لا بالحمل الشائع، وأما من حيث وجودها في الذهن فهو كيف بالحمل الشائع، وليست فرداً لغيره، وحينئذٍ فقولنا للصورة الذهنية جوهر أي ذاتاً وليست بجوهر، أي بالحمل الشائع، وهلم جرا.

فقال في مبحث الوجود الذهني من الأسفار: إن الطبائع
الكلية(129) العقلية، من حيث كلّيتها(130) ومعقوليتها(131) لا تدخل
تحت مقولة من المقولات(132) ومن حيث وجودها في النفس، أي
وجـود(133) حالة(134) أو ملكة(135) في النفس تصير مظهراً أو مصدراً لها(136)

 

(129) هذا مذكور على سبيل التمثيل، وإلا فالطبائع الجزئية العقلية كصورة زيد وعمر فهي جوهر ذاتاً، وليست بالحمل الشائع جوهراً، بل كيف وعرض.

(130) أي كونها كلياً طبيعياً لا من حيث جزئيتها، وهو كونها موجودة في الذهن.

(131) أي كونها مفهومهاً من المفاهيم.

(132) أي لا تندرج، ولا يحمل عليها بالحمل الشائع الصناعي، أي مقولة من المقولات.

(133) صفة لقوله وجودها في النفس، وهو بمنزلة قولنا مطلقاً.

(134) أخذ في تفصيل الوجودت النفسانية، وأنه لا تفاوت بينها في هذا الحكم، فهي الصورة الغير الراسخة.

(135) هي الصورة الراسخة.

(136) أعلم أن صدر المتألهين لما رأى أن الصور الكلية لا تتغير ولا تتبدل، بل
 

هي على حالة واحدة، فهي لا يمكن انتزاعها من الأمور الجزئية لتغيرها، وعدم ثباتها على حالة واحدة، فهي مباينة للجزئيات، والكليات أعظم مرتبة منها، فلا يمكن انتزاع الكليات منها، بل التزم أن هناك أمرا موجودا في الخارج لكل نوع، غير متغير على حالة واحدة، ولكنه وسيع يسمّى رب النوع([205])، فللإنسان رب النوع وللفرس كذلك، وهو مرتبته تحت العقول، والنفس عند ملاحظته تظهر منه([206]) صورة تحل في النفس، وهي أيضاً مثله وسيعة كائنة على حالة واحدة، ولما كان لها وجود سعي يحاكي النفس (النفس الناطقة)، لم نقل بأن الصورة للكلي مصدراً للنفس، بل يعبر بالظهور أو بكونها من صقع النفس، كما أن العقول من حيث إن لها وجود سعي،
 

تحت مقولة الكيف(137).

ثمّ شـرع  قدس سره  في سد ثغوره(138) بما خلاصته(139):

أن الجوهر وإن أخذ في طبيعة نوعه كالإنسان، وكذا الكم في طبيعة نوعه كالسطح، فقد حددا(140) بما اشتمل عليهما(141) وكذا في بواقي الأجناس والأنواع(142).

يقال لها أنها من صقع الواجب، لا أنها صادرة من الواجب، ولمّا كانت الصور الجزئية هي متغيرة كتغير الجزئيات، قيل بأن النفس تصدرها عند ملاحظتها للجزئيات، ولمّا لم يكن لها وجود سعي، قيل أن النفس تخلق تلك الصور وتصدرها.

فأتضح أن النفس الناطقة تكون مُظِهرة([207]) للصور الكلية لا مصدرة لها، وبالنسبة إلى الصورة الجزئية مصدرة لها وخالقة لها، وعلى كلٍ فتلك الصور المظهرة والمصدرة حالّة في النفس، وهي من حيث وجودها كيف وعرض.

(137) أي مندرجة تحت مقولة الكيف، ويحمل عليها الكيف حملاً شائعاً صناعياً([208]).

(138) أي في الدفع عما يرد عليه.

(139) هذا تقرير الإشكال عليه.

(140) أي الإنسان والسطح، والفاء في فقد لتعليل الأخذ والبرهان على الأخذ.

(141) أي بشـيء إشتمل على الجوهر والكم.

(142) في أنه الأنواع أخذ فيها الأجناس.

كيف؟ ولو لم تؤخذ فيه(143) لم يكن الأشخاص أيضاً جواهر(144) أو كميات أو غيرهمـا، بالحقيقة، وبالحمل الشائع، مع أنها كذلك(145).

لكنه غير مجد(146) لأن مجرد أخذ مفهوم جنسـي في مفهوم نوعي لا يوجب اندراج ذلك النوع في ذلك الجنس، كاندراج الشخص تحت الطبيعة، ولا حمله شائعاً، عليه إذ لم يكن أزيد من صدق ذلك الجنس على نفسه، حيث لا يوجب

(143) أي لو لم تأخذ الاجناس في الأنواع، هذا دليل ثاني على أخذ الأجناس في الأنواع، وأن الجوهر مأخوذ في طبيعة نوعه كالإنسان، وكذا الكم أخذ في طبيعة نوعه كالسطح.

(144) لأنه ليس الأشخاص إلاّ التشخّص العارضـي والطبيعة، فليس الجوهرية جزء من التشخّص؛ لأنه عارض والجوهرية ذاتية، والمفروض أنه ليس بجزء للطبيعة، فهو ليس بجزء من الأشخاص ولا مأخوذ فيها، وذلك باطل؛ لحمله على الأشخاص حملاً شائعاً، فهولابدّ وأن يكون مأخوذاً في الطبيعة، وإذا أخذ فيها فلابدّ أن يحمل على الطبيعة حملاً شائعاً؛ لأن مناط الحمل الشائع الأخذ في الشـيء، وقد اثبتنا أخذه فيها، فالجوهرية تحمل على طبيعة الإنسان حملاً شائعاً، سواء وجدت في الذهن أو في الخارج، فيجتمع الحملان الشائعان - الجوهرية والكيف في الذهن - على طبيعة واحدة، فعاد الإشكال جذعاً.

(145) أي تحمل بالحمل الشائع على الأشخاص، فيعلم أخذها في الطبيعة، وأخذها في الطبيعة يكفي لصحة الحمل الشائع الصناعي، ففي مرتبة الذهن يحمل على الطبيعة الجوهرية مثلاً، والكيف وكل ذلك بالحمل الشائع، وهذا هو الإشكال المذكور سابقاً.

(146) هذا جواب هذا الإشكال، وحاصل هذا الجواب أن حمل الشـيء الذاتي على شيء آخر حملاً شائعاً صناعياً يُشتـرط فيه شرطان([209]):

الأول: الأخذ فيه حقيقة ذلك الشـيء.

الثاني: ترتب آثاره عليه، فالجوهرية وإن أخذت في الإنسان الذهني، ولكن آثار
 

كونه فرداً من نفسه. بل الاندراج الموجب لذلك أن يترتب على المندرج آثار تلك الطبيعة المندرج فيها(147) كما يقال: السطح كم متصل قار منقسم في الجهتين(148). فيكون السطح باعتبار كميته قابلاً للانقسام، وباعتبار اتصاله ذا حد(149) مشترك، وباعتبار قراره ذا أجزاء مجتمعة في الوجود. وترتب الآثار مشروط بالوجود العيني، كما في الشخص الخارجي من السطح. وأما طبيعة السطح المعقولة فلا يترتب عليها تلك الآثار كما لا يخفى. نعم مفاهيمها(150) لا تنفك عنها.

أقول: الملاك كل الملاك(151) فيما ذكره  قدس سره  اعتبارية الماهيات
المعبّر عنها بالكليات الطبيعية. فهي مع قطع النظر عن الوجود،

 

الجوهرية لا تترتب عليها في مرتبة الذهن، بل من القيام بذاته، نعم إذا وجد في الخارج ترتبت تلك الآثار عليه، فلذا يحمل على الإنسان حملاً شائعاً، فالمشكل توهم أن صـرف الأخذ يكفي في الحمل الشائع، ولكن هذا خطأ كما بيّنا. نعم أن صـرف الأخذ يقتضـي الحمل الأولي.

قال الاستاذ: فزيد الموجود في الذهن يحمل عليه الجوهرية حملاً أولياً، لا حملاً شائعاً.

(147) بفتح الراء.

(148) أي الطول والعرض.

(149) أي مشترك بين القسمين، بأن يكون صالحاً لهذا القسم ولذلك القسم، ولا شك أن السطح - أي مقداراً منه- هو صالح لأن يكون حداً لهذا القسم، وحداً لذلك، وسيجيء تفصيل هذا.

(150) أي مفاهيم تلك الآثار لا تنفك عن تلك الطبائع المعقولة.

(151) وبيان ذلك: أن ما ذكره صدر المتألهين([210]) من شـرط الحمل الشائع ترتب الآثار،

ليست إلا مفهوم الجوهر(152) أو مفهوم الكم
وغيرهما لا حقائقها(153) وكذا في أنواعها(154).
والوجود وإن لم يكن(155) جوهراً ولا عرضاً، لكنه ما به(156)

 

وهي إنما تترتب بالوجود العيني، إنما يصح إن قلنا بأصالة الوجود، وأنه هو منشأ الآثار وترتبها، وحينئذٍ المقولات لا تحمل على أفرادها بالحمل الشائع إذا وجدت الأفراد في الذهن؛ لأنها لم يترتب عليها آثارها في عالم الذهن، وإنما تترتب بالوجود الخارجي، ولكنا إذا قلنا بأصالة الماهية وإعتبارية الوجود، فتكون الماهية هي منشأ الآثار، وهي بنفسها موجودة في الذهن، وحينئذٍ فيصح حمل المقولات على الأفراد الذهنية حملاً شائعاً؛ لأن منشأ الآثار حينئذٍ موجود في الذهن.

(152) ولا يحمل عليها إلاّ بالحمل الأولي لا الشائع.

(153) أي لا حقائق الجوهر أو الكم، إذ الحقيقة باعتبار الوجود العيني للماهية.

(154) أي أنواع الكم والجوهر وباقي المقولات، فهي في نفسها ليست إلا مفاهيمها، وليست بحقائق، إذ ليست متصفة بالوجود الخارجي.

(155) حاصله دفع إشكال، وهو أن الوجود ليس بجوهر ولا عرض، فكيف به تترتب آثار الجوهر والاعراض، وتظهر به.

فإجاب: بأنه وإن لم يكن كذلك، لكنه به ظهور الماهيات والآثار وآثارها، وهو كالنور فإنه ليس بلون من الألوان، ولكن به تظهر الألوان.

(156) أي بسببه تظهر الماهيات.

للقوم نزاع في أنه هل للماهية لوازم أم لا، ملا جلال([211]) ذهب إلى الثاني من أنه ليس للماهية لوازم، وإنما هي كلّها لوازم الوجود.

ظهـور الماهيات وآثارها. إن قلت:(157) تلك الماهيات، وإن لم تكن موجودة بالوجود الخارجي، لكنها موجودة بالوجود الذهني، لأن الكلام في الكلي العقلي(158). قلت: نعم(159) ولكن هذا الوجود(160) لها تبعاً وتطفلاً(161) لأن هذا

 

ومختار أستاذنا محتجّاً على ذلك: من أن الشـيء الذي يحمل على شـيء آخر لابد وأن يكون، إما بالذات حمله له، أو بالعرض، واللوازم والآثار هي عوارض الماهية، فهي لابد وأن تحمل عليها، فإما أن يكون حملها عليها بالذات أو بالعرض، والواسطة لا سبيل إلى القول بكون حملها عليها بالذات؛ لأن الماهية في نفسها ليست إلا هي، أو أجزائها، فالذي يحمل عليها بالذات أجزاؤها ونفسها، والآثار خارجة عنها، فليس حملها عليها بالذات، فلابد أن تكون عارضة للوجود حقيقة، وبالعرض تنسب إلى الماهية بواسطة الوجود؛ لأنه هو منشأ كل شـيء، فاللوازم حينئذٍ لازم لخصوص الوجود الخارجي أو الذهني، أو لكليهما كالزوجية للأربعة.

والمصنف رأيه أن هناك لوازماً للماهية، غاية ما في الباب إنما تكون في عين الوجود الخارجي أو الذهني، لا كما يذهب إليه ملا جلال من أنه بشـرط الوجود، والعبارة المتقدمة كما هو مفاد الباء ظاهرها أن الوجود سبب للآثار.

(157) حاصله أنكم زعمتم أن الوجود الخاص ما به ظهور الماهيات، وترتب الآثار والماهية عند الذهن موجودة بوجود خاص لها، يعبر عنه بالذهني، فينبغي أن تحمل عليها المقولات بالحمل الشائع، لترتب الأثر عليها، لاتصافها بالوجود الخاص.

(158) المراد بالكلي العقلي هو الموجود في الذهن، سواء كان شخصياً أو كلياً.

(159) حاصل الجواب: أن الوجود الذهني ليس وجوداً خاصاً للماهية، بل هو وجود للنفس، والماهيات الذهنية موجودة تبعاً لوجود النفس، كالصور في المرآة موجودة تبعاً لوجود المرآة، وليس لها وجود خاص، فلذا لا يترتب عليه الآثار، فإذن لم يكن للصور الذهنية وجود خاص.

قلنا: لا يترتب عليه الأثار، فاذا لم يكن للصور الذهنية وجود خاص، فلا معنى لحمل المقولات عليها حملاً شائعاً. وقوله (قلت نعم) أي موجودة بالوجود الذهني.

(160) أي الوجود الذهني.

(161) عطف تفسير.

الوجود للنفس حقيقة، وما به يترتب(162) على الماهيات آثارها هو الوجود الخاص(163).

وهذا نظير الماهيات(164) والأعيان الثـابتة(165) في
 

(162) أي والوجود الذي يترتب بسببه.

(163) أي الوجود الذي يكون للماهية، لا لغيرها.

(164) أي الموجودات الذهنية نظير الماهيات... الخ.

(165) أعلم أن واجب الوجود:

- تارة يلحظ مجرداً عن الأسماء والصفات، ويسمّى (مبدأ المبادئ) و(غيب الغيوب) و(مرتبة اللاهوت)، وحينئذٍ لا يمكن أن يشار إليه، وليس له اسم.

- وتارة يُلْحظَ مع كماله، فتنتزع منه اسماء الصفات كالعلم والقدرة والدوام ونحوها، وأيضاً تنتزع اسماءه كالعالم والقادر والدائم، وهذه المرتبة تسمّى (الفيض الأقدس)([212]) وتسمّى (مرتبة اللاهوت).

قال العرفاء: ولما أراد الله عز وجل أن يظهر نفسه، جعل لكل صفة مظهراً، فزعموا أن الفلك مظهر للدائم الرفيع، والمظهر الكامل له هو الإنسان، ولذا قيل انه مظهر لفظ الله عز وجل ، فجميع الطبائع مظهر لأسمائه وصفاته، فالطبائع ثابتة في علم الله عز وجل تبعاً لوجود صفاته وأسمائه؛ لأنها تقتضـي تلك الطبائع، فالماهيات في العلم الربوبي موجودة، ولكن وجودها ليس خاصاً لها، بل تابعاً لوجود الأسماء والصفات، وقوله (والأعيان الثابتة)([213]) عطف تفسير على الماهيات.

نشأة(166) العلم الربوبي(167) حيث إنها مع وجودها تبعاً لوجود الأسماء والصفات معدومات(168) بمعنى أنها ليست موجودة بوجوداتها الخـاصّة الخارجية. فليس في ذلك المقام الشامخ حيوان وإنسان، ولا عقل ولا نفس، يصدق عليها عنواناتها بالحمل الشائع(169).إن قلت: فعلى هذا(170) لم يكن للشـي‏ء نحوان من الوجود.

قلت: قد أشـرنا(171) إلى أن الوجود الذهني لها تبعا. وأدلة الوجود الذهني لا تثبت أزيد من هذا.

وقد أوردنا في تعاليقنا على الأسفار(172) أن ما ذكر يصحّ في كليات الجواهر

(166) أي في عالم.

(167) أي الإلهي.

(168) هذا معنى كون الماهيات في علم الله عز وجل معدومة.

(169) نعم هناك، اي في العلم الربوبي، حيوان وإنسان وعقل ونفس، يصدق عليها عنواناتها بالحمل الأولي.

(170) أي بناء على كون الماهيات في الذهن ليس لها وجود خاص، إنما هو وجود للنفس.

(171) أن قلت المتقدّم.

(172) حاصل هذا الإشكال: أن الصور الجزئية كصورة زيد وعمر تحمل عليها الماهيات بالحمل الشائع، وحينئذٍ فيحمل الكيف عليها شائعاً، والجوهر عليها شائعاً،

والأعراض التي في العقل، وأما الصورة الجزئية التي في الخيال(173) من الإنسان(174) مثلاً، فهو جوهر(175) وإنسان بالحمل الشائع. وناهيك في ذلك قولهم: إن لكل طبيعة أفرادا ذهنية. والفرد مصداق الطبيعة بالحمل الشائع. والجواب أنه لا يتفاوت الأمر(176) فإن هذا الوجود أيضاً ليس وجود الطبيعة(177).

فذلك الإنسان(178) الذي في الخيال ليس فرد الإنسان(179) ولا الجوهر، بل ذلك الوجود أيضاً إشـراق من النفس وظهور له(180) كما في ذلك الوجود(181) الإحاطي(182) الـذي للكـلي العقـلي. والماهيـة قـد علـمت حـالها(183).

فالإشكال باق على حاله([214]).

(173) والمراد بالصور الخيالية هي التي تكتسـي قوّة في النوم والبرزخ.

(174) أي من صور جزئيات الإنسان.

(175) أي فالصور التي في الخيال جوهر، ومن هنا يظهر أن العبارة الصحيحة (فهي جوهر) الا اللهم باعتبار الخبر.

(176) بين الصور العقلية والصور الخيالية.

(177) الخاص.

(178) أي فذلك الجزئي من الإنسان.

(179) حيث إنه لا يترتب عليه الآثار الخارجية.

(180) أي وظهور للنفس، والعبارة الصحيحة أن يقول لها.

(181) فإنه أيضاً وجود للنفس وظهور لها.

(182) أي الوسيع.

(183) فالصور الذهنية لما علمنا أن الوجود ليس لها، فلا يكون منشئاً لترتب الآثار عليها، فلا يكون الحمل شائعاً من جهة الوجود، وأيضاً ليس من جهـة الماهية يقتضـي أن يكون الحمل شائعا، لما ثبت أنها اعتبارية، وليست منشأ لترتب الآثار،
وبالجملة(184) صحة هذه السلوب على وجود تلك الصور العلمية، لأنهـا فوق الجوهرية وغيرها، لا لأنها دونها.

إن قلت:(185) إذا كانت المقولات المعقولات كيفا بالذات، كان مفهوم الكيف
 

وقوله (الماهية قد علمت حالها) من أنها اعتبارية، وليست منشأ لترتب الآثار.

(184) حاصله: أن سلب الماهية عن الصور الذهنية، لا لكونها بهذا الوجود الذهني أقل مرتبة منها عند الوجود الخارجي الخاصّ، بل هي في الوجود الذهني أشـرف منها في الوجود الخاص الخارجي؛ لأن هذا الوجود للنفس التي وجودها أشـرف الوجودات ما عـدا الله عز وجل ، فالماهيّة إذا اتصفت بوجود النفس فهي أشـرف من وجودها الخارجي؛ لأنه وجودٌ لها، لا للنفس، وهو أخسّ من وجودها النفسـي، وهذا كالأعيان الثابتة في العلم الربوبي.

وأعلم أن هذا الذي ذكره المصنف من شـرفية الماهية عند وجودها في الذهن، ينافي ما ذكره صدر المتألهين([215]) في الشق الثاني من أنها كيف من حيث وجودها في الذهن، فإن وجود الكيف أضعف من وجود الجوهر، وأخس منه.

إلا اللهم أن يقال أن قوله (بالجملة) ذكره على مسلكه، حيث إنه كما سيجيء يختار هذا الشق ويبطل الشق الثاني، وحينئذٍ فيصح قوله وبالجملة.

(185) لمّا سدّ ثغور الشق الأول وهو: أن تلك الصور ليست تصدق عليها مقولاتها بالحمل الشائع، أخذ يسدّ ثغور الشق الثاني، وهو أنها يحمل عليها الكيف بالحمل الشائع.

وحاصل هذا الإشكال: أنه بعد فرض أن الكيف يحمل عليها، فإما أن يكون
ذاتياً لها، فيلزم المحذور السابق من اجتماع الكيف وتلك المقولة الأخرى، لأن
تلك المقولة داخلة في ذات تلك الماهية، والكيف أيضاً داخل في ذاتها، فيلزم
أن يوجد المفهومان المتقابلان في ذاك الشـيء، وإن كانت تلك الصور كيف بالعرض، فلابد وأن ينتهي إلى ما بالذات، أي إلى ما يكون بالذات كيف، وليس وراء
الصور في الذهن إلا الوجود، الوجود لا جوهر ولا عرض، فليزم أن يكون ما

 

مأخوذاً فيها كأخذ كل طبيعة في فردها، ومفاهيم المقولات أيضاً إما نفسها(186) أو جزؤها، فلزم اجتماع المتقابلين. وإذا كانت كيفاً بالعرض كمـا قـال فيما بعد هذا الكلام(187) فما هذا الكيف بالذات؟ فإن كان الوجود كما في قوله: ومن حيث وجودها في النفس، وكما في عبارة تلميذه في الشوارق، فالوجود ليس بجوهر ولا عرض.

بالعرض بدون ما بالذات.

(186) أي نفس تلك المعقولات، أو جزء تلك المعقولات.

(187) أي بعد الكلام على دفع الإشكال([216]) على الوجود الذهني، حيث قال: ومن حيث وجودها في الذهن، فمن يقول الكيف لا أن الكيف ذاتي لها.

فلابد أن ينتهي إلى ما بالذات.

قلنا:(188)وجود تلك الماهيات(189) كونها وتحققها.

وليس المراد من قوله، من حيث وجودها ذلك الوجود،(190) بل لعله وجود خاص له ماهية خاصة، هي ماهية العلم. وذلك الوجود الخاص ظهورها على النفس(191) وهذا كمال ثان لوجود تلك الصور، ووجود آخر، لأن وجودها في الخارج كان متحققاً(192) ولم يكن هذا الوجود(193).

فماهية العلم كيف بالذات، وتلك الصور المعلومة كيف بالعرض.

ولكن بعد اللتيا والتي(194) لست أفتي بكون العلم كيفاً حقيقة وإن أصـرّ هذا

(188) حاصل هذا الجواب: أن الصور لها كمال أوّل وهو تحققها، وهو كما أنه في الذهن كذلك في الخارج، ولها كمال ثاني وهو ظهورها للنفس، ووجود خاص مشتمل على ماهية هي ماهية العلم، وهي كيف بالذات، وهذا الكمال الثاني متحد مع الكمال الأول، بمعنى أنه وجود واحد للصور ولماهية العلم، فالصور بواسطة العلم قيل أنها كيف، فمراد صدر المتألهين([217]) يقول: من حيث الوجود، أي من حيث الماهية التي اشتمل عليها هذا الوجود الخاص، وتلك الماهية هي ماهية العلم.

(189) أي في الذهن.

(190) أي الكون، والتحقق في الذهن والنفس.

(191) أي ظهور الصور على النفس وتجلّيها لها.

(192) أي وجود الصور في الخارج، هذا تقليل لكون هذا الظهور كمالاً ثانياً. وحاصله: أن وجود الصور في الذهن مثله، كان وجودها في الخارج، وحيث إن الوجود في الخارج لم يكن مترتباً عليه ظهورها للنفس، ولم يحصل به ظهورها للنفس، يعلم أن ظهورها وتجليها كمال ثاني غير الوجود في الذهن.

(193) أي التجلي، فيعلم أن الوجود في الذهن أيضاً غير هذا التجلي والظهور، وإن هذا الظهور كمال ثاني.

(194) حاصله الرد على الظهور، كمال ثاني غير التحقق، وأبطال كون العلم من
 

الحكيم المتأله عليه في كتبه، لأن وجود تلك الصور في نفسه(195) ووجودها للنفس واحد(196). وليس ذلك الوجود(197) والظهور(198) للنفس ضميمة تزيد عـلى وجـودها،تكون هي كيفـاً(199) في النفس لأن وجودها(200) الخارجي(201) لم يبق بكليته(202) وماهياتها في أنفسها كل من مقولة خاصة(203) وباعتبار وجودها الذهني لا جوهر ولا عرض.وظهورها لدى النفس(204) ليس سوى تلك
 

مقولة الكيف.

(195) الضمير عائد للوجود.

(196) فليس الظهور كمالاً ثانياً وراء التحقق في النفس.

(197) أي وجود الصور للنفس وتجليها لها.

(198) عطف تفسير قوله (على وجودها) أي وجود النفس.

(199) أي تكون تلك الضميمة كيفاً للنفس.

(200) هذا دليل على الدعوى الأولى، ومعللة، لكون هناك كمال ثاني، وهو قوله (لأن وجود تلك الصور في نفسه...الخ) وأيضاً دليل على الدعوى المبطلة لدعوى كون العلم كيفاً، وهي قوله (وليس ذلك الوجود والظهور... الخ).

(201) أي وجود الصور والمعقولات.

(202) لأنها موجودة في الذهن.

(203) تحمل عليها بالحمل الأولي، لا الشائع كما ذكرنا.

(204) إعلم أنّ الفرق بين الظهور لدى النفس، والظهور للنفس، أن الأول يكون نسبة الظهور إلى النفس نسبة الظرفية، والثاني: نسبة الفعل للفاعل.

وعلى الأول لا يكون الظهور إضافة. على الثاني: يكون اضافة. والاستاذ قال أن الأول من قبيل الحيثيّة، والثاني من قبيل المشـروطة.

قال في الحاشية([218]) هذا جواب عمّا مر في توجيه الكيفية: من إن ذلك الوجود
 

الماهية(205) وذلك الوجود(206) إذ ظهور الشـي‏ء ليس أمراً ينضم إليه(207) وإلا، لكان ظهور نفسه(208) وليس هنا أمر آخر(209) والكيف من المحمولات بالضميمة(210).

والظهور والوجود للنفس لو كان نسبة مقولية(211) كان مـاهية
العلم إضافة(212) لا كيفاً. وإذا كان(213) إضافة إشـراقية(214) من النفس كان(215) وجوداً(216).

الخاصّ ظهورها على النفس، وهو الكمال، الثاني بأن المراد بالظهور إما الظهور لدى النفس، وإما الظهور للنفس، وكل منهما وجود تبعي للنفس.

(205) المعقولة.

(206) الذهني.

(207) بل يتحد مع الشيء، ويكونان شـيئاً واحداً.

(208) أي لو كان الظهور انضمـامياً، لكان الظهور ظهور ذاته، لا ظهور ذلك الشـيء.

(209) أي وليس في النفس أمر آخر غير تلك الماهيات والوجود، وقد بيّنا أن الماهيات هي في أنفسها من كل مقولة، والوجود لا جوهر ولا عرض، والكيف من المحمولات التي لها ما بإزاء في الخارج، ولذا قيل من المحمول بالضميمة، وهاهنا لم يكن للنفس شـيء ينضم إليها عند تعقلها للأشياء يكون هو العلم، ومن مقولة الكيف.

(210) ولم يكن عند الوجود الذهني ضميمة حتّى تكون كيفاً.

(211) أي نسبة الظهور للنفس نسبة مقولية، أي بين الصورة، والنفس تندرج تحت مقولة من المقولات وهي الاضافة، كنسبة الأبوة والفوقية للسماء، فإنها نسبة تندرج تحت مقولة من المقولات، وهي الاضافة.

(212) لأنها عبارة عن تلك النسبة، وهي الظهور القائم بين الصور والنفس.

(213) أي الظهور للنفس.

(214) أي وجود من النفس للصور، كالوجود من الله عز وجل علينا، فإنه إضافة اشراقية.

(215) أي العلم.

(216) من النفس مقيداً بتلك.

فالعلم(217) نور وظهور(218) وهما وجود، والوجود ليس ماهية(219). فالحق أن كون العلم كيفاً أو الصور المعلومة بالذات كيفيات أنما هو على سبيل التشبيه. فكما أن فيض الله المقدّس(220) أعني الوجود المنبسط لا جوهر ولا
 

(217) هذا تفريع على كون العلم اضافة اشـراقية.

(218) للصور.

(219) فالعلم أيضاً ليس ماهية، بل هو عبارة عن ذاك الوجود للصور.

(220) ذكر أهل العرفان([219]) أن حقيقة الوجود الواجب - مع قطع النظر عن جميع الصفات والاسماء - هو المسمّى بـ(الحضـرة الأحديّة) و(الهويّة الصـرفة) و(غيب الغيوب) و(الكنز المخفي) و(الغيب المصون) و(منقطع الاشارات) و(مقام لا اسم له ولا رسم).

ثم أنّ الله عز وجل أراد ظهور نفسه وتجلّيها كما ورد: (كنت كنز مخفياً فأردت أن أعرف فخلقت الخلائق)([220]) فله ظهوره، صفاتي واسمائي، والفرق بينهما كالفرق بين المشتق والمبدأ، فالرحمن اسم والصفة الرحمة، ولكل من هذه الصفات والاسماء
ماهية تكون لها مظهراً، حتّى قالوا: (أن الإنسان مظهر للفظ الله عز وجل )([221]) فلذا قيل: إن

عرض، ومع ذلك انبسط على جميع ماهيات الجواهر والأعراض وكذا فيضه الأقدس الذي يظهر به(221) بوحدته(222) كل التعينات(223) في المرتبة الواحدية، لا هو كيف ولا التعينات، فكذلك إشـراق النفس المنبسط على كل الماهيات
\

الماهيات ثابتة في نشأة العلم الربوبي، وهذا هو الظهور الأول على الأعيـان، ويسمّى هذا الظهور بـ(الحضـرة الواحديّة) و(عالم الأسماء) و(برزخ البرازخ) و(مقام الجمع) و(التجلّي الاسمائي) و(الفيض الأقدّس) و(صبح الأزل العماء) و(النشأة العلمية).

ثمّ له ظهور ثاني على الماهيات الممكنة، وتجلٍ ثانٍ عليها، وهو في كلٍ بحسبه، وينال كل ما يستحقه، وله اطلاق وارسال وكلية وانبساط، وهذا الظهور الثاني يسمّى (الفيض المقدّس) و(النفس الرحمانيّ) و(الحقّ المخلوق به) و(الرحمة الواسعة) و(الحقيقة المحمدية المطلقة) و(مادة المواد) و(المحبة) و(المشيئة الافعالية) و(نور السماوات والأرض).

قالوا: ولهذا الفيض([222]) المنبسط على الماهيات والظهور الثاني مراتب ودرجات، مُرَتّبة بحسب العليّة والمعلوليّة.

فأول منازل هذه المرتبة العقول، وهذه مرتبة الجبروت، وبعدها مرتبة النفوس، وهي عالم الملكوت، وبعدها مرتبة الطبائع الجسمانيّة الماديّة من الأطلس وما في جوفه، وهي عالم الناسوت، وهي آخر سلسلة النزول([223]).

(221) الضمير عائد للفيض الأقدس.

(222) الضمير أيضاً راجع للفيض الأقدس.

(223) أي الماهيات بالظهور الأوليّ.

المعلومة لها(224) ليس بجوهر ولا عرض، فليس كيفاً وهو علم(225) ولا الماهيات المنبسط عليها إشـراقها كيفيات، وهي معلومات(226). وبالجملة أخذت من كل مذهبي صدر المتألهين والمحقق الدواني شيئاً، وتركت شيئا.

أما المأخوذ من الأول(227) فكون الصور العلمية بالحمل الأولي مقـولات لا بالشـائع. وأما المتروك فكونها كيفـاً بالشائـع.

وأما المأخوذ من الثاني(228) فكونها كيفاً تشبيهاً.

وأما المتروك فكونها مندرجة تحت المقولات حقيقة، فجوهرها جوهر حقيقي، وكمّها كم حقيقي، وهكذا.

ولهذا(229) سكت في المتن(230) عن كون الصور العلمية كيفاً بالشائع. وليعذرني إخواني في الخروج عن طور هذا الشـرح من الاختصار لكون هذه المسألة من العويصات(231).

(224) أي للنفس.

(225) أي والاشـراق علم.

(226) أي والماهيات معلومات.

(227) وهو مذهب صدر المتألهين.

(228) وهو الدواني([224]).

(229) لما أختار كون الصور بالحمل الشائع.

(230) عند ذكر رأي صدر المتألهين.

(231) قال استاذنا العلامة: أن قوله أن العلم اضافة اشراقية ينافي ما ذكره
سابقاً من ]كون[ وجود الصور تبعياً؛ لأن الاضافة الاشـراقية تكون في الوجود الخاص.

وأيضاً يشكل عليه: لو كانت الصور موجودةً بوجود النفس، لما قويت عند المنام وحصل منها الأثر!.

 (وحدتها)(232) أي وحدة الصورة المعقولة بالذات (مع عاقل مقولة)
 

فالأولى في الجواب أن يقال: أنها ضعيفة الوجود في النفس، ولذا لم تصدق عليها المقولات بالحمل الشائع، وأما عند المنام فتقوى، فيصدق عليها مقولاتها بالحمل الشائع.

ثمّ ذكر الاستاذ أن ]دليل المصنف[ على هذا الجواب هو بطلان باقي الأجوبة.

قلنا: كان دليله هو اصح الأدلّة.

قال الاستاذ: ويمكن تصحيح قول صدر المتألهين، بأن الصور توجد في مرتبة من النفس، وهذا الوجود يكون وجوداً للصور ولماهية العلم، وليس هناك وجودان كما توهم المصنف.

(232) هذا جواب أيضاً عن الوجود الذهني.

وحاصله: أن المعقول يتحد مع العاقل، وليس المراد أن المعقول يصير عين ذات العاقل، فإن هذا لا يقول به أحد، وكذا ليس المراد أن المعقول بالعرض عين العاقل، لوضوح اثنينيتهما، وكذا ليس المراد أن ماهية العاقل عين المعقول واحدة، لوضوح اختلافهما بالماهية، بل المراد أن المعقول بالذات - أي الصورة الذهنية - تكون مع ذات العاقل موجودة بوجود واحد، ومن هنا يظهر لك فيما قاله الشيخ الرئيس([225]) من الاشكالات على هذا، فإن معظمها يرجع إلى ظنه، أن المراد بالاتحاد اتحاد العاقل مع المعقول بالعرض، أعني الذات الخارجية، وهذا أول من قاله فورفريوس([226])
 

ومعتقدة(233) لفرفوريوس الذي هو من أعاظم المشائين.

والمعتمد في إثبات مطلبه(234) ما نقل عن إسكندر(235) مـن باب اتحاد

صاحب مؤلف الكليات الخمس، أي باب ايساغوجي.

(233) أي وحدة الصورة وجوداً مع العاقل، معتقدة لفرفوريوس([227]).

(234) قال: والمعتمد؛ لأنه في نظره أن دليل صدر المتألهين على إثبات هذا المطلب فاسد كما سيجيء.

(235) قال بعض المحشين([228]) هو الاسكندر الافروديسي([229])، وهو غير اسكندر 
 

المادة والصورة(236) فـإن النفس في مقام العقل الهيولاني مادة المعقولات وهي صور له.

الرومي([230])، وذكر استاذنا أنه متأخر عن فرفوريوس.

(236) حاصل هذا الدليل: أن النفس في أول تعلقها بالبدن، لا تعلم بشيء سوى علمها بذاتها، وتسمّى هذه المرتبة (العقل الهيولاني) وأن تدرجت بالنمو، بحيث أدركت المحسوسات بطريق الحس سمّيت (العقل بالملكة) وإن تدرجت، فأخذت تكرر النظريات بواسطة الحسّيات والأمور البديهية سميّت (العقل الاستعدادي) وإن أدركت الأمور النظرية بمجرد ملاحظتها، وإنكشفت لها الحقائق سميّت (العقل بالفعل) وحيث إن النفس للطافتها وتجردها كانت هي هيولى المعقولات النفسانيّة، والمعقولات صور لها، والصورة متحدة مع الهيولى وجوداً، فهي متحدة مع الصورة
 

وأما مسلك التضايف(237) الذي سلكه صدر المتألهين في المشاعر
 

الذي توجهت إليه وتصورته، الحاصل أنها لو لم تتحد لما صارت هذه مراتب لوجود العقل، بل هي تكون عوارض.

أشكل الاستاذ على المصنف: بأنه هذا يتم إذا قلنا بأن التركيب بين الصورة والهيولى إتحادي([231])، أما إذا قلنا انضمامي فلا يتم هذا التقريب؛ لأنه هناك وجودان وليس وجود واحد للصورة الهيولى، والمصنف قائل بأن الصورة والمادة مركبان تركيباً انضمامياً([232])، فلا يتم هذا الدليل على رأيه، فلا وجه لقوله والمعتمد.

(237) هذا برهان على إتحاد العاقل والمعقول بالذات لصدر المتألهين([233])، وهو مبني على مقدمتين:

الأولى: أن المعقولات بالذات سواء كان حضورياً كعلم الواجب المتعال بالغير، أو
 

وغيره(238) لإثبات هذا المطلب، فغير تام، لما ذكرنا في تعاليق الأسفار(239).

حصولياً كعلم النفس بالاغيار، أما علم الشـيء بنفسه، فقطعاً هناك إتحد العاقل والمعقول،لابدّ ان يكون لازم وجوده المعقولية، ولا شأن له إلا شأن المدرَكية والمعقولية، بل أن المعقولية ووجوده في نفسه واحد، فالمعقولية ذاتية لوجوده لا لماهيته؛ لأن الذاتي هو الثابت للشـيء، مع قطع النظر عن جميع الأغيار.

وبعبارة أخرى أنّ المعقول بالذات عند ملاحظة وجوده في نفسه، يكون عنوان المعقولية ثابتاً له.

الثانية: أن المتضايفين متكافئان، بمعنى أنهما يوجدان معاً، ويعدمان معاً، فلا يمكن وجود أحدهما بدون الآخر.

فإذا عرفت هذا فنقول: قد عرفت أن المعقول بالذات بالنظر إلى وجوده، ثابتة له المعقولية، فلو تكن العاقلية ثابتة له، لزم وجود أحد المتضايفين بدون الآخر، ولزم تصوّره وحده، وهذا يرفع التكافؤ المقرّر عندهم، فلابد أن يكون المعقول بالذات في نفسه عاقلا ومعقولا، وقد اثبت بالبراهين أن هناك عاقلاً، فصار العاقل والمعقول بالذات متحداً وجوداً، ومن تأمل في طرف هذا الدليل، لم يكن له شك في اتحاد العاقل والمعقول بالذات.

والمصنف ظن أن المقدّمة الثانية هي الدليل على الاتحاد، فاشكل على صدر المتألهين بما حاصله([234]): أن تكافؤ المتضايفين لا يكون دليلاً على اتحاد العاقل والمعقول، إذ التكافؤ في المرتبة - الذي هو من أحكام التضايف - لا يقتضـي أزيد من تحقق أحد المتضايفين مع الآخر، ولو بنحو المقارنة، لا مقدّماً ولا مؤخراً، ولا الاتحاد في الوجود، كيف والعلة مضايفة للمعلول، والمحرك للمتحرك، وهما متغايران.

(238) وهو الأسفار([235]).

(239) عند الكلام في المقصد الثالث([236]) عن بيان أنه الله تعالى عالم بذاته، وقد بيّنا أن
 

ومما يؤيد ذلك المطلب(240) هو أن الموجود في الخارج والموجود في
الذهن توأمان يرتضعان(241) بلبن واحد. فكما أن معنى الموجود في العين
ليس أن العين شـي‏ء(242) وزيد الموجود فيه شـي‏ء آخر كالظرف والمظروف، بل معناه أن وجوده نفس العينية(243) وأنه مرتبة من مراتب العين، فكذلك
ليس معنى(244) الموجود في الذهن أن الذهن أي النفس الناطقة شـي‏ء
وذلك الموجود فيها شـي‏ء آخر، بل المراد أنه مرتبة من مراتب
النفس.

الدليل تام، والمصنف لاحظ المقدمة الثانية، ولم يلاحظ الأولى، ويعلم أن المعقولية لازمة لوجود الصورة المعقولة في النفس.

(240) وهو الاتحاد.

(241) لكون كل واحد منهما عبارة عن الماهية والوجود، فما يثبت لأحدهما يثبت للآخر بحسب الحدس الصائب.

(242) محيطاً أي ليس أن الخارج شـيء، وإلاّ لكان الخارج محيطاً بالموجود فيه، وحينئذٍ يلزم أن محيط الخارج بالواجب وبالعقول؛ لأنها كلّها موجودة في الخارج، ولا يمكن احاطة شـيء به، على أنه يلزم تعدد القدماء؛ لأن الواجب موجود في الخارج أزلاً وأبداً.

(243) أي الخارجية، فهذا الموجود خارجي وخارج.

(244) ربما ينازع فيها بأن يقال: لا يلزم ذلك في الموجود في الذهن، وأنهما ليسا توأمين، وإن سلّمنا ذلك في الموجود بالخارج، فلما كانت هذه المقدّمة قابلة للنزاع، ذكر هذا الدليل بنحو المؤيد.

ثمّ قال الاستاذ: يمكن أن يجعل هذا المؤيد دليلاً، وذلك أن يستدل على
المقدّمة الثانية، وهي أن الموجود في الذهن مرتبة من مراتب النفس، كما استدللنا على المقدّمة الأولى بأن نقول:لو كانت النفس ظرفاً للموجود فيها، يلزم أن لا تتسع وتنمو بالمعلومات، فيكون نفس الحكيم، عين نفسه حال كونه صغيراً، لاستحالة نمو واتساع الظرف بالمظروف بهذا النحو، بل لا معنى لها، فلابد أن تكون هذه المعلومات مرتبة من النفس، فبزيادتها تزداد مراتبها، وتنمو وتتسع.

ثم إن مراد القائل باتحاد المدرك مع المدرك بالذات ليس نحو التجافي(245) عن المقام. بل يستعمـل ذلك فـي موضعين:

أحدهما في مقام الكثرة في الوحدة،بمعنى أن وجودات
 

ثمّ ذكر الاستاذ مؤيداً ثانياً، بيّنه المصنف في الحاشية([237]) وبناه على مقدّمات:

الأولى: أن كل مرتبة من هذا العالم معلومة للمرتبة التي أعلى منها، ولذا قيل عَلِمَ فأَوْجَدَ، فنحن علم لما كان في مرتبة أعلى.

الثانية: أن الشخص إذا كملت جنبته العلمية والعملية، يكون من
السابقين السابقين، وهذا عند الموت تلحق نفسه بالعقول، وتحيط بالعالم، والذي تقوى جنبته العلمية دون العملية فهذا في الجنة شـيئاً فشـيئاً تقوى صورته العلمية، وكذا لو كانت الجنبة العملية وضعفت الجنبة العلمية فأيضاً لم يحصل الدرجات العالية، ويقال لهم أصحاب اليمين، وأن ضعفت كلتا الجانبتين، فأولئك أصحاب الشمال.

إذا عرفت هذا فنقول: أن في عالم الآخرة صور صـرفة بدون هيولى ومادة، إذ لا استعداد هناك لصـيرورة الاشياء كلّها فعليات، فلا معنى للهيولى، ولا حاجة لها، فإذا كان كلّها صوراً وليس هناك هيولى واستعداد، وكلّها فعليات، فيشكل الأمر بأصحاب اليمين الذين تتدرج أفعالهم شـيئاً فشـيئاً، وتتدرج أفعالهم، والتدرج من شأن الهيولى والاستعدادات، لا من شأن الفعليات.

والجواب: أن اتحاد العقل بالصورة كان متدرجاً، فالتدرج صار ذاتياً لها،
ففي مرتبة التجرد تلك الصور توجد على التدريج، فالجواب أنحل بالقول
بالاتحاد.

(245) أي التنزيل من مقام ذاته، والانحطاط من محلّه، بل المدرك في محلّه ومرتبة ذاته، ويتحد مع المدرَك.

المدركات(246) منطويـة(247) فـي وجـود ذلك المـدرك بنحو أعلى(248)
كانطواء العقول التفصيلية في العقل البسيط الإجمالي. وثانيهما في
مقام الوحدة في الكثرة، بمعنى أن المدرك نوره
الفعلي انبسط على كل المدركات بلا تجاف عن مقامه

 

(246) بلفظ اسم المفعول، وقال وجودات؛ لأن نفس المدرَكات أمور اعتبارية تنتزع من تلك الوجودات، وهي مفاهيم مباينة للمدرَك، والمراد بالمدرَكات أعمّ من أن تكون معلومة بالعلم الحضوري كالقوى النفسانية، أو الحصولي كالصور.

(247) أي موجودة فيه، ومحتوي عليها وجود المدرَك، فوجود النفس مشتمل على وجودات المدرَكات، كالله تعالى مشتمل وجوده على وجودنا.

فإن قلت: النفس لو كان وجودها مشتمل على وجود المدرَكات، لزم أن نعلم بكل الاشياء، إذا هي موجودة في النفس، لا تطرأ وجودها فيها.

قلت: نعم كان ينبغي ذلك، ولكن هي موجودة فيها، ولكنا نعلم بها بالعلم البسيط، أي نعلم بالأشياء، ولكنا لا نعلم بأنا نعلم بالأشياء، نعم بالمجاهدات النفسانية يتمكن الإنسان أن يعلم بأنه يعلم بالأشياء (أتزعم انك جرم صغير وفيك أنطوى العالم الأكبر)([238])، وهذا المقام وإن كان صحيحاً في حـد ذاته، ولكنه لا يفيد هنا شـيئاً، إذ الكلام في الوجودات الذهنية، وهي بالنسبة للنفس من المقام الثاني الذي سيجيء ذكره، فنحن نسلّم صحة هذا المقام، وهو أن الوجودات الذهنية منطوية في وجود النفس، ولكن كلامنا في الوجودات الذهنية في مقام الإنتشار، وهو الذي سيجيء.

(248) أي أن تكون تلك الوجـودات في وجود النفس بنحـو اللف والبسط والوحدة،

الشامخ(249). بل كل مدرك متحد مع المدرك في مرتبته، فالمتخيل مع النفس في مرتبة الخيال، وهكذا حتى المعقول متحد مع العقل(250) في مرتبة الظهور بالمعقولات(251) المرسلة المحيطة(252) لا معه(253) في مرتبة السر والخفي.

فبالحقيقة المدرك(254) متحد بالنور الفعلي للمدرك
فـي الثاني(255) ولكن ذلك النـور الفعلي(256) لما كان كالمعنى

 

كذا في الحاشية([239]).

(249) أي بدون تنزّله عن محلّه، فالنفس في مرتبتها العالية تتحد في مقام النشـر والكثرة مع كل المدرَكات في مراتبها.

(250) أي النفس الناطقة.

(251) أي العلم بها وإدراكها.

(252) أي الامور الكلية، وحيث أنها مرسلة من كل قيد ومطلقة سُمّيت (مرسلة) وحيث إنها محيطة بكل الأفراد وصادقة على أفرادها، فهي محيطة بأفرادها، ولذا سميّت (محيطة).

(253) هذا عطف على قوله: كل مدرك متحد مع المدرَك في مرتبته، والمعنى أن العاقل يتحد مع المعقول في مرتبة المعقول، في مقام الكثرة والانتشار، لا في مرتبة العاقل نعم يتحد مع مرتبة العاقل في مقام اللف والوحدة والبساطة. وقوله(لا معه) أي لا متحد المدرِك مع المدرَك في مرتبة المدرك، ومن جملة مراتب المدرِك السـر والاخفى.

(254) بفتح الراء وهي الصور، والقوى بكسر الراء، وهو النفس الناطقة.

(255) أي في المقام الثاني، وهو مقام الكثرة والانتشار، قال الاستاذ وهو كوجود الله عز وجل أيضاً له تلك المقامات.

(256) هذا دفع اشكال وحاصل الإشكال: أن المدرَك أتحد مع النور الفعلي، ولم يتحد مع المدرك في هذا المقام الثاني، فليس كما تدعون من أنه اتحد العاقل بالمعقول، والمدرِك بالمدرَك في المقام الثاني.

 

 

الحرفي(257) بالنسبة إلى ذات المدرك(258) لا قوام ولا ظهور له(259) إلا بوجوده(260) وظهوره – وبين المراتب(261) أصل محفوظ وسنخ باق كالنفس-(262) يقال(263) اتحد المدرك بالمدرك.

وفي الموضعين ذلك الاتحاد بحسب الوجود. وأما المفاهيم(264) فهي مثار المغايرة وعليها مدار الكثرة.

وحاصل الدفع: أن هذا النور الذي هو فعل للمدرِك، هو كائن من وجود المدرِك، فهو وجود المدرِك، وهذا المدرَك اتحد مع هذا الوجود، فإتحاده واتصافه بوجود المدرِك، هو الذي استدعى لأن يقال إتحد العاقل والمعقول. وقوله (النور الفعلي) أي النور الذي هو فعل للمدرِك.

(257) من حيث إنه لا استقلال له، بل هو تعلّق صـرف بوجود النفس، واضافة
اشـراقية، وهو تجلي من صقع النفس.

(258) بكسر الراء.

(259) أي لا قوام لذلك النور الفعلي المتحد مع المدرَك، إلا بوجود المدرِك، فهو وجود المدرِك، إذ فاقد الشـيء لا يعطيه، فكان المدرَك والمدرِك وجودهما واحد.

(260) أي بوجود المدرِك.

(261) أي مراتب الظهورات والأنوار، التي هي للنفس المتحدة مع الصور.

(262) أي كوجود النفس، وهذه كاف تطبيق.

(263) هذا جواب لمّا.

(264) هذا دفع إشكال وهو: أنه لم كان الاتحاد في الوجود ولم يكن في المفهوم.

أجاب: بأن المفاهيم مثار الكثرة والتغاير، فليس بينها أتحاد.

فائدة تنفع في البحث هي أن العرفاء ذكروا للإنسان سبع لطائف([240]):

الطبع: وهو القوي المدبّر للجسم كالهاضمة والماسكة.

والنفس: وهي البخار اللطيف الذي يخرج من القلب، فيكون في البصـر الباصرة، وفي الإذن السامعة، وهلم جراً، وهذا هي الروح في السنة الاطباء، وهذه تفنى بفناء البدن.

والقلب: وهو المدرِك للأمور الكلية، وله مراتب ويسمّى العقل التفصيلي، وهو المنطوي في العقل البسيط كما ذكره الشارح.

الروح: هي حصول الملكة البسيطة الخلاقة للتفصيل، وتسمّى الاجتهاد.

السـر: وهو فناء النفس في العقل الأول.

والخفي: وهو فناء النفس في عالم الاسماء والصفات.

والأخفى: وهو فناء النفس في غيب الغيوب.


 

 [8]

غرر في تعريف المعقول الثاني وبيان اصطلاحين فيه

إنْ كانَ الاتِّصافُ كالعُرُوْضِ في
 

 

عَقْلِكَ فالمعقوْلَ بالثاني صِفِ
 

بما عُرُوْضُه بِعَقْلِنا ارْتَسَـمْ
 

 

في العَيْنِ أو فيهِ اتِّصافُهُ رُسِـمْ
 

فالمنطقيْ الأوّلُ كالْمُعَرِّفِ
 

 

ثانِيْهِما مُصْطَلَـحٌ للفلسفي
 

فَمِثْلُ شَيْئِيـةٍ أو إمكـانِ
 

 

مَعْقُوْلُ ثانٍ جا بِمَعنـى ثانِ
 

 

 

 

[8]

غرر في تعريف المعقول الثاني وبيان الاصطلاحين فيه(1)

(إن كان الاتصاف(2) كالعروض) أي الاتصاف بالمعقول(3) وعروضه كاتصاف الإنسان بالكلّية وعروضها له، كلاهما(4) (في عقلك فالمعقول بالثاني) أي بلفظ الثاني، والمراد بالثاني ما ليس في الدرجة الأولى(5) نظير الهيولى الثانية(6).

(1) أي اصطلاح المنطقي واصطلاح الفلسفي.

(2) هو التلبس بذلك الشيء، والعروض هو ثبوت شيء لشيء، وسيجيء الفرق بينهما.

(3) أي الثاني.

(4) أي الاتصاف والعروض.

(5) وليس المراد بالثاني ما كان في الدرجة الثانية، فإن النوعية كما في الحاشية([241]) معقول ثانٍ مع أنه معقول رابع، فإن الإنسان مثلاً إذا حذف مشخصاته بنظر العقل، فهو معقول أولي، وعرضه الكلية.

ثمّ إذا قاسه العقل إلى افراده، ورآه غير خارج عنها، طرأته الذاتية، وهي المعقول الثالث. ثمّ إذا لاحظ حمله على الكثرة المتفقة الحقيقة، طرأته النوعية، وهي المعقول الرابع.

(6) الهيولى كما سيجيء في الطبيعيات، إن كانت هي أول الهيولات كهيولى الفلك والعناصـر الأربعة، وإن كانت متفرعة على هيولى أخرى تسمّى هيولى ثانية، وإن كانت هيولى ثالثة فإن هيولى العناصـر أولى، ثمّ تكون هيولى العناصـر الخشب وهي الثانيـة، ثم ّالخشب يكون هيولى الباب وهي ثالثة، فالمراد بالثانية عبارة عمّا لم تكن في الدرجة الأولى.

ثمّ هو متعلق(7) بقولنا (صفي) الياء للإطلاق، فإنها تلحق إذا كان الرّوي مكسوراً، والساكن أيضاً ملحق به، لأنه يحرك بالكسـر.

فخرج من البيت(8) تعريف المعقول الثاني أنه العارض الذي عروضه للمعروض، واتصاف المعروض به كلاهما في العقل(9).

ثمّ بعد الفراغ عن بيان مفهوم المعقول الثاني باصطلاح المنطقي،
أشرنا إلى رسمه باصطلاح الحكيم(10) بقولنا (بما) متعلق برسم
في آخر البيت، أي رسم أيضاً بعارض(11) (عروضه بعقلنا)
أي في عقلنـا، متعلق بقولنا (ارتسم) سواء كـان اتصافه(12)

 

(7) أي قوله بالتالي.

(8) أي فاستخرج من البيت، واستنتج منه.

(9) أي العروض والاتصاف.

(10) أي الفيلسوف.

(11) اشار إلى أن (ما) عبارة عن العارض.

(12) أي في الخارج كالشيئية، فإنها عارضة عند العقل، والاتصاف بها في الخارج، والمراد بالاتصاف في الخارج أن يكون الوجود الرابطي للصفة في الخارج.

والمراد بالعروض في عقلنا؛ وهو أن يكون وجودها الرابطي ووجودها المحمول الناعتي في العقل، كذا في الحاشية([242]).

(في العين أو فيه(13)) أي في عقلنا (اتصافه) أي الاتصاف به(14) فهو من باب الحذف(15) والإيصال (رسم).

(فالمنطقي) أي المعقول الثاني المنطقي هو (الأول) من الرسمين (كالمعرّف) وسائر موضوعات مسائل المنطق، كالنوعيّة والجنسيّة والذاتيّة والعرضيّة والقضيّة والقياس، فعروض المعرفية للحيوان الناطق بالنسبة إلى الإنسان، واتصافه بها في العقل لأنه في الخارج(16) جزئي، والجزئي ليس معرفاً، فما في الخارج ذات الحيوان الناطق، لا وصف معرفيّته.

(ثانيهما) أي ثاني الرسمين (مصطلح للفلسفي) وهو أعمّ من الأول. وتوضيح المقـام(17) أن العـارض ثـلاثة أقسام: عارض يكون عروضه للمعروض واتصاف المعروض به في الخـارج كالسواد. وظاهر أنه معقول
أول بكلا الاصطلاحين. وعارض فيه كلاهما في العقل كالكلية.
وعارض عروضه العقل، ولكن الاتصاف به في الخارج، كالأبوة. فإنها
وإن لم يحاذها شـيء في الخارج كالكلّية، لكن اتصاف الأب به في الخارج. وكلاهما معقول ثان والأول المعقود(18) به من القضايا قضية ذهنية،

 

(13) من هنا يظهر لك أن المعقول الثاني برأي الحكيم أعمّ من المنطقي؛ لأنه يقال على المنطقي وهو الذي يكون العروض والاتصاف في العقل، وعلى غيره وهو الذي يكون العروض في العقل والاتصاف في الخارج.

(14) أي بالعارض.

(15) لأنه حذف حرف الجر، وأوصل قوله الاتصاف بالضمير.

(16) أي لأن الحيوان الناطق عند تحققه في الخارج جزئي.

(17) لكلا الرسمين المنطقي والفلسفي.

(18) أي العارض الأول الذي يكون عروضه واتصاف المعروض به في العقل،
 

والثاني المعقود به(19) منها قضية حقيقية، ووجه التسمية على الأول(20) ظاهر، لأنه إذا عقل عارضاً لا يعقل إلا عارضاً(21) لمعقول آخر، وأما على الثاني(22) فلأنه ما لم يتطرق تحليل العقل ولم يعقل معروض أولاً، لم يعقـل عـارض ثانياً.

فإنه إذا كان موضوع قضيّة تكون تلك القضيّة ذهنية، لعدم وجود أفراد موضوعها إلاّ في الذهن.

(19) وهو العارض الذي يكون عروضه في العقل، ولكن الاتصاف به في الخارج، فإذا كان موضوع قضية تكون حقيقية؛ لأنّه كان وجود أفرادها في الخارج.

(20) أي الاصطلاح المنطقي.

(21) أي إذا تصور هذا بوصف عارضيته، أي إذا تصور شـيئاً يصدق عليه ذلك العارض بالحمل الشائع، كما إذا تصورنا كلّية الإنسان فهي يصدق عليها الكلية، فلا يرد أن مفهوم الكلي عندما يتعقل بدون تعقل معروض.

(22) وهو المعقول الثاني الذي يكون العروض في العقل والاتصاف في الخارج، ولما كان المعروض متصفاً بالعارض خارجاً؛ فكيف يسمّى العارض معقولاً ثانياً بعد المعقول الأول، فذكر وجه التسميّة.

والحق الاستاذ هاهنا فائدتين:

الأولى: أن الوجود كما سيجيء رابط، وهو عبارة عن ثبوت شيء لشيء، وهو مفاد الهليّة المركّبة، وهو عبارة عن النسبة الحكمية في الموجبة.

ووجود رابطي وهو الوجود لشـيء، وهو وجود المحمول، حيث إنه يكون للموضوع، فالمعقول المنطقي هو أن يكون الوجود الرابط والرابطي كلاهما في العقل، والقسم الثاني من المعقول الفلسفي الوجود الرابط في الخارج، والرابطي في العقل.

فإن قلت: كيف يكون الوجود الرابط في الخارج، والحالة أن المعقول الثاني غير موجود في الخارج.

والجواب: أن لا يلزم تحقق المحمول في الخارج إذا كان ثبوته للشـيء في الخارج، فإن قولنا زيد لا حجر، فهو محمول على زيد، ومع ذلك هو عدم، وكذا زيد اعمى، فإن العمى ليس موجوداً في الخارج، كيف وهو عدم.

(فمثل شيئية أو إمكان معقول ثان جا بمعنى ثان)(23) يعني إذا عرفت عقد الاصطلاحين في المعقول الثاني، لا تختلط كما خلط بعضهم الاصطلاحين(24) في فهم كلام العلامة الطوسـي  رحمه الله . فإنه حيث(25) قال: الجوهريّة والعرضيّة والشيئيّة وغيرهـا من المعقولات الثانية أراد المعنى الثاني(26)
وتوهّم ذلك البعض أن لا معنى له(27) إلا المنطقي فقدح في كلامه(28).

الثانية: أن الاعتباري إذا اطلق مجرداً عن القرائن فيراد به المعقول الثاني المنطقي، ومع القرينة يراد به المعقول الفلسفي، وأما الفقهاء([243]) فإذا أطلقوا الاعتباري فيريدون ما يكون وجوده بسبب اعتبار المعتبر، كالملكية فإنها بسبب الشارع، وكذا الوضع باعتبار الواضع، حيث هو اعتبره، وغير ذلك.

(23) أي معقول ثاني بالمعنى الفلسفي.

(24) وهو القوشجي([244]).

(25) أي فإن العلامة الطوسـي K([245]).

(26) من معنى المعقول الثاني وهو الفلسفي.

(27) للمعقول الثاني.

(28) أي في كلام المحقق([246])؛ لأن الشيئية والجوهرية والعرضية لم تكن معقولات منطقية.

ثمّ إن اتصاف(29) الشيء الخاص(30) بالشيئيّة العامّة(31) في الخارج، ولكن عروضهـا له في الذهن، وإلا لزم التسلسل(32) وأن لا تكون من الأمور العامة(33). وكذا اتصاف الماهية الخارجية بالإمكان في الخارج، ولكن عروضه
 

(29) بعدما بيّن كلي المعقول الثاني، أخذ يستدل على كون ]بعض[ الأشياء من المعقولات الثانية، فذكر الشيّئيّة.

(30) أي الذي تحمل عليه الشيّئيّة حملاً شائعاً.

(31) أي مفهوم الشيء.

(32) أي ولو كانت الشيئية عارضة في الخارج لزم التسلسل؛ لأنه حينئذٍ تكون الشيئية موجودة في الخارج، وهي شـيء خاص حينئذٍ؛ لأن الشيئية العامة لا يمكن أن توجد؛ لأنها عبارة عن مفهوم الشـيء، وذلك الشيء الخاص أيضاً عارضة له الشيئية، فإن كانت في الذهن فهو المطلوب، وإلاّ فهي شـيء خاص أيضاً عارضة له الشيئية، وهلم جرا، فتذهب السلسلة.

وقد أشكل صاحب الشوراق([247]) على هذا بما محصله: أنه يمكن أن يقال أن الشيئية عارضة في الخارج، وهي شـيء خاص، وقولكم يلزم أن تكون عارضة له الشيئية، وهي أيضاً شـيء خاص، فيلزم التسلسل([248]).

نقول: ليس بلازم ذلك، فإن الشيئية عارضة في الخارج، وشيئيتها بذاتها، كما أن السواد عارض في الخارج، وسواديته بذاته، والاستاذ سلّم بوروده.

(33) هذا دليل ثاني على كون الشيئية عارضة في الذهن، وحاصله: أنه لو كانت عارضة في الخارج كالسواد، لكانت مخصوصة بالصدق على ذلك العارض، ولا تصدق على باقي الأمور من الماهيات والوجودات كالسواد، فإنه لا يصدق إلا على ذلك اللون، والحالة أن الشيئية من الأمور العامة الصادقة على كل شيء، وليست كالوجود.

لها في الذهن(34) إذ لا يحاذيه شيء(35) في الخارج لكونه سلب الضـرورتين،
ولأن لازم الماهية(36) اعتباري، وأيضا لو كان
عـروض الإمكان للماهية في الخارج، لزم إما التسلسل(37)

 

(34) أي ولكن عروض الإمكان لها في الذهن.

(35) هذا الدليل الأول على كون الامكان عارضا في الذهن للماهية وحاصله: أن الإمكان عدم، والعدم ليس موجوداً في الخارج. وقوله (إذ لا يحاذيه) أي ليس شيء يصدق عليه، ولا فرد له في الخارج.

(36) هذا دليل ثاني، وحاصله: أن الإمكان لازم للماهية من حيث هي هي، بقطع النظر عن الوجودين، وهي اعتبارية، فما يلزمها أولى بالاعتبار.

(37) اي لو كان هناك إمكان ثاني.

هذا دليل ثالث وبيانه: أنه لو فرض عروض الإمكان للماهية الممكنة في الخارج، فالماهية في مرتبة ذاتها، هل متصفة بالإمكان - غير ذلك الإمكان - أو متصفة بالامتناع أو الوجوب، أو غير متصفة بشيء من ذلك؟.

لا سبيل إلى الأول للزوم التسلسل؛ لأنه إن كان ذلك الإمكان الثاني عارض في الخارج، فأيضاً نعيد الكلام ونقول الماهية في مرتبة ذاتها ما هي. فإن كان أيضاً عارضاً عليها إمكان آخر، فأيضاً نسأل ما هي في مرتبة ذاتها، وهلم جرا، فيلزم التسلسل.

وأيضاً لا سبيل إلى القول بأنها في مرتبة ذاتها متصفة بالوجوب أو الامتناع؛ لأنه خلاف الفرض من أنها ممكنة.

ولا سبيل إلى القول بأنها خالية عن الوجوب والامتناع والإمكان؛ لأنه كما سيجيء أنه كل ماهية لا تخلو في الواقع عن هذه الثلاثة.

فإن قلت: إنه سيجيء تحقيقه أن الماهية من حيث هي ليست إلا هي فهي خالية.

الجواب: أن الماهية من حيث هي ليست موجودة ولا معدومة، ونحن كلامنا
في الماهية الموجودة، لو كان الإمكان عارضاً عليها خارجاً كعروض السواد
للجسم، فهي في مرتبة ذاتها في الواقع الذي هي لا تخلو فيه عن أن تكون ممكنة أو ممتنعة أو واجبة. فإذا قلنا أن الإمكان معقول ثاني، وهو عارض وليس شـيء يحاذيه

وإما الخلف (38) وإما خلو الشيء عن المواد الثلاث(39) والتوالي بأسرها فاسدة(40).

في الخارج،فيكون منتزعاً من مقام الذات، فلا يمكن أن تكون الذات في الواقع في مرتبة بدونه، لأنه انتزع منها.

(38) لو كانت الماهية الممكنة في مرتبة ذاتها واجبة أو ممتنعة.

(39) وهو أنه لو لم تتصف الماهية في مرتبة ذاتها لا بالوجوب والإمكان ولا الامتناع.

(40) كما بيّنا، وأعلم أنه استدل على أن الشيئية عارضة في الذهن، وكذا الإمكان، ولم يستدل على أنهما يتّصف بهما المعروض في الخارج؛ لأنه هذا أمر بديهي، لأن الإمكانية إنما هي ثابتة للأمور الخارجية، وكذا الشيئية، بخلاف المعرفية إنما تثبت للصور الذهنية، لا للأمور الخارجية.

 

 [9]

غرر في أن الوجود مطلق ومقيّد وكذا العدم

إنّ الوجودَ مَعَ مفهومِ العَدَمْ
 

 

كلاًّ مِنِ اطلاقٍ وتقييدٍ قَسَمْ
 


 

 [9]

غرر في أن الوجود مطلق ومقيّد وكذا العدم

(إن الوجود مع مفهوم العدم كّلاً) مفعول مقدّم(1) (من إطلاق وتقييد قسم) فالوجود المطلق ما هو المحمول في الهلية البسيطة(2) كالإنسان موجود، والمقيّد ما هو المحمول في الهلية المركّبة(3) كالإنسان كاتب. ورفـع هذين عدم مطلق(4) ومقيّد(5).

وفي تخصيص العدم بإضافة لفظ المفهوم إشارة إلى عدم اختصاص هذه القسمة في الوجود بمفهوم، بل جارية في حقيقته(6) كما هو مصطلح أهل الذوق(7). فيطلقون الوجود المطلق على ما لا يكون(8) محدوداً بحد خاص وهو حقيقة الوجود التي هي عين حيثية الإباء عن العدم وعين منشئية الآثار،
 

(1) لقوله: قسم.

(2) وهي التي يكون المحمول فيها نفس الوجود لا غيره، وهذا تقسيم لمفهوم الوجود، والمحمول يعتبر فيه المفهوم.

(3) وهي التي يكون فيها ثبوت شـيء لشـيء كالإنسان كاتب، فحمل على الإنسان الوجود المقيّد بالكتابة، وسمّيت هلية بسيطة، وهلية مركّبة، لوقوعها في جواب هل البسيط كـ(هل زيد موجود) وهل المركّبة كـ(هل زيد كاتب).

(4) كقولنا زيد معدوم.

(5) كالموجبة المعدولة المحمول، كقولنا (كل إنسان هو لا حجر).

(6) أي حقيقة الوجود، أي الوجود الحقيقي الذي يحمل عليه الوجود بالحمل الشائع، أعني الوجود الخارجي، بخلاف العدم، فإنه ليس له حقيقة، فالقسمة جارية في مفهومه فقط.

(7) هم العرفاء([249]).

(8) أي على الوجود الحقيقي.

الجامع لكل الوجودات بنحو أعلى وأبسط(9) والمقيّد على المحدود(10).

(9) وهو وجود الله عز وجل .

(10) وكوجود الإنسان المحدود بالماهية المخلوطة مع الأعدام.

 

 [10]

غرر في أحكام سلبية للوجود

ليسَ الوجودُ جوهراً ولا عَـرَضْ
 

 

عند اعتبارِ ذاتِهِ بَلْ بالْعَرَضْ
 

لا شي‏ءَ ضِدّهُ ولا ما مـاثَـلَهْ
 

 

وليسَ جُزءا وكذا لا جُزْءَ لَهْ
 

إذ قُلِبَ المُقَسّمُ مُقَوّمـا
 

 

أو القوامُ مِنْ نَقِيضٍ لَزِما
 


 

 [10]

غرر في أحكام سلبية للوجود

منها أنه (ليس الوجود جوهراً) لأن الجوهر(1) ماهية إذا وجدت في الخارج كانت لا في الموضوع، والوجود ليس بماهية (ولا عرض). وقف المنصوب بالسكون لغة(2).

وسلب العرضية لأجل أن لا موضوع له. كيـف والموضوع متقوّم بالوجود(3) نعم مفهومه(4) عرض، أي عرضـي بمعنى الخارج المحمول
 

قد تقدّمت الاحكام الثبوتية للوجود، وأخذنا الآن في الاحكام السلبية للوجود.

(1) للجوهر ثلاثة اطلاقات:

الأول: هو الموجود القائم بذاته، وبهذا المعنى يكون الوجود جوهراً؛ لأنه الموجود القائم بذاته، وليس قائماً بالماهية.

الثاني: هو الموجود لا في موضوع، وعلى هذا أيضاً الوجود جوهر؛ لأنه ليس بقائم في موضوع ومحتاج إلى محل.

والثالث: هو الماهية التي إذا وجدت في الخارج لا تكون في موضوع، وعلى هذا الوجود ليس بجوهر ]لأنه[؛ لأن ليس بماهية.

(2) المعروف أنها لغة ربيعة([250]).

(3) فكيف الوجود يتقوم به، للزوم توقف الشـيء على ما يتوقف عليه.

(4) إعلم أن مفهوم الوجود ليس عين حقيقة الوجود، وإلا لزم أن ينقلب الذهن خارجاً، ولا غير عارضه، إذ كل الاشياء وجود، بل هو منتزع منه ويحمل على الوجود ذاتاً، وعلى الماهية بالعرض، وهو من قبيل المعقول الثاني الفلسفي، أو ليس
 

لا المحمول بالضميمة (عند اعتبار ذاته)(5) أي ذات الوجود (بل بالعرض) أي بتبعية الماهيـات الجوهريّـة والعـرضيّة. فيكون الوجود الخاص(6) جوهراً بعين جوهريتها لا بجوهرية(7) أخرى، وعرضاً بعين عرضيتها لا بعرضية أخرى. بل يلحق الوجودات الخاصّة أحكام أخر للماهيات(8) لكن بالعرض.

شيء يحاذيه في الخارج والاتصاف به في الخارج، وقلنا من قبيل المعقول الثاني لأن معروضه - وهو حقيقة الوجود- لا يجيء في الذهن، فمفهوم الوجود خارج عن حقيقة الوجود والماهية، وهو يحمل عليها، وليس له مصداق ينضم.

(5) هذا ظرف إلى كون الوجود ليس جوهـراً ولا عـرضاً.

رق الزجاج ورقت الخمر
 

 

فتشابها وتشاكل الأمر
 

فكأنما خمر ولا قدح
 

 

وكأنما قدح ولا خمـر([251])
 

(6) أي الخارجي.

(7) أي أن الماهيات واسطة في العروض، وذو الواسطة في العروض يكون متصفاً بوصف الواسطة، كالحركة في السفينة للراكب فيها، فإن حركته عين حركة السفينة، بخلاف الواسطة في الثبوت، فحركته ليست عين حركتها، بل غيرها كحركة اليد للمفتاح، فإن حركة المفتاح ليست عين حركة اليد، بل كل حركة نفسه.

وقوله (جوهراً بعين جوهريتها) بأن سـرت جوهرية الماهية إلى وجود، فصار جوهراً بالعرض، لمكان الاتحاد بينهما، وفناء الماهية بالوجود.

قال في الحاشية([252]): فكما أن الماهية تتصف بالتحقق تبعاً للوجود، كذلك الوجود يتصف بأحكامها بالعرض.

(8) فيتصف بها الوجود عرضاً، كالضدية والمثلية والمخالفية والاحتياج إلى
ومنها أنه (لا شي‏ء ضده)(9) لأن الضدين أمران وجوديان(10) يتعاقبان على موضوع واحد، وبينهما غاية الخلاف، ويكونان داخلين تحت جنس قريب(11). والوجود ليس وجودياً(12) بل نفس الوجود، ولا موضوع(13) ولا جنس له، ولا غاية البعد والخلاف مع شي‏ء. ولذا تخلية الماهية عنه(14) تحليتها به. (ولا ما ماثله) لأن المثلين هما المتشاركان في الماهية ولوازمها، والوجود لا ماهية

 

الموضوع وغيرها.

(9) اعلم أن الشيئين المتغايرين، إما مثلان، وإما متخالفان، وإما متقابلان؛ لأنهما إن كانا يجتمعان كالحلاوة والسواد فهما المتخالفان، وإن كان لا يمكن اجتماعهما في موضوع واحد من جهة واحدة وزمان واحد، فإما أن يكون مشتركين في تمام الماهية كزيد وعمـر فهما المثلان، وإن لم يكونا مشتركين في تمام الماهية فهما المتقابلان.

والمتقابلان على أربعة أقسام: تقابل التضايف، والعدم والملكة، والإيجاب والسلب، والضديّن. هذا هو التقسيم المعروف عند الاصولين والحكماء([253]).

وهناك تقسيم آخر وهو أن الشيئين المتغايرين، أما ضدان، أو متماثلان، أو متخالفان، فيراد بالمتخالفين المتخالفان بالمعنى الأول، والايجاب والسلب، والتضايف، والعدم والملكة، وعلى هذا التقسيم الثاني بنوا هذا المبحث، ولذا قالوا لا ضد له ولا مثل له.

(10) أي يتصفان بالوجود.

(11) لأنهما إن كانا داخلين تحت جنس بعيد، قد يكونان متخالفين، كالحلاوة والسواد.

(12) أي يتصف بالوجود.

(13) للوجود، لما بيّنا من أن الموضوع متقوّم به.

(14) أي عن الوجود، قد تقدّم سابقاً أن الماهية إذا خُلّيت عن الوجود في الذهن، فهي محلاة به في الذهن بالوجود، ولذا قيل أن الوجود من شـرفه عند تجريد الماهية عنه في الذهن، فهي حينئذٍ متصفة به ذهناً، فالماهيات الملائمات له اشدّ الملائمة.

له نوعية أو غيرها(15) بل لا ثاني له(16) فضلاً عن الضـد والند، إذ لا ميز في صـرف الشيء. فكلما فرضته ثانياً له فهو هو، لا غيره.

(و) منها(17) أنه(18) (ليس جزءا) للشـيء ركّب منه ومن
غيره تركيباً حقيقياً(19) له وحدة حقيقية؛ لأن أجزاء المركّب الحقيقي

 

إلى هنا تم الدليل على كونه لا ضد له، وهذا الدليل كما يصلح لأن يكون دليلاً على أن حقيقة الوجود لا ضد له، فهو أيضاً يصلح لأن يكون دليلاً على أن مفهوم الوجود لا ضد له؛ لأنه ليس بينه وبين باقي المفاهيم - حتّى مفهوم العدم - غاية الخلاف، بل هو يحمل عليها.

(15) أي جنسية، وهذا دليل كما ينفي المماثل لحقيقة الوجود، كذلك ينفي المماثل.

(16) هذا دليل عام، ينفي عن حقيقة الوجود الضدية والمثلية والمقابل على سبيل العدم والملكة، والتضايف والتخالف، وحاصله: أن هذه الأحكام تقتضـي المغايرة بين الشيئين الوجوديين، والوجود الحقيقي ليس وجودياً، بل هو عين الوجود، وليس الوجود مغاير لوجودي آخر؛ لأن حقيقة الوجود وصـرفه كلّ أمر مغايرٍ له، فهو وجود وموجود في هذا البحر العظيم، وهو القاهر فليس هناك شـيء وجوديّ مغايرا له، نعم العدم مقابل لحقيقة الوجود تقابل الإيجاب والسلب، وأما مفهوم الوجود مع باقي المفاهيم فليس بينهما إلا التخالف بالمعنى الأخصّ، أعني كالسواد والحلاوة، فإنه ليس عين باقي المفاهيم، بل هو مجتمع معها، ومغاير لها، حتّى مع مفهوم العدم.

(17) أي ومن الاحكام السلبية.

(18) أي أن الوجود.

(19) وهو أن يكون للأجزاء بعد تركيبها وحدة حقيقية، وعلامة حصول الوحدة الحقيقية، أن يكون للمجموع أثر، لم يكن للأجزاء سابقاً، كالياقوت فإن له أثراً وهو المفرحية عند الرؤية، وهو لم يكن لأجزائه، وهي العناصـر المركّب منها، والمركّب الاعتباري هو أن لا يكون للمركّب أثر وراء أثر اجزائه، كالصلاة، فإن اثرها النهي عن الفحشاء، فإنّ ]كل جزء فيه ذلك[، ولكنه ليس شديداً كشدّة المجموع، فالأثر موجود في الجزء، ولكنه بنحو أضعف.

يجب أن يكون(20) بعضها حـالا في البعض(21) بل بعضها
منفعلاً عن البعض، كما في الممتزجات(22). والحلول(23)

 

وقد قيّد التركيب بالحقيقي إحترازاً عن التركيب الاعتباري، فإنّ الوجود قد وقع جزءاً من المركّب الاعتباري، حيث قيل أن الاشياء الموجودة مركّبة من الوجود والعدم؛ لأنه مشتمل على فعليته، ومعدومة منه فعلية الآخر، فالخل موجود فيه فعلية الخل، ومعدوم منه فعلية العسل، وباقي الاشياء، وسُمّي هذا القسم من التراكيب الاعتبارية بـ(شـر التراكيب)([254]) وذلك لأنه هو يستدعي تركيب شـيء مع شـيء، فالخل لما كان معدوماً منه فعلية العسل، احتجنا لأن نضمه مع العسل حتّى يكون سكنجبيلاً، فالوجود جزءٌ من شـر التراكيب الذي هو تركيب إعتباري.

(20) ليحصل الارتباط التام والاتحاد، فيكون التركيب حقيقياً لا اعتبارياً، والحكماء([255]) راعوا البداهة في كون بين الاجزاء ارتباط وحاجة.

واشكل عليهم: أن تركيب البسائط الخارجية لعدم اشتمالها على صورة ومادة كالسواد والبياض من الجنس والفصل حقيقياً، ولا ارتباط هناك، لأنه لا حلول ولا انفعال.

وأجيب([256]): أن الارتباط فيها من جهة علّية الفصل للجنس، والمعلول منفعل من علته، فبينهما انفعال.

(21) كحلول الصورة في الهيولى.

(22) هذا مثال للمنفعل بعضها عن بعض.

(23) أراد بالحلول، بأن الوجود بالنسبة إلى باقي الأجزاء لا يمكن أن يكون حالاً
في بعضها؛ لأنه يلزم أن يكون محتاجاً إلى المحل، والحالة أن المحل متقوم به، ولا يمكن أن يكون محلاً لجزء آخر؛ لأن المحل لجزء آخر محتاج هذا الجزء المحل إلى ذلك الجزء

 

والانفعال(24) على حقيقة الوجود، غير جائزين، بل يلزم الخلف(25) فإن الجزء الآخر والكل كلّها موجودة.

ثمّ إن في قولنا(26) ولاتحاد الكل والتسلسل، نفي جزئيته للماهية، وهاهنا مطلق. (وكذا لا جزء له)(27). ثمّ لما كان وجه السلوب الآخر(28) ظاهراً، لم نتعرض له بخلاف هذا. فأشـرنا إلى وجه سلب الأجزاء العقلية(29) عنه - حتى
 

الحال، أما في الوجود كالهيولى فإنها محل للصورة، وهي محتاجة لها في الوجود، فإن الهيولى لا توجد بدون الصورة.

وأما في التنوع كالجنس فإنه محل للفصل، وهو محتاج للفصل لأن يصير نوعاً.

وأما في التشخّص كالنوع فأنه محلٌّ للعوارض، ومحتاج إليها في التشخّص.

(24) أي لا يمكن أن يكون الوجود جزءاً منفعلاً لجزء آخر، إذ كل فاعل مؤثر متقوّم به، ولا يمكن أن يكون الوجود جزءاً فاعلاً، لكان أيضاً منفعلاً، لاحتياجه في التحقق إلى وجود ذلك الجزء الثاني، فإن الفصل علّة للجنس، والفصل محتاج إليه لأجل أن يتصف بذلك الجنس.

(25) هذا دليل ثاني على مدّعاه، وحاصله: أن أحد الأجزاء في المركّب أن يكون غير الآخر، وأن يكون المركّب غير المجموع، ولو فرضنا أن الوجود جزء فالمركّب أيضاً وجود، والجزء الاخر ايضاً وجود، فيكون كلّها موجوداً وفي حقيقة الوجود، فلا يكون جزءاً ثانياً مقابل الجزء الاول، فلا يكون جزءا ما فرضناه جزءاً.

(26) هذا دفع اشكال، وحاصل الاشكال: انه قد تقدّم في مبحث زيادة الوجود على الماهية ما يغني عن هذا البحث، فان هناك قد برهن بان الوجود ليس جزء للماهية بقوله (ولاتحاد الكل والتسلسل) وحاصل الدفع: ان ذاك مختص بنفي جزئية الوجود عن خصوص الماهية، وهذا المبحث ينفي جزئية الوجود عن كل شـيء.

(27) أي للوجود، أي كما ان الوجود ليس جزء، كذلك ليس له جزء.

(28) أي الدليل على الاحكام المسلوبة سابقاً واضح، لم يتعرض إليه بالنظم، بخلاف هذا الحكم السلبي، فإنه لم يكن ظاهراً، لذا تعرّض له في النظم.

(29) أي الجنس والفصل.

 

يلزم منه(30) سلب الأجزاء الخارجية، أعني المادة والصورة فإنهما(31) مأخذا الجنس والفصل، بل عينهما(32) والتفاوت بالاعتبار(33) ويلزم منه سلب الأجزاء المقدارية (34) لأن المقدار من لوازم الجسم. وإذ لا مـادة وصورة(35) فلا جسم ولا مقـدار- بقولنا:(36) إذ قلب(37) الفصل (المقسم) للوجود (مقوماً) له (أو القوام) أي التقوّم والتألف (من نقيض)(38) أو ممّا هو في قوة النقيض (لزما)(39).

بيان ذلك أنه لو كان لحقيقة الوجود جنس وفصل فجنسه أما الوجود، فيلزم الأول(40) إذ قدّ تقرّر أن كلا من الجنـس والفصل عارض للآخر،
 

(30) أي من سلب الأجزاء العقلية.

(31) هذا بيان لوجه اللزوم.

(32) فإذا سلب الجنس والفصل قد سلبت الصورة والمادة.

(33) أي والتفاوت بين الجنس والفصل وبين المادة والصور، فالجنس والفصل هما لا بشـرط، والمادة والصورة بشـرط لا، أي بشـرط عدم الحمل على المركّب.

(34) كالقطع الصغار من الخط والسطح والجسم.

(35) حيث إنهم اثبتوا المادة والصورة للجسم، فإذا انتفيا عُلم أن لا جسم، فلا مقدار، إذ ان المقدارية من عوارض الجسم.

(36) هذا متعلق بـ(اشـرنا إلى وجه سلب الاجزاء العقلية) حاصل هذا الدليل: أنه لو كان للوجود جنسٌ وفصل، فلا يخلو جنسه من أحد أمور ثلاثة: إما الوجود أو العدم أو الماهية، إذ ليس هناك أمر عام وراء هذا الثلاثة يصلح أن يكون جنساً للوجود، وقد أبطل المصنف كون كل واحد منها جنساً، فتعين أن لا جنسَ له، وما لا جنسَ له لا فصل له، فلا جنس ولا فصل للوجود، فليس له اجزاء عقلية.

(37) هذا يلزم لو جعل الوجود جنساً.

(38) هذا يلزم لو جعل العدم جنساً.

(39) هذا يلزم لو جعل الجنس هو الماهية.

(40) أي انقلاب الفصل المقسم للشـيء مقوّماً له، وهذا الانقلاب محال؛ لأنه يلزم تقدم

وحاجة الجنس إلى الفصل ليس في قوام ذاته(41) وماهيته، بل في
تحصّـله(42). ولذا فالفصـل(43) بالنسبة إلى الجنس مقسم،

 

الشـيء على نفسه، وذلك أن الماهية متقدّمة رتبة على وجودها، والفصل المقوم هو الذي تكون الماهية متوقف قوامها وذاتها عليه، فهو موجود مرتبة الماهية، والفصل المقسم هو الذي تحتاج إليه الماهية عند وجودها، لا في قوامها، فهو موجود في مرتبة الوجود والتحصّل، فهو متأخر رتبة عن الشـيء، فلو جعل مقوماً، لزم تقدّمه على مرتبة نفسه.

وقوله (إذ قد تقرر) هذا تعليل على لزوم الانقلاب، إذا جعل الوجود جنساً وقوله (انّ كّلاً من الجنس والفصل عارض للآخر)، أي أن جنس الماهية وفصلها، كل منهما يعرض للآخـر ولكن الجنس عرض عام للفصل، كما أن الفصل عرض خاص للجنس، فليس احدهما ذاتياً للآخر، فلا يكون أحدهما مقوّماً إلى الآخر.

(41) لما بينّا من أن الفصل عارض على الجنس([257]).

(42) أي بل في وجوده؛ لأن الفصل علّة للجنس كما سيجيء.

(43) أي ولكن الفصل علّة لتحصيل الجنس، ووجود حصة منه في الخارج سمّي الفصل بالنسبة إلى الجنس مقسّماً؛ لأنه يقسمه حيث يأخذ حصة منه، وليس التقسيم إلا ضم حصص للإقسام.

لا مقوم(44) وذلك أنما يتصور(45) في الجنس الذي ماهيته غير الوجود، وأما الجنس الذي هو عينه(46) فمفيد إنيته(47) مفيـد ماهيته(48). وهـذا هو القلب(49)
 

(44) أي وليس فصل الماهية مقوماً لجنسها، أي ليس داخلاً في ذاته، ويكون جزءا منه.

(45) أي تقسيم الفصل إلى الجنس إنما يتصور في غير الجنس الذي ماهيته غير الوجود، أما الجنس الذي هو عين الوجود وماهيته هي الوجود، فالفصل حينئذٍ مقوم لماهية هذا الجنس، إذ ماهية هذا عبارة ]عن[ عين وجوده، وجوده لا يكون بدون الفصل، إذ الجنس محتاج في وجوده للفصل، فيكون هذا الفصل مقوّماً ومقسّماً للجنس.

(46) أي عين الوجود.

(47) أي تحقّقه ووجوده.

(48) إذْ المفروض أن ماهيته هي الوجود البحت، فيكون الفصل مقوّماً لماهية الجنس، والحالة كما ذكرناه أن الفصل بالنسبة إلى جنسه مقسم، فكيف يكون مقوّماً.

(49) إذْ القلب هو عبارة عن أن يكون الفصل مفيد الأنية، والوجود هو المقوم أعني مفيد الماهية.

وأشكل استاذنا (حفظه الله) بأنه لا بأس بالانقلاب في صورة يكون الجنس ماهيته عين التحقق، والدليل الذي أقاموه على استحالة الانقلاب إنما هو في الماهية لا في الوجود؛ لأن الجنس الذي ماهيته عين التحقّق، ليس هناك فيه مرتبتان، ماهية وتحقق، هما شيء واحد ومرتبة واحدة، فلا مانع من أن يكون الفصل حينئذٍ مقوّما ومقسّماً.

وأجاب بما حاصله: أن هذا المطلب مبني على وحدة الوجود، إذ مع التسليم بها يكون الوجود حقيقة، فلو كان مركّباً من جنس هو الوجود وفصل، فالوجود الذي هو الجنس، لابد وأن يكون مركّباً أيضاً من الجنس وهو الوجود، وعين ذلك الفصل، والجنس مقدّم رتبة على الماهية، فيكون فصلاً واحداً، كما أنه مقوّم للجنس، محصّل له ومقوم له، ويلزم الانقلاب، وحينئذٍ يكون باطلاً، لحصول تقدّم الشـيء على نفسه، أما على القول بأن الوجود حقائق متباينة، فلا يصح هذا القول، إذْ يمكن أن يقال أن ماهية هذا الوجود مركّبة من جنس هو الوجود وفصل، ولا يلزم أن يكون ذلك الوجود الذي هو الجنس مركّباً من هذا الجنس والفصل؛ لأنه عندهم
 

الذي ذكرنا(50).

وبمثل هذا(51) البيان ليس الوجود نوعاً أيضاً إذ النسبة بين المشخّص(52) والطبيعة النوعيّة النسبة(53). وأما غير الوجود(54) والغير(55) هو العدم، أو الماهية(56) وهذا هو اللازم الثاني(57).

الوجود حقائق متباينة، فيمكن أن يكون هذا الجنس مركّباً من جنس وفصل آخر.

(50) في المتن.

(51) البيان في منع كون الوجود نوعاً، وهذا مطلب ذكره المصنف استطراداً وحاصله: نفي النوعية عن الوجود، وكون الوجودات أفراداً له، وذلك لأن العوارض للنوع ليست مقوّمة له، بل هي مقيّدة، تحصله ووجوده، فلو صار النوع عبارة عن حقيقة الوجود، فتكون العوارض بالنسبة إلى النـوع مقوّمـة لأنها مقيدة وجوده، والمفروض أنه عبارة عن الوجود، فتكون مقومة له، فيلزم انقلاب المحصّل مقوّماً، وذلك باطل.

(52) وهو عبارة عن العوارض حيث إنها تشخّص النوع.

(53) هذا خبر قوله (اذ النسبة)، أي النسبة بين النوع، ومشخصه هي النسبة بين الجنس وفصله، فكما أن حاجة الجنس إلى الفصل ليست في تقوّمه، بل في تحصّله، كذلك حاجة النوع إلى المشخّص ليست في تقوّمه، بل في تحصّله.

(54) أي وأما أن يكون جنس الوجود غير الوجود.

(55) أي والذي هو غير الوجود يصلح لأن يكون جنساً له، ليس الماهية أو العدم، إذ ليس هناك شيء مغاير له وراءها.

(56) والعدم لا يصلح أن يكون جنساً للوجود، لأنه نقيض الوجود، وكذا الماهية لا تصلح أن تكون جنساً للوجود؛ لأنها في قوة النقيض، إذ هي عبارة عن اللاإقتضاء، والوجود عبارة عن اقتضاء التحقّق، فلا يمكن التركّب منهما.

(57) أي كون العدم أو الماهية جنساً للوجود، وهو اللازم الثاني الذي اشـرنا له في المتن بقولنا (أو القوام من نقيض، لزما تكثر الوجود بالماهيات، وأنه مقول بالتشكيك).

 

 [11]

غرر في أن تكثر الوجود بالماهيات وأنه مقول بالتشكيك

بِكَثْرَةِ الموضوعِ قَد تَكَثَّرا
 

 

وكونُهُ مُشَكَّكاً قد ظَهَـرا
 

المَيْزُ إما بِتَمامِ الذّاتِ
 

 

أو بَعْضِها أو جا بمُنْضَمّـاتِ
 

بالنقصِ والكَمالِ في الماهِيَّةْ
 

 

أيضاً يجوزُ عِنْدَ الاِشْراقِيَّةْ
 

كُلُّ المفاهيمِ على السَّـواءِ
 

 

في نفيِ تشكيكٍ على الأنحاءِ
 


 

 [11]

غرر في أن تكثر الوجود بالماهيات وأنه مقول بالتشكيك

(بكثرة الموضوع) والمراد به ما يقابل المحمول(1) ومصداقه(2) الماهية (قد تكثرا) أي الوجود، وإلا فالشـيء بنفسه لا يتثنى ولا يتكرر. (وكونه) أي كون الوجود (مشككا قد ظهرا) أي سابقاً عند قولنا الفهلويون إلى آخره. ثمّ لما خرج من هذا البيت أن في الوجود كثرتين: إحداهما كونه إنساناً(3) (وفرساً وشجراً وحجراً وغير ذلك، والثانية كونه مقدمـاً(4) ومؤخراً وشديداً وضعيفـاً ونحو ذلك، أردنا(5) أن نبين أن التكثّر على الوجه الثاني، ليس تكثراً في الحقيقة، ولا ينثلم به وحدة الطبيعة المشككة(6).

فقلنا من رأس(7) (الميز) بين كل
 

(1) في الهليّة البسيطة، احترازاً عن الموضوع بمعنى المحل.

(2) أي لفظ الموضوع الماهية، وكأن ما تقدّم اشارة إلى مفهومه.

(3) وهذه الكثرة بالموضوع وتسمّى (كثرة ظلمانية)([258])؛ لأنه الوجود يضعف بها، وتكون مرتبة ضعيفة، حيث يختلط معه العدم.

(4) وهذه الكثرة بالتشكيك، وتسمّى (الكثرة النوريّة)([259]) لأنها تؤكّد الوحدة لوفور الوجدان للفعليات، والكثرة أنما تنشأ من السلوب، وحيث إنه لا سلوب ولا فقدان يكون هذا الشيء واحداً، كذا اشار إليه في الحاشية([260]).

(5) هذا جواب لما.

(6) صفة للطبيعة.

(7) أي من أول المطلب.

شيئين(8) (إما بتمام الذات)كالأجناس العالية وأنواعها(9) كل مع الآخر(10) (أو بعضها) أي بعض الذات(11) كالإنسان والفرس (أو جاء
الميز بمنضمات) وعوارض غريبة(12) كزيد وعمرو. والمشـاؤن حصـروا أقسام التمايز في هذه الثلاثة، ولم يتفطنوا بقسم رابع تفطّن به الإشـراقيون، كما قلنا (بالنقص والكمال في) أصل (الماهية)(13) الواحدة وسنخها، بأن يكون الناقص والكامل كلاهما من تلك الحقيقة (أيضا يجوز عند) الطائفة (الإشراقية)(14)

 

(8) هذا شـروع في أقسام التمايز.

(9) أي نوع هذا الجنس العالي، ونوع ذلك الجنس العالي الآخر، كالإنسان الذي ]هو[ نوع الجوهر، والسواد الذي ]هو[ نوع الكيف.

(10) أي كل من الأجناس العالية مع الجنس العالي الآخر، وكلُّ نوع من جنس عالم مع نوع من جنس عالم آخر، فإن بينها التمايز بحسب الذات.

(11) لو كان نوعان من جنس واحد.

(12) هذا عطف تفسير.

(13) أي في نفسها، واراد بالماهية ما به الشـيء هو هو، لتشمل حقيقة الوجود وباقي الماهيات.

(14) وأعلم أنك إن أردت الاطلاع على حقيقة الحال، فاستمع إلى ما نتلوه لك:

أن الإشـراقيين([261]) اثبتوا قسماً رابعاً، وهو أن الماهية -أعني ما يقع في جواب ما هو- قابل لأن يقع بها التمايز بين شيئين كلاهما من تلك الحقيقة، على نحو النقص والكمال.

واشكل عليهم المشّاؤون([262]) بما حاصله: أن الكمال الحاصل في ذلك الـشـيء والنقص الحاصل في الآخر؛ إن كان نفسه ماهية ذلك الشـيء - والنقص نفس ماهية
 

كما بيّنا في حقيقة الوجود(15). فالميّز بين هذا الناقص(16) وهذا الكامل ليس بتمام ذاتيهما بأن يكونا ماهيتين، ولا بالفصول، إذ كانا بسيطين(17)، ولا بالعوارض، إلا لكان متواطئاً، هذا خلف(18) بل بكمال من نفس الحقيقة، ونقص كذلك بأن يكون الناقص ولكامل ممتازين بتمام ذاتيهما البسيطتين، لا
 

الآخر- فالتمايز في الماهية، وإن كان النقص والكمال جزء الماهية فالتمايز بالبعض، وإن كان النقص والكمال عارضين، فالتمايز بالعوارض، فلا يكون الاشتراك في نفس الماهية والتمايز بها.

وأجاب الإشـراقيّون([263]): أن هذا جائز أن يكون الاشتراك بشـيء والتمايز به، فإن الخطّين ]اللذين[ أحدهما قصير ]والآخر طويل[، فأنهما يتساويان في الخطية، ويتفاوتان بالخطية أيضاً.

وأما أهل الحكمة المتعالية([264])، فاختاروا جزءً من قول المشّائين وهو عدم التفاوت بالماهيات، وجزءً من قول الاشـراقيين وهو أن هذا القسم الرابع - اعني ما به الاشتراك به الأمتياز - اثبتوه في الوجود، والمصنف أولاً عمّم المطلب، ثمّ بعد ذلك نفى هذا القسم من التمايز في الماهية، التي تقع في جواب ما هو.

والسـر في اختيار أهل الحكمة المتعالية كون هذا القسم من التمايز مخصوصاً في الوجود، أن أهل الحكمة المتعالية نظرهم أن الوجود أصل والماهية اعتبارية، فلا يتم فيها الأزيديّة، والأنقصيّة، والاشديّة، والاضعفيّة، إذ لا أثر يترتب عليها.

والاشـراقيين حيث إنهم يرون أن الوجود أعتباري والماهية اصيلة، فلا يمكن الاختلاف في الوجود بالاضعفيّة والاشدّية، أذْ هو اعتباري، ولا شدة في الاعتباري.

(15) عند قوله (كونه مشكّكاً قد ظهرا).

(16) من حقيقة الوجود.

(17) لأنهما من ماهية الوجود.

(18) لفرض الاختلاف بالتشكيك.

بأن يكونا ماهيتين، بل بأن يكونا ماهية واحدة مقولة بالتشكيك. فالخطان(19) المتفاوتان بكمالية الخط ونقصه، ما زاد به(20) أحدهما عـلى الآخـر(21) هو كمـا ساوى بـه(22) في الحقيقة(23).

وكما علمت أن الوجود مشكك، فاعلم أن (كل المفاهيم) والماهيات حتى مفهوم الوجود، من حيث هو، لا من حيث الحكاية(24) عن المعنون (على السواء في نفي تشكيك) عنها (على أنحاء) بأجمعها من الأوليّة والآخريّة والأولويّة وخلافها، والأشديّة(25) والأضعفيّة والأزيديّة(26) والأنقصية والأكثريّة(27) والأقليّة.

(19) هذا تنظير إلى الوجود في كون ما به النقص والكمال، هو نفس ما به الاشتراك.

(20) هذا خبر قوله فالخطان.

(21) وهو الامتداد الطولي والخطيّة.

(22) أي الزائد هو الذي تساويا فيه من الامتداد الطولي والخطية، فإنها تساويا فيه وأفترقا.

(23) هذا وجه الشبه في أن حقيقتهما واحدة، قال الاستاذ نحن ارباب الحكمة المتعالية([265]) نقول هذا التشكيك بالوجود الخاص، وأما المشّاؤون فيقولون بالماهية.

(24) فإنه من هذه الحيثية يكون فانٍ في المعنون، وغير المقصود بالذات، فيكون حكمه حكم المعنون، وليس له حكم على حدةٍ.

(25) هذا في الكيف.

(26) هذا في الكم المتصل.

(27) هذا في الكم المنفصل.

 

 [12]

غرر في أن المعدوم ليس بشـيء

وشروع في بعض أحكام العدم والمعدوم

ما لَيْسَ مَوْجُوْداً يكونُ لَيْسـا
 

 

قد ساوق الشَّيءُ لَدَيْنا الأَيْسـا
 

وَجَعَلَ المعتزليْ الثبوتَ عَـمْ
 

 

مِن الوجودِ ومن النفيِ العَدَمْ
 

في النفيِ والثبوتِ ينفي وَسَـطا
 

 

وَقَوْلُهُمْ بالحالِ كانَ شَطَـطا
 

بِصِفَةِ المَوجودِ لا مَوْجُـوْدَةْ
 

 

كانَت ولا معدومةً محـدودةْ
 

نَفْيُ ثبوتٍ مَعْهُما مرادفـة
 

 

وَشُبُهاتُ خَصْمِنا مُزَيّفَةْ
 


 

 [12]

غرر في أن المعدوم ليس بشـيء

وشروع في بعض أحكام العدم والمعدوم

(ما) أي ماهية (ليس موجودا يكون ليسا) صـرفاً، فليس ثابتاً قبل وجوده أيضاً، خلافاً للمعتزلة(1) حيث يقولون: إن الماهية في حال العدم
 

(1) هنا ثلاثة نزاعات، ادرجها المصنف بهذه الابيات واشار إليها:

]النزاع[ الأول: هل الماهيات الممكنة التي لم توجد، هل هي ثابتة أو معدومة، فالمعتزلة([266]) يقولون بأنها ثابتة وليست موجودة ولا معدومة، ونحن نقول أنها معدومة، مع الاتفاق فيما بيننا ]على[ أن الماهيات الممتنعة كشـريك الباري ليست ثابتة. قال المصنف: في الحاشية([267]) والذي دعاهم إلى ذلك أمران:

الأول: أن الماهية في حال العدم موصوفة بالإمكان، وهو سلب الضـرورة عن الوجود والعدم، وهي في حال الوجود ضـرورية الوجود، وفي حال العدم ضـرورية العدم، فلابد أن تكون ثابتة، لا موجودة ولا معدومة حتى يصح سلب الضـرورتين.

والجواب: أنه يكفي في ثبوت الإمكان لها، سلب الضـرورتين عنها في مرتبة ذاتها عند العقل.

والثاني: تصحيح علم الواجب، فإن علمه أزلي، وإذا لم يكن في الأزل وجود الأشياء وهو علمه إحاطي، يلزم جهله تعالى، وليست هي موجودة فيه، وإلا لزم أن تكون الماهيات قديمة، فلابد أن تكون ليست موجودة ولا معدومة، وهي ثابتة، والله عز وجل محيط بها، ولا يلزم تعدد القديم، إذ الممتنع وجود قديم سوى الله عز وجل لا ثبوته.

والجواب: أنه سيأتي اثبات علمه أزلاً، من دون حاجة إلى القول بثبوت المعدمات.

إن قلت: ليس المعتزلة قائلين بذلك فقط، بل العرفاء أيضاً قالوا بذلك، حيث
 

ثابتة، وليست موجودة بوجه من الوجوه(2). (قد ساوق الشيء) أي الماهية(3) (لدينا) معاشـر الحكماء (الأيسا) الألف للإطلاق، والأيس هو الوجود. (و) لكن (جعل المعتزلي الثبوت عمّ) أي أعـمّ (مـن الوجـود(4) ومـن النفي العدم) أي وجعل العدم أعمّ من النفي(5).

يقولون بثبوت الماهيات في العلم الربوبي، ويسمّونها الأعيان الثابتة.

قلنا: هم يقولون بوجود الماهيات تبعاً وتطفّلاً، أما المعتزلة فينكرون وجودها بأي نحو كان تبعاً أو تطفّلاً.

النزاع الثاني: أن المعتزلة([268]) يزعمون أن الشيئية أعمّ من الوجود، فالماهيات الممكنة المعدومة هي شـيء، وأما الحكماء([269]) فعلى رأيهم أن الشيئية مساوقة للوجود، أي متحدة مصداقاً معه، فأينما صدق الوجود صدقت هي، وأينما انتفى انتفت.

النزاع الثالث: في أن بعض المعتزلة([270]) اثبت واسطة بين الوجود والعدم وسمّاها الحال، وعلى رأي الحكماء أن الواسطة غير موجوده بينهما.

(2) لا تطفلاً، أي لا بالوجود العلمي ولا الخارجي.

(3) أراد بالماهية ما به الشـيء هو هو، يشمل الماهية بمعنى الكلي والوجود، والمراد أن الشـيء الذي يصدق على الماهية والوجود ساوق الوجود، بمعنى إينما صدق الوجود على أمر - سواء كان ماهية أو وجود - صدق الشـيء عليه وبالعكس، وفسـّره الاستاذ ]بان المراد من الشيئية[ الماهية، وأنها ليست هي العدم، وإلا فلا معنى للمساوقة ولا الوجود، إذ لا معنى لمساوقة الوجود للوجود، بل المراد بها الماهية، أي أينما حلّت الماهية حل الوجود، إذ هي اعتبارية، فهي تابعة للوجود وليس الوجود تابعاً لها، فلذا لا تصدق على الواجب الشيئية، هو شيء لا كالأشياء.

(4) لصدقه على الماهيات الممكنة المعدومة دون الوجود.

(5) لأن النفي لا يصدق إلا على الماهيات المعدومة الممتنعة كشـريك الباري، وأما على

فالمعدوم أي الماهية الممكنة، عنده(6) ثابت وليس بموجود وكذا ليس بمنفي. والمعدوم الممتنع عنده منفي، وليس بثابت. والفطرة السليمة(7) تكفي في مؤنة إبطال هذا القول.

ثمّ إن بعض المعتزلة قال بتحقق الواسطة بين الموجود(8) والمعدوم، وسمّاها حالاً. وأطلق عليها الثابت، وبنفي الواسطة(9) بين الثابت والمنفـي كما قلنا (في النفي والثبوت ينفي) المعتـزلي (وسطـا(10). وقولهم بالحال كان شططا). أي عدولا عن الصـراط المستقيم.

(بصفة الموجود لا موجودة كانت) تلك الصفة (ولا معدومة) كانت (محدودة) به يتعلق قولنا بصفة، أي الحال محدودة ومعرفة عندهم بصفة كذا كذا.

فقولهم صفة أرادوا بها المعنى الانتزاعي القائم بالغير، مثل والقادرية والأبوّة وسائر الإضافات، لا المعنى القائم بالغير مطلقاً(11) كما هو معناها
 

الماهيات الممكنة المعدومة فلا يصدق النفي، ويصدق العدم على كلا القسمين.

(6) أي عند المعتزلي.

(7) إذ بعد ملاحظة أن الوجود معناه تحقق الماهية، والثبوت معناه تحقق الماهية
فهما مترادفان، وإذاً بعد ملاحظة أن العدم عبارة عن عدم تحقق الماهية،
والنفي عبارة عن عدم تحققها، فهما مترادفان، والذي ينازع فليس عنده فطرة
سليمة.

(8) أما الفرقة الأولى فلم تقل بالواسطة بينهما، بل ذكرت للمعدوم قسمين: ثابت ومنفي.

(9) أي وقال بنفي الواسطة... الخ، ومعنى الثابت عنده هو الماهيات الموجودة، والاحوال التي غير موجودة، ومعنى المنفي هو ما عدا ذلك.

(10) ويقول به في الوجود والعدم.

(11) أي ]سواء كان[ انتزاعياً أو انضمامياً كالسواد.

المتعارف(12) عند المتكلمين.

فالـذات المقابلـة(13) للمعنيين أيضاً له معنيان. واحترزوا بإضافة الصفة إلى الموجود عن صفات المعدوم(14) فإنها صفة للثابت، لا للموجود، وبقولهم لا موجودة عن الصفات الوجودية(15) للموجود، وبقولهم لا معدومة عن الصفات السلبية(16). فبقي في الحد مثل الانتزاعيات الغير المعتبر في مفهومها(17) السلب من صفات الموجودات.

واعترض الكاتبي على هذا الحد بأنه لا يصح على مذهب المعتزلة، لأنهم جعلوا الجوهـرية من الأحوال، مع أنها حاصلة للذات في حالتي الوجود والعدم.

(12) الضمير يعود إلى التعريف الثاني([271]).

(13) لما كانت الصفة تقابلها الذات، فإذا جوّزنا في الصفة معنيان، فلابد للذات
من معنيين، مغاير كل منهما لما قابله من معنى الصفة، فهي إذا قابلت الصفة
بالمعنى الأول؛ يكون المراد بها ما ليس بالمعنى الانتزاعي القائم بالغير، فحينئذٍ
تصدق الذات على السواد، ولأنه ليس معنى انتزاعياً قائماً بالغير. وإذا قابله
الصفة بالمعنى الثاني، فيكون معناها ما ليس بمعنى قائم بالغير، فتصدق على الجواهر فقط.

(14) كصفات الثابتات الازلية على القول بها، مثل الامكان والجوهرية والعرضية الثابتة لتلك الاشياء المعدومة.

(15) كالسواد لهذا الجسم.

(16) كاللاحمرة والعمى والفقر.

(17) أي غير داخل في مفهومها السلب، كالمعقولات الثانية الفلسفية كالإمكان والكلية.

وأجاب عنه شارح المواقف بأن المراد بكونه صفة للموجود أن يكون صفة له في الجملة، لا أنه يكون صفة له دائماً. وأيضاً هذا(18) على مذهب من قال: بأن المعدوم ثابت ومتصف بالأحوال حال العدم.

وأما على مذهب من لم يقل: المعدوم ثابت، أو قال به ولم يقل باتصافهبالأحوال، فالاعتراض ساقط عن أصله(19).

ثمّ أشـرنا إلى بطلان هذا القول بقولنا (نفي ثبوت)(20) إما من قبيل التعداد(21) وإما من قبيل إسقاط العاطف(22) للضـرورة (معهما) أي مع العدم والوجود (مرادفة) عقلاً(23) واصطلاحاً(24) كما همـا كذلك لغةً(25)
وعرفاً(26).

(18) أي هذا التعريف المذكور.

(19) إذ حينئذٍ لا يرى إن الجوهرية حال.

(20) هذا رد على قول المعتزلة بالماهيات الثابتة([272])، ورد على قول بعضهم أن هناك واسطة بين الوجود والعدم تسمّى بـ(الحال).

(21) كما تقول للمحاسب، ثوب، دار، مسجد، فنفي ثبوت التعداد.

(22) واصله نفي وثبوت.

(23) إذ الاصل هو الوجود، والعدم في نقيضه، إذ معناه عدم الوجود، فلا يخلو منهما شيء، وليس الثبوت إلا التحقق، وهو عبارة عن الوجود، والعدم معناه عدم الوجود وهو النفي.

(24) عند المتكلمين والحكماء، حتى إذا اطلق الوجود فُهِمَ منه الثبوت، وكذا إذا اطلق العدم فُهِمَ منه النفي، وبالعكس.

(25) كما تشهد به الكتب اللغوية.

(26) كما هو المتبادر عند الإطلاق.

إفراده(27) على تقدير العطف باعتبار كل واحد(28) وتأنيثه باعتبار أن المصدر(29) جائز الوجهين، ويحتمل(30) أن يكون المرادفة مصدراً(31) أي النفي والثبـوت يصاحبهمـا المرادفـة مع العدم والوجـود.

والحاصل أنه كما أن الواسطة بين المنفي والثابت غير معقولة(32) كذلك بين المعدوم والموجود للترادف. (وشبهات خصمنا) في باب الحال، بل في باب ثبوت المعدوم (مزيفة) مردودة.

فمن شبهات ثبوت المعدوم أنه مخبر عنه، وكل مخبر عنه فهو شي‏ء. الجواب:

أن المراد بالموضوع في الصغرى، إن كان المعدوم المطلق، فلا يخبر عنه، وإن كان المعدوم في الخارج، فالإخبار عنه(33) لوجوده في الذهن.

ومن شبهات إثبات الحال، أن الوجود ليس بموجود، وإلا لساوى غيره
في الوجود، فيزيد وجوده عليه، ويتسلسل(34) ولا بمعدوم، وإلا اتصف

 

(27) اي افراد مرادفة. حاصله دفع إشكال، هو أنه مرادفه خبر عن نفي ثبوت، فينبغي أن يثنيها ويقول مرادفان، وأيضاً لِمَ أَنَّثَ (مرادفة)، مع أنها خبر عن نفي وثبوت وهو مذكر، فأجاب بما ترى.

(28) فيكون المعنى كل واحد من النفي والثبوت مع الوجود والعدم مرادفة، فلوحظ الوحدة عند الاخبار.

(29) وهو نفي وثبوت.

(30) وأما بناء على ما تقدّم فهي اسم فاعل.

(31) وحينئذٍ تكون فاعل فعل محذوف، كما قدّره المصنف، دل عليه بسياق الكلام.

(32) على كلا المذهبين الذين قالا بهما المعتزلة سابقاً، فإنهم لم يقولوا بالواسطة بين المنفي والثابت اصلاً، والجواب: أن المراد بالموضوع مضافاً إلى أن الدليل لو سلم، يثبت أن الممتنع ثابت أيضاً.

(33) بان يقال أن عدم زيد ليس بعلّة لعدم بكر.

(34) بان يكون لوجود الثاني أيضاً وجود، وذلك الوجود الثالث أيضاً موجود، وهلم جرا.

بنقيضه(35). والجواب: من وجوه الأول أن الوجود موجود ولكن بنفس ذاته(36) والثاني أنه معدوم(37) بمعنى أنه ليس بذي وجود(38) ولا يتصف
 

(35) فيلزم اجتماع المتناقضين.

(36) كملحية الملح.

(37) حاصل هذا الجواب الثاني، إنا نختار الشق الثاني، وهو أن الوجود معدوم، وقولكم أنه يلزم أن يكون الشيء متصفاً بفعله، قلنا لا يلزم ذلك، وبيان عدم لزومه: أنه قد تقدّم أنه يشترط وحدة الحمل في التناقض، علاوة على الوحدات الثمانية.

فإذا عرفت ذلك فنقول: الحمل الشائع قسمان: حمل مواطأة وهو حمل هو هو، وحمل اشتقاق وهو حمل ذي هو، وحمل الاشتقاق تارة يكون بإتيان ذي بأن يقال زيد ذو حركة، وتارة يأتي بلفظ المشتق ويريدون به ذي هو، فيكون حمل اشتقاق، كما لو قلنا زيد متحرك واردنا به ذي حركة، كما أنه قد يراد به حمل المواطأة، ويكون المعنى زيد هو المتحرك، ويصدق عليه المتحرك، وقد يسمّون حمل المواطأة حمل، على لأن مفاده صدق المحمول على الذات الموضوعية، ويسمّون حمل الاشتقاق حمل في؛ لأن مفاده ان الموضوع في المحمول، فزيد ذي حركة معناه زيد في الحركة.

فإذا عرفت هذا فنقول: من شـرط التناقض الاتحاد في اقسام الحمل، كما أنه
اشترط الاتحاد فيه، ولذا لم يكن من التناقض قولنا الحركة حركة، والحركة ليس
بذي حركة، حيث إن الأول حمل مواطأة، والثاني الحمل فيه أشتقاق، نعم لو
قلنا هذه الحركة حركة وليست بحركة صار تناقض، لأن الحمل في كليهما
حمل مواطأة، كذلك ما نحن فيه، فإن المعدوم المحمول على الوجود، المـراد به
ليس ذا وجود، وهذا ليس بنقيض؛ لأنه حمل إشتقاق، والوجود وجود بحمل المواطأة، فلا تناقض، نعم النقيض للوجود هو العدم واللاوجود، لأنك إذا قلت الوجود عدم أو لاوجود؛ كان حملهما عليه بحمل المواطأة، فهما نقيضان لقولنا الوجود وجود.

(38) خبره بذلك؛ لأن الوجود مقدّم، بمعنى أنه يصدق عليه العدم نقيض للوجود وجود.

بنقيضه، لأن نقيض الوجود هو العدم أو اللاوجود، لا المعدوم(39)
أو اللاموجود(40) والثالث النقض بوجود الواجب(41) تعالى، والرابع
قلب الدليل عليهم، لأن الوجود لو كان حالاً، والحال صفة للموجود، لزم أن يكون الماهيـة قبـل الوجود موجـودة، ويتسلسـل اللهم إلا أن يقال إنه صفة للموجود بهذا الوجود، أو يقال الوجود عندهم انتزاعي، والحال
صفة انتزاعية، والاتصاف بالصفة الانتزاعية لا يستلزم للموصوف تقدّماً بالوجود(42).

ومنها: أن الكلي الذي له جزئيات متحققة في الخارج كالإنسان، ليس بموجود، وإلا لكان مشخّصاً لا كلياً، ولا بمعدوم، وإلا لما كان جزءاً لموجود كزيد(43).

والجواب: أن الكلي موجود. قولكم فيكون مشخّصاً. قلنا الطبيعي لا يأبى عن الشخصية، فإنه نفس الطبيعة التي يعرضها الكلية في نشأة الذهن(44) ولا

 

(39) الذي بمعنى ليس ذا وجود.

(40) الذي بمعنى ليس بذي وجود.

(41) فإنهم يعترفون بأن وجوده موجود وليس بحال، فإنه يقال لهم أن وجود الواجب موجود، فهو له وجود ثاني، هل أنه معدوم أو موجود؟

أن قلتم: أنه معدوم لزم اتصاف الشـيء بنقيضه، وإن كان موجوداً فلا وجود ثالث وهكذا.

(42) بل بالتجوهر، نظير إتصاف الماهية بالإمكان والشيئية، فإن التقدم في موصوفهما بالتجوهر، كذا ذكر في الحاشية([273]).

(43) لاستحالة تقوم الموجود بالمعدوم.

(44) أي في عالم الذهن، فإن اريد بالذهن اذهان السافلة، كان تسمية الكلي الطبيعي

سيّما(45)أنه اللابشـرط(46) الذي هو مقسم للمطلقة(47) والمخلوطة(48) والمجردة(49). أو نقول: إنه معدوم ولا يلزم تقوّم الموجـود بالمعـدوم، لأنه ليس جـزءاً له في الخـارج(50).

ومنها: أن جنس الماهيات(51) الحقيقية العرضية، كلونية السواد، ليس بمعدوم، وإلا لتقوّم الموجود بالمعدوم، ولا بموجود(52) وإلا، لزم قيام العرض
 

حال وجوده في الخارج بالكلي بعلاقة الأول، كما في ]قوله تعالى[ [إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا]([274])، أي ما يؤل إلى الخمر، وإنْ أراد بالذهن الاذهان العالية كالعقل، كان تسميته بالكلي حال وجوده في الخارج بعلاقة الكينونة، كما ]في قوله تعالى[ [وَآَتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ]([275])، أي ما كانوا يتامى اعطوهم أموالهم.

(45) أي ولا سيما أن الكلي الذي له جزئيات محققة في الخارج، أي الكلي الطبيعي.

(46) الذي يجتمع مع الف شـرط.

(47) هو الماهية اللابشـرط القسمي، أي بشـرط عدم اجتماعها مع كل شرط وجودي أو عدم.

(48) هي الماهية بشرط شيء.

(49) هي الماهية بشـرط لا.

(50) أي الكلي معدوم في الخارج، وليس جزءاً خارجياً للشخص الخارج، بل هو جزء ذهني كالجنس والفصل، اللذين هما جزآن للألوان في الذهن، وليس جزآن لها في الخارج، إذ هي بسائط في الخارج، فاللونية والمفرقية اللذان هما جنس وفصل للبياض، هما معدومان في الخارج لبساطة البياض، بل هما جزآن في الذهن.

(51) وكذا فصل لها.

(52) فهو حال منتزع من الذات، كالكلي الطبيعي على رأيهم.

بالعرض، لأن التركيب الحقيقي على قيام الأجزاء بعضها ببعض(53). والجواب: أن الأعراض بسائط خارجية، فلا تقوّم فيها في الخارج(54) حتى لو كانت اللونية معدومة في الخارج، لزم تقوّم الموجود بالمعـدوم. وأيضا قيام العرض بالعرض جـائز(55).

(53) والجنس كما بيّنا قائم بالفصل؛ لأنه عارض له، والفصل عارض للحمل، فقام العرض بالعرض، وهو باطل.

(54) بأجزاء خارجية، نعم لها أجزاء ذهنية بعضها متقوّم.

(55) كقيام الحرارة بالحركة الشديدة، نعم قيام العرض بالعرض غير جائز في صورة لو لم تنتهِ إلى عرض قائم بجوهر هو باطل، وإلا فلا مانع من قيام العرض بالعرض.

 

 [13]

غرر في عدم التمايز والعلية في الاعدام

لا مَيْزَ في الأعدامِ مِنْ  حَيْثُ العَدَم
 

 

وَهْوَ لها إذا بِوَهْم تَرْتَسِمْ
 

كَذاكَ في الأعدامِ لا عِلِّيّـةْ
 

 

وإنْ بِها فاهوْا فَتَقْرِيْبِـيَّةْ
 


 

 [13]

غرر في عدم التمايز والعلية في الأعدام

(لا ميز في الأعدام(1) من حيث العدم وهو) أي الميّز (لها) أي للأعدام (إذا بوهم) أي في وهم (ترتسم)(2) تلك الأعدام. وارتسامها في الوهم باعتبار الإضافة إلى الملكات، فيتصور ملكات متمايزة ووجودات متخالفة، وتضيف إليها مفهوم العدم، فيحصل عنده أعدام متمايزة في الأحكام(3). وأما مع قطع النظر عن ذلك(4) فـلا يتميّز عـدم عن عـدم،وإلا لكان فـي كل شـي‏ء(5) أعدام غير متناهية. (كذاك في الأعدام لا علّية) حقيقية ـ وإن كانت لعدم في عدم(6)
 

(1) إذ لا وجود له في الخارج، وإلا لزم اتصاف الشـيء بنفسه، فتأمل.

(2) إنما جعل الميّز في الوهم؛ لأن العدم بالنسبة إلى الماهيات يكون جزئياً، فلا وجود له إلا في الوهم.

(3) فيقال عدم هذا علة لعدم ذاك، وعدم هذا يلازم عدم ذاك.

(4) أي عن تلك الملكات والماهيات التي اضيف إليها العدم.

(5) أي إن لم يكن تمايزها بالنظر إلى الملكات بل بنفسها لكان في كل شـيء اعدام غير متناهية. وقوله لكان في كل شيء هذا يشير به إلى دليل ملا صدرا([276]) على نفي التمايز بين الاعدام من حيث هي.

وحاصله: يلزم أن يكون للشيء الواحد صفات وسلوب متسلسلة؛ لأنه عدمه، وعدم عدمه، وهلم جرا، فلو قلنا أنها من حيث هي، لزم امر متعدد لشيء واحد ومتسلسل، ولكن لوقلنا إنها ليس تميزها من حيث هي، فهي شيء، والاعتبار تارة يضيفه إلى هذا وإلى ذاك، وهناك دليل آخر على ذلك، وهو أن العدم نفي صرف لا اشارة له اصلاً، وكل ما هو متميز فله وجود وتحصّل لا محالة، فتكون الاعدام موجودة ومتحصّلة، فيلزم اتصاف الشيء بما يعانده.

(6) بأن يكون أحد العدمين علّة للآخر حقيقة، فضلاً عن أن يكون العدم
 

(وإن بها) أي بالعلية (فاهوا) أي نطقوا كقولهم(7) عدم العلة علة لعدم المعلول (فتقريبية) أي قول على سبيل التقريب والمجاز(8) فإن الحكم بالعلية عليها بتشابه الملكات(9).

فإذا قيل: عدم الغيم علّة لعدم المطر، فهو باعتبار أن الغيم علّة المطر، فبالحقيقة قيل: لم يتحقق العلية التي كانت بين الوجودين. وهذا كما يجري أحكام الموجبات على السوالب في القضايا، فيقال سالبة حملية(10) أو شـرطية متصلة أو منفصلة أو غيرها(11). كل ذلك بتشابه الموجبات.

علّة للوجود.

(7) قد قال ذلك المحقق الطوسـي([277]).

(8) عطف تفسير على التقريب. والعلاقة أن الملكات لمّا وقعت بينها العلّية والعدم لما اضيف إليها، صار علّة ومعلولاً، وإلا فالعلّة هي المؤثرة، والمعلول هو المتأثر، والأعدام لا تأثر ولا تأثير فيها.

(9) هذه علاقة المجاز، وحاصلها كما ذكرناه: أن الاعدام لما اضيفت إلى الملكات صارت علّة ومعلولاً؛ لأنها صارت شبيهة بالملكة بواسطة الاضافة

(10) والحال أن السالبة هي سلب الحمل فيها، ولكنها لما شابهت الموجبة الحملية في الأطراف أُطلق عليها حملية.

(11) كعنادية ولزومية واتفاقية.

 

 [14]

غرر في أن المعدوم لا يعاد بعينه

إعادةُ المعدومِ مِمّا امتَنَعا
 

 

وَبَعْضُهُمْ فيهِ الضَّرُوْرَةَ ادَّعـى
 

فإنّهُ على جَوازِها حَتَـمْ
 

 

في الشخصِ تَجْويْز تخلّل العَدَمْ
 

وجاز أن يُوْجَدَ ما يُمـاثِلُهْ
 

 

مُسْتَأْنَفاً وسَلبَ مَيْـزٍ يَبْطِلُـهْ
 

والعَوْدُ عَادَ عَيْنَ الابْتِـداءِ
 

 

وليسَ بالِغـاً إلى انتِهاءِ
 

ما ضَرَّ أنَّ الجسمَ غِبَّ ما فنَـى
 

 

هُوَ المُعادُ في المَعـادِ قولُنـا
 

وإمتناعُها لأَمْرٍ لازمِ
 

 

ومعنى الامكانِ خِلافِ الجازمِ
 

في مثل ذر في بُقْعَةِ الإمكانِ
 

 

ما لم يَذُدْهُ قائِمُ البرهـانِ
 


 

 [14]

غرر في أن المعدوم لا يعاد بعينه

اختلفوا في جواز إعادة المعدوم وعدمه. فأكثر المتكلمين على الأول والحكماء وجماعة من المتكلمين على الثاني، وهو الحق كما قلنا إن (إعادة المعدوم) بعينه(1) - فإن محل النزاع إعادته مع جميع مشخّصاته وعـوارضه-  فهي (مـمـا امتنعـا).

فلا تكرار(2) في تجليه(3) تعالى وفي كل آن له شأن جديد(4)
 

هذه مسألة مستقلة وليس لها ربط في مبحث المعاد، فلا ينفي إنكارها من جهة أن القول بها ينفي المعاد، ]و[ سيشير إليه المصنف، ومن هنا يظهر لك غلطية المتكلمين([278])، حيث أنكروا هذه المسألة، ظناً منهم بأنه يوجب القول بها أنكار المعاد.

(1) إعلم أن أعادة المعدوم تارة يراد بها اعادة ماهيته الشخصية، وأما الوجود فمتغاير مع الوجود الأول. وتارة يراد بها أعادة الماهية الشخصية، ووجودها الأولي بأن تكون الماهية والوجود عين الماهية الاصلية والوجود الأصلي، والأدلة التي يذكرها المصنف نافية للإعادة بكلا معنييها.

(2) أخذ يؤيد هذا المصنف([279]) بكلمات العرفاء والقرآن والعرف.

(3) أي تجلي الخالق لا تكرار فيه، فلو أعيد المعدوم بنفسه، صار هناك تكرار للتجلّي، فهذه الكلمة بهذا المعنى تصحح قولنا.

(4) هذا مقتبس من قوله:[كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ]([280]) والمراد بالآن هي الوجودات والتصورات للأشياء، وهي شؤونه، فلو كان المعدوم يعاد بعينه، لزم أن لا يكون في كل آن شأن جديد؛ لكون في بعض الآنات شأن عتيق.

لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ(5). وفي كل شـي‏ء لـه آيـة(6) تـدل عـلى أنه واحـد. (وبعضهم) كالشيخ الرئيس (فيه) أي في الامتناع (الضـرورة) والبداهة (ادعى). واستحسن الإمام الرازي(7) دعوى(8) الضـرورة.

(5) كل شيء من هذه الموجودات هو مظهر لصفة من صفات الله عز وجل ، أو لاسم من اسمائه، حتّى قيل إن الإنسان الكامل مظهر للاسم (الله عز وجل )([281])، فاسم (يامن ليس كمثله شيء) مظهر هذه الآنات الموجودات، فإنه ليس مثل لواحد منها شيء.

فلو قلنا (أنه يعاد) لزم أن لا تكون هذه الوجودات مظهـراً لهذا الاسم، فإنه ثبت لها مثل، وحيث إنه لا مثل لها في الآن الثاني -كما هو مقتضـى المظهريّة- فلا عين له([282]).

(6) أي في كل شـيء له علامة ومظهريّة بأنه لا مثل له، فهذا هو معنى البيت، فلو قلنا بالإعادة لزم اثبات المثلية، فالبيت مفاده مفاد الآية فراجعها.

(7) مع أنه يُعبّر عنه برئيس المشككين([283]).

(8) القائل أن القول بإعادة المعدوم نظير الطفر في المكان، فكأنها طفرة في الزمان؛ لأنه يلزم وجود الشـيء في الزمان المتأخر من دون وجوده الزمان المتوسط، والطفرة باطلة عندنا([284]) كما سيجيء.

والقائلون بنظرية المطلق(9) استدلوا عليه بوجوه:

منها: ما أشـرنا إليه بقولنا: (فإنه) الضمير للشأن (على جوازها) أي على تقدير جواز الإعادة (حتم في الشخص) المعاد (تجويز تخلل العدم) وهو بديهي البطلان(10). كيف؟ وهو تقدّم الشـيء على نفسه بالزمان، وهو بحذاء(11) تقدّم الشـيء على نفسه بالذات. (و) منها: أنه على تقدير جواز الإعادة (جاز أن يوجد ما يماثله) أي يماثل المعاد(12) من جميع الوجوه (مستأنفا) أي ابتداء،
 

(9) والقائلون ببداهة المطلب كصاحب المواقف([285])، استدل عليه بوجوه، الأول من الوجوه التي ذكرها المصنف، وأشكل التفتازاني([286]) عليهم: بان بداهة الدليل لا يستلزم بداهة المدعى، وهذا الدليل وإن كانت مقدّماته بديهية، لكن لا يستلزم بداهة هذه الدعوى.

(10) إذ أن الوجود مساوق للوحدة والتشخّص، والعدم هو الموجب للاثنينية وبطلان الوحدة، فاذا تخلل العدم بين الشخص ]ونفسه[، لزم أن يكون شخصين، إذ العدم ليس إلا بطلان صـرف للماهية الشخصية ولوجودها، فإذا بطل هذا الشـيء وذهب، فلا وجه لان يكون ما يأتي هو عينه، إذ أنه ذاك انعدم.

(11) لأنه إذا تقدّم بالزمان عليه، فقد تقدّم بالرتبة وبالذات، بل قيل هو أعظم بطلاناً من التقدّم بالذات، إذ التقدّم بالذات لا يدرك إلا بالبرهان، بخلاف التقدم بالزمان، فإنه يدرك بأدنى تنبه.

(12) وحاصل هذا الدليل([287]): أنه لو عدم الشـيء ثمّ وجد ثانياً، فحينئذٍ ممكن أن

 

لأن حكم الأمثال(13) فيمـا يجوز وفيما لا يجوز واحد (و) الحال أن
 

يوجد ابتداءًا مماثل في الماهية والعوارض لمعاد، فحينئذٍ أيهما تحكم بأنه هو المعاد السابق، لا يجوز أن تقول كلاهما عود له، وإلا لزم أن يكون الشخص شخصين، والهوية الواحدة هويتين.

وإن قلت: هذا عود لذاك، لزم الترجيح بلا مرجح؛ لأن يكون هذا عوداً وذاك ليس بعود للسابق.

(13) زعم بعضهم([288]) أن هذا تعليل إلى قوله جاز أن يوجد، والأصح أنه تعليل
 

(سلب ميزٍ(14) يبطله) أي يبطل أن يوجد مثله(15) ابتداء.ووجه عدم الامتياز بينهما(16) أن المفروض اشتراكهما في الماهية وجميع العوارض، فلم يكن أحدهما مستحقاً لأن يكون معاداً لشـيء، والآخر لأن يكون حادثاً جديداً، بل إما أن يكون كل واحد(17) منهما معاداً(18) أو كـل واحـد منهمـا جديـداً(19) نعم(20) لو كان تقرر الماهية مُنفكة عن الوجود جائزاً، وكان الوجود(21) كأمر طار عليها، جاز اختلافهما في الحكم(22) لكنه محال(23).

إلى تفسير المماثلة بكونها من جميع الوجوه.

(14) أي الامتياز بين المعاد والمثل المستأنف.

(15) فأيضاً لا يمكن الاعادة، حيث إن حكم الامثال واحد، أي أن عدم الامتياز يبطل وجود المثل المقارن للمعاد، للزوم الترجيح بلا مرجح، فكذلك المعاد يبطل وجوده مع المثل الذي هو ممكن الوجود، إذ يلزم الترجيح بلا مرجح.

(16) أي بين المستأنف والمعاد.

(17) وإلا لزم الترجيح بلا مرجح.

(18) وهو باطل، إذ المفروض سابقاً ماهية واحدة وتشخص واحد.

(19) وهو المطلوب.

(20) حاصله: أنه على رأي المعتزلة([289]) يمكن أن نقول هذا معاد وذاك مستأنف، وذلك لأنهم يقولون بأن الماهيات ثابتة، فإذا كان كذلك، فالماهية الشخصية التي قد خلع الوجود الأول منها، ثمّ اكتست الوجود الثاني، وما بينهما تكون هي ثابتة، هي التي تكون معادة، والتي لم تكن كذلك تكون هي المستأنفة، فيحصل التميز واقعاً، وتلك يقال لها أنها معادة، ولا يقال للثانية مستأنفة.

(21) هذا عطف تفسير.

(22) بأن هذه عود وتلك مستأنفة.

(23) أي تقرر الماهية محال، بل هي تابعة للوجود، ولا شـيء وراءه لأصالته.

(و) منها: أنه على تقدير جواز إعادة المعدوم بعينه
(العود عاد) أي صـار (عيـن الابتداء) إذ المفـروض(24) أن
الهـوية(25) بعينهـا هي المبتدئة، ولأن الزمان(26) من المشخصات،

 

(24) لما كان هذا الدليل يرجع إلى مقدمتين:

احدهما: أن المعاد يكون عين المبتدأ على تقدير الايجاد.

والثاني: أن هذا باطل، فاستدل على المقدمة الأولى بثلاثة أدلة، ثمّ أستدل على كون المعاد عين الابتداء باطل.

(25) أي الماهية الشخصية ووجودها، هذا دليل أول على المقدّمة الأولى، أعني أنه لو جاز الاعادة، لزم أن يكون المعاد عين المبتدأ.

(26) من المشخّصات، فإذا عاد الشـيء عاد زمانه الذي كان فيه، فيعود الزمان المبتدأ، فيصير المعاد مبتدأ لحلوله في الزمان الأول.

وربما اشكل على كون الزمان من المشخصات بحكاية معروفة للشيخ أبي علي مع تلميذه بهمنيار([290])، وذلك أن بهمنيار كان مصـراً على كون الزمان مشخّصاً، فقال استاذه: إن كان الأمر على ما تزعم، فلا يلزم مني الجواب، لأني غير من كان يباحثك، وأنت أيضاً غير الذي تباحثني.

قال الاستاذ والحق مع بهمنيار؛ لأن المراد بالزمان - الذي هو مشخّص - هو مجموع زمانه من أوله إلى آخره، ويميّز عن السابق عليه واللاحق، فالذي عمّر مائة سنة الزمان المشخص له هو نفس المائة سنة، لا كل يوم يوم، ولذا إذا قيل الزيدان إيهما عُمّر منهما؟ فيقال في الجواب: ذاك في زمان كذا، وهذا في زمان كذا، فلوا عِيد الموجود في زمان أول؛ لزم أن يعاد زمانه معه.

وأما حكاية الشيخ مع تلميذه، أن تلميذه كان مصـرّاً مطالباً للشيخ على بقاء الذات والهوية، فالشيخ قال له إن لم تكن الذات باقية فلم تطالبني بالجواب، وأنا غير الذي سألته وأنت غير السائل، لا كما اشتبه المتكلّمون من ]أنّ[ هذا الحديث وقع في
 

أو لأنه أيضاً يعدم(27) ويجوز إعادته، فإذا عاد الزمان المبتدأ،
صدق على المعاد أنه مبتدأ لكونه موجوداً في الزمان المبتدأ، فيلـزم
الانقلاب(28) والخلـف أو اجتماع(29) المتقابلين في الهوية الواحدة.
(و) منها: أنه على تقدير جواز إعادة المعدوم بعينه (ليس) عدد نفس العود(30)

الزمان، كيف والشيخ معترف بكون الزمان من المشخّصات كما نقل عنه الاستاذ. نعم يمكن أن يكون المتكلمون نفوا عنه هذه الحكاية، لاتحاد الملاك في كون الزمان من المشخّصات، وبقاء الذات. وقوله (ولأن الزمان من المشخّصات) هذا دليل ثاني على المقدّمة الأولى.

(27) سواء قلنا أنه من المشخصات أم لا، وحينئذٍ إذا عدم جاز عوده؛ لأن الاحكام العقلية لا تخصيص فيها، فإذا أُعيد مع المعدوم لزم كون ذلك المعاد في الزمان المبتدأ، فهو مبتدأ حينئذٍ، وهذا هو الدليل الثالث على المقدّمة الأولى.

(28) وهذا برهان للمقدمة الثانية، وهي بطلان كون المبتدأ عين المعاد.

وحاصل هذا البرهان أن يقال: أنه لو كان المبتدأ عين المعاد، فهذه الهوية الواحدة - التي اعيدت - إما أن تكون مبتدأه أو معادة، لا جائز أن تكون مبتدأه؛ لأنه خلاف الفرض إذ فرضت أنها معاده، ولا جائز أن تكون معاده لأنه يلزم الانقلاب، إذ أنها هي مبتدأة كيف تكون هي معادة، فيلزم إنقلاب الإبتداء عوداً، وهو انقلاب الضد إلى آخر، وهذا مستحيل، نظير استحـالة انقلاب الجوهر الخارجي كيفاً ذهنياً - الذي زعمه السيد([291]) في الوجود الذهني - وقد بيّنا بطلانه، فهذا الانقلاب أيضاً باطل بالبرهان المتقدّم الذي أبطلنا به قول السيد في الوجود الذهني، ولا جائز أن تكون مبتدأة ومعادة؛ لأنه يلزم اجتماع المتقابلين في محل واحد.

(29) جَعَلَ اجتماع المتقابلين قسماً، والخلف والانقلاب قسماً على حده؛ لأنه في صورة الخلف والانقلاب يثبت إما أن الهوية معادة أو مبتدأة، فيثبت واحد منهما، وإما في صورة اجتماع المتقابلين فيثبتان كلاهما.

(30) المراد بالعود هو فعل الاعادة، والمعاد وهو الذي وقع عليه العود، فقد
 

(بالغاً إلى انتهاء) إذ حينئذً لم يكن(31) فرق بين العود الأول وبيـن الثاني(32) والثالث والرابـع وهكـذا حتى يتعيّن الوقوف(33) على مرتبة. فإن ما فرض عوداً أولاً ليس حالة إلا كما يفرض ثانياً أو غيره(34) كما لم يكن فرق بين حالة الابتداء وحالة العود.

وكذا ليس عدد المعاد(35) بالغا إلى انتهاء من وجهين: أحدهما أنه حين إعادة ذات شخصية، يلـزم أن يعاد جميع ما يتوقف(36) عليه من علّةٍ وشـرطٍ ومعدّ وغيرها، وعلة العلة وشـرط الشـرط ومعدّ المعدّ وهكذا، حتى يعود الاستعدادات بجملتها، والأدوار الفلكية والأوضاع الكوكبيّة برمّتها،
 

يكون العود واحداً ولكن المعاد كثير، كما لو اعيد مقدار كثير دفعة واحدة، وقد يكون العود كثيراً والمعاد واحداً، كما لو أعيد الشـيء الواحد ]مرّاتٍ[ متعددة.

(31) هذا تعليل إلى كون أنه على تقدير اعادة المعدوم، ليس عدد العود بالغاً إلى انتهاء.

(32) فلا وجه للوقوف على مرتبة من العود، إذ لا مخصص لها لفرض تساويها مع غيرها، فالوقوف عليها ترجيح بلا مرجح، فيذهب العود إلى غـير النهايـة والحالة أنه ليس كذلك، إذ الخصم إنما يقول بالإعادة مرتين أو واحدة، على اختلاف الرأيين في البعث من أنه هناك بعث واحد أو إثنان.

(33) هذا متعلق بـ(يكن) والمعنى لم يكن فرق، فكيف يتعين الوقوف على مرتبة، إذ يلزم تخصيص هذه المرتبة بلا مخصص، فيلزم عليه عود غير متناهٍ، وهو لا يقول به الخصم. وأيضاً يلزم ترجيح بلا مرجح، إذ لا مرجح لأن يكون هذا العود أولاً ويكون الثاني كافياً.

(34) وهو ثالثاً ورابعاً.                             

(35) أي وعلى تقدير جواز إعادة المعدوم، كذلك يكون المعاد اشياءً كثيرة غير متناهية.

(36) وأعلم أنه قد ذكر الحكماء([292]) أن العلة التامة لا تنفك عن المعلول، بحيث إذا
 

بل جملة ما سبقت في السلسلة الطولية(37) والعرضية(38). واللازم باطل بالضـرورة.

وثانيهما: أنه لو جاز إعادة المعدوم، لجاز إعادة الزمان(39). ولو أعيد الزمان لزم التسلسل، إذ لا فرق بين الزمان المبتدأ والزمان المعاد، إلا بأن هذا في
 

وُجِدَتْ وُجِدَ، ولهذا قيل أن الحوادث ليست معلولة الله عز وجل ؛ لأنه يلزم أن تكون قديمة لقدمه تعالى، أو يكون الله عز وجل حادثاً، وإلا لانفكت العلة التامة عن معلولها، بل كل حادث، العلة الفاعلية له هو القديم، وهناك حوادث متقدمة عليه جعلته مستدعياً للوجود، كالأب بالنسبة إلى أبنه، وكذا الأم، واعطاء الدراهم للعقد على أمه والمجامعة، وكل حادث فرضته فهو لابد أن يكون قبله حوادث لا تتناهى؛ لأنه لو كان ذلك الحادث المفروض معلولاً للقديم على نحو يكون القديم علة تامة له لزم ما ذكرنا، فلابد ]ان يكون هو[ معلولاً لحادث آخر، وداخل في إيجاده حادث آخر، ولذا نُقل في الاخبار([293]) قبل هذا العالم ألوف من العوالم لا تحصـى، وكل حادث له ربط بألوف ألوف من العوالم، وقد زعموا أن كل عالم متقدّم مُعد للعالم اللاحق، فإذا اعيد شخص، لزم اعادته بجميع متعلقاته، فلابدّ للإعادة زمان غير متناهٍ يعاد فيه تلك العوالم، لأنها كلّها كانت لها دخل في وجوده، والضرورة قاضية ببطلان هذا عند الاعادة، فلابد ]ان يكون[ المعاد ليس بعينه، وأيضاً الخصم يسلّم بأنه عند الإعادة لا يقتضـي أن يكون للإعادة زمان لا يتناهى.

(37) المراد بها الإفاضات الإلهية.

(38) المراد بها الناسوت أي عالم الأجسام.

(39) أما لكون الأحكام العقلية لا تخصيص فيها، وأما لأن الزمان من جملة المشخصات.

زمان لاحق وذاك في زمان سابق(40) فللزمان زمان، فيلزم إعادته ويتسلسل.

فإن قلت: سابقية(41) الزمان المبتدأ بنفس ذاته، لا بكونه في زمان آخر سابق.قلت: فعلى هذا لا يصدق عليه(42) المعاد، لأن السابقية ذاتية له. فلا تتخلف(43) ولا تصير لاحقية(44).

فقد نهض جواز مفارقة السابقية وطرو اللاحقية عليه المساوق لجواز كون الزمان في الزمان من فرض جواز الإعادة(45).

فهذه وجوه ثلاثة أشـرنا إليها بقولنا وليس بالغاً إلى انتهـاء(46).

(40) إذ لا تفاوت بالماهية؛ لأن الماهية واحدة، ولا بالوجود وصفات الوجود، إذ الوجود واحد، بل التفاوت بالقبليّة والبعديّة، أي السابقيّة واللاحقيّة لا غير. ومعنى القبليّة كون الشيء في زمان متقدّم، ومعنى البعديّة كون الشـيء في زمان متأخر، فلو أعيد الزمان المتقدم؛ لزم إعادة الزمان الذي حل فيه الزمان الأول؛ لأن امتيازه به وقوامه به، والزمان الثاني أيضاً له زمان؛ لأنه لابدّ أن يعاد، ولا فرق بينه وبين المعاد إلا بالسابقيّة، فله زمان وهلم جرا، فيلزم اعادة اشياء متسلسلة غير متناهية.

(41) أن الاشياء سبقها بالزمان، وأما الزمان فسبقه بذاته.

(42) أي لا يصدق على الزمان الذي وجد ثانياً.

(43) لاستحالة تخلف الذاتي.

(44) للزوم الانقلاب الذي هو باطل كما سيجيء.

(45) هذا متعلق بنهض، وأما إذا لم نقل بجواز الاعادة فنقول: الفارق بين الزمان هو السابقية واللاحقية الذاتية، ولا يلزم إعادة المعدوم بعينه.

(46) لأنه يجوز أن يكون اسم (ليس) العود أو المعاد بالوجهين.

(تنبيه)

ذكر استاذنا الأعظم أدام الله علينا أفاضات علمه: أن الدليل الأول على إعادة المعدوم المشار إليه بقوله (وليس بالغاً إلى انتهاء) إنما يتم على تقرير المصنف إذا كان الخصم يقول بأن العود يقف إلى حدّ ولا يتجاوزه، وأما إذا قال لا يقف إلى حدّ بل لا يتناهى، لا يكون هذا الدليل رداً عليه. وإن الدليل الثاني المستفاد أيضاً من تلك العبارة اذن يتم؛ اذا قال الخصم ان العود في زمان متناهٍ، وأما إذا قال الخصم أن
 

ثمّ لما كان عمدة دواعي المتكلم على إنكاره(47) ظنه مخالفته للقول بحشر الأجساد، الناطق بحقيته ألسنة جميع الشـرائع الحقة، أشـرنا إلى فساد هذا الظن فقلنا: (ما) نافية (ضـر أن الجسم غب) أي بعد (ما) مصدرية (فنى هو المعاد) بضم الميم (في المعاد) بفتح الميم، وأن مع اسمها وخبرها، في موضع فاعل ضـر و(قولنا) مفعوله لما سيأتي(48) في الفريدة الثالثة من المقصد السادس من إقامة البراهـين الوثيقة على أن البدن المحشور يوم النشور هو عين البدن الموجود في دار الغرور. (وامتناعها) أي امتناع الإعادة (لأمر لازم) إشارة إلى جواب استدلال القائلين بالجواز.

العود ليس في زمان متناهٍ، فحينئذٍ لا يرد ذاك الدليل عليه؛ لأنه يلتزم بإعادة أمر غير متناهٍ، ولا يشكل على هذا الدليل الثاني بأنه مبني على كون الحوادث لا تتناهى، والمتكلمون لا يقولون بذلك، فهو مخالف لمبناهم.

قلنا: إنه سيجيء أن مبناهم غير صحيح كما سيجيء.

وأيضاً قولنا: أن الزمان من المشخّصات أنه هو مشخّص، بل الوجود هو المشخّص، والزمان أمارة للتشخّص، فإذا أعيد المعدوم أعيد الزمان بما أنه أمارة للتشخّص.

(47) أي إنكار القول باستحالة إعادة المعدوم([294]).

(48) هذا بيان لوجه الضرر، وحيث أن وجه عدم الضـرر بعيد، و(تمر الآن خير من جراده) و(خير البر ما كان عاجله)([295]) لابدّ أن نبين وجه الضـرر بالبيان الذي ذكره الاستاذ وحاصله:

أن القول بالمعاد الروحاني قطعاً لا ينافي القول بعدم اعادة المعدوم بعينه، إذ الروح لا تفنى كما في الحديث (خلقتهم للبقاء لا للفناء)([296]) فهي غير معدومة حتّى يقال هذا المعدوم أعيد بنفسه أو بمثله، وأما المعاد الجسماني فقد كان القوم من الحكماء المتقدمين لم يقم برهان عليه عندهم، وإلى زمان الشيخ ابن سيـنا حتّى زعم الشيخ في بعض كتبه([297]) أنه كاف لنا في القول بالمعاد الجسماني التعبد بالشرائع الحقّة، ولكن صدر المتألهين([298]) أقام البرهان عليه، وأن الجسم يعاد بعينه.

وبعض مَنْ قال باستحالة اعادة المعدوم قال بأن الجسم يعاد بمثله، بمعنى أن
النفس باقية في عالم الدنيا، تخلع هذا البدن فيصير تراب، وهي باقية، ثمّ في عالم
الآخرة من ذلك التراب يصنع جسماً مماثلاً للجسم الدنيوي، وحينئذٍ تحل النفس به،
ولا يرد على هذا القول: كيف يعاقب هذا البدن الاخروي ولم يكن هو
المذنب.

قلنا: المذنب هو الروح والمتألم هو الروح، وهي باقية، وإلا فالبدن ليس له ألم أصلاً،
 

تقريره أنه لو امتنعت(49) فذلك إما لماهية المعدوم ولازمها، فيلزم أن لا يوجد

وهذا القول يمكن أن يرجع إلى الاعادة بعينه، بأن يكون الشخص هو الشخص الدنيوي وإن كان بينهما تميّز، كما أن الشخص في حال الطفولة عينه في حال الشيخوخة وإن كان بينهما تميّز، إلا أنه شخص واحد، بحيث الاحكام المترتبة عليه في حال الطفولة تترتب عليه في حال الشيخوخة، كما لو كان في حال البلوغ سـرق وبعد الشيخوخة قبض عليه حاكم الشـرع، فحينئذٍ يحدّه. فالشخص واحد، والسـر في ذاك: ان التشخّص إمّا أن يكون بكون النفس واحدة، أو بكون الوجود واحداً، فإن زيداً واحد وإن طرأ عليه ما طرأ من التبدلات بحسب أسنانه، فحيث أن النفس واحدة ولم تُفنَ، وأن عرض عليها أمور متبدلة والشخص واحد، وحينئذٍ في يوم القيامة أعيد بنفسه، وقد أيّد قوله هذا القائل بالمثل بقوله تعالى [عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ]([299]) فهذا القول بالمثل لا ينافي عدم إعادة المعدوم، وأما إذا قلنا أن هذا المعاد عين المعدوم، فأيضاً لا ينافي القول بالامتناع كما هو الحق، وذلك ان شيئية الشـيء بصورته، والصورة بعد الموت لا تعدم، نعم الهيولى تعدم وهي مرتبة النقص، وحيث إن ذلك العالم هو مرتبة الكمال، والوصول إلى الغاية تذهب الهيولى لأنها نقص صـرف، فتبقى الأشياء صور محضة، وتلك الصور شبيهة بالصورة في المرآت، إلا أن الصورة في المرآت غير قائمة بنفسها، وتلك الصور قائمة بنفسها، والصور في المرآت ليس فيها روح، وتلك فيها روح، ولو فرض أن روحك تعلّقت بتلك الصورة في المرآت الحاكية عن صورتك الهيولانية، لكنت هي، وصارت صورتك الهيولانية شبحاً، فليس في المعاد إلا الصور الصـرف، وهي اجسام وأرواح، وتذهب الهيولى عنها، كذا في الحاشية([300]).

(49) أي الاعادة ([301]).

 

ابتداء(50) وإما لعارضها المفارق، فالعارض يزول فيزول الامتناع(51).

وتقرير الجواب أن الامتناع لأمر لازم لا للماهية بل للهوية(52) أو لماهية الموجود بعد العدم(53).

(50) أي يلزم أن لا يوجد المعدوم إبتداء؛ لأن عود المعدوم عبارة عن وجوده
ثانياً، فإذا كانت الماهية أو لوازمها مقتضية لامتناع الوجود ثانياً، يلزم أن تكون مقتضية لامتناع الوجود إبتداء، فإن الأولية والثانوية لا أثر لهما في ذلك، بداهة أن مقتضـى ذات الشـيء ولازمه لا يتخلف بحسب الأزمنة، نعم إذا كان الموجود تدريجياً، فيجوز أن يتخلف ذاتي الشـيء أو لازمه كالزمان، فتأمل.

(51) فيجوز الاعادة، إذ أن العارض المفارق يجوز إنفكاكه عن الماهية، وحينئذٍ فيجوز الاعادة، وهو المطلوب.

(52) أي التشخّص.

(53) وذلك الامر الذي كان لازماً لأحد هذين الشيئين عدم، تخلل العدم بين الشيء الواحد الموجود بالوجود الواحد، لا كما قيل هو وصف العدم بعد الوجود، ولا يلزم من ذلك إمتناع الوجود إبتدءاً، إذ لم يكن شـيء موجود واحد تخلل العدم بينه، فلا يلزم تخلف مقتضـى لازم الماهية عنه، وهذا الشـيء اللازم للهوية أو المهية الموجودة، لا ينفك عنها حتّى يجوز الاعادة، فالإعادة ممتنعة. وهذا الجواب يمكن أن يكون المصنف أختار الشق الثاني به، وهو أن الامتناع للازم الماهية، تقولون يلزم أن لا توجد إبتداء.

قلنا: هو لازم للماهية الموجودة أو المتشخّصة، ولم تكن الماهية في الابتداء موجودة ولا متشخّصة، فلذا جاز الوجود،ويمكن أن اختار فيه أن الامتناع لأمر مفارق للماهية.

تقولون إذن يمكن الانفكاك فيجوز الاعادة.

قلنا: هو مفارق بالنسبة إلى الماهية من حيث هي هي، ولكن بعد وجودها أو
 

(ومعنى الإمكان خلاف) الاعتقاد (الجازم) أعني(54) الاحتمال (في مثل) قولهم (ذر في بقعة الإمكان ما) موصولة (لم يذده) أي لم يدفعـه (قائم البرهان) إشارة إلى جواب دليل آخر إقناعي(55) لهم. وهو أن الأصل فيما لا دليل على امتناعه ووجوبه هو الإمكان(56) كما قال الحكماء: كل ما قرع سمعك من الغرائب فذره في بقعة الإمكان، ما لم يذدك عنه قائم البرهان. والجواب أن التمسك بالأصل بعد إقامة الدلائل على الامتنـاع أمر غريب، وبعد فيه ما فيه(57).

تشخصها صار لازماً لها، ويمكن أنه يُجْعَلَ هناك قسم رابع.

ويرد على الخصم: بأن القسمة غير حاصـرة، والقسم الرابع هو اللازم للماهية الموجودة أو للهوية.

(54) أ ي بالإمكان.

 (55) لا برهاني، إذ يشتمل على مقدّمات ظنية.

(56) الخاص، وكذا كلّما أطلق لفظ الإمكان مجرداً عن القرائن.

(57) قال في الحاشية([302]) ما ملخصه: أنه إن اُريد بكون هذا أصلاً، كونه كثيراً
راجحاً، فلا نسلّم كون الإمكان الذاتي أكثر وأرجح، فيما لا دليل على وجوبه وإحتماله.

وإن اريد أن الظن يلحق الشـيء الأعمّ الاغلب، والإمكان الذاتي هو الأعم الأغلب، فالمشكوك يلحق به. فنقول: إن الظن لا يغني في هذه المسائل، بل لابدّ من الاعتقاد والجزم فيها، على أن الحجية إنما قامت على خصوص بعض الموارد؛ وإن أريد بكونه أصلاً أنه لا يعدل عنه إلا لدليل، فليس شيء من الوجوب والإمكان كذلك.

ومعنى(58) ما قاله الحكماء أن ما لا دليل على وجوبه ولا على امتناعه لا ينبغي أن تنكروه، بل ذروه في سنبله وفي بقعة الاحتمال العقلي، لا أنه يعتقد إمكانه الذاتي.

(58) هذا إبطال ثالث لهذا الدليل، وهو أن مراد الحكماء([303]) بالإمكان هو الاحتمال، لا الإمكان الذاتي، فلا معنى للاستدلال بهذا.

 

 [15]

غرر في دفع شبهة المعدوم المطلق

لِعَقْلِنا اقتدارُ أنْ تَصـوّرا
 

 

عَدَمُه وغيرُه ويُخْبَرا
 

عنْ نفيِ مُطْلَقٍ بِلا إخـبارِ
 

 

وبامتناعٍ عن شريكِ البـارِيْ
 

وثابتٍ في الذّهنِ واللا ثابِـتِ
 

 

فِيْهِ عَنِ الشيءِ بِلا تَهافُتِ
 

فَما بِحَمْلِ الأوليْ شريكُ حَقْ
 

 

عدَّ بِحَمْلٍ شائعٍ مما خَلَقْ
 

وعدماً قِس أنّهُ ذاتاً عَـدَمْ
 

 

لكن ثبوتٌ حيثُ بالذهن ارتَسَمْ
 

 

 

 

[15]

غرر في دفع شبهة المعدوم المطلق

لما كان النفس الناطقة من عالم الملكوت(1) والقدرة (2) كان (لعقلنا(3) اقتدار أن تصورا عدمه) أي عدم نفسه، فيلزم اتصاف العقل بالوجود والعدم (و) عدم (غيره) من الموجودات الخارجية، فيلزم اتصافها حينئـذٍ(4) بالوجـود والعدم(5). (و) له اقتدار أن (يخبرا عن نفي مطلق) وعدم بحت.

وهذا(6) من إضافة الموصوف إلى الصفة. وقولنا (بلا إخبار) صلة(7) (لقولنا أن يخبرا. والمعدوم المطلق لا يخبر عنه أصلاً، وهذا إخبار عنه(8) بلا إخبار. (و) أن يخبر (بامتناع عن شـريك الباري) فيقول شـريك الباري ممتنع، مع أن الإخبار عن الشيء، يتوقف على تصوره، وكل ما يتقرر في عقل أو وهم، فهو
 

المصنف عنون هذا البحث بهذا العنوان، لاشتماله على هذه الشبهة المشهورة بين الحكماء، بخلاف باقي الشُبَه([304]).

(1) الذي هو عالم النفوس كما تقدّم، قد قال الاستاذ المراد به هو أعمّ من عالم الجبروت أي العقول، والملكوت أي النفوس والمثال.

(2) أي عالم القدرة، فهي مقتدرة على إيجاده، أي حقيقة فيها.

(3) الذي هو جزء من النفس.

(4) أي اتصاف الامور الخارجية حين تصوّر عدمها.

(5) إذ هي عند تصوّر عدمها موجودة في الذهن، وإلا فلا يمكن فرض نسبة العدم إليها.

(6) أي قولنا نفي مطلق.

(7) أي متعلق.

(8) فاجتمع النقيضان؛ لأن المعدوم المطلق حينئذٍ أُخبر عنه، ويناقضه عدم الاخبار عنه، فيلزم اجتماع النقيضين.

من الموجودات(9) ويحكم عليه(10) بالإمكان لا بالامتناع.

(وثابت) بالجر أي ويخبر بثابت (في الذهن واللاثابت فيه) أي في الذهن (عن الشـيء) متعلق بـ(يخبر) المقـدّر أي يخبر على سبيـل الانفصال الحقيقي عن الشـيء، بأنه إما ثابت في الذهن(11) أو لا ثابت فيه(12) مع استدعاء ذلك(13) تصور ما ليس بثابت(14) في الذهن المستلزم لثبوته في الذهن.

فيظهر مما ذكرنا أن في هذه كلّها تناقضاً وتهافتاً بحسب الظاهر. فأشـرنا إلى أن لا محذور في ذلك بقولنا: (بلا تهافت) أي في كل واحد (فما بحمل الأولي) الفاء للسببية(15) بيان لعدم التهافت (شـريك حق) سبحانه وتعـالى (عـد بحمل شائع مـمـا خلق).

(9) فحينئذٍ لزم اجتماع النقيضين وهو في شـريك الباري؛ لأنه موجود لوجوده في الذهن، ومعدوم للإخبار عنه بالممتنع.

(10) فعلى هذا أيضاً يلزم التناقض؛ لأنه يصدق على شـريك الباري - عند الحكم عليه بالامتناع - أنه ممكن، لوجوده في الذهن، وممتنع لأنه أخبر عنه بذلك.

(11) أي قابل لأن يثبت فيه، أو المراد بالذهن الذهن العالي، أي العقول كالماهيات، فإنها ثابتة في الذهن.

(12) كحقيقة الوجود، فإنها لا يمكن أن تأتي في ذهن ذاهن؛ وإلا لزم الانقلاب، والاشكال في هذا الشق لا غيره.

(13) أي استدعاء التقسيم.

(14) لاستحالة الحكم بالمجهول، والاقسام حكم على المقسم، فالشـيء الذي ليس بثابت بهذا العنوان ثابت في الذهن؛ لأنه وجد فيه، وأيضاً ليس بثابت؛ لأنه حكم عليه بأنه ليس بثابت، فالشـيء الذي ليس ثابتاً أجتمع فيه النقيضان.

(15) وحاصل الجواب عن تلك الإشكالات: أن ليس هناك تناقض لاختلاف الحملين.

فالإشكال الأول يرتفع: إذ أن العقل موجود بالحمل الشائع، ومعدوم بالحمل الأولي، إذ العدم الذي تصوره ليس عدماً بالحمل الشائع، إذ لا يترتب عليه آثار، أذ هو ليس من أفراد العدم، فهو عدم العقل بالحمل الأولي.

فكما أن الجزئي جزئي مفهوما ولكنه مصداق للكلي، فكذا شـريك الباري شـريك الباري مفهومـاً، وممكن مخلـوق للبـاري مصداقاً. ورأيت(16)
 

وكذا الإشكال الثاني: فإن الأمور الخارجية موجودة بالحمل الشائع لوجودها في الخارج، وهي معدومة بالحمل الأولي، إذ أن تصور عدمها ليس من أفراد العدم.

كذا الإشكال الثالث: فإن قولنا النفي المطلق لا يخبر عنه هو إخبار بالحمل الشائع، ولا اخبار عنه بالحمل الأولي، إذ هذا عين اللاإخبار عنه.

وكذا الإشكال الرابع: فإن صورة شـريك الباري، شـريك الباري مفهوماً وبالحمل الأولي، وهو ممتنع بحسب المفهوم، ولكن تلك الصورة مخلوقة للباري وأوجدها الباري، وهي ممكنة لا ممتنعة، كل ذا بالحمل الشائع.

وكذا الإشكال الخامس أيضاً إرتفع: إذ أن ما ليس بثابت هو ليس بثابت بالحمل الأولي، وثابت بالحمل الشائع.

فالإشكالات الخمسة كلّها ارتفعت، لكون الاختلاف في الحمل، ولذا اشار إليها إلى الرفع بالبيتين اللذين سيجيء الكلام فيهما.

(16) قيل هو الشيخ أحمد الأحسائي([305]).

من له حظّ من الذوقيات(17) ولا حظّ له من النظريات يقول: شـريك الباري
لا يتصور(18) وفرض المحال(19) محال. فيقال له ولأمثاله: لولا كنتم
مغالطين(20) ولم يختلط(21) عليكم المفهوم والمصداق، لدريتم(22) أن كل مفهوم تحقق في ذهن أو خارج، لم يخرج عن كونه ذلك المفهوم، ولم ينقلب حد ذاته(23) بل الوجود يبرزه على ما هو عليه. فالبياض إذا وجد فـي الخـارج أو في الذهن عاليـاً(24) كان أو سافلاً(25) لم يخرج عن كونه بياضاً(26) ولم ينقلب

 

(17) أي العرفانيات، وحاصل كلام هذا الشخص أن غرضه دفع هذه الإشكالات، وحاصله: أن هذه كلّها فروض للمحال، والمحال لا يمكن فرضه.

(18) أي يلزم وجوده وفرضه في الذهن.

(19) أي وجوده.

(20) فهذا إشكال أول على جواب هذا الشخص وحاصله: أن هذه مغالطة، إذ أن تصور المحال عبارة عن وجود مفهومه، وفرض المحال محال، أي فرض مصداقه ووجوده في الخارج هو المحال لا مفهومه، فاشتبه المصداق بالمفهوم، فالآثار المترتبة على المصداق وثَبَتْ على المفهوم.

(21) اشار إلى أن هذه المغالطة ناشئة من اشتباه المفهوم بالمصداق، وللمغالطة أنواع، من جملتها هذا النوع كما ذكره المصنف في المنطق.

(22) هذا هو الجواب الثاني عن إشكال ذلك الشخص.

(23) فحينئذٍ عندما يوجد المحال في الذهن لم يكن ممكناً.

(24) كأذهان المجردات كالعقول.

(25) كأذهاننا.

(26) بالحمل الأولي.

وجوداً(27) كما أن وجوده(28) لم يصـر بذاته بياضاً. فمفهومات المحال
وشـريك الباري(29) والمعدوم المطلق وغيرها كذلك؛ لا تنسلخ عن أنفسها. فإذا فرضتم مفهوم المحال، كيف يقال: فرضتم مفهوم الممكن(30) أو
مفهوم الواجب؟(31) وثبوت الشيء لنفسه(32) ضروري وسلبه عن نفسه
محـال.

(وعدما قس)(33) فإنه جزئي(34). آخر من هذه القاعدة(35) (أنه) في
 

(27) أي ولم ينقلب البياض وجوداً، بل هو مركّب من وجود وبياض([306]).

(28) أي وجود البياض لم يكن بياضاً، فليس أحدهما ينقلب إلى الآخر.

(29) أي ومفهوم شـريك الباري، ومفهوم المعدوم المطلق.

(30) فلا معنى لكلام الشيخ أحمد الأحسائي، إذ لم يفرض مفهوم الممكن، بل فرض مفهوم الممتنع، نعم هو ممكن بالحمل الشائع.

(31) هذا جاء به على سبيل التمثيل، وإلا لم يكن عندنا هناك مفهوم المحال يصدق عليه أنه مفهوم الواجب.

(32) الواو للحال، أي كيف يقال والحال أن ثبوت الشـيء لنفسه ضـروري كالامتناع، فشريك الباري الممتنع شـريك الباري الممتنع.

(33) أي قسه على شـريك الباري.

(34) هذا بيان لوجه القياس.

(35) وهي لزوم اجتماع المتناقضين، وذلك لأن العدم إذا تصور فهو عدم، ووجود لأنه موجود في الذهن، فأجاب أيضاً: بأنه لا تناقض لاختلاف الحملين، فهذا البيت اشارة إلى اشكال ودفعه.

موضع(36) التعليل(37) (ذاتا) أي مفهوماً (عدم لكن) ذلك العدم بالحمل الشائع (ثبوت حيث) تعليلي (بالذهن ارتسم).

(36) أي أتي بها في هذا المكان لأجل التعليل.

(37) أن حيث تعليلي إلى حمل الثبوت على العدم.

 

 [16]

غرر في بيان مناط الصدق في القضية

الحُكْمُ إنْ في خارجيةٍ صَدَقْ
 

 

مِثْلُ الحَقِيقِيَّةِ للعَيْنِ انْطَبَـقْ‏
 

وَحَقُّهُ مِنْ نِسْبَةٍ حُكْمِيَّةْ
 

 

طِبْقٌ لِنَفْسِ الأَمرِ في الذهنيّـةْ
 

بحَدِّ ذاتِ الشّيءِ نفسُ الأمرِ حـَدْ
 

 

وَعالم الأمْرِ وذا عقلٍ يُعَدْ
 

مِنْ خارجٍ أعَمّ إذ للـذِّهْنِ عَـمْ
 

 

كما من الذِّهْنيِّ مِنْ وَجْهٍ أَعَمْ
 

إذْ في صَوادقِ القضايا صُدِّقا
 

 

وفي كواذبِ وحَقٍّ فُرِّقا
 

 

 

 

[16]

غرر في بيان مناط الصدق في القضية

(الحكم(1) إن في) قضية (خارجية صدق. مثل) حكم القضيّة (الحقيقيـة) الصادقة (للعين(2) انطبـق وحقه(3) من نسبة(4) حكمية) تامة خبرية،
والتعبير بالحق(5) للإشارة إلى اتحاده بالذات(6) مع الصدق. فإن الصادق
هو الخبر المطابق بالكـسـر للواقع، والحق هو الخبر المطابق بالفتح للواقع

 

جرت عادة القوم أن يعقبوا بحث العدم بهذا البحث؛ لأن النسبة من الاعتباريات وهي معدومة.

فإن قلت: نسمعهم يقولون هذه النسبة خارجية، وتلك ذهنية.

قلنا: المراد أن الخارج ظرف نفس النسبة لا وجودها، كتعبيرهم عن الاعدام بالملكة الخارجية، أي أن الخارج ظرف نفسها، ومعنى كون الخارج ظرف لنفس الشـيء دون وجوده، والحالة أن الشـيء يرتفع عن المحل بارتفاع وجوده، هو أن هذه الاعدام لا يمكن أن تتصف بالوجود، والاعتباريات لا وجود لها، بل إنما هي موجودة بوجود المعتبر فيه، فهي في الحقيقة لا وجود لها، فهذان القسمان قيل فيهما: أن الخارج ظرف لنفسهما لا لوجودهما.

(1) أي النسبة الحكمية التي هي الوقوع أو اللاوقوع.

(2) أي للخارج إنطبق، أي صدق الحكم انطباقه للخارج، غاية ما في الباب، في الخارجية يكون إنطباقه للخارج المحقق، وفي الحقيقة يكون أنطباقه للخارج المحقق أو المقدّر؛ لأن الحكم فيها يعمّ المحقق والمقدر الحكم.

(3) أي وصدق الحكم، وهذا بيان لمناط صدق الحكم في القضية الذهنية.

(4) لفظ من هذا للسببية، أي صدق الحكم كائن بسبب نسبة حكمية في الذهنية، طبق نفس الأمر هذا إنْ قرأ وحقه بالضمير، وأما إنْ قرأ بالتاء التأنيث فمن للبيان.

(5) أي وإنما عبّرنا عن صدق الحكم في المتن بحقيّة الحكم، ولم نقل وصدقه.

(6) وإن اختلفا بالاعتبار، إذ أن الصدق هو مطابقة الخبر للواقع، والحق هو مطابقة الواقع للخبر.

(طبق(7) لنفس الأمر في الذهنية) متعلق بالنسبة(8) الحكمية.

وتلخيص المقام أن القضية قد تؤخذ خارجية، وهي التي حكم فيها على أفراد موضوعها الموجودة في الخارج محققة، كقولنا قتل من في الدار، وهلكت المواشـي نحوهمـا مما الحكم فيها مقصور على الأفراد المحققة الوجود. وقد تؤخذ ذهنية، وهي التي حكم فيها على الأفراد الذهنية فقط، كقولنا(9) الكلي إما ذاتي وإما عرضـي، والذاتي إما جنس وإما فصل. وقد تؤخذ حقيقية(10) وهي التي حكم فيها على الأفراد الموجودة في الخارج، محققة كانت أو مقدّرة، كقولنا: كل جسم متناه(11) أو متحيز أو منقسم إلى غير النهاية(12) إلى غير ذلك من القضايا(13) المستعملة في العلوم.

إذا عرفت هذا، فنقول: الصدق في الخارجية باعتبار مطابقة نسبتها لما في الخارج، وكذا في الحقيقية، إذ فيها أيضاً حكم على الموجودات الخارجية، ولكن

(7) هذا خبر قوله: وحقه.

(8) أي وصدق الحكم كائن، بسبب كون النسبة الحكمية في القضية الذهنية طِبْقاً لنفس الأمر.

(9) بل قيل: أن مسائل علم المنطق كلّها ذهنية، إذ موضوعاتها من المعقولات الثانية التي لم توجد في الخارج.

(10) وسمّاها بعض المتأخرين حقيقية خارجية، وجعل مقابلها الحقيقة الذهنية، وهي التي يكون الحكم فيها على الأفراد الموجودة في الذهن حالاً، والتي ستوجد فيه، وجعل القضايا بالمنطقية كلّها من هذا القبيل.

(11) في الابعاد الثلاثة.

(12) وهي ذرات صغار، وقد يسمونها الأجزاء الذيمقراطيسية([307]).

(13) الحقيقية، وأما الخارجية والذهنية فقليل استعمالها في العلوم.

محققة أو مقدرة(14). وأما الصدق في الذهنية فباعتبار مطابقة نسبتها لما في نفس الأمر، إذ لا خارج لها تطابقه.

وأما نفس الأمر، فقد أشـرنا إلى تعريفه بقولنا (بحدّ ذات الشـيء نفس الأمر حد) أي حد وعرف نفس الأمر بحد ذات الشـيء.

والمراد الذات هنا مقابل فرض الفارض. ويشمل مرتبة الماهية(15) والوجودين الخارجي والذهني. فكون الإنسان حيواناً في المرتبة(16) وموجوداً
في الخارج(17) أو الكلي موجوداً في الذهن، كلّها(18) من الأمور النفس الأمرية، إذ ليست بمجرد فرض الفارض، كالإنسان جماد(19). فالمراد بالأمر هو
الشيء نفسه. فإذا قيـل: الأربعة في نفس الأمـر كذا معناه أن الأربعة في حدّ
ذاتها كذا. فلفظ الأمر هنا من باب(20) وضع المظهر موضع المضمـر. ثم أشرنا إلى ما قيل إن نفس الأمر هو العقل الفعال(21) بقولنا (وعالم الأمـر وذا) أي ذلك

 

(14) وهي مطابقة للنسبة الخارجية المحققة أو المقدرة.

(15) لنا ثلاث مراتب: الوجود الخارجي، والوجود الذهني، والماهية من حيث هي، فهي لا موجودة ولا معدومة، ونفس الأمر([308]) يشمل هذه المراتب الثلاث.

(16) أي ثابت له في مرتبة الماهية.

(17) أي فكون الإنسان موجوداً ثابت في الخارج.

(18) أي كون الإنسان حيواناً في المرتبة، وكونه في الخارج، وكون الكلي موجوداً في الذهن، فإن كل هذه من الأمور موجودة في نفس الأمر.

(19) فإن الذهن فرض جمادية الإنسان، وليس أمراً ثابتاً في حدّ ذاته، وكذا سائر الكواكب.

(20) أي في نفسه، فالأمر عبارة عن الشـيء الذي أخبر عنه أنه في نفس الأمر.

(21) قال الاستاذ بعد الجدال معه ما ملخصه: أن العلماء متّفقون على كون الوجود في
 

العالم(22) (عقل) كلي(23) يعد أي و(يعد) نفس الأمر عند
 

نفس الأمر هو وجود الشـيء في نفسه، ولكن اختلفوا أن وجود الشـيء في نفسه المسمّى بوجود الشـيء في نفس الأمر، هل هو وجود الشـيء في حدّ ذاته، أو وجوده في العقل الفعال([309]).

ولذا المصنف يبطل القول بالوجود في العقل الفعّال، بل وجود الشـيء في عالم المادة لا شك بأنه وجود الشـيء في نفسه ونفس الأمر، وليس وجوده في العقل الفعال، فلا بد أن يراد به وجوده في حدّ ذاته، فإن وجود الشـيء في عالم المادة وجود له في حدّ ذاته، بدون اعتبار فرض فارض. والعقل الفعّال هو عند الحكماء العقل العاشـر([310])، وعند العرفاء هو رب النوع([311]).

(22) أي عالم الأمر، وسيجيء عالم العقل.

(23) أي محيط واسع منبسط، وليس المراد بالكلية الصدق على كثيرين، بل هو
 

البعض(24) عالم الأمر، وذلك العالم عقل(25) كل صغير(26) وكبير وبسيط ومركّب فيه مسّتطر(27).

والتعبير بالعبارتين(28) للإشارة إلى الاصطلاحين:

أحدهما اصطلاح أهل الله(29) حيث يعبرون عن عالم العقل بعالـــــــم الأمـر مقتبسين مـن الكتاب الإلهي [أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ](30).

جزئي، بل المراد بها ما ذكرنا من الاحاطة.

(24) كما نقل العلّامة عن الخواجة نصير الدين الطوسـي([312]) في شـرح التجريد ان المراد بنفس الامر هو العقل الفعّال.

(25) اي يسمّى بالعقل الفعّال.

(26) مبتدأ وخبره فيه مستطر.

(27) اي موجود فيه، اي في ذلك العالم الذي يسمّى (عالم الامر) و(عالم العقل الفعّال).

(28) وهما عالم الامر وعالم العقل.

(29) هم العرفاء الشامخون([313]).

(30) قال بعض الشارحين([314]): المراد بعالم الخلق عالم المحسوسات، ويقال له عالم الشهادة وعالم الملك وعالم الاجسام والعالم السفلي، والمراد بعالم الامر هو ما وراء المحسوسات، ويقال له عالم الغيب وعالم الملكوت وعالم الاوراح والعالم العلوي، فلما كان عالم العقل عبّر عنه الله تعالى في كتابه المجيد بالأمر، فلذا سمّاه
 

وهذا التعبيـر أنسب(31) لنفس الأمـر. وإنمـا عبّـر تعـالى عنه بالأمر(32) لوجهين: أحدهما من جهة اندكاك إنيته(33) واستهلاكه في نور الأحدية(34) إذ
 

العرفاء عالم الامر، وعلى هذا المعنى حمل قوله تعالى [قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي]([315]) اي من عالم المجردات.

(31) اي والتعبير بعالم الامر عن معنى نفس الامر، انسب من التعبير عنه بعالم العقل، والمناسب من جهة اللفظ، اذ حينئذٍ يشتمل هذا التعبير على لفظ الامر، دون الثاني، فيشترك مع المفسّـر في اللفظ، وايضاً حينئذٍ قولنا نفس الامر من وضع الظاهر موضع المظهر، الذي هو غير مستحسن عند علماء البيان، اذ حينئذٍ المراد بالأمر هو عالم العقل والمجردات، لا الشـيء نفسه، بخلاف التعبير بعالم العقل، فلا يشعر بذلك.

(32) أي عن عالم العقل وسائر المجردات.

والمصنف يريد أن يذكر فائدة مستطردة لا ربط لها بأصل المطلب، وهي:

أن الله عز وجل لِمَ عبّر في كتابه المجيد عن عالم العقل وسائر المجردات بالأمر. وذكر لذلك علّتين:

أحداهما: وهي الأولى مبنية على القول بأن عالم العقول وجودات بدون ماهية، وليست لها ماهية.

والثانية: مبنية على كون عالم العقول لها ماهية.

(33) أي وجوده، أعني وجود العقل الفعّال.

(34) هذا عطف تفسير، والنور الأحديّة هو نور الله تعالى، أي أن وجود العقل الفعّال مندك ومستهلك في وجوده تعالى، كاستهلاك نور القمر الذي هو مستفاد من نور الشمس في نور الشمس نهاراً.

بحيث لو سألته يقول: من رآني فقد رأى الله عز وجل ، كنور القمر بالنسبة إلى نور الشمس في النهار، بحيث لو رأيته فقد رأيت نور الشمس.

العقول(35) مطلقاً من صقع الربوبية(36).بـل الأنوار الأسفهبـدية(37) لا ماهيـة لها(38) على التحقيـق.

(35) مطلقاً العقل الفعّال وغيره من باقي العقول، وغرضه بهذا أن يبيّن ويستدل على أن العقول مندكة في النور الأحدي.

(36) أي من طرف وناحية وجهًة هي الربوبية، فهي وجود بَحْتٌ لا ماهية له ولا مادة، وليس في جهة الربوبية ماهيات ولا مواد، كيف والماهيات مثار الكثرة والمادة من شأن النواقص لا من شأن الكمال، ولذا قيل أن التجرد من المادة هي الغاية، ولا نقص فإذا لم يكن لها ماهية ولا مادة، فليس هناك شـيء يقتضـي المغايرة بينها وبين النور الأحدي، إذ الذي يقتضـي المغايرة والبينونة هو الماهية والمادة ولواحقها؛ من حركة وتحوّل وتحيّز وتحديد، فلا فرق بينه وبينها، فإذا لم يكن هناك فرق فثبت المدعى أنها مستهلكة ومندكة فيه، وهو المطلوب.

(37) التي هي أقل مرتبة من العقول، وقوله (فكيف بالعقول) وذكرها في المقام ليس الغرض منه إلا صـرف التأييد، لكون العقول لا ماهية لها.

هذا، ومعرب اسفهبد([316]) اي مدبّر الجسم، والمراد بها النفوس الناطقة.

(38) أي للعقول والأنوار الاسفهبدية، وإنما نفي الماهية فقط عن العقول، مع أن الحال يقتضـي أن ينفي المادة أيضاً، إذ ان نفي الماهية لا يستلزم نفي المادة، ولذا لا نقول بالاندكاك والاستهلاك في الانوار الاسفهبدية، إذ لها تعلّق بالمادة والأجسام، فنقول في الجواب: أن العقول مسلّم بينهم على أنه لا مادة لها، ويكاد يكون فيما بينهم من البديهيات، نعم نفي الماهية عنها مما وقع فيه النزاع والحيص والبيص، ولذا قال على التحقيق، وعلى هذا البناء أتي بالفاء التفريعية وقال فمناط...الخ.

فمناط البينونة(39) الذي هو المادة(40) في العقول فلا مادة.سواء كانت خارجية(41) أو عقلية(42) مفقود فيها(43).

فهي مجرد الوجود(44) الذي هو أمر الله وكلمة كن الوجودية النورية.

(39) أي التغاير بين الاشياء والنور الأحدي([317]).

(40) إذ أن الشـيء مع تجرده عن المادة بالمعنى الأعمّ، قصده المصنف يكون مشابهاً للذات المقدّسة، حتّى يكون لا فرق بينه وبينها إلا بالإمكان والوجود، إذ ان الشـيء مع مشابهة للشـيء الآخر من جهة، يكونان من تلك الجهة شـيئاً واحداً، والنور الأحدي لا فرق بينه وبين الأشياء، إلا بكونه لا مادة له - أي هيولى وصور- ولا ماهية، وواجب الوجود والعقول لا مادة لها - كما هو مسلّم عند من قال بها - ولا ماهية كما سيبرهن عليه هي ممكنة، فهي متحدة معه، والاختلاف بالوجوب والإمكان لا يضـر بالاتحاد.

(41) وهي التي يعبر عنها بالجسم، التي هي عبارة عن الصور والهيولى.

(42) وهي الماهية، فإنها يقال لها مادة عقلية.

(43) أي في العقول، وإنما جعلنا الضمير عائداً إلى العقول فقط دون الأنوار الاسفهبدية؛ لأنها غير مندكة بالنور الأحدي لتعلّقها بالمادة، أي الأجسام، وإن كان لا مادة عقلية لها، إذ لا ماهية، ولكنها لها مادة خارجية لتعلقها بها.

(44) فبعد أن ثبت أنها مستهلكة، حيث لا مادة عقلية ولا خارجية، فهي حينئذٍ مجرد الوجود المفاض من النور الأحدي، الذي هو أمر الله عز وجل ، إذ أن الله عز وجل ليس له الألفاظ، بل أن أوامره هي أفعاله، وحيث إن أمره ليس هو الماهيات، إذ أن الماهيات غير مخلوقة له كما سيجيء، فليس أمره إلا الوجود البحت الذي هو عبارة عن العقول، والعقول منها افيض عليها الوجود، فلما كانت العقول هي أمر الله عز وجل لذلك عبّر عنها الله تعالى في كتابه بلفظ الامر.

وثانيهما(45) أنه وإن كان(46) ذا ماهية(47) يوجد بمجرد أمر الله
وتوجه كلمـة كن إليه من دون مؤنة زائـدة من مادة وتخصّص استعداد(48) فيكفيه(49) مجرد إمكانه الذاتي.

والآخر(50) اصطلاح الحكماء حيث يعبرون بالعقل عن المفارقات المحضة(51).

وهذه العبارة(52) أيضا كثيرالدور في لسان الشريعة.

(45) هذا هو التعليل الثاني لتعبير الله عز وجل عن العقل بالأمر، وهو مبني على أن لها ماهية كما هو المشهور.

(46) أي إن العقل أو الأمر والشأن.

(47) حاصله: أن الماهيات عند وجودها، لابدّ من أن تكون هناك مادة مستعدة لقبول صورة تلك الماهية النوعية، وأن يكون وجودها ممكناً بالإمكان الذاتي، ولكن العقول على تقدير أن يكون لها ماهية، فلا يحتاج وجودها إلى مادة متصفة بالاستعداد، بل يكفي في مجرد وجودها إلى الإمكان الذاتي، وكلمة (كن) الوجود به، ولا تحتاج إلى مادة هناك مستعدة لقبول صورتها كما سيجيء.

(48) في المادة، أي أن يكون استعداد مخصوص لماهياتها، كسائر الاستعدادات المختصة بكل ماهية ماهية، فإن استعداد المادة للإنسانية غير استعدادها للفرسية.

(49) أي يكفي وجود العقل، فكلمة (كن) قائمة مقام الاستعداد المادي، فلما كان في العقل كذلك، بأن استغنى بأمر (كن) عن استعداد المادة في العقل، عبّر عنه بالأمر.

(50) والآخر اصطلاح، أي والتعبير الآخر عن نفس الأمر بالعقل هو اصطلاح الحكماء([318]).

(51) للمادة الخارجية، أي المجردات المحضة، أي التي لا تعلق لها بالمادة أصلا، وهذه هي العقول، وأما المفارقات الغير المحضة، بمعنى أنها لها افتراق عن المادة ليس إفتراقاً محضاً، بل لها تعلّق واتصال بها، وهذه هي النفوس، فإنها لا ماديات كالحجر، ولا مفارقات للمادة تماماً، بل لها تعلّق بالمادة كما سيجيء أيضاً.

(52) أي العقل كثير الوجود في لسان الـشـرع كما ورد: (إن الله أول ما خلق العقل،
 

ويمكن أن(53) يجعل يعدّ(54) من العدّ بمعنى الحسبان(55) لا الحساب، تنبيها على أولوية المعنى الأول(56) لأن ظهور الشيء بوجود تجردي(57) أو مادي(58)
 

ثمّ قال له: اقبل فاقبل، ثمّ قال له: أدبر فادبر، ثمّ قال: وعزتي وجلالي ما خلقت أشـرف منك)([319]) وغير ذلك، فليراجع كتب الاخبار([320]).

(53) هذا شـروع في الإشكال على من فسـّر نفس الأمر بأنه العقل الفعّال، ويمكن أن يجري هذا الإشكال على من فسّـر نفس الأمر بعلم الله عز وجل .

وحاصل هذا الإشكال: أن وجود زيد في عالم المادة وجود في نفس الأمر، وليس وجوداً في عالم العقل الفعّال، أو علم الله عز وجل ، إذ المفروض أن وجوده المادي في حدّ نفسه لا يفيد كونه في علم الله عز وجل ، أو في العقل الفعّال، فهو وجود في حدّ ذات الشـيء، وليس وجوداً في علم الله عز وجل أو العقل الفعّال.

(54) أي الموجودة في النظم.

(55) أي الظن، معناه أنه ظن بعضهم هذا التفسير في نفس الأمر، وحينئذٍ أي أنه ليس بمتين لورود هذا الإشكال المذكور، فتكون (يعدّ) في البيت إشارة إلى الإشكال المذكور.

(56) لنفس الأمر، وعبّر بالأولوية من أن المقام يقتضي أن يقول والصواب؛ لأن الأولوية قد تستعمل للتعيّن، كأولوية أوُلي الأرحام.

ويمكن أن يجاب عن هذا الإشكال بما اوردته على الاستاذ في مجلس درسه: من أن الشـيء أي وجود فرضته له فهو موجود في علم الله عز وجل والعقل الفعّال.

(57) كظهور الله عز وجل ووجوده.

(58) كوجودنا في عالم الجسم، فوجود الشـيء في نفس الأمر هو وجوده في نفس
ذاته التجردي أو المادي، فمعنى المطابقة لنفس الامر: هو المطابقة لذلك الوجود
وكونه(59) عند شيء، مادة(60) كان أو لوحاً عالياً نوريّاً خارج(61) عن نفسه. ثمّ بيّنا النسبة بين نفس الأمر(62) والخارج والذهن بقولنا (من خارج أعم) أي

 

الثابت له في حد ذاته، مادياً كان أو تجردياً.

(59) أي كون ظهور الشـيء ووجوده.

(60) أي وجود الشـيء المرهون بالمادة أو اللوح المحفوظ، خارج هذا عن وجوده في نفسه، إذ هو تقييد لوجوده في نفسه، فقولكم وجود النفس الأمري هو الوجود عند العقل الفعّال لم يكن له معنى، إذ الوجود عند العقل الفعّال هو وجود الشـيء ليس في نفسه، بل وجود الشـيء بقيد كونه في العقل الفعّال، فالنفس الأمر هو الوجود بطور الماهية اللابشـرط.

(61) عن نفسه أي عن وجوده في نفسه.

(62) توضيح هذا المقام: أن النسبة بين الخارجي والنفس الأمري والذهني - أعني الواقع في نفس الأمر - والخارج والذهن، فنقول كل نسبة كانت متحققة في الخارج، فهي متحقّقة في نفس الأمر، إذ هي حينئذٍ موجودة بدون فرض فارض، وليس كلّما تحققت النسبة في نفس الأمر تحققت في الخارج، كما لو كانت ذهنية لا توجد في الخارج، كجنسية الحيوان وكلّية الإنسان، فبين الخارج ونفس الأمري عموم مطلق، والعموم في جانب النفس الأمري، وأما النسبة بين الذهني ونفس الأمري عموم وخصوص من وجه، فإنهما يجتمعان في زوجية الأربعة، إذ هذه النسبة موجودة في نفس الأمر بدون فرض فارض، وهي توجد في الذهن، وكذا جنسية الحيوان، وتوجد النسبة الذهنية بدون أن تكون نفس الأمـرية في الكواذب، كزوجية الخمسة، فإنها ليست موجودة في حدّ ذاتها، بل بفرض الفارض، وهي موجودة في الذهن دون نفس الأمر، وتوجد النسبة النفس الأمرية بدون أن توجد الذهنية، كوجود الله تعالى، فإنه لا يوجد في ذهن ذاهن كما قرر في محلّه، وبين الخارجية والذهنية عموم من وجه، لاجتماعهما في زوجية الأربعة، إذا يصدق عليها نسبة خارجية، وأيضاً كنسبة ذهنية لوجودها في الذهن والخارج.

وتتفرد الذهنية عن الخارجية في الكواذب، فإنها نسبة موجودة في الذهن
دون الخارج، وتتفرد الخارجية عن الذهنية كما في وجود الله تعالى، فإنها
نسبة خارجية لا ذهنية.

فظهرت النسبة بين الخارجي والذهني ونفس الأمري، ومنه يعلم النسبة بين الخارج والذهن ونفس الأمر، إذ ما يكون من النسبة بين المشتقات تكون بين مبادئها، فبين الخارج ونفس الأمر عموم مطلق، وبين الذهن ونفس الأمر عموم من وجه، يجتمعان في زوجية الأربعة.

ويفترق الذهن في الكواذب ونفس الأمر في وجوده تعالى، وبين الذهن والخارج أيضاً عموم من وجه، لاجتماعهما في زوجية الأربعة، ويفرق الذهني في الكواذب، ويفترق الخارج في وجوده تعالى.

فإن قلت: إن بين الذهن والخارج تباين، إذ لا يصدق أحدهما على ما يصدق عليه الآخر، ولا نسلم أن النسبة الواقعة بين المشتقين لابد من وجودها بين المبدئين، كيف وبين الناطق والضاحك تساوي، والحالة أن بين الضحك والنطق لم يكن تساوي، بل بينهما التباين.

لنا: إن النسب تارة تعتبر بحسب الصدق، بأن يصدق هذا على أفراد ذاك، أو لا، وتارة بحسب التحقق، بمعنى أن هذا يتحقق مع ذاك، كما هو حال النسب بين القضايا والدلالات الثلاث، فإنه لا تصدق احداهما على ما صدق عليه الآخر، بل المراد أنهما يتحققان دفعة واحدة.

فكذا قولنا أن المشتق إذا كان بينه وبين مشتق آخر نسبة؛ كان بين مبدئيهما تلك النسبة، أي بحسب التحقق، وإن كان بين المشتقين تلك النسبة بحسب الصدق، فبين الناطق والضاحك النسبة بحسب الصدق، وبين الضحك والنطق النسبة بحسب التحقق، إذ كلّما تحقق النطق بالقوّة في مورد، تحقق الضحك بالقوة في ذلك المورد، بل من الواضح إن الاتصاف بالمشتق يستدعي وجود مبدأه فيه، فاذا فرضنا في جميع الموارد، اجتمع المبدئان بحسب التحقق في جميعها وهلم جرا، فالمراد بكون هذه المبادئ الثلاثة أعني الخارج ونفس الأمر والذهن، بينها النسب الموجودة بين المشتقات، منها أن تكون بحسب التحقق لا بحسب الصدق، ولا شك أنها بحسب التحقق تكون بينها تلك النسب هذا.

واعلم أن المحقق الداماد([321]) ادعى أن بين نفس الأمر والذهن عموماً مطلقاً ببرهانين:

الأول: أن الموجود في الذهن سواء كان من الكواذب أو غيرها موصوف بالإمكان، إذ هو ممكن الوجود في الذهن لا واجب، والإمكان من الصفات الواقعية، فالموصوف به لابد وأن يكون واقعي، إذ أن الصفة تابعة للموصوف، فلو لم يكن الموصوف واقعياً لم تكن الصفة واقعية، فالموصوف بالإمكان لابد وأن يكون واقعياً، وإلا لزم أن يكون الإمكان غير واقعي، وهذا خلف.

فالموجود في الذهن يكون واقعياً ونفس الأمري.

الثاني: أن النفس وقواها الإدراكيّة كلّها نفس الامرية، فما وجد فيها وما تعلّقت به هو أيضاً نفس الأمري، فالكواذب موجودة في نفس الأمر، فيصدق نفس الأمر على الذهن، لكون كل ما وجد فيه فهو نفس الأمري.

وللقوم أجوبة عن هذين الإشكالين، والاصح في الجواب إن يقال:

أنه عندنا معلوم بالذات وهو الصورة الذهنية، ومعلوم بالعرض وهو
الأمر الخارجي، إذ هو معلوم بواسطة الصورة الموجودة في الذهن، ومناط
الصدق في المعلوم بالذات الذي يمكن أن يكون له معلوم بالعرض، إن يطابق
المعلوم بالذات للمعلوم بالعرض، فإذا لم يكن للمعلوم بالذات أمر بالخارج يطابقه كذب.

فإذا عرفت هذا فنقول: أن الكواذب لها جهتان: جهة وجودها الذهني، وبهذا موجودة في نفس الأمر وتتصف بالإمكان، إذ أن وجودها في الذهن أمر واقعي ثابت.

والجهة الثانية: جهة عدم مطابقتها للواقع، وفي هذه الجهة يقال لها كاذبة، ولا تتصف بالإمكان، وليست متحقّقة في الواقع، فلا تكون نفس الأمرية، كذا قرره الاستاذ، فافهم.

نفس الأمر - حذف لأن الكلام قد كان فيه- أعمّ مطلقاً من الخارج (إذ للذهن عمّ)(63) فكل ما هو في الخارج فهو في نفس الأمر من غير عكس(64) (كما) أن نفس الأمر (من الذهني من وجه أعمّ).

ثمّ ذكرنا مادة الاجتماع والافتراق(65) بقولنا (إذ في صوادق القضايا) كقولنا الأربعـة زوج (صدقا) أي اجتمـع نفس(66) الأمر والذهني (وفي) قضايا (كواذب و) في (حق) مطلق عز اسمه (فرقا). ففي الكواذب مثل: الأربعة فرد، يتحقق الذهني لا النفس الأمري. وفي الحق تعالى يصدق النفس الأمري، لا الذهني، لكونه خارجياً صـرفاً لا يحيط به عقل ولا وهم. ومن هذا ظهر(67) النسبة بين الخارج والذهن(68) أيضاً. والتعبير بالذهن مرة وبالذهني أخرى للإشارة إلى جريان هـذه النسب بعينها في ذوات النسـب(69).

(63) أي شمل نفس الأمر الذهن، في موارد لم يتحقق فيها الخارج، كجنسية الحيوان وكلّيته، وغير ذلك من المعقولات الثانية.

(64) لما بينا من أن نفس الأمر يشمل موارد لم يشملها الخارج، كما في بعض الموارد الذهنية كجنسية الحيوان.

(65) لنفس الأمر والذهن.

(66) إذ هي موجودة في كليهما.

(67) أي من بيان النسبة بين الذهن ونفس الأمر، مع التمثيل للمادة الاجتماع والافتراق ظهر النسبة...الخ.

(68) وهي العموم من وجه.

(69) فسّـره المصنف بتفسيرين في الحاشية([322]) بما حاصله: أن النسب الجارية بين الخارج والذهن ونفس الأمر، كذلك جارية هي بين صاحبات النسب، أي التي اشتملت على النسبة إلى هذه الأمور الثلاثة، وهن الخارجي والذهني والنفـسـي الأمري، ويمكن أن يعكس، أي كما أن النسب واقعة في هذه الأوصاف، وهي الخارجي والذهني والنفس الأمر؛ كذلك جارية في الذوات، وهي الخارج ونفس الأمر والذهن.


 

 [17]

غرر في الجعـل

لِلرَّبْطِ والنفسيْ الوجودُ إذْ قَسَـمْ
 

 

فالجَعْلُ للتأليفِ والبسيـطِ عَمْ
 

في عَرَضِيٍّ قد بَدا مُفارِقا
 

 

لا غَيْرَ بالْجَعْلِ المُؤَلَّفِ انْطِـقا
 

في كَوْنِ ماهِيَّةَ أو وُجُودِ أوْ
 

 

صَيرُوْرَةٍ مَجْعـولاً اقْـوالاً رَوَوْا
 

وَعُـزِيَ الأولُ للإشْراقِيْ
 

 

وَقَدْ مَشى المَشّاءُ نَحْـوَ الباقي
 

بالذّاتِ بالعرضِ مِنْ مُرَكَّبِ
 

 

وَمِنْ بَسِيْطٍ في الثلاثـةِ اضْرِبِ
 

جَعْلُ الوجودِ عِنْدَنا قَدِ ارْتُضِيْ
 

 

ماهيةً مجعـولةً بالعَـرَضِ
 

كذا اتِّصافٌ وبذا الْجَعْـلِ جُعِـلْ
 

 

تركيباً الوجـود مع ذين فَنَـلْ
 

وَلِيْ على الَّذِيْ هُوَ اختيـاري
 

 

أنْ لازِمُ الماهِيَّةِ اعتـباري
 

وَكُلُّ مَعلولٍ لذيهِ قَـدْ لَزِمْ
 

 

ففي سوى المعـلولِ الأوَّل حُتِمْ
 

مِنْ قَوْلِ الاشراقِ انتزاعِيَّتُـها
 

 

وأيضاً انْسـِلابُ سِنْخِيّتِهـا
 

كالفي‏ءِ للشَي‏ءِ لـواهِبِ الصُّوَرْ
 

 

حيث انْتِفا الماهية عنه ظهـر
 

مِثْل انسلابِ كَوْنِها مُرْتَبِطَـةْ
 

 

وَذاتَ مجعـولٍ بـهِ مُشْتَـرطَـةْ
 


 

 [17]

غرر في الجعل

(للربط)(1) أي إلى الوجود الرابط -متعلق بقسم- (و) إلى الوجود (النفسـي الوجود) المطلق (إذ) توقيتية (قسم فالجعل للتأليف والبسيط عم). أي الوجود لما كان مقسوماً إلى الرابط والنفسـي(2) فعم الجعل، وانقسم إلى الجعل التأليفي والجعل البسيط. وقد خرج(3) من هذا تعريفهما(4).

فالجعل البسيط ما كان متعلّقه الوجود النفسـي(5) والجعل المؤلف ما كان
 

(1) أي في الخلق والإيجاد، وأنه بأي شـيء يتعلق، وربّما قيل على أن بحث
اصالة الوجود يغني عن هذا، إذ أن الجَعل إنما يتعلّق بالأصيل، وبالأمر الذي يُجعَل، فلو قلنا بأصالة الماهية فهي التي تُجعَل، لا الوجود إذ هو اعتباري، وكذا بالعكس.

ويقال في الجواب عنه: أنه فرّق بين البحثين، إذ أن من قال بأنه
لا جاعل- كالطبيعة- فلا يبحث عن هذا المبحث، أعني مبحث الجعل، إذ لا جاعل عنده، ولكن له أن يبحث في أن الوجود أصيل أم لا، مضافاً ]الى أنّه[ ستجيء الاشارة إلى ]إنّه[ يمكن ان يقال بأصالة الماهية، ويقال بالجعل في الوجود، وانكار العكس لا يمكن القول به كما سيأتي.

(2) إعلم أن الوجود النفسـي هو مفاد الهليّة البسيطة، والوجود الرابط هو مفاد الهلية المركّبة، وسيجيء الكلام فيه إن شاء الله تفصيلاً.

(3) إذ أنه إذا تعلّق بالرابط صار جعلاً تأليفياً، وإذا تعلّق بالنفـسـي صار جعلاً بسيطاً.

(4) هذا التعريف المستفاد إنما هو على رأيه، حيث أنه يرى أن الجعل إنما يتعلق بالوجود لا بالماهية، وأما على القول بأن الجعل يتعلق بالماهية؛ فلا يكون تعريفها صحيحاً.

(5) بمعنى أن يتعلق بالوجود نفسه، بحيث هو عبارة عن أيجاد الوجود، وأما جعل الوجود إلى الماهية - أي جعلها موجودة - فهو جعل تأليفي، إذ كان جعل الشيء شيئاً.

متعلّقه الوجود الرابط(6). فإن الأول(7) جعل الشـيء(8) وإفاضة نفس الشـيء، وبلسان الأدباء(9) الجعل المتعدي لواحد(10).

والثاني جعل الشـيء شيئاً(11) والجعل المتعدي لاثنين(12).

(6) بأن يجعل الماهية متصفة بشـيء، فهو جعل يتعلق بوجود الإرتباط بين شيئين، ومنه جعل الماهية مرتبطة بالوجود.

(7) أي الجعل البسيط، غرضه من هذا في لب الأمر أن يبين أن تعريفه ينطبق عليه تعريف القوم، ولكن التعريف للقوم الموجود في كتبهم، يصلح للانطباق على جميع المذاهب، وتعريفه مخصوص بمذهبه في هذا الباب.

(8) إما الوجود فقط أو الماهية فقط، كما عرّفه القوم، وأما المصنف فيقول الشـيء هو الوجود لا الماهية. وحينئذٍ جعل الوجود البسيط، هو جعل شـيء لا جعل شـيء لشـيء، فالتعريف صحيح وينطبق عليه تعريف القوم.

(9) أي أهل العربية.

(10) الذي هو عبارة عن (جعل) التامة المتعدية([323]) إلى مفعول واحد (كجعل الظلمات والنور)([324]).

(11) أي متصفاً بشيء آخر كما عرّفه القوم، وحينئذٍ الجعل الذي متعلّقه الوجود الرابط، هو جعل الشـيء شيئاً، فحينئذٍ التعريف ينطبق عليه تعريف القوم، فثبت أن تعريف المصنف صحيح، إذ أنه ينطبق عليه تعريف القوم.

(12) أي للمفعولين بلسان الادباء([325])، مثل (جعلت الطين ابريقاً) وهو
واللبيب يحدس من ذلك ما نحن بصدد إثباته من مجعولية الوجود، حيث يدور انقسام الجعل(13) مدار انقسام الوجود.

ثمّ الجعل المؤلف يختص تعلّقه بالعرضيات المفارقة لخلو الذات عنها،
ولا يتصور بين الشـيء ونفسه، ولا بينه وبين ذاتياته، ولا بينه
وبين عوارضه اللازمة(14) كالإنسان إنسان، والإنسان حيوان
والأربعة زوج، لأنها نسب ضـرورية، ومناط الحاجة(15) هو الإمكان(16)

 

(جعل) الناقصة.

(13) حيث جعلنا في البيت المتقدّم، أن انقسام الجعل إلى قسمين مترتب على انقسام الوجود، فالفطن يحدس من ذلك مذهبنا في المقام، وراينا أن الجعل يتعلق بالوجود، وإلا لو كان على مذهبنا متعلقاً بالماهية، لما كان معنى لترتيبه على انقسام الوجود، إذ لا دخل له حينئذٍ.

(14) المراد بها لوازم الماهية، فإنه عند جعل الماهية بالجعل البسيط، توجد وتحدّ، وإلا فلوازم الوجود بالنسبة إلى الماهية عوارض.

(15) إلى الجعل، هذا تعليل على كون الجعل التأليفي لا يتعلق بهذه الموارد الثلاثة، أعني بين الشيء ونفسه، وبين الشـيء وذاته، وبين الشـيء وعوارضه الذاتية.

والحاصل هذا التعليل: أن الذي يحتاج إلى الجعل هو الممكن، إذ لا وجه لترجيح طرف الوجود على العدم، فعلّة الحاجة إلى الجعل هو الإمكان، ولذا لم يتعلق الجعل بالذات المقدّسة إذ هي واجبة، ولا بوجود شـريك الباري إذ هو ممتنع، وهذه المواد الثلاث واجبات الثبوت لموضوعها، فعند وجود موضوعها يلزم ثبوتها ويجب تحققها، ولا داعي هناك إلى جعلها، وهذا فرق بينها وبين وجوب الله عز وجل ، فإن وجوب الله عز وجل سـرمدي، بخلاف وجوبها ما دام الموضوع، فإنه عند وجود الموضوع فلابد أن توجد نفسه وذاتياته ولوازمه.

(16) وهذه ثبوتها ضـروري، فالإمكان مفقود فيها.

والوجوب والامتناع مناط الغنا(17).

ولذا قال الشيخ: ما جعل الله المشمش مشمشاً، ولكن أوجده. وإلى هذا يشير قولنا (في عرضـي قد بدا مفارقا لا غير) أي لا في غير العرضـي المفارق(18) (بالجعل المؤلف انطقا) مؤكد بالنون(19) الخفيفة.

ثم لما كان الممكن(20) زوجاً تركيبياً له ماهية ووجود،
وكان بينهما اتصاف تشتتوا(21) في مجعولية الممكن(22)

 

(17) عن الجعل، فإن الشـيء إذا كان واجب الوجود ففي وجوده لا يحتاج إلى الجعل، فلا يعدم، والشـيء الممتنع لا يمكن وجوده حتّى يجعل، والمواد الثلاث واجبة الثبوت للموضوع ما دام موجوداً، فعند وجود الموضوع لا نحتاج الى جعل، بل توجد بوجوده الخاص.

(18) هذا يشمل المواد الثلاث.

(19) وقلبها الفاً، لأن نون التوكيد الخفيفة تقلب الفاً عند الوقف.

(20) لمّا عرّف الجعل بقسميه، أخذ يذكر محل النزاع، فبيّن أنه في الممكن، وأن المجعول بالذات بالجعل البسيط في الممكن هو وجوده أو ماهيته أو نفس إتصاف الماهية بالوجود، أي أن الجعل تعلّق بنفس هذا الشـيء، أعني الاتصاف، فهو جعل بسيط.

وبهذا الجعل البسيط للاتصاف، يجعل الماهية والوجود بالعرض لا بالذات، كما أنه على القول بتعلق الجعل بالوجود، يكون جعل أتصاف الماهية بالوجود، وجعل الماهية كلاهما بالعرض، وجعل الماهية ماهية، وجعل الوجود وجوداً، وجعل جزء الشـيء للشـيء، وجعل عارض الشـيء اللازم للشـيء، فإنها وإن لم تكن هذه مجعولات بالذات كما برهنا، ولكنها مجعولات بالعرض بالجعل التأليفي، وكذا إذا قلنا أن جعل التعلق بالماهية، فهذه الجعول التأليفية والجعول البسيطة تكون بالعرض، كلّها راجعة الى الجعل الذي تعلّق بالماهية، وكذا على القول بأن الاتصاف تعلّق به الجعل، فالجعول الباقية سواء كانت تأليفية أو بسيطة تكون بالعرض.

(21) تفرقوا.

(22) أي: أيُّ من هذه الثلاثة مجعولاً بالذات من هذه الثلاثة، والباقي مجعول بالعرض.

جعلاً بسيطاً للاتصاف(23)، فقد يعبّرون بهذا(24) وقد يعبّرون بتلك -(25) (مجعولا) خبر كون (أقوالاً) مفعول (رووا(26). وعزي) أي نسب
(الأول للإشـراقي). فقالوا: أثر الجاعل، أولاً وبالذات(27) نفس الماهية،
ثم ّيستلزم ذلك الجعل(28) موجودية الماهية(29) بلا إفاضة
من الجاعل، لا للوجود ولا للاتصاف(30) لأنهما عقليان(31)

 

(23) أي قولنا صيـرورة عبارة أخرى للاتصاف.

(24) أي بالاتصاف.

(25) أي بالصيـرورة.

(26) والمعنى رووا أقوالاً([326]) في كون الماهية وجود أو صيرورة مجعولاً، وأراد بالكون نفس، والمعنى في نفس الماهية، أو نفس الوجود، أو نفس الاتصاف، وإلا فالعبارة لا تخلو عن تسامح.

(27) أي ابتداءاً بدون واسطة، وقد بيّناه تفصيلاً في نهج الصواب([327]).

(28) أي جعل الماهية، وهذا كما ذكرنا سابقاً من أن القائل بجعل الماهية، ويقول بأن وجود الماهية مجعولاً بالعرض، وكذا جعل الماهية موجودة بالعرض، وكذا جعل الماهية ماهية فإنه بالعرض، إذ أن هذه الجعول كلّها مستندة إلى المجعول بالذات، وهو الماهية، وتلك الجعول تابعة لهذا الجعل البسيط، فاستلزم جعولاً بسيطة مؤلفة لما يتركّب منه الممكن.

(29) أي جعل موجودية الماهية، وهو جعل بسيط، إذ تعلق بالوجود المنسوب للماهية، نعم جعل الماهية موجودة، ومرتبطة بالوجود، هو جعل تأليفي.

(30) أي وليس الجاعل للممكن بفيض وجوده، أو اتصاف ماهيته بوجوده كما يدّعيه بعضهم.

(31) هذا تعليل إلى أن الجاعل لا يفيض الوجود ولا الاتصاف، وحاصل هذا التعليل: أن الماهية اصيلة والوجود اعتباري يوجد في العقل، وكذا الاتصاف أمر عقلي
 

مصداقهما نفس الماهية(32) كما لا يحتاج(33) بعد صدور الذات
عن الجاعل كون الذات ذاتاً إلى جعل على حدة. أقول: أكثر شيوع(34)
هذا المذهب(35) كان من زمان شيخ الإشـراق  قدس سره (36)
 

 

يعتبره العقل، فهما إمران أعتباريان يعتبران في الماهية، والامر الاعتباري يوجد بوجود المعتبر فيه، فوجودهما تابع لوجود الماهية.

فالماهية هي المجعولة بالذات، والوجود والاتصاف مجعول بالعرض.

أجاب المصنف عنه بجواب مذكور بالحاشية([328]): وهو انا اثبتنا اصالة الوجود واعتبارية الماهية، فهو أمر عقلي، لا الوجود، فالدليل منقلب عليهم.

(32) أعلم أنه يقال للذي اعتبر فيه شـيء مصداق لذلك الأمر المعتبر، إذ أن الأمر المعتبر لا تحقق له ولا وجود له إلا بالذي اعتبر فيه، كما أن الشيء لا يوجد إلا بمصداقه.

(33) أي كما أن الوجود والاتصاف لا يحتاجان بعد صدور الماهية عن الجاعل إلى جعل على حدة، بل يكونان مجعولين بالعرض، كذلك لا يحتاج كون الذات ذاتاً بعد صدور الماهية عن الجاعل إلى جعل على حدة. نعم هي مجعولة بالعرض، وكذا سائر اللوازم والذاتيات، فهي محتاجة إلى الجاعل بالعرض.

(34) لما كان مذهب الاشـراقيين مبنياً على اصالة الماهية، إذ أنهم علّقوا الجعل بالماهية؛ لأصالتها واعتبارية الوجود والاتصاف، أخذ المصنف يحقّق في أن القول بإصالة الماهية، ينافي القول بتعلق الجعل بالوجود، أم لا ينافيه.

(35) وهو القول بتعلق الجعل بنفس الماهية.

(36) وهو كما تقدّم يقول بإصالة الماهية([329]).

وأتباعه وكان القول بتقرّر الماهيات(37) منفكة عن الوجود كان في عصـره  قدس سره  شائعاً.

(37) كما تقدّم من مذهب المعتزلة، فإن قالوا بأن الماهيات ثابتة في العدم، وهي أزلية قديمة غير مجعولة، إذ الأزلية مناط الغناء عن الجعل، وأثر الجاعل انضمام الوجود إلى تلك الماهية الأزلية.

فشيخ الإشـراق أراد دفع هذا القول من كون الماهيات ثابتة أزلاً - كما تقوله المعتزلة – فقال: أن الماهيات مجعولة وحادثة بالذات، فالذي دعاه إلى القول بمجعولية الماهية ليس كون الماهية اصيلة، وأنه لا يمكن تعلق الجعل بالوجود على تقدير اصالة الماهية، بل أن الذي دعاه إلى القول بمجعولية الماهية هو دفع قول المعتزلة، الذين يقولون بأن الماهيات ثابتة إزلاً، فلأجل هذا زعم ذلك، فأنه لو قال بمجعولية الوجود؛ لتوهم أن الماهيات ثابتة أزلاً وأبداً، واضاف الجاعل إليها الوجود.

فليس قول شيخ الاشـراق بجعل الماهية لأجل أن الوجود - مع القول بأصالة
الماهية - لا يمكن تعلّق الجعل به، بل هو ممكن مع القول بأصالة الماهية، بل إنما هو لأجل رد المعتزلة في قولهم أن الماهيات ثابتة أزلاً وأبداً، والذي أشار إلى هذا المطلب المحقق اللاهيجي([330])، وعليه استند المصنف في هذ المطلب.

واشكل على شيخ الاشـراق ومن تبعه: من أنّ القول بتعلّق الجعل بالماهية من جهة رد المعتزلة في قولهم بأن الماهيات ثابتة أزلاً، وإلا فيمكن تعلّق الجعل بالوجود، لو ثبت أنها ليست ثابتة أزلاً وأبداً. بأنه لو قال: يتعلق الجعل بالوجود، والماهية مجعولة بالعرض أيضاً، لكان رداً على قول المعتزلة، إذ أن الثابت الأزلي ليس مجعولا بالذات ولا بالعرض، فمع قوله: بجعل الماهية بالعرض، يكون دفعاً لقولهم من أنه ثابت أزلاً.

قال الاستاذ: ولابدّ لنا من أثبات أن على تقدير أصالة الماهية، يمكن القول بجعل الوجود، فيكون هذا القول من عدم المنافاة بين اصالة الماهية وجعل الوجود، مجرد دعوى لا بيّنة عليها، بل اقيمت البيّنة على خلافها، كما تقدّم الدليل من أنه على تقدير اصالة الماهية يكون الوجود والاتصاف اعتباريين، وليس لهما تحقق في الخارج، والجعل أنما يتعلق بالأمور الخارجية.

فنقول في اثبات كون أصالة الماهية لا تنافي القول بمجعولية الوجود.

وبيان ذلك: أن القول بأصالة الماهية على مذهبين:

أحدهما: ما ذهب إليه صاحب الشوارق([331])، وأدّعى أن شيخ الإشـراق يذهب إليه، من أن الماهية والوجود كلاهما خارجيان، أي أن الماهية بوجودها الخاص في الخارج، وليس الوجود إعتبارياً محضاً، فهو يقول بأصالة الماهية مع الاعتراف بكون وجودها ليس إعتبارياً، بل خارجي، غاية ما في الباب يقول: أن الماهية الخارج ظرف لوجودها، والوجود الخارج ظرف لنفسه، ولو كان ظرفاً لوجوده لزم أن يكون للوجود وجود، فيلزم التسلسل.

والثاني: وهو أن الماهية هي الموجودة في الخارج، وليس الوجود خارجياً، بل هو اعتباري محض، وهذا هو الذي ذهب إليه المتكلمون([332]).

فإذا عرفت هذا فنقول: ما ذكره المصنف من أن القول بأصالة الماهية، يمكن أن يجتمع

فحسبوا أن لو قالوا(38) بمجعولية الوجود، ذهب الوهم إلى غناء الماهية
في تقرّرها عن الجاعل، لمغايرة الماهية للوجود(39) فيلزم الثابتات
الأزلية(40). فدفع هذا الوهم حداهم(41) على القول بأن الماهية في قوام


 

مع القول بتعلق الجعل بالوجود، إنما يتم على المذهب الأول لأصالة الماهية،وهو مذهب صاحب الشوارق، إذ حينئذٍ الوجود ليس باعتباري محض، بل هو أمر خارجي قابل لتعلق الجعل به، وأما على القول الثاني، فلا يجتمع القول بأصالة الماهية مع القول بتعلق يتعلق به الجعل، وحيث إن صاحب الشوارق اختار الأصالة بالمعنى الأول، وكذا شيخ الإشـراق بإرجاع صاحب الشوارق كلامه إليه، كان يمكنهما القول بأصالة الماهية وتعلّق الجعل بالوجود.

وحينئذٍ يظهر لك تشويش كلام المصنف هنا، إذ أنه ذكر دليل من قال بأصالة الماهية بالمعنى الثاني، ثمّ زعم أن أصالة الماهية لا تنافي القول بتعلّق الجعل بالوجود، فإن كان أراد بأصالة الماهية المعنى الثاني لا تنافي القول بتعلّق الجعل بالوجود، فهو باطل اشد البطلان، إذ أن الوجود حينئذٍ اعتباري محض، وصاحب الشوارق لا يذهب الى الجعل بالوجود، إذ أن الوجود اعتباري محض لا تحقق له بالخارج، حتّى وإن اراد بأن أصالة الماهية بالمعنى الأول لا تنافي القول بتعلّق الجعل بالوجود، فهو صحيح لا غبار عليه، إذ الوجود خارجي - ولكنه لا يلائمه الاستدلال المتقدّم ذكره- إذ كان مبنياً على اعتبارية الوجود (لذا وجهه الاستاذ).

(38) نسبة إلى حسبان ولم يقل (بضـرس قاطع) ولو قالوا، إذ أنه يمكن أن يقولوا بتعلّق الجعل بالوجود، والماهية مجعولة بالعرض، وحينئذٍ لا يذهب الوهم إلى ما ذكر، إذ الأزلي لا يجعل لا بالعرض ولا بالذات.

(39) فلو قالوا بتعلق الجعل بالوجود، تُوِهِم إن الماهية لا تحتاج إلى الجعل، فلابد أن تكون ثابتة أزلاً إذ هي موجودة.

(40) وشيخ الإشـراق منكرها اشدّ الانكار.

(41) أي ساقهم، وفاعل حدا هو دفع هذا الوهم، والمعنى دعاهم دفع هذا الوهم، وعلى كلٍ فليس حداهم بتشديد الدال كما زعم الاستاذ.

ذاتها مجعولة(42) مفتقرة إلى الجاعل، كما قال المحقق اللاهيجي عليه الرحمة في

المسألة السابعة والعشـرين من الشوارق، مع تصلبه في أصالة الماهية جعلاً(43) وتحققاً:(44) المراد من كون المجعول هو الماهية، هو نفي توهم أن يكون الماهيات ثابتات في العدم بلا جعل(45) ووجود(46) ثمّ يصدر من الجاعل(47) الوجود أو اتصاف الماهية بالوجود. فإذا ارتفع(48) هذا التوهم فلا مضايقة في الذهاب إلى جعل الوجود أو الاتصاف، بعد أن تيقن أن لا ماهية قبل الجعل.

وإلى هذا يؤل مذهب أستاذنا الحكيم المحقق الإلهي  قدس سره  في القول بجعل الوجود: فإنه يصـرّح بكون الوجود مجعولاً بالذات(49) والماهية مجعولة بالعرض. انتهى.

وكما قال السيد المحقق الداماد  قدس سره (50): إنه لما كان نفس قوام الماهية
 

(42) فهي ليس ثابتة أزلاً وأبداً، بخلاف ما لو قالوا بتعلّق الجعل بالوجود، فانهم حسبوا بكون هذا مجالاً للوهم، بأن الماهيات ثابتة أزلاً.

(43) أي أن الماهية هي المجعولة لا الوجود.

(44) أي وخارجاً، بأن يقول الأصل في الخارج هو الماهية لا الوجود.

(45) لتلك الماهيات ولا إيجاد.

(46) عطف تفسير للجعل.

(47) هذا من جعله التوهم، الذي يرفع بالقول بجعل الماهية، فالمعتزلة([333]) يتوهمون أن الماهيات ثابتة أزلاً بتعلق، والجاعل يصدر منه الوجود أو الاتصاف.

(48) هذا التوهم وهو كون الماهيات ثابتة أزلاً.

(49) حيث اثبت وتيقن منه أن لا ماهية قبل الجعل، حيث أثبت أصالة الوجود واعتبارية الماهية، وأنها منتزعة من الوجود.

(50) فإن من لاحظ هذا الدليل المذكور المنسوب اليه([334])، رأى أن سـر قوله بتعلّق
مصحح حمل الوجود(51) فاحدس أنها إذا استغنت بحسب

 

الجعل بالماهية دون الوجود، هو لزوم ثبوت الماهية أزلاً وأبداً، فلا مانع له إلا هذا، فلو زال هذا المانع، جاز القول بتعلق الجعل بالوجود، وإذ قلنا بأصالة الماهية، فلم يجعل مناط عدم القول بتعلق الجعل بالوجود هو أصالة الماهية، فيظهر أنه لا ينافي القول بالجعل بالوجود.

فظهر من القائلين بأصالة الماهية: أن القول بتعلّق الجعل بها ليس لأن الوجود عند أصالتها غير قابل للجعل، بل هو قابل لتعلق الجعل به، ولكن عدم القول خوفاً من توهّم كون الماهيات ازلية، لو تيقن كونها غير ازلية.

وأعلم أن هذا صحيح في حق الداماد إن قال بأصالة الماهيات، مثل قول صاحب الشوارق، وإلا فلا يصح في حقه ذلك.

(51) أي أن الماهية قبل الجعل لا شـيء، حتّى نفسها يسلب عنها، فلا كلام لنا فيها، وأما بعد الجعل فالذي يصح حمل الوجود عليها هو قوامها، اي ذاتها، والسـر في ذلك أن المحقق الداماد قائل بأصالة الماهية، فالوجود عنده إنما يحمل على الماهية باعتبار ذاتها، إذ هو اعتباري حينئذٍ، فهو تابع للماهية كسائر الاعتباريات، فإن المصحح لحملها ذات المعتبر فيه، وهذا التعليل هو الذي علل به هذه المقدّمة ملا صدرا([335]) كما نقل الاستاذ، ولم يرتضِ تعليل المصنف لها في الحاشية([336]).

نفسها(52) ومن حيث أصل قوامها(53) عن الفاعل صدق حمل الموجود عليها(54) من جهة ذاتها، وخرجت عن حدود بقعة(55) الإمكان، وهو باطل.

(52) بأن قلنا أن الجعل لم يتعلّق بها، فلما كان وجودها المصحح لحمله عليها هو ذاتها، فهو داخل في ذاتها، وراجع لذاتها ونفسها، فاستغناؤها بحسب ذاتها ونفسها؛ في قوّة استغناء وجودها، والمستغني في وجوده عن الفاعل هو الواجب، فيلزم أن يكون الممكن واجباً، وثابتاً أزلاً وأبداً، فلابد أن نقول أن الجعل متعلّق بها، فهي محتاجة إلى الفاعل وغير مستغنية عنه، فوجودها أيضاً غير مستغنٍ عنه، إذ هو تابع للماهية، فما يثبت للماهية يثبت له.

ومن هنا يظهر أن الداعي للقول بتعلق الجعل بالماهية ليس كون الماهية اصيلة، وأصالة الماهية تنافي القول بتعلق الجعل، بل خوفاً من ذهاب الوهم إلى كونها قديمة واجبة الوجود، فلو لم يذهب الوهم إلى ذلك، لما كان مانع من القول بتعلق الجعل بالوجود.

(53) أي أصل ذاتها، هذا عطف تفسير على قوله بحسب نفسها، وإضافة أصل إلى القوم إضافة بيانية.

(54) أي يكون صدقاً لا كذباً حمل الموجود عليها من جهة ذاتها لا من جهة فاعلها، إذ إن المصحح لحمل الموجود هو القوام، وهو مستغنٍ عن الجاعل، إذ الجعل لم يتعلق به على الفرض، فالوجود يحمل على الماهية من جهة ذاتها لا من جهة العلة، إذ القوام لم يتعلّق به الجعل، وهو مستغني عنه، لان فرض الكلام أن الماهية غير مجعولة، فتكون الماهية واجبة الوجود؛ لأن واجب الوجود هو الذي يستغني، ويصدق حمل الوجود عليه بدون علّة، بل في ذاته.

(55) ودخلت في بقعة الوجوب لما بيّنا في الحاشية التي تقدّمت، وهذا عطف لازم على

أقول: يرد عليه(56) أن استغناء الماهية بالذات عن الجاعل لكونها سـراباً(57) واعتبارية، وأنها، دون المجعولية، لا يخرجها عن الإمكان(58). ولا يلحقها بالغني من فرط التحصّل(59) وأنه فوق الجعل(60).

ملزوم، أو عطف تفسير، وعلى كل فقد أوضحنا المطلب جداً.

(56) حاصله كما أشار إليه في الحاشية([337]): أن الشـيء يستغني عن الجعل، أما لكونه فوق الجعل كما في الواجب تعالى، وأما لأنه دون الجعل كما في الماهية، إذ هي اعتبارية محضة، والجعل إنما يتعلق بالموجود الخارجي، فلا يلزم أنا إذا قلنا بعدم تعلّق الجعل بالماهية، وأنها مستغنية عن الجعل، أنها واجبة الوجود. إذ عدم تعلّقه بها من جهة دنوها، كما أن الممتنع والعدم بما هو عدم، فإنه مستغنٍ عن الجعل لدنوه من مرتبة الجعل.

واشكل الاستاذ على هذا الجواب: بأن كلام الداماد مبني على أصالة الماهية، وأنها غير إعتبارية، فهي قابلة للجعل وفي مرتبته، فلا معنى للإشكال عليه بأنها إعتباريّة سرابيّة.

(57) يحسبه الظمآن ماء، وليست هي أمراً لها تعلّق بالخارجي [إِنْ هِيَ إِلَّا
أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ]([338])، الجار والمجرور متعلّق
بالاستغناء.

(58) هذا خبر أن في قوله أن الاستغناء.

(59) أي بسبب شدة التحصّل، والوجود متعلّق بالغير، أي الغني عن الفاعل، والجاعل بفرط التحصّل.

(60) هذا عطف على فرط، عطف لازم على ملزوم، أو تفسير الماهية لتأويلها بالشـيء، والضمير في أنه عائد إلى المجعول المفهوم من الكلام، اي ولا يلحقها بالغنى عن الفاعل، من جهة أنها فوق الجعل، بل هي دون الجعل.

وأيضاً(61) كيف يكون نفس قوام الماهية مصحح حمل الوجود وهي(62)
لا موجودة ولا معدومة؟(63) ولو كانت مصحّحة(64) لزم الانقلاب عن
الإمكان الذاتي إلى الوجوب الذاتي، كما في الأسفار(65). (وقد مشى

 

(61) هذا إشكال ثاني على الداماد.

(62) أي والماهية بحسب ذاتها وقوامها.

(63) بطور السالبة بأنتفاء الموضوع، لا موجبة معدولة المحمول، إذا الموجبة تستدعي وجود الموضوع.

(64) أي لو كانت ذات الماهية وقوامها مصححاً مصححة.

هذا إشكال ثالث على دليل الداماد، وحاصله: أنه لو كان المصحح لحمل الوجود قوام الماهية، يلزم الانقلاب عن الإمكان الذاتي إلى الوجوب الذاتي، فإن مناط وجود الواجب بالذات عندهم، هو كون نفس حقيقة الواجب من حيث هي منشأ لانتزاع الموجودية، ومصداقاً لحملها عليها، فالممكن بعد صدور ماهيته عن الجاعل، إذا كانت ذاته بحيث تكون مصداقاً لحمل الموجودية بلا ملاحظة شـيء آخر معها، كان الوجود ذاتياً للممكن.

فإن قلت: أن بعد فرض الصدور عن الجاعل، لم يكن حينئذٍ الممكن واجباً، إذ الواجب ليس بصادر عن الفاعل والجاعل.

قلنا: أن الصدور عن العلّة إن كان مأخوذاً مع الماهية عند حمل الوجود أم لا، فإن لم يكن مأخوذاً عاد المحذور، إذ لزم الانقلاب، ولزم كون الممكن انقلب إلى الواجب، وصار الوجود ذاتي له، إذ هو منتزع حينئذٍ من مقام الذات.

وإن كان مأخوذاً وداخلاً في حمل الوجود وانتزاعه منه، أن يكون الصادر عن الجاعل المسمّى بالماهية، وتلك الحيثية أي الصدور عن الفاعل، فيكون هذا خلاف الفرض، إذ الفرض أن قوام الماهية هو الصحيح دون غيره. انتهى موضحاً من الأسفار([339]).

(65) هذا راجع إلى الدليل الثالث.

المشّاء نحو الباقي)(66).

لكن محققوهم مشوا إلى جانب مجعولية الوجود وغيرهم(67) إلى مجعولية الاتصاف وصيرورة الماهية(68) موجودة.

ولعل هؤلاء(69) أرادوا أن أثر الجاعل أمر بسيط(70) يحلله العقل إلى موصوف وصفة(71).

وبالحقيقة ذلك الأمر البسيط هو الوجود(72) وإلا فظاهره سخيف(73)
 

(66) أي قد ذهب المشاؤون([340]) إلى القول بجعل الوجود، وإلى القول بجعل اتصاف الماهية بالوجود، فبعضهم ذهب إلى الأول، وبعضهم ذهب إلى الثاني، وعبّر عن هذين القولين بالباقي؛ لأن الأقوال كما بيّنا سابقاً ثلاثة: تتعلق الجعل بالماهية، أو بالوجود، أو بالاتصاف، وقد ذكر أن الاشـراقيين ذهبوا إلى الأول، فالباقي هو القول بتعلق الجعل بالوجود، أو تعلّقه بالاتصاف.

(67) اي غير المحققين من المشائين.

(68) هذا عطف تفسير على الاتصاف.

(69) أي الذين قالوا بتعلق الجعل بالاتصاف، وغرض المصنف من هذا الكلام أن يؤوّل كلامهم، ويرجعه إلى القول بتعلّق الجعل بالوجود.

(70) خارجي لا ذهني، وهو الوجود الخارجي.

(71) الموصوف هو الماهية، والصفة هو الوجود، وقد تقدّم أن الوجود عارض الماهية تصوراً، واتحدا في الخارج ذاتاً.

(72) وإنما عبّروا عن هذا الأمر البسيط بالاتصاف؛ لأنه هو الذي انتزع منه الاتصاف، وهو القابل للتحليل العقلي إلى صفة وموصوف.

(73) أي وإن لم يحمل ويرجع إلى القول بمجعولية الوجود، ونحمله على ظاهره، من أن الجعل تعلّق بالاتصاف والنسبة، دون الماهية والوجود فهما مجعولان بالجعل البسيط العرضـي، فيكون هذا القول سخيف جداً، إذ ليس الاتصاف إلا عبارة عن تلك النسبة المنتزعة من مقام الموصوف والصفة، فهو أمر انتزاعي ليس موجوداً في
 

لأن الاتصاف فرع تحقق الطرفين(74) وأنه أمر انتزاعي(75).

ثمّ شـرعنا في استيفاء أقسام الجعل(76) بقولنا: (بالذات)(77) و(بالعرض(78) من) جعل (مركّب ومن)(79) جعل (بسيط) وهي أربعة (في ثلاثة) أي الثلاثة المذكورة من مجعولية الوجود والماهية والصيـرورة (إضرب) فتصير إثني عشر(80).

الخارج، فكيف يتعلّق الجعل به، إذ الشيء المعدوم عن الخارج لا يتعلق الجعل به بالذات، وأيضاً الاتصاف معنى صـرفياً لا يقوم إلا بطرفين، فهو لا يوجد إلا أن يوجد طرفاه، وعلى القول بتعلّق الجعل بالاتصاف، يكون وجود الطرفين تابعاً لوجود الاتصاف، فيلزم الدور، إذ هو متوقف عليهما، وهما متوقفان عليه. فإن قلت: إن الاتصاف نسبة اشـراقية، وهي غير متوقف وجودها على وجود الطرفين، بل عند وجودها يوجد الطرفين.

قلنا: حينئذٍ يكون الاتصاف هو الوجود، إذ النسبة الإشـراقية هو الوجود وهو المطلوب.

(74) فعلى القول بتعلّق الوجود به يلزم الدور، وقد تقدّم بيانه في الحاشية السابقة.

(75) هذا دليل ثانٍ على سخافة هذا القول، وقد تقدّم تفصيله في الحاشية المتقدّمة.

(76) أي الاحتمالات التي فيه على المذاهب الثلاثة، سواء كانت صحيحة أم غير صحيحة.

(77) المجعول بالذات هو ما تعلّق به الجعل بنفسه بدون واسطة، ولا يصح سلبه عنه.

(78) المجعول بالعرض هو الذي لم يتعلق الجعل بنفسه وذاته، بل تعلّق به بواسطة تعلقه بشـيء آخر، ويصح سلبه عنه.

(79) قد تقدّم في صدر البحث تفسيره مع الجعل البسيط.

(80) قسماً وليست كلها صحيحة، بل بعضها صحيح وبعضها غير صحيح على قول المصنف، وكذا بعضها صحيح وبعضها غير صحيح على قول بعض المشائين([341]) المخالفين لرأي المصنف بحسب الظاهر، وكذا بعضها صحيح وبعضها غير صحيح على رأي الإشـراقيين([342]).

فعلى القول المرضـي(81) ما هو الصحيح من هذه الوجوه(82)
جعل الوجود بالذات جعلاً بسيطاً، وجعله بالعرض مركّباّ(83)
وجعل الماهية والاتصاف بالعرض بسيطاً ومـركباً(84). وما هو الباطل(85) جعله بالذات مركّباً وجعله بالعرض بسيطاً وجعلهما بالذات(86) بسيطاً ومركباً. وقس

(81) وهو كون الجعل تعلّق بالوجود.

(82) الاثني عشـر، وهاهنا هي حصول صفة للقول المرضـي، ويصح الذي تقدّم منها هو ستة، والستة الباقية بالكلية.

(83) أي جعل الوجود وجوداً.

فإن قلت: إن تعلق الجعل بوجود الوجود باطل، إذ يلزم التسلسل.

قلنا في الجواب: إن جعل الوجود وجوداً هو جعل الشـيء بنفسه، فالمجعول عين المجعول له، فالقضايا المترتبة كجعل وجود الوجود وجوداً، هي عين جعل الوجود وجوداً، إذ ليس - والوجود الذي تعلّق به الجعل - للوجود شيء غيره، بل هو عينه فلا تسلسل، إذ لم يكن هناك اشياء متعددة، وجعل الشيء نفسه إنما هو بالعرض، ويصح سلب الجعل عنه، ولكنه باعتبار أن جعل الشيء هو جعل لشيئية قبل جعل الشـيء شيئاً.

(84) وهذا اربعة أقسام وهي: جعل الماهية بالجعل البسيط، وجعل الماهية ماهية بالجعل المركّب، وجعل الاتصاف بالجعل البسيط، وجعله بالجعل المركّب أي جعل الاتصاف إتصافاً، فصار مجموع الأقسام الصحيحة من تلك الأوجه ستة، أربعة هذه، وإثنان تقدّما.

(85) من الأوجه الأثنـى عشر، والأوجه الباطلة أيضاً ستة.

(86) أي جعل الماهية والاتصاف.

(87) أي إذ كل من القولين ستة من هذه الأوجه الأثنى عشر صحيح، وستة
باطلة.

عليه(87) الصحيح والباطل على قول الإشـراقي وعلـــى القول بجعل الاتصاف. وإن شئت فانظر إلى هذا الجدول([343]).

على المرضي يعني جعل الوجود

على قول الاشراقي يعني جعل الماهية

على قول بعض المشائين يعني جعل الاتصاف

جعل الوجود بسيطاً بالذات

جعل الماهية بسيطاً بالذات

جعل الماهية بسيطاً بالذات

جعل الوجود بسيطاً بالذات

جعل الاتصاف بسيطاً بالذات

جعل الوجود بسيطاً بالعرض

جعل الماهية بسيطاً بالعرض

جعل الوجود بسيطاً بالعرض

جعل الوجود بسيطاً بالعرض

جعل الماهية بسيطاً بالعرض

جعل الوجود بسيطاً بالعرض

جعل الوجود بسيطاً بالذات

جعل الاتصاف بسيطاً بالعرض

جعل الاتصاف بسيطاً بالذات

جعل الاتصاف بسيطاً بالغرض

جعل الاتصاف بسيطاً بالذات

جعل
الماهية بسيطاً بالعرض

جعل
الماهية
بسيطاً بالذات

جعل الوجود مركباً بالعرض

جعل الماهية مركباً بالذات

جعل الوجود مركباً بالعرض

جعل الماهية مركباً بالذات

جعل الاتصاف مركباً بالعرض

جعل الوجود مركباً
بالذات

جعل الماهية مركباً بالعرض

 

جعل الوجود مركباً بالعرض

 

جعل الماهية مركباً بالعرض

 

جعل الوجود مركباً بالذات

 

 

جعل الوجود مركباً بالعرض

 

جعل الماهية
مركباً بالذات

جعل الاتصاف مركباً بالعرض

جعل الاتصاف مركباً بالذات

جعل الاتصاف مركباً بالعرض

جعل الاتصاف مركباً بالذات

جعل
الماهية مركباً بالعرض

جعل الاتصاف مركباً
بالذات

صحيح

باطل

صحيح

باطل

صحيح

باطل

ثمّ أشـرنا إلى ما هو الصحيح بقولنا: (جعل الوجود عندنا قد ارتضـي؛ ماهية مجعولة بالعرض) (كذا اتصاف) أي مجعول بالعرض (وبذا الجعل) أي بالجعل بالعرض.(جعل تركيباً) أي جعلاً تركيبيّاً (الوجود مع ذين)أي الماهية والاتصاف. فإذا جعل الوجود بسيطاً فالوجود وجود، مجعول تركيبيّاً بالعرض، وكذا الماهية والاتصاف مجعولة تركيبّاّ، ولكن بالعرض بنفس جعل ذلك الوجود بسيطاً (فنل) جميع ذلك، وهو أمر من النيل. ثم شـرعت في ذكر الأدلة(88)

(88) وقد اشار إلى دليلين:

]الاول[: فإنه قد ظهر مما تقدّم أن الوجود أصيل والماهية اعتبارية، والجعل لا يتعلق بالاعتباري، إذ هو ليس بشـيء حتى يتعلق به الجعل.

والثاني: أن وحدة الجعل دائرة مدار وحدة الوجود، فمتى كان الوجود واحداً
 كان الجعل واحداً، لا على وحدة الماهية وتعددها، ولو كانت الماهية مجعولة بالذات، لتعدد الجعل بتعددها، مع أنه ليس كذلك، فإن ماهية الجنس غير ماهية الفصل، وهما غير ماهية النوع، فيلزم تعدد الجعل عند تعلّقه بهذا النوع، مع أنه يكفي جعل واحد للماهية باعترافهم، مع أن البرهان قائم على أن الجعل واحد عند تعلّقه بمثل هذا النوع؛ لأن الجعل هو الإيجاد، ولا فرق بين الإيجاد والوجود إلا بالاعتبار.

فلو تعدد الجعل تعدد الوجود، فلو لم يكن جعل واحد متعلّقاً بالنوع،
بل كانت ثلاثة جعول، أحدها متعلق بالجنس، والثاني بالفصل، والثالث
بالنوع.

فيلزم أن يكون للجنس وجود، وللفصل وجود آخر، وللنوع وجود ثالث، لاختلاف الجعل، وحينئذٍ يلزم أن لا يصح حمل الجنس والفصل على النوع؛ لأن مناط الحمل وحدة الوجود، والوجود هاهنا أختلف، فلا يصح الحمل.

ولو قلنا أن الجعل يتعلّق بالوجود، فالنوع وجوده واحد، وتعلّق به جعل واحد، وحينئذٍ يصح الحمل، فالجعل واحد، وتعدده دائر مدار الوجود، وليس دائراً مدار
 

 

على القول المرضـي. فمنها قولي(89) (ولي على) القول (الذي هو اختياري
أن لازم المهية(90) اعتباري). وإنما كان اعتباريـاً(91) لأنه يلزمها بما هي
هي مع قطع النظر عن الوجودين، حتى لو فرض(92) أن الماهية تكون
متقـرّرة منفكّة عن كافة الوجودات، لكان لازماً لها. والماهية بهذا
الاعتبار(93) اعتباري بالاتفاق، فما يلزمها كذلك أولى بالاعتبارية(94).

الماهية، فيعلم أنه تعلّق بالوجود لا بالماهية، إذ لو كان متعلّقاً بالماهية لتعدد بتعددها، إذ التابع يتعدد بتعدد متبوعه، وهذا الدليل هو الذي اشار إليه في الحاشية([344]).

(89) وهو مبني على ثلاث مقدمات:

الأولى: أن لازم الماهية اعتباري، كما سيبرهن عليه في أثناء هذا الدليل.

الثانية: أن كل معلول لازم لعلته التي هي ما منها، لا ما بها([345]).

الثالثة: أن الماهية من حيث هي اعتبارية، على القول بالأصالة، وعلى القول بعدم أصالتها، وإلا لزم القول بالثابتات الأزلية، والذين يقولون بالأصالة إنما يقولون في الماهية الموجودة.

(90) هذه هي المقدّمة الأولى للدليل.

(91) هذا دليل على المقدّمة الأولى.

(92) كما قال به المعتزلة من الماهيات ثابتة أزلاً([346])، فلازمها لابد وأن يكون ثابتاً أزلاً.

(93) أي باعتبار قطع النظر عن الوجودين.

(94) لبداهة أن غير الاعتباري ليس بلازم للاعتباري، فثبت أن لازم الماهية اعتباري محض.

(وكل معلول(95) لذيه) - أي لصاحبه وهو العلة؛ وهذا من قبيل(96) قوله: إنما يعرف ذا الفضل من الناس ذووه- (قد لزم) لاستحالة انفكاك المعلول عن العلة.

(95) هذه مقدّمة ثانية للدليل.

(96) هذا دفع إشكال وحاصله: أن (ذو) إنما تضاف لاسم الجنس الظاهر، كقولنا (ذو مال) فكيف هاهنا أضفتها إلى الضمير، فأجاب أن هذا جائز في الضـرورة وأتى عليه بشاهد في العربية([347]).

فإذا تمهد هاتان المقدّمتان(97) (ففي سوى(98) المعلول الأول(99))
 

وهو قول الشاعر([348]):

إنما يعرف ذا الفضل
ج

 

من الناس ذَوُوه
 

(97) الأولى: لازم الماهية اعتباري. الثانية: كل معلول لازم لعلّته.

(98) وحاصل الدليل بعد المقدّمتين: أنه لو تعلّق الجعل بالماهية، لزم أن يكون كل ما في العالم ما عدا العقل الأول اعتبارياً محضاً، إذ أن الله خلق العقل الأول وجعله علّة لباقي الاشياء الكونية، فلو تعلّق جعله بماهية العقل الأول، فحينئذٍ ماهيته بنفسها هي العلّة لما في الكون، الذي أودع فيه الله عز وجل تلك الخاصية، أعني العلّية لما عداه هو مخلوقه، ومخلوقه هو ماهيته لا وجوده، فما في العالم معلول لماهية العقل الأول من حيث هي هي، والماهية من حيث هي هي اعتبارية كما تقدّم باتفاق الفريقين، وما في العالم لازم لها؛ لأنه معلول لها، ولازم الاعتباري اعتباري، فكل من في العالم ما سوى العقل الأول اعتباري، أما العقل الأول فهو ليس باعتباري؛ لأنه معلول للواجب، وقد بيّنا انه لا ماهية له، بل الحق أن ماهيته عين إنيته، فهو ليس معلولاً لماهيته من حيث هي، بل هو معلول للوجود البحت، ولازم له، وليس الوجود اعتبارياً.

(99) من المخلوقات الكونية، والمراد بالمعلول الأول، هو العقل الأول الذي هو علّة لباقي الأشياء.

 


للجاعل الحق(100) والقيوم المطلق (حتم) ولزم (من قول الإشـراق) - وهو مجعولية الماهية- (انتزاعيتها) أي انتزاعية ذلك السوي(101) لأن الكل(102) لازم الماهية المعلول الأول، إذا المفروض(103) أن ما هو الصادر بالذات والأصل في التحقق في المعلول الأول هو الماهية.

وما سواه معلول ولازم لماهيته. وحينئذٍ فالمحذور لازم(104).

واستثناء(105) المعلول الأول لأنه لازم الوجود الخارجي(106)
 

(100) أعنـي الله عز وجل والجار والمجرور متعلّق بالمعلول الأول.

(101) فيه اشارة إلى أن الضمير في انتزاعيتها عائد إلى السوى، وأنّثه؛ لأن فيه الف المقصورة، كذا ذكر الاستاذ.

(102) الذي هو ما سوى المعلول الأول، هذا تعليل إلى كون لازم قول الاشـراقي([349]) اعتبارية الكل.

(103) إذ قد مر في أول مبحث أصالة الوجود، أن المُحَقَق أما الوجود وأما الماهية، وإذا كان الوجود اعتبارياً عندهم؛ فليس المحقق عند الجعل في المعلول الأول، لا الماهية وهي التي أودع فيها العلية إلى ما سواها، ولا الوجود لأنه اعتباري محض، ولازم أن يكون المتحقق من الله عز وجل .

إذ أن الله عز وجل إنما يودع في مخلوقه ومجعوله شـيئاً، لا في غير مجعوله، ولا الماهية الموجودة؛ لأنه يلزم أن لا يكون المجعول هو نفس الماهية، لدخل الوجود في العلية حينئذٍ لما عداه، والله عز وجل إنما أفاض العلية على ماهية الصادر الأول؛ لأنها هي المخلوقة له بالذات كما يدعي الإشـراقي، والوجود حينئذٍ اعتباري فليس مخلوقاً له تعالى، فلا يدع فيه تلك الخصوصية.

(104) وهو اعتبارية ما سوى المعلول الأول، فلا يكون شيء موجوداً في العالم.

 (105) هذا جواب سؤال مقدر وهو: أن المعلول الأول لِمَ لم يكن اعتبارياً أيضاً. فأجاب بما ترى.

(106) أعني وجود واجب الوجود، فهو ليس معلولاً، ولا لازماً لأمر اعتباري، حتى يلزم أن يكون اعتبارياً.

واشكل على هذا الدليل بثلاثة إشكالات:

الأول: ان هذا الدليل انما الزم الخصم بانه على قوله يكون جميع ما في العالم - ما عدا العقل الأول - اعتبارياً، وهذا لا بأس به، كيف وقد ذهب إليه العرفاء والمحققون، قال قائلهم([350]):

كل ما في الكون وهم أو خيـال
 

 

أو عكوس في المرايا أو ضلال
 

وقد قيل: ليس في الدير إلا الديّار.

والجواب: أن الاعتبار والوهم والخيال الذي في ألسنة العرفاء، يطلق على العالم غير الاعتباري، الذي الزمنا به الخصم، وسيجيء تفصيل ذلك.

وأشكل ثانياً: أنه ليس يلزم الخصم كون ما سوى المعلول الأول انتزاعياً، إذ ليست ماهيته باعتبار ذاتها، ومن حيث هي هي علّة لما سواها، إذ الماهية بهذا الاعتبار لا تقتضـي شيئاً، بل إنما هي علّة لما سواها من حيث هي موجودة في الخارج، فلم تكون الاشياء لازمة للاعتباري، كذا قرره بعض المحشين. كأني بهذا المحشـي([351]) لم يراجع حاشية المصنف على هذا الدليل، فإنه عند مراجعتها يظهر الجواب منها، وحاصل ما ذكره: أن الماهية لما كانت هي المجعولة، فالعلية لما سواها مودعة فيها نفسها؛ لأن الوجود اعتباري حينئذٍ، وهو غير مجعول بالذات حتى تودع فيه العلية، وإن أردت معرفة الجواب عن هذا الإشكال مفصّلاً، فراجع الحاشية المتقدّمة على قوله (إذ المفروض المذكور)([352]) في هذا الجواب، فإنه يظهر لك الجواب فيها بأحسن ما يرام.

فإن الواجب تعالى ماهيته إنيته. (وأيضاً)(107) على المختار (انسلاب سنخيتها)

الإشكال الثالث: وهو لأستاذنا السيد السند والركن المعتمد السيد حسن البنبي([353])، وحاصله: أن لازم الماهية فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: للمعتزلة، وهو اللازم لها في حال للعدم وحال الوجود.

والثاني: هو اللازم للماهية في حال الوجودين الذهني أو الخارجي، لا أنه لازم لها في حال العدم، إذ هي ليست موجودة.

والثالث: أنه لازم لها في حال الوجودين، على نحو يكون الوجودان شـرطاً للزوم.

والمصنف لم يختر المذهب الأول، إذ لم يقل بالثابتات الأزلية، وحينئذٍ فأي من المذهبين الأخيرين أختاره في لازم الماهية، تكون الماهية غير اعتبارية على رأي الخصم، إذ الماهية في حال الوجود تكون اصيلة على رأي الخصم، لا أنها اعتبارية، فمعلولها ليس اعتبارياً.

والحاصل: أن الاستاذ يردّ المصنف بإبطال هذه المقدّمة وهي: أن لازم الماهية اعتباري؛ لأنها هي من حيث هي هي اعتبارية.

وحاصل ردّه: ان الماهية عند اللزوم ليست اعتبارية على رأي الخصم؛ لأنها أصيلة في حال الوجود، إلا اللهم أن يضم إليه مقدّمة ويقال: أن الخصم يقول بكون لازم الماهية إعتبارياً كما صنع صدر المتألهين([354])، فيكون الدليل إلزامياً. فأفهم وتعقّل.

ثمّ قال نحن إنما ننتقد دليله على المقدّمة الاولى، والا فالمقدمة الاولى صحيحـة اذ هو مسلّم ان لوازم الماهية اعتباري، اذ ليس له وجود خاص، والا كان لازم الوجود، فهو من الخارج المحمول لا المحمول بالضميمة، وهو اعتباري، اذ ليس له وجود خاص، بل ]هو متنزع من الماهية دائماً[.

(107) هذا دليل ثاني على المدّعى، وهو مبني على مقدّمة واحدة وهي: أنه لابدّ من السنخية بين العلة والمعلول، والدليل على ذاك نقلي وعقلي([355]).

أما النقلي: فقد قال الله تعالى: [قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ]([356])، وقال بعض العرفاء: (الشـيء لا يكون أثر ضده)([357]).

وأما العقلي: فهو أن فاقد الشـيء لا يعطيه، وإلا لزم اجتماع النقيضين؛
لأنه مقتضـى فقدانه أنه لا يعطيه، ومقتضـى اعطائه أنه يعطيه، فهو يعطيه ولا يعطيه، وأيضاً لولا السنخية لزم الترجيح بلا مرجح في جعل ذاك علّة لهذا دون
هذا، والسنخية بين العلة والمعلول هي كالسنخية بين الفيء وذي الفيء، في أنه
بخروج هذا الفيء منه لا ينقـص شـيء منه، ولا برجوع إليه يزيد فيه شـيء، أو كالنور بالنسبة لشعاع الشمس، وليست السنخية بين العلة والمعلول كالسنخية
بين البحر وقطرته، فإن السنخية بينهما تقتضـي زيادة البحر، وإن كانت غير محسوسة عند رجوع القطرة إليه، ونقصانه، وإن كان غير محسوس عند أخذها منه، وتسمّى (توليد) بخلاف العلة، فإنها لا تنقص ولا تزيد عند أخذ المعلول منها، أو رجوعه إليها.

فإذا عرفت هذا فلابد أن يكون علّة الوجود هو الوجود، وعلّة الماهية هي الماهية وعلة العدم هو العدم.

فإذا عرفت هذا فنقول: لو كان الجعل متعلقاً بالماهية؛ لأنه يلزم أن يكون الوجود اعتبارياً والماهية هي الاصل، وقد ]بيّنا أنّ[ الواجب الوجود - وهو العلة - وجود محض، فلا تكون سنخية بين المعلول وعلته. وقوله (وأيضاً منها) أي منه الأدلة على المدعى المختار.

أي سنخية الماهيات (كالفي‏ء للشـيء)(108) لا كالندي(109) من البحر، فإنه توليد(110) تعالى عند ذلك(111) (لواهب الصور)(112) متعلق بسنخيتها (حيث) تعليلي(113) (انتفى المهية عنه) سبحانه (ظهر) سابقاً(114).

ومعلول الوجود وجود، وعلّة الماهية ماهية؛ فالماهية
لا تصلح للمجعولية، والاتصاف(115) حاله معلومة(116)


 

(108) فإنه لا ينقصه إذ خرج منه ولا يزيد إذا رجع إليه، وكذا العلّة بالنسبة إلى المعلول.

(109) أي القطرة، فإنه يزيده إذا رجع إليه، وينقص إذا خرج منه.

(110) أي فإنه الندى بالنسبة إلى البحر توليد، والله عز وجل لا توليد فيه، فليست نسبته إلى الماهية نسبة توليدية، بل أنه نسبة سنخية.

(111) لأنه يلزم نقصانه عند خروج المعلول وزيادته عند رجوعه له، فيلزم إفتقاره إلى المعلول، وإذا بين الله عز وجل وبين الماهيات نسبة توليدية، فليست السنخية بينهما توليدية، بل سنخية فيئيّة.

(112) وهو الله عز وجل وحيث أن السنخية منسلبة بين الله عز وجل والماهيات، فكيف تكون مجعولة له، وهو جاعل لها وعلّة لها، مع اشتراط السنخية بين العلة والمعلول.

(113) أي أنها حيثية تعليلية، وهي علّة إلى كون السنخية منسلبة بين العلة والمعلول، وحاصل الدليل أي بين الماهيات، والله عز وجل لا سنخية، لما قد ظهر أن الله عز وجل ماهيته عين وجوده، فلا يكون الله عز وجل علّة للماهيات، بل للوجودات؛ لأنه هو وجود فالسنخية موجودة حينئذٍ.

(114) في بحث أن ماهيته عين إنّيته.

(115) كأنه جواب سؤال مقدّر، وهو أن هذه الأدلة التي ذكرتها إنما تنفي مجعولية الماهية، ولا تنفي مجعولية الإتصاف، حتى يثبت مطلوبك من أن الوجود مجعول، فإجاب بأن الاتصاف... الخ.

(116) مما سبق عند ذكر قول المشائين، من أن القول به سخيف؛ لأنه أمر نسبي انتزاعي.

 

فبقي الوجود(117).ومنها (مثل انسلاب كونها)(118) أي كون الماهية (مرتبطة)
 

(117) هذا جواب شـرط مقدّر، مفهوم من الكلام تقديره، وإذ بطل القول بمجعولية الماهية والقول بمجعولية الاتصاف، تعيّن القول بمجعولية الوجود، إذ لا شـيء قابل للجعل غير هذه الثلاثة، وإذ بطل الثاني تعيّن الثالث.

(118) هذا دليل ثالث على مدعاه، هذا الدليل مبني على مقدمتين ينبغي
إحرازهما:

الأولى: أن ما بالعرض لابد وأن ينتهي إلى ما بالذات، والدليل عليها: أن اتصاف الشـيء بوصفٍ، أما أن يكون ذاتياً له أو لا يكون، فإذا كان ذاتياً فهو ليس
بعرض- ونحن كلامنا في الشـيء الذي يكون بالعرض- وإن لم يكن ذاتياً له فهو سارٍ له من شـيء آخر، إذ لو لم يكن ذاتياً له حتّى يتّصف به؛ فلابد أن يكون سارياً له من شـيء آخر، وحينئذٍ إن كان عارضاً لشـيء آخر، فهو سارياً له من شـيء ثالث، وهلم جرا، فلابد أن ينتهي إلى شيء يكون ذلك الوصف ذاتياً له.

الثانية: أن معرفة كون هذا الوصف بالذات لهذا الشـيء، أن الشـيء بدونه ليس هو، أي يعدم بدونه، ولا يتصور بدونه، كالإنسان بالنسبة إلى الحيوان والناطق، فإنه بدونهما ليس بإنسان، وليس المتصور الإنسان يمكن تصوره بدونهما، ومع قطع النظر عنهما، وإلا فالمتصور ليس بإنسان، ومتى أمكن تصور هذا الشـيء بالكُنْهِ بدونه، فيعلم أنه ليس بالذات له، مثلاً يمكن تصور الإنسان بالكُنْهِ وليس يتصور معه الكتابة، فالكتابة بالعرض، وهي لابد وأن تنتهي إلى ما بالذات يكون كتابة، وهو الكتابة، فإنها كتابة بالذات، ومن هنا قيل إن الجنس ]عرض له الفصل[؛ لأنه يمكن تصوره بدونه، وكذا الفصل بالنسبة له، فإن الحيوان وصف النطق له بالعرض، إذ يمكن تصوره بكنهه بدونه، وهو ينتهي إلى ما بالذات وهو النطق، وكذا وصف الحيوان بالنسبة له.

فإذا عرفت هذا فنقول: أن صفة الجعل لا يمكن أن تكون بالذات إلى الماهية، إذ قد يمكن تصورها بكنهها، مع قطع النظر عن الوجود والإيجاد والمجعولية والجعل، فلو كانت صفة الجعل لها بالذات، لما أمكن تصورها مع قطع النظر عنه، فلا أن يكون صفة الجعل هي بالذات للوجود، إذ الاتصاف قد علم حاله بأنه أمر انتزاعي، فلا
 

 

بالجاعل، حيث تلاحظ من حيث هي(119) مع قطع النظر عن الوجود فكيف
عن الإيجاد(120) والارتباط؟ (و) الحال أن (ذات مجعول)
بالذات(121) (به) أي بالارتباط إلى الجاعل (مشترطة)(122)


 

يمكن تعلّق الجعل به، كيف والوجود لا يمكن تصوره إلا بتصور الجاعل وهو الله عز وجل ، إذا حين التدلي من الجاعل، و]كونها[ متقوّمة بالجاعل، ومرتبطة به، لا يمكن تعقلها إلا به، فالجعل والمجعولية صفة ذاتية له، فالوجود هو المجعول بالذات، والماهية بالعرض.

(119) إذ ويشهد بذلك ملاحظتنا بعض الماهيات، بدون الالتفات إلى وجودها،
بل قد تتنازع في وجودها، فلو كان الوجود والمجعولية ذاتية لها، لكان
بمجرد تصورها؛ حكمنا بوجودها ومجعوليتها، كما عند تصورنا للإنسان نحكم بحيوانيته.

(120) أي الجعل ظاهر، عبارته أنه إذا لم يتصور الوجود مع الماهية، فالطريق الأول عدم تصور الإيجاد معها، أي الإنجعال، وذلك واضح؛ لأن الفرق بين الإيجاد والوجود، والانجعال والجعل، إنما هو اعتباري، فالإيجاد والانجعال باعتبار ملاحظة الفعل مع الفاعل، والجعل والوجود اعتبار ملاحظته مع المنفعل. فإذا كانت الماهية يمكن تصورها بدون الوجود والجعل، فبالطريق الأولى بدون الانجعال والإيجاد؛ لأنه ملحوظ مع الفاعل، وذلك ملحوظ معها.

(121) لا المجعول بالعرض.

(122) أي لا يمكن تعقّلها بدون تعقل الارتباط والمجعولية، الماهية ليست كذلك، بخلاف الوجود في الممكنات، لا يمكن تعقله بدون تعقل الارتباط والمجعولية، بل هو عين الارتباط والتدلي الخاص، فكيف يمكن تعقّل الشيء بدون نفسه.

وقد أشكلت على الاستاذ: بأن الطبيعيين يتعقلون وجود الشـيء بدون تعقل الارتباط.

وأجاب: بأنهم جاهلون بالجهل المركب، وكأنه يريد أنهم لم يتعقّلوا الوجود بالكُنْه، نعم لو تعقّلوه بالكنه بطور الفناء، لرأوه عين الارتباط بالجاعل.

 

بل يكون عين الارتبـاط(123) الحقيقي(124).

(123) أي يكون المجعول عين الارتباط([358])، والماهية ليست كذلك لِما بيّنا، فليست هي مجعولة، والاتصاف حاله معلوم، فيبقى الوجود، وذلك لأن المجعول بالذات أما أن يكون الارتباط بالجاعل عارضاً له، وذلك باطل؛ لأنه لم يكن حينئذٍ له تعلّق بالذات بالجاعل، بل أجنبي عنه، فلا يكون مجعولاً بالذات، وهو خلاف الفرض. وأما أن
يكون مركّباً من الارتباط بالذات مع شـيء آخر، وهذا أيضاً باطل؛ لأن الشـيء الآخر حينئذٍ مجعولٌ بالذات، إذ حينئذٍ يكون اجنبياً عن الجاعل، فلم يكن ما فرض مجعولاً بالذات مجعولاً بالذات بأجمعه، وأما أن يكون عين الارتباط، وهو
المطلوب.

(124) إعلم أن الارتباط الخارجي يسمّى (الارتباط الحقيقي) والارتباط المفهومي أي مفهوم الارتباط يسمّى (الارتباط المصدري) كما أن الوجود الخارجي يسمّى (الوجود الحقيقي) ومفهوم الوجود يسمّى (الوجود المصدري) والمصنف هنا اراد أن يبين أن المجعول بالذات يكون عين الارتباط الخارجي، لا عين الارتباط المصدري.

 

الفريدة الثانية

في الوجوب والإمكان


 

 [18]

غرر في المواد الثلاث

إنَّ الوجودَ رابـِطٌ ورابطِـيْ 
 

 

ثُمَّتَ نَفْسِيٌ فَهاكَ وَاضْبطِ
 

لأنّه في نفسهِ أَوْ لا ومَـا 
 

 

في نفسِه إمّا لِنَفْسِهِ سَما
 

أو غيرهِ والحقّ نَحْـوَ أَيْسِهِ 
 

 

في نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ بِنَفْسِهِ
 

قَدْ كانَ ذا الجهات في الأذهانِ 
 

 

وُجُوْبَ إمتناعٍ أو إمكانِ
 

وَهْيَ غَنِيَّةٌ عن الحُـدُودِ 
 

 

ذاتُ تَأَسٍّ فيهِ بالوُجُـوْدِ
 


 

في الوجوب والإمكان

[18]

غرر في المواد الثلاث(1)

(إن الوجود(2) رابط)
 

لم يذكر الامتناع مع أنه من المواد الثلاثة؛ لأنه لا يقع البحث عن الامتناع في مسائل الحكمة، وذلك لأن علم الحكمة إنما يبحث عن حال الموجودات، والامتناع ليس من حال الموجودات، بل هو من حال المعدومات، نعم يتعرض له استطراداً لتتميم الفائدة، كما أن العدم يتعرض له في مبحث الوجود استطراداً([359]).

(1) وهي الوجوب والإمكان والامتناع، وسمّيت مواداً لأنها تكون مادة للقضايا([360]).

(2) صدّر البحث عن المواد بتقسيم الوجود، لأنه عوارض للوجود، وقدّ قيل أنها كيفيات له([361]).

وحاصل هذا التقسيم - حتى يتضح لديك مطلب المصنف - أن الوجود على قسمين:

]القسم[ الأول الرابط: ويسمّى (الوجود الرابطي) ووجود الشـيء في غيره، وهو ثبوت الشـيء شيئاً، أي ثبوت شـيء لشـيء، وهو الوجود المقيّد المحمول في القضية، وهو الواقع في جواب هل المركّبة، ولذا القضية المشتملة عليه تسمّى (هليّة مركّبة) كقولنا (الإنسان كاتباً) فإن معناه الإنسان يوجد كاتباً، وتوجد الكتابة مرتبطة به، وهو مع النسبة الحكمية بحسب المورد والاجتماع لا بحسب الصدق بينهما عموم وخصوص مطلق، والعموم في جانب النسبة الحكمية؛ وذلك لوجود النسبة الحكمية في القضية السالبة، إذ لا ينكر وجود النسبة الحكمية فيها، وإنما اختلفوا في أنّها ]هي[ النسبة الإيجابية أم لا، مع أنه لم يكن وجود رابطي هنا إذ لم يكن ثبوت شـيء لشـيء، وكذا في (الهليّة البسيطة) التي يكون المحمول فيها هو الوجود المطلق كقولنا (الإنسان موجود) و(البياض موجود) فإنه وجدت فيها النسبة الحكمية، ومع ذلك ليس هناك وجودٌ رابط، إذ لم يكن فيها ثبوت شـيء لشـيء، بل ثبوت الشـيء فقط كما سيجيء تحقيق ذلك في القاعدة الفرعية، وكلّما كان الوجود الرابطي؛ كانت النسبة الحكمية.

وأما النسبة بينهما بحسب الصدق، فزعم الاستاذ أنه يظهر من كلام بعض المحققين([362]) ومن كلمات المصنف، أنه بحسب الصدق بينهما عموم وخصوص مطلقٌ أيضاً، والعموم في جانب النسبة الحكمية أيضاً، كـ(الحيوان) للإنسان، مستدلين على ذلك أنه ليس في القضية إلا الموضوع والمحمول والنسبة، والموضوع ليس هو الوجود الرابط، وكذا المحمول، فيتعيّن أن تكون النسبة هي الوجود الرابط.

والاستاذ زعم أن بينهما تبايناً بحسب الصدق، إذ ان الوجود الرابط هو هو ذلك الارتباط، والوجود الخارجي بين المحمول والموضوع، فهو مرتبة من الخارج، والخارج لا يوجد في الذهن، فلهذا لا يمكن إفادته بلفظ، إذ الألفاظ إنما تخطر المعاني في الذهن، وهذا لا يوجد في الذهن؛ لأنه مرتبة من الخارج، فبوجوده ينقلب الذهن خارجاً. نعم له مفهوم عنواني يوجد ببعض الألفاظ الدالة عليه، كالوجود الحقيقي، فإنه لا يمكن وجوده في الذهن كما تقدّم، مفهوم عنواني يوجد في الذهن ببعض الألفاظ، كلفظ الوجود والثبوت والأيس وهست بالفارسية، وأما النسبة الحكمية: هي تلك الصورة الذهنية التي هي عبارة عن الجزم، ولا توجد في الخارج، وهي مرتبة من الذهن، وبعبارة أوضح أن النسبة الحكمية حاكية عن الوجود الرابط، فالفرق بينها كالفرق بين الحاكي والمحكي، فهما متباينان، كذا قرّره الاستاذ.

وأقول: بعد البناء على أن الوجود الرابط هو ذلك الارتباط الخارجي، والنسبة الحكمية هي تلك الصورة الذهنية، التي هي جزء من القضيّة العقلية، فيكون بينهما عموم وخصوص من وجه بحسب المورد والاجتماع، لا من مطلق؛ لتحقّق الوجود الرابط بدون النسبة الحكمية في صورة لو ثبت شـيء لشـيء، ولم يعتقد أحد ثبوته له في هذه الصورة، فالنسبة الحكمية لم تكن موجودة، بخلاف الوجود الرابط فإنه موجود.

والقسم الثاني، ويسمّى (الوجود المحمول) ووجود الشـيء في نفسه، وهو الذي يقع في جواب هل البسيطة، ولذا سمّيت القضية المشتملة عليه (هليّة بسيطة) وهو عبارة عن الوجود المطلق المحمول في القضية، وهو عبارة عن ثبوت الشـيء فقط، كقولنا (الإنسان موجود) و(البياض موجود) والنسبة بينه وبين النسبة الحكمية؛ كالنسبة بين الوجود الرابط وبينها مورداً ومصداقاً، وهو على قسمين:

الأول: نفسـي، وهو ثبوت الـشيء في نفسه لنفسه، لا للمحل، كوجود الجواهر التي هي غير حالّة في محل، كالهيولى والعقل والجسم، وهو على قسمين أيضاً:

الأول: ثبوت الشـيء في نفسه لنفسه بنفسه، وهو وجود الواجب، فإنه ثبوت وجود في نفسه لا في غيره، وحالاً في غيره كالوجود الرابط، ولنفسه لا لغيره كوجود الاعراض، وبنفسه لا بغيره إذْ لم يكن الله عز وجل  خالق، تعالى عن ذلك علواً كبيرا.

والثاني: ثبوت الشـيء ووجوده في نفسه لنفسه بغيره، كوجود الجواهر التي لم تحل في محل كالعقل والجسم، فإن وجودها في أنفسها ]ليس[ منتشـراً في غيرها، كالرابط، فإنه منتشـر في الموضوع والمحمول، ولذا قيل هو كالمعنى الحرفي، وكذا لنفسها لا لغيرها كوجود الأعراض، فإن وجودها لموضوعاتها، وكذا كان بغيرها؛ لأن وجودها بالله عز وجل .

الثاني: من تقسيم الوجود المحمول يسمّى بـ(الرابطي) وهو ثبوت الشيء ووجوده في نفسه لغيره بغيره، وهو وجود الجواهر المحتاجة إلى محل، كالصورة بالنسبة إلى الهيولى، ووجود الأعراض، فإنه وجود في نفسه، إذ ليس منتشـراً في الموضوع
 

 

أي ثبوت الشـيء شيئاً (ورابطي(3) ثمّت نفسـي(4) - قد يلحق(5) التاء المتحركة بـ(ثمّ) العاطفة، ومنه قوله: (فمضيت ثمّت قلت لا يعنيني)-
والمعنى المشترك بين الرابطي والنفسـي(6) ثبوت الشـي‏ء. (فهاك) أي خذ (واضبط

والمحمول، إذ العقل يتصور لها ماهية مستقلة غير ملحوظ معها شـيء، كماهية السواد والبياض، ثمّ يثبت لها الوجود من دون ملاحظة شـيء آخر.

وأيضاً لغيره، إذ وجودها كان للمَحال، والموضوعات التي حلّت فيها، ليس
لأنفسها وملكها.

وأيضاً بغيره، إذ وجودها كان بالله عز وجل .

فالرابطي اسم لوجود الشيء في نفسه لغيره بغيره، واسم للوجود الرابط، ولذا قدّ يطلق ويراد به الرابط، وقدّ يطلق ويراد به المعنى الثاني. فتعقّل وتدبّر فيما ذكرنا تفهم مراد المصنف.

(3) أراد به ثبوت الشـيء في نفسه لغيره بغيره كما تقدّم.

(4) وهو وجود الشـيء في نفسه لنفسه، سواء كان بنفسه أو بغيره، فهو ذكر ثلاثة اقسام للوجود.

(5) هذا دفع اشكال: وهو أنه ما وجه لحوق التاء بثمَّ العاطفة([363])، مع أنه غير مسموح. فأجاب: بأنه مسموح لحوقها بها. وقوله (ثمّت) أي وقلت.

(6) والمذكوران في المتن في مقابل الرابط هو ثبوت الشـيء، والمعنى الذاتي يختلفان فيه، هو أن الرابطي ثبوت الشـيء لغيره بغيره، والنفسـي ثبوت الشـيء بنفسه مطلقاً، سواء كان بنفسه أو بغيره([364]).

لأنه) أي الوجود(7) مطلقاً، إما أن يكون وجوداً (في نفسه) ويقال له:
الوجود المحمولي(8) وهو مفاد كان التامة المتحقّق في الهليّات البسيطة (أو)
يكون وجوداً (لا) في نفسه(9) وهو مفاد كان الناقصة المتحقق في الهليات المركّبة،ويقال له في المشهور الوجود الرابطي.والأولى على ما في المتن،أن يسمّى بالوجود الرّابط على ما اصطلح عليه السيد المحقق الداماد في الأفق المبين، وصدر المتألهين  قدس سره  في الأسفار، ليفرق بينه وبين وجود الأعراض(10) حيث أطلقوا عليه الوجود الرابطي(11). وقول المحقق اللاهيجي(12) في بعض

 

(7) هذا شروع في الاستدلال على تقسيم الوجود إلى هذه الأقسام الثلاثة المذكورة في المتن.

(8) وهو الذي ينقسم إلى الرابطي والنفسـي المذكورين في المتن.

(9) وهو الرابط المذكور في المتن.

(10) ووجود الجواهر الحالّة في محل كالصورة، فإنه يسمّى وجودها رابطي أيضاً.

(11) وإنما خصّ صدر المتألهين([365]) واستاذه الداماد([366])، وجود الاعراض بالرابطي والأول بالرابط، ولم يعكسوا؛ لأن ثبوت شـيء لشـيء هو ربطه به، ولكن وجود الاعراض- حيث إنه عرض عليه الارتباط لا بنفسه- ارتباط وربط، لذا سمّي (رابطي).

(12) غرضه الإشكال عليه([367])، حيث جعل هو وجود الاعراض مفاد كان الناقصة، والحالة أن وجودها الرابطي الذي هو قسم من المحمولي، والمحمولي هو مفاد
كان التامة، فوجودها مفاد كان التامة لا الناقصة، نعم الرابط هو مفاد كان
الناقصة.

تأليفاته(13) إن وجود العرض مفاد كان الناقصة وهم(14) لأنّه محمولي(15)
يقع في هليّة البسيطة(16) كقـولك البياض موجود(17)

 

(13) وهو حاشيته على القوشجي([368]) في تعريف العرض والجوهر.

(14) هذا خبر قوله (وقول اللاهيجي).

(15) أي لأن وجود الاعراض محمول، والمحمول كما تقدّم مفاد كان التامة لا الناقصة.

(16) ومفاد كان الناقصة لا يقع في الهليّة البسيطة، بل يقع في الهليّة المركّبة.

(17) هذا تعليل إلى كون وجود الاعراض محمولاً، يقع في الهلية البسيطة؛ لأن الوجود

بخلاف مفاد كان الناقصة، أعني الرابط، فإنه دائماً ربط بين الشيئين(18) لا ينسلخ عن هذا الشأن(19). (وما) أي وجود(20) (في نفسه، إما لنفسه) كوجود الجواهر(21) (سما) - إمّا مؤكد(22) بالنون الخفيفة أو ماض، بمعنى علا- (أو غيره) يعني أو وجود في نفسه لغيره(23) كوجود العرض(24) حيث يقال(25): وجود العرض في نفسه عين وجوده لغيره(26).

فله وجود في نفسه(27) لكونه محمولاً، وله ماهية تامة ملحوظة(28)
 

المحمول هو الوجود الذي يقع محمولاً، كما أن الهليّة البسيطة هي محمولها الوجود المطلق، وها هنا كان الفرض الوجود المنسوب إليه محمول ومفاد الهلية البسيطة؛ لأنه لم يقيّد بشـيء، بل كان مطلقاً.

(18) فلا يكون محمولاً، ولا مفاد الهلية البسيطة.

(19) أي الربط بين الشيئين؛ لأنه كما تقدّم ثبوت شـيء لشـيء.

(20) لما فرغ من تقسيم الوجود إلى ما في نفسه، وإلى ما لا في نفسه، أخذ الآن في تقسيم الوجود الذي في نفسه، ولذا قال (وما في نفسه).

(21) التي هي غير حالّة في محل، فوجود الصورة وإن كان وجوداً جوهرياً إلاّ أنه لا يقال له وجود لنفسه، بل يقال له وجود لغيره.

(22) فيكون حينئذٍ فعل أمر مأخوذاً من الاسم، أي الوجود في نفسه إِمّا سميّه وجود لنفسه، وإِما سميّه وجود لغيره.

(23) اشار إلى أن (أو غيره) في المتن، عطف على (لنفسه)، ولذا ادخل عليها اللام.

(24) وكوجود الصور، وهو الذي يسمّى بالرابطي.

(25) هذا تعليل إلى كون وجود العرض وجوداً في نفسه.

(26) مصداقٌّ وهوية، وإن اختلفا بالاعتبار، فإن وجوده لنفسه باعتبار أن ماهيته أمر ملحوظ بالذات لا بالغير، فالوجود يثبت لها في نفسها، وباعتبار إن وجوده قائم في الموضوع خارجاً، فالوجود لغيره.

(27) وإلا لما قيل وجود العرض في نفسه.

(28) فإن البياض يلحظ بذاته، فهذا دليل ثانٍ على أن العرض له وجود في نفسه.

بالذات(29) في العقل، ولكن ذلك الوجود(30) في غيره(31) لأنه في الخارج نعت للموضوع(32). ثمّ النفسـي(33) قسمان، أن الوجود في نفسه لنفسه إما بغيره، كوجود الجوهر(34) فإنه ممكن معلول، وإما بنفسه وهو وجود الحق تعالى كما قلنا: (والحق) جل شأنه (نحو أيسه) أي وجوده (في نفسه) لا كالرابطّ، حيث إنه وجود لا في نفسه(35) (لنفسه) لا كالرّابطي(36) فإنه في نفسه لغيره(37) (بنفسه) لا كوجود الجوهر فإنه، وإن كان لنفسه، لكن ليس بنفسه(38).

وجعل العرض(39) موجوداً في نفسه لغيره، والجوهر موجودا في نفسه
 

(29) وكلّ ما كان كذلك يثبت له الوجود في نفسه؛ لا في غيره. نعم لو كانت الماهية ملحوظة في الغير، ثبت لها الوجود في غيرها؛ لأن الوجود تابع للماهية، إذ هما متحدان هوية، وعارض لها في الذهن.

(30) أي وجود العرض.

(31) إلا (وفي) هنا بمعنى اللام، وإلا لزم التناقض؛ لأنّه قال فيما تقوّم وجود، والعرض في نفسه، فكيف يقول هاهنا في غيره.

(32) أي للمعروض، وليس وجوده إلا وجود الموضوع، ومتقوّم به.

(33) بعدما قسّم الوجود في نفسه: إلى الذي لنفسه ويسمّى بـ(النفسـي)، وإلى الذي لغيره ويسمّى بـ(الرابطي)، شـرَع في التقسيم النفسـي: إلى ما يكون موجود بنفسه وهو (الحقّ تعالى)، وإلى ما يكون بغيره وهو (وجود الجواهر) التي لم تحلّ في محل.

(34) الذي لم يحل في محل.

(35) بل هو كالمعنى الحرفي، لقيامه بالموضوع والمحمول.

(36) كوجود الاعراض.

(37) وهو المعروض.

(38) بل بوجود الله عز وجل .

(39) هذا اشكال ودفعه.

أما الإشكال: فهو أنكم زعمتم أن وجود الاعراض ووجود الجواهر وجود
في نفسه، وليس بالوجود الرابط، والحال قدّ حقّق، بل قد تقدّم أن وجود ما سوى

 

لنفسه بغيره، لا ينافي ما حقق في موضعه من أن وجود ما سوى الواحد الأحد رابط محض، لأن ما ذكر هاهنا أنما هو فيما بين الممكنات أنفسها(40) وإلا فالكل روابط صـرفة(41) لا نفسيّة(42) لها بالنسبة إليه(43). إن هي إلا تمويهات(44) وتماثيل،

الله عز وجل رابط محضّ، وهل هذا إلا هو عين الخبط والخلط.وأجيب عن هذا الإشكال بثلاثة أجوبة:

الأول: هو المذكور في الكتاب وحاصله: أن جعل العرض موجوداً بنفسه وكذا الجوهر، بالنسبة إلى دائرة الممكنات، لا بالنسبة إلى الواجب.

الثاني: مذكور في الحاشية([369]) وحاصله: أن جعل العرض موجوداً بنفسه وكذا الجوهر، بالنسبة إلى القابل، أي المحل القابل لها، واطلاق الرابط على وجودها بالنسبة إلى الجاعل والفاعل؛ أعني الله سبحانه وتعالى.

والثالث: ذكره استاذنا وهو، أن الوجود الرابط الذي جعل مقابلاً للوجود
في نفسه- المذكور في مقام التقسيم- هو غير الوجود الرابط الذي يطلق على ما سوى الله عز وجل ، فإن معناهما مختلف، فالوجود الرابط المذكور في التقسيم المراد به
ثبوت شـيء لشـيء، والوجود الرابط الذي يطلق على سائر الممكنات المراد به
أن وجودها هو وجود الجاعل، وليس غيره إلا وهم وباطل. فبين المعنيين فرق عظيم.

(40) فإن قلت: لو كان بين الممكنات فلا معنى لاشتمال التقسيم على الوجود في نفسه لنفسه بنفسه، الذي هو وجود الواجب.

والجواب: أنه لم يرد ان التقسيم كان فيما بين الممكنات حتّى يرد الإشكال، بل اراد أن جعل وجود العرض والجواهر في نفسه، إنما هو بالملاحظة للممكنات.

(41) بالنسبة الله عز وجل .

(42) أي وجود مستقل.

(43) أي إلى الواحد الأحدّ.

(44) أي خلاف ما نراه، وخيالات بحتة، وصور محضة، ولو اطلعت على الواقع لم
 

وبأنفسها أعدام(45) وأباطيل.

(قد كان)(46) أي الوجود مطلقا(47) (ذا الجهات) أي صاحب
 

تجد شـيء سوى الله تعالى([370]).

(45) هذا عطف تفسير.

(46) لما قسّم الوجود إلى قسمين: محمولي وهو مفاد الهلية البسيطة، ورابط وهو مفاد الهلية المركّبة، أخذ في ذكر الجهات والمواد الثلاثة، فذكر الذي هو محطّ البحث.

(47) سواء كان محمولياً ]ام[ رابطاً، هو يكون صاحب الجهات، فوجود زيد ووجود زيد كاتب هو صاحب جهة الإمكان، ومعنى كون الوجود ذا الجهات؛ بمعنى أنه عند حمله وعند ربطه للموضوع بالمحمول تحدث نسبة، تلك النسبة مكيّفة بأحد هذه الجهات، وكذا عند العدم، سواء جعل محمولاً كقولنا (زيد معدوم)، أو رابطة كقولنا (زيد معدوم عنه الكتابة)، حينئذٍ أيضاً تتولّد الجهات الثلاثة للنسبة التي حصلت.

واعلم أن هذه الامور الثلاثة المتولّدة عند الوجود وعند العدم بالنسبة إلى نفس الأمر تسمّى (مواد)([371]) وبالنسبة إلى الذهن - بمعنى تكون لها صورة في الذهن كما تكون صورة للموضوع والمحمول - فتلك الصورة تسمّى (جهة).

فالحاصل عند حمل الوجود وعند ربطه تتولّد نسبة، ولابدّ فيها من تلك المواد، فهذا هو معنى كون الوجود ذا الجهات، وإنما خصّ الوجود بالذكر؛ لأن العدم لا يبحث عنه في الحكمة المتعالية.

وهذا اشارة إلى أن الجهات - عند أهل الحكمة المتعالية - تكون كيفيات للنسبة الحاصلة عند الوجود المحمولي([372]) وعند الوجود الرابط، فليس فرق عندهم بينها كما

الجهات - وهو خبر كان (في الأذهان) هذا إشارة إلى أنها في الخارج مواد(48) وفي الأذهان جهات(49) - (وجوب) بالجر بدل من الجهات، لا بالرفع، ليتوافق الرويّان(50) و(امتناع أو إمكان)(51) كلمة أو للتنويع(52). (وهي) أي الجهات (غنيّة عن الحدود) لكون معانيها مما ترتسم في النفس ارتساماً أولياً(53).

هي عند المنطقيين، فالاصطلاحان متحدان. خلافاً لصاحب المواقف([373]) حيث أدعى أن الإمكان مطلق. والوجوب والامتناع عند المنطقيين كيفيات للنسبة مطلقاً، وعند أهل الحكمة كيفيات للنسبة في الهلية البسيطة، لا في الهلية المركّبة.

فهذه عبارة المصنف ردا ًعليه، وينبغي أن يفهم أنها عند الحكمة كيفيات لمطلق النسبة، ولكن المبحوث عنه فيها هو كونها كيفيات للنسبة في الهلية البسيطة.

(48) أراد بالخارج نفس الأمر، وإلا فهي اعتبارية لا وجود لها في الخارج.

(49) بينهما تباين، إذ الجهات مرتبة الحكاية، والمواد مرتبة المحكي عنه، كما بين النسبة والوجود الرابط كما تقدّم.

والألفاظ الدالة عليها أيضاً تسمّى (جهات) وإنما ذكروا تسميتها بالنسبة إلى نفس الامر وإلى الذهن، ولم يذكروها بالنسبة إلى اللفظ؛ لأن الحكماء إنما يبحثون عن الوجود الخارجي والوجود الذهني، دون الوجود اللفظي والوجود الكتبي.

(50) لأنه إذا قرأ وجوب بالرفع على ألفها؛ خبر إلى مبتدأ تقديره هي وجوب...الخ. حينئذٍ الإمكان يقرأ بالرفع، فلا يتوافق الرويان؛ لأن روي الصور أعني في الاذهان مجرور، وروي العجز اعني والإمكان مرفوع، فيلزم أن يتخالف الرويان في الاعراب، ومن شأنهما التوافق.

(51) اعلم أن كيفية الوجوب تدل على وثاقة الربط في طرف الثبوت، والامتناع على وثاقته في طرف العدم، والامكان على ضعف الربط.

(52) فهي بمعنى الواو.

(53) فهي لا تحتاج إلى كسب حتّى إن الاطفال يفهمون معانيها، وهي موجودة في اذهانهم، فهم يعلمون أن الصعود إلى السماء لا يمكن، وهذا الامر ممكن، وهذا
 

فمن أراد أن يعرّفها تعريفاً حقيقياً لا لفظياً، لم يأت إلا بتعريفات دورية؛ مثل أن الواجب ما يلزم من فرض عدمه محال، والممكن ما لا يلزم من فرض وجوده وعدمه محال، والممتنع ما ليس بممكن(54) أو ما يجب أن لا يكون(55) وغير ذلك(56). فهي (ذات تأس فيه) أي صاحبة اقتداء في الغناء عن التحديد (بالوجود).

الشـيء يجب وجوده كامتثال أمر والده، فهي معانيها موجودة في أذهانهم، حتّى أدعى الاستاذ أن معانيها موجودة في أذهان الحيوانات.

(54) فمعرفة الممتنع كانت متوقفة على معرفة الممكن، وكانت معرفة الممكن متوقفة على معرفة الممتنع، لأخذه في تعريفه، حيث عرّفه كما تقدّم: بأنه ما لا يلزم من فرض وجوده وعدمه محال، والمحال هو الممتنع لا غيره.

(55) فهاهنا توقف معرفة الممتنع على الوجوب، وقد تقدّم أن الواجب ما يلزم من فرض عدمه ]محال[، فحينئذٍ فهو متوقف معرفته على معرفة الممتنع؛ لأن المحال هو الممتنع.

(56) كما عرف الوجوب بامتناع الانفكاك، والامتناع بعدم الإمكان، والامكان بعدم الوجوب، وكذا يعرف كل منهما بسلب الآخرين، فيقال الوجوب سلب الإمكان والامتناع. واعلم أنّ الحكم بأنها بديهية المعنى بدهي، لإمكان العلم بها.

 

 [19]

غرر في أنها اعتبارية

وُجُودُها في العَقْـلِ بالتَّعَمّـلِ 
 

 

للصِّدقِ في المعدومِ والتَّسَلْسُلِ
 

ما صَحَّ أنْ لَوْ لَمْ تَكُنْ مُحَصَّلَـةْ
 

 

إمكانُهُ لا كانَ لا إمكانَ لَهْ
 

وأنه رَفْعُ النقيضَيْـنِ لَزِمْ
 

 

وَالواجبُ عَنْهُ الوجُوبُ يَنْحَسِـمْ
 


 

 [19]

غرر في أنها اعتبارية

(وجودها) أي وجود الجهات(1) التي هي كيفيّات النسب(2) (في العقل
 

(1) أراد بها المواد الثلاثة، واطلاق الجهات لا يخلو من تسامح، إذ ان المواد توصف بأنها جهات لا ينكر كونها في العقل، فلا وجود لها في الخارج، وإنما النزاع([374]) في أنها توصف أنها مواد، هل هي موجودة في الخارج أو اعتبارية، ولذا قلنا أراد المواد.

(2) كنسبة الزوجية إلى الأربعة نسبة الوجوب، ونسبة الحجرية للإنسان هي الامتناع، والكتابة إلى الإنسان أمكان، والجهات التي عند المنطقي ترجع إليها، فالضـرورة ترجع للوجوب والدوام، والفعلية ترجع إلى الإمكان.

من هذه العبارة يستفاد أمران:

الأول: دليل على اعتبارية المواد؛ حيث هي صفات للنسب، والنسب اعتبارية، فهي أولى بالاعتبار؛ لأنها سبك اعتبار من اعتبار، ولا يمكن أن تكون خارجية؛ لأنه يلزم تحقق الصفة بدون الموصوف في الخارج، إذ هي صفات للنسب، والنسب ليست خارجية، فكذا هي ليست خارجية.

الثاني: أن الوجوب الحقيقي الذي ]هو[ عبارة عن شدّة الوجود، فإنه عين ذاته، وهو خارجي، وليس كيفية للنسب، فهو ليس من المواد، نعم الوجوب الذي هو
 

بالتعمّل)(3) لا في الخارج لوجوه: منها قولنا (للصدق في المعدوم) فإن
المعدوم الممتنع ممتنع الوجود وواجب العدم، والمعدوم الممكن ممكن
الوجود والعدم واتصاف المعدوم بالصفات(4) الوجودية العينية(5)
محال. ومنها قولنا (والتسلسل). بيانه أنه، لو كان هذه الكيفيّات
متحققّة في الأعيان، لكانت مشاركة لغيرها في الوجود،
ومتميزة عنها بالخصوصيات(6) فوجودها غير ماهياتها(7)

 

كيفية لنسبة الوجود إليه ذاك هو من المواد. 

(3) بمعنى أن العقل يحلل هذا الشـيء الخارجي إلى ماهية ووجود، ونسبة وكيفية، وكذا في صورة العدم، يحلل الشـيء إلى ماهية وعدم، ونسبة وكيفية، ففي نفس الأمر هناك شـيء واحد، العقل يحلّله إلى كيفية ومادة وغيرها، فهي امور يعتبرها العقل.

(4) لأن وجود الصفة خارجاً يستدعي وجود الموصوف؛ لاستحالة قيام الصفة بدون الموصوف، فلابد أن تكون صفات عدمية.

فإن قلت: هذا الدليل أخصّ من المدعى؛ لأن غاية ما يثبت على أنها غير خارجية عند جعلها صفة للمعدوم وكيفيات النسبة إليه، وعند جعلها صفة للموجود وكيفيات للنسبة إليه فلا.

قلنا: هذا الدليل يحتاج إلى ضم مقدّمة له حتّى يتم، وهي أن هذه المواد بالمعاني التّي تكون بها صفة للموجود، تكون صفة للمعدوم، فهي إذا كانت اعتبارية في شـيء، فلابد في الباقي أن تكون أيضاً كذلك.

(5) أي الخارجية لا اعتبارية.

(6) وإلا لكانت وجود بحت لا يشوبه تحديد، وليس كذلك غير الله عز وجل ، فهي لابدّ وأن تكون ممتازة عن غيرها بالخصوصيات، وهي ماهياتها؛ لأنه لو كانت وجوداً لزم المحذور الأول، وهي أن تكون وجوداً بحتاً، فلابد أن تكون هي ماهياتها، وهي الإمكانية والامتناعية والوجوبية.

(7) أما لكون ما به الامتياز غير ما به الاشتراك، أو لأنه لو كانت ماهياتها عين وجودها لزم المحذور المتقدّم، وهو أن ليس هناك غير الواجب ماهيته عين أنيته.

فاتصاف ماهياتها(8) بوجودها لا يخلو عن أحد هذه، ويتسلسل.

ثمّ أشـرنا إلى بطلان متمسكات القائلين بأنها أمور خارجية، بقولنا (ما) نافية (صحّ أن لو لم تكن)(9) الجهة سوى الامتناع(10) إذ لم يذهب أحد
إلى ثبوتيته(11) (محصّلة)(12) لزم من عدمية(13) المجموع مجموع المحذورات

 

(8) أي ماهيات المواد بوجودها، أي نسبة وجودها إلى ماهيات مكيّفة بأحدى هذه الكيفيات، وتلك الكيفية أن كانت خارجية فهي موجودة، فنسبة الوجود إليها تحتاج إلى كيفية وهلم جرا.

وهذه الكيفيات بينها ترتب، الأولى مقدمة على الثانية؛ لأن الثانية وصف لها، فلذا قال يلزم التسلسل، أما إذا كانت اعتبارية فالتسلسل ليس باطلاً في الاعتباريات؛ لأنه ينقطع بانقطاع الاعتبار.

(9) نفي النفي اثبات، والمعنى ما صح ان كانت محصّلاً كذا.

(10) فهذه أدلة على كون الوجوب والإمكان خارجيين فقط.

(11) إذ هو صفة للمعدوم.

(12) أي موجودة في الخارج.

(13) هذا دفع إشكال([375])، وحاصل الإشكال: أن قولك لو لم تكن الجهات محصّلة وموجودة في الخارج عدمت، وإن الثلاثة المذكورة ظاهرة في أن كل واحدة إذا عدمت من الجهات؛ أن يلزم المحذورات الثلاثة على عدميتها، مع أنه لعدمية الوجوب شـيء ليس يلزم هذا الشـيء لعدمية الإمكان. فأجاب عن هذا الإشكال: بأنه المراد لزم لعدمية مجموع الإمكان والوجوب مجموع هذه المحذورات على نحو التوزيع، بأن يقال المحذور الأول لازم على عدمية الإمكان، المحذور الثالث لازم
 

الثلاثة المذكورة في البيتين أو كل واحد(14)
من الثلاثة بأن يكون الخصوصية(15) حيث وقعت على سبيل التمثيل(16).

أحدها(17) أنه حينئذٍ(18) قولنا: (إمكانه لا(19)
 

لعدمية الوجوب، المحذور الثاني لازم لعدمية كل من الإمكان والوجوب، وهذا نظير ركب القوم دوابهم، بأنه على سبيل التوزيع، أي كل واحد منهم ركب دابته، فلا إشكال.

أو بأنه المراد لزم لعدمية مجموع الاثنين بلا اختصاص بواحد، بحيث هذه المحذورات الثلاثة تترتب على كل واحدة من عدمية الإمكان والوجوب، بأن نجريها في عدمية كل واحد، بأن نسقط خصوصية ما كان منها مختصاً بعدمية واحد دون واحد، ونجعل ذكر الخصوصية على سبيل التمثيل؛ لأن كل واحد من هذه المحذورات - التي ظاهراً مختصة في عدمية شـيء دون آخر - يمكن أن تجعل جارية في عدمية الآخر، كما سنجريها لك عند ذكرها.

(14) هذا عطف على مجموع المحذورات.

(15) التي تستدعي إختصاصه بعدمية واحد دون آخر، وهي لفظ الإمكان في المحذور الأول، فإنه يستدعي إختصاصه بعدمية الإمكان، ولفظ الوجوب في المحذور الثالث، فإنه أيضاً يستدعي إختصاصه بعدمية الوجوب، بخلاف المحذور الثالث، فإنه مشترك بينهما.

(16) فيكون جارياً في كلّيها.

(17) هذا دليل على كون الإمكان ثبوتياً وخارجياً، استدل به الشيخ أبو علي إبن سينا([376]).

(18) أي حيث كونها غير محصّلة.

(19) حاصل هذا الدليل: أنه إذا قلنا الإمكان ليس ثابتاً لهذا الشـيء في الخارج كما يدعي الخصم([377])، ولا محصّل، يكون عين قولنا لا إمكان لهذا الشيء.

كان) عين(20) قـولنا (لا إمكان لـه) إذ لا ميّز في الأعـدام(21).
فيلزم(22) أن لا يكون الممكن ممكنا. هذا خلف. ووجه البطلان(23)

 

بيان الملازمة: أنه إذا لم يكن الإمكان ثابتاً لشـيء، فليس له إمكان؛ لأن الأعدام لا تمايز بينها، فإذا لم يكن ثابتاً الإمكان فهو معدوم عنه، وإذا لم يكن له إمكان فهو معدوم عنه، فصار قول الخصم لا إمكان لهذا الشـيء، والتالي - أعني عدم الإمكان لهذ الشـيء - باطل، للزوم الانقلاب من الإمكان لغيره، والانقلاب باطل؛ لأنه سيجيء أن الشـيء إذا ثبتت له هذه المواد، فلا يمكن انقلابها عنه، فالممكن لا يمكن أن يكون غير ممكن، فالمقدّم وهو كون الإمكان ليس بمحصّل أيضاً باطل، الدليل بنفسه قابل لأن يجري في الوجوب أيضاً، بأن قولنا الوجوب ليس بثابت، عين قولنا لا وجوب له، إذ لا ميّز في الأعدام، فيلزم أن لا يكون الواجب واجباً. فقوله إمكانه لا، أي إمكان الشـيء لا محصل ولا ثابت، وإنما حذف مدخول (لا) لوضوحه للاختصار، فهم بدل أن يقولوا إمكانه ليس ثابتاً، قالوا إمكان لا.

(20) اسم كان، ضمير عائد إلى قولنا السابق.

(21) هذا دليل على كون قولنا عين هذا القول، وقد ذكرنا سابقاً وجه الاستدلال به، وهو إذا كان الإمكان ليس بثابت فهو معدوم، ولا إمكان، معناه أن الإمكان معدوم عنه، فكلاهما عدمان، ولا ميّز في الاعدام([378])، فاذا ميّز بين شيئين كان أحدهما عين الآخر، فالإمكان ليس ثابتاً مع لا إمكان له، شـيء واحد، واحدهما عين الآخر.

(22) أي على الخصم أن يكون الممكن ليس له إمكان؛ لأنه يدعي أن إمكانه ليس ثابتاً، الذي هو عين لا إمكان له، فتنحل دعواه إلى أنه لا إمكان للممكن.

(23) هذا هو الدليل وحاصله: أن هناك فرقاً بينهما، فإن معنى قولنا الإمكان ليس
 

أن الإمكان حينئذٍ(24) هو الأمر العدمي، ونفي الإمكان هو رفع هذا
الشـيء العدمي، والشـيء مطلقا(25) ورفعه متناقضان(26) والأعدام باعتبار(27)
ما يضاف إليها متمايزة. كما مر. (و) ثانيها: (أنه رفع النقيضين لزم) لأنه إذا
كان الوجوب والإمكان عدميين، واللاوجوب واللاإمكان أيضا عدميان(28) وكون النقيضين عدميين هو معنى ارتفاعهما، يلزم المحذور(29). ووجه
البطلان أولاً النقض، بالعمى واللاعمى(30) وثانياً الحل(31) فإن معنى ارتفاع النقيضين في المفردات عدم صدقهما على شـي‏ء، بأن لا يصدق الوجوب

 

بثابت، أن الإمكان أمر عدمي، ومعنى قولنا لا إمكان له، أن ذلك الأمر العدمي ليس بثابت، وهذا نظير قوله العمى ليس بثابت له، ولا عمى له، والشـيء مطلقاً سواء كان ثابتاً أو معدوماً مع عدمه متناقضان، فيكون الفرق بينهما هو الفرق بين المتناقضين؛ لأن احدهما كان رفعاً للثاني.

(24) أي حين كونه ليس ثابتاً.

(25) وجودياً كان أو عدمياً.

(26) فالفرق بينهما هو الفرق بين المتناقضين.

(27) هذا وعلى تلك المقدّمة التي استدل بها على العينية، فالإمكان لا - أي ليس ثابتاً- مضاف إلى الخارج، لا معناه إمكان لا ثابت في الخارج، فهو منسوب هذا الامر العدمي إلى الخارج، وفي الثاني المضاف إليه هو نفس الإمكان؛ لأن أتصلت به.

(28) لصدقهما على الممتنع والوجود لا يصدق على المعدوم.

(29) وهو ارتفاع النقيضين، وهذا جواب، إذن فهذا الدليل مشترك بين الوجوب والإمكان، وليس مختصراً بأحدهما.

(30) فإنهما كلاهما عدمان وبينهما التناقض.

(31) وحاصله: أن التناقض بين القضايا يستدعي عدم تحقق احدهما، وتحقق الآخر، فارتفاعهما إنما يكون إذا كانا عدمين غير متحققين في الخارج، كما أن إجتماعهما تحققها في الخارج ووجودهما فيه، أما تناقض المفردات فهو إنما يستدعي صدق أحدهما بدون الآخر، فارتفاعهما إذا لم يصدق أحدهما على هذا الشـيء لا كونهما عدمين، كما أن إجتماعهما هو صدقهما معاً على هذا الشـيء، والتناقض بين
 

واللاوجوب مثلاً على شـي‏ء، لا عدميّتهما في أنفسهما(32). (و) ثالثها:(33) أنه حينئذٍ(34) (الواجب عنه) أي عن الواجب (الوجوب ينحسم) أي ينقطع ويزول. بيانه: أن الوجوب، إذا كان اعتبارياً، لزم أن لا يكون الواجب واجباً إلا عند اعتبار العقل، وعند عدمه لم يكن وجوب(35).
ووجه البطلان النقض بالامتناع، بل بالشيئية(36). والحل(37)
الإمكان واللاإمكان، وكذا الوجوب، إنما هو تناقض المفردات، فعدميتهما لا توجب ارتفاعهما.

(32) فكونهما عدمين لا يوجب ارتفاعهما كما يدعي الخصم.

(33) هذا دليل لكون الوجوب ثابتاً خارجاً، وقابلاً أجرائه في الممكن.

(34) أي حين كون المواد التي منها الوجوب اعتبارية.

(35) أي وعند عدم اعتبار العقل لم يكن وجوب، فيلزم عند عدم العقل لا وجوب، إذ لا اعتبار حينئذٍ، مع أنه واجب على كل حال، مضافاً إلى أن الانقلاب مستحيل في حق المواد الثلاثة، فلا يمكن أن يكون الواجب ليس بواجب، وهذا الدليل يمكن أن يجري في الممكن، بأن يقال: أنه حينئذٍ الممكن عن الإمكان ينقطع، فيلزم الانقلاب.

(36) والخصم، وهم المتكلمون([379])، ]قالوا[ بأن الامتناع أمر اعتباري، وكذا الشيئية والشـيء يتصف بهما، وإن كان العقل لم يعتبره فيها.

(37) حاصل هذا الجواب بأن نقول: الوجوب أمر اعتباري يتصف به الواجب في الخارج، ولا يلزم من عدم اعتبار العقل عدم وجوده؛ لأنه أمر يتصف به في الخارج، فهو يوجد بوجود مبدأ الاتصاف به في الخارج، ولا يلزم من الاتصاف به في الخارج وجوده في الخارج، نعم يلزم وجود موصوفه فيه، ولذا قيل: ثبوت شـيء لشـيء فرع لثبوت المثبت له([380])، ولم يقل فرع لثبوت المثبت، نظير ذلك العمى، فإن الاعمى يتصف به في الخارج، فهو عند عدم اعتبار العقل له أيضاً متصف بالعمى، مع أنه اعتباري، وليس بموجود في الخارج.

بـأن اتصـاف الذات بصفة في ظرف(38) لا يقتضـي ثبوت تلك الصفة فيه، مع أن الكلام(39) أنما هو في الوجوب الذي هو كيف النسبة(40).

(38) المراد به هو الخارج.

(39) هذا الجواب إنما يكون على تقدير تخصيص الدليل بالوجوب، بخلاف الاجوبة الأولى، فإنها تصلح للجواب ولو على تقدير اشتراكه، وأيضاً هذا الجواب
على تقدير أراده الخصم، بوجوب الواجب الوجوب الحقيقي، كما هو المتبادر
عند اطلاق وجوب الواجب في السنتهم، أما إذا أراد الوجوب الذي هو كيفية
لنسبة الوجود إليه، فلا يرد هذا عليه أيضاً، ولم أرَ من حقق هذا الجواب بهذا التحقيق.

(40) بين الموضوع والمحمول، وليس كلامنا في الوجوب الحقيقي الذي هو خارجي ليس باعتباري، إذ هو عين شدة الوجود، وقوله والمرتبة العليا منه وهي عين الواجب تعالى، فبون بعيد بينهما، فلا يصح النقض به والإشكال على الخصم به، لما بينه وبين الوجوب - الذي هو من الكيفيات - بعد المشـرق والمغرب.

 

 [20]

غرر في بيان أقسام كل واحد من المواد الثلاث

وَكُلُّ واحدٍ لَدى الأكياسِ
 

 

بالذاتِ والغَيْرِ وبالقِيـاسِ
 

إلاّ في الاِمْكان فغَيْريٌّ سُلِبْ
 

 

فَلَيْسَ ما بالذّاتِ مِنْهـا يَنْقَلِبْ
 

ما بالقياسِ كالمُضَـايفَـيْنِ
 

 

ثَمَّةَ كالمفروضِ واجِبَيْنِ
 


 

 [20]

غرر في بيان أقسام كل واحد من المواد الثلاث

(وكل واحد) من الوجوب والإمكان والامتناع (لدى الأكياس بالذات والغير) أي وبالغير (وبالقياس). فيحصل من ضـرب ثلاثة في ثلاثة(1)، تسعة مثل الوجوب بالذات، والوجوب بالغير، والوجوب بالقياس إلى الغير؛ وقس عليه الباقي(2).

(إلا في الإمكان فغيري) أي الإمكان بالغير (سلب) من أقسامه(3). فبقي الأقسام(4) المتحققة ثمانية.

(فليس ما بالذات منها) أي من كل واحدة من هذه المواد(5)
 

(1) أي من ضـرب المواد الثلاثة في هذه الامور الثلاثة، أعنى ما بالذات ما بالغير ما بالقياس، وسيجيء تفسير كل واحد منها.

(2) من الامكان والامتناع، فإمكان بالذات، وإمكان بالغير، وإمكان بالقياس إلى الغير، وكذا الامتناع.

(3) أي من اقسام الإمكان الثلاثة سلب الإمكان بالغير، أي يمتنع أن يكون إمكان بالغير.

(4) التي هي للمواد.

(5) وهو ثلاثة:

الأول: وجوب بالذات، وهو أن يكون الشـيء ضـروري الوجوب في نفسه بنفسه.

والثاني: الإمكان بالذات، هو عدم ضـرورة الشـيء وامتناعه في نفسه.

والثالث: الامتناع بالذات، وهو أن يكون الشـيء ضـروري عدم وجوده في نفسه بنفسه.

فهذه المواد الذاتية يستحيل انقلاب بعضها إلى بعض، فلا يكون الإمكان الذاتي وجوباً ذاتياً، بخلاف ما بالغير أو بالقياس إلى الغير فإنه ينقلب، فالشـيء قدّ يكون واجباً بالغير إذا وجدت علّته، وينقلب إلى الامتناع بالغير إذا عدمت علته، والشـيء قد يكون واجباً بالقياس إلى وجود مضايفه، وينقلب - إذا عدم مضايفه- إلى
 

(ينقلب) إلى الأخرى(6). ذكر هذه المسألة(7) بالفاء المفيدة للسببية للإشعار بدليل امتناع الإمكان بالغير(8) إذ لو كان الشـيء ممكناً بالغير فإما أن يكون في حدّ ذاته واجباً أو ممتنعاً أو ممكناً،إذ القسمة إلى الثلاثة(9) على سبيل الانفصال(10)
 

الامتناع بالقياس إليه.

إن قلت: ما معنى كونها ذاتية، والحالة أنها ليست جزء الذات.

قلت: أن الذاتي له معنيان، كما بيّنه المصنف في منطق المنظومة([381]):

أحدهما: الذاتي في باب الايساغوجي([382])، وهو غير الخارج عن الذات.

والثاني: هو الذاتي في كتاب البرهان، وهو ما انتزع من نفس الشـيء، والمواد المراد بها الذاتي بالمعنى الثاني.

(6) وإنما كان يستحيل الانقلاب في الذاتي من هذه المواد، لامتناع أن يزول بحسب الذات، ويصير الذات غير الذات، فالحيوان الناطق لا يصير حيواناً صامتاً.

(7) أي مسألة عدم انقلاب الذاتي، حيث قال فليس ما بالذات، وكأنه اشكال ودفعه، وحاصل الإشكال: أنه لا وجه لذكر الفاء هاهنا، مع أن هذه المسألة لا تعلّق لها بما تقدم.

(8) الذي قلنا أنه سلب من أقسام الإمكان، وبسببه صارت أقسام المواد ثمانية.

(9) أي الوجوب والامتناع والإمكان بحسب الذات.

(10) أي لا يجوز اجتماعها، ولا يجوز الخلو منها، وذلك لاستحالة أن يكون شـيء واجباً لذاته وممتنعاً لذاته، أو ممكناً لذاته، أو يكون ممتنعاً لذاته وممكناً لذاته.

إذ الوجوب بالذات هو الشـيء الواجب، الغير المفتقر إلى فاعل في نفسه بنفسه.

والامتناع هو الشـيء الضـروري العدم، الذي لا يقبل التأثير في ذاته بذاته.

والممكن هو الذي يقبل الوجود والعدم في ذاته.

الحقيقي فلا يجوز الخلو عنها(11). فعلى الأولين يلزم الانقلاب(12)
وعلى الأخير(13) يلزم أن يكون اعتبار الغير لغواً(14) ثمّ أشـرنا إلى أمثلة ما

 

ولا يمكن الخلو من واحد منها، إذ الشـيء في ذاته، إما يجب وجوده أو لا، والثاني إما يمتنع أو لا، والأول هو الواجب، والثاني هو الممتنع، والثالث هو الممكن. وكذا كل محمول بالنسبة إلى الموضوع، وليس مخصوصاً بالوجوب بالنسبة إلى الماهية، فالحيوانية بالنسبة إلى الإنسان؛ أما واجبة أو ممكنة أو ممتنعة.

(11) ولا يجوز اجتماعها، إنما ذكر خصوص امتناع الخلو عنها؛ لأنه هو الذي ينفع في المقام.

(12) أي إذا كان الممكن بالغير واجباً أو ممتنعاً، لزم الانقلاب؛ لأن كل ممكن بالغير ممكن بالذات؛ لأن الإمكان بالغير هو أن يكون الشـيء يسلب فيه ضـرورة الوجود وضـرورة العدم بسبب الغير، فهو ممكن بالذات؛ لأن الإمكان هو سلب الضـرورة عن الطرفين، فإذا صار الواجب أو الممتنع ممكناً بالغير، فقد صار ممكناً بالذات.

(13) أي إذا كان الممكن بالغير ممكناً بالذات.

(14) أي لن يكون هو المؤثر للإمكان في هذا الممكن بالذات لغواً، إذ يلزم توارد علتين على معلول واحد؛ لأن الذات تقتضـي الإمكان، والغير يقتضيه، فتواردت علّتان على معلول واحد، إذ لا تعدد في الإمكان، بل هو عبارة عن ذلك السلب([383]).

بالقياس من الثلاثة(15) بقولنا: (ما بالقياس) أي ما بالقياس من المجموع(16) كمجموع هذه الأمثلة(17) فقولنا (كالمضايفين)(18) مثال للواجب بالقياس إلى الغير(19) وللممتنع بالقياس إلى الغير(20).

فللأول(21) باعتبار وجودهما وللثاني باعتبار وجود أحدهما وعدم الآخر. وبالجملة المتضايفان وضعاً(22) ورفعاً(23) وجمعاً(24)
 

(15) أي من المواد الثلاثة.

(16) أي مجموع المواد الثلاثة.

(17) أتى بلفظ المجموع، والحال أنه ذكر مثالين، حيث إنه واحد من المثالين بمنزلة مثالين يصلح ان يكون مثالاً لقسمين مما بالقياس.

(18) وهما الأمران الوجوديان اللذان لا يعقل احدهما بدون الآخر([384]) كالأخوة كما سيجيء.

(19) لأنه وجود أحدهما لابد أن يوجد الآخر، فكل واحد واجب بالقياس إلى صاحبه، وسيجيء توضيح ذلك تفصيلاً.

(20) فإنه يمتنع وجود أحدهما عند عدم الآخر، فكل واحد ممتنع عند عدم الآخر، كما سيجيء تفصيل ذلك.

(21) فيقول كالمضايفين، مثال للواجب بالقياس باعتبار وجودهما، وقولنا كالمضايفين مثال للثاني، أي للممتنع بالقياس باعتبار وجود احدهما وعدم الآخر، وقد بيّنا ذلك.

(22) أي وجودهما، وهو مثال للواجب بالقياس، إذ كل واحد منهما واجب بالقياس إلى صاحبه.

(23) أي عدمهما، وهو مثال للواجب أيضاً، فإن عدم أحدهما واجب بالقياس إلى صاحبه.

(24) أي وجود أحدهما وعدم الآخر، وهو مثال للممتنع بالقياس، فإنه يمتنع وجود أحدهما بالقياس إلى عدم الآخر، كما أنه عدم أحدهما يمتنع بالقياس إلى وجود الآخر.

موضوع المثالين(25). وتلخيص المقام(26) أن الوجوب بالقياس إلى الغير
ضـرورة تحقق الشـيء(27) بالنظر إلى الغير، على سبيل الاستدعاء(28)
الأعمّ(29) من الاقتضاء، ويرجع(30) إلى أن الغير يأبى ذاته(31) إلا أن
يكون للشـيء ضـرورة الوجود سواء كان(32) باقتضاء ذاتي، كما في
الوجوب بالقياس المتحقق في المعلول بالنسبة إلى العلة، أو بحاجة ذاتية(33)
 كما في الوجوب بالقياس المتحقق في العلّة بالنظر إلى المعلول،

 

(25) أي عنوان يصلح لمثال الواجب بالقياس إلى الغير، ولمثال الممتنع ]بالقياس[ الى الغير.

(26) في بيان اقسام ما بالقياس من المواد وتفاسيرها.

(27) أي وجوب تحقّق الشـيء.

(28) أي أن الغير يستدعي وجوب وجود ذلك الشـيء، سواء كان بنحو الاقتضاء؛ لأنه علّة له أو بدون اقتضاء، كما في وجود العلة بالنسبة إلى المعلول، وإن وجود المعلول يستدعي وجود العلة، ولكن لا يقتضـي وجودها، فالعلّة واجبة بالقياس إلى المعلول.

(29) هذه صفة للاستدعاء، وقد بيّنا وجه عموم الاستدعاء من الاقتضاء، من أنه أينما وجد الاقتضاء وجد الاستدعاء بدون العكس، فالعلّة بالنسبة إلى المعلول تقتضيه وتستدعيه، والمعلول بالنسبة إليها يستدعيها ولا يقتضيها، فإنه يستحيل أن يوجد المعلول بدون العلة، فوجوده يستدعي وجودها.

(30) أي فيجعل الوجوب بالقياس إلى الغير.

(31) أي لم تقبل ذاته الغير، لا أن يكون للشـيء الواجب بالقياس إليه وجوب الوجود.

(32) أي إباء ذاته الغير، سواء كان بسبب اقتضاء ذاتي في ذات الغير، كما في الوجوب... الخ.

(33) أي إباء ذات الغير، لحاجة ذاته إلى ذلك الشـيء، بمعنى لا يوجد إلا بذلك الشـيء.

أو باستدعاء من الطرفين(34) بلا اقتضاء منهما ولا من أحدهما، كما في وجودي المتضايفين. فكل واحد منهما واجب بالقياس إلى الآخر، لا بالآخر(35) إذ لا علّية بين المتضايفين. فالوجوب بالقياس يجتمع مع الوجوب الذاتي(36) والغيري(37) وينفرد عنهما أيضاً(38). والامتناع بالقياس
إلى الغير ضـرورة عدم وجود الشـي‏ء بالنظر إلى الغير، بحسب الاستدعاء المطلق(39) كما في وجود المعلول بالنسبة إلى عدم العلّة(40)

 

(34) أي إباء ذات الغير بسبب استدعاء كل واحد من الغير، وذلك الشـيء وجود صاحبه.

(35) أي بسبب الآخر، على أن يكون علّة له.

(36) كما في العلّة، فإنها واجبة بذاتها وبالقياس إلى المعلول.

(37) كما في المعلول بالنسبة إلى العلة، فإنه واجب بالغير؛ لأنه مسبب وجوده عن العلة، وواجب بالقياس إلى الغير؛ لأن العلة تستدعي وجوده، فلا يمكن أن توجد بدونه.

(38) كما في المتضايفين([385])، فإن كل واحد منهما واجب بالقياس إلى غيره، إذ وجود احدهما يستدعي وجود الآخر، وليس أحدهما بالنسبة إلى الآخر واجباً بالغير، إذ ليس أحدهما علّة لصاحبه، ولا وجوب ذاتي فيهما؛ لأنهما دائماً معلولان لعلة ثالثة، وإلا لو كان أحدهما واجباً لكان الآخر واجباً؛ لأنه عند وجود ذلك يوجد صاحبه، ولو كانا كلاهما واجبين لزم تعدد الواجب، وهو باطل كما سيجيء.

(39) سواء كان بالاقتضاء الذاتي، أو بحاجة ذاتية، أو باستدعاء من الطرفين.

(40) هذا الاستدعاء باقتضـاء ذاتي، فإن ذات العلّـة يستدعي عدمهما امتناع وجود المعلول.

وعدمه بالنسبة إلى وجودها(41) وكما في وجود أحد المتضايفين(42) بالنسبة
إلى عدم الآخر، وعدمه بالنسبة إلى وجود الآخر. وهو أيضاً كسابقه(43) في العموم.

والإمكان بالقياس إلى الغير لا ضـرورة وجود الشـيء وعدمه بالنظر إلى الغير ويرجع إلى أن الغير لا يأبى عن وجوده(44) ولا عن عدمه حين ما يقاس إليه.

وهذا إنما يتحقق في الأشياء التي لا يكون بينها علاقة طبيعية(45)
من جهة العلّية والمعلوليّة أو الاتفاق في علّة واحـدة(46).

(41) هذا أيضاً مثال للاقتضاء بذات الغير، وهو العلة، وأما مثال الاستدعاء لحاجة في ذات الغير - كما في عدم العلة بالنسبة إلى وجود المعلول - فحيث إن ذات المعلول محتاجة لذات العلة، فكان عدمها ممتنعاً بالنسبة إلى وجوده.

(42) هذا مثال للاستدعاء بسبب استدعاء كل منهما صاحبه، لا بنحو العلية والمعلولية.

(43) أي والامتناع بالقياس إلى الغير، كسابقه وهو الوجوب بالقياس إلى الغير،
فكما أنه يجتمع مع الوجوب الذاتي والغيري، وينفرد عنهما، كذلك الامتناع بالقيـاس إلى الغير يجتمع مع الذاتي، كما في عدم العلّة بالنسبة إلى وجود المعلول، فإنه ممتنع بالذات، بالذات في الواجب تعالى في حدّ ذاته، وبالقياس إلى وجود المعلول أيضاً ممتنع، ويجتمع مع الامتناع بالغير كعدم المعلول بالنسبة إلى وجود علّته، فإنه ممتنع بسبب الغير، وهو وجود العلة، وممتنع بالقياس إلى الغير، فإن العلة تستدعي وجود المعلول، وينفرد عنهما في المتضايفين، فإن عدم كل منهما ممتنع بالنسبة إلى الغير.

(44) أي لا يمتنع عن وجود ذلك الشـيء.

(45) أي بحسب طبيعتهما وحقيقتهما.

(46) أي الاجتماع في علّة واحدة، كما في المتضايفين، قريبة كانت أو بعيدة. وبهذا يظهر عدم صحة التمثيل بناطقية الإنسان وماهيّة الحمار.

وإلى مثاله أشـرنا بقولنا (ثمت) - عاطفة(47) - (كالمفروض واجبين)(48) إذ لا علاقة لزومية اقتضائية(49) بينهما، وإلا لم يكونا أو أحدهما واجباً(50) هذا خلف فكل واحد منهما لا يأبى(51) عن وجود الآخر ولا عن عدمه. وهذا الفرض(52) له فوائد علميّة أخرى(53) كما في مسألة(54) نفي الأجزاء عن
 

(47) عاطفة على قوله كالمضايفين.

(48) أي كما لو فرضنا هناك واجبين، فإن كل واحد منهما ليس ضـروري الوجود، ولا عدمه بالنسبة إلى الآخر.

(49) أي تقتضـي لزوم المقدّم للتالي، سواء كانت ناشئة من كون احدهما علّة والثاني معلولاً، أو بالعكس، أو كونهما معلولين لعلة ثالثة([386]).

(50) أي وأن كانت بينهما علاقة لزومية اقتضائية، لم يكونا واجبين في صورة لو كانت العلاقة ناشئة مـن كونهما معلولين لعلة ثالثة، فإن الواجب لا يكون معلولاً لشـيء، وإلا لكان ممكناً، لان شأن الوجوب الاستغناء عن العلة - كما سيجيء - أو لم يكن أحدهم واجباً؛ في صورة لو كانت العلاقة ناشئة من كون أحدهم معلولاً والآخر علّة، فإن المعلول لم يكن واجباً لما قدّمنا.

(51) أي لا يمتنع عن وجود الآخر ولا عن عدمه، فلا ضـرورة لأحدهما بالقياس إلى الآخر، لا بحسب الوجود ولا بحسب العدم، وكذا مخلوقاتهما.

(52) هذا جواب سؤال مقدّر، كأن السائل يقول: لم خصصتم التمثيل بالممكن بالقياس إلى الغير بفرض الواجبين، لِمَ لم تمثّلوا له بالعلتين اللّتين لا يستدعي وجود أحدهما الأخر، أو بمعلول علتين كذلك؟.

فأجاب: بأن لهذا التمثيل فوائداً... الخ.

(53) غير فائدة التمثيل به للممكن بالقياس إلى الغير.

(54) وذلك بأن يقال: لو كان للواجب أجزاء([387])، فإما أن تكون ممكنة فيلزم احتياج الواجب إلى الممكن، وأما واجبات فلا علاقة بينهـا، إذ لا علّيـة ولا معلولية؛ لكونها
 

الواجب وغيرها(55).

واجبة بالذات، فتكون مستقلة، وصار الواجب أثنين لا واحداً مركباً، ففرض الواجبين أخذ في هذا الدليل أحد شقيه، وتمّ به.

(55) كما في رد الملاّ جلال لشيخ الاشـراق([388])، وذلك أن شيخ الاشراق أستدل على أنه ليس للواجب ماهية([389])، بأن الماهية لا تمنع عن كثرة الافراد، وكلّها واجبة لو كانت واجبة، وكلّها ممتنعة لو كانت ممتنعة، وكلّها ممكنة لو كانت ممكنة.

فلو كان للواجب ماهية، إمّا أن تكون ممكنة أو ممتنعة، وهو خلاف الفرض، إذ يكون ما فرضناه واجباً؛ ممتنعاً أو ممكناً، لما بيّناه.

وإن كانت ماهية الواجب واجبة، لزم أن تكون واجبات غير متناهية؛ لأن لكل ماهية أفراد غير متناهية، ولما كانت الماهية واجبة، كانت كلها واجبة.

والملاّ جلال الدواني فهم من هذا الدليل: أن مراد شيخ الإشـراق بعدم التناهي في الواجبات- على تقدير وجوب الماهية- أنه يريد التسلسل في الواجبات، فأشكل عليه: أن التسلسل هو ترتيب أمور، وعلى فرض كونها واجبات، فلا ترتيب بينها، إذ لا عليّة بينها، بل إمكان بالقياس.

وأشكل الملاّ صدرا على الملاّ جلال([390]): بأن مراد الشيخ لزوم عدم تناهي الواجبات، وهو باطل؛ لأنه ينافي أدلة التوحيد.

فكان في اشكال الملاّ جلال أخذ الفرض في تعدد الواجب، ورتّب عليه عدم التسلسل والإمكان بالقياس، فتمثيل الإمكان بالقياس بهذا الفرض، أوضح لنا كلام الملاّ جلال، ولو لم يمثل لنا به، لما فهمنا كيف بينها إمكان بالقياس، وأنه يستدعي عدم العليّة والمعلولية من الطرفين، حتّى لا يكون تسلسل([391]).

 

 [21]

غرر في أبحاث متعلقة بالإمكان بعضها بأصل الموضوع وبعضها باللواحق

عُرُوْضُ الاِمْكانِ بِتَحْلِيْلٍ وَقَعْ 
 

 

وَهْوَ مَعَ الغَيْريّ مِنْ ذَيْنِ اجْتَمَـعْ
 

وَقَدْ يُرادُ مِنْهُ في استِعْمـالِ            
 

 

العَمُّ والأَخَصُّ واستِقبالِيْ
 

قَدْ لَزِمَ الإمكانُ لِلْماهِـيَّةْ 
 

 

وَحاجَةُ المُمْكِنِ أوَّلِيَّـةْ
 

وَأَثَرُ الجَعْلِ وُجُوْدٌ ارتَبَـطْ
 

 

وَصِفَةُ التَّأثيرِ في العَقْلِ فَقَطْ
 

لا يَفْرُقُ الحُدوثُ والبقاءُ 
 

 

إذْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُمْكِنِ اقْتِضَـاءُ
 

وَإنَّما فاضَ اتّصالُ كَوْنِ شَيءْ
 

 

وَمَثَلُ المَجْعُولِ لِلشَّيءِ كَفي‏ء
 

قد كانَ الاِفتقارُ للإمكانِ
 

 

فَلْيُجْعَلِ القَديمُ بالزَّمـانِ
 

ضَرُوْرَةُ القضيةِ الفعليَّةْ 
 

 

لوازم الأول وَالماهِيَّةْ
 

ثم امتناعُ الشَّرْطِ بالمُعاندِ
 

 

والفَقْرُ حالة البقا شَواهدي
 

ليسَ الحدوثُ عِلّةً مِنْ رَأْسِهِ            
 

 

شَرْطاً ولا شَطْراً ولا بِنَفْسِهِ
 

وَكَيْفَ وَالْحُدُوْثُ كَيْفَ ما لَحِقْ            
 

 

لِلْفَقْرِ إذ عُدَّ المراتِبُ اتَّسَقْ
 

والعَدَمُ السابقُ كوناً لَيْسَ خَصْ            
 

 

بَدِيلَهُ نقيضَه دار الحِصَصْ
 

 

 

 

[21]

غرر في أبحاث متعلقة بالإمكان

بعضها بأصل الموضوع(1) وبعضها باللواحق(2)

فمنها قولنا (عروض الإمكان)(3) للماهية (بتحليل)
من العقل (وقع) حيث(4) يلاحظها من حيث هي مقطوعة النظر
عن اعتبار الوجود وعلّته والعدم وعلته، فيصفها بسلب الضـرورتين(5).

وأما عند اعتبارهما(6) فمحفوفة بالضـرورتين(7) أو الامتناعين(8).

(1) أي في نفس الإمكان وبيان معناه([392]).

(2) أي لواحق الإمكان، أي أحكامه.

(3) هذا بحث من اللواحق، وغرضه من ذكره أن يبين أنه جهة عروض الإمكان الذاتي للماهية.

(4) بيان إلى تحليل العقل.

(5) أي ضرورة العدم والوجود.

(6) فالماهية في حين كونها معروضة للإمكان الذاتي، معروضة للوجوب والإمتناع الغيري، ولكل منهما باعتبار.

(7) أي الوجوبين، سيجيء إن شاء الله تعالى أن للماهية وجوبين([393]) عند ملاحظتها مع الوجود:

الأول: ضـرورة سابقة، وهي التي يعبّر عنها بأن الشـيء ما لم يجب لم يوجد، وهي سابقة على وجودها، وإن كان عروضها بالنسبة إليه.

والثاني: ضـرورة لاحقة، وهي التي يعبّر عنها بالضـرورة بشـرط المحمول، وهي التي يثبت لها وجوب الوجود بعد الوجود، ولذا سميّت ضـرورة لاحقة.

(8) سيجيء إن شاء الله أن للماهية بالنسبة إلى العدم امتناعين بالغير، امتناع
 

ومنها قولنا: (وهو)(9) أي الإمكان الذاتي (مع الغيري من ذين)
أي الوجوب والامتناع (اجتمع)(10) بخلاف الذاتي منهما(11) مع
الغيري منهما. ولا منافاة(12) بين اقتضاء(13) من قبل ذات الممكن
للوجود والعدم واقتضاء(14) من قبل الغير(15) للوجود أو العدم. ومنها قولنا

 

سابق، وهو الذي يعبّر عنه أن الماهية ما لم تمتنع لم تعدم، وذلك أنه بعدم علّتها تمتنع الماهية، وامتناع لاحق وهو الامتناع بشـرط المحمول، فإنه بعد العدم فهي ممتنعة عن الوجود، وضـروري لها العدم.

(9) هذا أيضاً من اللواحق.

(10) ولكن كما قدمنا عروض كل منهما من جهة.

(11) أي من الوجوب والامتناع، فإنه لا يجتمع مع الغيري منهما، والصور هاهنا أربعة: امتناع ذاتي مع امتناع غيري. وجوب ذاتي مع وجوب غيري. امتناع ذاتي مع وجوب غيري. وجوب ذاتي مع امتناع غيري.

أما عدم صحة القسمين الأولين فللزوم اللغوية، وأما عدم صحة القسمين الأخيرين؛ فلأن الامتناع الذاتي يقتضـي عدم الوجود، والوجوب الغيري يقتضـي الوجود، وكذا الكلام في الوجوب الذاتي، فإنه يقتضـي الوجود الدائمي، والامتناع بالغير يقتضـي العدم، فبين مقتضاهما تنافٍ، فيسـري التنافي إليهما؛ لأن المعلولين إذا كان بينهما تنافي، فبين علّتيهما أيضاً يكون تنافٍ.

(12) هذا بيان وجه اجتماع الإمكان الذاتي مع الغير منها.

(13) الذي هو معنى الامكان ا لذاتي.

(14) من قبل الغير، فإن عدم اقتضاء شـيء لشـيء في ذاته، لا ينافي أن يكون شـيء آخر يجعله يقتضـي له، نعم لو هو اقتضـى شـيئاً في ذاته لا يمكن الغير أن يجعله يقتضـي غيره.

(15) أما لو اقتضـى هو شـيئاً؛ لا يمكن ان يجعله شـيئاً آخر لا يقتضـي شـيئاً، أو يقتضـي آخر.

 (وقدّ يراد(16) منه) أي من الإمكان (في استعمال) أي استعمال الإلهي(17) والمنطقي الإمكان (العمّ) مخفّف العام(18). وهو عام وعامّي،
لأن الإمكان(19) في العرف العام أيضاً كان بمعنى سلب الضـرورة عن
الطرف المخالف. فكانوا يقولون الشـيء الفلاني ممكن، أي ليس بممتنع(20)
كما أن معناه(21) المشهــور(22) أعني سلب الضـرورتين(23)

 

(16) هذا بحسب المتعلّق بأصل الموضوع، أي في نفس الإمكان([394]).

(17) المراد به المعنى الأعم، أي في الحكمة.

(18) لأنه أعمّ من الإمكان الخاص.

(19) هذا اشارة إلى وجه التسميّة بالعامي.

(20) أي ليس عدمه ضـرورياً، وإلا كان ممتنعاً.

(21) أي معنى الإمكان.

(22) عند الحكماء والمنطقيين([395])، بحيث إذا اطلق عنده مجرّداً عن القرائن يحمل عليه.

(23) للإمكان الخاص أربعة معانٍ:

الأول: سلب الضرورتين عن الطرفين، بطور السالبة البسيطة العدم المحض.

خاص(24) وخاصّـي(25) حيث تفطنّ به الخاصّة(26). ولم نذكره في تعداد(27) معانيه، إذ جعلناه أصلاً(28) والكلام فيه. (و) الإمكان (الأخصّ)
 

الثاني: هو الأول بطور الموجبة المعدولة.

الثالث: تساوي الطرفين.

الرابع: جواز الطرفين، وأحسن التفاسير التفسير الأول؛ لأنه عليها يكون الإمكان أمراً وجودياً، فيقتضـي أن يجعل وصفاً للمعدوم، مع أنه يكون وصفاً لك. والثالث أحسن من الرابع؛ لأن الثالث فيه إشعار برد من قال بأولوية الوجوب في الممكن.

(24) لأنه أخصّ من الإمكان العام.

(25) حيث هذا تعليل إلى تسميته بالخاصّـي فقط.

(26) من الحكماء والمنطقيين([396]).

(27) هذا دفع إشكال، الإشكال هو: أن هذا البحث معقود لذكر معاني الإمكان، فلماذا لم تذكره في المتن، فأجاب بما ترى.

فإن قلت: أن في وجه عدم ذكره في هذا البحث للإمكان الفقري الذي معناه الوجود المحدود، وسُمّي إمكاناً فقريّاً؛ لأن الفقر عين ذاته، والإمكان الوقوعي، والإمكان الاستعدادي، كما سيجيء تفسيرهما.

قلت: الكلام في ذكر الإمكان الذي يكون جهة لنسبة الهليّة البسيطة أو المركّبة، وهذا الثلاثة لا تقع جهات للقضية، أما الإمكان الفقري فقد تبيّن أنه صـرف الوجود المحدود، وأما الاستعدادي فربما نشير إلى عدم كونه من الجهات، وأما الوقوعي فعلى بعض معانيه ليس من الجهات، كما ربما نشير إليه ان شاء الله، ولذا لم يتعرض له هاهنا.

(28) لهذا الغرض، والكلام فيه وهو موضوع البحث، فكان معناه مفروغاً عنه كما هو شأن موضوع أي شـيء كان، ولذا لم يجعلوه من العلم.

وهو سلب الضـرورات الذاتية والوصفية والوقتية. قال الشيخ في منطق الإشارات: قدّ يقال ممكن ويفهم منه معنى ثالث، فكأنه أخصّ من الوجهين المذكورين.

وهو أن يكون الحكم غير ضـروري البتة، لا في وقت كالكسوف(29) لا في حال، كالتغير للمتحرك(30) بل يكون كالكتابة للإنسان انتهى. فالكتابة ضـرورية للإنسان في حال تصميم عزمها(31) وأما بالنسبة إلى نفس الطبيعة الإنسانية، فمعلوم أن لا ضـرورة ذاتية لاستوائها بالنسبة إلى الكتابة واللاكتابة، ولا ضـرورة وصفية(32) ولا وقتيّة إذ لم يؤخذ في جانب الموضوع وصف عنواني، ولا وقت مشـروط بهما الكتابة. (و) إمكان (استقبالي)(33)
وهو سلب الضـرورات جميعاً حتى الضـرورة بشـرط المحمول(34)

 

(29) فإنه ضـروري في وقت الحيلولة.

(30) فإن ضـروري في حال الحركة، والفرق بين الوقت والحال ان الحال هو الوصف العنواني بخلاف الوقت.

(31) أي في حال إرادتها، لاستحالة تخلف المراد عن الإرادة، وإلا لم تكن إرادة بل شوقاً، فهي ضـرورية للمريد الكتابة في حال الارادة.

(32) أي حاليّة؛ لأن وصف الإنسان لا يقتضـي الكتابة.

(33) ليس المراد الإمكان في الاستقبال، فليس الاستقبالي صفة للإمكان، بل هو صفة للممكن، أي إمكان ثابت حالاً للممكن يقع في الاستقبال، بل الإمكـان غيـر مؤقت؛ لأن الماهيات في أية نشـأة كانت من النشآت العلميـة([397]) في العلم الربوبي، أو العقلائي،أو الفلك، أو لها إمكان الوجود فيما لا يزال.

(34) وهي الضـرورة اللاحقة، التي هي تثبت للشـيء عند إتصاف الموضوع بالمحمول، فإنه يجب ثبوت المحمول له، فالإمكان الاستقبالي ينفي جميع الضـرورات عن النسبة،
 

لكونه معتبراً(35) في الأوصاف المستقبلة للشـي‏ء. قال المحقق الطوسـي  قدس سره (36) عند ذكر الشيخ هذا المعنى: إنما اعتبره من اعتبره لكون ما ينسب إلى
الماضـي والحال من الأمور الممكنة، إما موجوداً أو معدوماً، فيكون
إنما ساقها(37) حاق الوسط(38) من إلى أحد الطرفين ضـرورة ما(39) والباقي
 على الإمكان الصـرف(40) لا يكون إلا ما ينسب(41) إلى الاستقبال من
الممكنات التي لا يعرف حالها(42) أتكون موجودة إذا حان وقتها،

 

حتى هذه، فهي أخصّ من الأخصّ، إذ الاخصّ لا يسلب الضـرورة بشـرط المحمول.

(35) هذا تعليل إلى كونه سلب الضـرورة حتّى الـضرورة بـشرط المحمول، وحاصل التعليل: أن هذا الإمكان معتبر في المحمول المستقبل التي لم تقع حالا ً، فلا ضـرورة لها بشـرط المحمول، إذ هي حالاً غير واقعة.

(36) غرضه من نقل هذا القول([398]) الاستشهاد بكونه معتبراً في الاوصاف المستقبلية، مع ذكر وجه التسمية بالاستقبالي.

(37) أي ساق تلك الأمور الممكنة الحالية، والماضية.

(38) أي من كمالية التوسط، أي التوسط الكامل بين الوجود والعدم.

(39) هي الضـروري بشـرط المحمول، فإن الأمور الماضية والحاليّة واجبة بشـرط المحمول؛ لأن الوجود والعدم كان ثابت لها.

(40) أي والثابت على الإمكان الصـرف، أي الذي لا يخالطه ضـرورة، لا وقتيّة، ولا وصفيّة، ولا محموليّة.

(41) هذا خبر قوله والباقي.

(42) أما التي يعرف حالها([399]) كطلوع الشمس بكثرة؛ فهي واجبة الثبوت بكثرة، إذ
 

أم لا تكون(43) وينبغي أن يكون هذا الممكن ممكناً بالمعنى الأخصّ مع تقيده بالاستقبال، لأن الأوّلين(44) ربما يقعان على ما تعين أحد طرفيه لضـرورة ما، كالكسوف(45) فلا يكون ممكناً صـرفاً(46) انتهى. وفي قوله  قدس سره  من الممكنات التي لا يعرف إلى آخره إشارة إلى أن عدم تعين الوجود والعدم في الاستقبال وبقاء الممكن على صـرافة الإمكان إنما هو بحسب علمنا(47) لا بحسب نفس الأمر.

لا تبديل لسنته، فتكـون ضـرورية التحقق عنه بشـرط المحمول لتحققها، أما التي لا يعرف حالها، فحيث لا يعلم تحقق أي واحد من الطرفين، فليس أحدهما واجب التحقق في نظرنا، فهو المعتبر للإمكان الاستقبالي، إذ لم يتعيّن الاستقبال في نظرنا، فهو متعين في التحقق بواقع.

(43) هذا بيان لعدم المعرفة.

(44) هذا تعليل لوجه التسمية بالأخصّ فقط، وأما وجه التقييد بالاستقبالي فلوضوحه مما تقدّم، حيث إنه إنما يكون في الأمور المستقبلة التي لا يعرف حالها، فلذا لم يتعرض لوجه التقييد به، أي الإمكان العام والخاصّ لا الأخصّ.

(45) فإنه تعين أحد طرفيه للقمر بالضـرورة الوقتية.

(46) فلا يكون ممكناً أخصّ؛ لأن الإمكان الأخصّ هو الإمكان الصـرف كما
تقدّم([400]).

(47) حيث نجهل وقوع أحد الطرفين، فليس أحدهما واجباً عندنا، أما بحسب المبادئ العالية - كالله عز وجل والفلك والعقل، حيث متعيّن عندهم أحد الطرفين- فهم بالنسبة إليهم لا إمكان استقبالي، إذ الأمور المستقبلية يعلمون أحد طرفيها، وأما بالنسبة إلى نفس الأمر؛ فاحد الطرفين أيضاً متعيّن، فلا إمكان استقبالي بالنسبة إليه.

ولهذا قال في مبحث(48) التناقض من شـرح الإشارات: الصدق والكذب قد يتعيّنان(49) كما في مادتي الوجوب والامتناع، وقد لا يتعيّنان كما في مادة الإمكان، ولا سيّما الاستقبالي، فإن الواقع في الماضـي والحال قد يتعيّن طرف وقوعه، وجوداً كان أو عدماً ويكون الصادق والكاذب بحسـب المطابقـة(50) وعدمها متعينين(51) وإن كانا بالقياس إلينا، لجهلنا بالأمر(52) غير متعينين. وأما الاستقبالي(53) فقد نظر(54) في عدم تعيّن أحد طرفيه أهو كذلك في نفس الأمر(55) أم بالقياس إلينا. والجمهور يظنونه كذلك(56) في نفس الأمر،
 

(48) أي ولأجل كون عدم التعين إنما هو بالنسبة إلينا، لا بحسب نفس الأمر، ونقلَ هذا القول([401]) لفائدتين:

الأول: تأييد ما ذكره من أنه معتبر في الأمور المجهولة لنا.

والثاني: إبطال الإمكان الإستقبالي.

(49) بحسب الواقع، و(قد) هاهنا ليست للتقليل، بل للتكثر([402]).

(50) في الواقع.

(51) أعني الصادق والكاذب.

(52) أي بالواقع، ولذا بالنسبة إلى المبادئ العالية إذ لا جهل لها بالواقع، فهما متعيّنان.

(53) أي وأما مادة الإمكان الاستقبالي، أي الممكن بالإمكان الاستقبالي.

(54) أي بحث.

(55) أي غير متعين أحد طرفيه في نفس الأمر، فيظنون أن الشـيء المجهول لنا من الأمور الأستقبالية غير متعيّن - بحسب الواقع- أحد طرفيه.

(56) أي جمهور المنطقيين([403]) يظنون الاستقبال كذلك، أي غير متعيّن أحد طرفيه
والتحقيق يأباه(57) لاستناد الحوادث في أنفسها إلى علل يجب بها ويمتنع دونها، وانتهاء تلك العلل إلى جاعل أول يجب لذاته(58) انتهى.

بالنسبة إلى الواقع، فليس في الاستقبال واجب الثبوت أو العدم.

ربّما يشكل على هذا، بأنه منافٍ لكلامه السابق، وهو (والباقي على الإمكان الصـرف، لا يكون إلا ما ينسب إلى الاستقبال من الممكنات، التي لا يعرف حالها)، فإنه ظاهر أن اعتبار الإمكان الاستقبـالي، إنما هو بحسب علمنـا وهاهنا يظهر منه بحسب الواقع. والجواب: أن جمهور المنطقيين، حيث ظنّوا أن الأمور المستقبلة التي لا يعرف حالها، هي التي تكون غير معيّنة بحسب الواقع، فلذا تارة يسند ذلك إلى عدم المعرفة، وتارة إلى عدم التعين في الواقع.

(57) أي يمنع من كون المجهول الاستقبالي غير متعين في الواقع، وجوبه أو امتناعه بالغير، الذي هو الضـرورة اللاحقة، أي بشـرط المحمول.

(58) فإذا كان الجاعل الأول واجباً لذاته، فالعلل واجبة به، فالحوادث واجبة بها في أوقاتها([404])، سواء كانت استقبالية أو ماضية أو حالية([405]).

فظهر أن هذا شـيء(59) اعتبره الجمهور من المنطقيين.

وأما التحقيق الحكمي فيؤدي أن الاستقبال(60) والماضـي والحال متساوية في عدم التعيين في نظرنا(61) وفي التعيين(62) في نفس الأمر وفي الضـرورة والامتناع(63) في الواقع، والإمكان(64) باعتبار نفس المفهوم. ومنها قولنا: (قد لزم(65) الإمكان للمهية) أي نفس شيئية الماهية كافية(66) فيه، بلا حاجة
 

(59) أي الإمكان الاستقبالي.

(60) الأمر الواقع في الاستقبال.

(61) بمعنى أنه قد لا يتعين أحد طرفيه في نظرنا، لا على نحو القضية الدائمة، بل المراد بها فعليّة.

(62) أي تعين احد الطرفين، وهذا عطف على عدم التعين.

(63) أي الغيرين، وهذا عطف على عدم التعين أيضاً، فظهر أن الإمكان الاستقبالي - الذي ينفي الضـرورة بشـرط المحمول - لا وجود له، إذْ الشـيء المجهول لنا في الاستقبال، أي تثبت له الضـرورة بشـرط المحمول، أو الامتناع بشـرط المحمول.

(64) أي الذاتي الخاص، وهذه جملة مستأنفة يدفع فيها اشكال، وحاصل الإشكال:

أنه إذا كانت الضـرورة والامتناع يثبتان في الواقع، فيقتضـي أن الإمكان - وهو سلب الضـرورتين- لا يثبت لشـيء من الأشياء.

فأجاب: أي أنه يثبت باعتبار المفهوم (دون الواقع؛ لأنها لا تخلو عن احدى الضـرورتين.

(65) هذا من جملة لواحق الإمكان، والفرق بين هذا الملحق والسابق المذكور في صدر البحث، أن المتقدّم في بيان كيفية عروض الإمكان للماهية، وهذا بيان لزومه للماهية.

(66) بيان هذا المطلب ووجه تفسيره بهذا التفسير: أن اللازم للوجود هو المقتضـي، والوجود علّة له، كطلوع الشمس المقتضـي لوجود النهار، والنار المقتضيـة للحرارة، وأما لازم الماهية فعلى رأي الملا جلال([406]) من أنـه لازم لكِـلا الوجودين،
 

إلى مؤنة زائدة، لأنه ليس إلا عدم الاقتضاء للوجود والعدم.

فإذا تصورت الماهية ونسبة الوجود والعدم إليها، علمت أنها بذاتها كافية لانتزاع هذا العدم(67). وإذا كان الإمكان لازماً للماهية، عند اعتبار ذاتها من حيث هي، فلا يعبأ بشبهة يبدأ في المقام(68) من أن الممكن(69) إما موجود وإما معدوم، وعلى أي تقدير، فله الضـرورة بشـرط المحمول، فأين يمكن(70)؟ وأيضاً(71) أما مع وجود سببه التام، فيجب، وأما مع عدمه فيمتنع(72).

ومنها قولنا: (وحاجة الممكن) إلى المؤثر بديهية (أولية)
غير مفتقرة إلى الدليل؛ بل إلى شـيء آخر(73) مما يفتقر إليه

 

فمعناه أن كِلا الوجودين يقتضيان، وأما إذا قلنا بأنه لازم لنفس الماهية فلا معنى لاقتضائها له، إذ هي أمر اعتباري عدمي لا يؤثر في شـيء، فيراد حينئذٍ باللازم هو التابع لها، ولما كان الإمكان سلباً بسيطاً وعدماً محضاً، فلا يمكن أن يقال في حقه أنه تابع للماهية، فسـّر لزومه بأنه نفس الماهية كافية في تحققه، كما أنه يطلق عليه أنه ذاتي بهذا المعنى، لا أنه جزء الماهية.

(67) أي عدم الاقتضاء المسمّى بالإمكان، ولا يلاحظ الواقع في انتزاعه.

(68) أي تذكر.

(69) هذا إبداء لها باعتبار الوجوب اللاحق.

(70) ووقع هذا ظاهر مما تقدم، حيث أن الماهية تلحظ من حيث هي هي، لا يفيد كونها موجودة أو معدومة، بالنسبة إلى الوجود والعدم.

(71) هذا أبداء للشبهة بإعتبار الوجوب السابق.

(72) والجواب: أن الإمكان عند عروضه للماهية من حيث هي هي، لا يقيّد وجود السبب ولا عدمه.

(73) أي وغير مفتقرة إلى شـيء آخر غير الدليل، من حدس أو تجربة أو شاهد أو
أقسامه الخمسة الأخرى(74).

ولكن التصديق الأولى قدّ يحصل فيه خفاء لعدم تصور أطرافه(75).

وخفاء التصور غير قادح في أوليّة التصديق. واعلم(76)
أن القائل بالبخت والاتفاق(77) ينكر هذه القضية وإنكارها مساوق

 

تواتر، أو واسطة لا تغيب عن الذهن.

(74) أي أقسام البدهي الأخرى، وأعلم أن اقسام البدهي ستة، وهي لا تحتاج إلى الجزم بها إلى شـيء خارج عنها، بل يكفي فيها تصور اطرافها، ومنها هذه القضية، والخمسة الباقية هي: المشاهدات، والتجريبيات، والحدسيات والمتواترات، والفطريات. وتفصيل الكلام فيها في المنطق([407]).

(75) ذكر الاستاذ: أن في حاشية المنطق([408])، يشكل بعضهم على قول المنطقيين بأن الكل أعظم من الجزء من القضايا الأولية.

وحاصل إشكاله: أنها كاذبة؛ لأن الطاووس ذيله جزء منه، والحالة أن الذيل اعظم منه، فهذا الشخص حيث إنه لم يتصور أطراف هذه القضية، أشكل عليها، وما عرف أن الكل هو الطاووس مع ذيله، وإلا لم يكن ذيله جزء منه. فإذا تصور أطراف هذه القضية، عرف أن الممكن هو الماهية الخالية عن الوجود والعدم، وهما بالنسبة إليها على حد سواء، وعلم أن المؤثر هو الموجود للوجود، علم أن الممكن يحتاج في وجوده إلى المؤثر، وإلا لزم الترجح بلا مرجح.

(76) غرضه الرد على من أنكر هذه القضية.

(77) الاتفاق هو حصول الشـيء، سواء كان اختيارياً أم لا، بدون فاعل وغاية([409]).

لجواز الترجح بلا مرجح(78) الذي لا يقول به الأشعري أيضاً. وذكر الفخر
 

والبخت هو حصول الشـيء الاختياري بدون فاعل وغاية. واعلم أن هذا القول منسوب إلى ذيمقراطيس([410])، ونظره أن في العالم ذرات صغار متشابهة في الحقيقة تتكون منها الاجسام، وإنْ كان الملا صدرا نزّهه([411]) عن هذا القول في اسفاره، وأول كلماته.

وهذا القول يذكر في كتب الحكمة في ثلاثة مواضع:

الأول: هنا جهة مخالفته لقضية الممكن محتاج إلى المؤثر، ويرد من جهة البخت والاتفاق([412]).

والثاني: في مبحث الطبيعيات([413])، لاشتماله على كون الاجسام مركّبة من أجزاء صغار، ويرد من هذه الجهة هناك ويذكر.

والثالث: في بحث العلة والمعلول([414])، لاشتماله أن الشـيء يوجد بلا غاية، ويرد من هذه الجهة.

(78) عندنا ترجيح بلا مرجح، وهو أن يكون الفاعل يوجد الشـيء بلا مرجح، وعندنا ترجح بلا مرجح، وهو أن يكون الشـيء خارج بنفسه إلى أحد الطرفين بلا مرجح، والأول لا يسلّم ببطلانه الاشعري ([415])، والثاني يسلّم ببطلانه الأشعري، وعلى القول بالبخت والاتفاق يلزم الترجح بلا مرجح؛ لأنه يـلزم خروج الممكن عن التساوي بلا فاعل وغاية، وذلك بأن يخرج بنفسه إلى أحد الطرفين.

الرازي من قبلهم(79) شبهات: منها: أن احتياج الممكن إلى المؤثر إما في ماهية الممكن بأن يجعلها ماهية وإما في وجوده بأن يجعله وجوداً، وهما مستلزمان لسلب الشـيء عن نفسه(80) كما لا يخفى، وإما في الاتصاف، وهو أمر عدمي(81). (و) الجواب أن (أثر الجعل(82) وجود ارتبط)(83)
لا الوجود وجود كما مر(84). ومنها أنه لو احتاج إلى المؤثر فصفة
المؤثرية أيضا شـيء ممكن، فاحتاجت إلى مؤثرية أخرى، وهكذا،
فيتسلسل. (و) الجواب أن (صفة التأثير في العقل فقط) وليست متأصّلة(85).

(79) اي من قبل القائلين بالاتفاق([416]).

(80) لأنه الفاعل لو كان يجعل الماهية ماهية قبل الجعل، فالماهية ليست بماهية، وإلا لزم تحصيل الحاصل، فلزم سلب الشـيء عن نفسه، وكذا الكلام في جعل الوجود وجوداً.

(81) إذ ليس موجود في الخارج، والشـيء العدمي لا يتعلق به الجعل، إذ ليس قابلاً للوجود، وقد تقدّم الكلام فيه تفصيلاً في مبحث الجعل، فراجع ترشد.

(82) حاصل هذا الجواب: أنه عندنا صورة غير تلك الثلاثة([417])، وهو جعل الوجود الذي هو الجعل البسيط، لا جعل الوجود وجوداً.

(83) هذا قيد لا دخل له بالجواب، وإنما ذكره لبيان الواقع، وهو أن الوجود المجعول هو نفس الارتباط، لا شـيء له الربط.

(84) في بحث الجعل فتذكر.

(85) أي ليست لها وجود خارجي مستقل خاص، فهي توجد بوجود محل انتزاعها،
 

ولا يقدح(86) ذلك في اتصاف المؤثر بها، لأن ثبوت شـيء لشـيء لا يستلزم(87) ثبوت الثابت في الخارج. ومن الأبحاث المتعلقة بالإمكان، حاجة الممكن إلى العلّة في البقاء أيضاً(88) كما قلنا (لا يفرق الحدوث والبقاء)
في الحاجة (إذ لم يكن للممكن اقتضاء). فكما لم يكن وجوده في أول
الحال باقتضاء من ذاته، فكذا في ثاني الحال(89) وثالث الحال وهكذا،
لأن مناط(90) الحاجة كما سيجي‏ء هو الإمكان، وهو لازم الماهية. فكذا
الحاجة بل الوجود(91) الإمكاني(92) في أي وعاء من أوعية الواقع كان،

 

ولا تحتاج إلى مؤثر خارجي.

(86) حاصل القدح: أن صفة المؤثرية لو كانت في العقل، لما كان وجه للاتصاف بها في الخارج.

(87) ألا ترى أن الأعمى يتصف بالعمى في الخارج، مع أن العمى ليس موجوداً في الخارج.

(88) كما قلنا في الحدوث.

(89) الذي هو البقاء؛ لأن البقاء هو الوجود بعد الوجود في ثاني الحال وثالثه على سبيل الاتصال، كما أن الحدوث هو الوجود بعد العدم.

(90) هذا تعليل إلى أن وجوده في ثاني الحال، ليس باقتضاء من ذاته، فإنه لو كان باقتضاء من ذاته لكانت علّة الحاجة إلى المؤثر منتفية؛ لأن الشـيء المقتضـي بذاته للوجود لا يحتاج إلى مؤثر.

(91) هذا دليل آخر على كون الممكن في البقاء محتاجاً إلى المؤثر، ولكنه على مسلك المصنف، والدليل الأول عام على جميع المسالك.

وحاصله: أن الوجود عندنا هو عين الفقر إلى العلة، ومتقوّم بها، بحيث إذا قطع النظر عنها يكون لا شـيء، وحينئذٍ لابد أن في بقائه من العلّة، وإلا فيكون لا شـيء. والفرق بينه وبين الأول أن الأول كان دليلاً من جهة ماهية الممكن، وهذا من جهة وجوده.

(92) المراد بالإمكان هنا هو الفقر، لا سلب الضـرورة عن الطرفين، فإنه وصف للماهية لا للوجود، نعم الإمكان بمعنى الفقر من أوصاف الوجود، فالوجود
 

سواء كان في الدهر(93) أو في الزمان(94) أو في طرفه(95) حادثاً أو باقياً، عين الفقر والفاقة إلى العلّة - لا أنه ذات له الفقر- وهو متقوّم بها، متذوّت(96) بذاتها، بحيث لو قطع النظر عن وجودها، لم يكن شيئاً، وبوجه بعيد كقطع(97) النظر عن ذاتيات شيئية الماهية، حيث لا تبقى تلك الماهية. فما أسخف قول من يقول: إن المعلول محتاج إلى العلّة حدوثا لا بقاء. وقدّ تفوهوا بأنه لو جاز على الصانع العدم، لما ضـرّ عدمه وجود العالم. تعالى عمّا يقول الظالمون.

وقولنا: (وإنما فاض اتصال كون شـيء)(98) جواب عمّا عسى أن يقولوا: لو احتاج الممكن في حال البقاء إلى المؤثر، فتأثيره إما في الوجود الذي هو كان حاصلاً قبل هذه الحال، فهو تحصيل الحاصل، وإمـا في وجود جديـد حادث؛
 

الإمكاني أي الوجود الفقري، ويقابله الوجود الواجبي.

(93) هو العقل الكلي، وهو وعاء وجودات المجردات([418]).

(94) وهو وعاء الوجودات السيالة كالحركة.

(95) أي طرف الزمان وهو الآن، فإن الآن يكون نهاية أي زمان فرض كالنقطة، وهو محل الآنّيات، كالصفق، وكالوصولات إلى حدود المسافات، فإنها تقع في الجزء الأخير من ذلك الزمان.

(96) هذا عطف تفسير.

(97) أي يكون التشبيه بوجه بعيد لا بوجه قريب، والتشبيه البعيد هو الذي لا ينتقل من المشبه إلى المشبه به، وإنما كان هنا كذلك؛ لأن ذاتيات الماهية اجزاء لها، بخلاف العلّة بالنسبة إلى المعلول، فإنه ليس جزءا لها، بل هو ظلّها وفيؤها.

(98) أي الجاعل والفاعل عند البقاء إنما يفيض اتصال كون شـيء، أي استمرار وجود شـيء.

هذا خلف(99). وحاصل الجواب أن التأثير في أمر جديد، لكنه استمـرار الوجود الأول(100) واتصاله(101) لا أمر منفصل عن الأول(102) ليكون خلاف الفرض(103). (و) لما تمسكوا بمثال البناء والبنّاء(104) هدمنا بناءهم عليهم، بأن (مثل المجعول للشـي‏ء) وحاله (كفي‏ء) أي كمثل الفي‏ء للشاخص، فإنه تبع محض له، يحدث بحدوثه، ويبقى ببقائه ويدور معه حيثما دار. والبناء ليس علّة موجدة. بل حركات يده علل معدّة لاجتماع اللبنات(105) والأخشاب، وذلك الاجتماع علّة
 

(99) لأن المفروض أن التأثير في بقاء الشـيء، لا في حدوثه، وعلى تقدير تأثيره في وجود جديد حادث، يكون مؤثراً في حدوثه؛ لأن هذا الوجود لم يكن سابقاً، بل كان معدوماً، والحدوث هو الوجود بعد العدم([419]).

وذكر الاستاذ وجه الخلف: بأن الشـيء الموجود لم يكن هو الأول، بل غيره؛ لأن وجوده غير الوجود الأول.

(100) والمراد بالاستمرار هو الوجودات المتصلة التي تكون بحسب الظاهر وجوداً واحداً، ولم يتخلل بينها انفصال ولو تبدّلت الصورة.

(101) عطف تفسير على الاستمرار.

(102) أي وجود منفصل عن الوجود الأول.

(103) بأن ينقلب البقاء إلى الحدوث، أو ما فرض باقياً ليس هو الشـيء الأول، بل غيره.

(104) وحاصل تمسكهم به: أن البناء يبقى يحتاج في حدوثه إلى العلة دون بقـائه،
فإن البناء يبقى مع أن الباني ينعدم، وكذا الكتابة تبقى مع أن الكاتب
ينعدم([420]).

(105) والفاعل هو الله عز وجل .

لشكل ما(106). ثمّ بقاء ذلك الشكل فيها معلول اليبوسة(107) المستندة إلى الطبيعة(108). والمؤثر الحقيقي(109) ليس إلا الله جل شأنه.

ومنها:(110) أن علّة الحاجة إلى العلّة هي الإمكان.
(قد كان الافتقار)(111) إلى العلة (للإمكان) كما هو قول الحكماء.
ومن فروعاته (112) أنه (فليجعل القديم بالزمان)(113) كالعقل الكلّي،

 

(106) أي علّة معدّة، والفاعل له هو الله عز وجل .

(107) بنحو العلّة المعدّة، والفاعل هو الله عز وجل .

(108) أي الطبيعة، كهذه الاحجار والاخشاب من حيث وجودها لا من حيث هي هي.

(109) لهذه الأمور.

(110) اي ومن الابحاث المتعلقة بالإمكان([421]).

(111) أي افتقار الممكن إلى العلّة لأجل إمكانه، لا لأجل حدوثه.

(112) أي ومن فروعات هذا المبحث، أي من الثمرات المترتّبة عليه.

(113) أي الذي لم يسبق وجوده عدمه، ولم يقتضي بذاته الدوام والأزلية، بخلاف القديم بالذات، فإنه بذاته كان مقتضياً للأزلية والدوام، وهذا ليس إلا الله عز وجل .

والحاصل: أنه على القول بأن الإمكان هو العلة([422]) لحاجة الممكن إلى الفاعل،
 

لكونه ممكناً(114). وأما على قول خصمهم فلا(115) لانتفاء الحدوث الذي هو مناط الحاجة عندهم.

ثمّ إن على المطلوب شواهد منها: (ضـرورة القضية الفعلية)(116) أي ما كان محموله(117) واقعاً في أحد الأزمنة. بيانه أن الشـي‏ء حال اعتبار جوده، ضـروري الوجود، وحال اعتبار عدمه، ضـروري العدم. وهذا ضـرورة بشـرط المحمول، وفي زمانه، والحدوث عبارة عن ترتب هاتين الحالتين(118). فلو نظرنا إلى الماهية
 

فالقديم الزماني محتاج إلى العلّة؛ لأنه ممكن. وعلى القول بأن الحدوث هو العلّة لحاجة الممكن إلى الفاعل، فالقديم بالزمان الممكن غير محتاج إلى العلّة، وليس قابلاً للجعل؛ لأنه ليس بحادث، لأن الحدوث هو الوجود بعد العدم.

(114) هذا محلّه لجعل القديم بالزمان.

(115) أي فلا يجعل القديم بالزمان([423]).

(116) القضية الفعلية، أي المطلقة العامة([424])، سواء كان المحمول فيها العدم أو الوجود. بمعنى أن المحمول فيها يكون ضـروري الثبوت عند ثبوته له، وفي زمان تحققه له، وتسمّى الضـرورة اللاحقة.

(117) أي الذي كان محموله بهذه الصفـة، يطلـق عليـه القضيّـة الفعليـّة، وما عبارة عن القضية، وذكر الضمير باعتبار لفظ ما.

(118) بمعنى وجود الشـيء عقيب عدمه.

من حيث لها هذه الحالة(119) فقط، كانت ضـرورية(120).

والضـرورة مناط الغناء عن السبب. فالحدوث، من حيث هو حدوث مانع عن الحاجة. فما لم يعتبر حال الماهية في ذاتها، أعني إمكانها الذاتي، لم يرتفع الوجوب(121) ولم تحصل الحاجة إلى السبب.ومنها: (لوازم(122) الأول) تعالى (والمهية). بيانه:(123) أن للواجب تعالى عند كل فرقة من الفرق المتصدين لمعرفة الحقائق(124) لوازم.

(119) أي حالة الحدوث.

(120) لأنها في حال العدم السابق هي ضرورية العدم، وحال الوجود هي
ضـرورية الوجود، ولم يبقَ حال لها، وفي حالة الحدوث لم تكن فيها ضـرورية ومحتاجة معها إلى الفاعل بسبب الحدوث.

(121) اللاحق لها في حال وجودها وحال عدمها، الذي هو ملاك الغناء عن الفاعل، كالتقدّم في مبحث الجعل.

(122) أي ومن الشواهد على المطلوب.

(123) أي بيان هذا الشاهد.

(124) هم أربع فرق، لأنه:

إما أن يكون طريقهم النظر والاستدلال إلى معرفتها.

وإما أن يكون الرياضة والتخلية.

وإما أن يجمعوا بين كليهما.

والثالث: هو الاشـراقيون، والأول أن كان يقتصـرون على ملّة من الملل، بحيث
إن وافق الاستدلال أخبار تلك الملّة وظاهرها أخذوا به، وإلا طرحوا الاستدلال
وإن كان صحيحاً، ويبطلونه بأمور ولو كانت فاسدة فهم والمتكلمون. وإن كان يتبعون مؤدى الاستدلال سواء وافق الشريعة أم لا فهم المشائون. والثاني هم الصوفيون([425]).

فعند الحكماء الصفات الإضافية(125) بل عند الإشـراقيين منهم
الأنوار القاهرة(126) وعند المشائين منهم، الصور

 

(125) اعلم أن صفاته تعالى على قسمين:

منها: ما هي قائمة في ذاته ولا تستدعي طرفين، كالعلم بذاته والحياة وتسمّى (الحقيقية).

ومنها: ما تستدعي الطرفين كالقدرة - فإنها لابد لها من المقدور - والعالمية والرحمـة ونحوها وتسمّى (الإضافية)([426]).

والحكماء زعموا([427]) أن القسم الأول عين ذاته، لا لازم له، بخلاف القسم الثاني فإنه أدعوا أنه لازم له؛ لأنه لو كانت عينه لزم أن يكون الواجب مستدعياً للطرفين لمكان العينية، فلما كان كذلك قيّد الصفات بالإضافية؛ لأنها هي اللازمة عندهم للواجب لا الحقيقية.

(126) بالأنوار على الصفات الاضافة، والانوار القاهرة هي العقول([428]).

المرتسمة(127) وعند الأشاعرة، الصفات الحقيقية(128) الزائدة(129) وعند المعتزلة،الأحوال(130) وعند الصوفية، الأعيان الثابتة(131). وليست هذه اللوازم واجبة الوجود لدلائل التوحيد(132) فهي ممكنة الثبوت بذاتها، واجبة الثبوت، نظراً إلى ذات الأول تعالى(133). فثبت أن التأثير(134) غير مشـروط بسبق
 

(127) علاوة على الصفات الاضافية، والمراد بالصور المرتسمة هي صور المعلومات، فإنه عندهم أن علم الله عز وجل حصولي لا حضوري.

(129) قيد توضيحي، فهم علاوة على الاضافية يقولون في الحقيقية.

(128) لأن نظرهم أن صفات الله عز وجل ليست عين ذاته مطلقاً، اضافية كانت أو حقيقية.

(130) الصفات القائمة بالغير كالعالمية والقادرية، فإنها كما تقدّم عندهم أحوال، وهي لازمة في نظرهم له تعالى.

(131) وهي الماهيات في علم الله عز وجل ، فإنها لازمة له([429]).

(132) وهي الناطقة بأن واجب الوجود هو الله تعالى لا غيره.

(133) لأنه بعدما ثبت أنها ممكنة ولازمة فهي معلومة، وإلا لا معنى لوجودها للترجيح بلا مرجح.

(134) وذلك لأنه بعدما ثبت أنها لازمة لذات الواجب، فهي غير مسبوقة بالعدم، فلا حدوث بالنسبة إليها وثبت أنها ممكنة لدلائل التوحيد([430])، فهي محتاجة إلى الأول؛ لأن الممكن محتاج إلى المؤثر، فيثبت من هذا كلّه؛ أن علّة الحاجة في الممكن إلى الفاعل والمؤثر هو الإمكان، وليس الحدوث له مدخل في الاحتياج، وإلا لو كان له مدخل؛ لزم أن تكون هذا الصفات الممكنة غير محتاجة إلى المؤثر، لانتفاء علّة الاحتياج، والحالة قد تقدّم أن كل ممكن محتاج إلى المؤثر بالبداهة الأولية، فلابد أن يكون علّة الاحتياج
 

العدم(135).  فلئن قالوا: الكلام في الأفعال(136) وهذه ليست بأفعال؛ نقول مقصودنا أن الدوام وعدم سبق العدم لم يمنع الاستناد(137). والقاعدة العقلية(138) لا تخصص. وكذا لكل ماهية(139) لازم، مستند إليها، غير متأخر عنها زماناً، ولا يتخلل العدم بينهما.

هو الإمكان فقط.

(135) الذي يتوقف عليه الحدوث، فإذا لم يشترط حين العدم، فلا يشترط بسبق الحدوث.

(136) أي الحدوث له دخل في علّة الاحتياج في الافعال الممكنة، لا الصفات القديمة.

(137) ومقتضـى كلامكم أنه يمنعه؛ لأن علّة الاستناد هو الحدوث، ومع الدوام لا حدوث، فيقتضـي أن لا يكون هناك استناد ولا تأثير، والحالة قد ثبت فيما سبق أن كل ممكن مستند إلى العلة ومحتاج لها.

(138) هذا جواب ثانٍ عن ذلك الاشكال وحاصله: إن كل قاعدة عقلية
لا تخصص([431])، فلو كان الحدوث هو علّة الاحتياج لكان في جميع الموارد، فقولكم مقصودنا في الافعال تخصيص للقاعدة العقلية، وبعضهم جعل(ال) للعهد، والمراد بالقاعدة العقلية هي القضية المتقدّمة كل ممكن محتاج إلى مؤثر، وكأن هذا الشخص جعل هذا دفع توهم.

وحاصل التوهم: أن الدوام يمنع الاستناد في الممكن.

فأجاب: بان تلك القاعدة، وهي كل ممكن محتاج ومستند إلى المؤثر، لا تخصص بالدائم.

(139) أعلم أن هذا الدليل مبني على مقدّمات:

الأولى: أن الحدوث هو سبق العدم على الوجود في زمان العلة، بأن تكون العلة موجودة، والشـيء معدوماً، ثمّ تُوجده.

الثانية: أن لوازم الماهية معلولة لها.

الثالثة: أن لوازم الماهية يستحيل وجود الماهية بدونها، وإلا لم يكن اللازم لازماً.

(ثمّ) منها (امتناع الشـرط) أي الاشتراط (بالمعاند). أن العدم السابق(140)
 

فإذا عرفت هذا فنقول: لو كان الحدوث علّة الحاجة([432])؛ لزم أن تكون لوازم الماهية تعدم في زمان الماهية، ثمّ توجد، وإلا لم تكن حادثة؛ لأن الحدوث كما تقدم هو العدم في زمان العلة، ثمّ الوجود في زمانها، فلابد أن تكون حادثة لثبوت الاحتياج فيها إلى الماهية، وكونها حادثة باطل؛ لأنه يلزم أن تنفك الماهية عنها؛ لأنه حينئذٍ لابد من أن تعدم في زمان بيانه الماهية، وهذا هو الأنفكاك، فالاحتياج ثابت دون علته في اللوازم، وهو باطل، لاستحالة انفكاك المعلول عن علته، فلابد أن تكون علة الاحتياج أمراً آخر، وليس هو إلا الإمكان، إذ لم يقل بغيرهما في المقام، وإذا بطل أحدهما ثبت الآخر.

ويرد على هذا الدليل: بمنع المقدّمة الأولى؛ لأن الحدوث عندهم هو سبق الوجود بالعدم، وليس بلازم أن يكون العدم في زمان العلّة، ولوازم الماهية كذلك.

وثانياً: بمنع المقدّمة الثانية، وهي أن اللوازم ليست معلولة للماهية، بل الماهية ولوازمها معلول لشـيء آخر.

(140) يشكل عليه بأنه سيجيء منه أن المعاند لوجود الشـيء عدمه البديل، لا العدم السابق، لمكان اختلافهما بالزمان.

ويمكن أن يجاب عن هذا الإشكال: أنه تنزيلي؛ لأن كون المعاند للشـيء هو
العـدم البديل، إنما تفطن له بعض الخاصة من المتأخرين، وإلا فالجمهور على أن
على وجود الشـي‏ء مقابل ومعاند له.

فكيف يشترط وجود الشـي‏ء بمعانده(141)؟ وإن كان سبق(142) العدم شـرطاً لتأثير الفاعل فكذلك(143) لأن المعاند(144) لما يجب أن يكون مقارناً للشـي‏ء معانداً

العدم السابق هو المعاند([433]).

(141) مع أنه لو جعل علة الاحتياج إلى العلة هو الحدوث، يلزم ذلك؛ لأنه وجود الشـيء مشـروط باحتياجه، والاحتياج معلول الحدوث، والحدوث متوقف على عدم الشـيء سابقاً، والمشـروط بأمر متوقف على شـيء مشـروط بذلك الشـيء، فالوجود يكون مشـروطاً بالعدم.

(142) هذا دفع إشكال وحاصل الإشكال: أن العدم السابق إنما كان يتوقف عليه تأثر الفاعل في وجود هذا الشـيء؛ لأن التأثير فرع الاحتياج إلى الفاعل، والاحتياج فرع الحدوث، والحدوث فرع العدم السابق، فالتأثير مشروط بالعدم السابق ولا الوجود، فأجاب بما ترى.

(143) أي أيضاً يلزم اشتراط وجود الشـيء بمعانده.

(144) حاصل هذا التعليل: أن المعاند لأمر من الأمور، كالعدم السابق المعاند للوجود اللاحق، وذلك الأمر مقارن للشـيء وملازم له، كما في وجود الـشيء فإنه لازم لتأثير الفاعل، فذلك المعاند يكون معانداً لهذا المقارن، لاجتماعه مع معانده، فالعدم السابق يكون معانداً لتأثير الفاعل، فكيف يجعل شـرطاً له([434]).

ومناف له أيضاً. وأما الإمكان(145) فهو يجامع وجود الشـي‏ء وليس مقابلاً
له.

(و) منها: (الفقر) في (حالة البقا). بيانه: أن الحوادث في حال البقاء مفتقرة إلى العلة. فلو كان مناط الافتقار هو الحدوث، فالبقاء مقابل الحدوث(146).

وإن كان هو الإمكان، يثبت المطلوب. فهذه الوجوه (شواهدي)خبر
 

(145) الذاتي أو الفقري يجامع وجود الشـيء، أما الذاتي فيتصف به الـشـيء في حال وجوده؛ لأنه بمعنى أنه لو قطع النظر عن وجوده، لا يكون موجوداً ولا معدوماً كما تقدّم سابقاً، فراجع ترشد. وأما الفقري فلانه عين الوجود.

(146) فلا يكون الحدوث هو العلة لوجود معلوله بدونه، كما في حالة البقاء، لأن بقاء الوجود بعد الوجود، والحدوث الوجود بعد العدم.

]اما[ البقاء مقابل العدم يشكل عليه([435]): أن مسألة أن البقاء محتاج إلى العلّة بناءاً على هذه المسألة، وهي أن الإمكان علّة الاحتياج كما في الدليل الأول، وفي هذا الدليل كانت هذه المسالة مبنية على تلك، فلزم الدور.

والجواب: أن بالأدلة المتقدمة - على أن الإمكان علة الاحتياج - ثبت كون الإمكان علّة الاحتياج، فثبتت المسالة المتقدّمة، وحينئذٍ تثبت هذا المسالة أيضاً، أو
 

ضـرورة وما عطف عليها؛ والضمير(147) للمتكلم.

ثمّ بيّنا أن الحدوث ليس مناط الحاجة مطلقاً(148) فقلنا: (ليس
الحدوث علّة) للحاجة (من رأسه) أي أصلاً. ويوضحه(149) قولنا (شـرطاً)
بأن يكون علّة الحاجة هو الإمكان بشـرط الحدوث (ولا شطرا) بأن تكون
هي هو(150) مع الحدوث (ولا بنفسه) بأن تكون وهذه أقوال ثلاثة
للمتكلمين. (وكيف) يتصور(151) أن يكون علّة (والحدوث كيف)
 أي كيفية (ما) أي وجود (لحق للفقر)(152) والحاجة(153)
وتأخر عنه بمراتب(154)؟

 

نقول أن هذا الدليل مبني على ثبوت تلك المسالة بالدليل الثاني، لا بالدليل الأول الذي كانت تماميته موقوفةً على هذه المسالة.

(147) في شواهدي.

(148) سيجيء وجه الاطلاق.

(149) أي يوضح قولنا من رأسه وأصلاً.

(150) أي بأن تكون علة الحاجة الإمكان مع الحدوث، فالضمير الاول راجع لعلّة الحاجة، والثاني للإمكان هي الحدوث فقط.

(151) ذكر الاستاذ أن هذا والذي سيأتي جعله المصنف ردّاً عليهم([436])، مع أنه يمكن أن يكون دليلاً على المطلوب مثل الادلة المتقدّمة.

(152) أي مرتبته متأخرة عن الفقر كما سيجيء بيانه.

(153) والاحتياج إلى الفاعل، وهذا عطف تفسير على الفقر.

(154) أي وتأخر الوجود عن الفقر بمراتب، وسيجيء ذكر تلك المراتب، فكيف يجعل الحدوث علّة للفقر أو جزء علة أو شـرطها، مع أنه صفة للوجود الذي هو متأخر عن الفقر بمراتب.

بيانه:(155) أن الحدوث كيفيّة الوجود(156) لأنه عبارة(157) عن
مسبوقية(158) الوجود بالعدم، فيتأخر(159) عن الوجود(160) المتأخر عن

 

(155) أي بيان هذا الرد.

(156) أي وجود الممكن، ومن هنا قيل الوجود الحادث([437]). (157) أي لأنه الحدوث.

(158) والمسبوقية كيفية الوجود، فالحدوث كذلك.

(159) أي لأن الكيفية متأخرة عن المكيّف، ورتبته التقدّم عليها.

(160) اشكل صاحب الشوارق([438]) بأن الإمكان متأخر عن الوجود أيضاً، لأنه كيفية النسبة بين الوجود والماهية، فلا يكون علّة الافتقار المتقدّم عليه.

وأجاب: بأنه كيفية لنسبة مفهوم الوجود من حيث هو للماهية، لا بين الماهية والوجود الحاصل لها، ولذا توصف الماهية بالإمكان قبل اتصافها بالوجود، بخلاف الحدوث، فإنه وصف للوجود الحاصل لها، ولا شك في تأخره عن الإيجاد. وبالجملة لا تتصف الماهية به إلا حال الوجود، لا قبله.

 

الإيجاد(161) المتأخر عن الحاجة(162) المتأخرة عن علتها.

فلو كان علّة للحاجة مستقلة أو جزءاً أو شـرطاً، لتقدّم عـلى نفسه بمراتب(163) (إذ) توقيتية(164) متعلقة بلحق (عد المراتب اتسق) وانتظم حيث يقال(165) الشـي‏ء قرر(166) فأمكن فاحتاج فأوجب(167) فأوجد فوجد(168)
 

(161) أي الوجود متأخر عن الإيجاد.

اشكلت على استاذي في مجلس الدرس: بان الإيجاد عين الوجود، فلو كان متأخراً عنه لزم تأخر الشـيء عن نفسه.

واجاب: بأن الايجاد هو نسبة الوجود إلى الفاعل([439])، والوجود هو نسبة الوجود
إلى المفعول، كالتأثير والأثر، والمراد أنه تلك النسبة - أعني نسبة الوجود الى المفعول- متأخرة عن نسبته إلى الفاعل؛ لأن النسبة إلى الفاعل كانت علة لتلك النسبة.

(162) بواسطتين، لأن الإيجاد متأخر عن الايجاب، وهو متأخر عن الوجوب، وهو متأخر عن الحاجة كما سيشير إليه.

(163) لأنه متأخر عنها بثلاث مراتب، فلو كان عينها أو جزئها أو شـرطها لزم تقدّمه على هذه المراتب، أو تأثير المتأخر في نحو الحدوث في المتقدّم، وهو الحاجة، والحالة أن المؤثر رتبة التقدم على المؤثر فيه.

(164) أي بمعنى وقت، أي الوجود الذي يلحق الفقر والحاجة عند عدّ المراتب على الانتظام، بمعنى لا يُقدّم المتأخر، ولا يُؤخّر المتقدّم.

(165) في عدها على الانتظام.

(166) أي ثبت في علم الله عز وجل .

(167) بالبناء للمجهول، والكلام في الإيجاب والوجوب، هو الكلام في الإيجاب والوجود، والجواب هو الجواب، فراجع.

(168) فالوجود متأخر عن الحاجة والفقر عند عدّ المراتب للشـيء.

فحدث. وأيضاً كيف يتصور(169) ذلك، ويكون وجود الممكن(170) مشـروطاً بسبق العدم؟ (والعدم السابق(171) كونا(172)) مفعول السابق (ليس(173)
خصّ بديله نقيضه(174)) مبتدأ وخبر، أي عدم هو بدل ذلك

 

(169) أي كيف يتصور كون الحدوث علّة للاحتياج أو جزئها أو شـرطها، وهذا رد ثاني عليهم.

(170) هذا عطف اللازم على الملزوم، وذلك لأن وجود الممكن موقوف على احتياجه، والاحتياج موقوف على الحدوث؛ لأن فرض الكلام أنه له دخـل في علته، والحدوث موقوف على العدم السابق، فيكون وجود الممكن موقوفاً على العدم السابق؛ على القول بأن الحدوث له دخل في الاحتياج.

(171) وهذا عطف على قوله (والحدوث كيف ما لحق) أي كيف يتصور ذلك والعدم السابق، وهذه الجملة حالية؛ لأنها معطوفة على الحالية أيضاً، أي العدم المطلق لجميع الأشياء، الذي هو أزلي وسابق على وجود كل ممكن، فإن الممكنات لم تكن أزلاً موجودة.

(172) أي العدم المطلق السابق وجوداً.

وحاصل هذا الرد: أن العدم الذي جعلتموه شـرطاً؛ أما أن تريدوا به العدم المطلق الذي لم يتخصص بالمضاف إليه، ولم يقيّد بشـيء، فهذا غير مخصوص بحادث حتّى يكون شـرطاً. واما أن تريدوا به العدم البديل لوجود الشيء - أي العدم لولا هذا الوجود لحلّ محله - فهذا العدم نقيض لذلك الوجود، وقد فرض تحقق هذا الوجود، فالعدم البديل مرتفع، فالـشرط للوجود مرتفع، فيلزم ارتفاع الوجود، وأن به العدم المتخصص أي المضاف لهذا الشـيء، فيلزم الدور كما سيجيء تفصيل ذلك فأنتظر.

(173) أي ليس مخصوصاً بحادث خاص وممكن معين، بل هو عدم لكل ممكن، فلا يكون شـرطاً لما سنذكره.

(174) فلا يكون شـرطاً له أيضاً، والضمير في بديله عائد إلى الكون المذكور سابقاً،
 


 

الكون نقيضــه (دار الحصص)(175) أي حصص العدم.بيانه أنه لو
كان العدم شـرطاً لوجود الممكن، فإما يكون العدم السابق مطلقاً(176) فهو ليس شـرطاً لحادث خاص(177) وإما أن يكون العدم

 

وهو صفة لمحذوف تقديره عدم بديل الكون كما اشار إليه في الشـرح([440]).

(175) أي يلزم الدور على جعل حصص الاعدام السابقة، شـرطاً لوجود الممكنات، بمعنى عدم كل شـيء سابق يكون شـرطاً لوجوده.

(176) هذا قيد للعدم([441]) لا للسابق، أي العدم الأزلي الذي كان عند عدم كل ممكن، بأن يجعل ذلك العدم شـرطاً لوجود هذا الحادث.

(177) أي العدم المطلق ليس شـرطاً لحادث خاص، أي ليس شـرطاً لوجود أي ممكن كان لوجهين:

الأول: من جهة اعتراف الخصم بذلك.

[الثاني]: من جهة الاعدام للأشياء الأخرى، لا دخل لها في وجود هذا الشـيء،
 

المضاف(178) إلى الحادث(179) الخاص(180) فيلزم الدور(181) لتوقف كل من المضاف(182) والمضاف إليه(183) على الآخر، وإما أن يكون العدم البدلي(184) فهو نقيض الكون الحادث(185) فبتحققه ارتفع ذلك العدم(186). وإن أريد الليسيّة(187) الذاتية للمكن، أعني لا اقتضاء(188) الوجود والعدم، فيرجع إلى اعتبار
 

ولا ربط لها به، فعدم الجدار لا ربط له بوجود زيد، فلا معنى لإرادة العدم
المطلق.

(178) السابق على الحادث الخاص.

(179) كعدم زيد السابق المضاف إلى زيد.

(180) هو يكون شـرطاً لوجود ذلك الحادث الخاص، والضمير فيه يكون عائداً على العدم الذي هو شـرط للممكن.

(181) وذلك أن العدم إنما يتحصص وتكون له حصصه، ويتميّز بالمضاف إليه كما تقدّم عند قوله (لا ميْز في الأعدام من حيث العدم) فبإضافته لشـيء بأن يقال عدم زيد يتحصص، فهو موقوف على المضاف إليه، والمضاف إليه موقوف عليه؛ لأن وجوده كما يدعي الخصم موقوف على هذا العدم، فكل منهما توقف على صاحبه، فلزم الدور.

(182) وهو العدم، فإنه يتوقف على المضاف إليه لأجل تخصّصه وتميّزه، وفي خصوص هذا المورد أنه في جميع الموارد يكون المضاف متوقف على المضاف إليه.

(183) وهو الشيء، حيث إنه متوقّفاً على العدم، لأجل أن وجوده مشـروط به.

(184) وهو الذي يكون في مكان الوجود إذا لم يحصل.

(185) وذلك لأنه رفعه وزمانهما واحد، سنوضحه عن قريب فاصبر.

(186) فلا يكون شـرطاً له حينئذٍ، لان الشـرط يكون موجوداً عند وجود مشروطه، وثانياً الشـيء لا يكون شـرطاً لنقيضه.

(187) أي وأن اريد بالعدم الذي هو شـرط الوجود الليسية، ولم يذكر الشارح هذا الاحتمال في المتن لوضوح بطلانه.

(188) هذا تفسير الليسية، وتباينها الوقوعية، وهي عدم الوقوع.

الإمكان. هذا خلف، مع أن سبقه(189) بالذات لا بالزمان. وإنما ذكرنا العدم البدلي(190) مع أنه لم يقصده الخصم،إشارة إلى أنه عدم الشـي‏ء في الحقيقة، ولكن باعتبار ماهيته، من حيث هي هي مع قطع النظر عن كونها مظهر التجلّي الإلهي(191) ولو في زمان تنورها بالوجود(192).

(189) أي سبق اللااقتضاء، الذي هو عبارة عن الليسية الذاتية على الوجود، سبق بالذات لا بالزمان، إذ ان الشـيء في حال العدم لا يتصف بشـيء من الاشياء، حتّى أن نفسه تسلب عنه، بل إنما يتصف بذلك حال الوجود، ولكن الاتصاف باللااقتضاء يكون سابقاً على الوجود بالذات، بمعنى أن عند الذهن في مقام التحليل أول ما يتصف باللااقتضاء([442]) ثمّ بالوجود، وهذا المراد بالسبق بالذات كما سيجيء عن قريب.

والحالة أن مرادهم سبق العدم على الوجود، السبق بالزمان لا بالذات.

(190) هذا دفع إشكال، وحاصل الإشكال: أن العدم البديل لما كان نقيض الكون الحادث - وليس أحد النقيضين سابقاً على الآخر للاتحاد في الزمان - فليس هذا العدم سابقاً على الكون الحادث لا بالذات ولا بالزمان، بخلاف العدم المطلق السابق والعدم الخاص، بل الليسية الذاتية كما أنها سابقة بالذات، فلا معنى لاحتمال كونه مراداً للخصم.

وحاصل الدفع: أنا ذكرناه للإشارة إلى إشكال عليهم، وهو أن الشـيء لا يسبق بعدمه، فقولكم شـرط وجود الشـيء سبق عدمه لا معنى له؛ لأن الشـيء لا يسبق بعدمه.

(191) أي مع قطع النظر عن كون ماهيته موجودة، اما على تقدير وجودها فلا معنى له؛ للزوم أتصافه حينئذٍ بالوجود والعدم، الذي هو عبارة عن اجتماع النقيضين.

(192) أي لا في زمان إتصافها بالوجود، فان عدمها الحقيقي هو العدم البدلي، ولكن باعتبار قطع النظر عن الوجود.

وأما بهذا النظر(193) فلا عدم لتحقق نقيضه(194). والعدم السابق أو اللاحق ليس عدماً له في الحقيقة(195) لأن عدم الشـيء(196) رفعه، ورفعه نقيضه، واتحاد الزمان شـرط في التناقض. فكأنه قيل:(197) العدم السابق ليس عدماً له، لأنه ليس نقيضاً له، لأن بدله نقيضه ونقيض الواحد واحد(198).

(193) أي بنظر أنها موجودة.

(194) وهو الوجود.

(195) لان عدم الشـيء رفع وجوده لا رفع نفسه، إذ هو من حيث هو ليس قابلاً للرفع ولا للأثبات، والشـيء سابقاً لم يكن موجوداً حتى يرفع وجوده، وكذا عند عدمه اللاحق.

(196) هذا تعليل إلى أن العدم اللاحق والسابق ليس عدم الشـيء في الحقيقة([443]).

وحاصل هذا التعليل: أنه من المُسلّم أن العدم البديل نقيض، ومن المُسلّم أن عدم الشـيء رفعه، ومن المُسلّم أن رفع الشـيء نقيضه، ومن المُسلّم أن شـرط التناقض الاتحاد في الزمان.

فإذا عرفت هذا المقدّمات الاربع المُسلّمة عند الكل، علمت أن العدم السابق واللاحق ليس عدم الشيء في الحقيقة، وذلك أن عدم الشـيء رفعه، ورفعه نقيضه، ونقيضه متحد معه في الزمان، والعدم السابق واللاحق، واللاحق والسابق ليسا متّحدين معه في الزمان، فلا يكون نقيضه، فلا يكون رفعه، فلا يكون عدمه.

(197) في المتن عند قولنا بديله نقيضه.

(198) هذا دفع إشكال، حاصل الإشكال: أنه لا يلزم من كون البديل نقيض العدم السابق ليس عدماً له، حتى يستفاد من المتن ما ذكرتم.

فإجاب: بأن نقيض الواحد واحد، فبعد كون العدم البدلي نقيضاً، فالعدم السابق ليس نقيضاً، فلا يكون رفعاً للشـيء، فلا يكون عدماً له كما تقدّم.

وأعلم أن تحقيق هذا المطلب على هذا الوجه لم يسبقني إليه أحد فيما أعلم.

 

 [22]

غرر في بعض أحكام الوجوب الغيري

لا يُوْجَدُ الشيءُ بأَوْلَوِيَّةْ
 

 

غَيْريَّةً تكونُ أو ذاتِيَّـةْ
 

كافِيَةً أوْ لا على الصَّوابِ
 

 

لا بُدَّ في التَّرجِيْحِ مِنْ إِيجـابِ
 

لَيْسِيَّةُ المُمْكِنِ تَنْفِي الثانِيَـةْ
 

 

رَأْسا كذا الأولى بقاء التَّسْوِيَـةْ
 

ثم وجوبٌ لاحقٌ مُبَيَّـنُ
 

 

فبالضرورَتين حُفَّ المُمْـكِنُ
 

وَنِسْبَةُ الوُجوبِ والإمكانِ
 

 

كَنِسْبَةِ التَّمامِ والـنُّقْصانِ
 


 

 [22]

غرر في بعض أحكام الوجوب الغيري

من أن الشيء ما لم يجب لم يوجد والقول بالأولوية باطل

(لا يوجد الشـيء بأولوية) بأنواعها(1) (غيرية(2) تكون) الأولوية
 

(1) إعلم أن أولوية الممكن بحسب الوجود([444])، وكون وجوده أولى من عدمه، يتصور على أربعة اقسام، وذلك لأنه إما أن تكون الأولوية ذاتية، أي ذات الممكن تقتضيها، أو غيرية بمعنى بسبب الغير حصلت له أولوية الوجود، واليقينية، وكل منهما إما كافية، أي يكون العدم معها محالاً، أو غير كافية أي لا يكون محالاً، بل يجوز وجوده وعدمه. فالإقسام أربعة:

الأولى: الأولوية الذاتية الكافية، وهذه لم يذهب إليها أحد من أهل الملل والأديان؛ لأنه بها يلزم سد باب اثبات الصانع تعالى، لأن الماهيات تكون حينئذٍ كلّها واجبة الوجود بأنفسها، إذ عدمها حينئذٍ يكون محالاً.

الثانية: الأولوية الذاتية الغير الكافية.

الثالثة: الاولوية الغيرية الغير الكافية.

الرابعة: الأولوية الغيرية الكافية، التي هي الوجوب بالغير ومن الفاعل، وهي مدعانا، وإذا اطلقت الأولوية الغيرية بدون قيد؛ فيراد منها الغير الكافية، ولا يراد منها الكافية، بل يعبر في ألسنتهم عنها بالوجوب الغيري. فَجُلّ غرضنا في هذا المقام ابطال القسم الثاني والثالث من الأولوية، وربما تعبير استطراداً لإبطال القسم الأول كما صنـع المصنف([445])، فالمراد بأنواعها هي الأنواع الثلاثة؛ لأن النوع الرابع لا يطلق عليه أولوية، بل وجوب بالغير كما ذكرنا.

(2) وهي أن تكون أولوية الوجود الغير الكافية، أي التي لم يكن معها الطرف الآخر محالاً، التي لم تقتضيها ذات الممكن، بل أمر خارج عنها، وليس المراد الغيرية الكافية، إذ ليست باطلة عنده.

(أو ذاتية كافية) تكون الأولوية الذاتية في وقوع الممكن (أو لا(3) على
 الصواب) خلافاً لبعض المتكلمين القائلين(4) بالأولوية الغيرية(5) المنكرين للإيجاب(6) والوجوب في إيجاد الممكن. (لا بد في الترجيح) أي في ترجيح الفاعل وجود الممكن أو عدمه (من إيجاب) لذلك الوجود أو ذلك العدم. ثمّ أشـرنا إلى الدليل(7) بقولنا (ليسية الممكن) أي كون الممكن من ذاته(8)

 

(3) أي أو غير كافية، وهذا تقسيم للذاتية، أي الأولوية الذاتية التي تقتضيها ذات الممكن، سواء كانت كافية أم لا، فهي باطلة.

(4) وكذا هم قائلون بالأولوية الذاتية الغير الكافية، وأما الكافية فلم يقل بها المتكلمون([446])؛ لأنهم أهل دين وشـريعة كما بيّنا ذلك تفصيلاً فراجع.

(5) الغير الكافية، ويزعمون أنه معها يقع الممكن، وأن كان العدم جائزاً.

(6) أي يقولون([447]) بأن صدور الممكن من الفاعل لا يستدعي أن يوجبه، بمعنى يجعل عدمه محالاً، فيكون واجب الوجود فيوجد، فلا إيجاب عندهم ولا وجوب عند الوجود.

(7) الذي يبطل الأولوية بأنواعها الثلاثة، ويثبت من أنه لابد في وجود الممكن من الإيجاب.

(8) أي من حيث ذاته ليساً، أي يسلب عن ذاته كل شـيء حتى نفسه بالحمل الشائع، فكيف يتصف بالأولوية، ويحمل عليه حملاً شائعاً قبل الوجود، حتى بها يحمل الوجود.

أن يكون ليس (تنفي الثانية)(9) أي الأولوية الذاتية (رأساً) أي بكلا قسميه من الكافية وغيرها.

فإن الماهية لم تكن بحسب ذاتها إلاهي، وما لم تدخل في دار الوجود بالعرض(10) لم تكن شيئاً من الأشياء، حتى إنه لم يصدق نفسها
على نفسها(11). وذاتها(12) وذاتياتها(13) وإمكانها وحاجتها ، وإن
كانت متقدّمة على وجودها تقدماً بالمعنى(14) لكنه بحسب الذهن(15)

 

(9) بل الأول.

(10) لأن الداخل في دار الوجود - أعني الخارج - هو الوجود بالذات؛ لأنه هو الأصل لا الماهية، والماهية بالتبع والعرض.

(11) أي لم تحمل بالحمل الشائع الصناعي؛ لأن الموجبة لابد لها من وجود الموضوع، ومع عدم اتصافها بالوجود لم يكن الموضوع موجوداً، فهي سالبة بانتفاء موضوعها.

(12) هذا مبتدأ خبره لكنه. هذا دفع إشكال على كون الماهية إذا لم تكن موجودة يسلب عنها كل شـيء، وأنّها قبل وجودها حتى نفسها تسلب عنها.

وحاصل الإشكال: أنه قد تقرّر في محله([448]) أن إتصاف الماهية بنفسها وبالإمكان متقدّم على وجودها، فهي متصفة قبل وجودها بنفسها، وبصفات كثيرة.

فأجاب: أن تقدّمها على الوجود بحسب الذهن([449])، بمعنى أن الذهن بعدما يحلل الماهية عن الوجود؛ ينسب إليها أولاً ذاتها وإمكانها، ثم ينسب إليها الوجود.

(13) أي اجزائها.

(14) أي عند التحليل.

(15) أي لكن هذا التقدّم بحسب الذهن، بمعنى عند التحليل الذهني، حيث إن الذهن يحللها إلى الوجود والماهية، وينسب تلك الأمور لها قبل نسبة الوجود.

وأما في الخارج فالأمر بالعكس(16). فما لم يكن وجود لم تكن ماهية، ولا بروز لأحكامها(17) الذاتية. وحينئذٍ فلا ماهية قبل الوجود حتى تستدعي(18)
 

(16) اي فالوجود متقدّم عليها؛ لأنها اعتبارية ومنتزعة من حدوده، بخلاف الذهن، فإن الوجود بنفسه لم يوجد فيه، بل عنوانه، وهو عارض للماهية، حيث أنها تتصف به، والشـيء لا يعرض له شـيء آخر، إلا بعد ثبوت لوازمه وذاتياته، فلذا قيل أنها متقدّمة على الوجود بحسب المعنى في الذهن.

(17) أي ولا ظهور ولا ثبوت لتلك الاحكام؛ لأنها تكون معدومة، فأحكامها كذلك.

(18) أي تكون متصفة بالأولوية الذاتية.

ويشكل على هذا الدليل: بأنه الماهيات ثابتة في علم الله عز وجل وعلم الانوار القاهرة وباقي المجردات، فهي متصفة بالأولوية قبل وجودها، باعتبار ثبوتها هناك.

وأجيب([450]): أن هذا المطلب إنما يراد اثباته قبل اثبات تلك، فليس اثباته متوقفاً على تلك، حتى تجعله متوقفاً عليه، إنما غرضهم أن ثبتت الاولوية للماهية قبل الوجود، بقول مطلق، وبأي نحو كان، وإلا فننقل الكلام بالنسبة إلى تلك الوجودات.

وأشكل استاذنا في مجلس درسه على هذا الدليل بما حاصله: إنما يمكننا أن ندعي أن الأولوية مثل الإمكان، بمعنى له تقدّم بحسب الذهن، وان كان بروزها بحسب الوجود الخارج، فكما كان الإمكان علّة لوجود الممكن، كذلك الأولوية، وأدعى حفظه الله أنه لم يتعرض أحد لهذا الإشكال على هذا الدليل أصلاً.

نعم، هذا الدليل يدفع قول الخصم الذي يقول: بأن الأولوية ثابتة للماهية قبل وجودها، ولكن لا يدفع هذه الدعوى لو أدعيت، فلابد أن نذكر دليلاً آخر([451]). وهو أن الأولوية لو كانت ثابتة، لكان للماهية ترجيح بالنسبة إلى الطرف المرجَح، والحالة أنه عند ملاحظتها في ذاتها، لم يكن ثابتاً لها هذا الترجيح؛ لأنه لا تابع لها، كما هو كذلك في الإمكان.

أولوية مطلقاً. (كذا) تنفي (الأولى) أي الأولوية الغيرية (بقاء التسوية)(19) أي تسوية الوجود والعدم(20) بحالها(21). فإن هذه الأولوية(22) لما كانت غير بالغة إلى حد الوجوب(23) لا يجعل الطرف المقابل محالاً.

فالوقوع بهذه الأولوية وعدم الوقوع بها كلاهما متساويان(24)
 

(19) في الممكن مع هذه الأولوية.

(20) في الجواز، بمعنى أن الممكن يجوز فيه مع هذه الأولوية العدم والوجود، لا التسوية بالنسبة إلى نفس الوجود والعدم، إذ لا ينكر مع فرض الأولوية، والوجود أولى من العدم في الماهية.

(21) هذا متعلق ببقاء التسوية، أي أن الأولوية لا ترفع التسوية، بل تبقى معها التسوية، ومع بقائها لا يمكن وجود الممكن، كما سأذكر لك ذلك.

(22) هذا تعليل إلى بقاء التسوية بحاله.

(23) إذ فرض الكلام أن الأولوية غير كافية.

(24) في عدم التعين والجواز؛ لأنه لو كانت الأولوية الغيرية متعيّنة للوجود، ولم يجز تعلقها لا وقوع العدم، وتكون مانعة منه، كانت وجوباً بالغير، وهو المطلوب. وإن كانت غير معينة؛ ومعها يبقى السؤال لِمَ وجد؟ والعدم يكون جائز الوقوع، فالممكن متساوي الطرفين بالنسبة اليها، فيحتاج الوجود الى شـيء آخر يرجّحه، فان كان يوجبه فهو المطلوب، وإن كان أولوياً فأيضاً يحتاج الى مرجح آخر لبقاء التساوي، فيلزم التسلسل، ومع ذلك لا يحصل تعين لاحد الطرفين، كذلك في الحاشية([452]).

فلا يتعين بعد أحدهما(25) بخلاف ما إذا بلغت إلى حد الوجوب،
لأنه حينئذٍ لا يبقى الطرف الآخر(26). فما لم يسدّ الفاعل
جميع أنحاء عدم المعلول، لم يوجد، ولم ينقطع السؤال
بأنه: لم وقع هذا دون ذاك؟ هذا هو الوجوب السابق(27)

 

(25) بل لابد من مرجّح موجب.

(26) أي لا ينبغي جوازه، بل يكون محالاً.

(27) أعني انسداد جميع أنحاء العدم بالفاعل، الذي ينقطع معه السؤال لم وجد، هو المسمّى بـ(الوجوب السابق) لأنه سابق على وجود الممكن عند العقل، حيث إن العقل أول ما يحكم على الممكن بوجوبه، وانسداد جميع أنحاء عدمه، ثم يحكم بوجوده.

 

الجائي من العلة(28) في الممكن. فإن قلت: لو كان الوجوب اللاحق لازماً لذات وجود الممكن، وليس بالغير كما (ثمّ) هنا وجوب آخر يقال له (وجوب لاحق)(29).

(28) لأنها هي التي تسدّ أنحاء عدم الممكن، الذي هو الوجوب، فالوجوب يجيء منها.

(29) لما كان الوجوب هو عبارة عن الاباء عن الطرف المخالف ومحاليته، وكل من العدم والوجود يلحقه ويتبعه الاباء عن مقابله، فكل منها له وجوب يلحقه ويتبعه، وهذا أيضاً وجوب بالغير بالنسبة إلى ماهية الممكن؛ لأنه إنما تحصل بشـرط الاتصاف بالمحمول([453])، والاتصاف من الفاعل، فالوجوب اللاحق يكون منه وبسببه، وأما بالنسبة إلى وجود الممكن فهو ذاتي له، بمعنى تابع له؛ لأنه لو لم يكن تابعاً له - بمعنى لم يكن يجب المحمول بشـرط الاتصاف - لكان جائز الطرف المقابل في حال الاتصاف، وجوازه يستلزم اجتماع النقضين؛ لأن هذا الاتصاف موجوداً حالاً، ونقيضيه يجوز تحققه، لا أنه يأبى عنه، فيجوز إجتماع النقيضين، وهو مع الوجود متحد ذاتاً متغاير عند العقل.

ولذلك استاذنا قال: أن الوجوب اللاحق عين الوجود الخارج، لا أنه متحد معه ذاتاً، نعم العقل من مقام الوجود الخارجي ينتزع مفهوم الوجود والوجوب اللاحق، واستدل على العينية من أن الوجود هو عين الاباء عن العدم، وإنما يتقوم بهذا
 

وهو أيضا مبرهن عليه(30) و(مبيّن). يلحق الممكن بعد حصول(31) الوجود أو العدم بالفعل(32). وهو الذي يقال له الضـرورة بشـرط المحمول(33). ولا يخلو عنه قضية فعلية(34).

إن قلت: ما معنى(35) سبق الوجوب على الوجود ولحوقه له
 

قررتم، لزم أن يكون وجوده واجباً فينقلب.

قلنا: أن وجوبه اللاحق([454]) إنما يكون ذاته، ما دام ذات الوجود، فإذا انقطع الفـيء وذهبت ذات الوجود، ذهب الوجوب؛ لانتفائه بانتفاء موضوعه، كالحيوانية بالنسبة إلى الإنسان، نعم لو كانت له ضـرورة أزلية مثل وجوب الواجب لوجوده؛ للزم انقلابه، ولكن نحن لم ندعّ ذلك.

(30) وحاصل البرهان([455]): أن الوجود المحمول بسيطاً كان ]أم[ مركّباً، أن كان يجوز أن يتحقق معه الطرف المقابل، فيلزم جواز اجتماع النقيضين، فيلزم استحالة التحقق للطرف المقابل، وهو الوجوب للوجود، وكذا الكلام في الوجوب اللاحق للعدم.

وأما الوجوب السابق؛ فالبرهان عليه ما تقدّم من البرهان النافي للأولوية.

(31) أما الوجوب السابق يلحقه قبل الحصول.

(32) أي في حال الحصول وفي حال الاتصاف، يكون ذلك الطرف واجباً، لاستحالة مقابله.

(33) فإنه عند الاتصاف بالمحمول، يكون الثبوت والوجود المركّب أو البسيط ضـرورياً، لحصول الإباء عن العدم، وإلا لجاز اجتماع النقيضين.

(34) أي كانت ضـرورية أو دائمة أو مطلقة عامّة ما عدا الممكنة، لأنه لم يكن في موردها الثبوت في أي ظرف كان، بخلاف الفعليات فإنه فيها، وفي موطنه لابد من الوجوب بالغير، والضـرورة بشـرط المحمول.

(35) حاصل هذا الإشكال: أن الوجوب هو عبارة عن الإباء عن الطرف المقابل
 

وحيثية الوجود(36) كاشفة عن حيثية الوجوب(37) بل عينها(38) لأن
حيثية الوجود(39) حيثية الآباء(40) عن العدم(41)؟ قلت:(42) هذا السبق

 

ومحاليته، وهذا عين الوجود في الخارج، فلا معنى لجعل سابقاً ولاحقاً.

(36) أي وجهة الوجود.

(37) حيث إن وجود الشـيء ينبأ عن أن الطرف المقابل محال، والإباء عنه، وإلا لما وجد، للزوم الترجيح بلا مرجح.

(38) هذا استدلال ثاني، وهو يكون على عدم اللحوق والسبق كليهما.

(39) هذا دليل على خصوص عدم سبق الوجوب على الوجود، وليس ناظراً إلى اللحوق.

وينبغي إن يقرر هكذا: أن الوجوب ليس سابقاً في الخارج على الوجود؛ لأنه غير محتاج إليه، حيث أنهما غير متميزين في الخارج، بل الوجوب متوقف عليه؛ لأنه صفة له، فيكون هو الأسبق. ولا في الذهن؛ لأن الوجود كاشف عن الوجوب، فالوجوب متأخر في الذهن لا سابق.

والمقدّمة الأولى التي تنفي الاسبقية في الخارج، وإن كان المستشكل محتاج إليها؛ لأن مجرد كونه كاشفاً لا يثبت عدم اسبقيته، إذ أن المعلول يكشف عن العلة مع أنها اسبق، إلا أنه لما كانت بدهية عند المصنف- لأنه يعترف أنهما غير متمايزين في الخارج، وليس أحدهما علّة للآخر، بل العقل يجعلهما متمايزين- فلذا أهملها لوضوحها مع اختصار مؤلفه.

(40) الذي هو الوجوب، فالوجود عين الوجوب.

(41) كما أن حيث العدم، حيثية الإباء عن الوجود.

(42) لما كان في نظر المصنف أن الوجوب هو الإباء عن الطرف المقابل، وهذا عين الوجود في الخـارج، بيّن أن الاسبقية واللحوق بإعتبار العقل([456])، عندما يلاحظ الوجوب والوجود والماهية والفاعل، وإلا فهي والخارج شـيء واحد. فقولكم: أنه
 

واللحوق في اعتبار العقل عند ملاحظة هذه المعاني(43) واعتبار الترتيب(44) بينها.

كاشف، لا يلزم عدم الاسبقية عند العقل، فإن بعض الاشياء طالما عند حصولها في الذهن، يكون كاشفاً عن شـيء آخر، ولكن عند ملاحظة العقل لهما، يحكم العقل بتقدم ذلك الشـيء الآخر، كالإمكان مع وجود الماهية، فإن وجودها كاشف عن إمكانها مع أنه أسبق.

وقولكم: أن حيثية الوجود عين حيثية الإباء عن العدم، إن أردتم به أنه في الخارج فصحيح، ولكن لا نقول نحن به، بل نريد الأسبقية واللحوق عند العقل. وإن أردتم به في العقل عند ملاحظة هذه المعاني، فليس كذلك، فإن العقل يفككها، ويراها متغايرة، بعضها اسبق عنده من الأخرى، وتحقيق هذا المطلب على هذا المنوال مما لم يسبقني إليه أحد فيما أعهد بعون الملك الجبار.

وإعلم أن بعضهم ذهب إلى أن الوجوب السابق هو الخصوصية الموجودة في العلة، التي بها حصل الارتباط بين العلة المعلول، ووجود المعلول بها وإن كانت هي عين العلة، وحينئذٍ فالوجوب السابق والوجود متمايزان في الخارج، كما في العقل، نعم اللاحق مع الوجود متحدان خارجاً، متمايزان عقلاً.

(43) هي الوجوب بالغير والوجود.

(44) هذا عطف على ملاحظة([457])، أي عند اعتبار الترتب بينها فيحكم أولاً بالوجوب، أي أن ماهية الطرف الآخر فيها محال، وإلا لزم الترجيح بلا مرجح، فتوجد، فوجودها بعد وجوبها وبعد وجودها، يكون فيها وجوب؛ لأنه بعد الاتصاف
 

فقولهم الشـي‏ء ما لم يجب لم يوجد، معناه ما لم ينسد جميع أنحاء عدمه، لم يحكم العقل بوجوده(45). (فبالضـرورتين(46) حفّ الممكن(47)).

وقولنا (ونسبة الوجوب والإمكان كنسبة التمام(48) والنقصان) مسألة متداولة بينهم. معناها أن الإمكان، لما كان برزخاً بين الوجوب والامتناع(49) كانت نسبته إلى الوجوب كذا(50). والأولى أن يكون(51) المراد بالإمكان هو
 

بالوجود تأبى عن الطرف المقابل، ويكون محالاً، وإلا لجاز اجتماع النقيضين، فتكون واجبة، فإنه بمجرد ملاحظة هذه المعاني، لا يكون أحدها اسبق، بل عندما يرد اعتبار الترتب بينها بعد ملاحظتها.

(45) لأنه مرادهم أنه في الخارج ما لم يجب لم يوجد، فتكون القاعدة، اعني أن الـشيء ما لم يجب لم يوجد صحيحة.

(46) أي الوجوب السابق، والوجوب اللاحق.

(47) عند وجوده، أو عند عدمه.

(48) يطلق التمام والكمال على الوجوب في جانب الوجود، ولم يتعارف اطلاقه على الوجوب في جانب العدم؛ لأنه بطلان محض، وفي درك سفلي، فليس فيه كمال لشـيء.

(49) تعارف عندهم، أن الوجوب يطلق على الوجوب في طرف الوجود، وأما الوجوب في طرف العدم، فيطلق عليه الامتناع.

(50) أي كنسبة النقصان والتمام، وذلك لأن إمكان الوجود لما كان وجوداً بالقوّة، صار بالنسبة إليه انقص منه درجة، والوجوب هو الكامل، وحينئذٍ فالكاف في كنسبة للتشبيه؛ لأنه ليس حينئذٍ الإمكان ناقصاً، والوجوب أمر تام له، إذ أن التمام والنقصان إنما يكون في حقيقة واحدة ذات مراتب، والوجوب والإمكان كل منهما حقيقته غير الآخر.

نعم يكون شبيهاً بنسبة التمام والنقصان؛ لأن الوجوب أعلى من الإمكان، اي الامكان انقص منه.

(51) التوجيه الأول: كأن المراد بالإمكان فيه هو الإمكان الذاتي، الذي هو سلب الضـرورتين([458]).

الإمكان بمعنى الفقر المستعمل في الوجودات(52) المحدودة(53) المصطلح عليه(54) لصدر المتألهين  قدس سره  وبالوجوب هو الوجوب الذاتي.

وحينئذٍ فالسنخية بنحو الشـي‏ء والفـي‏ء(55) المعتبرة في
التام(56) والناقص متحققة(57). ثمّ مع كونها(58) في نفسها مسألة

 

والتوجيه الثاني: المراد بالإمكان هو الإمكان الفقري.

وأيضاً يكون الوجوب في التوجيه الأول هو الوجوب الغيري، وأما في الثاني فهو الوجوب الذاتي. وإنما كان الثاني أولى بالإرادة من المعنى الأول؛ لأنه عليه تكون نفس نسبة النقص والتمام متحققة بين الوجوب والإمكان، إذ لا شك أن الوجود الغيري - الذي هو الإمكان- أنقص من الوجوب الذاتي، إذ الأول فيء، والثاني ظلّه.

(52) أي الذي يطلق ويراد به الوجودات المحدودة؛ لأنها عين الفقر كما تقدّم.

(53) هي وجودات الماهيات.

(54) أي الذي اصطلح على هذا المعنى في الإمكان هو صدر المتألهين([459]).

(55) أي بنحو الاصل وفيئه، لا بنحو التساوي بين افراد الماهية الواحدة.

(56) وذلك لأن التام والنـاقص، لابـدّ وأن يكونا من افراد حقيقة واحدة والناقص هو من التام، ولم ينقص شـيء من التام.

(57) بين الإمكان الفقري الذي هو الوجود بالغير، والوجوب الذاتي الذي هو واجب الوجود، لما قدّمنا أن الأول فيء للثاني.

بخلاف التوجيه الأول؛ فإن السنخية بنحو الشـيء والفـيء - التي هي معتبرة بين الناقص والتام - غير متحقّقة فيه كما قدّمنا.

(58) هذا دفع إشكال، وحاصل الإشكال: أن هذه مسالة على حِدة، فلا وجه لإيرادها هنا في هذه المسالة، بل ينبغي أن يعقد لها باب مستقل.

فأجاب: أنه مع التسليم أنها مسألة مستقلة، إلا أنه هناك فائدة بإيرادها هنا كما سيظهر لك.

 

بإيرادها(59) هنا يدفع توهم المنافاة(60) بين الضـرورتين والإمكان فإن الإمكان الذاتي كالمادة(61) والوجوب الغيري كالصورة(62) فيجتمعان(63).

(59) هذا متعلق بقوله: يدفع توهم، وهذا الكلام والجواب بناء على التوجيه
الأول.

وأما على التوجيه الثاني فهي لا تكون مسألة مستقلة عن المسالة المتقدمة؛ لأنها تدل على نفي الأولوية، لأنا إذا قلنا إن الوجود الغيري ناقص بالنسبة للوجود الذاتي، وعين الربط والتعلق، فلا أولوية حينئذٍ، إذ يكون واجباً به.

(60) وحينئذٍٍ يُشكل على الكلام السابق عند التوهم، بأنه كيف تقول الممكن بالضـرورتين حقّ، وبإيراد هذه المسألة يرتفع هذا التوهم، ويثبت عكس هذا التوهم وهو يجتمعان.

(61) لأنه يقبل لأن يتصور بالوجوب، ويقبل لأن يتصور بالامتناع، وإستفدنا كونه كالمادة من إطلاق النقص عليه؛ لأنه كما بيّنا أن معنى نقصه بالنسبة الى الوجوب، هو كونه وجوباً بالقوّة.

وإنما لم يكن المادة؛ لأن المادة إنما تكون في عالم الجسم، لا في الامور الاعتبارية كالإمكان والوجوب.

(62) لأن الصورة ما به يكون الشـيء بالفعل، وبطرو الوجوب الغيري يكون وجوباً بالفعل.

(63) لأن الصورة والمادة بينهما كمال الوئام.

 


 

 [23]

غرر في الإمكان الاستعدادي

قَدْ يُوصَفُ الإِمْكانُ باسْتِعـدادِيْ
 

 

وَهْوَ بعُرْفِهِمْ سُِوى استِعـدادِ
 

ذا ما بِالاِمْكانِ الوُقُوْعِيِّ دُعِـيْ
 

 

والفَرْقُ بَيْنَهُ وذاتِـيّ رُعِـيْ
 

لِكَوْنِهِ مِنْ جِهَـةٍ بِالفِعْلِ
 

 

وَكَوْنِ ذاتِيٍّ لَهُ كالأصْـلِ
 

وإنْ مُقَوِّياً عليه عُيّنـا
 

 

وفيه سَوْغ أن يزولَ المُمْكـنا
 

وَأنّ هذا في مَحَلِ المُمْكِنِ
 

 

وَفِيْهِ شِدّةً وضعفـاً أيْقِـنِ
 


 

 [23]

غرر في الإمكان الاستعدادي‏

(قدّ يوصف الإمكان بالاستعدادي(1) وهو بعرفهم سوى استعداد). فإن تهيّؤ الشـيء لصيرورته شيئاً آخر، له نسبة إلى الشـيء المستعدّ(2) وله نسبة إلى الشـيء المستعد له.

فبالاعتبار الأول يقال له الاستعداد، فيقال: إن النطفة مستعدة للإنسانية. وبالإعتبار الثاني يقال له الإمكان الاستعدادي(3) فيقال: الإنسان يمكن أن
 

(1) أي بحسب الاعتبار([460]) لا بالذات.

(2) الذي هو موضوع التهيؤ.

(3) فيكون وصفاً للمستعد له؛ لأنه عبارة عن التهيؤ المنسوب له، وليس
وصفاً للمستعد؛ لأنه ليس التهيؤ المدلول له منسوب إليه، كما أن (مضـروب) لما
كان عبارة عن (الضـرب) المنسوب إلى المفعول، كان وصفاً للمفعول لا وصفاً للفاعل.

وقوله (يقال له الإمكان الاستعدادي)([461]) وهو ليس من المراد بهذا المعنى بل هو
 

يوجد في النطفة. فلو سومح وقيل: النطفة يمكن أن يصير إنساناً(4). كان المراد ما ذكرنا(5). (ذا) أي الإمكان الاستعدادي (ما بالإمكان الوقوعي) أيضا (دعي). وهذا الإمكان الوقوعي المرادف الاستعدادي، غير الإمكان الوقوعي المفـسّر بكون الشـيء بحيث(6) لا يلزم من فرض وقوعه محال، لأن ذلك(7) في الماديات(8) وهذا أعمّ مورداً(9). الماديات؛ لأنه لا يلزم من فرض وقوعها
 

عرض من الكيفيات الاستعدادية؛ لأن التهيؤ من الكيف الاستعدادي.

وأشكل الاستاذ على هذا التفسير: بأن الإمكان الاستعدادي عند الحكماء([462]) هو الإمكان الذاتي للمستعد له، مع حصول بعض الشـرائط وارتفاع بعض الموانع، وليس ذلك بمعتبر في الإمكان الذاتي، فهو متحد معه ذاتاً، وليس هو عبارة عن التهيؤ، وأما صاحب الشوارق([463]) فتارة يفسّـره بالمعنى الذي ذكره المصنف، وتارة بالمعنى الذي ذكره الاستاذ، ويزعم أن الفرق بينه وبين الإمكان الذاتي، هو الفرق بين الكل والجزء، وعلى تفسير الاستاذ يكون من المواد.

(4) أما وجه المسامحة، فلما قدمنا من أن الإمكان لا يكون وصفاً للمستعد، بل للمستعد له، وهنا جعل وصفاً للمستعد.

(5) أعني كون الإنسان يمكن أن يوجد في النطفة، ويكون من الوصف بحال المتعلق كما قيل.

(6) وهذا أيضاً ليس من الجهات.            

(7) أي الإمكان الاستعدادي.

(8) وهي ما عدى المجردات؛ لأنها هي التي يكون فيها القوة أو التهيؤ لشـيء آخر، واما المجردات فليس فيها قوّة وتهيؤ، بل كلّها فعليات، إذ القوّة والتهيؤ من شأن الناقص لا الكامل، وهي كاملة جامعة لجميع فعلياتها.

(9) أي والإمكان الوقوعي بالمعنى الثاني؛ أعمّ من الإمكان الاستعدادي بحسب محال، ويوجد في المجردات، لأنه لا يلزم من فرض وقوعها محال، ولذا هي (والفرق بينه) أي بين الإمكان الاستعدادي (و) بين إمكان (ذاتي رعي) من
 

التحقق([464]) ومورد الاجتماع، لا بحسب الصدق، وذلك لأن الإمكان الوقوعي بالمعنى الثاني يتحقق في واقعة، وقد قلنا: أن الإمكان الاستعدادي مختصّ بالماديات، والوقوعي بالمعنى الثاني يوجد فيها وفي غيرها، فهو أعمّ بحسب المورد، أعني بحسب التحقق.

وأما بين الوقوعي بالمعنى الثاني وبين الإمكان الذاتي، فبحسب ظني أن بينهما
وجوه، مذكورة في الأفق المبين(10) والأسفار.

الأول قولنا: (لكونه) أي الاستعدادي(11) (من جهة بالفعل(12))
لأنه من الأمور المتحققة في الأعيان(13) لكونه كيفيّة(14)
حاصلة للمادة(15) مهيّئة إياها لإفاضة المبدأ(16) الجواد

 

عموماً من وجه، لا عموم من المطلق، والعموم في جانب الإمكان الذاتي([465])، وذلك لتحقق الإمكان الوقوعي بالمعنى الثاني في الله عز وجل ، فإنه لا يلزم من فرض وقوعه محال تعالى عن ذلك، دون الإمكان الذاتي فإنّه تعالى غير مسلوب عنه الضرورتان لثبوت ضرورة الوجود له، ويوجد الإمكان ذاتي دون الوقوعي بالمعنى الثاني في عدم العقل الأول، فإنه مسلوب عنه الضـرورتان، ولذا كان معلولاً، ولكن ليس فيه إمكان وقوعي بالمعنى الثاني؛ لأنه يلزم من فرض وقوعه محال، إذ لو عدم العقل الأول لزم
عدم الواجب؛ لأنه لازم له ومستحيل وجود العلة بدون المعلول، ويجتمعان في وجود العقل الأول وسائر الوجودات الممكنة، فإنها ممكنة ذاتاً ولا يلزم من فرض وقوعها محال.

(10) للداماد([466]).

(11) أي الإمكان الاستعدادي.

(12) أي متحصل بالفعل، أي في الحال.

(13) أي فيه الخارج.

(14) هذا تعليل إلى كونه متحققاً في الأعيان.

(15) أراد بالمادة بالمعنى الأعمّ، وهي ما كانت محلاً لشـيء آخر، أو ما كان يوجد معه شيء آخر.

(16) المبدأ فاعل الافاضة، وقوله وجود الحادث مفعول لها.

وجود الحادث فيها، كالصور(17) والأعراض أو معها(18)
كالنفس المجردة(19) بخلاف الإمكان الذاتي(20). فالتهيؤ، من حيث إنه
كيفية مخصوصة في المادة بالمعنى الأعمّ(21) أمر بالفعل(22) ومن
حيث إنه(23) إمكان وقابلية(24) للمستعد له، أمر بالقوّة(25).

وأما ما ذكره في الأسفار(26) بقوله: لكونه
 

(17) هذا مثال لوجود الحادث المفاض في المادة.

(18) هذا عطف على قوله (فيها) أي مهيّئة لإفاضة المبدأ الجواد، وجود الحادث معها.

(19) فإنها لا تفاض في المادة؛ لأنها متعلقة بالمادة لا في المادة كما سيجيء، بل تفاض مع المادة.

(20) حيث إنه ليس له جهة فعلية، حيث إنه غير متحقق في الخارج، إذ أنه عدم محض؛ لأنه سلب الضـرورتين.

(21) وهو ما يوجد معه الشـيء، أو يحلّ فيه، وليس المراد بالمادة بالمعنى الأخصّ، وهو ما كان محلاً للشـيء.

(22) هذا خبر قوله فالتهيؤ

(23) أي التهيؤ

(24) عطف تفسير للإمكان.

(25) اي في قوة الشـيء المستعد له وفي تقديره([467])، وقابل لأن يكون الشـيء المستعد له.

(26) غرضه من هذا دفع إشكال عن الاسفار([468])، وهو أنه في بيان كون الإمكان الاستعدادي له جهتان، ذكر لمحلّه الجهتان، لا لنفسه.

وحاصل دفعه: أن ذكره للمحل من قبيل التنظير، أو لأجل التبعية كما سيجيء.

بالفعل(27) من جهة أخرى(28)غير جهة كونه قوّة وإمكاناً(29) لشـيء(30) فإن المني(31) وإن كان بالقياس إلى حصول الصورة الإنسانية له بالقوّة لكن بالقياس إلى نفسه وكونه ذا صورة منوية بالفعل. فهو ناقص الإنسانية، تام المنوية، بخلاف الإمكان الذاتي الذي هو أمر سلبي محض وليس له من جهة أخرى معنى تحصّلي(32) (فلعل المراد به(33) التنظير، أو أن العرض(34) سيّما الكيفيّة الاستعدادية(35) لما كان تابعاً للموضوع، ففي الفعلية والقوّة تابع له.

(27) أي لكون الإمكان الاستعدادي.

(28) وهي من جهة ذاته، فإنه من الأمور الخارجية كما تقدّم.

(29) أي يمكن وجود ذلك الشـيء فيه، فلما كان الإمكان الاستعدادي فيه هذه الجهة، وهي الوصفية للمعدوم، صار بالقوّة بالنسبة إلى ذلك المعدوم.

(30) إمكاناً استعدادياً.

(31) هنا نقطة الإشكال، إذ أن المني هو محل الإمكان، وكان عليه أن يذكر التهيؤ.

(32) بل هو قوّة صرفة وقابلية محضة للوجود أو العدم، وليس له معنى تحصّلي، بل هو عدم؛ لأنه عبارة عن سلب الضـرورتين.

(33) أجاب عن الاسفار([469]) بجوابين:

الأول: أن المراد تنظير الإمكان الاستعدادي بالمني الذي هو محله، فكما أنه للمني جهتين الفعلية والقوّة، فكذا للإمكان الاستعدادي.

الثاني: سيذكره.

(34) هذا هو الجواب الثاني عنه: وهو مبني على مقدّمة، وهي أن العرض تابع لموضوعه، فإن كان له جهة قوة وفعلية، كان كذلك، وإن كان له جهة قوّة كان كذلك.

(35) إنما خص الكيفية الاستعدادية بالذكر دون من عداها من الاعراض؛ لأنها اضعف الأعراض وجوداً وتحصلاً، لانتسابها لأمر عدمي، فجهة القوة والفعلية فيها يظهر أزيد.

فالإمكان الاستعدادي لما كان موضوعه مركباً من الفعلية والقوّة، فهو فعل(36) من جهة، وقوة من جهة، بخلاف الذاتي(37) فإن موضوعه ليس بالفعل(38) حتى في الوجود والعدم، فهو القوّة الصـرفة(39). وإلا فالكلام(40) في الإمكان الاستعدادي لا في موضوع الاستعداد(41). (و) الثاني (كون) إمكان (ذاتي له)
أي للاستعدادي(42) (كالأصل)(43) من وجهين: أحدهما(44)

 

(36) أي فالإمكان الاستعدادي فعل من جهة تحصّله، كما أن موضوعه فعل من جهة تحصّله،وبالقـوّة مـن جهة كونه هي قوّة المستعـد له،كما أن موضوعه في قوة المستعد له.

(37) أي الإمكان الذاتي.

(38) حيث إن موضوعه هو الماهية، التي يحلّلها ويفكها العقل عن كل الاعتبارات حتى الوجود والعدم، فموضوعه ليس له تحصّل أصلاً.

نعم له جهة قوّة، إذ موضوعه له قابلية الوجود والعدم، كالهيولى التي لها قابلية الصور.

(39) أي الغير المشوبة بالفعلية، فالإمكان الذاتي هو القوة الصـرفة؛ لأن الوجود والعدم كما أن موضوعه كذلك في أن له قابلية الوجود والعدم.

(40) من أن له جهة فعلية وجهة قوّة، أي وإن يحمل كلامه على التنظير أو التبعية. يرد عليه: أن الكلام في نفس الإمكان، لا في موضوعه، وأنت بيّنت موضوعه([470]).

(41) فلا معنى لجعل كلام الصدر فيه، فلابدّ من تأويله بما ذكرنا.

(42) أي للإمكان الاستعدادي، أي بالنسبة له.

(43) الاصل هو ما ابتنى عليه غيره، أي الذاتي، كالأصل للاستعدادي.

(44) وعلى هذا تكون الكاف كاف تشبيه؛ لأن الذاتي بهذا الوجه ليس أصلاً
 

أن الاستعدادي كأنه الذاتي(45) مع زيادة اعتبار(46) وثانيهما(47) أن
الذاتي منشأ(48) الاستعدادي، لأن الهيولى(49) التي هي(50) مصحّحة(51)
جهات الشـرور، أنما نشأت من العقل الفعّال(52) بواسطة جهة الإمكان

 

للاستعدادي، بل شبيه بالأصل؛ لأنه شبيه بالجزء.

(45) في تعين المستعد له، وقرب حصوله.

(46) وهو حصول بعض الشـرائط، وارتفاع بعض الموانع، فالذات كالجزء له، وكالجزء كالأصل للشـيء، وأما بناء على التفسير الثاني الذي ذكره الاستاذ، فهو أصل وجزء حقيقة، وأيضاً بناء عليه لا يتأتى الفرق الأول؛ لأنه لا يكون كيفية استعدادية، حتى يكون له جهتان.

(47) وعليه تكون الكاف تطبيقية، كقولنا الضاحك كالإنسان؛ لأنه عليه يكون الإمكان الذاتي أصلاً للاستعدادي، لا أنه شبيه بالأصل.

(48) أي بواسطته حصل.

(49) التي هي محل الإمكان الاستعدادي؛ لأن لها استعداداً إلى الصورة النوعية كما سيجيء تفصيله إن شاء الله.

(50) هذا قيد واقعي، لا دخل له في المقام.

(51) لبعدها عن مبدأ النور، والوحدة الجمعية، وعالم الخير، ولاتصالها بعالم العدم الذي هو الشـر، كما تقدّم أن الوجود خير محض، والعدم شـر محض.

(52) على رأي المشائين هو العقل العاشـر([471])، وعند العرفاء هو رب النوع.

الذاتي فيه(53). (و) الثالث: (أن مقويّاً عليه)أي ما عليه القوّة(54) والاستعداد (عيّنا) في الاستعدادي، لأنه(55) توجه في طريق خاص إلى كمال مخصوص، كاستعداد النطفة الإنسانية لصورتها(56) بخلاف ما يضاف إليه الذاتي(57) لأنه كلا الطـرفين(58) من الوجود والعدم، والتعيّن ناش من قبل الفاعل. (و) الرابع(59)

(53) أي في العقل الفعّال، فلو لم يوجد الإمكان الذاتي في العقل الفعّال، لما صدرت منه الهيولى، وذلك أنه سيجيء من إثبات أن الواحد لا يصدر منه إلا الواحد، من أن كثرة المخلوقات من تعدد الجهة، فالعقل الأول باعتبار إمكانه ونفسه، صدر منه العقل الثاني والفلك الأول، وكذا العقل الفعّال باعتبار جهة إمكانه، إمكاناً ذاتياً صدرت منه الهيولى، التي هي محل الإمكان الاستعدادي.

وأعلم أن هذا إنما يتم بناءاً على المشهور، من أن العقل الفعّال ماهية، وأما بناءاً على رأي المصنف من أنه وجود بحت، فالإمكان الذي فيه ليس إمكاناً ذاتياً؛ لأن موضوعه الماهية، ولا ماهية هنا، بل هو إمكان فقري؛ لأن موضوعه الوجود.

وعليه فلا يتم المدعى من كون الإمكان الذاتي هو الأصل بهذا الوجه.

(54) أي ما أضيفت له القوة والاستعداد، أي المستعد له.

(55) أي الإمكان الاستعدادي.

(56) لا للفرسيّة، فالمستعد له متعيّن.

(57) أي المقوّي عليه في الإمكان الذاتي، فإنه لم يعين بحسب نفس الإمكان، فإنه يجوز أن يكون العدم، ويجوز أن يكون الوجود، نعم قد يتعيّن المقوي عليه بواسطة الفاعل، فإن كان هناك فاعل الوجود، تعيّن الوجود، وإلا فالعدم.

(58) أي لأن ما يضاف إليه الذاتي.

(59) وحاصل هذا الفرق الرابع أن الإمكان الاستعدادي يجوز أن يزول، فإنه عند حصول المستعد له ينتفي الاستعداد له، ويكون حينئذٍ بالفعل، بخلاف الذاتي فإنّه لا
 

أن (فيه) أي في الاستعدادي (سوغ أن يزول الممكنا) أي عن الممكن(60) بحصول المستعد له، لأن الاستعداد يرتفع بطريان الفعلية(61) بخلاف الذاتي، فإنه لازم الماهية دائماً، ويجتمع مع الغيريين(62) كما مرّ(63).

(و) الخامس (أن هذا) أي الاستعدادي (في محل الممكن)(64) أي في مادته(65) بالمعنى الأعمّ من محل الصور النوعية(66) والموضوع(67) والمتعلّق(68).

يزول وإن حصل المقوي عليه، وهو الوجود، فإنّه باقٍ في الممكن كما تقدّم.

(60) أشار إلى أن الممكن منصوب بنزع الخافض.

(61) للمستعد له، وإنما كان يرتفع الاستعداد بطرقِ الفعلية؛ لأن القوّة بالنسبة للمستعد له - التي كانت مأخوذة فيه - ترتفع.

(62) وهما الامتناع بالغير، والوجوب به.

(63) في كل المباحث المتعلقة بالإمكان ولواحقه من عدم المنافاة.

(64) أي الإمكان الاستعدادي قائم في مادة الممكن، فإن الإنسانية التي ]هي[ ممكن استعدادي ليس الإستعداد - الذي هو ذات الإمكان الاستعدادي - موجود في ماهيتها، بل موجود في مادتها، وهي النطفة، بخلاف الإمكان الذاتي، فإنه قائم بماهية الشـيء.

(65) أشار إلى أن المراد بالمحل هنا، المادة بالمعنى الأعمّ([472])، لا محل الصور النوعية بخصوصه، كما هو المتعارف في اطلاقه.

(66) أو الشخصية في الأنواع والأشخاص.

(67) في الأعراض.

(68) في النفوس، وأما المادة بالمعنى الأخصّ، فهي عبارة عن خصوص محل الصور النوعية.

 وإنما كان قائماً بمحلّه(69) لأنه المتصف بالاستعداد(70) والقرب والبعد(71) حقيقة. وإنما يوصف به الممكن(72) لتعلّقه به(73) وانتسابه إليه. فهو بالوصف بحال المتعلق أشبه(74). وأما الذاتي، فهو وصف الممكن بحسب حاله(75). (و) السادس أن (فيه شدّة وضعفاً أيقن(76)). فاستعداد النطفة للصورة الإنسانية أضعف(77) من استعداد العلقة(78) لها، وهو(79) من استعداد(80) المضغة، وهكذا(81) إلى استعداد البدن الكامل(82). وإنما يحصل الاستعداد التام(83)
 

(69) أي بمادته بالمعنى الأعمّ.

(70) الذي هو ذات الإمكان الاستعدادي، وعبارة عنه، ليس المتصف به الممكن بالإمكان الاستعدادي، أي المستعد له، إذ هو معدوم والاستعداد موجود.

(71) الذي هو من مراتب الاستعدادي؛ لأن الاستعداد إلى الشـيء يكون قريباً، ويكون بعيداً، كما سيجيء إن شاء الله تعالى.

(72) أي (بطروء)،إنما يوصف بالإمكان الاستعداد الممكن بالإمكان الإستعدادي.

(73) أي لتعلق الإستعداد بالممكن.

(74) لأن الإمكان الإستعدادي ينبغي أن يوصف به المستعد، لقيام الإستعدادية، ولكن لما تعلّق الأستعداد بالممكن- والممكن كان متعلّقاً بالإستعداد- وصف بالإمكان الاستعدادي.

(75) لقيامه به.

(76) أي أعلم.

(77) فيكون الإمكان الإستعدادي للصورة الإنسانية ضعيفاً.

(78) للصورة الإنسانية.

(79) أي واستعداد العلقة للصورة الإنسانية، فالضمير الثاني عائد لاستعداد العلقة، والأول راجع للصورة الإنسانية.

(80) أي اضعف من استعداد المضغة للصورة الإنسانية.

(81) مثلاً استعداد العلقة للصورة الإنسانية، أضعف من استعداد العظام لها.

(82) الذي هو محل الصورة الإنسانية.

(83) هذا لبيان اشدية الإمكان الاستعدادي، الذي لا يكون مرتبة اشد منه، وبعده

بعد تحقق الذاتي(84) بحدوث(85) بعض الأسباب والشـرائط، ورفع بعض الموانع، وينقطع استمراره(86) إما بحصول الشـيء بالفعل، وإما بطريان بعض الموانع(87).

يكون الشـيء فعلياً.

(84) أي الإمكان الذاتي للمستعد له.

(85) أي مع حدوث.

(86) أي استمرار الاستعداد.

(87) عن حصول المستعد له فيرتفع الاستعداد.

 

 

الفريدة الثالثة

في القدم والحدوث


 

 [24]

غرر في تعريفهما وتقسيمهما

إذ الوجودُ لم يَكُنْ بَعْدَ العَدَمْ
 

 

أو غَيْرِهِ فَهْوَ مُسَمّى بالقِـدَمْ
 

وادْرِ الحُدوثَ مِنْهُ بالخـلافِ
 

 

صِفْ بالحقيقيِّ وبالإضـافي
 

وَيوْصَفُ الحُدوثُ بالذاتِـيْ وذَا
 

 

قَبْلِيّةً لَيسِيّة الـذّاتِ خُـذا
 

أَو عَبَّرَنْ بالعَدَمِ المجامِعْ
 

 

كما يكونُ سَبْقُ لَيْـسَ واقِعْ
 

مُنْصَرِمٌ يُنْعَـتُ بالزَّمانِي
 

 

كالطّبْعِ ذِي التَّجْدِيْدِ كُـلَّ آنِ
 

دَهْرِي أبدَا سَيّدُ الأفاضِـلِ
 

 

كذاك سَبْقُ العَـدَمِ المُقـابِلِ
 

بسابِقِيَّـةٍ لَهُ فَكِّيَّـةْ

 

لكِنَّ في السِلسِلَـةِ الطُّوْلِيَّةْ
 

والحادِثُ الإسْمِيْ الّذِيْ مُصْطَلَحِـيْ
 

 

إن رُسِمَ اسْمٌ جا حديثٌ مُنْمَـحِيْ
 

تَباينَ الوصفيُّ لا العَزْلِي أثَرْ
 

 

مِمَّنْ لِعَقْلٍ كأبِيْنا لِلْبَـشَرْ
 

فَالحَقُّ قَدْ كانَ ولا كَوْنَ لِشَيءْ
 

 

كَما سَيُطْوى الكُلُّ بِالقاهِـرِ طَيْ
 

فَذِيْ الحدوثاتُ التي مَرَّتْ جُمَـعْ
 

 

لِما سُوى ذي الأمْرِ وَالْخَلْقِ تَقَـعْ
 

جُزْئِيّةً كليةً جزءً وكُـلْ
 

 

وكانَ حِفْظُ كُلِّ نَوْعٍ بالمَثَلْ
 


 

في القدم والحدوث

[24]

غرر في تعريفهما وتقسيمهما

(إذ الوجود لم يكن بعد العدم) لا المقابل ولا المجامع(1)
(أو) بعد (غيره) ترديد(2) في العبارة؛ يعني(3) إن شئت، عرّف

 

(1) العدم المقابل هو الذي لم يجتمع مع وجود الشـيء أصلاً، ويسمّى هذا العدم (العدم الفكي) وهو على قسمين:

]القسم الأول[: عدم فكي للشـيء في السلسلة الطولية([473])، كعدم المعلول في مرتبة العلة، مثل عدم العالم الجسماني في مرتبة العقول.

والقسم الثاني: عدم فكي للشـيء في السلسلة العرضية، كعدم الشـيء في مرتبته قبل زمان وجوده، مثل عدم زيد قبل عشرين سنة، أما العدم المجامع([474]) لوجود الشـيء السابق عليه، فهو سلب الضـرورتين السابق على وجود الممكن؛ لاتصاف ماهيته به قبل وجوده، وبعد الوجود أيضاً مجامع له، ومتى الوجود كان سابقاً أحد هذه الاعدام فهو حادث، وليس يلازم في الحدوث عليه، أن يكون سابقاً عليه كل هذه الاعدام، وكذا لا يشترك في قدمه، عدم سبق هذه الاعدام بأجمعها عليه، بل يكفي سبق واحد منها.

ومن هنا ظهر أن في عبارة المصنف تسامحاً، والأولى أن تؤوّل هكذا، إذا الوجود لم يكن بعد فرد من العدم، لا إذا الوجود لم يكن بعد أفراد العدم بأجمعها.

(2) اشار إلى أن (أو) في النظم إنما هي للتنويع في التعبير.

(3) الأولى أن يعتبر بالألف المقصورة بالبناء للمجهول، أي يعني بقولنا ترديد في العبارة.

بهذا(4) وإن شئت عرف بذاك. كذا وقدّ عرّف العقلاء بكل واحد والمال واحد(5)، إذ المراد بالغير أعمّ من العلّة والعدم.

(فهو) أي عدم الكون المذكور (مسمّى بالقدم). فيه إشارة(6)
 

(4) غرضه([475]) بهذا البيان دفع ما أشكل على المتقدّمين، حيث عرّفوا القِدم بالتعريف الأول: وهو عدم مسبوقية الوجود بالعدم([476]). وعرّفوا الحدوث: بمسبوقية الوجود بالعدم([477]).

وحاصل الإشكال: هو أن العدم على ما يتبادر منه عرفاً، هو العدم في الزمان السابق، وحينئذٍ هذا التعريف لا يشمل الحادث الذاتي كالعقول عندنا؛ لأنها ليست مسبوقة بالعدم المقابل، إذ لم تكن معدومة سابقاً، فلذا عدلوا عن هذا التعريف، وعرّفوا الحادث بالمسبوقية بالغير([478])، وعرّفوا القِدم بعدم المسبوقية بالغير، واراد بالغير أعمّ من العلة والعدم، والمصنف اشار إلى دفع الإشكال بأن مرجع هذين التعريفين إلى معنى واحد، وهو عدم المسبوقية بالعدم([479])، والمسبوقية به؛ لأن المراد بالغير اعمّ من العلة والعدم، والعلة إذا كانت سابقة، فمعناه أن العدم كان سابقاً، لأن العلة للشـيء تستلزم إمكانه، الذي هو عبارة عن العدم المجامع لوجود الشـيء، والسابق عليه أيضاً.

(5) وهو مسبوقية العدم، وعدم مسبوقيته.

(6) حيث اتى بلفظ المسمّى، فيكون معنى لمدلول لفظ القدم.

إلى أن التعريف شـرح الاسم(7). ثمّ شـرعنا في ذكر أقسام القدم والحدوث وتعريف أكثرها(8) بقولنا (صف) كلا من القدم والحدوث (بالحقيقي وبالإضافي). أما الحقيقي منهما، فظهر. وأما القدم الإضافي(9) فهو كون ما مضـى من زمان وجود شـي‏ء أكثر مما مضـى من زمان وجود شيء آخر،
والحدوث الإضافي كونه أقل. (ويوصف الحدوث بالذاتي و) تعريف (ذا قبلية ليسية الذات خذا) مؤكد بالنون(10) الخفيفة (أو عبرن)(11) بدل ليسية الذات (بالعدم المجامع) يعني الحدوث الذاتي مسبوقية وجود الشي‏ء بالليسية الذاتيّة(12)

(7) لأنهما من عوارض الوجود، فهما من اعرف الاشياء، وكنههما في غاية الخفاء، فهي ليس لها جنس ولا فصل ولا خاصة، لأنهما ليسا بماهيّـة (وادر الحدوث منه) أي من القدم متعلّق بقولنا: (بالخلاف) أي ادر الحدوث بخلاف القدم. يعني أنه المسبوقية بالعدم أو بالغير. وقدّ تقدّم في أوائل وحدة الوجود ما ينفعك هنا، فراجع.

(8) وهي اقسام الحدوث، وأقسام القِدم تعرف منها، لأنها بخلافها.

(9) إنما لم يتعرض له، ولا للحدوث الاضافي في المتن؛ لأنه في الحقيقة ليس بقدم ولا حدوث، ولذا قيّدا بالاضافيين، وهما الشائعان في السنة العرف([480]).

(10) غرضه دفع توهم ما([481])، ربما يقال من أنه لا وجه لإتيان الألف في هذا. فأجاب: بأنها نون توكيد خفيفة، وهي تقلب ألف عند الوقف.

(11) اشار إلى أنه لا فرق في التعبير بهذين اللفظين في بيان هذا القسم من الحدوث.

(12) أي بالإمكان، وهذا السبق يسمّى بـ(السبق بالماهية) وذلك بأن يكون الشـيء
 

أو المسبوقية بالعدم المجامع.

وهما الإمكان الذي(13) هو لازم للماهية أعني لا اقتضاء الوجود والعدم من ذاتها(14) كما قال الشيخ(15): الممكن من ذاته أن يكون ليس، وله من علّته أن يكون أيس (كما يكون سبق ليس واقع(16)) أي العدم المقابل الذي يقال له
 

بالنسبة إلى الماهية بالذات، والمسبوق عليه بالغير، ومن هنا قيل أن اجزاء الماهية سابقة على وجودها([482])؛ لأنها بالذات للماهية، والوجود بالغير، وما بالذات مقدّم على ما بالغير، ولا شك أن الإمكان أي الليسية ذاتي للماهية كما تقدّم، فهو سابق على وجودها؛ لأنه بالغير، وقد اشار إلى ذلك بالحاشية([483])، فلا يرد ما ذكره بعضهم أن الوجود أصيل والماهية منتزعة من حدوده، فليس لها ولا لأجزائها ولوازمها السبق عليه([484]).

(13) الضمير عائد للعدم المجامع، وإلى الليسية الذاتية.

(14) متعلق بقوله لا اقتضاء.

(15) هذا شاهد([485]) على كون الممكن من ذاته، لا اقتضاء، وان هذا العدم
لازم له.

(16) اي عدم واقعي وثابت في الواقع.

العدم الزماني (منصـرم) أي منقطع(17) (ينعت) خبر يكون
(بالزماني) أي يستحق(18) هذا الوصف (كالطبع)(19) أي كحدوث
الطبع (ذي التجديد) في (كل آن) بمقتضـى(20)
  

(17) بوجود المعدوم، وليس بجامع وجوده.

(18) هذا المعنى، وهو أن يوصف بالحدوث الزماني([486]).

(19) وهو طبع العالم الجسماني، أي طبيعته، فإنه متجدد في كل آن، فهو مسبوق بالعدم المقابل.

(20) هذا متعلق بقوله ذي التجدد.

الحركة الجوهريّة(21).

حدوث (دهري أبدا)(22) أي أبداه (سيّد الأفاضل) وهو السيّد المحقق الداماد البارع في الحكمة الحقّة، بحيث قيل له المعلم الثالث قدّس الله نفسه، وروّح رمسه.

(21) لطبع العالم التي اثبتها الملا صدرا([487])، وسيجيء بيانه مفصّلاً.

(22) منشأ القول به أن العالم على رأي المتكلمين حادث زماني([488])، بمعنى أنه وجد العالم بعد مضـي زمان على عدمه، والحكماء لا يسلّمون بهذه المقالة([489]) ونظرهم أن العالم إنما هو حادث ذاتي، وليس له عدم سابق على وجوده زماناً، مستدلين على ذلك بدليلين:

]الدليل[ الأول: هو أن الله عز وجل أما أن يكون علّة تامة لوجود العالم، أو علّة ناقصة، لا سبيل إلى الثاني، إذ لا علة سواه، وإن كان علّة تامة، فيستحيل وجودها بدون وجود معلولها، فيستحيل أن يكون العالم بعد مضـي عدمه؛ وإلا لم يكن علّة تامة، لتخلف المعلول عنها، فلابد بوجوده وجود العالم، فهو قديم زماني، وما ذكر من المصلحة والإرادة باطل، كما ذكر الشيخ الرئيس في كتبه([490]).

والدليل الثاني: أنه لو كان كما ذكرتم من مضي عدم العالم، يلزم أن تكون افاضة الله عز وجل لوجود العالم ممكنة لا واجبة؛ لانسباقها بالعدم، فيلزم أن يكون واجب الوجود مركّباً، لأنه له جهة وجوب وهو من حيث ذاته، وله جهة إمكان من حيث
 

فهو يقول بحدوث العالم حدوثاً دهرياً. وقد بسط القول فيه بما لا مزيد عليه (كذاك)(23) أي مثل الحدوث الزماني(24) (سبق العدم المقابل)
 

افاضته، والتركيب فيه مستحيل كما سنبرهن عليه، وأيضاً قد قيل أن واجب الوجوب واجب الوجود من جميع الجهات.

ولما جاء السيد الداماد ورأى حقيّة هذين الدليلين، والحالة مع أن الشـرائط مجمعة على أن العالم حادث، أراد أن يرفع منافاة هذين الدليلين، لأجماع الشرائع، فقال بالحدوث الدهري للعالم([491])، بأن قال الاجماع في الشرائع ليس إلا على أن العالم وجود بعد العدم، والعالم لا شك أنه غير موجود في مرتبة الله عز وجل وسمّي
هذا - وهو عدم وجود الشـيء في مرتبة علّته – بـ(الحـدوث الدهري). ولكن الملا صـدرا قال([492]): وإن كان ما ذكره الداماد([493]) صحيحاً من الحدوث الدهري، إلا أن الحق أن الاجماع إنما قائم على أن العالم الجسماني- لا مطلق العالم النوراني والجسماني - حادث زماني كما قال المتكلمون([494])، فأثبت حدوثه الزماني بالحركة الجوهرية، لا بما قاله المتكلمون([495]) من مضـي زماني لم يوجد فيه العالم، حتى يرد عليه الاشكالان، وسيجيء ذلك تفصيلاً.

(23) خبر قوله سبق العدم المقابل.

(24) في كون كل منها سابقاً عليه عدم انفكاكي، غـير مجامع للوجود ولكن الفرق بينهما أن الأول انسباق عدمه في السلسلة العرضية، والثاني في الطولية.

على وجود الشـي‏ء (بسابقية له) أي للعدم (فكية. لكن) مقابلة العدم وسبقه الانفكاكي (في السلسلة الطولية)(25) بخلافهما(26) في الحدوث الزماني، فإنهما في السلسلة العرضية(27). ولنمهد لبيان ذلك(28) ثلاث مقدّمات:

الأولى: أن كل موجود، فلوجوده وعاء أو ما يجري مجراه(29).
فوعاء السيالات كالحركات والمتحرّكات(30) هو الزمان(31)
سواء كان(32) بنفسه أو بأطرافه(33) من الآنات المفروضة التي
هي أوعية الآنيات كالوصولات إلى حدود المسافات. وما كان بنفسه(34)

 

(25) وهي سلسلة عالم العلة وعالم المعلول.

(26) أي بخلاف مقابلة العدم وسبقه الانفكاكي.

(27) وهي سلسلة عالم المعلول أي المعلولات، فإن عدم الشـيء في هذه المرتبة السابق على وجوده فيها يقال له حدوث زماني.

(28) أي الحدوث الدهري، وإنما بيّنه وبسط فيه القول؛ لأن كلامه لا يخلو من إبهام.

(29) وهو ليس إلا رتبة وجود الشـيء.

(30) وهي فاعل الحركات، وسيجيء أنه وعاء لها.

(31) ولا ينافي أن تكون اطرافه وعاءً إلى غيرها.

(32) هذا تقسيم لوعائه مطلقاً، لا لوعائيّته بالنسبة إلى السيّالات، حتى يشكل عليه أن ]الآنات [ليست من السيّالات.

(33) وهي التي تكون طرفه آخره عند فرض انقطاعه.

(34) أي والذي كان الزمان بنفسه وعاءاً له، وقد ذكر له قسمان وأهمل ثالث، وهو وعاء الزمان للزمان، فإن الزمان بنفسه وعاء لنفسه، كما أن الضوء مضـيء بنفسه، وقد ذكر هذا القسم في الحاشية([496]) كذا قرّر الاستاذ.

أعمّ من أن يكون على وجه الانطباق(35) كالقطعيات من
الحركات(36) أو لا على وجه الانطباق، كالتوسطيات(37) منها(38).
وما يجري مجرى الوعاء للمفارقات النورية(39) هو الدهر،

 

وأقول: لا يخلو هذا من تعسف، إذ الشـيء لا يكون ظرفاً لنفسه وإن كان يمكن أن يكون مضيئاً بنفسه، ويمكن توجيه عبارته في المتن، نعم يمكن أن يعد هذا بما يجري مجرى الوعاء.

(35) على الزمان كانطباق الذارع على المذروع.

(36) إعلم أن للشـيء حركتين([497]):

]الحركة[ القطعية: وهي الحركة والانتقال الممتدة من المبدأ إلى المنتهى، وهي أمر منتزع من وجود الشـيء المتحرك في اجزاء المسافة باعتبار الآنات، وسيجيء تفصيلها في مبحث الطبيعيات.

(37) والحركة التوسطية، وهي كون المتحرك متحركاً من المبدأ والمنتهى، كنقطة الحبر التي يخط القلم منها الخط، وهذا الكون أمر بسيط، والبسيط ليس بمنطبق على الزمان؛ لأنه مقدار، ولا مقدار للبسيط حتى ينطبق عليه، وإنما كان الزمان ظرفاً له لأنها واقعة فيه، وسيجيء تفصيل ذلك في الطبيعيات.

(38) أي من الحركات.

(39) وهي العقول الكلية والنفوس، وسمّيت مفارقات؛ لأنها فارقت
المادة.

وهو كنفسها(40) بسيط مجرّد عن الكمية والاتصال والسيلان ونحوها(41). ونسبته(42) إلى الزمان نسبة الروح إلى الجسد(43). وما يجري مجرى الوعاء للحق وصفاته وأسمائه هو السـرمد(44).

الثانية: أن للوجود بالإجمال سلسلتين(45) طولية وعرضية. أما الطولية فبعد مبدئها(46) وهو مبدأ المبادي(47) وغاية الغايات(48) واللاهـــــوت(49)
 

(40) وبعبارة أجمل واوضح هي مرتبة وجودها.

(41) من خواص الجسم كالتحيّز.

(42) أي ونسبة الدهر إلى الزمان.

(43) وهنا اراد بالروح النفس، فكما أن النفس محيطة بالجسد، كذلك الدهر محيط بالزمان؛ لأن المفارقات النورية محيطة به، وهو خاص بعالم الجسم.

(44) وهي ايضاً مرتبة وجودها، وهو محيط بالكل.

(45) وإنما قيّد بالإجمال؛ لأنه لكل مرتبة من المراتب؛ لان لبعض مراتب السلسلة الطولية سلسلتين أيضاً - كما سيجيء - بل للسلسلة العرضية أيضاً.

(46) الذي تقدّم.

(47) فإن الخالق المتعال في حدّ ذاته لا صفة له، ولا رسم، ولا اسم، وهو علّة العلل، ويسمّى مبدأ المبادئ، وغيب الغيوب، والغيب المصون، وهو المرتبة الأولى من السلسلة الطولية، وقد تقدّم تفصيل هذا المطلب في الوجود الذهني([498]).

(48) هذا اسم ثانٍ له؛ لأنه غاية الكل وإليه ترجعون.

(49) هذا مبتدأ، وهو المرتبة الثانية من السلسلة، وهو عالم مفاهيم الاسماء، أي وجود الخالق الذي ينتزع منه مفاهيم الاسماء والصفات، التي يلزمها الاعيان الثابتة، كالله والرحمن والرحيم، فقد قيل: أن مفهوم الله عز وجل يلزمه الإنسان الكامل([499])؛ لأن

والجبروت(50) والملكوت(51) والناسوت(52).

وأما العرضية فأعني بها(53) هنا عالم الأجسام الطبيعية(54).

هذه الصفات تحتاج إلى مظهر، فالإنسان في النشأة الربوبية عين ثابتة لمفهوم الله عز وجل ، وكذا كل الصفات، وقد تقدّم في الوجود الذهني ما ينفعك في المقام فراجع.

(50) هذه المرتبة الثالثة للسلسلة الطولية، وهو عبارة عن العقول الكلية، وقيل عبارة عن الاعيان الثابتة، فإنها هي العقول، لأنها فاعلة لماهياتها، فكل ماهية لها عقل، وسيجيء تحقيق ذلك.

(51) هذه المرتبة الرابعة من السلسلة الطولية، وهي قسمان: ملكوت أعلى وهي النفوس الكلية. وملكوت اسفل وهو عالم المثال([500]).

(52) وهو المرتبة الخامسة، وهو منتهى السلسلة وآخرها، وهو عالم الجسم وعالم المادة، وهو عبارة عن الاطلس وما في جوفه.

(53) إحترز من السلسلة العرضية، فإنها يطلقها الاشراقيون([501]) على العقول العرضية، وهي ارباب النوع.

(54) أي عالمنا المادي وهو الذي يكون آخر السلسلة الطولية، وسمّي سلسلة عرضية؛ لأنه من مبدئه إلى منتهاه مشترك في المعلولية لله تعالى، وليس بعضه علّة إلى بعض
 

الثالثة: أن العدم في أحكامه(55) تابع(56) للوجود، مثل وحدتـه وكثرته وثباته(57) وسيلانه(58) ووعائه(59). فمنه زماني(60) ومنه دهري ومنه سـرمدي.

وأن راسم الأعدام في الأذهان(61) فقد كل مرتبة من الوجود للأخرى في الموجودات العرضية(62) وفقد كل وجود دان(63) للوجود العالي في الموجودات الطولية.

بنحو الفاعل، ما منه لا ما به.

(55) التي يقبل لأن يشترك معه بها، وإلا فمن جملة أحكام الوجود أنه يترتب.

(56) لأنه إنما يتميز ويتحصّص بالذي ينتزع منه، فالوجود أي حكم ترتب عليه فهو يسري إليه؛ لأن العدم ليس له هوية مستقلة كما قدّمنا، مثلاً إذا كان الوجود واحداً فالعدم يكون أيضاً واحداً؛ لأنه لم يتشخّص إلا بذلك الوجود الوحداني، فلا يكون العدم إلا وحدانياً؛ لأنه لم يكن منتزعاً الا من وجود واحد، كما أنه عند التكثر يتكثر، فعدم زيد المنتزع عن وجود عمر واحد، كما أن عدم عمر المنتزع عن متعدد هو متعدد أيضاً.

(57) بضم التاء، وهو المقابل للسيلان كوجود الخط.

(58) وهو الوجود الذي لم يكن ثابتاً، وغير قار، كالحركة والزمان.

(59) فإن كان الوجود وعاءه الزمان، فعدمه كذلك.

(60) أي فمن العدم زماني، هذا تفريع على ذكره، إن العدم تابع للوجود في وعائه، وحيث إن الوجود له هذه الأوعية، فالعدم أيضاً كذلك، فكل مرتبة ترسم لصاحبتها عدم.

(61) أي الذي ينتزع منه العدم لشـيء، فَقْدُ كل مرتبة مـن الوجود للأخرى، فالأخرى عدمها منتزع من هذه المرتبة، والموجب لانتزاعها منها هو فقدها أياه.

(62) أي في السلسلة العرضية.

(63) إعلم أنّه لما كان فاقد الشـيء لا يعطيه، والوجود العالي في السلسلة الطولية معطي الوجود لمرتبة السافل، فالعالي غير فاقد لوجود السافل، ولكن الداني بمرتبته الخاصة مفقود عن العالي، وليس موجوداً فيه، وإلا لزم انقلاب العالي دانياً، فليس
 

فإذا تمهّد هذه نقول: قول السيد  قدس سره  العالم حادث دهري، معناه أن عالم

وجود الداني مفقوداً عن العالي، بل مرتبته الخاصة به مفقودة، فالوجود العالي ينتزع منه عدم الوجود الداني، وهذا العدم وعاؤه وعاء العالي.

فإذا عرفت هذا ظهر لك أن عالم الجسم والطبيعة والمادة مسبوق بعدم إنفكاكي؛ لأن عدمه منتزع من عالم الملكوت السابق عليه، فالعدم سابق عليه؛ لأنه تابع لمنتزعه، وهذا العدم إنفكاكي غير مجامع معه في الوجود، وهذا السبق كان في الدهر، فثبت الحدوث الدهري.

واشكل عليه: بأن هذا السبق هو السبق العلّي، لا وجود الملكوت علّة لعالم الطبيعة، فكلام الداماد راجع إلى السبق في العلّية، كذا ذكره الشوارق([502]).

والجواب:

أولاً: أن السبق في العلّية يتحقق في الموجودات العرضية، كحركة اليد
 

والمفتاح، والحدوث الدهري لا يتحقق في الموجودات العرضية.

ثانياً: أن الاشعري الذي لا يقول بأن في العالم علة ومعلول، فهو لا يقول بالسبق في العلية، ولكن له أن يقول بالحدوث الدهري.

[ثالثاً]: أن الحدوث الدهري هو سبق العدم على الوجود، ولا علية بينهما.

واشكل عليه ثانياً: أن الحدوث المطلق هو المسبوقية بالغير، والغير هو العلّة، فيرجع هذا الحدوث إلى الحدوث الذاتي، الذي ]هو[ عبارة عن المسبوق بسلب الضـرورتين كما تقدّم؛ لأن هذا مسبوق بالعلّية.

والجواب: أن المسبوق بالعلّية تعريف لمطلق الحدوث، وهذه أفراده، فالمسبوق بالعدم المجامع هو الذاتي، والعدم الدهري هو الدهري، وكذا باقي الاقسام.

وهذا الإشكال إنما ذكرناه على سخافته؛ لأن المصنف ذكره في هامشه([503]).

الملك(64) مسبوق الوجود(65) بالعدم الدهري(66) لأنه مسبوق الوجود(67) بوجود الملكوت(68) الذي وعاؤه الدهر(69) سبقاً دهريا(70). فكما أن كل حدّ(71) من هذه السلسلة العرضية وكل قطعة من زمانها عدم أو راسم عدم(72) لآخر منها(73) وأخرى منه(74) كذلك كل مرتبة من السلسلة الطولية عدم أو راسم
 

(64) أي عالم الجسم والمادة.

(65) أي مسبوق وجوده.

(66) العدم الذي وعاؤه الدهر؛ لأنه منتزع من عالم الملكوت، الذي وعاؤه الدهر، والعدم تابع لمنتزعه كما سيجيء.

(67) أي لأن عالم الملك، هذا التعليل إلى أن وجود عالم الملك مسبوق بالعدم الدهري.

(68) أراد بالملكوت بالمعنى الأعمّ، وهو عالم العقول والنفوس والمثال، لا الملكوت بالمعنى الأخصّ، وهو عالم النفوس والمثال، وعالم الملكوت والملك حادث بالحدوث السـرمدي؛ لأنه مسبوق بمبدأ المبادئ الذي وعاؤه السـرمد، فهو مسبوق بالعدم السـرمدي.

(69) فيكون العدم الذي منشأ انتزاعه الملكوت أيضاً وعاؤه الدهر، والدهر أيضاً وعاء للملك؛ لأن وعاء العالي وعاء السافل.

(70) سيجيء عد السبق الدهري من أنواع السبق، وحاصله أن يكون احدهما متقدماً على الآخر في وعاء الدهر.

(71) أي كل وجود محدود، كزيد ويوم الخميس.

(72) يطلق على هذا الحدّ عدم، باعتبار أنه فاقد وجود تلك المرتبة، وراسم عدم؛ لأنه يوجب انتزاع عدم ذلك الشـيء منه.

وأشكل عليه الاستاذ: بأن اطلاق العدم على هذا الموجود لا وجه له؛ لأن العدم له حيثية إلاباء عن الوجود، والوجود له حيثية الإباء عن العدم، فكيف يطلق عليه. نعم اطلاق انه راسم عدم لا باس به.

(73) اي لحد وجود آخر من السلسلة العرضية، كزيد يرسم عدم العمى.

(74) أي وقطعة أخرى من الزمان، كيوم الخميس يرسم عدماً ليوم الجمعة.

عدم في تلك المرتبة لأخرى منها.

 فكما أن العدم هنا واقعي(75) فكذلك العدم
هناك(76) لأن الوجودات(77) واقعية، وفي مرتبة كل(78) عدم للآخر(79) بل كل عدم للآخر(80) وكل وعاء لوجود وعاء بعينه
لعدم تاليه(81) وقرينه(82). وكما أن مقادير الحركات(83)

 

(75) أي في السلسة العرضية واقعي ومتحقق في الواقع، كما تقدّم أن العدم منه واقعي ومنه مجامع.

(76) أي في السلسلة الطولية أيضاً واقعي.

(77) أي وجودات السلسلة الطولية، هذا دليل على أن العدم في السلسلة الطولية واقعي.

(78) التنوين عوض عن مضاف، أي وفي مرتبة كل وجود، رسم عدم للوجود اللاحق.

(79) فيكون العدم أيضاً واقعي؛ لأنه تابع للوجود في حكمه.

(80) أي بل كل وجود عدم للأخرى.

(81) في السلسلة الطولية، لأنه منتزع منه، فوعاء الملكوت وعاء لعدم الملك.

(82) أي ولعدم قرينِهِ، وهذا في السلسلة العرضية.

(83) توضيح هذا المطلب مع هامشه يحتاج إلى مقدمات:

الأولى: أن اليوم ليس معناه هو الحركة الدورية للفلك - كما هو المشهور - لوجود استعماله في القرآن بخلاف هذا المعنى، كإطلاق اليوم على يوم القيامة إذ لا فلك هناك كقوله: [فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ]([504]).

الثانية: إن القرآن حيث إن له معانٍ لا يدركها العقل العرفي الساذج، فلذا الله تعالى كان يُقرّبها لنا بأمور محسوسة، كما أنه لو أريد بيان لذة المجامعة إلى الطفل فيقال له أنه كالحلو، ولما يكبر يرى خلاف ذلك، ولا يكون هذا قصورا ًفي المتكلم، بل يكون

قصوراً في المخاطب.

الثالثة: أن الألفاظ لها روح ولها ظاهر، مثلاً الميزان روح معناه ما يوزن به، وهو ظاهر هذا الحديدة المخصوصة، وعلم المنطق؛ لأنه يوزن به الأمور الفلسفية، وعلم العروض؛ لأنه يوزن به الشعر، والإمام في يوم القيامة؛ لأنه يوزن الاعمال، والمفسّـرون للقرآن حيث إنه لم يدركوا روح الألفاظ، وادركوا الظاهر، كلٌ فسّـره بظاهر له، وكذا المتشابه له روح ويتردد بين ظاهره، فالجامع بين الظواهر هو معناه، فلا اختلاف في أغلب تفاسير القرآن، لان الروح واحدة، وكل يشير لها بالظاهر عنده، فراجع ترشد.

الرابعة: أن ليس المراد باليوم في قوله تعالى: [وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ]([505]) حركة الفلك الدورية، أو لم يكن هناك فلك ولا شمس، بل المراد بها باليوم مرتبة من الوجود، كأطلاق اليوم على القيامة، فالمراد بالأيام هنا مراتب وجود ستة، واختلفوا

في تعيين هذه المراتب، حتى المصنف([506]) فسّـرها تفسيرين:

بأن جعلها عبارة عن اللاهوت، والوجود المنبسط، والعقول والنفوس الكلية، والمثال والناسوت.

وجعلها بتفسير آخر هي عبارة عن الطبع، والنفس، والقلب، والروح والسـر، والخفي، وأما الأخفى فهو مقام الفناء، ولا خلقة بالنسبة إليه وبعضهم من فسّـرها بجنس الملك، وجنس الجن، وجنس النبات، وجنس المعادن، وجنس الإنسان، وجنس الحيوان.

الدورية(84) هنا(85) أزمنة كذلك مدّ سير نيّر النّور الحقيقي(86)
في قوسـي النزول والصعود(87) من مدار فلك وجودات(88)
تلك العوالم(89) أيام ربوبية(90) كما قال تعالى(91)

 

(84) أي حركات الفلك ودورانه.

(85) أي في عالم الجسم، والذي يعدم فيها، ثمّ يوجد حادث زماني.

(86) أي الوجود المنبسط للنور الحقيقي، وهو الله تعالى.

(87) وهما تلك الأمور الستة اللاهوت، والوجود المنبسط... الخ([507])، فنور الله عز وجل يسري في هذه المراتب.

(88) هذا متعلق بمد سير، والمراد بالمدار هو الله عز وجل ، واضافة فلك إلى الوجود اضافة بيانية الذي ]هو فلك[ الوجودات.

(89) الست التي مبدؤها اللاهوت وتنتهي بالناسوت، وتسمّى هذه العوالم في السنة العرفاء([508]) بالحضـرات، فيقال حضـرة اللاهوت.

(90) هذا خبر مد سير، كما أن هنا سير الشمس يسمّى بيوم، كذا مد سير النور الحقيقي، وافاضة الوجود من مبدأ المبادئ على هذه العوالم يسمّى (أيام ربوبية).

فإفاضته على أي عالم يسمّى (يوم) وحيث إنها في قوس النزول ستة، وهي في تلك السنة، فيكون اثنا عشر يوماً ربوبياً.

(91) مخاطباً لموسى، في أنه اطلق على القطعة من الوجود باليوم، وإلا فهي لم يرد بها الأيام الربوبية.

[وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ](92).

والحاصل أن العالم عنده مسبوق الوجود بالعدم
الواقعي(93) الدهري لا الزماني(94)

 

(92) وهي على ما رويت في كتب الاخبار اربعة([509]): يوم الظهور، ويوم الرجعة، ويوم القيامة، ويوم الموت، وإنما نسبهُ إلى الله عز وجل ؛ لأنه يشعر بها الإنسان بالفناء، وتظهر الوحدة.

(93) أي المتحقق في الواقع، كما تقدّم في قوله ليس واقعاً.

(94) هذا عطف على الدهري، أي لا العدم الواقعي الزماني.

الموهوم(95) كما يقول المتكلم، ولا العدم المجامع التي في مرتبة الماهية(96) فقط(97) كما ينسب إلى بعض الفلاسفة(98).

(95) إعلم أن المتكلمين([510]) لما زعموا أن العالم حادث زماني، وأنه مسبوق بالعدم الواقع في الزمان، فأشكل عليهم: أن العالم هو ما سوى الله تعالى، والزمان من جملته، فكيف يكون عدم الزمان واقعاً في الزمان، بل هذا الزمان أيضا ًحادث، فيحتاج إلى الزمان، فيلزم أن يكون للزمان ظرف، وتكون أزمنة لا تتناهى.

فأجابوا عن هذا الإشكال([511]): أن عدم العالم واقعي في زمان موهوم، لا يحاذيه شـيء في الخارج، ولا يصدق على شـيء خارجاً، ومنشأ انتزاعه بقاء الواجب، فهو أمر موهوم وليس له شأن حتى يكون من العالم، بل لا شأن له إلا شأن الواجب، فهو ليس بحادث بل واجب.

واشكل عليهم([512]): أن الزمان امر سيّال، وكيف ينتزع من وجود باقٍ على حالة واحدة لا تبدل له ولا تغير، فلذا لا الزماني الموهوم؛ لأنه باطل بالذي ذكرنا.

(96) كان عليه أن يقول الذي في مرتبة الماهية؛ لأنه صفة للعدم، إلا اللهم أن يقال: لما كان العدم المجامع هو الليسية الذاتية؛ انّث الموصول (التي)، أو من غلط الناسخ، وهو الاقرب للذوق.

(97) أي منحصـر حدوثه بهذا الحدوث، وهو مسبوقية الوجود بالعدم المجامع لمرتبة الماهية، اعني الحدوث الذاتي.

(98) حيث زعموا([513]) أن العالم حادث ذاتي فقط، وليس حادثاً بحدوث آخر.

ويردهم: أنه حادث بالحدوث الدهري أيضاً.

ويردهم أيضاً: أن الحدوث الذاتي هو مسبوقية الوجود بالعدم المجامع لمرتبة الماهية، (والحادث الاسمي(99) الذي) هو (مصطلحي) أي مما
اصطلحت أنا عليه (أن رسم اسم(100) جا)

 

فهو إنما يكون في الوجودات التي لها ماهية، وأما الوجودات التي لا ماهية لها، بل هو وجود محض، فليس لها ليسيّة ذاتية، إذ الليسية الذاتية هي سلب الضـرورتين، والوجود لا يصح مع سلب الضـرورتين، بل ضرورة الإيجاب ثابتة له، وقد ذكرنا سابقا ً- وسنبين لاحقا - أن النفوس والعقول هي من جملة العالم، وهي وجـودات محضة، فلا حدوث ذاتي بالنسبة لها، فالعالم إنما هو حادث بالحدوث الدهري.

(99) حاصله: أن هذه الماهيات كان الله عز وجل ولم تكن، فعدم كونها حادثات موجودة في وقت عند وجود المبدأ، هو معنى الحدوث الاسمي([514]).

ولابد لك أن تعرف، أن هذا الحدوث الإسمي ليس بجارٍ في الوجود عند المصنف؛ لأن نظره وحدة الوجود، وأن الوجود المنبسط قديم، نعم التعيّنات أعني الماهيات حادثة، إذ كان الله عز وجل ولم يكن معه، بخلاف الوجود المنبسط، وسمّي هذا الحدوث
 

بالاسمي([515])؛ لأن الماهيات في السنة العرفاء([516]) اسماء ومفاهيم منتزعة من حدود الوجود.

(100) أي أو حدّ وتعيّن ومفهوم خاص، جاء في الوجود المنبسط، فالرسم عند العرفاء([517]) هو الصفة، والاسم عندهم هو الماهية اعني التعين، التعين الخاص المنتزع
 

بالقصـر(101) للضـرورة (حديث)(102) أي جديد، إذ كان الله ولم يكن معه شـي‏ء ولا اسم ولا رسم ولا صفة ولا تعين، فحدث وجدد، من المرتبة الأحدية(103)
 

من حدود الوجود، واضافة رسم الراسم اضافة بيانية، اي الرسم هو الاسم، والمـراد ان المفهوم والتعيّن الخاص المنتزعين من حدود الوجود، سواء كان ذلك المفهوم مفهوماً صفتياً، أو مفهوماً ماهوياً.

(101) أي بقصـر جاء.

(102) أي حادث، وهذا خبر إلى مبتدأ محذوف جواباً لأن الشرطية، أي فهو حديث.

(103) أن مبدأ المبادئ والمرتبة التي لا مرتبة فوقها في السلسلة الطولية.

وإلى هنا يظهر ]الفرق[ بين الحدوث الدهري والحدوث الإسمي:

الأول: أن الحدوث الدهري يجري في الوجودات والماهيات، والحدوث الاسمي
لا يجري إلا في التعيّنات الصفتية والماهية، حيث جعله في خصوص الرسوم والاسماء.

والثاني: أن مرتبة اللاهوت- التي هي مرتبة اسماء الله عز وجل وصفاته- لما كانت متحدة معه وهي عينه لا كسائر المراتب، فهي قديمة بقدمه، ليست حادثة بالحدوث الدهري، وأما بالحدوث الاسمي فظاهر عبارة المصنف أنها حادثة، لأنها عبارة عن اسماء ورسوم حدثت وحدوث من المرتبة الأحدية، وعلى هذا الفرق الثاني لا يخلو عن الفساد، وأن المصنف غير مريد له، لأنه صـرّح في هامشه على شرحه للأسماء([518]) في اسم قديم، بأن اسماء الله عز وجل وصفاته قديمة اسمية، وأيضاً بناء على أن كل حادث- من أي قسم كان- لابد وان يكون له قديم من قسمه، والحادث الاسمي لابد وأن يكون له قديم اسمي، والله عز وجل ليس قديماً اسميّاً؛ لأنه ليس بإسم، فأسماء الله عز وجل وصفاته قديمات اسمية، كذا قرّره الاستاذ.

فالأصح أن يقال في تفسير عبارته: أن مرتبة اللاهوت أعني اسماءه وصفاته،
لما كانت عين مرتبة الاحدية، وإنما الاختلاف بالاعتبار، فمراده بالذي حدث من المرتبة الاحدية، أي الذي حدث منها، غير مرتبة اللاهوت؛ لأنها عينها ونفسها، فلا

 

الأسماء والرسوم(104). وكما كل ما جاء من اسم ورسم، حديث
لم يكن فكان، كذلك مطموس(105) (منمحي) عند مصير الكل(106)
إلى الملك الديان؛ كما قال سيد الأولياء(107) علي  عليه السلام  :

 

حدوث بينهما.

(104) غير اسمائه([519]) وصفاته، وغير الاسماء التي هي عنوان للوجود، لكن لا بحدوده، بل باعتبار ربطه، ككلمة كن والوجود المنبسط، فإنها قديمة، وأما الاسماء التي له باعتبار حدود، كاسم العقل الأول، فإنه اسم للوجود المتعيّن عن ماهيته.

(105) أي كذلك، كل اسم ورسم زائل عند رجوع العالم إلى الملك الدّيان، ويوم
 إليه ترجعون، وذلك لا كل حادث يزول، والاسماء حادثة، فهي تزول في ذلك الوقت.

(106) أما البرهان على أن التقديم يمتنع وقوع عدمه([520])؛ فلأنه في الأزل لو لم يكن عدمه ممتنع الوقوع لوقوع، فقدمه([521]) وقوعه ممتنع حتى يكون قديماً، وأما البرهان على أن الحادث يرجع إلى الملك الديان، لما سيجيء في مبحث الغاية أن الله تعالى هو غاية الوجودات، وإليه ترجعون.

(107) هذا راجع إلى اصل المطلب، وشاهد على أن كلّما جاء من اسم ورسم حديث

(كمال الإخلاص(108) نفي الصفات عنه).

وهذا الاصطلاح(109) أخذتها(110) من الكلام الإلهي
[إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ]([522])(111)

لم يكن فكان.

(108) المشهور في أن هذه الفقرة ناظرة إلى رد الأشاعرة([523]) القائلين بأن الله عز وجل  صفات، أما المصنف فزعم أن المراد بالصفات؛ التعيّنات والماهيات والمفهومات المنتزعة من حدود الوجود، فإذا كان كمال توحيده([524]) نفي التعينات عنه، ظهر أن الله عز وجل لم يكن معه شـيء، وجميعها مسلوبة عنه، وحادثة بعده.

(109) أي استفدت هذا القسم من الحدوث من كلام... الخ.

(110) الاصح وبحسب السليقة اخذته.

(111) وجه استفادة هذا المعنى من هذه الآية يتوقف على ذكر مقدمات:

الأولى: أن الألفاظ إنما هي موضوعة للمفهومات العنوانية والماهيات، ولا يمكن وضعها للوجود، إذ هو ليس قابلاً للإفادة والاستفادة إذ لا يجيء في ذهن ذاهن، فأسماء الاصنام مثل لات وعزى وغيرها من اسماء غيرها، إنما هي موضوعة للتعينات والمفهومات المنتزعة من حدود الوجود.

الثانية: أن الماهيات في عقولنا الضعيفة اصنام([525])؛ لأنها في نظرنا أن لها وجوداً
 

ومن كلام أمير المؤمنين(112) وسيد الموحدين علي  عليه السلام  :
توحيده تمييزه عن خلقه؛ وحكم التمييز بينونة صفة(113)

 

استقلالياً أجنبياً عن الذات المقدّسة، كالبناء والبنّاء، وترتب عليها الآثار مـن حيث تعيّنها، لا من حيث وجودها المطلق المتحد مع الذات، وهي حاكية عن وجه الله عز وجل أيضاً كالأصنام.

الثالثة: أنه تقدّم أن الماهيات والتعينات أمر نعتبره نحن، ولم يتعلق به الجعل بالذات من المبدأ الفياض، وإنما تعلّق به بواسطة الوجود.

إذا عرفت هذا فنقول: ضمير هي، وإن عاد على الاصنام التي هي عند العرب، إلا

أنّه لما كانت كل التعيّنات اصنام مثلها، فالآية جارية في جميع التعينّات والماهيات([526])، فالمعنى أن هذه الماهيات تعيّنات للوجود المطلق، لم ينزل الله عز وجل بها من قوة، ولم تكن من الله عز وجل في شـيء، فهذه الآية([527]) تدل على أن هذه التعيّنات لم تكن مع الله عز وجل ، وهي موجودة بعده، لأنها منتزعة من الوجود الذي هو معلول له تعالى.

(112) أي واخذت هذا الاصطلاح من كلام... الخ.

(113) بعضهم فسّرها بأن الله عز وجل والممكنات متحدة الوجود، والتمايز بالصفة، لأنه هو اشدّ، والممكنات اضعف.

وذكر لها تفسير ثانٍ وحاصله: أن المخلوقات مرتبطة به، ومتعلّقة به تعلّق الصفة بالموصوف.

ولها تفسير ثالث: أن المراد بالصفة هو التعين والماهية، فالتباين بينه تعالى وبين مخلوقاته بالتعيّن والماهية، فظهر من هذا الوجه أنه كان الله عز وجل ولم يكن معه شـيء، وهي مسلوبة عنه، وحادثة منه؛ لأنها عارضة للوجود المعلول له([528]).

لا بينونة عزلة(114) كما قلنا(115): (تباين الوصفي(116) لا) التباين (العزلي أثر) أي روي (ممن لعقل كأبينا للبشـر) أي ممن عقله في التأصل(117) والكلية(118) بالنسبة إلى العقول في الفرعية(119) والجزئية(120) كأبينا آدم  عليه السلام   بالنسبة إلى الأجساد
 

 

(114) أي ليس بينه وبين مخلوقاته تباين بالعزلة([529])، أي ليس مخلوقاته مستقلة في وجودها عنه.

(115) في كلام علي  عليه السلام  . 

(116) بين الاسمي الحادث وفاعله.

(117) أي في كونه أصلاً لباقي العقول.

(118) واراد بها هنا - كما اشار إليه سابقاً - السعة، وإذا وسع عقول البشـر، إذ هو متحد مع العقل الأول.

(119) عن عقله؛ لأنه اصل لها، وهي مياه جارية من بحره.

(120) أراد بها الضيقة.

البشـرية. فهو صلى الله عليه واله وسلم  أبو العقول والأرواح، كما أن آدم  عليه السلام   أبو الأجساد
والأشبـاح.

ونعم ما قيل وإني، وإن كنت ابن آدم صورة فلي فيه معنى(121)
شاهد بأبوتي(122)‏ فالحق قد كان(123) ولا كون لشـيء كما سيطوي(124) الكل بالقاهر(125) طي تقرير وتثبيت للمقام(126) وإشارة(127) إلى أن البداية(128) والنهاية واحد، وإلى أن الطي باسمه(129) القاهر، كما أن النشـر بالأسماء المناسبة له(130) كالمبدي‏ء، المبدع، المنشى‏ء، المكون، كما هو طريقة العرفاء(131). (فذي) اسم

 

(121) وهو خلقي له؛ لأنه اتحد مع العقل الأول الذي خلق منه آدم  عليه السلام  ، فصار آدم  عليه السلام   مخلوقاً منه.

(122) وأنه مستمد من روحه ونفسه وعقله([530]).

(123) هذا في قوس النزول.

(124) ويرجع إليه، أي إلى الحق، وهذا في قوس الصعود.

(125) أي باسم القاهر.

(126) وهو الحدوث الاسمي، وإلا لم يكن له ربط في المقام.

(127) أي هذا البيت اشارة، وهي اشارة استطرادية لا ربط لها في مقامنا.

(128) أي أن ابتداء العالم من الحق وانتهاؤه إليه، كما سيجيء البرهان على ذلك في مبحث الغاية.

(129) أي وفي البيت اشارة إلى أن انطواء العالم باسمه القاهر. وهذا مطلب عرفاني مراراً أشـرنا إليه، من ان الله تعالى خلق اسماءه، وجعل لكل منها مظهراً، وجعل الإنسان مظهراً الله عز وجل ، وبه خلق الإنسان، فكذا لفظ القاهر مظهره، انطوى العالم وقهره فيه، وبه ينطوي العالم، وباسمه المبدع ونحوه ينشـر العالم ويظهر؛ لأنه مظهره.

(130) أي للنشـر.

(131) ومذهبهم([531]) من أن الله عز وجل بأسمائه يخلق هذه الموجودات، وهي مظاهر لها،
 

الإشارة(132) (الحدوثات التي مرت(133) جمع) تأكيد لذي(134)
(لما سوى(135) ذي) أي صاحب (الأمر) أي عالم المجردات(136) (والخلق(137)) أي عالم الأجسام والجسمانيات(138) (تقع)(139) أي المجموع للمجمـوع(140).

 

هذا تمام الحدوث الاسمي.

وربما يشكل عليه: بان الحدوث الاسمي ان رجع الى الحدوث الدهري، فهو الحدوث الدهري، والا فلا معنى محصّل له.

والجواب عنه: ان الحدوث الدهري إنما هو في الوجود والحدوث الاسمي في الماهيات، نعم ملاكهما واحد، وهو عدم وجود هذا في المرتبة العالية وسلبه عنها، الا ان يقال ان الحدوث والقدم من صفات الوجود، واما الماهيات فلا تتصف بهما، اذ هي ليست الا هي، وإنما تتصف بهما بواسطة الوجود، نعم الوجود المطلق قديم، وهو إنما يتصف بالذات باعتبار تعينه. ويشكل عليه: حيث انه جعل عالم اللاهوت - اي اسماءه وصفاته - قديماً اسمياً في شـرحه للأسماء، والحالة انها مخلوقة له، وعلّة له، نعم لا تكون حادثاً دهرياً لان وجودها عين وجوده، ويمكن انه بهذا الاعتبار جعلها قديماً اسمياً.

(132) للحدوثات.

(133) وهي الحدوث الذاتي والزماني والدهري والاسمي.

(134) اي لأسم الإشارة.

(135) اي لما سوى الله عز وجل من المجردات والجسمانيات.

(136) هذا تفسير للأمر.

(137) هذا عطف على الامر، اي لما سوى صاحب الامر والخلق، وهو الله عز وجل .

(138) كالأفعال الصادرة من الاجسام.

(139) هذا خبر اسم الإشارة.

(140) اي هذه الحدوثات بأجمعها تكون للمجموع ما سوى الله عز وجل من المجردات      وغيرها، لا ان كل واحد مختصّ بواحد ممن سوى الله عز وجل ، بحيث لا يوجد في غيره، فلا ينافي وجود بعضها في شـيء، ولا يوجد في غيرها كالحدوث الزماني، فانه يوجد
 

فلا ينافي أن يكون للبعض(141) وهو عالم
الخلق، مجموع تلك الحدوثات، حتى الزماني الذي ما وصل إليه(142)

 

في عالم الخلق ولا يوجد في عالم الامر، ولا ينافي وجود جميعها في شـيء واحد، اذ انها ليست مختصّة كل واحد منها بشـيء دون الاخر.

(141) مما سوى الله عز وجل .

(142) ينبغي قبل الخوض في هذا المطلب من الكلام على ثلاثة امور:

الاول: ان امساك الفيض والايجاد محال.

الثاني: اجماع الملّيين على الحدوث.

الثالث: اثبات الحدوث الزماني للعالم.

اما الاول: اعني امساك الفيض محال، فقد ذكر له استاذنا ادلة:

الاول: انه لو امسك الفيض، يلزم انفكاك العلّة التامة عن المعلول، لأنه لوكان الله عز وجل ولم يكن شـيء؛ لزم الانفكاك، وقد ذكرنا هذا الدليل مراراً فراجعه.

الثاني: انه لو لم تكن معلولاته واجبة الوجود عند وجوده بل ممكنة، لزم تركيبه من الامكان والوجوب، لان جهة افاضته ممكنة، وجهة ذاته يكون واجباً، فيلزم تركّبه من جهتين، وسيجيء بطلانه.

الثالث: انه لا بد من السنخية بين العلة والمعلول، فلو كانت الافاضة محدودة، لزم ان يكون محدوداً، فيكون مشتملاً على النقص، تعالى عن ذلك علواً كبيرا.

الرابع: ان تعالى ذكر في كتابه المنزل [وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ]([532]) والتحقيق: ان المراد بالعبادة هي المعرفة، ولا شك ان المخلوق لوكان محدوداً لكان معرفته محدودة، فيكون المعروف لديهم وهو الله عز وجل محدوداً، فيلزم النقص فيه، تعالى عن ذلك علواً كبيرا.

الخامس: انه يلزم حدوث الواجب؛ لان القدرة الفعلية عين ذاته، وهي حادثة؛ لأن مالم يكن لم تكن قدرة فعلية له، ثمّ حدث.

السادس: انه يلزم ان يكون الله عز وجل مادياً زمانياً؛ لان القدرة على العالم كانت فيه بالقوّة، ثم صارت فعلية، فهو تحرك من القوة الى الفعل، والاستعداد من شان المادة، والتحرك يكون له زماناً.

السابع: ان قول المتكلم ان الله عز وجل قبل العالم، ان اراد بها القبلية الذاتية، فنحن نقول بها، وان اراد القبلية الزمانية، فيلزم ان يكون الله عز وجل  زمان.

اما الثاني: اعني ان اجماع الملّيين على اي حدوث.

فنقول: قطعاً لم يقم اجماع الملّيين على الحدوث([533]) الزماني للعالم، الذي يقول به المتكلم، لما ذكرناه في الأمر الأول من الأدلّة على ان امساك الفيض محال، وقول المتكلم يلزمه امساك الفيض، لأنه يدعي ان العالم لم يكن ثمّ كان([534]).

وايضاً لم يقم اجماع الملّيين على ان العالم حادث بحدوث ما، فمن قال بالحدوث الذاتي أو بالدهري أو الأسمي لم يخالف الاجماع، كما يظهر من عبارة المصنف في هامشه على هذا الكتاب([535])، وذلك لأن ظاهر الآيات والروايات أنه حادث زماني مثل قوله تعالى [وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ]([536]) [يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ]([537]) وغيرها مما لا يحصـى، فإن يستدل على حدوث العالم بالأمور الحادثة الزمانية، بل من راجع الأخبار([538]) يرى صحة ما ذكرناه.

فإذا عرفت أن معقد الاجماع هو الحدوث الزماني فنقول: هل أن المراد بالعالم الذي يعقد محلية الاجماع بالحدوث الزماني؛ هو ما سوى الذات الإلهية، أو ما سوى الله عز وجل .

فتقول: لا يمكن أن يقوم الإجماع على حدوث ما سوى الذات زمان؛ لان جملة ما سوى الذات هي الاسماء والصفات، فيلزم أن يكون الله عز وجل في وقت ولم تكن له صفة من الصفات ولا إسم، فيلزم امساك الفيض الذي بينا بطلانه، فلابد أن يكون المراد به ما سوى الله عز وجل ، أعني ما سوى المجردات؛ لأن المجردات كلّها داخلة في الصقع الربوبي، فهي الله عز وجل .

ويؤيد ذلك: أنهم يستدلون على حدوث العالم بالأمور المادية، فثبت أن معقد الأجماع هو الحدوث الزماني لعالم المادة، أي عالم الجسم والجسمانيات.

أما الأمر الثالث: أعني اثبات الحدوث الزماني لما سوى الله عز وجل ، أعني عالم المادة، فنقول أنه ذكر للدليل عليه أمران:

]الامر[ الأول: أن عالم الجسم له دورات، كما هو صريح الاخبار([539]) في أنه كان قبل هذا العالم عوالم متعددة، فقبل هذه العوالم عوالم لا تحصـى ولا تُعدّ ولا تتناهى، لا أول لها ولا آخر، كذلك الواجب فإنه لا أول له ولا آخر؛ لاستحالة امساك الفيض، فكل واحد مسبوق بالعدم الزماني في العالم السابق عليه فهو حادث زماني.

وقد يشكل على هذا بما حاصله: أن مجموع هذه العوالم الجسمية هو فرد ما سوى الله عز وجل ، فينبغي أن يكون حادثاً زمانياً، لأنكم زعمتم أن كل ما سوى الله عز وجل حادث، ولو كان حادثاً زمانياً لزم إنقطاع فيضه؛ لأنه يكون الله عز وجل ولم يكن معه شـيء.

وأجاب الاستاذ عنه بثلاثة أجوبة:

الأول: أن الذي لا يتناهى، لا يمكن فرض شـيء يحدّه، والمجموع يحدد
العوالم.

الثاني: أنه عندنا الماهيات المتكررة، أعني التي يستلزم وجودها في الخارج وجود ماهيات لا تتناهى، ليست موجودة في الخارج، وإنما هي امور إعتبارية، والمجموعية من
 

 

كثير من أهل النظر لمجموعه(143) بحيث لا يلزم(144) الإمساك عن الجود عليه تعالى.

هذا القبيل، فإنه من فرض وجودها في الخارج يستلزم مجموعية منها ومن غيرها، وكذا لو كانت هذه موجودة في الخارج، وهلم جرا.

فالمجموعية أمر اعتباري، والحادث بالذات أو القديم بالذات هو الموجود الخارجي، لا الأمر الاعتباري، فليست هي من الأمور الحادثة أو القديمة بالذات.

الثالث: أن الكل ليس له حقيقة وراء حقيقة الأجزاء، فإذا ثبت أنها حادثات زمانية، فهو حادث زماني.

الأمر الثاني: أن العالم في كل آن يتبدل - كما سيجيء إثبات ذلك- بالحركة الجوهرية([540])، أو تبدل الامتثال، فيكون كل آن حادثاً زمانياً؛ لأنه مسبوق بالعدم الزماني في السلسلة في الآن الذي قبله، وهذا الأمر لا ينافي الأمر الأول، فإن بالأول يثبت حدوث كلّي العالم، وهذا آنياته.

(143) أي الذي لم يصل إلى هذا الحدوث الزماني لمجموع عالم الخلق، كثير من أهل التحقيق، كالداماد([541]) والشيخ الرئيس([542]) وأتباعه.

(144) في اثبات هذا الحدوث الزماني لعالم الخلق امساك الفيض والوجود([543])، الذي هو

بيانه: أنا(145) سنبرهن(146) على إثبات الحركة الجوهرية، وأن
طبائع العالم(147) فلكية(148) أو عنصرية، متبدّلة ذاتاً سيّالة
جوهراً(149) وأعراضها(150) تابعة لها في التجدد وقابلها(151) متحدة معها(152)
في التحصّل اتحاد الجنس مع الفصل، سيّال بسيلانها. فالتغير(153) لا

 

باطل بالأدلة المذكورة.

(145) أي بيان الحدوث الزماني في عالم الخلق.

(146) في باب المقصد الرابع في الطبيعيات([544])، عند ذكر اقسام الحركة.

(147) فسّـر الاستاذ الطبائع بالصور، وبعضهم فسّـرها بالهيولى([545]).

(148) هي عبارة عن الافلاك التسعة، والعنصـرية هي العناصـر الأربعة، أعني النار والهواء والماء والتراب، وما تركّب منها.

(149) اي متحركة بالحركة الجوهرية، وهذا تفسير الى المتبدل ذاتاً.

(150) من الافعال والحركات.

(151) أي قابل الطبائع، وهي الهيولى على تفسير الاستاذ، والصور على تفسير غيره.

(152) وسيجيء إن شاء الله اثبات إتحاد الصورة والهيولى في الافلاك والعنصـريات، خلافاً لبعضهم([546]).

(153) في العالم شامل لكل الاشياء، لا كما قاله بعضهم([547]) من أن التغير إنما هو في
 

ينسحب حكمه على صفات العالم(154) فقط، بل على ذواتها(155) أيضاً. والشـي‏ء السيّال(156) كل حدّ يلحظ منه(157) محفوف بالعدمين(158)
سابق ولاحق، وهما سيّالان(159) زمانيّان، لأن وعاءهما

 

الصور والاعراض، لا في الهيولى.

ويزعم هذا البعض أن الدليل المشهور([548]): العالم متغير وكل متغير حادث([549])، أن العالم ليس بأجمعه متغير، بل بعضه، فلا يتم الدليل، ولكن على الذي قررناه أن العالم بأجمعه متغير، فالدليل([550]) جاري في جميع العالم وهو تام.

(154) أي الاعراض.

(155) أي ذوات الصفات، أي موضوعاتها.

(156) أي الوجود السيال كزيد وعمرو.

(157) أي كل مقدار من ذلك الوجود، لوجود زيد في يوم الجمعة.

(158) لأنه لم يكن سابقاً، ولم يوجد لاحقاً.

(159) أي العدمين السابق واللاحق([551]).

وعاء الوجودين المكتنفين(160) به، وهذان الوجودان سيّالان. وقد عرفت أن وعاء(161) السيالات زمان(162).

فذلك الحدّ مسبوق الوجود(163) بالعدم الزماني. وهكذا في أجزاء ذلك
 

 

(160) أي لذلك الحدّ الوجودي الملحوظ، وإنما كان وعاء العدمين وعاء الوجودين؛ لأَنّهما منتزعان منهما.

(161) في المقدّمة الأولى من كلام الحدوث الدهري([552]).

(162) فوعاء الوجودين الزمان، وقد عرفت في المقدّمة الثالثة من الحدوث الدهري، أن العدم المنتزع من الوجود؛ تابع له في أحكامه من الوعاء أو غيره، فالعدمان وعائهما الزمان.

(163) أي مسبوق وجوده بالعدم الزماني، وليس الحدوث الزماني إلا هذا، لا غيره.

الحدّ(164) وأجزاء أجزائه. وهكذا فيما يلي ذلك الحدّ من الطرفين(165) وما يلي ما يليه. ففي كل حدّ من حدود الطبائع السيّالة(166) لا صحة لسلب المسبوقية(167)بالعدم الزماني.وكذا في الكل(168) المجموعي(169).

إذ لا وجود له سوى وجود الأجزاء، ولا سيّما في الممتدات(170) القارّة(171)
 

 

 

(164) هذا سيجيء في مبحث الطبيعيات من نفي الجزء الذي لا يتجزّء عن الجسم، وأنه مستحيل أن ينتهي أن يتجزء الجسم إلى جزء ليس قابل للتجزء، فإي جزء فرضته فهو ينقسم، فالجسم أي حدّ من وجوده فرضته فهو له حدود، ولتلك الحدود حدود أيضاً، وهلم جرا إلى ما لا نهاية له.

(165) أي من الوجودين المكتنفين به، فإنها حادثات زمانية.

(166) واعراضها وقوابلها.

(167) بل إنما هي مسبوقة.

(168) هذا دفع للإشكال الذي ذكرناه: من أن المجموع من الأفراد ما سوى الله عز وجل من عالم الخلق، ينبغي أن ]يكون[ مسبوقاً بالعدم الزماني، مع أنه ليس مكتنف بالوجود السابق الزماني، حتّى يكون عدمه السابق عدماً زمانياً.

إن قلت: أن الحادث الزماني عالم الخلق فقط. فأجاب بما ترى.

(169) فإنه حادث زماني؛ لأنه لا وجود للمجموع إلا وجود الأجزاء، فهو أمر اعتباري تابع لها في الحكم، وحيث هي حادث، فهو حادث بالتبع([553]).

(170) أي ولا سيما كـون الكل المجموع، وجوده عـين وجود أجزاء في الممتدات...الخ.

(171) كالخط والسطح والجسم التعليمي.

والغير القارّة(172) المتوافقة الأجزاء(173) والموافقة للكل(174) في الحدّ والاسم(175). فحكمه حكمها(176). وكذا في الكلي الطبيعي(177) منها، إذ لا وجود له سوى وجود الأشخاص.

ولذا قلنا(178) (جزئية) و(كلية).

ويمكن أن يقرأ كلّ واحد منهما مضافا إلى الضمير(179) على أن يكون بدل

(172) كالزمان والحركة.

(173) فان هذا الخط أي جزء منه موافق للجزء الثاني منه في الاسم، حيث يطلق عليهما اسم الخط، وفي الحدّ؛ إذ تعريفهما واحد، وهو طرف السطح أو القابل للانقسام طولاً فقط.

(174) فإن جزء الخط يوافق الخط في التسمية والتعريف، وكذا جزء الزمان، وكذا جزء الحركة.

(175) أي في التعريف والتسمية.

(176) أي حكم الكل المجموعي حكم وجود الاجزاء.

(177) هذا دفع اشكال وحاصل الإشكال: أن الكلي الطبيعي من عالم الخلق مع أنه قديم، أذ هو مستمر الوجود ولا تغير ولا تبدل فيه، بل زعمت الفلاسفة([554]) قدمه.

فأجاب: أن وجوده عين وجود أفراده.

فإذا قلت: حدوثها.

قلنا: فهي أيضاً حادثة.

(178) ولكون الكل المجموعي حادثاً، والكلي الطبيعي ايضاً حادث بحدوث الأجزاء والأفراد، قلنا كذا وكذا.

(179) بأن يقول جزئية بالهاء، على أن تكون عائدة إلى ما سوى.

تفصيل(180) مما سوى(181) (جزء وكل)(182). ولما كان لقائل أن يقول(183): يلزم، بناء على التبدل الذاتي(184) أن يكون كل طبيعة(185) وكل صورة نوعية(186) ذواتاً متخالفة(187).قلنا: (وكان حفظ(188) كل نوع) سيّال بالذات والصفات (بالمثل) النوريّة(189) كما أن حفظ كل بدن شخّصـي إنساني ووحدته وثباته مع تبدله بالتحلّل شيئاً، فشيئاً بالنفوس الناطقة(190). فهذه الأنواع المتبدلة، لما اتصل كل منها

(180) أي يفصل المبدل منه، وهو كثير في كلامهم، كما تقول (أكرم الرجلان زيد وعمر).

(181) المذكور البيت المتقدّم عليه.

(182) أيضاً بدل تفصيلي، أي جزءه وكلّه، أي الكل المجموعي.

(183) حاصل الإشكال: أنه لو كان الحدوث الزماني بتبدل الذوات في كل آن وكذا الصفات؛ يلزم أن يكون النوع ذواتاً متخالفة، وذلك لأن الكلي الطبيعي عين وجود افراده، وهو منتزع منها، فإذا كانت الأفراد تجدّد في كل آن، ويكون لها وجود غير الوجود السابق والذي يلحق، كانت للنوع ذواتٌ متخالفة لا ربط بعضها ببعض.

(184) الذي هو الحركة الجوهرية وتعاقب الأمثال.

(185) أي نوعية بل وشخصيّة أيضاً.

(186) هذا عطف تفسير.

(187) حيث أنها وجودات متعددة، والحالة أنا نراها واحدة لا تتبدل، فالصورة النوعية والطبيعية النوعية لزيد باقية له، لا تتبدل بالوجدان والعيان.

(188) وحاصل الجواب: أن حفظ النوع واستمرار الوجود وعدم تبدله في الظاهر بواسطة وجود رب النوع له، الذي هو عقل له.

(189) وهي عقل كل ماهية ورب نوعها، وتسمّى المثل الأفلاطونية([555])، وهي أمور ثابت واحدة لا تغير ولا تبدل، وبوحدتها وثابتها ينتزع ثابت الطبيعة النوعية ووحدتها.

(190) فوحدة زيد ثباته بثبات نفسه الناطقة.

 بإشـراق صاحبه(191) الواحد البسيط الثابت على حالة واحدة الذي هو كروح
وهذا كجسده(192) أو كمعنى وهذا(193) كصورته وعبارته(194) أو كأصل غير مخالط(195) وهذا فرعه [وَاللهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ]([556])(196) لا جرم حفظت وحدته(197) وثباته بذلك الإشـراق.

(191) وهو المثال النوري له، ورب نوعه.

(192) أي نوعه كجسد له؛ لأن النوع متقوّم به.

(193) أي والمثال النوري كمعنى، والنوع عبارته.

(194) عطف تفسير على الصورة.

(195) لفرعه، وهكذا المثل النورية.

(196) هذا كناية عن قهره لهم، وسلطانه عليهم.

(197) أي وحدت النوع، وهذا جواب لما في قوله لما اتصل كل منها.


 

 [25]

غرر في ذكر الأقوال

في مرجح حدوث العالم فيما لا يزال

مُرَجّحُ الحُدوثِ ذاتُ الوَقْتِ إذْ
وَقِيْلَ عِلْمُ رَبِّنا بالأَصْلَحِ
وَعِنْدَنا الحُدوثُ ذاتِيٌّ ولا

 

 

لا وَقْتَ قَبْلَهُ وَذا الكَعْبِيْ اتَّخـَذْ
والأشْعَريُّ النّافِ للمُرَجِّحِ
شَيءَ مِنَ الذاتِيّ جا مُعَلَّلا

 


 

 [25]

غرر في ذكر الأقوال في مرجح حدوث العالم فيما لا يزال(1)

إعلم أن هذا البحث أول من أسسه المتكلمون، لدفع شبهة ترد على قولهم بحدوث العالم زماناً تسمّى بـ(الداء العياء)([557]).

وحاصله: أن العالم - أعني ما سوى الواجب - من مجردات وماديات، لو لم تكن موجودة في ما لا يتناهى، ثم وجدت في وقت مخصوص؛ لزم الترجيح بلا مرجح، إذ لا مرجح لوجود العالم في هذا الوقت دون وقت آخر، فعقد المتكلمون باباً لدفع هذه الشبهة، والمصنف([558]) ذكر أهم الاجوبة عنها وابطلهـا، فيكون قولهم باطلاً، وصحح قول صدر المتألهين في حدوث العالم بالحركة الجوهرية([559]) أو الحدوث الدهري.

(1) أي في الذي ليس بزائل في المستقبل، حتّى تقوم القيامة وهو القيامة، والفرق بينه وبين ما لم يزل، أن الاول إنما يدل على استمرار وجوده في المستقبل. وأما الثاني
 

(مرجح الحدوث) أي حدوث العالم ومخصّصه(2) بوقت مخصوص(3) (ذات الوقت)(4) ونفسه(5) (إذ لا وقت قبله(6). وذا) القول (الكعبي) من المتكلمين (اتخذ) وارتضاه. وفيه أنا ننقل الكلام إلى نفس الوقت:(7) لم وقع فيما لا يزال(8) وعلّته فيما لم يزل؟ (وقيل) القائل هو المعتزلي إن المرجح (علم ربنا) تعالى وتقّدس (بالأصلح) أي بأن الأصلح بحال العالم إيقاعه فيما لا يزال. وفيه أنه: أية مصلحة في إمساك الفيض والجود عنه(9) بما لا نهاية له؟

فيدل على عدم استمرار وجوده في الماضـي؛ لأن معناه فيما ليس بزائل، حيث إن (لم) إذا دخلت على الفعل المضارع تقلبه إلى الماضـي.

(2) عطف تفسير.

(3) دون غيره من الأوقات.

(4) أي ذات وقت الحدوث هي المرجحة للحدوث فيه، لا قبله ولا بعده، والذاتي لا يعلل، كما أن ذات يوم الأحد تقتضـي وقوعه في هذا المرتبة الخاصة منه، ولا يقع في يوم السبت، كذا نظر في الحاشية([560]).

(5) عطف تفسير على ذات الوقت.

(6) هذا تعليل إلى كون مرجح الحدوث هو ذات الوقت، وحاصل التعليل أن ترجح ذات الوقت للحدوث، إذ لا وقت سابق على ذلك الوقت، فإن الاوقات التي يسأل عن الترجح فيها، ليست بموجودة، حيث لا زمان، ولا وقت ولا شيء من الاشياء، والزمان الموهوم لا يحقّق له مطلب الترجيح في اجزائه الفرضية، غير مقبول أن يكون ذلك، من قبيل الموجبة بانتفاء الموضوع، وهذا مستحيل.

(7) الذي ذاته تقتضـي الحدوث للعالم.

(8) أي لم وقع الوقت في الذي لا يزال، أي في المرتبة الخاصّة التي تكون بعد الواجب بما لا يتناهى، دون أن يقع قديم في الذي لم يزل، أي في المرتبة الخاصة التي هي قديمة.

(9) أي عن العالم، والحالة أن العدم شـر محض، والوجود خير محض، على أنه
 

(والأشعري الناف(10)) - مبتدأ وخبر-(11) (للمرجح) لقوله بجواز تخلّف المعلول عن العلّة التامة، بل لا علّية ومعلولية عنده وترتب المعاليل على العلّات بمحض جري العدة. وبشاعة هذا القول(12) مما لا يحتاج إلى البيان. (وعندنا الحدوث(13) ذاتي) إذ قد عرفت أن الحدوث(14) والتجدد(15) طبيعي وذاتي للعالم الطبيعي (ولا شـي‏ء من الذاتي جا معللا) فلا مخصص للحدوث(16).

ينافي العلية التامة.

(10) اصله النافي، فحذفت الياء للضـرورة.

(11) الاشعري([561]) هو المبتدأ، والخبر الناف.

(12) إذ قد بيّنا أن الإمكان علّة الحاجة إلى الفاعل، وإن الترجيح بلا مرجح باطل.

(13) أي حدوث الزماني للعالم الخلقي، مرجّحه أن نفس ذات الحدوث تقتضـي الوقوع لهذا الموجود بعد ذاك، فالوجود الآني يقتضـي ذات حدوثه، وقوعه بعد الوجود الأول، وهلم جرا إلى ما لا نهاية له، والذاتي لا يعلّل.

(14) أي الحدوث الزماني بالحركة الجوهرية.

(15) أي الحدوث الدهري.

(16) غير ذاته، فالوجود من العالم الطبيعي، يقع في هذا الآن دون ذاك، من جهة ذاته.


 

 [26]

غرر في أقسام السبق وهي ثمانية

السَّبْقُ مِنْهُ ما زمَانِياً كَشَفْ
والسَّبْقُ بالطَّبعِ وبالعِلِّيَّـةْ
والسَّبْقُ بالذاتِ هُوَ اللَذْ كانَ عَمْ بالذّات إن شَيْءٌ بَدا وبالعَـرَضْ
والسَّبْقُ فَكِّيّاً يَجِيْ طُوْلِيّـا

 

 

والسَّبْقُ بالرُّتْبَةِ ثُمَّ بالشَّرَفْ
ثُمّ الّذِيْ يُقالُ بالماهِيّـةْ
بِذِيْ الثلاثةِ الأخيرةِ انْقَسَمْ
لاثْنَينِ سَبْقٌ بالحقِيقةِ انتَهَـضْ
سُمِّيَ دَهْرِيّاً وَسَرْمَـدِيّـا

 


 

 [26]

غرر في أقسام السبق وهي ثمانية

وينقسم مقابلاه(1) أيضاً بحسب انقسامه بلا تفاوت. ولذا لم نتعرض لهما. ولمّا كان(2) التقدّم والتأخر مأخوذين في مفهوم القدم والحدوث(3) وهما
على أنحاء(4) أردفنا مبحثه بمبحثه(5). (السبق منه ما زمانياً كشف). وهذا من أقسام السبق(6). هو السبق الانفكاكي(7) في الوجود، سواء كان السابق

 

(1) وهما التأخر والمعية([562]).

(2) هذا اشارة إلى إشكال، وحاصله: أنكم جعلتم بحث اقسام السبق من جملة مباحث القدم والحدوث؛ لأنه جعلتموه من غرره، ولم تجعلوه مبحثاً مستقلاً، بأن يكون فريدة كسائر الفرائد. فأجاب بما ترى.

(3) حيث فسّـر القديم بعدم مسبوقية العدم أو الغير، والحدوث بعكسه، فمعرفتهما موقوفة على معرفة السبق والحدوث.

(4) أي السبق والحدوث على الأقسام، فلابد من معرفة أقسامهما، حتى نعرف إيهما معتبر في الحدوث والقدم.

(5) أي وصلنا مبحث السبق بمبحث القدم والحدوث، وجعلناهما مبحثاً واحداً.

(6) العبارة الصحيحة هي: وهذا هو السبق الإنفكاكي.

(7) أي اللذان لا يجتمعان في وقت، كطوفان نوح  عليه السلام   وإرسال محمد. وأشكل
 

واللاحق غير مجتمعين بالذات، كالأزمنة(8)
 

على التعريف للسبق الزماني؛ بأنه يشمل السبق الدهري، فإن مرتبة الأولى من السلسلة الطولية مُنفكة الوجود عن الثانية؛ لأن تلك في مرتبة وهذه في مرتبة.

واجيب: كما هو في الحاشية([563]) أن السبق الدهري فالانفكاك فيه وإن كان واقعياً؛ فلا يخلو عن اجتماع، من حيث إن المرتبة الثانية واجدة للمرتبة الأولى بنحو اضعف، والأول جامعة وواجدِة للثانية بنحو أعلى.

(8) مثل الأمس واليوم، فإن الأمس سابق على اليوم بالزمان؛ لأنه فيهما أنفكاك بالوجود، وغرضه بهذه العبارة الرد على المتكلمين، حيث زاد بعضهم([564]) السبق بالذات، ومثل باليوم والأمس، وقال لا يمكن أن يكون في هذا سبق زماني، إذ يلزم أن يكون للزمان زمان؛ لأنهم اعتبروا في السبق الزماني أن يكون للسابق والمسبوق زمان خارج عنهما، والحكماء لم يجعلوا هذا قسماً مستقلاً، بل جعلوه داخلاً في
 

أو بالعرض كالزمانيات(9).

(و) منه: (السبق بالرتبة(10)) أي بالترتيب.

(ثمّ) منه: السبق (بالشـرف) كتقدّم الفاضل على المفضول.

ومنه: (السبق بالطبع) وهو تقدّم العلّة الناقصة(11) على المعلول.

(و) منه: السبق (بالعلية) وهو تقدّم العلّة التامة(12) على المعلول. وهي لا تنفك عن المعلول. ولكن العقل يحكم بأن الوجود حاصل للمعلول من العلة(13) ولا عكس. فيقول: تحرّكت اليد فتحرّك المفتاح(14) بتخلل الفاء.

السبق الزماني، والسابق والمسبوق فيه لا يلزم أن يكون لهما زمان خارج عنهما؛ لأن ملاك الانفكاك في الوجود، وهذا قد يكون السابق والمسبوق نفس الزمان، ويكون عروض السابق والمسبوق لهما لذاتهما، ويكون عروض هذا السبق الزماني، بغير أجزاء الزمان بالعرض، ولأجزاء الزمان بالذات.

(9) أي الافعال الأمور الواقعة في الزمان، فإنها توجد نفسها قابلة للاجتماع في زمان واحد، إلا أن بحسب وقوعها في الزمان اللاحق والسابق، لا يمكن اجتماعهما.

(10) ويسمى السبق بالمكان، كتقدّم الامام على المأموم([565]).

(11) سواء كانت العلة الصورية أو المادية أو الفاعلية أو الغائية.

(12) في المرتبة العقلية.

(13) فهو في نظر العقل مقدّم وجودها على وجوده.

(14) ربما يقال أن حركة اليد ليست علّة تامة لحركة المفتاح؛ لأنها متوقفة على حركة العضلات.

والجواب: أن المراد بالعلّة التامة ما يستحيل إنفكاك المعلول عند وجودها، وبعد وجودها يوجد المعلول، بلا توقف على شـيء آخر، ولا يضـر في ذلك توقفها على شـيء آخر.

(ثمّ) منه: السبق (الذي يقال) له السبق (بالمهية) والسبق بالتجوهر وهو تقدّم(15) علل القوام(16) على المعلول في نفس شيئية

الماهية(17) وجوهر الذات(18) كتقدّم الجنس والفصل على النوع،
والماهية على لازمها(19) والماهية على الوجود عند بعض(20). (والسبق
بالذات(21) هو اللذ كان عمّ) أي ليس قسماً على حدة من السبق، بل هو القدر المشترك الذي (بذي الثلاثة الأخيرة) أعني ما بالطبع وبالعلّية وبالماهية

 

(15) ذكر افراده لتتضح حقيقته، وقد تقدّم الكلام في تعريفه في حاشية المصنف في مبحث زيادة الوجود على الماهية([566]) بما حاصله: أنه عبارة عن تقدّم ماهية أحد الأمرين على الآخر، من حيث الماهية والشيئية، والفرق بين هذا السبق وباقي الأقسام من السبق؛ أن تلك ملاك تقدّمها الوجود، وهذا ملاك التقدّم هو الماهية، ولذا المتقدّم بالطبع بإعتبار وجوده، يكون متقدّماً بالطبع، وبإعتبار الماهية، يكون متقدّماً بالماهية والتجوهر.

(16) هي العلّة الصورية، والعلة المادية، والجنس والفصل، كما أن العّلة الفاعلية والغائية تسمّى علّة الوجود.

(17) لا في نفس شيئية الوجود، فإنهما فيها يكونان متقدّمين بالطبع لا بالتجوهر.

(18) الاضافة بيانية.

(19) هذا عطف على قوله تقّدم علل القوام، أي وهو تقدّم علل القوام، وتقدّم الماهية...الخ.

(20) وهم القائلون([567]) بأصالة الماهية، فإنه عندهم أن الماهية سابقة على الوجود، لكن ليس بالوجود، وإلا لزم التسلسل، بل بنفس شيئيتها وتجوهرها.

(21) وهو تقدّم المتوقف عليه على المتوقف.

(انقسم) في المشهور(22). ثمّ من السبق قسم آخر، وهو أنه (بالذات إن شـي‏ء بدا وبالعرض لاثنين)(23) على سبيل التوزيع(24) أي إن ظهر حكم(25) لواحد من شيئين بالذات ولآخر منها بالعرض كالحركة بالنسبة إلى السفينة وجالسها، فحينئذٍ (سبق بالحقيقة انتهض). وهذا المسمّى بالسبق بالحقيقة(26) قد زاده صدر المتألهين  قدس سره .

وهو غير جميع الأقسام(27) إذ في الكل كل من
المتقدّم والمتأخر متصف بالملاك(28) بالحقيقة، ولا صحة لسلب

 

(22) أي انقسم السبق الذاتي إلى هذه التقدمات الثلاثة في المشهور، وبعضهم([568]) زعم أنه ينقسم إلى التقدم بالطبع والعلية فقط.

(23) أي إذا كان أمران عرض لهما شـيء، كان منسوباً لأحدهما بالذات، وكان منسوباً للآخر بالعرض، فما بالذات سابق باعتبار هذا الشـيء على ما بالعرض.

(24) بان يكون بدوه لأحدهما بالذات، وبدوه للآخر بالعرض.

(25) فسّر الشـيء في البيت بالحكم.

(26) الحقيقة هي ما قابل المجاز، وإنما يسمّى بها([569])؛ لأن نسبة هذا الحكم إلى ما بالذات بالحقيقة، ونسبته إلى الآخر بالمجاز.

(27) لما كان الفرق بينه وبين السبق بالتجوهر واضحاً، إذ هو ملاكه الوجود، بخلاف ملاك السبق بالتجوهر، فإنه بالماهية، لذا لم يتعرض للفرق بينهما.

(28) وهو الوجود.

الاتصاف من المتأخر وفيه قدّ اعتبر(29) أن يكون اتصاف المتأخر بالملاك(30) مجازاً، من باب الوصف بحال المتعلق(31) ويكون السلب صحيحاً(32) كسبق الوجود على الماهية(33) على المذهب المنصور. فإن التحقق ثابت للوجود بالحقيقة، وللماهية بالمجاز وبالعرض. (والسبق) حال كونه (فكيّاً) كالزماني، ولكن انفكاكه (يجي طولياً) لا عرضيا كما مر (سمّي دهرياً وسـرمدياً(34)). هذا قسم آخر من السبق، قد زاده السيد المحقق الداماد  قدس سره ، وهو غير السوابق، إذ في الكل غير الزماني، المتقدّم والمتأخر مجتمعان في الوجود، أو غير آبيين عن الاجتماع(35) وفيه اعتبر الانفكاك، لا على وجه معتبر في الزماني(36). إذا عرفت هذا، عرفت أن قدح المحقق اللاهيجي - رحمة الله عليه - فيه مقدوح، بشـرط الرجوع إلى ما ذكرته(37) في بيان الحدوث الدهري.

(29) أي وفي السبق بالحقيقة اعتبر.

(30) وهو الوجود الخاص، يعني الحكم كمثل الحركة.

(31) أي المرتبط.

(32) أي سلب الحكم، والملاك عن الثاني صحيحاً.

(33) في التحقق.

(34) أي له إسمان، وليس الدهري غير السـرمدي، كما في القدم والحدوث.

(35) في الوجود، وهما في السبق الطبيعي، فإنه العلّة الناقصة لا تأبى عن الاجتماع مع المعلول.

(36) فإن الانفكاك المعتبر في الزماني، الانفكاك في السلسلة العرضية، وفيه في السلسلة الطولية.

 (37) في الهامش عند تفسير قوله؛ لأنه مسبوق بالوجود.

وحاصل إشكال الشوارق([570]): أن هذا هو السبق بالعلية لا غيره؛ لأن السابق علّة لللاحق في السلسلة الطولية.

وأجاب عن هذا القدح هناك: أن الاشعري الذي لا يقول بالعلية والمعلولية لا ينكر هذا السبق، وينكر السبق بالعلية، وأيضاً السبق بالعلية يوجد في السلسلة العرضية، وهذا لا يوجد فيها، وأيضاً الإنفكاك بين العلة والمعلول عقليان، والانفكاك في هذا السبق واقعي.


 

 [27]

غرر في بعض أحكام الأقسام

وَلا اجتِماعَ في الزَّمانِيّ وَما
وأولٌ كالجِسْمِ والحَيْوانِ 
والسّبْقُ بالطَّبْعِ وبالتَجَوْهِـرِ

 

 

بِرُتْبَةٍ طَبْعاً وَوَضْعاً قُسِما
والثانِ كالتّرْتِيْبِ في المكـانِ
كاثنينِ، والواحِدَ مِنهُ اعتبِرِ

 


 

 [27]

غرر في بعض أحكام الأقسام

(ولا اجتماع(1) في) السبق (الزماني)(2) بنحو الامتداد السيلاني(3) (وما)
أي سبق (برتبة طبعاً) وهو السبق(4) بالرتبة العقلية(5) (ووضعاً) وهو

 

(1) بين السابق والمسبوق في وقت واحد.

(2) أي في المتقّدم والمتأخر اللذين بينهما سبق زماني.

(3) وتحقيقه على ما ذكره في الحاشية([571]) أن المتقدم بالسبق الزماني مع المتأخر، تارة يكونان نفس أجزاء الزمان كاليوم والغد. وتارة يكونان زمانيينن كطوفان نوح  عليه السلام  ، وارسال محمد صلى الله عليه واله وسلم ، وفي كلا القسمين الاجتماع بين المتقدّم والمتأخر.

وأما الثاني: فواضح أن هذا الفعل غير مجامع في الوجود مع ذاك.

وأما الأول: فربما يشكل عليه،حيث إن بينهما وحدة إتصالية، وسيلان في الوجود.

وجوابه: أن الزمان الأول ليس موجوداً مع هذا الزمان اللاحق، وأن اتصل به، وهذه هو معنى الانفكاك.

والمصنف لما رأى أن القسم الأول ليس بدهي الانفكاك فيه، بل ربما يخفى على السطحي، نبّه عليه بقوله: بنحو الامتداد السيلاني، وترك القسم الثاني لوضوح الانفكاك فيه، بل الانفكاك فيه بالطريق الأولى.

فقوله (بنحو الامتداد السيلاني) الذي يكون بين شيئين، وجودهما يكون بنحو الامتداد السيلاني، وهما جزئا نفس الزمان، لا بنحو الامتداد الغير السيلاني كالخط.

(4) يريد أن يقسم السبق الرتبي - الذي هو القسم الثاني من اقسام السبق - إلى قسمين: سبق طبعي غير السبق الطبيعي المتقدم ذكره في اقسام السبق، وسبق وضعي.

(5) بأن العقل يرى هذا مقدّماً على ذاك، لا من جهة العلية والمعلولية.

السبق بالرتبة الحسّية (قسما(6) وأول) أي ما بالترتيب الطبيعي (كالجسم والحيوان) وهكذا في الأنواع(7) والأجناس المرتبة من أية مقولة كانت(8) (والثان) أي ما بالترتيب الوضعي (كالترتيب في المكان) كتقدّم الإمام على المأموم. (والسبق(9) بالطبع وبالتجوهر(10) كاثنين(11)) أي كما في اثنين (والواحد منه) أي من الاثنين (اعتبر) بصيغة الأمر. وفيه إشارة إلى اجتماع هذين القسمين من السبق هنا(12). فإن اعتبر الوجود في الواحد والاثنين، وأن الواحد(13) علّة ناقصة بوجوده لوجود الاثنين، فالسبق بالطبع. وإن اعتبر نفس شيئية مفهومهما والتيام هذا المفهوم المركّب من هذا المفهوم البسيط(14) فالسبق بالتجوهر.

والتحقيق: أن السبق بالرتبة، هو عبارة عن كون السابق اقرب إلى ما فرض مبدأ من المسبوق، فما فرضه العقل مبدأ كالجنس العالي، فرضه قريباً منه، وبعيداً عنه هو السابق، والبعيد هو المتأخر، وكذا إذا فرض مبدأ في الحسيّات، كالإمام بالنسبة إلى المأمومين.

(6) أي قسّم السبق بالرتبة إليهما.

(7) الاضافية، فإذا العقل فـرض لها مبدأ، فما قرب منه فهو السابق وما بعد عنه فهو المتأخر.

(8) سواء كانت من الكم كما يقال كم، ثمّ الكم المتصل، ثمّ القار، ثمّ الممتد في كم الجهتين الطول والعرض، ثمّ المستوى، ثمّ السطح، أو من الكيف كما يقال كيف، ثمّ المحسوس، ثمّ المبصـر، ثمّ اللون، ثمّ البياض، فالمبدأ وهو المقولة، هو السابق، وما بعده متأخر بالنسبة اليه، سابق بالنسبة الى ما بعده.

(9) بالطبع الذي هو القسم الرابع من اقسام السبق.

(10) الذي هو القسم السادس من أقسام السبق.

(11) هذا كاف في التمثيل، أي يمثل لها بالاثنين مع الواحد.

(12) أي في الأثنين مع الواحد.

(13) هذا عطف تفسير.

(14) وهو مفهوم الواحد.

 

 [28]

غرر في تعيين ما فيه التقدم في كل واحد منها [السبق‏]

مِلاكُهُ الزَّمانُ في الزَّمانِـي
في الشَّرَفِيْ الفَضْلُ وفي الطّبعِيِّ
في سادسٍ تَقَرَّرَ الشي‏ءُ مِـزا
في الثامِن الكونُ بِمَتْنِ الواقِعِ

 

 

والمَبدأ المحدود خُذْ لِثانـي
وجود الوجوب في العلي
في السابعِ الكونُ ولو تَجَـوُّزا
وفي وُعاءِ الدَّهْرِ للبدائـعِ

 

 

 

 

[28]

غرر في تعيين ما فيه التقدم في كل
واحد منها [ السبق‏]

وهو المسمّى عندهم(1) بالملاك. وهو مشترك(2) بين المتقدم والمتأخر ويكون منه شـي‏ء للمتقدّم وليس للمتأخر، ولكن ليس للمتأخر منه شـي‏ء إلا وهو حاصل للمتقدّم.

(ملاكه) أي ملاك السبق هو الانتساب إلى (الزمان(3) في) السبق (الزماني) سواء كان في نفس الزمان(4) أو في شـيء زماني (و) الانتساب إلى (المبدأ المحدود(5) خذ) ملاكاً (لثاني) أي السبق بالرتبة كصدر المجلس في السبق
 

(1) أي والذي يقع فيه التقدم والتأخر يسمّى بالملاك([572]) لهذا النوع من التقدم والتأخر.

(2) وإلا لم يقع فيه التقدم والتأخر.

(3) فإن انتساب افعالنا إلى الزمان مؤخر عن انتساب طوفان نوح  عليه السلام   إلى زمان، فهو متقدّم السبق في هذا الانتساب. فقوله (الانتساب إلى الزمان) وهو الانتساب الحاصل للمتقدم بنحو أولى؛ لأن الزمان السابق معد للزمان اللاحق، والانتساب إلى المعدّ، أولى من الانتساب للمعدّ له، إذْ هو بمثابة العلّة فهذه الخصوصية كانت حاصلة للمتقدم دون المتأخر في الزمان.

(4) أي ولو كان السبق في نفس الزمان كيوم الخميس والجمعة، فإنه أيضاً إنتسابه إلى ذاته، متقدّم على انتساب المتأخر إلى ذاته.

(5) أي المعين، أي ما فرض أولاً، لوحظ التقدّم والتأخر بالنسبة إليه، كصدر المجلس
أو المحراب، فإن المتقدّم فيه يكون له مزية، وهي القرب إلى المبدأ، غير موجودة في المتأخر.

بالرتبة الحسية، أو كالشخص(6) أو الجنس(7) العالي في السبق بالرتبة
العقلية(8).

(في) السبق (الشـرفي) الملاك هو (الفضل) والمزية(9). (وفي) السبق (الطبيعي) الملاك (وجود)(10). والملاك هو (الوجوب(11) في) السبق (العلّي في سادس) وهو السبق بالتجوهر (تقرّر الشـيء)(12) وقوامه(13) (مزا)(14)
 

(6) إذا أخذ مبدأ للسلسلة العقلية، بأن جعل هو الأول، وفوقه الصنف، وفوق الصنف النوع، وفوقه الجنس.

(7) إذ اخذ مبدأ وجعل هو الأول، وتحته النوع وهلم جرا.

(8) الذي هو قسم من السبق بالرتبة.

(9) بأن يشتركا فيهما، وللمتقدم زيادة عليه.

(10) فإن العلة الناقصة متقدّمة بحسب الوجود على المعلول، ولوجودها نحـو استقلال، وعدم احتياج إلى شـيء، لم يوجد مع هذا النحو من الاستقلال في الوجود للمعلول.

(11) في السبق العلي، فإن المعلول والعلة التامة يشتركان في الوجوب، إلا أن وجوب العلة أقوى من وجوب المعلول.

ولا يقال ان في تقدّم العلة الناقصة على المعلول([573]) - الذي هو التقدّم الطبعي للملاك - لِمَ لَم يجعل الوجوب دون الوجود؛ لأنه يقال أن وجوب المعلول غير مستفاد منها، بل إنما استفيد من العلة التامة، فليس هو أقوى منه في الوجوب.

(12) فإن الماهية مع الجنس، كل منهما ثابت في مرتبته العقلية، وفي نفسهما، إلا أن الجنس اسبق في هذا التقرّر؛ لأن الماهية متوقفة عليه.

(13) عطف تفسير.

(14) أي انسب للملاك هو الكون.

للملاك مؤكد(15) بالنون الخفيفة (في السابع) وهو السبق بالحقيقة، الملاك هو (الكون ولو تجوزا(16)) أي مطلق الكون، سواء كان بالحقيقة أو بالمجاز، حتى يكون مشتركاً(17) بين المتقدّم والمتأخر بهذا النحو(18). (في الثامن)(19) وهو السبق الدهري والسـرمدي، الملاك هو (الكون بمتن الواقع)(20)
وحاق الأعيان(21) (وفي وعاء الدهر)(22) الإضافة بيانية(23)

 

(15) أي لفظ من المؤكد.

(16) أي أعمّ من الوجود الحقيقي أو المجازي.

(17) وإلا لو كان المراد به الحقيقي، لم يكن مشتركاً بين المتقدّم والمتأخر؛ لأن المتأخر متصفاً به مجازاً، فلا يكون ملاكاً للتقدّم والتأخر.

(18) أي بنحو الاطلاق، وإلا بنحو التقييد بالحقيقة أو المجاز يكون مختصّاً بأحدهما، إما المتقدّم وإما المتأخر.

(19) وهو السبق الدهري والسـرمدي، والسبق الدهري هو سبق اللاهوت على ما عداه، أعني سبق ما عدى مبدأ المبادئ على غيره، وسبق مبدأ المبادئ على غيره يسمّى (السبق السـرمدي) وقدّ يطلق الدهري عليه، وكلّه يرجع إلى وجود عدم الشـيء الانفكاكي([574]) في المرتبة السابقة.

(20) أي وجود الـشيء في نفسه، فوجود الشـيء في نفسه أمر يشترك فيه المتقدم والمتأخر؛ لأن كلاً منهما موجود في نفسه، إلا أن السابق موجوديته في نفسه أقوى من المتأخر؛ لأن المتقدّم في هذا السبق، فيه ما في المتأخر من الوجود وزيادة، بل المتأخر مرتبة ضعيفة منه. وقوله (بمتن الواقع) أي أصل الواقع.

(21) اي ونفس الأعيان، وهذا عطف تفسير على متن الواقع.

(22) أي والكون في وعاء الدهر، أي الثامن ملاكه الكون بمتن الواقع، والكون في وعاء الدهر، إلا أن هذا الأخير يكون ملاكاً لقسم من السبق الثامن، وهو سبق المبدعات بعضها على بعض.

(23) أي فيكون المعنى وعاءً هو الدهر.

(للبدائع)(24) أي وعاء الدهر(25) مخصوص بالمبدعات(26)
بخلاف العبارة الأولى أعني متن الواقع(27) فإنه يشمل السـرمدي(28).
قال السيد  قدس سره (29) في القبسات: وإذ تبيّن أن الوجود الأصيل(30)
في متن الأعيان عين ماهية(31) الباري الحق ونفس حقيقته،

 

(24) إعلم أَنَّ الافعال الغير المسبوقة بمادة ومدة، أي بهيولى وزمان، تسمّى (المبدعات والبدائع) مثل العالم، أعني ما سوى الله عز وجل ، فإنه غير مسبوق بمادة ومدة وعاؤه الدهر، والتي تكون مسبوقة بمادة فقط دون مدّة تسمّى بـ(المخترعات) وهي الأفلاك، والتي تكون مسبوقة بهما كلاهما تسمّى (الكائنات)([575]).

(25) أي الكون في وعاء الدهر، لما نوّع التعبير عن ملاك السبق الثامن، أراد أن يبين أن بعض التعبيرات مخصوصة ببعض أقسامه.

(26) أي مخصوص في كونه ملاكاً للمبدعات، أي للسبق الذي يقع بينها، كسبق الملكوت على الناسوت، وإنما لا يكون ملاكاً للسبق السـرمدي، لأن المتقدّم غير متصف به؛ لأن مبدأ المبادئ - أعني الله تعالى- ليس كائن في وعاء الدهر، وإنما هو كائن في وعاء السـرمد.

(27) أي الكون في متن الواقع، وحذفه اعتمادا ًعلى وضوحه.

(28) أي يشمل في كون ملاكاً للسبق السـرمدي والسبق الدهري؛ لأن اللهالله عز وجل  موجود في متن الواقع.

(29) هذا برهان على كون ملاك السبق الثامن هو الكون بمتن الواقع، واستشهـد بكلامه([576])؛ لأنه هو أخترع هذا القسم من السبق، فهو أعرف بملاكه واستشهد، وهناك في عبارته فوائد، لذا نقلها كلّها.

(30) أراد به الله عز وجل ؛ لأنه في نظره أن الماهية أصيلة والوجود اعتباري، إلا وجود الباري فإنه أصيل وماهيته عين ذلك الوجود.

(31) وقد تقدّم من المصنف البرهان على ذلك، وأن وجود الله عز وجل عين ماهيته.

فالمرتبة العقلية(32) وحاق الوجود العيني(33) هناك(34) واحد(35) ووجوديته(36) سبحانه في حاق كبد الأعيان ومتن خارج(37) الأذهان، هي بعينها المرتبة العقلية(38) لذاته الحقّة من كل جهة(39).

(32) التي هي ملاك السبق العلّي، وهي التي يكون السبق فيها، لماهيّة العلّة على ماهية المعلول بحكم العقل.

(33) وهو ملاك لسبق وجود العلة على المعلول في الخارج، ونفس الوجود الخارجي.

(34) اي الله عز وجل .

(35) أي بمنزلة واحدة، في أن المرتبة العقلية كما يقع فيها السبق كذلك الباري وقع له السبق في الوجود العيني؛ لأنه بعدما تبين أن ماهية الباري عين وجوده، فلا يمكن وجود ماهيته في العقل، فليس له مرتبة عقلية يكون فيها التقدّم على من عداه، نعم وجوده في حاق الأعيان سابق على من عداه، فالوجود في حاق الأعيان بمنزلة المرتبة العقلية، ولذا قلنا بالنسبة إلى الذات المقدّسة؛ المرتبة العقلية مع الكون في حاق الأعيان شـيء واحد، من جهة وقوع السبق فيه، كما يقع في المرتبة العقلية بين ماهية العلّة والمعلول.

إن قلت: هب أن الوجود الاصيل لا يوجد في الذهن، ولكن يمكن وجوده بمفهوماته المنتزعة، فله مرتبة عقلية.

قلنا: أن التقدّم بالرتبة العقلية ليس إلى الوجود الأصيل بالذات؛ لأنه لم يوجد بنفسه في العقل، فلابد وأن يكون بالعرض، وكل ما بالعرض لابد وأن ينتهي إلى من بالذات، ولا شـيء يكون هنا بالذات إلا نفس المفهوم المنتزع، وهو غير صحيح، لأنه ليس علّة للموجودات حتّى يكون مقدّماً عليها.

(36) هذا عطف تفسير.

(37) هذا عطف تفسير أيضاً.

(38) في كونها ملاكاً لسبقه على معلولاته، وإلا فليس له مرتبة عقلية على مدعاه.

(39) متعلق بالحقّة، أي ليس فيه باطل من كل جهة، أعني ليس فيه نقصان من كل جهة.

فالموجودية المتأصلة(40) في حاق الأعيان ومتن الخارج في العالم
الربوبي(41) بمنزلة مرتبة ذات الإنسان(42) وماهية العقل(43) مثلاً من حيث هي هي في عالم الإمكان(44). فإذن تأخر العالم عن المرتبة العقلية لذاته(45)

 

(40) أي وجود الباري.

(41)وهو وعاء الوجود الحقّ،أعني السـرمد،وهو متعلّق بقوله الموجودية المتأصلة.

(42) أي مرتبته العقلية بالنسبة إلى معلولاته الصادرة منه.

(43) أي ومرتبته العقلية لماهيّة العقل الفعاّل، بالنسبة إلى معلولاته.

(44) فإن الإمكان ظرف لهذه الموجودات، فحاصل ما يحاوله في المقام، جعل الكون في متن الواقع في العالم الربوبي، بمنزلة المرتبة العقلية في عالم الإمكان.

(45) أي الكون في متن الواقع لذاته الحقة، لما بيّنا أن لا مرتبة عقلية له، وأنهما فيه عبارة عن الكون في متن الواقع، وغرضه بهذا الكلام([577]) إرجاع التقدم بالعلّية فيه إلى
 

الحقة جل سلطانه تأخراً بالمعلولية(46) هو بعينه(47).

التأخر الانفكاكي(48) عنه سبحانه، بحسب وجوده(49) سبحانه في حاق الأعيان.

ثمّ قال: وليس يصح أن يقاس ما هنالك(50) بالشمس وشعاعها
وما بينهما(51) من التقدّم والتأخر بالذات بحسب المرتبة العقلية(52) والمعيّة
في الوجود(53) بحسب متن الأعيان(54) كما تمور به الألسن(55) موراً، وتفور(56) به الأفواه فوراً، لما قد دريت أن المرتبة العقلية لذات الشمس بما هي هي
ليست بعينها هي الوجود في متن(57) الأعيان، كما هو سبيل الأمر في

 

التقدم السـرمدي.

(46) مفعولاً مطلقاً لقوله تأخر العالم.

(47) أي تأخر العالم بعينه، وهذا خبر قوله تأخر العالم.

(48) وهو مجامعة عدم المتأخر في السلسلة الطولية للمتقدّم، وهنا عدّم العالم كذلك، فالتأخر كان تأخراً سـرمدياً، فرجع إلى التأخر الـسـرمدي.

(49) لا بحسب صفاته فإنها من العالم أيضاً.

(50) من الوجود الأصيل، والعالم وما بينهما من التقدّم والتأخر.

(51) أي وبما بينهما.

(52) فإن العقل يحكم بتقدّم ماهية العلّة على ماهيّة المعلول، فهو يحكم بتقدّم ماهية الشمس على ماهية الشعاع، بتحلل الشعاع بحسب حصول الوجود.

(53) أي يوجدان معاً، فالشمس من الشعاع، يوجدان دفعة واحدة في الخارج.

(54) أي الخارج.

(55) اي تنطق به الالسن.

(56) عطف تفسير.

(57) لأنه العلّة والمعلول، والشمس وشعاعها موجودان معاً، فليس احدهما سابقاً
 

العالم الربوبي. وكذلك الأمر في حركة(58) اليد وحركة المفتاح مثلاً. فاخفض جناح عقلك للحق، ولا تكونن من الجاهلين انتهى.

بالوجود في متن الأعيان بالسبق الإنفكاكي، نعم في المرتبة العقلية كان أحدهما سابقاً على الآخر.

(58) فإن أحدهما ليس سابقاً بحسب الوجود العيني، فلا يصح القياس.

 

 

الفريدة الرابعة

في الفعل والقوة

 

 

 

[29]

غرر في أقسامهما

على صُنُوْفٍ قُوَّةٌ قَدْ وَرَدَتْ
كذا الذي يُقابِلُ الضَعْفَ وَما
وَقُوَّةٌ إمّا بَدَتْ مُنْفَعِلَةْ
فَمَبْدأُ الأفْعالِ قَدْ تَخَالَفَـتْ
وَمَعْ شُعُوْرِ قُدْرَةِ الحيوانِ سِـمْ
وَمَبْدَأ الواحِدِ إنْ لَمْ يَعْدَمَـا
إنْ يَعْدَمَ الدَّرْكُ وَقُوِّمَ الَمحَل
وصورةٌ نَوعيةٌ إذا انفَرَضْ
فتِلْكَ مَعْ مُفارقِي المَـوادِ
للقُدرةِ انسِبْ قُوّةً فِعْلِيَّةْ
للقُدرةِ السبقُ على الفعلِ وقـدْ
لِلقُوّةِ السَّبْقُ زمانِياً كمَـا

 

 

منها الذي مُقابِلَ الفِعْلِ ثَبَتْ
يَكُوْنُ مَبْدَأَ التَّغَيُّرِ اعْلَـما
لِشَيءٍ اَوْ أَشْيا وإمّا فاعِلَةْ
عَدِيْمُ دَرْكٍ قُوَّةٌ لِما نَبَـتْ‏
بِصِحَّةِ الفِعْلِ وَتَرْكِهِ رُسِـمْ
بِفَعْلِهِ الشُّعورَ ذا نفس السَّما
طَبيعةً إنْ في البسيطِ قَدْ حَصَـلْ
مُرَكّباً وَدُونَ تقويمٍ عَـرَضْ
كُلٌّ جنودُ مبدأ المـبادي‏
إن قارَنَتْ بالعِلْمِ وَالمَشيَّةْ
قِيْلَ مَعيَّةً وليسَ المُعْتَمَدْ
فِعْلٌ علَيْها مُطْلَقاً تَقَـدّما

 


 

الفريـدة الرابعة
في الفعل والقـوة

[29]

غرر في أقسامهما

(على صنوف قوة(1) قد وردت) نذكر بعضها الذي هو أكثر تداولاً بينهم.

(منها) الصنف(2) (الذي) هو (مقابل الفعل(3) ثبت) كما يقال: الهيولى
 

قيل: أن الفعل لم تذكر له اقسام في هذا البحث.

وأجيب أنه من باب التغليب؛ لأنه لما كان للقوة أقسام، جعل كأنه للفعل أقسام.

وأشكل عليه: أيضاً أن ما ذكر في المبحث معانٍ للفظ القوّة، لا أقسام لها؛ لأنها ليس لها جامع كما سيظهر لك ذلك، بل المصنف صـرّح على أن لفظ القوّة مشترك لفظي بين هذه المعاني في حاشيته على الأسفار([578]).

وأجاب الأستاذ: أن مراده أقسام المسمّى بالقوّة، فيكون استعمل لفظ القوّة في معنى كلي، وهذه اقسام له، وهو المسمّى بالقوّة.

(1) أي على أقسام المسمّى بالقوّة قّد جاء، وليس المـراد بالصنف هنا معنـاه الحقيقي([579])؛ لأنه ليس بين هذه المعاني حقيقة مشتركة،هذه حصص منها كيف وبينها التباين.

(2) أي القسم.

(3) أي المعنى الذي يقابل الفعل، وهو نفس التهيؤ، ويقابله الفعل، وهي نفس
 

أمر بالقوّة(4). (كذا) منها الصنف (الذي يقابل الضعف)(5) كما يقال الواجب تعالى فوق ما لا يتناهى قوة(6). وبهذا المعنى يطلـق عـلى الكيفيّات الاستعـدادية(7) القوّة(8) واللاقوة (و) كذا منها (ما) أي صنف (يكون مبدأ التغير(9)) في شـي‏ء آخر من حيث هو آخر(10) (اعلما) وبهذا المعنى تطلق
 

تلك الصورة المتهيأ لها، كصورة الجنين.

(4) أي أمر متهيأ لقبول صورة.

(5) وهو الشدة.

(6) هو أراد الشدة أي شدة في الوجود، وقوله قوة مفعول يتناهي.

(7) وهي الكيفيات التي يكون معها الشـيء قابلاً للإستعداد الشديد، الى جانب الإنفعال كالصلابة، وتسمّى (القوّة) أو (الإستعداد الشديد)([580]) وإلى جانب الإنفعال كاللين وتسمّى (اللاقوة) وقيّد الكيفيات بالاستعدادية([581])؛ لإخراج الكيفيات الغير الاستعدادية، وهي الكيفيات النفسية مثل الارادة ونحوها.

(8) أي الشدة، فيقال هذه الكيفية فيها قوّة، أي شدّة في عدم قبول الإنفعال، وهذه الكيفيّة فيها لا قوّة، أي لا شدّة في عدم قبول الإنفعال، أي تنفعل بسـرعة ، وقد تطلق القوّة على نفس الكيفية التي فيها شدّة، على عدم قبول الإنفعال كالصلابة، كما ذكرناه سابقاً، وحينئذٍ فلا إشكال على عبارة المصنف، كما ذكره الاستاذ من أن القوّة هي نفس الكيفيات، لا أنها بهذا المعنى، أعني الشدّة تطلق على الكيفيات، وعلى هذا فيقابلها اللاقوة، وهي الكيفيات الاستعدادية التي فيها شدّة على قبول الإنفعال كاللين.

(9) أي علّة التأثير في شـيء آخر، كالنار فإنها علّة الإحراق في شـيء آخر.

(10) قيّد بهذا القيد لإدخال ما هو مبدأ التغير في نفسه، وعلّة للتأثير فيها كالطبيب المريض الذي يؤثر بنفسه الجوع، واكل هذا الشـيء وشـرب الدواء، فإنه يؤثر ويكون

على مبادي الآثار كقوى النفس(11) وغيرها(12).(وقوّة إما
بدت منفعلة(13) لشـيء) واحد كمادة الفلك(14) حيث تقبل أمراً
واحداً، وهو الحركة الوضعية(15) (أو أشياء)(16) محدودة(17) كالقوّة
الانفعالية في الحيوان(18) أو غير متناهية كقوة الهيولى الأولى(19)

 

مبدأ للتغير في نفسه، من حيث كونه عالماً وطبيباً ويتعالج، وتَقبل نفسه ذلك من تعلّقها بالمادة القابلة، فمن حيث هو فاعل غيره من حيث إنه منفعل.

(11) وهي كالقوة المدركة، والقوة الماسكة، والمغذية، والقوة الباصـرة، وغيرها من قوى النفس، فإنها مبدأ التغير في شـيء آخر.

(12) كالنار فإنها مبدأ التغير والتأثير في شـيء آخر، كالخشب فإنها تؤثر فيه الإحراق.

(13) غرضه كما هو في الحاشية([582])، أن لفظ القوة قد يطلق على نفس القابل لشـيء آخر، كما تطلق على نفس التهيؤ لـشيء آخر الموجود في القابل، وهذا الاطلاق إنما يطلق على نفس القابل، أعني المتهيأ كالنطفة، بخلاف الاطلاق الأول فإنها كانت تطلق على تهيؤ النطفة، وإذا أريد بالقوة هذا المعنى، فلابد أن تقيّد إما بالمنفعلة أو الانفعالية، فيقال قوّة منفعلة أو قوة إنفعاليّة.

(14) فإنه يطلق عليها قوة منفعلة أو انفعالية، أي قابلة.

(15) وهي الحركة بنحو الاستدارة.

(16) أي منفعلة وقابلة لأشياء.

(17) أي متناهية.

(18) أي كجنس القوة المنّفعلة في الحيوان، كالمخيلة فإنها قابلة للصورة، والسامعة فإنها تقبل الصوت.

(19) أي كقوّة هي الهيولى الأولى، فالإضافة بيانية، والهيولى الأولى سيجيء فيها الكلام أنها تقبل اموراً لا تتناهى.

(وإما فاعلة)(20) لشـيء واحد أو أشياء متناهية، كالقوّة الفاعلة في الفلك(21) والحيوان(22) أو غير متناهية(23) كالقوّة الفاعلة(24) الواجبة القديرة على كل شـيء.نريد أن نقسم(25) القوّة الفاعلة بأنها إما مبدأ أفعال(26) وإما مبدأ فعل واحد؛ والأول(27) إما مع الشعور أو عديمه(28) والثاني(29) أيضاًَ إما مع الشعور أو عديمه.

ثمّ العديم من الثاني(30) إما متقوّم بالمحل(31) أو مقوّم له؛ والمقوّم(32) إما في البسيط(33) أو في المركّب.

(20) وهذه هي القوّة التي بمعنى مبدأ التغير في شـيء آخر، وإنما ذكرها مرة ثانية لأجل تقسيمها.

(21) أي كمبدأ التأثير في الفلك، وهو نفسه التي يعبّر عنها بالنفس الفلكية، فإنها فاعلة للحركة الوضعية، كما أن مادة - كما ذكرناه سابقاً - قوّة منفعلة قابلة للحركة الوضعية.

(22) أي وقوّة الحيوان التي هي مبدأ التغير والتأثير في شـيء آخر، وهي نفسه الناطقة، فإنها تؤثر الذهن والارواح والافعال وغير ذلك، فهي فاعلة لأشياء متناهية.

(23) أي فاعلة لأشياء غير متناهية.

(24) هي ذات الله عز وجل .

(25) أي نريد من كلامنا أما فاعلة أن نقسم، فلا يكون كلامنا تكراراً.

(26) أي علّة أفعال.

(27) أي مبدأ الأفعّال.

(28) أي عديم الشعور.

(29) أي مبدأ فعل واحد.

(30) أي ثمّ عديم الشعور من الذي يصدر منه فعل واحد،وحيث أن هذا التقسيم بحسب الوقوع، خصّص القديم من الثاني بذلك، وإلا فالعقل يجريها في جمعيها.

(31) وهو العرض.

(32) أي المقوم للمحل.

(33) أي أما في المحل للبسيط.

 فقلنا(34) (فمبدأ الأفعال قد تخالفت(35)) حال من الأفعال (عديم درك)(36) حال من المبتدأ(37) (قوة) خبر المبتدأ(38) (لما نبت)(39) أي نباتيّة(40). (ومع) كون مبدا الأفعال ذا (شعور) فتلك القوّة(41) (قدرة الحيوان (42) سم(43) بصحة الفعل و) صحة (تركه رسم) القدرة(44). والتذكير(45) لأجل التعبير بالمبدأ(46). وقد أشـرنا(47) إلى أن هذا الرسم(48) لقدرة الحيوان كما صـرّح به الشيخ، لا لقدرة الواجب (49) تعالى خلافاً للمتكلمين.

(34) هذا تفريع على قوله، نريد أن نقسّم القوّة الفاعلة.

(35) أي متغايرة.

(36) أي عديم شعور.

(37) هو فمبدأ.

(38) أعني مبدأ.

(39) متعلق بقوة مثل القوّة التي تكون للذي ينبت، أي النفس النباتية، فإنها تفعل أفعال متخالفة من النمو وشـرب الماء واعطاء الشمس.

(40) أي قوّة نباتية، وهي النفس النباتية.

(41) التي هي مبدأ الافعال، وكانت ذات شعور.

(42) وهي كيفية نفسانية.

(43) أي سمّي تلك القوة قدرة الحيوان.

(44) أي عرفت قدرة الحيوان بصحة الفعل، اي إمكان وصحة تركه.

(45) في قوله رسم، ولم يقل رسمت.

(46) أي من جهة أنه تعبير بقدرة الحيوان عن المبدأ، فالضمير باعتبار معناه.

(47) أي صـرّحنا.

(48) وهو صحة الفعل([583])، وصحة تركه.

(49) وسيجيء ذلك إن شاء الله تعالى.

(ومبدأ) الفعل (الواحد إن لم يعدما) مؤكد(50) بالنون الخفيفة كقوله:

يحسبه الجاهل ما لم يعلما (بفعله) متعلق بقولنا: (الشعور(51) ذا نفس السما)(52) فإنها مصدر(53) للفعل على وتيرة واحدة(54). (إن يعدم) مبدأ الواحد (الدرك وقوّم المحل) فهو (طبيعة(55) إن في) المحل(56) (البسيط) كالماء(57) (قد
 

(50) يعني قوله بعدما.

(51) مفعول بعدما.

(52) فهذا اشارة إلى المبدأ، أي هو مبدأ الفعل الواحد، الذي كان عنده شعور، هو مثل النفس السمائية، أي نفس الفلك.

(53) أي نفس السماء.

(54) وهو الحركة الوضعية.

(55) ويعبّر عنها بالفعل كالمائية، فإنها مقوّمة لهيولى الماء، ومادته التي هي محل للطبيعة النوعية.

(56) أي يكون مبدأ الفعل الواحد، العديم الدرك، المقوّم لمحله، فيسمّى (طبيعـة) إذا حصل في محل بسيط.

(57) أعلم قد كثر التمثيل لمقامنا بهذين المثالين.

وربما يشكل على التمثيل بها، وحاصله: أن الطبيعة المائية والطبيعة النارية ليسا مبدأً لفعل واحد، بل تصدر منهما افعال متعددة، فالطبيعة المائية يصدر منها البرودة والحركة والإرتواء والنظافة، والطبيعة النارية يصدر منها الإضاءة والحركة والإحراق.

وقد أجيب عنه في الاشارات وشرحها([584]) بما حاصله: أن المادة التي تحلّ فيها
الطبيعة عند وجودها، لابد وأن تقترن بأعراض، لا يمكن للجسم الانفكاك عنها
عند وجوده، كالأين والوضع والكم والكيف غير ذلك، وطبيعة الجسم لابد وأن تقتضـي - مع كل واحد منها - فعلا ًواحداً على وتيرة واحدة، فالطبيعة النوعية دائما ًتقتـضـي فعلاً واحداً، غاية ما في الباب، هذا الفعل الواحد قدّ يكون احراقاً، وقد

 

حصل) . وذلك المبدأ(58) المقوّم (صورة نوعية إذا انفرض مركباً) أي في مركّب(59) أو فرض المحل مركباً.

(ودون تقويم) من ذلك المبدأ للمحل، بل يكون متقوّماً به(60) فهو (عرض).

فالحرارة(61) مثلاً من حيث إنها مبدأ التسخن في آخر قوّة. (فتلك) المبادي(62) المقارنة للمواد، ولو بنحو التعلّق(63) (مع) مبادي (مفارقي المواد)(64) كلّية(65) (كل جنود مبدأ المبادي)(66) تعالى شأنه.

ولما ذكرنا أن صحّة(67) الصّدور والّلاصدور تفسير لقدرة الحيوان أردنا
 

يكون اضاءة، بحسب اختلاف ما يعرض لوجودها من الاجناس.

(58) وهو مبدأ الفعل الواحد العديم الشعور المقوم للمحل، إذا كان محله مركّباً لا بسيطاً، فيسمّى (صورة نوعية).

(59) يريد أن يبين أن قوله مركباً، إما منصوب بنزع الخافض، أو منصوب على أنه حال من الضمير الخافض للمحل.

(60) وكان عديم شعور.

(61) التي هي عرض قائم بجسم النار أو غيره.

(62) هذه فائدة استطرادية، لا ربط لها بالمقام.

(63) أي المقارنة للمواد، سواء كانت بنحو الحلول، كالطبيعة والصورة النوعية، أو بنحو التعلّق؛ أي لها وجود مستقل، إلا أنها مدبّرة للمادة، كالنفس النباتية، أو النفس الناطقة، وكقدرة الحيوان.

(64) اي مع العلل المفارقة للمواد كالعقول، فإضافة مبادئ الى ما بعدها اضافة بيانية.

(65) أي مفارقة كلية، أي لا تجتمع مع المواد، لا بنحو التعلّق، ولا بنحو الحلول.

(66) أي كل هذه المبادئ جنود لله، يسخرها حيثما يشاء، فهو القدير على كل شـيء، لا تعصيه في أمر من الأمور.

(67) أي إمكانه، وهذه اشارة استطرادية إلى ما ذكره الحكماء في تعريف القدرة، والرد على المتكلمين([585])، وإلا فهو اجنبي عن مقامنا.

أن نذكر ما هو المعتبر في القدرة(68) مطلقاً(69) حتى يشمل قدرة الواجب بالذات الذي هو واجب الوجود من جميع الجهات(70). فقلنا: (للقدرة انسب قوّة فعلية) أي القوّة المؤثرة(71) (إن قارنت)(72) القوّة (بالعلم والمشية)(73). فالمعتبر في القدرة مطلقاً إصدار الفعل عن علم ومشيّة، كما قال الحكماء: القادر هو الذي إن شاء(74) فعل، وإن لم يشأ لم يفعل(75). وأما الصحة والإمكان(76)
 

(68) أي في تعريفها وتفسيرها.

(69) أن قدرة الواجب تعالى، وقدرة الحيوان.

(70) في هذا اشارة إلى المتكلمين([586])، حيث إنهم يفسـرون قدرة الواجب بإمكان الفعل، فيلزم أن يكون منه جهة قدرته وعلّيته، ممكناً لا واجباً؛ لأنه حينئذٍ تكون قدرته على الشـيء جائزة الوجود وجائزة العـدم، وإلا لو كانت واجبة الوجود، لكان المعلول واجب الوجود أيضاً، إذ مع القدرة يوجد المقدور.

(71) ففسـر الفعلية بالمؤثرة فعلاً.

(72) أي القوة الفعلية.

(73) أي والارادة.

(74) أي القادر مطلقاً، سواء كان الواجب أو الحيوان.

(75) غاية ما في الباب أن المشيئة واجبة أزلية في الله عز وجل ، وعدم المشيئة ممتنع في الله عز وجل ، وبالنسبة إلى الحيوان كلاهما ممكن.

(76) أي هذا عطف تفسير؛ لأن الصحة هي الإمكان، أي تعريف القدرة مطلقاً بصحة

وانفكاك الفعل(77) فغير معتبرين فيها(78).

(للقدرة السبق(79) على الفعل. وقدّ قيل) القائل هو الأشعري، لها (معيّة) بالفعل(80). (وليس) هذا هو القول(81) (المعتمد) عليه لتكليف الكافر(82)
 

الصدور، وصحة اللاصدور.

(77) أي واعتبار انفكاك الفاعل عن الفعل، بمعنى أن القادر لابد وأن ينفك الفعل عنه، لا عند وجوده يوجد الفعل.

(78) أي في القدرة مطلقاً، كما اعتبر المتكلمون ذلك في القدرة مطلقاً([587])، مستدلين على أن القادر لابد له من مقتدر وعلم، وإلا كان موجباً، ففعله لابد له من قصد وارادة، فيوجد منه، فيكون عدم الفعل مقارناً للإرادة، فينفك عنه الفعل، فيعتبر فيها انفكاك الفعل، ولابد أن يكون ممكن الوجود؛ وإلا لو كان واجب الوجود لكان موجباً لا قادر؛ لأنه يصدر منه بدون قصد وارادة، ولو كان صدوره مع الارادة، لكان يجوز وجوده ويجوز عدمه؛ لأن الفاعل مختار بالنسبة إليه.

والجواب عنه: أن قصد الله عز وجل وارادته، عين ذاته وواجبة الوجود، فلا ينافي قدرته وجوب معلوله وقدمه، وعدم انفكاكه بالنسبة إليه، نعم هذا هو معتبر في قدرة الحيوان، إذ الإرادة فيه زائدة على ذاته وحادثة، فلا يكون معلوله واجب الوجود وقديماً، بل ينفك عنه، ويكون ممكناً.

(79) أي للقدرة مطلقاً، سواء كانت قدرة الله عز وجل أو قدرة الحيوان، السبق على الفعل الصادر من القادر، غاية ما في الباب السبق في قدرة الواجب على الفعل سبق ذاتي، وفي الحيوان سبق زماني.

(80) أي اقتران مع الفعل الصادر من القادر.

(81) أي وليس قول الاشعري([588]) هو القول...الخ.

(82) هذا دليل أول لعدم الاعتماد عليه وحاصله: أن الكافر مكلف، وشـرط
 

ولزوم أحد المحالين(83) إما قدم العالم، وإما حدوث قدرة الله تعالى،
وغير ذلك(84). (للقوة)(85) التي هي مقابلة للفعل(86)
(السبق زمانيا) على الفعل(87). وبالحقيقة هذا السبق لفرد فرد منها(88)

 

التكليف القدرة، فلو كانت القدرة مقارنة للفعل، لزم أن لا يصح تكليف الكافر؛ لأنه غير قادر على الفعل حال الكفر، إذ هو ليس يصدر منه الفعل حالاً، فلا فعل فلا قدرة، وهذا لا تلتزم به إيها الاشعري.

(83) هذا دليل ثاني وحاصله: أن القدرة إذا كانت مقارنة إلى الفعل، فلا يخلو: إما أن تكون قدرة الله عز وجل قديمة أو حادثة، فإن كانت قديمة يلزم أن يكون العالم قديم؛ لأن العالم فعل الله عز وجل وهو مقارن للقدرة، وأنتم لا تقولون بذلك، بل تقولون بحدوثه، وإن كانت حادثة فهو باطل؛ لأنه يلزم أن يكون الله عز وجل محلاً للحوادث.

(84) من الاقوال الباطلة المترتبة على هذا القول كما ذكره الشيخ في الشفاء([589]) في الرد على الاشعري([590])، أن المتمكن من القيام يكون قادراً قبل أن يقوم، والصحيح البصر كان قادراً على الابصار قبل أن يبصـر.

(85) وهذا مطلب مستقل اشار إليه إستطراداً.

(86) أعني التي بمعنى التهيؤ لقبول صورة وفعلية أخرى.

(87) فالقوّة التي في النطفة، سابقة على فعلية الجنين.

(88) حاصله: أن هذا السبق ليس لمطلق القوّة على مطلق الفعل، إذ القوّة مؤخرة عن الفعل؛ لأنها لا تقوم في محل ما لم يكن موجوداً، ولا يكون موجوداً ما لم يكن
 

على فرد فرد منه(89) بالتعاقب والتناوب (كما فعل عليها مطلقاً) صفة مفعول مطلق(90) محذوف لقولنا: (تقدّماً) أي تقدّم الفعل على القوّة بجميع أنحاء التقدّم من الذاتي(91) والزماني(92) والشـرفي(93) وغيرها(94).

بالفعل، إذ المادة لابد لها من صورة، فالقوّة الموجودة في مادة النطفة لقبول الجنين، لابد من أن تكون متّصفة بالنطفة فعلاً، نعم كل فرد من أفراد القوة سابق على فعلية، فإذا وجدت تلك الفعلية، وذهبت تلك القوة، حلّت في مكانها قوّة لفعلية أخرى، وهي سابقة على الفعلية، فكل قوّة جزئية في هذه الموجودات الفاسدة الباطلة، سابقة على فعليّة جزئية. فدائماً تعقب قوّة؛ قوة أخرى، وتكون بدلها، وهي تكون مقدّمة على ذلك الفعل، الذي هي تكون قوّة له، حتى تنتهي إلى فعلية الواجب، فلا قوّة حينئذٍ، إذ تخرج من عالم الفساد، وتدخل في العالم الربوبي.

(89) أي من الفعل.

(90) تقديره تقدماً مطلقاً.

(91) أي سابق بالسبق العلي على القوة؛ لأن العقول كلّها فعلية، وهي علل إلى هذه القوات والتهيؤات الموجودة في هذا العالم، عالم القوّة والبطلان.

(92) فإن كل فعل جزئي في هذا العالم، مقدّم على قوّة جزئية، فالنطفة الفعلية مقدّمة بالزمان على القوّة الموجودة في الجنين للإنسان.

(93) فإن الفعل كمال الشـيء، والقوّة نقصانه، فهو الكامل اشـرف من النقصان، على أن الفعل جهة وجود، والقوّة جهة عدم، والوجود خير والعدم شـر.

(94) من التقدّم السـرمدي، فإن فعلية الله عز وجل مقدّمة على القوات الموجودات في عالم الفساد، وكذا بالتقدّم الدهري، فإن فعلية القوى مقدّمة على القوة الموجودة في هذا الكون، وكذا سابق عليها بالسبق بالحقيقة الذي قاله صدر المتألهين([591])، فإن الفعل موجود بالذات، والقوّة موجودة بالعرض والمجاز؛ وكذا بالسبق الوصفي، فإن الفاعل ما لم يتصف بالصورة النوعية؛ ويكون بالفعل، لا يصدر منه قوّة بالنسبة إلى فعل من الافعال، وسبق في التجوهر بينهما؛ لأنه يكون بين الماهيات، ولا ماهية هنا.

 

 

 

 

الفريدة الخامسة

في الماهية ولواحقها

 

 

 

[30]

غرر في تعريفها وبعض أحكامها

ما قِيْلَ في جَوابِ ما الحقيقةْ
 

 

ماهيّةٌ والذاتُ والحقيقـةْ
 

قِيْلَتْ عَلَيْها مَعْ وُجودٍ خارجِـيْ          
 

 

وَكُلُّها المعقولُ ثانياً يَجِـيْ‏
 

وَلَيْسَت الاّ هِـيَ مِنْ حَيثُ هِيَـهْ            
 

 

مَرْتَبَةٌ نقائضٌ منتفـيةْ
 

والكونُ في تِلْكِ انْتِفا المُقَيَّدِ            
 

 

نَقِيْضَهْ دون انتِفا مُقَيَّدِ
 

وَقَدِّمَنْ سَلْبا على الحيثيـةْ            
 

 

حَتّى يَعُمَّ عارِض الماهِيَّـةْ
 

فانف به الوجودَ ذا التقييـدِ لا            
 

 

مُطْلَقَهُ وَاتَّخِذَنْهُ مَثَلا
 

والسلبُ خُذْهُ سالباً مُحَصَّلا          
 

 

وَلا اقتضا ليسَ اقتضا ما قابَلا
 


 

الفريـدة الخامسـة
في الماهية ولواحقـها

[30]

غرر في تعريفها وبعض أحكامها

في الماهية(1)
 

أعلم أن مبحث الماهية إنما عدّه المصنف من مباحث الأمور العامة؛ لأن آخر ما انتهوا إليه في حدّها، من أنها هي الأمور التي لم تختص بواحد من هذه الثلاثة، أعني الجوهر والعرض والواجب، والماهية مشتركة بين الجوهر والعرض، فإنها تكون لبعض الجواهر التي هي الجسمية، وأما مثل العقول والنفوس فهي لا ماهية لها، وأما الواجب فلا ماهية له([592])، والأعراض بأقسامها التسعة لها ماهيات([593]).

(1) الماهية لها معنيان:

الأول: ما به الـشـيء هو هو([594])، وبهذا المعنى يقال: أن ماهية الواجب عين إنِّيته، وبهذا المعنى هي مشتركة بين جميع الاشياء، حتى الواجب والعقول؛ لأنها ما به تكون هي هي، وهو الوجود.

والثاني: وهي التي تقال في جواب ما هو، وبهذا المعنى هي المقصودة لنا بالبحث، وهي مختصة بالجوهر والعرض، ولا تكون للواجب، وبهذا المعنى نفاها بعض المحققين([595]) عن العقول والنفوس، وهي تصدق على الكليات الخمسة بهذا المعنى،
 

ولواحقها(2).

(ما قيل) أي حمل على الشـيء، فالشـيء معلوم من سياق المقام(3) (في جواب ما الحقيقة(4) ماهية) للشـيء(5).

فيقال للجنس والنوع والفصل وغيرها ماهية.

فإن قلت: أنكم عرّفتم الماهية بما يقال على الشـيء في جواب ما هو، والفصل والخاصة والعرض العام لا يقال في جواب ما هو، بل الفصل يقال في جواب أي شـيء هو في ذاته، والخاصة في جواب أي شـيء هو في عرضه الخاصّ، والعرض العام في جواب أي شـيء هو في عرضه العام، فالأولى أن تسمّى هذه بـ(الأيسيّة) كما سمّاها بعضهم بهذا الاسم.

(2) من الوحدة والكثرة والكلية والجزئية وغيرها.

قلنا: أن هذه الثلاثة - كما اشار إليه صاحب المطالع([596]) - كلّها أنواع بالنسبة إلى افراده حتّى الجنس؛ لأنها تمام حقيقة ما تحتها من الأفراد، وهي بالنسبة إلى افرادها تقال في جواب ما هو، نعم هي بالنسبة إلى مصاديقها لا تقال في جواب ما هو إلا الجنس، فإنه يقال في جواب ما هو، فالكتابة نوع هذه الكتابة الخاصة، ويقال في جواب ما هو عليها، نعم هي بالنسبة إلى معروضها - وهو زيد - لا يقال في جواب ما هو، مضافاً إلى أن للفصل بعضهم([597]) زعم أنه يقال في جواب ما هو، حتّى بالنسبة إلى مصاديقه.

(3) أي من سوق الكلام في هذا المقام، فإن الحمل لابدّ له من شـيء يحمل عليه.

(4) وهي التي يقع جوابها حقيقة الشـيء، وماهيته وكنهه، لا تعريفه اللفظي وشرحه اللغوي.

(5) الذي وقع السؤال بما هو الحقيقة عنه.

وقد احترزنا بما الحقيقة عن ما الشارحة(6) فإن ما يقال في جوابها ليس ماهية، بل هو شـرح الاسم(7). وبالفارسية(8) ماهيت(9) باسخ(10) برسش(11) از(12) كوهر شـيء(13) است وشـرح اسم(14) باسخ(15) برسش(16) نخستين(17) است(18).

(6) اشكل عليه الاستاذ: بان ما الشارحة أيضاً تقع في جوابها الماهية، غاية ما في الباب، أنها قبل إحراز وجود الشـيء المسؤول عنه تسمّى ما الشارحة، وبعد إحراز وجوده تسمّى ما الحقيقية، بل التعريف اللفظي لا يقع في جوابها، نعم بعضهم إدعى وقوعه في جوابها، وعلى كلٍ فقول المصنف لا يقال في جوابها إلا الماهيّة لا وجه له، بل المنطق ذكر أنه تقع الماهية في جوابها([598]).

(7) أي التعريف اللفظي.

(8) أي ما يقال، وجواب ما هو يسمّى بالفارسية...الخ.

(9) أي ماهية.

(10) أي جواب.

(11) أي سؤال.

(12) أي من.

(13) أي جوهر شـيء، وبعبارة أخرى معناه ماهية جواب السؤال عن جوهر الشـيء وحقيقته.

(14) أي ويسمّى بالفارسية شـرح الاسم، الذي يقال في جواب ما الشارحة بكذا.

(15) أي جواب.

(16) سؤال.

(17) أي أول.

(18) رابطة، وبعبارة أخرى جواب سؤال الأول؛ لأن الإنسان أول ما يسأل بما
 

والمطالب ستة(19) وبعضهم وإن زادوا عليها، لكن أسّها(20)
 

الشارحة، فيفهم معنى الشـيء، ثمّ بعد ذا يسأل عن حقيقته.

(19) أي أدوات السؤال ستة([599])، وسمّيت مطالب؛ لأنها يطلب بها الجواب.

(20) اعلم أن أسّ المطالب وأمهاتها عند المناطقة هي ادوات السؤال، التي تكون بالنسبة إلى باقي الأدوات السؤاليّة، كنسبة الجنس إلى الكليات، أو كنسبة النوع إلى أصنافه، فإن في أن الكل راجع إليه، بمعنى أن كل ما يسأل عنه بأدوات السؤال، يسأل عنه بأحدها.

فبعضهم زعم أن أس المطالب ثمانية، فزاد مطلب (أي) أعني (أي الذاتية) وهي يسأل بها عن الذاتي، و(أي العرضية) وهي التي يسأل بها عن الخاصة والعرض العام.

وبعضهم جعلها تسعة، وزاد (أين) حيث يطلب بها المكان.

وبعضهم جعلها عشـرة، وزاد مطلب (كيف) وهي التي يُسأل بها عن كيفية الـشيء.

وبعضهم جعلها أحد عشـر، وزاد مطلب (كم) التي يطلب بها المقدار.

وبعضهم جعلها اثني عشـر، وزاد مطلب (متى) وهي التي يطلب بها الزمان([600]).

والتحقيق: أن أس المطالب ستة، وهي مطلب (ما الشارحة) ومطلب (ما الحقيقة) ومطلب (هل البسيطة) ومطلب (هل المركبة) ومطلب (لم الثبوتية) ومطلب
(لم الاثباتية).

ففي الحقيقة اسّ الادوات ادوات ثلاثة: (أو) و(هل) و(لِمَ) وما عداها يرجع في السؤال إليها.

وذلك لأن ما الشارحة: يطلب بها شـرح الاسم، وإيضاح معناه، ويقع في جوابها الماهية، إما بطور الحدّ أو الرسم، وإما التعريف اللغوي، فمحل نزاع في وقوعه بعدها، فـ(الملا جلال) جوّز وقوعه([601])، وغيره منعه كـ(ملا صدرا)([602])، حيث ذكر في الاسفار أن التعريف اللفظي هو من الأمور التصديقية؛ لأنه يفيد التصديق بان هذا اللفظ موضوع لهذا المعنى، بخلاف شـرح الاسم، فإنه لإفادة تصور معنى اللفظ. فالأصح أن يقع التعريف اللفظي في جواب هل المركبة.

وما الحقيقية: هي التي يطلب بها الحدّ الماهوي، أو الرسم الماهوي، بعد أفراز وجود الماهية المسؤول عنها، واتفقوا على أنه لا يقع في جوابها التعريف اللفظي.

وهل البسيطة: وهي التي يسأل بها عن الوجود المطلق للشـيء، فيقع في جوابها الوجود المطلق، وهو الوجود البسيط لإسميّة هل البسيطة.

وهل المركبة: وهي التي يطلب بها الوجود المقيّد كالكتابة، فيقال (هل زيد كاتب).

ولِمَ الثبوتية: وهي التي يطلب بها علّة ثبوت الشـيء لشـيء آخر في الواقع، وتقع في جوابها العلل الأربعة، وهي الفاعلية والغائية والصورية والمادية، وعلل القوام وهي الجنس والفصل، ويسمّى جوابها (دليل لمّي).

ولِمَ الإثباتية: وهي التي يسأل بها عن علّة العلم بثبوت هذا لذاك، ويقع في جوابها الحد الأوسط، ويسمّى جوابها (دليل إني).

فأما أين وكيف وكم ومتى، فما يسأل بها ويقع في جوابها، يسأل بـ(هل المركّبة) ويقع في جوابها؛ لأنها يطلب بها وجوداً مقيّداً من كيفية شـيء أو مقداره أو مكانه أو زمانه، وهذه كلّها وجودات مقيدة تقع في جواب هل المركبة.

 

هي مطلبا ما الشارحة(21) والحقيقية(22) ومطلبا هل(23) البسيطة، والمركّبة ومطلبا لم(24) الثبوت والإثبات.

وفي منظومتي في المنطق، التي في نيتي إتمامها، إن ساعدني التوفيق، ذكرت المطالب بقولي: نظم

أس المطالب ثلاثة علـم 
فما هو الشـارح والحقيقي
     

 

مطلب ما مطلب هـل مـطلب لم‏
وذو اشتباك مـع هـل أنيـق(25)

 

وأما أي الذاتية: وهي التي يسأل بها عن الفصل، فعلى ما حققه المصنف من كون فصل الشـيء وصورته، ما به يكون الشـيء شيئاً، فالحدّ الحقيقي له هو الفصل، فهو يقع في جواب ما الحقيقة بعد العلم بالوجود، وبعد ما الشارحة قبل العلم بالوجود.

وأما أي العرضية: وهي التي يسأل بها عن العرض الخاص أو العام، ويقعان في جوابها، فهما يقعان في جواب هل المركبة؛ لأنه يسأل بها عن وجود مقيّد، وهما نحوان من الوجود المقيد([603]).

(21) بعض النسخ موجود فيها لفظ (مطلب) مكتوب بالتنوين، والأصح بألف التشبه، وكذا اللام في هل ولِمَ. فإذا اطلق المطلب بدون الاضافة إلى أداة السؤال، فالمراد به نفس الأداة، وإذا أضيف إلى الأداة أريد به الجواب.

(22) وهما الماهية قبل العلم بالوجود، والماهية بعد الوجود.

(23) وهما الوجود البسيط، والوجود المركّب.

(24) وهما علّة الحكم في الواقع، وعلة العلم به.

(25) لفظ ذو، اشارة إلى ما الشارحة والحقيقية، والاشتباك هو الترتيب، وأنيق هو الحسن، أي وما الشارحة مع هل المركبة والبسيطة لها ترتيب حسن؛ لأن الترتيب الذي يقتضيه الطبع في السؤال تقدّم ما الشارحة، ثمّ هل البسيطة، ثمّ ما الحقيقية، ثمّ هل المركبة، وذلك لأن السائل أول ما يعرف شـرح الاسم ومعناه، ثم ّيطلب بهل
 

وهل بسيطا ومـركبا ثبـت
إليه آلت(28) مـا فـريـق أثـبتـا(29)

 


 

لِميَّة(26) ثبوتـا اثبـاتاً حـوت(27)
مطلب أيٍّ أين كيف كـم متى

 

البسيطة وجوده، ثمّ يطلب حقيقته؛ لأن معرفة الحقيقة بعد احراز الوجود، والوجود مُقدّم بالحقيقة على الماهية، وما لا وجود له لا ماهية له، ثمّ يطلب بهل المركّبة إذا اراد معرفة بعض عوارضه؛ لأن ثبوت شـيء لشـيء فرع لثبوت المثبت له.

(26) تصغير لِمَ.

(27) أي اشتملت.

(28) أي إلى اسّ المطالب رجعت.

(29) أي الذي اثبته فريق من مطلب أي، ومطلب أين... الخ، إلى أس المطالب رجع لا أنه غيره.

(بقي شـيء) وهو مذهب صدر المتألهين([604]) أن الرسوم لا تقع في جواب ما الحقيقية أو الشارحة؛ لإنها يطلب بها ماهية الشـيء، وهي ليست بماهية للشـيء. نعم على سبيل الاضطرار تقع في جوابهما، إذا سئل بهما عن البسائط، فإن الرسوم هي حاقّ تلك البسائط، ولا يتوصل إليها إلا بها، إذ لا ماهية لها.

ثمّ أن المصنف استدل على أن هل البسيطة مقدّمة على ما الحقيقية في الحاشية وفي منظومته المنطقية([605])، بأن قيل: الوجود لا ماهيّة ولا حقيقة، إذ ما لا وجود له لا ماهيّة له؛ لأن الماهيّة اعتباريّة، فلابدّ من معرفة الوجود حتى تعرف الماهيّة([606]).

وأشكل عليه الاستاذ بأن هذا غير صحيح لوجهين:

الأول: أن ما الشارحة مقدّمة على هل البسيطة، مع أنه يسأل بها عن الماهيّة، فالماهيةّ يسأل عنها قبل إِحراز الوجود، نعم على مذهب المصنف من أن ما الشارحة لا يطلب بها إلا التعريف اللفظي لا يرد هذا الإشكال؛ لأن الماهية حينئذٍ لا تقع في جوابها، ولكن بيّنا بطلان هذا المذهب.

الثاني: أن مطلب الماهية في السؤال يكفي فيه الوجود الذهني، ولا حاجة لمعرفة الوجود الخارجي حتّى تقول ما لا وجود له لا ماهية له، ولذا في ما الشارحة يطلب بها الماهية؛ لأنها موجودة ذهناً، فماهية العنقاء في السؤال بما الشارحة يكفي فيها التصور لماهيتها، نعم لو كان الوجود الذهني دائراً مدار الوجود الخارجي فصحيح ما ذكره، إلا أن اثبات ذلك دونه خرط القتاد.

نعم دليله الثاني على هذا المطلب صحيح، من أن الحكيم إنما يبحث عن الماهية من حيث الوجود، فهي عنده لا شـيء بدون الوجود، فلذا كانت هل البسيطة مقدمة عنده على ما الحقيقية.

ثم إعلم أنه على هذه المطالب يدور محور كل علم، إذ ان اجزاء العلوم ثلاثة([607]):

تعريف موضوع العلم، وبيان موضوع العلم، وهي مطالب ما الشارحة.

والمسائل وهي مطالب هل المركبة.

والمبادئ التصورية هي مطالب ما الحقيقية، والمبادئ التصديقية هي مطالب لم الثبوتية ولم الإثباتية.

أما هل البسيطة فمطلبها هو وجود نفس الموضوع الذي يبحث عنه في العلم، وهو
 

وفي كثير كان ما هو لم هو(30)
 

 


 

ليس من العلم، إلا أن يذكر وجوده في العلم الذي يكون موضوعه أعم منه، ويسمّى بـ(العلم الأعلى) فمثلاً علم الطب موضوعه جسم الإنسان، والعلم الطبيعي موضوعه الجسم مطلقاً، فالطبيعي موضوعه أعم، فوجود الجسم الإنساني يبحث عنه في العلم الطبيعي؛ لأنه من جزئياته، وهو عارض عليه، ومن شأن العلم أن يبحث عن معروضاته فيه، فوجود كل موضوع إنما يذكر في العلم الأعلى منه، وينتهي الأمر إلى موضوع العلم الذي لا أعلى منه، فيكون موضوعه بين ماهيته وبين هليته البسيطة، كما أن علم الحكمة الإلهيّة موضوعها أعمّ من كل علم؛ لأنه الموجود، وهو معلوم وجوده، وواضح معناه ومفهومه.

(30) أي كثير ما يكون مطلب ما هو الشارحة أو الحقيقية، مطلب لِمَ هو الثبوتية.

قال الاستاذ: أن الفلاسفة كثيراً ما إهتموا في هذه القاعدة([608])، وليس المراد بها أن الفصل والجنس اللذين هما علل القوام، كما يقعان في جواب ما هو الشارحة أو الحقيقية؛ لأنهما ماهية للشـيء، كذلك يقعان في جواب لِمَ؛ لأنهما علّة لقوام الشـيء، إذ هذا أمر معلوم لكل أحد يعرفه من له أدنى إلمام بالفلسفة، بل المراد أن العلة الفاعلية والعلة الغائية كما يقعان في جواب لِمَ هو، كذلك تقعان في جواب ما هو، كما في المفارقات النوريّة كالعقول والنفوس، على القول بأنها وجود بحت لا ماهية لها، فيكون الوجود البسيط هو ماهيتها واصلها وذاتها؛ لأنها به تكون شـيئاً، فشيئيتها به، وما به الشـيء هو هو ماهية الشـيء، وحيث إنه لا ماهية لها بمعنى الكلّي، كان هو ماهيتها، بل هو ماهية كل وجود نفسه، والكليات ماهيات الموجودات، وأيضاً الوجود البسيط هو علّتها الغائية؛ لأنها له تعود وترجع كل الوجودات، وأيضاً الوجود البسيط علتها الفاعلية؛ لأنها به توجد، فإذا سئلت بما هو عن المفارقات،
وقع الجواب هي الوجود، فإن سئلت لم هي عن العلة الفاعلية وقلت لِمَ هي، يقع

 

 


 

 

كما يكون ما هو هل هو(31) انتبهـوا

والانخساف الأول يناسب(32)

 

 


 

الجواب للوجود، وكذا إن سئلت عن العلة الغائية وقلت لم هي، يقع الجواب للوجود، وكذا نفس الوجود الحقيقي لكل وحدة، فإن حقيقته الوجود المنبسط، وهو علّة فاعلّية وغائيّة له كما سيجيء، فلو سئل عنه (ما وجود زيد) فيقال الوجود البسيط، وإذا سئل عنه وقيل (لم وجود زيد) فيقال للوجود البسيط.

وكذا الكلام في الوجود البسيط، فإن علة فاعليته الله عز وجل ، وغايته الله عز وجل ، وماهيّته وذاته، وما به يكون هو هو؛ ليس إلا الله عز وجل ، فإذا سئل ما هو، قيل في الجواب (هوالله عز وجل ) وإذا سئل لم هو، قيل (الله عز وجل ). ونظيره يقال ما المنطق، فيقع في الجواب (آلة قانونية تعصم الذهن عن الخطأ)، فإذا سئل بلم هو فيقال (لأنه آلة قانونية...الخ) وهي علة غائية. وكذا يقال ما الحكمة، فيقال (استكمال النفس للتخلق بالأخلاق علماً وعملاً)، فلو سئل بلم هي، لقيل (للإستكمال وغير ذلك). وكذا يقال ما البصـر، فيقال (قوة ينظر بها الاشياء)، فلو يسأل بلم هو، لقيل (لأنه قوّة ينظر...الخ).

(31) أي قدّ يكون ما يقع في جواب ما هو، عين ما يقع في جواب هل هو البسيطة، وذلك كالمفارقات النورية، ونفس الوجود الحقيقي لكل أحد، والوجود البسيط، إذ هذه إنما تكون موجودة بنفسها، لا بوجود آخر، وإلا لزم التسلسل، فإذا سئل عنها بهل البسيطة، يقع في جوابها الوجود الذي هو ماهيتها واصلها وذاتها؛ لأن وجودها -كما قدّمنا- ليس زائداً على ماهيتها وذواتها، فإذا سئل بهل عنها وقيل (هل هي موجودة)، فيقال (موجودة) والمشتق غير المبدأ، وإنما يختلف باعتبار لا بشـرط، وبشـرط لا، فكأنه قال وجود، وكذا إذا سئل بما هو عنها واقع الوجود، وبعبارة أخرى أن وجودها عين ذاتها، وذاتها عين الوجود، فتقع ماهيتها وذاتها في جواب لم وجواب هل.

وليعلم أن بين القاعدتين عموما من مطلق بحسب المورد، والعموم في جانب الأول، فيجتمعان كما قدّمنا في المفارقات النورية، والوجود الحقيقي، والوجود البسيط، وتفترق الأولى عن الثانية في الانخساف كما سيجيء إن شاء الله تعالى.

(32) أي انخساف القمر عند السؤال عنه بما هو، ولم هو، يكون الجواب واحد.

 

فإذا قلت ما الانخساف؟ وقع الجواب هو توسط الأرض بين القمر وبين الشمس. وإذا قلت: لمً الانخساف؟ فيقع الجواب لتوسط الأرض بين القمر والشمس. وأما عند السؤال عن السؤال بهل هو البسيطة عنه، فيقع الوجود الذي هو زائد على حقيقته، وهو غير التوسط، فلم هو كان عين ما هو في الانخساف، أما ما هو فلم يكن عين هل هو في الانخساف؛ لأن الواقع في جواب هل هو الوجود، وهو لم يكن عين حقيقة الانخساف. وقوله (الأول يناسب) هو أن جواب ما هو فيه، عين جواب لم هو، ولم يكن عين جواب هل هو فيه، وقرّبنا الوجه من كون حقيقته ليس صـرف الوجود([609]).

 

 

وفي وجودي اتحد المطالـب(33)
 

والماهية مشتقة عن ما هو، والياء للنسبة.

(والذات والحقيقة) أي كل واحد منهما (قيلت عليها) أي على الماهية
(مع وجود خارجي). فلا يقال ذات العنقاء وحقيقتها(34)
بل ماهيتها، فإن الماهية أعمّ منهما(35). لكن ربما لا يراعى
هذا الفرق(36) فيستعمل كل بمعنى(37). (وكلّها المعقول ثانيا(38) يجي)

 

(33) أي في وجودي الحقيقي الجزئي اتحدت المطالب، وهي مطلب لم وما وهل؛ لأن حقيقة هذا الوجود الحقيقي هو الوجود المطلق، وعلته أيضاً الوجود المطلق، وموجود بنفسه، فوجوده عين ذاته لا زائد عليها، وإلا لزم التسلسل، فإذا سئل بلم أو ما أو هل عنه، يقع الجواب بالوجود.

(34) وكذا لا يقال طبيعة العنقاء، إذ ماهيتها لم تكن موجودة.

(35) أي من الذات والحقيقة، إذ هما لا يطلقان على الماهية إلا بعد وجودها، بخلاف الماهية، فإنها تطلق على ماهية الموجود والمعدوم.

(36) بأن يطلق الحقيقة والذات على الماهية المعدومة

(37) أي كل من الذات والحقيقة، بمعنى الماهية، فيطلقان على ماهية المعدوم والموجود.

(38) أي مفهوم الماهية والذات والحقيقة، وكذا يلحق بها مفهوم الطبيعة معقولات ثانية، وذلك لأن المعقول هو العارض الذي لا يحاذيه شـيء في الخارج، أي
يكون عروضه للـشـيء في العقل، فمثل السواد لا يسمّى معقولاً ثانياً؛ لأنه يحاذيه شـيء في الخارج، ويكون عروضه للشـيء فيه، وليس هناك أمر يحاذي هذه الأمور في

إذ معلوم أنه ليس في السواد أمر يحاذي(39) كونه ماهية مطلقة(40) أو ذاتاً وحقيقة

الخارج، إذ هذه المفاهيم إنما تصدق على الماهيات، وليس أمر يحاذيها في الخارج، يكون عارضاً لها أو ذاتياً، إذ ان في الخارج حيوان ناطق لا ما هو هو([610]) يكون للإنسان. وربما يستدل على نفي كونها ذاتية لما تحتها من الأفراد بدليلين:

الأول: أنها لو كانت ذاتية وأجزاء مقوّمة لما تحتها من الماهيات؛ لأخذت في تعريفها، فيقال الإنسان ماهية حيوان ناطق، أو حقيقته، أو ذات حيوان ناطق.

الثاني: أنها لو كانت ذاتية لما تحتها؛ لكانت جنس الأجناس، إذ هي حينئذٍ تصدق على جميع الماهيات، وينحصـر جنس الأجناس في واحد، وهو مفهوم هـذه الأمـور والالفاظ، وسيجيء البرهان في باب الجوهر والعرض أن الاجناس العالية متعددة لا واحدة.

وقوله (معقول ثاني) فلسفي؛ لأن العرض في الذهن والاتصاف بمفاهيمها في
الخارج، كالأبوة والإمكان، حيث إنها تثبت لها في الخارج، بخلاف المعقول الثاني المنطقي، فإن الاتصاف به في الذهن، كما أن العروض فيه أيضاً كالكلية، فإن الاتصاف بها في الذهن.

(39) أي شـيء يصدق عليه مفهوم الماهية يكون عارض السواد، أو ذاتياً له، فيكون مفهوم الماهية من الخارج المحمول، لا المحمول بالضميمة، حيث لا شيء يحاذيه.

(40) أي كون السواد ماهيته المطلقة ومراده، أن ليس شـيء موجود في السواد
يكون مصداقاً واقعياً لمفهوم الماهية. وقوله (ماهية مطلقة) أي كلي الماهية، أي
مطلقتين(41) وراء الماهية(42) الخاصّة أعني اللون القابض(43) لنور
البصـر.

(وليست)(44) أي الماهية (إلا هي من حيث هيه) الهاء للسكت(45) كقوله تعالى [وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ]([611]) أي ليست كل ماهية من حيث نفسها إلا نفسها،
لا موجودة ولا معدومة، ولا واحدة ولا كثيرة ولا كلية ولا جزئية ولا غيرها(46). فكما أن الوجود والعدم ليس أحدهما عين الآخر ولا جزئه، بل الوجود وجود والعدم عدم، كذلك كل واحد منهما(47) بالنسبة إلى السواد مثلا. (مرتبة)(48) مفعول فيه(49) لمشتق بعده(50) (نقائض منتفية)(51).

مفهوم هذا اللفظ.

(41) أي مفهوم لفظ الحقيقة لفظ الذات.

(42) أي غيرها.

(43) وكونه ما هو، هو للسواد ليس موجوداً في الخارج، بل امر يعتبره العقل.

(44) وهذا حكم ثالث للماهية.

(45) في قوله معية.

(46) أي لا ممكنة ولا واجبة، ولو كانت من حيث هي متصفة بواحد منها، لما إتصفت بمقابله أبداً، فلو كان الوجود جزءاً من حقيقتها لما اتصفت بالعدم.

(47) أي كل واحد من الوجود والعدم، كذلك منتفٍ عن السواد والإنسان من حيث هو.

(48) أي مرتبة الماهية.

(49) أي لفظ مرتبة مفعول فيه.

(50) وهو قوله منتفية.

(51) أي في مرتبة الماهية، أي من حيث هي النقيضان يرتفعان، فيقال لا موجودة ولا لاموجودة، ولا كلية ولا لا كلية.

 

وارتفاع النقيضين(52) عن المرتبة(53)جائز، لأن معناه(54) أن
 

(52) هذا دفع اشكال وحاصل الإشكال: أنه قد برهن، بل جعل من القضايا البديهية أن ارتفاع النقيضين محال،فقولكم أن مرتبة الماهية ارتفع عنها النقيضان،لا وجه له، وحينئذٍ لا يصح هذا الحكم الثالث، وهو أن الماهية من حيث هي ليست إلا هي.فأجاب بجوابين:

الأول: وحاصله، أنه كما ذكرنا في مبحث الصدق والكذب أن الماهية في حدّ ذاتها مرتبة من الواقع، كالوجود الذهني والخارجي، وما قيل من أن ارتفاع النقيضين محال؛ إنما هو بالنسبة إلى مطلق الواقع، أي كلية الواقع لا يمكن أن يرتفع عنه النقيضان، وهذا هو الذي قامت عليه البراهين([612])، لا أن ارتفاع النقيضين عن مرتبة من الواقع محال، والماهية مرتبة من الواقع،فيجوز أن يرتفع عنها النقيضان، فمثلاً الماهية في الواقع لابد أن تكون أما موجودة أو معدومة، ولكن الماهية في مرتبة نفسها، لا تكون موجودة ولا معدومة.

وهنا تعرض الاستاذ إلى فائدة مهمة هي: أن كل وجود خاص ترتفع عنه نقائض كثيرة بالنسبة له، فوجود زيد مسلوب عنه وجود الأرض والسماء وعمر وغير ذلك، ومسلوب عنه اعدام هذه الامور، لان عدم الـشـيء بديله وجوده، ووجود زيد ليس عدم الأرض؛لأنه ليس بديل وجودها،وإلا لما وجد زيد والأرض؛لأن الشـيء لا يوجد مع عدمه، نعم وجود الأرض وعدمها بالنسبة إلى الواقع كلية، إما موجود أو معدوم.

وأما الجواب الثاني: فسيجيء الكلام عليه([613]).

(53) أي مرتبة الماهية، وهي كون الماهية من حيث هي هي.

(54) أي معنى ارتفاع النقيضين عن المرتبة.

كل واحد منهما(55) ليس عيناً للماهية ولا جزءا
منها(56) وإن لم يخل عن أحدهما في الواقع(57) على أن نقيض الكتابة(58) في

 

(55) أي من النقيضين.

(56) أي من الماهية، وذلك واضح؛ لإنا إذا قلنا أن الماهية من حيث هي- بإسقاط جميع العوارض الخارجة - مرتفع عنها النقيضان، فمعناه أن كل واحد منهما ليس جزءً لها، ولا عينها، فلا العدم جزء لها، ولا الوجود، ولا الكلية جزؤها، ولا الجزئية، وهذا أمر جائز صحيح لا ينكره من كان له أدنى عقل، فبعد هذا التفسير إتضح أنـه يجوز أن يرتفع عنها النقيضان.

(57) أي أن لم تخلُ الماهية عن أحد النقيضين، فهي إما موجودة أو غير موجودة وهلم جرّا.

(58) هذا هو الجواب الثاني عن الإشكال الذي على قاعدة أن الماهية من حيث هي ليست إلا هي، من لزوم ارتفاع النقيضين([614]).

وحاصل هذا الجواب: أن نقيض كل شـيء رفعه، فالوجود الذي هو جزء الماهية من حيث هي؛ إنما يكون نقيضه سلب الوجود الموصوف، ذلك الوجود بأنه جزء الماهية، لا أن نقيضه سلب الوجود المطلق، الذي يكون ذلك السلب جزءاً أو عيناً للماهية؛ لأنه ليس رفعاً للوجود الذي هو جزء أو عين، بل هو رفع للوجود المطلق.

فإذا عرفت هذا: فليس النقيضان يرتفعان عن إنّية الماهية([615])؛ لأن الوجود الذي هو جزء أو عين، إذا ارتفع صار مسلوباً عن مرتبة الماهية، هذا النحو الخاص من الوجود، نعم لو كان نقيض السلب الذي هو جزء للماهية، أو عينها المتعلق بنفس الوجود المطلق، نعم ارتفع النقيضان؛ لأن السلب ليس جزءَها ولا عينها، كيف ولو كان السلب عيناً لها، وجزئها، لما اتصفت بالوجود.

 المرتبة عدم الكتابة في المرتبة(59) على أن يكون(60) الظرف(61)
قيداً للمنفي(62) لا للنفي(63) كما قلنا (والكون) أي كون شـي‏ء
(في تلك) المرتبة (انتفا المقيّد) بالإضافة(64) (نقيضه)(65) لأن نقيض
كل شـي‏ء رفعه(66) (دون انتفا مقيد) بالتوصيف(67) فإذا كذب(68)

 

(59) أي هذا قيد للكتابة، أي نقيض الكتابة التي هي في مرتبة الماهية، أي جزئها أو عينها.

(60) في قولنا عدم الكتابة في المرتبة.

(61) يعني قوله في المرتبة.

(62) يعني الكتابة.

(63) يعني العدم، وذلك لأن نقيض كل شـيء رفعه، والرفع المقيد بشـيء المتعلق بالمطلق، ليس هو الرفع المطلق المتعلّق بالمقيّد.

(64) أي بإضافة انتفاء إلى المقيّد، والاضافة بمعنى اللام، أي انتفاء للمقيد([616]).

(65) مبتدأ مؤخر، وخبره انتفاء المقيّد، والضمير في نقيضه عائد إلى قوله الكون.

(66) فنقيض المقيّد، الرفع المتعلق بذلك المقيد.

(67) بأن يجعل المقيّد صفة للإنتفاء، أي السلب المقيّد بكونه في المرتبة، وإن ذلك السلب أما عين الماهية أو جزؤها، فإن هذا السلب لا يكون نقيضاً للكون الثابت في المرتبة، والنسبة بين السلب، الذي هو عين المرتبة أو جزئها، أو السلب المعلّق، المتعلق بالوجود المقيد؛ بكونه جزءً أو عيناً، عموماً وخصوصاً من وجه، فيجتمعان فيما لو كان السلب المطلق عين الماهية أو جزؤها، متعلّقاً بالوجود المقيّد بكونه جزءً أو عيناً، ويوجد سلب المقيّد بالإضافة، بدون السلب المقيّد بالتوصيف، في صورة لو سلب المقيّد بالإضافة، ليس جزءها للماهيّة ولا عينها، ويوجد السلب المقيّد بالتوصيف، دون سلب المقيّد، في صورة ما لوكان السلب عين الماهيّة أو جزؤها، ولم يكن متعلّقاً بالوجود المقيّد، بكونه جزء أو عين، بل بالوجود العارض مثلاً.

(68) أراد بالكذب عدم الحمل؛ لأن كلامنا في المفردات، إذ محل البحث أن مرتبة
 

ثبوت الصفة في تلك المرتبة(69) صدق سلب(70) الصفة التي في تلك المرتبة، لأنه نقيضه(71) وإن كذب أيضاً(72) سلب الصفة الذي في تلك(73) المرتبة إذ ليس نقيضه(74).

فما هما نقيضان(75) لم يرتفعا(76) وما ارتفعا(77)
ليسا نقيضين(78). (وقد من سلبا على الحيثية)(79)

 

الماهية النقيضان، مثل الكتابة اللاكتابة يرتفعان عنها أم لا، وإلا فلا إشكال في أن النقائض في القضايا مرتفعة عن كل موضوع من الموضوعات.

(69) أي مرتبة الماهية، وهذا قيد إلى الثبوت.

(70) أي حمل سلب الصفة على مرتبة الماهية، ولكن بالحمل الشائع لا بالحمل الذاتي، إذ ليس هذا السلب ذاتياً للماهية، حيث إنه لا جزؤها ولا عينها.

(71) أي لأنه نقيض ثبوت الصفة.

(72) أي وإن لم يحمل أيضاً على الماهية من حيث هي.

(73) هذا قيد للسلب، أي السلب الذي هو جزء أو عين.

(74) أي ليس نقيض ثبوت الصفة في تلك المرتبة، سلب الصفة الذي في تلك المرتبة، فلذا عند كذب ثبوت الصفة، لا يصدق هذا السلب.

(75) وهما ثبوت الصفة في المرتبة، وسلب الصفة التي في تلك المرتبة.

(76) إذ قلنا أن السلب صدق على المرتبة.

(77) وهما ثبوت الصفة في تلك المرتبة، وسلب الصفة الذي في تلك المرتبة.

(78) ولذا كلاهما كذبا.

(79) حاصله: أنه إذا سئل عن ثبوت شـيء للماهية([617]) من حيث هي، وليس من
 

فقل ليس الإنسان(80) من حيث هو إنسان، بكاتب ولا لا كاتب وبواحد ولا لا

جوهريتها، أو سلب ذلك الشـيء عنها، فلابدّ في مقام الجواب بسلب كلا الطرفين من الماهية، إلا أن الحيثية - أعني قولنا من حيث هي- يقدّم السلب عليها، فيقال (ليس الإنسان من حيث هو بكاتب ولا لا كاتب)، والفرق بين تقديم السلب على الحيثية، وبين تأخيره عنها، أنه في الأول يكون السلب مسلّطاً على المحمول من حيث كونه عين الماهية أو جزؤها، وفي الثاني يكون المحمول مسلوباً مطلقاً، أي من حيث كونه جزءً أو عيناً أو عارضاً عن مرتبة الماهية. وبعبارة أخصّ أنه في الأول يكون السلب مسلّطاً على الحيثية، بخلاف الثاني.

(80) في مقام سلب ما ليس من الجوهريات له، عند سؤال السائل عن ثبوت أحد النقيضين، كالكتابة واللاكتابة.

واحد. وهكذا؛ لا أن يقال(81) الإنسان من حيث هو ليس بكذا وكذا (حتى يعمّ) السلب(82) لأجل التقديم(83) (عارض المهية) نفسها، ولا يختص بعارض وجودها(84).

بيان ذلك: أن للماهية، بالقياس إلى عوارضها حالتين: إحداهما(85) عدم الاتصاف بها ولا بنقائضها، حين أخذ الماهية من حيث هي كما في العوارض التي تعرضها بشـرط الوجود، كالكتابة والحركة ونحوهما. والأخرى(86)
 

(81) أي يقدم الحيثية على السلب.

(82) حفظ تعليل إلى تقديم السلب على الحيثية دون تأخره عنها. وقوله (حتى يعم السلب) لأجل أن يصح السلب في عارض الماهية، كما يصح في عوارض الوجود، فإنه عند التقديم لا يصح السلب أن يتعلق بعارض من الماهية، ويتعلق بخصوص عارض الوجود، كما سنوضح ذلك عن قريب.

(83) أي لأجل تقديمه على الحيثية.

(84) أي ولا يختص السلب حينئذٍ بعارض الوجود الذهني أو الخارجي.

(85) وتسمّى عوارض الوجود؛ لأنها تعرض للماهية بشـرط الوجود، وهي على قسمين([618]): عوارض الوجود الخارجي: مثل الحركة والكتابة لوجود الإنسان الخارجي، وكالحرارة العارضة لوجود النار الخارجي.

وعوارض الوجود الذهني: كالكلية والنوعية، وهي بمنزلة المشـروطة، موضوعها الماهية الموجودة، ومحمولها نفس العارض، والوصف العنواني نفس الوجود.

(86) وتسمّى عوارض الماهية، وهي التي تعرض الماهية في وجودها، [وتنقسم] إلى الخارجي والذهني كالزوجية للاربعة، وهي ترجع إلى القضية الحينية، موضوعها نفس الماهية،محمولها العارض، وقتها هو الوجود. وقوله (والأخرى) أي والحالة الأُخرى.

الاتصاف(87) بها حين ما أخذت كذلك(88) كما في العوارض التي
تلحقها مع الوجود، لا بشـرط الوجود كالوجود(89) والوحدة(90)
والإمكان(91) ونحوها(92). فالماهية بالقياس إلى عوارض الوجود،
تخلو عن الطرفين(93) في مرتبة من نفس الأمر، وهي مرتبة ذاتها، وأما بالقياس إلى عوارض نفسها، فإنها، وإن لم تخل عن أحد الطرفين(94) لكن ليست حيثية(95) نفسها حيثية ذلك العارض(96).

فالتقديم الذي شـرطوه(97) إنما هو بالقياس إلى عارض الماهية نفسها(98)
 

(87) أي اتصاف الماهية بالعوارض.

(88) أي حينما اخذت الماهية موجودة باي من الوجود في الخارجي أو الذهني.

(89) أي كمفهوم الوجود، فإنه عارض لها، وهي لا تخلو عن الاتصاف به لا ذهناً ولا خارجاً.

(90) فإن الوحدة - كما سيجيء - عين الوجود، فهي لا تخلو عنها ذهناً ولا خارجاً.

(91) قد تقدّم أن الماهية لا تخلو عن الإمكان لا ذهناً ولا خارجاً.

(92) كالتشخّص لا ينفك عنها لا ذهناً ولا خارجاً، وكذا الشيئية.

(93) في مرتبة نفسها، إذ كما بيّن أن الماهية في مرتبة ذاتها ممكنة متشخّصة واحدة موجودة، إذ أنها إنما تثبت لها هذه المرتبة عند وجودها في الذهن، فهي لا تلحظ. معها هذه المرتبة التي هي مرتبة نفسها إلا في الذهن، ومعه لا تخلو عن هذه العوارض.

(94) أي وجود العارض أو عدمه، بخلاف عارض الوجود، فإنه في المرتبة كما تقدّم لا يكون موجوداً فيها ولا معدوماً، فالمرتبة نفسها تخلو عن أحد طرفيه.

(95) لأن كون شـيء مع شـيء لا يقتضـي أن يكون عينه أو جزءه.

(96) أي وليس ذلك العارض جزءً من الماهية أو عينها، أي ليس العارض من حيث هو ثابت لها من حيث هي.

(97) أعني تقديم السلب على الحيثية.

(98) لأنه لو لم يقدم السلب على الحيثية لما صح السلب في هذا القسم من العارض، إذ الخلو(99) عن عارض الوجود وعن مقابله(100) جائز(101).

وإن صح في عارض الوجود، ولكن إجراءاً للباب على نسق واحد التزم تقديم السلب على الحيثية([619]).

وبيان عدم صحة السلب في عارض الماهية عند تأخير السلب عن الحيثية: أنه عند تأخر السلب عن الحيثية تكون الحيثية جزء الموضوع، وتكون الحيثية اطلاقية، ويكون السلب مسلّطاً على العارض بأي نحو كان([620]).

فإذا قلت: الإنسان من حيث هو ليس بممكن، فمعناه أن الإنسان في نفسه لم يكون الإمكان ثابتاً له، لا بنحو الجزئية، ولا بنحو العينية، ولا بنحو العارضية.

وهذا غلط؛ لأنه قد ذكرنا سابقاً إن الإمكان عارض للماهية في مرتبة ذاتها، فكيف يسلب عن المرتبة مطلقا ً، نعم يصح السلب عن عارض الماهية لو قدّم على الحيثية([621])، إذ أنه تكون حينئذٍ الحيثية داخلة في المحمول، وتكون الحيثية تقييدية، وعنده يكون السلب متوجهاً للمحمول المقيد بكونه جزء الماهية أو عينها.

فإذا قلت: ليس الإنسان من حيث هو بممكن، فمعناه إن الإنسان ليس الإمكان جزءه أو عينه. وهو صحيح، إذ لا يلزم منه أنه ليس عارضاً له، نعم عارض الوجود لا ضـرر في تقدّم الحيثية على سلبه، ويقال الإنسان من حيث هو ليس بكاتب؛ لأنه يصح سلب الكتابة مطلقاً، ولو بنحو العروض عن مرتبة الإنسان؛ لأنها من عوارض الوجود، والمرتبة تخلو عن طرفيها.

(99) هذا تعليل إلى كونه بالنسبة إلى عارض الماهية، دون عارض الوجود. وقوله (إذ الخلو) أي خلو الماهية في مرتبتها.

(100) أي نقيضه.

(101) فيصح سلبه مطلقاً، ولو بنحو العروض.

فإذا قلت: الإنسان(102) من حيث هو ليس بموجود، يصير الحيثية جزء الموضوع، لا من تتمة المحمول، فلا يتوجه النفي إلى الوجود(103) بنحو خاص،

أي وجود(104) يكون عيناً أو جزءاً له(105) بل إلى الوجود مطلقاً(106) فيلزم أن يكون الإنسان من حيث هو، أي نفسه(107) خالياً عن الوجود مطلقاً(108) ونفسه نفسه(109). وهو باطل(110) بخلاف ما إذا قلت بالعكس(111).

(فانف به)(112) أي بالتقديم(113) أو بالسلب (الوجود ذا التقييد)(114) أي ليس الإنسان في مرتبة ذاته موجوداً من حيث هو بأن، يكون عيناً أو جزءاً له(115)
 

(102) أي سلبت عنه عارض الماهية، وقدمت الحيثية على السلب.

(103) الذي هو العارض.

(104) يكون هذا بياناً للوجود الذي هو بنحو خاص.

(105) أي للإنسان.

(106) أي بل يتوجه النفي إلى الوجود مطلقاً، أي الوجود الذي هو عين أو جزء أو عارض.

(107) هذا تفسير إلى قوله من حيث هو.

(108) ولا الوجود العارض.

(109) الواو حالية، أي والحال إن الإنسان إنسان.

(110) أي ونفي الوجود عن شـيء حال كونه متصفاً عن شـيء باطل؛ لأن الشـيء عند العدم تسلب نفسه عنه، فالإنسان المعدوم ليس بإنسان، وفي مقام المرتبة الإنسان إنسان، فلابدّ أن يكون مفهوم الوجود عارضاً له.

(111) بأن قدمت السلب على الحيثية، وقلت: ليس الإنسان من حيث هو موجوداً، فإنه يكون سلباً للوجود من حيث كونه جزءاً أو عيناً، لا من حيث كونه عارضاً.

(112) هذا تفريع على ما تقدّم.

(113) أي بتقديم السلب على الحيثية، وهذا تفسير للضمير في به.

(114) أي الوجود الذي هو جزء أو عين، لا الوجود العارض.

(115) أي للإنسان.

(لا مطلقه) أي مطلق الوجود، ولو بنحو الاتصاف من قبل الغير(116). (واتخذنه)(117) مؤكد بالنون الخفيفة (مثلا). فأجره في الوحدة(118) فقدّم السلب وانف الوحدة التي من حيث نفس الماهية(119) لا مطلقها(120) وهكذا(121). وقدّ يقال في فـائدة تقديم السلب غير ذلك(122).

(116) أي بنحو العروض؛ لأن الشـيء العارض لابد وأن يقتضيه أمر غير
المعروض.

(117) أي واتخذ الوجود مثلاً في عوارض الماهية، في أنه في مقام السلب يقدّم السلب على الحيثية لا أنها تؤخر.

(118) أي فأجر هذا النحو من السلب في الوحدة.

(119) أي التي تكون جزءً أو عيناً.

(120) أي حتى بنحو العروض.

(121) يقال في باقي عوارض الماهية من الإمكان ونحوه.

(122) ذكر الاستاذ أن هذا إنما يجري في صورة السؤال عن النقيضين، وأما
في صورة السؤال عن العدول والإيجاب، بأن يقال: الإنسان من حيث هو هل
 هو كاتب أو لا كاتب؟ أو ما كان بمنزلة النقيضين، مثل هل الإنسان واحد
أو كثير؟.

فقد ذكر صاحب الشوارق([622]) أنه لا جواب لها؛ لأن العرض في مقام السؤال، يطلب تعيين أحد الطرفين بنحو الجزئية أو العينية في مرتبة الماهية، والماهية ليس احد الطرفين جزءها أو عينها، فإذا اريد الجواب عنه قيل: لا هذا ولا ذاك، ووافقه على ذلك الملا صدرا ([623]).

ثم اوردوا سؤالاً عليهم: أنه في صورة السؤال عن النقيضين أيضاً، الإجابة بأحد الطرفين يلزمه أنه جزؤه أو عينه كما هاهنا؟.

وما ذكرنا أولى(123).

فأجابوا عن ذلك: لأنا نقدّم السلب على الحيثية في الجواب([624])، فلا يتوهم أنه جزؤه أو عينه أحد الطرفين.

وأشكل عليهم الاستاذ: إنه في هذه الصورة أيضاً لم يكن جواباً أصلاً، وما أجيب به ليس بجواب؛ لأن السائل كان يطلب في قوله: هل الإنسان كاتب أم ليس بكاتب، تعيّن أحد الطرفين بنحو الجزئية أو العيّنية فيه، وفي مقام الجواب لم يكن عن تعيّن احدهما، بل سلبهما بهذا النحو عنه، على أنا نقول أن السؤال عن النقيضين لم يكن، لأنه كان سئل عن تعيّن الوجود أو السلب في المرتبة، وقد ذكرنا أن النقيض السلب عن المرتبة، لا السلب المقيدّ بالمرتبة، فتذكر.

(123) هذا راجع إلى ما ذكر في الشوارق من فائدة تقديم السلب.

وحاصل ما ذكره في الشوارق: أن السلب لو أخر عن الحيثية، وقيل الإنسان من حيث هو ليس بموجود، لصارت القضية موجبة معدولة المحمول، والموجبة المعدولة المحمول لابد وأن يكون موضوعها موجود في مرحلة الانطباق والتحقق، وحيث أن صدق هذا الحكم على الماهية في المرتبة، والماهية في المرتبة ليست موجودة ولا معدومة، فلا تصدق القضية، فلابد من تقديم السلب؛ لأنها حينئذٍ تكون سالبة ومعه لا بشـرط وجود الموضوع([625]).

 (والسلب) في قولك: الماهية(124) ليست من حيث هي كذا (خذه
سالباً محصلاً) لا موجباً عدولياً(125) حتى يقتضـي وجود الموضـــوع(126)

 

وأشكل عليه: إنه في صورة التأخير يمكن أن تكون سالبة؛ لأن السلب والعدول تابع للقصد، فإن قصد سلب الربط كان سلباً، وإن قصد ربط السلب كان عدولاً، فيمكن أن يؤخّر أداة السلب ويقصد سلب الربط، فتكون سالبة. فلذا قال المصنف: وما ذكرنا أولى.

(124) أي في صورة تقديم السلب على الحيثية.

(125) وعليه تكون معدولة المحمول.

(126) أي حتّى يقتضي قولك: الماهيّة ليست من حيث هي موجودة إلى وجود الموضوع، إذ على تقدير جعلها موجبة معدولة المحمول؛ لابد لها من أن يكون الموضوع موجوداً في مرتبة الصدق؛ لأن الموجبة بخصوصها لابد في صدقها - لا في مقام الحكم - من وجود الموضوع، وهنا الموضوع لم يكن موجوداً؛ لأنه اعتبرت الماهية من حيث ذاتها مجردة عن كل العوارض، وحكم عليها بهذا الحكم، فلو كان الحكم إيجابياً لابد فيه من أن يكون الموضوع موجوداً، والحالة أن الماهية بهذا الاعتبار ليس لها وجود في مرحلة الصدق والواقع، فلابد أن يكون هذا الحكم سلبياً، وعندها لا يحتاج لأن يكون الموضوع موجوداً.

إن قلت: بأنه تقدم منكم أن الماهية يعرض عليها الوجود، ولذا قلتم بأنه لا يصح
 

حتى تأخير السلب عن الحيثية؛ لأنه يلزم منه سلب العارض على الماهية وهو باطل، فلا يجوز أن تقول الماهية من حيث هي ليست بموجودة؛ لأنه يلزم سلب الوجود مطلقاً ولو كان بنحو العروض عنها وهو غلط؛ لأن الوجود عارض لها من حيث هي، فالماهيّة موجودة بالوجود العرضـي، ومعه يصدق الحكم بنحو الإيجاب العدولي؛ لأن الموضوع موجود.

قلنا: إن المحمول قد يكون في القضية مطلقاً، مثل ليس زيد الكائن في الدار بقائم، فإن معناه أنه ليس بقائم في الدار والسوق والمسجد وغير ذلك، وقد يكون مقيداً كما في قولنا (زيد ليس بقائم في الدار)، فإنه لا يلزم منه أنه ليس بقائم في البيت، وهنا هكذا، فإن الوجود يعرض للماهية من حيث هي عند إتصافها بالوجود الخارجي.

فإذا قلنا: الماهيّة من حيث هي ليست بموجودة، فمعناه سلب الوجود المطلق، أي ليس الوجود جزءها ولا عينها، ولا يعرض لها عند اتصافها بالوجود الخارجي، وهذا غلط لا وجه له، إذ إن الوجود يعرض لها عند اتصافها بالوجود الخارجي كما تقدّم، فلا معنى لسلبه مطلقاً، وهذا لا يلزم منه أن الماهية في مرتبة ذاتها عارض لها الوجود، كيف والمعروض في مرتبة ذاته مجرد عن العارض، إذ هو متقدم عليه، والماهية في هذه القضية ملحوظ فيها مرتبة ذاتها، ومن هنا قيل: إن الماهّية في حدّ ذاتها لا موجودة ولا معدومة([626])، فليس الموضوع موجوداً حتّى تكون موجبة.

وأورد عليه استاذنا المحقق الشيخ محمود الشيرازي([627]) بأن المصنف سيجيء منه في قاعدة الفرعية، أن القضايا البسيطة الموجبة لا يشترط فيها وجود الموضوع.

خلافاً للمشهور، وهذه قضية بسيطة؛ لأن موضوعها الماهية، ومحمولها مفهوم الوجود، فليس يلازم في كونها موجبة أن يكون الموضوع موجوداً.

وأجبت: بأن المصنف يمكن أن يكون جرى على مذهب المشهور، من أن وجود
 

إذ في ملاحظة الماهية(127) من حيث هي لا وجود بعد(128). (ولا اقتضا) شـي‏ء شيئاً(129) (ليس اقتضا ما قابلا) أي مقابله(130) يتوهم أن الماهية إذا لم تكن(131) في مرتبة ذاتها موجودة، فهي فيها(132) معدومة، وإذا لم تكن واحدة(133) كانت كثيرة وهكذا.

الموضوع يشترط حتّى في الموجبة البسيطة([628]).

وأجاب أطال الله عمره: بأن هذا إنما يرد لو أخذت هذه القضية بالنسبة إلى عوارض الماهية، ولكن هي كما تقدّم مأخوذة بالنسبة إلى عوارض الوجود أيضاً، والقضية معها تكون مركّبة.

(127) هذا تعليل إلى كونه سلباً محصّلاً، لا ايجابا ًعدولياً.

(128) أي لا وجود لها بعد هذه الملاحظة؛ لأنها في مرتبة ذاتها لا موجودة ولا معدومة.

(129) هذا دفع إشكال، وحاصل الإشكال: أن عدم اقتضاء الماهية للوجود تقتضـي أن تكون معدومة ولا موجودة، فكيف تقولون أن الماهية ليست من حيث هي بموجودة ولا معدومة.

فأجاب: أن لزوم اقتضاء الماهية للوجود لا يستدعي أن تكون الماهية مقتضية العدم. وقوله (شيء شيئاً) أراد بالشـيء الأول الماهية، والثاني هو الوجود وغيره من العوارض.

(130) أي مقابل الشـيء الذي لم يقتضِ شـيئاً آخر.

(131) أي لم تقتض.

(132) أي فالماهية في مرتبة ذاتها معدومة.

(133) أي وإذا لم تكن الماهية في مرتبة ذاتها واحدة.

 

 [31]

غرر في اعتبارات الماهية

مخلوطةٌ مُطلَقَةٌ مُجَـرّدَةْ
مَنْ لا بِشَرْطٍ وكذا بِشَرْطِ شَيْ 
فأولٌ حَذفُ جميعَ ما عدا
وَلا بِشَرْطٍ كان لاثْنَينِ نُمِـيْ            
وَهْوَ بِكُلِّيٍّ طبيـعِيٍّ وُصِـفْ            
وَشَخْصُهُ واسِطةُ العُروضِ لَهْ     
ذُوْ الكَوْنِ ذاتٌ ما لَهُ الكُلِّيَّةْ            
إنْ جُزْءُ فَردٍ تصغهُ التعمُّـلُ
ليسَ الطبيعيُّ مَـعَ الأفرادِ  

 

 

عندَ اعتباراتٍ عليها مُـوْرَدَةْ
وَمَعْنَيَيْ بشَرْطِ لا اسْتَمِعْ إلَيْ‏
والثانِ كالحيوانِ جُزْءاً قَد بَدا
مِنْ أولٍ قِسْمٌ وثاني مُقْسَمِ‏
وَكَوْنُهُ مِنْ كَوْنِ قِسْمَيْهِ كُشِـفْ‏
كالجِنسِ حَيثُ الفَصلُ جا مُحَصّلَهْ
ذهْناً فَحَسْبُ وَهِيَ الماهِيَّـةْ
يَعْني وإلاّ لَـزَم التسلسـلُ‏
كالأبِ بَلْ أباً مـع الأولادِ

 

 

 

 

[31]

غرر في اعتبارات الماهية(1)

التي لا يخلو عنها ماهية من الماهيات، بل تجري في الوجود(2) عند أهل الذوق(3) وقد اقتفينا نحن أثرهم في كثير من المواضع، فالماهية (مخلوطة ومطلقة ومجرّدة عند اعتبارات عليها) أي على الماهية (موردة من) بيان للاعتبارات
 

(1) وهي بشـرط لا، ولا بشـرط، وبشـرط شـيء.

(2) فمرتبة مبدأ المبادئ، وتسمّى بـ(الأحدية) و(غيب الغيوب) وجود بشـرط أن لا يكون معه شـيء من الأسماء والصفات، فهو بشـرط لا، ومرتبة الفيض المقدّس وتسمّى بـ(الجبروت) فيها الاسماء والصفات، تكون وجود بشـرط الاسماء والصفات، فهو بشـرط شـيء، والوجود المطلق الساري في الواجب والممكن ويسمّى بـ(الهوية السارية) هو وجود لا بشـرط؛ لأنه ثابت في الواجب والممكن.

(3) أي أهل العرفان، وسيجيء مواضع كثيرة تابعهم فيها، وتقدمت مواضع متعددة تابعهم فيها، ومنها هذا الموضع؛ فإنه يوافقهم([629]) على جريان هذه الاعتبارات في الوجود، وقد قرر ذلك في حاشيته([630]) على هذا الكتاب.

(لا بشـرط) ناظر إلى المطلقة(4) (وكذا بشـرط شـي‏ء) ناظر إلى المخلوطة (ومعنيي بشـرط لا) ناظر إلى المجردة(5) (استمع إلي(6) فأول) أي أول معنيي بشـرط لا (حذف جميع ما عدا(7))حتى الوجود خارجاً أو ذهناً.

(4) أي الماهية تكون مطلقة عند أخذها لا بشـرط.

(5) أي الماهية تسمّى(مجردة)إذا أخذت بشـرط لا،بالمعنيين المذكورين إلى بشرط لا.

(6) في هذه الأمور، ولا تعتني بالمخالف لنا في هذه الأُمور المذكورة في الأبيات كما قال الشاعر:

فدع كل صوت غير صـوتي فإنني
 

 

انا الصامت المحكي والآخر الصدي([631])
 

(7) ما عدا الماهية، أي الخارج عن ذاتها وذاتياتها، سواء كان عارضاً
 

وهذا هو المستعمل(8) في مباحث الماهية، مقابلاً للمطلقة والمخلوطة. وحيث اعتبر تجرده(9) عن جميع ما عداه، فلا وجود للماهية(10) المجردة في الذهن فضلاً عن الخارج.

فإن قلت: فكيف(11) تكون من الاعتبارات الذهنية؟

قلت: هذا نظير شبهة(12) المعدوم المطلق(13) وتقسيم الموجود(14) إلى الثابت في الذهن واللاثابت فيه. وقد مرّ دفعها(15) فتذكر. (والثان) من معنيي
 

مفارقاً أو لازماً.

(8) أي وهذا المعنى إلى بشـرط لا، هو المراد في مباحث الماهية.

(9) أي اعتبر في المقيّد بشـرط لا بهذا المعنى، أن يتجرد عن جميع ما عداه.

(10) لأنها إذا وجدت لابد أن يكون معها غيرها، واقلّه التشخّص ونفس الوجود، وهو خلاف الفرض، إذ المفروض أنها مجردة عن كل شـيء.

(11) حاصل هذا الإشكال: هو أنّكم زعمتهم أن الماهية التي تكون بشـرط لا بهذا المعنى، لا وجود لها في الذهن، ولا الخارج، وهذا باطل؛ لأن اعتبار بشـرط لا في الماهية إنما يكون في الذهن، فهو من الاعتبارات الذهنية للشـيء، فلابد أن يكون الشـيء يوجد في الذهن بهذا الاعتبار حتى يمكن نسبة هذا الاعتبار له، فلابد أن يوجد في الذهن، فلا يكون لها هذا الاعتبار.

(12) فالجواب عن هذه الشبهة، عين الجواب عن تلك.

(13) التي تقدّم تقريرها، من أن قولنا المعدوم المطلق لا يخبر عنه، هو اخبار عن المعدوم المطلق.

(14) أي وشبهة تقسيم الموجود إلى الثابت في الذهن واللاثابت، وقد تقدّم تقريرها من أنه هذه القسمة غير صحيحة؛ لأن اللاثابت يكون ثابتاً في الذهن.

(15) أي دفع شبهة المعدوم المطلق، وشبه التقسيم قدّ تقدّم في مبحث المعدوم المطلق، وكان حاصل الدفع قولنا المعدوم المطلق لا يخبر عنه([632])، المراد به ما كان معدوماً
 

بشـرط لا(16) أن تؤخذ الماهية وحدها، بحيث لو قارنها شيء اعتبر(17) لا من حيث هو داخل فيها(18) بل من حيث هو أمر زائد عليها، وقد حصل منهما مجموع(19) لا يصدق هي عليه بهذا الاعتبار(20) (كالحيوان) مأخوذاً مادة(21)
 

مطلقاً بالحمل الشائع، الذي أخبر عنه هنا معدوم مطلق بالحمل الأولي، لا بالحمل الشائع، وكذا اللاثابت المراد به اللاثابت في الذهن بالحمل الشائع لا بالحمل الأولي، وهذا لا ثابت بالحمل الأولي، وإلا فهو بالحمل الشائع ثابت.

وكذا هذا الإشكال يدفع هنا: أن الماهية حال اعتبارها بشـرط لا معها في الذهن، وإن كانت موجودة، إلا أنها يطلق عليها مجردة بالحمل الأولي لا بالحمل الشائع، إذ هي بالحمل الشائع مخلوطة؛ لأنها كانت بشـرط الوجود الذهني فهي بشـرط شـيء.

(16) والفرق بينه وبين الأول، أن الأول هو سلب الأمور الخارجة عن الماهية، سواء كانت عارضة أو لازمة، والثاني سلب اتحادها معها وحملها عليها، وأيضاً أن المقيد بالأول الوجود له في الذهن والخارج، بخلاف الثاني؛ فإنه له وجود في الذهن. فقوله (والثاني) وهو اصل استعماله في الفرق بين الجنـس والمادة والصورة والفصل، ثمّ استعمـل في تعريـف كل ماهية بالنسبة إلى شـيء آخر.

(17) أي ذلك الشـيء المقارن.

(18) أي لا من حيث إن ذلك الشـيء داخل في الماهية، بأن يكون له دخل في مفهومها ومصداقها، ومتحد معها في الوجود، ومحصّل اليها، بل من حيث أنه شـيء، وهي شـيء آخر، وكل منهما ممتاز عن الآخر، والمجموع تركّب منه ومن الماهية، فالحيوان بشـرط لا لو قارنه الناطق لم يكن من حيث إنه جزء داخل في المفهوم أو المصداق، ومتحد معه في الوجود ومحصّل له، بل من حيث إن الحيوان شـيء، والناطق شـيء، تركّب منهما الإنسان، وكذا الكلام في الناطق إذا اخذ بشـرط لا.

(19) قد يكون نوعاً أو شخصاً.

(20) أي لا تصدق الماهية على هذا المجموع إذا أخذت باعتبار بشـرط لا.

(21) فإنه يكون بشـرط لا؛ لأن المادة هي الجنس المأخوذ بشـرط([633]).

(جزءا قدّ بدا)(22) كما قال الشيخ: إن الماهية قد يؤخذ
بشـرط لا شـيء، بأن يتصور معناها بشـرط أن يكون ذلك
المعنى وحده، بحيث يكون كل ما يقارنه وزائداً عليه، فيكون جزءاً(23)
لذلك المجموع(24) مادة له(25) متقدماً عليه في الوجودين(26)

 

(22) أي قد ظهر مثال لما ذكرنا من المعنى الثاني، الحيوان الذي هو جزء للموجود الخارجي فإنه يكون بشـرط لا، وأما إذا جعل جزءً للموجود الذهني يكون لا بشـرط.

(23) أي فيكون الكلي المأخوذ بشـرط لا جزءً.

(24) الذي تركّب من الكلي المأخوذ بهذا الاعتبار، ومن الشـيء الزائد عليه.

(25) أي هذا الكلي المأخوذ باعتبار بشـرط لا، مادة للمجموع إن كان جنساَ، وصورة للمجموع إن كان فصّلاً، وخصّص الكلام في المادة على سبيل التمثيل.

(26) أي هذا الكلي المأخوذ بشـرط لا، متقدّم على المجموع، في الوجود والذهن والخارج، أي المادة أو الصورة مقدّمة على المجموع المركّب منهما في الوجود الخارجي والذهني. أما في الخارج فواضح؛ لأن المادة جزء خارجي للشـيء، وكذا الصورة، والكل متوقف وجوده في الخارج على وجود أجزائه فيه، فالمادة وكذا الصورة متقدّمان في الوجود الخارجي على الشـيء المركّب منهما([634])، وأما في الوجود الذهني؛ فلأن تصور النوع لا يتم إلا بتصور جنسه وفصله، وذات الجنس والمادة واحدة، لا تغاير فيهما إلا بالاعتبار، حيث إن الجنس هو المادة لا بشـرط، والمادة هي الجنس بشـرط لا، وكذا الفصل والصورة، فالمادة أيضاً متقدّمة في الوجود الذهني

 

فيمتنع حمله على المجموع(27) لانتفاء شـرط الحمل، وهو الاتحاد في
الوجود(28). وقد تؤخذ لا بشـرط(29) بأن يتصور معناها مع تجويز كونه وحده(30) وكونه لا وحده، بأن يقترن(31) مع شـيء آخر، فيحمل على المجموع(32) وعلى نفسه وحده(33). والماهية المأخوذة كذلك(34) قدّ تكون غير متحصّلة بنفسها في الواقع(35) بل يكون أمراً محتملاً للمقولية على أشياء

 

على الشـيء المركّب منهما.

(27) أي حمل الكلي الذي هو بشـرط لا - الذي هو عبارة عن الصورة والمادة- على النوع المركّب منهما.

(28) والمادة والصورة موجودان بوجودين في الخارج والعقل، فالمادة تغاير المجموع في الوجود الخارجي والذهني، فلا تحمل عليه، وكذا الصورة؛ لأن وجود الكل حينئذٍ عبارة عن الوجودين، وهو غير وجود الجزء؛ لأنه وجود واحد.

(29) وحينئذٍ تسمّى جنساً إن كانت مشتركة بين الحقائق، وفصلاً إن كانت مختصّة.

(30) أي منضمّـاً إلى الغير، وهو الفصل مثلاً.

(31) هذا تفسير إلى كونه لا وحده.

(32) اي على المركّب منها ومن ذلك الشـيء المقترن بها، كالنوع المركّب من الجنس والفصل، لأنها حينئذٍ متحدة معه في الوجود، إذ لا قوام ولا وجود لها بهذا الاعتبار إلا وجود المجموع.

(33) أي الكلي لا بشـرط يحمل على نفسه أيضاً وحده، كما يحمل على المجموع فيقال الحيوان حيوان([635]).

(34) أي لا بشـرط.

(35) وهي الجنس المأخوذ لا بشـرط، وليس المراد أن مفهومها غير متحصّل، فإن مفهوم كل ماهية متحصّل في نفسه، بل المراد أنها غير متحصلة وغير متعينة بنفسها من حيث التحقق والوجود؛ لأن وجود الجنس عبـارة عن وجودات متعددة،
 

مختلفة الماهيات. وإنما يتحصّل بما ينضاف إليها(36) فيتخصّص به، ويصير بعينها أحد تلك الأشياء(37) فيكون جنساً(38) والمنضاف إليه الذي قوّمه وجعله أحد تلك الأشياء(39) فصلاً. وقدّ تكون متحصّلة(40) في ذاتها، غير متحصّلة
 

وتحقّقات مختلفة، ولذا قيل([636]): إن الجنس هو المقول في الكثرة المختلفة الحقائق.

(36) من الفصول.

(37) أي ويصير الجنس أحد تلك الاشياء، أي الماهيات والانواع بعينها في الخارج؛ لأنهما يتحدان وجوداً في الخارج، فيصير الجنس عين النوع.

(38) أي فيكون هذا الأمر المتحمل للمقولية على كثيرين جنساً.

(39) وهي الانواع.

(40) أي وقد تكون الماهية المأخوذة لا بشـرط متحصّلة في ذاتها وهي النوع.

إن قلت: أن الجنس عدم تحصّله وتعيّنه وكونه مبهماً؛ لكونه وجودات مختلفة، ولها تحققات متباينة، كذلك النوع فإنه له وجودات مختلفة؛ لأنه مقول على اشخاص مختلفة الهويات والوجودات، فكيف يكون النوع متحصّلاً دون الجنس.

والجواب عنه من وجهين([637]):

الأول: أن العبرة في التحصيل والأبهام، هو أن يكون الشـيء في العقل تام الحقيقة، ليس هو حالة منتظرة، وليس له ذاتي يلحقه، والنوع كذلك؛ فإنه في العقل له ماهية تامة غير منتظرة لأن يلحقها شـيء، بخلاف الجنس فإنه في العقل - بما هو جنس- متضمّن وجوده في النوع، ومحتاج إلى لحوق شـيء آخر به وهو العقل، نعم بما هو ماهية مستقلة غير محتاج إلى شـيء، ولكن يكون حينئذٍ نوع إلى ما تحته كما ذكرنا سابقاً ذلك عن شارح المطالع([638]).

باعتبار انضياف أمور إليها(41) (ولا بشـرط) أيضاً(42) (كان لاثنين(43)
نمي من) بيان لهما (أول قسم(44)) وهو المقيّد باللابشـرطية(45)
(و) من (ثان(46) مقسم(47)) للأول(48) وللآخرين(49) وهو غير مقيّد(50)


 

الثاني: أنه قد تقرّر عند الاشـراقيين([639]) أنه لكل نوع فرد موجود في الخارج، مجرد عن جميع العوارض، وحقيقة خالصة عن كل أمر عارض، ويسمّى عندهم بـ(رب النوع) فيكون النوع له وجود مستقل، متحصّل في نفسه بدون العوارض، بخلاف الجنس، فإنه ليس له فرد كذلك. وقوله (غير متحصّلة) أي غير متعيّنة وتامة الوجود، بل تكون محتاجة إليها في الوجود، لا في التقوّم.

(41) وهي المشخصات.

(42) أي مثل بشـرط لا.

(43) أي لمعنيين نسب.

(44) أي الأول من المعنيين يسمّى لا بشـرط قسمي، وحذفت ياء النسبة للوزن.

(45) أي الكلي الذي أخذ فيه اللابشـرط قيداً، ليس في مقام اللحاظ، أي يلحظ الكلي بقيد كونه لا يشترط فيه شـيء، وعليه لا يكون موجوداً في الخارج؛ لأن الشـيء بقيد الاطلاق لا وجود له في الخارج، بل موطنه الذهن.

(46) هذا عطف على من أول.

(47) أي الثاني من معنى لا بشـرط يسمّى لا بشـرط مقسمي، وهو يكون مقسماً للابشـرط القسمي، بشـرط لا، وبشـرط شـيء.

(48) وهو لا بشـرط القسمي.

(49) وهما بشـرط لا، وبشـرط شـيء.

(50) أي والشـيء الذي يكون لا بشـرط مقسمي، لا يكون مقيداً بشـيء في مقام اللحاظ، وليس اللابشـرطية قيداً في الملحوظ واللحاظ مطلق، بأن تلحظ الماهية المقيدة باللابشـرطية، كما في اللابشـرط القسمي، بل اللابشـرطية تكون قيداً في اللحاظ، بمعنى
 

بشـيء، ولو باللابشـرطية، فهو كمطلق(51) الوجود(52) المنقسم إلى الوجود المطلق(53) والوجود المقيّد(54).

(وهو) أي الثاني(55) (بكلي طبيعي وصف) لا الأول(56)
وإن وقـع في بعض العـبارات(57) لأنه أمـر عقلي(58)
لا وجود له في الخارج (وكونه)(59) أي وجوده (من كون) أي

 

أنه يلحظ الماهية بهذا النحو من اللحاظ، أعني يلحظها لا بشـرط شـيء، لا أنه يلحظها مقيدة باللا بشـرطية، بل يلحظ نفس الماهية غير مقيد لها بلحاظه بشـيء من الاشياء، فتكون اللابشـرطية قيداً بلحاظ وكيفية له، لا للملحوظ، فأفهم جيداً وتبصـّر.

(51) أي فلا بشـرط المقسم، كمطلق الوجود.

(52) في أن الاطلاق ليس قيداً له، بل هو كيفية للحاظه، مجرّداً عن كل خصوصية.

(53) الذي أخذ الاطلاق قيداً فيه، ويسمّى بالوجود السعي.

(54) بشـرط لا، وهو مبدأ المبادئ، وبشـرط شـيء وهو الوجود الجبروتي، فإنه مقيّد بمفهوم الاسماء والصفات.

(55) يعني اللابشـرط المقسمي.

(56) وهو اللابشـرط القسمي.

(57) تسمية اللابشـرط القسمي بالكلي الطبيعي([640]).

(58) لما قدمناه من أن اللابشـرطية تكون قيداً فيه، والاطلاق مأخوذاً معه الماهية المقيدة بالإطلاق، غير موجودة في الخارج؛ لأن الموجود في الخارج يكـون متشخّصاً، وعنده فلا يكون مطلقاً، بل مقيّد؛ لأن الكلي الذي هو لا بشـرط قسمي، أمر عقلي لا وجود له في الخارج، والكلي الطبيعي موجود في الخارج، فلا وجه لجعل اللابشـرط القسمي هو الكلّي الطبيعي.

(59) هذا شروع في الاستدلال على وجود الكلي الطبيعي في الخارج([641])، وحاصل
 

وجود (قسميه)(60) أعني الماهية بشـرط شـيء، والماهية بشـرط
لا بالمعنى الثاني(61) فإنه المادة(62) وخصوصاً الثانية(63) موجودة
(كشف).

وكيف يكون(64) قسم الشـيء موجوداً ومقسمه غير موجود
والقسم هو المقسم بعينه مع انضمام قيد، وبينهما الحمل مواطأة(65) وهو الاتحاد

الاستدلال: أن الخصماء يعترفون بأن الكلي الطبيعي يكون مقسماً للماهية بشـرط شـيء، والماهية بشـرط لا بالمعنى الثاني، أعني المادة أو الصورة كما تقدّم، والاقسـام هي عبارة عن المقسم مع ضم قيود متخالفة إليه، فإذا كانت هذه الاقسام موجودة بالخارج، فالمقسم أيضاً يكون موجوداً في الخارج. وقوله (كونه) أي كون الطبيعي في الخارج، وكان تامة لا ناقصة.

(60) هذا الجار والمجرور متعلّق بكشف، أي ظهر وجود الكلي الطبيعي من وجود قسميه.

(61) الذي هو كما تقدّم عبارة عن المادة والصورة، اللذين هما جزآن خارجيان للشـيء الموجود في الخارج.

وأما الماهية بشـرط لا بالمعنى الأول، فقد تقدّم أنها ليس لها وجود في
الذهن ولا الخارج، فلا يستدعي كونها قسماً للكلي الطبيعي وجود الكلي
الطبيعي.

(62) أي فإن الذي يكون بشـرط لا هو المادة والصورة، أو الصورة، فذكر المادة يكون على سبيل التمثيل.

(63) قد تقدم وسيجيء أنه عندنا مادة أولى وهي مادة البسائط، ومادة ثانية
وهي مادة المركّبات، فوجود الأولى محل النزاع، بخلاف الثانية فإنه متفق على وجودها.

(64) هذا بيان لكون وجود الاقسام يكشف عن وجود المقسم.

(65) أي بين المقسم والقسم حمل المؤاطاة، الذي هو حمل هو هو، لا حمل هو ذي
 

في الوجود؟ وهذا النحو من الاستدلال على وجود الطبيعي أولى
وأخف مؤنة مما هو المشهور(66) من أنه جزء(67) للشخص، والشخص
موجود، وجزء الموجود موجود كما لا يخفى على الفطن(68) العارف

 

هو، كقولنا (السقف ذو فوقية) الذي ليس ملاكه الاتحاد في الوجود، فلذا الفوقية لم تتحد مع السقف في الوجود الخارجي، فهي أمر اعتباري.

(66) لأن الاستدلال المشهور، المنسوب إلى الشيخ ابن سينا([642]) يرد عليه إشكال سنذكره بعد، بخلاف هذا فإنه لا إشكال عليه.

(67) أي من أن الكلي الطبيعي.

(68) أولوية استدلالنا على هذا الاستدلال، وذلك لأنه أن اريد بكون الكلي الطبيعي جزء للشخص في الخارج([643]) فهو أول الكلام، وعين المتنازع فيه، وإن أراد أنه جزء له في العقل فلا يثبت المطلوب؛ لأن المتنازع فيه كونه موجوداً في الخارج، لا كونه موجوداً في الذهن، وهذا الايراد منسوب للسيد شـريف، ذكره على ما أعهد في شـرحه على الشمسية([644]).

أقول: في كلامه مواضع للنظر، وفي الخوض فيها لابد لنا من تقديم مقدمتين:

الأولى: أن الماهية قد تلحظ من حيث هي هي، مع قطع النظر عن كل أمر لاحق لها، زائد عليها، بحيث لا يلحظ معها إلا ذاتها وذاتياتها، وتسمّى الماهية المهملة. وتارة تلحظ بالنسبة إلى أمور خارجة عنها، فإن كانت متصفة بشـيء اسمّيه بشـرط شـيء بالنسبة لذلك الشـيء، وإن كانت غير متّصفة بإمر كانت بشـرط لا بالنسبة إلى ذلك الشـيء. وتارة تلحظ مطلقة لا بقيد كونها متصفة، ولا بقيد كونها مجردة، وتسمّى الماهية لا بشـرط.

الثانية: أن المقسم إنما يكون ملحوظاً لا بشرط قيود أقسامه.

فإذا عرفت هذا فنقول: إن الفرق بين اللابشـرط المقسمي والقسمي، هو أن الأول لا بشـرطيته بالنسبة إلى قيود الاقسام، والثاني لا بشـرطيته بالنسبة إلى لواحق الماهية وعوارضها، لا كما ذهب إليه المصنف من أن اللابشـرطية قيد في القسم دون المقسم، فإن اللا بشـرطية ليس قيد فيه، بل الحق أن اللابشـرطية ليست قيداً في مجموع كليها، بل هي كيفية للحاظ الماهية - كما تقدّم- من غير فرق، وكأن المصنف لما لم يلتفت الى هذا الفرق، ففرّق بما علمت فساده، والكلي الطبيعي هو اللابشـرط القسمي لا المقسمي؛ لأنه هو الكلي المطلق بالنسبة إلى لواحق الماهية، واللابشـرط القسمي هو الذي يكون كذلك، لا المقسمي، فإنه لا يشترط بالنسبة إلى قيود كالأقسام، وكأن المصنف ليست عنده الماهية المبهمة، حيث إنه لم يتعرض لها معها، فهي مصداق القاعدة التي هي الماهية من حيث هي ليست هي، نعم الدليل على الكلي الطبيعي صحيح؛ لان الكلي الطبيعي بالمعنى الذي ذكرناه كان من اللابشـرط القسمي، يكون منقسم إلى بشـرط شـيء وبشـرط لا بالمعنى الثاني، ومقسم الوجود موجود.

فإن قلت: أن مقسم الشـيء لا يكون قسيمه، وعلى هذا يكون اللابشـرط القسمي مقسم بشـرط شـيء وبشـرط لا، فيكون هذه الثلاثة اقسام للابـشرط المقسم.

قلنا: أن التقسيم بحسب الاعتبار، وهي متغايرة اعتباراً، إذ بعضها اعتبرت بشـرط لا، وبعضها لا بشـرط، وبعضها بشـرط شـيء، ولا ينافي ذلك صدق بعضها على بعض، فافهم وتدبّر.

وقد أتضح لك أن الماهية المبهمة ليست من اقسام لا بشـرط المقسمي، إذ هو ملحوظ بالنسبة إلى العوارض.

ويمكن تصحيح استدلال الشيخ، وذلك بأن نقول: ان الاجزاء المفهومية منها اجزاء تحليلية، وهي التي تحمل على الموجود الخارجي كالجنس والفصل، فإنها تحمل على النوع، ومنها أجزاء غير تحليلية، لا تحمل على الموجود الخارجي كالخط المأخوذ في مفهوم النقطة، حيث يقال في تعريفها النقطة طرف الخط، ومثل البصـر المأخوذ في

 

بالحقائق ولما ذكرنا(69) أن الطبيعي موجود، وهو الماهية وهي موجودة بالعرض، والوجود واسطة في العروض(70).

تعريف العمى، فيقال العمى عدم البصـر، فإنها لا تحمل على المعرف. فإذا عرفت ذلك ظهر لك أن الأجزاء التحليلية موجودة في الخارج؛ لأنها تحمل على الموجود الخارجي، وشـرط الحمل الاتحاد في الوجود الخارجي، والكلي الطبيعي جزء تحليلي للشخص، وهو يحمل عليه، فلابد أن يكون موجود في الخارج؛ لأن شـرط الحمل الاتحاد في الوجود الخارجي.

(69) غرضه أن ما ذكرناه من كون الكلي الطبيعي موجود في الخارج، إنما هو بالنظر السطحي العرفي الظاهري، وأما بالنظر الدقيق العرفاني فليس بموجود في الخارج.

وحاصل مرامه هو دفع المنافاة بين كون الطبيعي موجوداً في الخارج، وبين كون الماهية اعتبارية والوجود هو الأصيل.

وحاصل دفعه: أن قولنا أن الطبيعي موجود في الخارج بالنظر السطحي، حيث إن الواسطة في عروض الوجود له خفية، وأما بالنظر البرهاني العرفاني فلا، حيث يرون الواسطة، وإن الوجود الخارجي لم يكن ثابتاً له بالذات، بل بنحو الواسطة.

فالحاصل أن مرادنا بكون الطبيعي موجوداً هو أنه موجود بالعرض، ومرادنا بان الماهية التي هي عبارة عن الطبيعي غير موجودة، هو أنها غير موجودة بالذات، والموجود الاصيل هو الوجود.

(70) أعلم أن الواسطة على ثلاثة أقسام([645]):

- واسطة في الإثبات وهي الحدّ الأوسط، حيث إنه يوجب العلم بثبوت المحمول للموضوع.

- وواسطة في الثبوت وهي على قسمين:

الأول: وهو أن يكون الواسطة وذو الواسطة متّصفين بالذات بالشـيء، مثل الحركة العارضة لليد والمفتاح بالذات.

بالنسبة إليها(71) لا واسطة في الثبوت(72) أردنا أن نبين أن الطبيعي موجود بالعرض (وشخصه(73) واسطة العروض له (74)) في باب اتصافه(75) بالوجود، فإن التشخّص(76) هو الوجود في الحقيقة. وقد علمت(77) أن التحقق للوجود
 

والثاني: أن يكون ذو الواسطة متصف بالشـيء بالذات دون الواسطة، مثل القطع الذي تتصف به الخشبة بالذات، دون المنشار الذي هو واسطة في عروض القطع على الخشبة.

- وواسطة العروض وهي أن يكون الواسطة متصفة بالعارض بالذات دون ذي الواسطة، فإنه غير متصف به بالذات، بحيث يصح سلب العارض عنه دون الواسطة، مثل الحركة العارضة للجالس في السفينة، فإن السفينة هي المتحركة بالذات دون الجالس فيها، فإنه يصح سلب الحركة عنه، وكذا مثل البياض، فإن الجسم عرض له وصف البياض بواسطة البياض، ووصف البياض عارض لنفس البياض بالذات دون الجسم، ولذا يصح سلب البياض عن الجسم بالذات.

فإذا عرفت هذا فالوجود واسطة في عروض وصف الموجودية للماهية؛ لأنه كما قدّمنا أن الماهية غير أصيلة، والوجود هو الأصيل، فالموجودية يصح سلبها عن الماهية، إذ هي لم تكن عارضة لها بالذات، ولكن لا يصح سلبها عن الوجود؛ لأنها عارضة له بالذات.

(71) أي بالنسبة إلى الماهية، فالوجود واسطة في عروض الموجودية لها.

(72) إذ ليس الماهية متصفة بالموجودية بالذات، بحيث لا يصح سلب الوجود عنها.

(73) اراد به التشخّص، والتشخّص هو الوجود نفسه، والعوارض المسمّاة عندهم بالمشخّصات هي أمارات للتشخّص، وكاشفة عنه، لا أنها مشخّصات حقيقية.

(74) أن واسطة في عروض الوجود للكلي الطبيعي.

(75) أي في الاتصاف الكلي الطبيعي بالوجود، فإن الوجود والتشخص يكون واسطة في اتصاف الكلي بالوجود.

(76) هذا تعليل إلى كون التشخّص واسطة في العروض للكلي.

(77) في مبحث اصالة الوجود.

أولاً وبالذات، وللماهية ثانياً وبالعرض. ولما ذكرنا أن
الشخص واسطة في العروض وهي أن يكون(78) مناطاً
لاتصاف ذي الواسطة بشـي‏ء بالعرض(79) واتصـاف نفسها(80)
به بالذات، وكانت على أنحاء(81) وفي بعضها صحة السلب(82)
ظاهرة(83) كما في حركة السفينة وحركة جالسها، وفي بعضها خفيّة(84)


 

(78) أي الواسطة في العروض أن تكون.

(79) أي بالمجاز للعلاقة، بحيث يصح سلبه عنه، وإنما يقال عليه متصف ويوصف به لعلاقة موجودة.

(80) أي اتصاف نفس الواسطة بالشـيء، فالسفينة مثلاً متصفة بنفسها بالحركة، دون ذي الواسطة وهو الجالس فيها.

(81) أي كانت الواسطة في العروض على أنحاء واقسام، والواو هنا حالية، أي والحال أن الواسطة في العروض على انحاء.

(82) أي صحة سلب الشـيء العارض عن ذي الواسطة، كسلب الحركة عن الجالس في السفينة، وبعبارة أوضح صحة سلب ما كانت له الواسطة عن ذي الواسطة([646]).

(83) بحيث كل واحد من العرف يلتفت إلى صحة السلب هنا.

(84) بحيث لا يلتفت إلى صحة السلب عن ذي الواسطة كل أحد، بل بعض المحققين والمدققين وما عداه، فيترائى له أن ذي الواسطة متصف حقيقة وبالذات([647])، ومنشأ الخفاء اتحاد ذي الواسطة والواسطة في الاشارة الخارجية، بخلاف فيما كانت صحة السلب فيه ظاهرة، فإن الواسطة وهي السفينة وذي الواسطة وهو الجالس، فإنهما غير متحدان([648]) في الاشارة الخارجية، ولذا كانت ظاهرة. ومن هنا قيل: أن الخفاء شدّة وضعفاً، دائر مدار شدّة الارتباط بين الواسطة وذيها، ولذا ترى في أنه لو اتحدا
 

كما في أبيضية الجسم(85) وأبيضية البياض، وفي بعضها أخفى(86) (كالجنس)
في باب التحصّل(87) (حيث) تعليلي(88) (الفصل جا) ذلك الفصل (محصّله(89)) أي محصلاً لذلك الجنس، حيث إن لا مرتبة له(90) في التحقق يكون

فـي الاشارة الحسّية والعقلية كان صحة السلب أخفى.

(85) فإن الجسم عارض له الأبيضية بواسطة البياض، وليس الأبيضية ثابتة له بالذات، إذ هو في نفسه لا اسود ولا أبيض، ولو كانت بالذات لما صحّ اتصافه بالسواد، فيصح سلب الأبيضية عنه، وإنما المتصف بالذات بالأبيضية بحيث لا يصح سلبها عنه هي الواسطة، أعني البياض، إنما كانت صحة السلب هنا خفية، بحيث سائر الناس لا ينتبهون لها، لاتحاد الجسم مع البياض في الاشارة الخارجية، بحيث يشار لها بإشارة واحدة، وإنما العقل يفكك بينهما، فيشير لكل منهما على حدة.

ومن هنا يظهر لنا برهان على بساطة المشتق، وهو أن كل ما بالعرض لابد أن ينتهي إلى ما بالذات([649])، وقد ذكرنا أن المشتق يصدق بالعرض وبالمجاز على الموصوف، وإلا ما صح اتصاف الموصوف بنقيضه، ويصدق على نفس المبدأ كالبياض بالذات وبالحقيقة، فيكون حقيقة فيه، وبسيط لا مركّب.

(86) أي صحة السلب تكون أخفى، لا يلتفت لها إلا الأوحدي من الناس، ومنشأ الخفاء شدّة الارتباط، واتحادها في الاشارة الخارجية والعقلية.

(87) أي عند عروض التحصيل، والتعيّن في قوله تعليلي.

(88) إلى كون الجنس ليس اتصافه بالتحصّل بالذات، بل بالعرض.

(89) فالتحصّل والتعيّن عارض للفصل بالذات، وللجنس بالعرض بواسطة الفصل.

(90) هذا تعليل إلى كون صحة السلب اخفى، فلا مرتبة للجنس ولا تحقق له في الذهن والخارج.

فيها خالياً(91) عن تحقق الفصل، لفناء كل جنس(92) في فصله،
ولا سيّما في البسائط(93) وكل مبهم في معينه(94) أشـرنا إلى
أن(95) الوساطة في العروض في الطبيعي وشخصه والماهية
ووجودها(96) من هذا القبيل(97). فصحة سلب التحقق(98)

 

(91) أي يكون الجنس في ذلك التحقق الخاص، خالياً عن تحقق ووجود الفصل؛ لأن ما هو جنس بالحمل الشائع - كما تقدّم - لابد وأن يكون مع الفصل، وإلا كان نوعاً لما تحته، فإذا كان الجنس لا يخلو عن الفصل لا ذهنا ً ولا خارجاً - واتحدا في التحقق- لحمل أحدهما على الآخر، فكانا متحدين في الاشارة العقلية والخارجية، فكان الارتباط بينهما شديداً، فلذا صحة السلب فيهما كانت خفية.

(92) تعليل إلى قوله لا مرتبة له في التحقق... الخ، وقوله (لفناء كل جنس) كما اشرنا إليه سابقاً، من جهة أن وجوده تابع لوجود وتحقق فصوله، ولذا كان له وجودات مختلفة واطوار متباينة، وقيل في تعريفه: أنه يقال على الكثرة المختلفة بالحقائق([650]).

(93) الخارجية كالأعراض مثل السواد، وإنما قال لا سيما في البسائط؛ لأن المركّبات الخارجية لما كان لها صورة ومادة، ولكل منهما وجود على حدة، فربما الشخص يلاحظ الصورة والمادة بخيال أنها جنس وفصل، فيظن أنه لا فناء للجنس في الفصل، إذ المادة غير فانية في الصورة، بخلاف البسائط الخارجية، فإنها لا مادة لها ولا صورة، فلا يشتبه لحاظها بلحاظ المادة والصورة حتّى يقول لا فناء للجنس في الفصل.

(94) أي ولفناء كل مبهم في معينه، إذ وجوده تابع له، والجنس مبهم والفصل معين، فهو فانٍ فيه، وكذا الماهية مبهمة والوجود معين، فهي فانية فيه.

(95) هذا جواب القول ولما ذكرنا أن التشخّص... الخ.

(96) عطف تفسير؛ لأن الطبيعي هو الماهية، وشخصه هو الوجود كما تقدّم.

(97) أي من قبيل الجنس والفصل، أي ممّا كانت صحة السلب فيه اخفى.

(98) عن الطبيعي.

والتحصّل هنا(99) بالنظر الدقيق البرهاني(100) بل بإعانة من الذوق
العرفاني(101).

وأما بعد التنزّل(102) فالتحقّق لذي الواسطة(103) هنا حقيقي وصحة السلب منتفية، لأن فناء الماهية(104) في الوجود أشدّ من فناءالجنس في فصله، فتحققها
 

(99) أي في باب الطبيعي.

(100) الذي اقيم على اصالة الوجود، وإن الماهية ليس لها تحقق وجود، بل هي اعتباريّة سـرابيّة.

(101) فإنه لو لا الكشف بأنه لا وجود إلا للحق، وإن الماهيّة سرابيّة، لما استطاع العقل البشـري الوصول إلى ذلك.

(102) من عدم صحة السلب عن الكلي الطبيعي، وأن الوجود والتحقق ثابت له بالذات، أو بعد التنزّل من الذوق العرفاني والنظر الدقيق، وهذا التفسير أقرب من الأول.

(103) وهو الكلي الطبيعي، ويكون الوجود واسطة في ثبوت الوجود له، كالحركة للمفتاح واليد.

(104) وذلك لأن فناء الماهية في الوجود، من قبيل فناء الاعتباري في الاصيل وأما فناء الجنس في الفصل فيكون فناء اعتبار في اعتبار([651]).

به(105) أشدّ من تحققه به(106). (ذو الكون)(107) أي ذو الوجـود (ذات ما له الكليـة(108) ذهناً فحسب(109) وهي) أي الذات(110) (المهية). يعني المحكوم بالوجود ذات الكلي الطبيعي ونفس الطبيعة التي عرضها الكلية في الذهن. ومعلوم أن الكلي الطبيعي نفس المعروض والماهية التي(111) هي لا كلّية ولا جزئية. (إن جزء فرد(112) تصغه) أي إن تسمع الطبيعي أنه جزء فرده مثل ما يقال:(113) الكلي جزء الفرد الموجود (التعمّل يعني) أي يقصد منه الجزء التعمّلي لا الخارجي(114).

(105) أي تحقق الماهية بالوجود.

(106) أي من تحقق الجنس بالفصل.

(107) وهو الكلي الطبيعي؛ لأنه هو الذي اثبتنا وجوده، وهذا شـروع في مسألة مستقلة وهي: أن الكلي الطبيعي هو ذات المعروض للكلية.

(108) كنفس الإنسان لا يفيد كونه كلياً، فإنه مع التقيد بالكلية يكون كلياً عقلياً.

(109) أي الذي تعرض له بالكلية في الذهن فقط، بأن يكون عروضه في الذهن والاتصاف بها في الذهن ايضاً، كما هو شأن المعقول الثاني المنطقي.

(110) يعتبر ذات ما له الكلية.

(111) ومعلوم أن الكلي الطبيعي نفس الماهية.

(112) هذه مسألة أخرى.

(113) كما في الاستدلال المشهور على وجود الكلي الطبيعي في الخارج([652]).

(114) أي يقصد أن الطبيعي جزء عقلي لا جزء خارجي، وذلك لأن العقل يحلل الشخص إلى التشخّص والكلي الطبيعي، والجزء الخارجي هو الذي يكون له وجود مستقل غير وجود الجزء الآخر، بخلاف العقلي فإنه ليس وجـوداً مستقلاً غير وجود الجزء الآخر، بل هو جزء يحلله العقل من الموجود الخارجي والكلي الطبيعي لذلك.

(وإلا لزم التسلسل(115)) لأنه إذا كان جزء خارجياً، كان له وجود(116) وللتشخص وجود. ثمّ إذا كان موجوداً(117) كان شخصاً، إذ الشـي‏ء ما لم يتشخّص لم يوجد، فننقل الكلام إليه(118) والطبيعي جزء(119) منه، كما هو المفروض، فكان شخصاً(120) وهكذا(121).

(ليس الطبيعي(122) مع الأفراد كالأب الواحد مع أولاد) متعددة،
كما زعمه الرجل الهمداني الذي صادفه الشيخ الرئيس بمدينة همدان،

 

(115) أي ولو كان الطبيعي جزءً خارجياً لا عقلياً لزم التسلسل.

(116) كما هو شأن الأجزاء العقلية التحليلية.

(117) أي إذا كان الكلي الطبيعي موجوداً، وثمّ هنا بمعنى الفاء للترتيب، أي بعد فرض كونه موجوداً، لمكان انه جزء خارجي له وجود.

(118) أي الى ذلك الشخص الذي هو مركّب من الطبيعي والتشخّص.

(119) خارجي وكان له وجود، فكان أيضاً شخصاً.

(120) أي فكان الطبيعي الذي هو جزء منه خارجاً شخصاً، والطبيعي أيضاً جزء منه فله وجود آخر وهلم جراً.

(121) فيلزم التسلسل بالوجودات، وأن تكون هناك وجودات تتسلسل.

(122) هذه مسألة أخرى وحاصلها: أن الكلي الطبيعي هل هو بالنسبـة إلى أفراده، كنسبة الأب الواحد إلى ابنائه([653])، بمعنى أن الإنسان شـيء واحد وله وجود واحد
سعي.

وبعبارة أوضح: أن الكلي الطبيعي بصفة الوحدة والكلية؛ واقع ومتحقق في الاعيان، أم كنسبة الآباء إلى الابناء، بمعنى أن كل فرد تتحقّق فيه حصّة غير الحصّة المتحققة في الآخر، وكل حصّة بمنزلة الأب لذلك الفرد، فيكون للإنسانية وجودات متعددة، والقدر المشترك بينها الإنسان، فهو موجود بوجود واحد في الذهن فقط دون الخارج.

ونقل أنه كان يظن أن الطبيعي واحد بالعدد(123) ومع ذلك موجود في جميع الأفراد، ويتصف بالأضداد وشنّع عليه الشيخ، وقدح في مذهبه، بل مثله كمثل آبا مع الأولاد، كما حققنا(124) اتحاده مع الأفراد(125).

(123) أي ليس في الخارج إلا إنسانية واحدة، لا إنسانيتين، ولا ثلاثة، وليس المراد بالوحدة هي عدم الشـريك له، كما هو معناها في الله تعالى.

(124) في أوائل هذا المبحث، عند الاستدلال على أن الكلي الطبيعي موجود([654]).

(125) فيكون وجوده عين وجود الافراد، فيكون له وجودات وحصص بعدد الافراد.


 

 [32]

غرر في بعض أحكام أجزاء الماهية

جِنْسٌ وفَصْلٌ لا بِشَرْطٍ حُمِلا
في الجسم تانِ خارِجِيَّتان في
إذْ ما بِهِ الشِّرْكَةُ في الأعيانِ
وَلَيْس فَصْلانِ ولا جِنْسانِ في
والفصلُ منطِقِيٌّ اشتقاقِـيْ

 

 

فَمُدَّةٌ وَصُورةٌ بِشَرْطِ لا
أَعراضِهِ عَقْلِيَّتانِ فاقْتَفِ
وَما بِهِ امتيازُها سِيّـانِ
مَرْتَبَةٍ لواحِدٍ ها تَعرفِ
كمبدأِ الفصلِ وذا حَقِيْقِيْ

 


 

[32]

غرر في بعض أحكام أجزاء الماهية(1)

(جنس وفصل لا بشـرط(2) حملاً) يحتمل أن يكون(3) خبراً، وأن يكون صفة والخبر ما بعده (فمدة) مخّفف مادة(4) للضـرورة (وصورة) إذا أخذا(5) (بشـرط لا)(6) فلم يحمل إحداهما(7) على الأخرى. وفيه إشارة إلى أن كلا
 

(1) وإنما كان هذا المبحث في بيان البعض منها([655])؛ لأنه لم يذكر بعض الاحكام لها، مثل أن الجنس قريب وبعيد، وكذا الفصل، وكذا مثل أن المقوّم للعالي مقوّم للسافل، والمقسم بالعكس، وغيرها من الأحكام.

(2) اراد به لا بشـرط المقسمي، لا القسمي، حيث إن القسمي على رأي المصنف كلي عقلي.

(3) أي يحتمل أن يكون قولنا لا بشـرط حمل خبر إلى الجنس والفصل، والمسمّى بالابتداء ارادة العموم؛ لأن المعنى كل جنس وفصل نظير (تمرة خير من جرادة)([656]) ويحتمل ان يكون صفة للجنس والفصل وغيرها.

(4) بحذف الالف.

(5) أي الجنس والفصل.

(6) بالمعنى الثاني، وهي ان تؤخذ الماهية وحدها، بحيث لو قارنها بشـيء اعتبر من حيث أنه امر زائد عليها، وقد حصل منهما مركّب لا تصدق هي عليه بهذا الاعتبار، وأما بالمعنى الأول فلم يكن الشـيء موجوداً لا في الخارج ولا في الذهن، فلا يمكن اعتباره في المقام، وقد تقدّم الكلام في ذلك فراجع.

(7) أي المادة والصورة، بخلاف الجنس والفصل، فإنه يحمل احدهما على
الآخر([657]).

من هاتين(8) مع كل(9) من هذين متحد ذاتاً(10) مختلف اعتباراً. (في الجسم تان) أي المادة والصورة (خارجيتان(11)) والجملة(12) مبتدأ وخبر،
ولذا كانت(13) الأجسام مركّبات خارجية(14) وتان (في أعراضه(15)) أي

 

(8) أي المادة والصورة.

(9) من هذين وهما الجنس والفصل.

(10) الضمير في متحد عائد إلى قوله كلاً من هاتين، أي أن الجنس متحد مع المادة ذاتاً ومختلف بالاعتبار؛ لأن المادة بشـرط لا، والجنس لا بشـرط، وكذا الفصل متحد مع الصورة ذاتاً ومختلف بالاعتبار؛ لأن الصورة معتبر فيها بشـرط لا، والفصل معتبر فيه لا بشـرط.

(11) أي لكل منهما وجود في الخارج على حدة.

(12) يعني بها قوله في الجسم تانٍ خارجيتان. وقوله (مبتدأ وخبر) ذاتان مبتدأ، وخارجيتان خبره، وفي الجسم متعلّق به.

(13) أي ولكون المادة والصورة - اللذين كان الجسم مركّباً منهما - خارجيتين، كانت الاجسام...الخ.

(14) أي كانت اجزاؤها ممتازة في الوجود الخارجي، وكان لكل واحد منها وجود على حدة،غير وجود الآخر.

(15) أي والمادة والصورة في اعراض الجسم، بل في كل بسيط خارجي، كالعقول على القول بان لها ماهيات([658])، وكالصورة نفسها، والمادة نفسها.

أعراض الجسم (عقليتان(16) فاقتف).

فإنهما فيها(17) نفس جنسها وفصلها،
 

(16) اي المادة والصورة في اعراض الجسم، عقليتان ولا خارجيتان، اذ ان تميّز كل منهما عن الآخر في اعراض الجسم، بل في كل بسيط خارجي، إنما هو في العقل؛ لكون كل منها موجوداً في العقل بوجودين على حدة، بمعنى أن العقل إذا نظر إلى البسيط وحده ملتئماً من جزئين، وأما في الوجود الخارجي فموجودان بوجود واحد، وليس لكل منهما وجود على حدة، ففي الحقيقة ان هناك تركيباً حقيقياً من الاجزاء، الا ان التمييز بين الاجزاء في الوجود العقلي لا الخارجي، فمثلاً السواد بسيط في الخارج، مركّب في العقل، إذا كان له جزءان في العقل، وهما اللونية وقابلية البصـر، موجودين بوجود واحد في الخارج وغير متميزين فيه، وإنما هما ممتازان في الوجود العقلي.

وهذه الاجزاء العقلية ان لوحظت بشـرط لا سمّيت (مادة وصورة عقلية) وأن لوحظت لا بشـرط سمّيت (جنس وفصل) وكذا في المركّبات الخارجية، فإن اجزاءها العقلية أن لوحظت بشـرط لا سمّيت (مادة وصورة عقلية) وإن لوحظت لا بشـرط سمّيت (جنس وفصل).

فتلخص: أن للمركّبات الخارجية مادة وصورة خارجية([659])، ومادة وصورة عقلية، وهما عينها، إلا أنهما موجودان بالوجود العقلي، وذاناك موجودان بالوجود الخارجي، ولها جنس وفصل يختلف معهما بالاعتبار، وللبسائط الخارجية مادة وصورة عقلية، وفصل وجنس يختلفان بالاعتبار، وليس لهما مادة وصورة خارجية كما تقدّم.

(17) أي فإن المادة والصورة في اعراض الجسم.

مأخوذين(18) بشـرط لا في العقل، وليستا مادة(19) وصورة خارجيتين. ولذا كانت الأعراض بسائط خارجية(20) كما قلنا: (إذ ما به الشـركة) أعني جنسها (في الأعيان(21) وما به امتيازها) أعني فصلها (سيان) أي متحدان(22) لا كما في المركّبات الخارجية، لأنهما تؤخذان فيها(23) مادة وصـورة خارجيتين، لكل منهما وجود عـلى حدة(24).

(18) أي نفس الجنس والفصل حال كونهما مأخوذين لمادة.

(19) أي وليست المادة والصورة في الاعراض خارجيتين، وهذا الكلام عطف على قوله عقليتان.

(20) أي ليس لها اجزاء موجودة بوجود على حدة غير وجود الجزء الآخر، وغير وجود الكل.

(21) أي في الخارج.

(22) كانا موجودين بوجود واحد.

(23) أي في المركّبات الخارجية.

(24) وانضم كل من الوجودين إلى الآخر، فصارا مركّباً خارجياً، وليسا متحدين بالوجود، فيكون التركيب بينهما انضمامياً لا اتحادياً.

فتلخص من هذا المقام، أن رأي المصنف هنا هو: أن الجنس والفصل يختلفان مع المادة والصورة الخارجيتين والعقليتين بالاعتبار، مع أن تركيب الجسم من المادة والصورة الخارجيتان انضمامي لا اتحادي، وزعم بعضهم كالقاضـي في شـرح السلّم([660]): أن الجنس والفصل إنما هما متحدان بالذات، ومختلفان بالاعتبار مع المادة والصورة العقليتين، وربما يظهر ذلك من كلام صاحب الشوراق([661]) في بعض الاماكن، وإن كان صـّرح بمذهب المصنف في بعض الأماكن أيضاً، ويمكن حمل كلام القاضـي ومن تبعه على مذهب المصنف، إذا لم يكن في كلامهم تصـريح بالخلاف، بأن يقال: أن الجنس والفصل أولاً يتحدان بالذات مع المادة والصورة العقليتين، ثم يتحدا مع المادة والصورة الخارجيتين بواسطة اتحادهما مع العقليتين([662]).

والتحقيق أن يقال: أنه على القول بأن المركّبات الخارجية التركيب فيها انضمامي([663])، بأن يكون للمادة وجود على حدة، وللصورة كذلك - كما تقدّم من مذهب المصنف - فلا يمكن القول بهذه القاعدة، أعني أن الجنس والفصل متحدان بالذات ومختلفان بالاعتبار مع المادة والصورة الخارجيتين، وذلك لأن الجنس والفصل متحدان بالوجود، والمتحدان بالوجود كيف يتحدان بالذات مع الموجودين بوجودين منضماً أحدهما إلى الآخر، ويختلفان بالاعتبار.

نعم لو قلنا بأن التركيب في المركّبات الخارجية اتحادي؛ صح القول بهذه القاعدة([664])، أعني كون الجنس والفصل متحدين بالذات مع المادة
والصورة الخارجيتين، ومختلفان بالاعتبار، وذلك لأنه في التركيب الاتحادي تكون الصورة موجودة بالذات، والمادة موجودة بتبعها، فالمادة والصورة مشتركان بالوجود، إلا أن للصورة درجة من الوجود غير الدرجة التي هي للمادة؛ لأن وجود

(وليس فصلان(25)) في مرتبة واحدة(26) بأن يكونا قريبين (ولا جنسان
 

الصورة بالذات، ووجودها بالعرض والتبع لوجودها.

فإذا كان الأمر كذلك فنقول: أن المادة والصورة باعتبار الوجود الواحد الساري فيهما يكون جنساً وفصلاً، ويؤخذان لا بشـرط، ويحمـل كل منهما على الآخر، وعلى الكل الاتحاد في الوجود؛ باعتبار الدرجة والمرتبة من الوجود، فيكون لكل منهما وجود غير وجود الآخر؛ لأن أحدهما بالذات والآخر بالعرض، فيكونان مادة وصورة بشـرط لا، ولا يحمل احدهما على الآخر، لعدم الاتحاد في هذه الدرجة من الوجود، ويعني هذا الكلام يقال في البسائط الخارجية.

فإن قلت: فإذن ما الفرق بين البسائط والمركّبات.

قلت: الفرق كما سيجيء أن ذات المادة لا بعنوان كونها مادة للمركّب، قد توجد قبل وجود المركّب، وقد توجد بعده، كما في النطفة فإنها مادة الجنين، وكذا الإنسان مادة الجنين أيضاً، فإذا كان حال الشـيء كذلك سمّي مركّباً خارجياً، وإذا وجد قبله وبعده سمّي بسيطاً خارجياً كالسواد([665]).

(25) هذا حكم آخر وحاصله: أنه لا يمكن أن يكون لماهية واحدة فصلان قريبان([666])، والعلّة في ذلك؛ أن الفصل كالعلّة التامة في وجود الجنس، إذ لا يحتاج الجنس في وجوده إلى شيء بعد وجود الفصل، بل كما تقرّر أنه محصّل له، ولا يمكن توارد علتين مستقلتين على معلول واحد([667])، وأيضاً لو كان للشـيء فصلين قريبين لزم الاستغناء عن الذاتي؛ لأن أحد الفصلين إذا إقترن بالجنس القريب حصلت الماهية النوعية، فيكون الفصل الآخر مستغن عنه غير محتاج إليه، وهذا ينافي كونه ذاتياً.

(26) وذلك لأن الجنس هو تمام المشترك بين افراده، ولا مشترك آخر معه، فإذا كان
 

في مرتبة) واحدة بأن لا يكون(27) أحدهما(28) جزء للآخر(29) (لواحد) من الأنواع. (ها) أي خذ (تعرف).

نعم، ربما لا يكون الفصل الحقيقي معلوماً، فيوضع أقرب لوازمه(30) مكانه. وقدّ يشتبه أقربيّة لازمين(31) متساويين بالنسبة إليه، فيوضعان معاً مكانه، فيتوهم أنهما فصلان(32) في مرتبة واحدة كالحسّاس والمتحرك بالإرادة في الحيوان، وليس كذلك لأن الفصل ملزومهما وهو واحد.

لماهية واحدة جنسان في مرتبة واحدة، كان كل منهما بعضاً من تمام المشترك لوجود الآخر معه، فلابد أن يكون الجنس هو مجموعهما؛ لأن المجموع منهما هو تمام المشترك، وأيضاً لو كان للشـيء جنسان قريبان؛ يلزم الاستغناء عن الذاتي، فإن احد الجنسين إذا أقترن بالفصل تحصّلت الماهية النوعية، ويكون الجنس الآخر لغواً لا يحتاج إليه، ومستغنياً عنه في التقوّم.

(27) هذا تفسير إلى قوله في مرتبة واحدة.

(28) أي أحد الجنسين.

(29) وإلا فقابل لأن يكون لماهية اجناس متعددة، يكون بعضها جزء البعض آخر كالإنسان، فإن له الحيوان والنامي والجسم والجوهر، إلا أن بعضها جزء لبعض.

(30) أي اقرب لوازم النوع مكان الفصل، كما يقال ذلك في الناطق؛ فإنه ليس بفصل الإنسان([668])، حيث إنه من العوارض، إذ النطق من مقولة الكيف، فهو عارض لا ذاتي، فحيث أن الفصل لم يكن معلوماً، وضع بدله هذه الخاصة.

(31) أي لا يعلم أن هذين اللازمين - اللذين هما مساويان له في الصدق - أيهما يكون أقرب اليه، أي أيهما يكون عارضاً له بالذات، والآخر عارضاً له بالواسطة، فمثلاً التعجب والضحك مساويان للإنسان، ولكن التعجب أقرب إليه.

(32) كما توهم الشيخ في الشفاء([669]) فجوّز أن يكون للماهية فصلان قريبان، منظّراً
 

(والفصل منطقي(33)) وهو لازم الفصل الحقيقي(34) كالناطق أو
النطق للإنسان(35) فهو ليس فصلاً حقيقياً، إذ لو أريد النطق
الظاهري كان كيفاً(36) مسموعاً، ولو أريد النطق الباطني أي درك الكليات،

 

لذلك بالحسّاس والمتحرك بالإرادة بالنسبة إلى الحيوان.

(33) هذا حكم آخر وحاصله: تقسيم الفصل على قسمين، الأول ويسمّى بالمنطقي، والثاني ويسمّى الاشتقاقي، أي الذي يشتق منه الفصل المنطقي ويؤخذ، وليس المراد بالاشتقاق هاهنا الاشتقاق العرفي، بل المراد به أن ينتزع منه، ويسمّى أيضاً بمبدأ الفصل المنطقي، وبالفصل الحقيقي([670]).

(34) هو منتزع منه، والحاصل: أن الفصل المنطقي هو العرض المنتزع مـن الفصل الحقيقي، وليس مقوماً للذات، إلا أنه لازم للفصل الحقيقي، ولذا يوضع مكانه ويسمّى بالفصل.

(35) اشار بهذا إلى أن لا فرق بين المشتق ومبدئه، في كونه فصلاً منطقياً، غاية ما في الباب يعتبر الحمل فيهما، فالمبدأ يحمل عليه بحمل ذي هو، لا بحمل هو هو كما في المشتق.

(36) نفسانياً كما هو المشهور([671]).

كان كيفاً أو إضافة(37) أو انفعالاً(38) وكلّها أعراض لا تقوم
الجوهر النوعي(39) ولا تحصل الجوهر الجنسـي(40) ومثله
الصاهل والناهق والحسّاس والمتحرك بالإرادة وغيرها،
وقد تقرّر أن الشـيء(41) غير معتبر في المشتقات(42) ولا سيما الفصول(43)

 

(37) كما عليه الإمام الفخر الرازي ومن تابعه([672]).

(38) كما عليه بعض المتأخرين([673]).

(39) أي لا تقوّم النوع.

(40) اي ولا تقسّم الجنس، ومحصّل الجنس بها، فيكون نوعا ًمن الانواع.

(41) هذا العبارة لا دفع لها هنا، إلا اللهم أن يقال أنها دفع إشكال.

وحاصل الإشكال: أن مثل المتحرك بالإرادة يكون ذاتياً؛ لأن معنى المشتق شـيء ثبت له التحرك، فيكون ذاتي الثبوت للحيوان؛ لأن الشـيء الذي ثبت له التحرك هو عين الحيوان، وثبوت الشـيء لنفسه ضـروري، فلا تكون أعراضاً.

فأجاب: بأن المشتقات قدّ تقرّر أن ليس مفهوم الشـيء؛ ولا مصداقه معتبراً في المشتقات، بل هو دال على المبدأ لا بشـرط.

(42) للزوم انقلاب القضية الممكنة الخاصّة ضـرورية، كما في (كل إنسان ضاحك) فإنها تكون ضـرورية؛ لأن معناه شيء ثبت له الضحك، وثبوت الشـيء لنفسه ضـروري، وأيضاً يلزم تكرار الموصوف.

(43) من المشتقات، فإن السيد شريف([674]) استدل على عدم إمكان أخذ الشـيء فـي
 

و(اشتقاقي(44)) أي المشتق منه والمحكي عنه(45) (كمبدأ الفصل) المنطقي(46) وهو الملزوم(47) ككون الإنسان ذا نفس ناطقة(48) وكون الفرس ذا نفس صاهلة،
 

مفهوم خصوص الفصول، بأنه يلزم دخول العرض العام في الفصل، فلا يكون الذاتي ذاتياً([675]).

(44) هذا هو القسم الثاني من الفصول.

(45) لما كان لفظ (اشتقاقي) يوهم أن هذا القسم الثاني يكون مشتقاً، والحال أن الفصل المنطقي يشتق منه، فسّر الاشتقاقي في النظم بالذي يشتق منه، ولما كان يتوهم من قوله يشتق منه الاشتقاق العرفي، هو صوغ كلمة من كلمة أخرى، والحال أن الفصل الاشتقاقي ليس بكلمة يصاغ منه كلمة الفصل المنطقي، بل هو أمر ينتزع منه الفصل المنطقي، ويكون حاكياً عنه، فسّر المشتق منه بأنه المحكي عنه.

(46) من حيث إن الفصل المنطقي منتزع منه، وعنوان له، وحاكٍ عنه.

(47) أي والفصل الاشقاقي ملزوم للمنطقي، والمنطقي لازم له، كالناطق، فإنه فصل منطقي لازم للفصل الاشتقاقي الذي هو النفس الناطقة، ومشتق منها.

(48) فالإنسان هو النوع، والنفس الناطقة هو الفصل الاشتقاقي، ومبدأ للفصل المنطقي، والحال أنه بصدد التمثيل للفصل الاشتقاقي فقط؛ لأجل بيان أن الفصل

 

وكون الحيوان ذا نفس حساسة. واقتحام ذي(49) في قولي: ذا نفس للإشارة في اللفظ إلى الاعتبار اللابشـرطي المعتبر في الفصل ليحمل. وإلا فنفس النفس(50) المأخوذة لا بشـرط فصل حقيقي. لكن إذا أخذت(51) بشـرط لا فهي صورة وجزء خارجي(52). (وذا) يقال له فصل (حقيقي)(53) أيضاً.

الاشتقاقي يعتبر الحمل فيه.

(49) بين النوع، وبين الفصل الحقيقي الاشتقاقي.

(50) وإن لم يكن اقتحام ذا لما ذكرناه. وقوله (فنفس النفس) اي دون ذا.

(51) أي النفس.

(52) كما تقدّم أن الفرق بينهما اعتباري.

(53) أي والفصل الاشتقاقي يسمّى بالفصل الحقيقي أيضاً.

إعلم زعم استاذنا (حفظه الله): أن الوجه في تخصيص هذا التقسيم بالاشتقاقي والمنطقي؛ بالفصل دون الجنس والنوع، أما على رأي صدر المتألهين([676]) من أن الفصل هو الوجود الخاص للماهية، ومفهوم الجنس والفصل المنطقي والنوع منتزعات منه، فواضح اختصاص هذا التقسيم بالفصل؛ لأن الوجود الخاص لا يوجد في الذهن وهو الحقيقي؛ لأنه هو الذي به قوام الماهية، وله مفهوم منتزع منه حاكٍ عنه، ولكن الجنس والنوع حينئذٍ لم تكن إلا مفاهيم منتزعة من الفصل فقط، ولم تكن حاكية عن نوع حقيقي، وجنس حقيقي.

ثمّ قال بعد هذا: أما على رأي القوم من ]ان[ الفصل هو ماهية لا وجود، فلا أرى وجهاً لاختصاص هذا التقسيم، بل هو جارٍ في الجنس والنوع، فافهم واعقل لا تغفل. ومن هنا ظهرت فائدة جليلة، وهي: وجه القول بعدم إمكان معرفة الاشياء بحقائقها، حيث إن الوجود لا يمكن أن يكون في الذهن، مضافاً إلى ما استدل به من عدم تميّز الجنس عن العرض العام، والفصل من الخاصّة، كما عن سيد شريف([677])، وإن كان ما قاله محل تأمل، ومضافاً إلى ما استدل به على ذلك من كون المركّبات تنتهي إلى البسائط؛ لأن الفصل القريب بسيط، وكذا جنس الاجناس، والبسيط لا يعرف بحقيقته، فهذه المركّبات لا تعرف بحقائقها.

 

 [33]

غرر في أن حقيقة النوع فصله الأخير

وَذُوْ قِوامٍ مِنْ مَعانٍ بَقِيا
لأنَّ ذا الفَصلِ لها تَضَمَّنا
فَهْيَ على إبهامِها مُعْتَـَبرَةْ
فالجِسْمُ والنُّمُوُّ قد تَبَـدَّلا           

 

 

ما دامَ فَصْلُهُ الأخيرُ وُقِيا
فَهْوَ وإنْ تَبَدَّلَتْ ذي عَيّنا
خُصَّ كما في حَدِّ قَوْسٍ دائـرَةْ
والجُزْءُ ما في أيِّ فَرْدٍ حَصَـلا

 


 

 [33]

غرر في أن حقيقة النوع فصله الأخير(1)

وباقي المقومات(2) معتبرة فيه(3) على الإبهام(4). (وذو قوام(5)) من الأنواع(6) (من معان(7)) جنسية، وفصلية قريبة وبعيدة (بقيا) أي بقي حقيقة
 

إعلم أن هذا البحث من المباحث المهمة، وهو أحد المقدّمات لدليل المعاد الجسماني الذي ذكره صدر المتألهين([678]).

(1) بحيث لو أنفصل عنه الجنس، وبقي فصله القريب - كما يقال في النفوس عند العقل الأول - يكون النوع باقياً، وكذا لو تبدّل الجنس وكان الفصل القريب على حاله، كان النوع موجوداً، بخلاف ما لو تبدل الفصل القريب والجنس باقي، فإن النوع  يتبدل ويزول، فحاصل الدعوى: أن ما به قوام النوع هو الفصل الأخير، وهو عليه المدار دون ما عداه.

(2) مثل الجنس.

(3) أي في النوع.

(4) بمعنى أنه لا يعتبر مرتبة خاصّة منه في النوع، بل يكون معتبراً فيه على سبيل الإطلاق، لا على سبيل التعين والتخصيص، فمثلاً الإنسان معتبر فيه الحيوان المطلق، أعمّ من أن يكون الحيوان الدنيوي أو البرزخي أو الأخروي.

والحاصل أن الدعوى المطلوب اثباتها هنا، هو أن الفصل القريب هو حقيقة النوع التي لا تتبدّل ولا تتغيّر([679])، ومعتبرة فيه على سبيل التعيّن، بحيث لو زالت أو تبدّل زال النوع، ولم يبق ذلك النوع.

(5) أي صاحب القوام والتركيب.

(6) هذا بيان لذو.

(7) متعلق بنفس قوام وجوده، الذي يكون متقوّماً من معانٍ أي النوع.

ذلك النوع بحاله (ما دام فصله الأخير وقيا) وحفظ. فالحقيقة تدور
 معه(8) حيثما دار. ولهذا قالوا:(9) شيئية الشـيء(10) بصورته. وقال
الشيخ (11): صورة الشـيء ماهيته التي هو بها(12) ما هو (لأن ذا الفصل(13))

 

(8) أي حقيقة النوع تدور مع الفصل القريب.

(9) اي ولكون الحقيقة تدور معه قالوا... الخ.

(10) أي كون الشـيء شيئاً، وله حقيقة مغايرة لحقائق الاشياء الباقية بسبب الصورة التي هي عين الفصل ذاتاً، فلو لم يكن الفصل هو مدار الحقيقة، لما كانت شيئية الشـيء بها.

(11) أي ولهذا قال الشيخ([680]). فإن الفصل لو لم يكن حقيقة النوع لما كان وجه لتخصيص هذا المقال من الشيخ بالصورة التي هي عين الفصل ذاتاً، ومن هنـا يظهر لنا استدلال غير الذي سيذكره المصنف بعد، وهو أن الفصل عين الصورة، وقد عرّفوا الصورة بانها ما بها الشـيء هو هو، أي ما بها فعلية الشـيء، والمادة ما بها الشـيء بالقوّة، وما يكون قوّة الشـيء خارج عن حقيقة الشـيء، وما به فعلية الشـيء، ويكون الشـيء شيئاً بسببه، هو الذي يكون حقيقة الشـيء. فيثبت أن حقيقة النوع هو فصله الأخير.

(12) أي الشـيء بسببها.

(13) هذا هو الدليل على كون أنه ما دام فصل الشـيء الأخير باقياً، فالحقيقة باقية.

وقبل الخوض في الاستدلال لابدّ لنا من مقدّمة:

وهي أنه قد تقدّم أن للوجود قوسين، قوس نزول وقوس صعود، وفي قوس
النزول يكون المتلو علّة للتالي([681])، وجامعاً لجميع وجودات التالي بنحو أتم واعلى،

 

ذا اسم إشارة(14) (لها) أي للمعاني(15) متعلق بقولنا: (تضمنا). أي وجود الكل(16) مضمنة مطوية في وجوده.

فالعقل الأول علّة للنفوس الناطقة النازلة منه، وجامع لجميع صفاتها بنحو أتمّ وأعلى، والنفوس الناطقة علّة لما تحتها، أي أنقص منها من وجودات الجوهر والجسم والمتحرك بالإرادة.

وفي قوس الصعود وهو أن يرجع الداني إلى العالي، وهو في مقام الترقي، مثلاً الجوهرية تترقى إلى الجسمية، ثمّ إلى النامية، ثمّ إلى الحساسية، ثمّ إلى النفس الناطقة، ثمّ إلى العقل الأول فتتحد معه، وفي هذا القوس يكون الأمر بالعكس، أعني التالي يكون جامعاً للمتلو في جميع صفاته بنحو أتم وأعلى، والفصول القريبة تكون في قوس الصعود تالية للفصول البعيدة والأجناس المتحصلة بها؛ لأن الشـيء مثلاً يكون جوهراً، ثمّ جوهراً حسـّياً، ثمّ معدنياً، ثمّ نامياً، ثمّ حيواناً، ثمّ نفس ناطقة، ثمّ يكون عقلاً، فالفصل الأخير للإنسان ولغيره يكون تالٍ للفصول البعيدة والأجناس والمتحصلة به في قوس الصعود، وقد ذكرنا أن التالي في قوس الصعود جامع لجميع وجودات المتلو بنحو أتم وأعلى، فيكون الفصل القريب جامعاً لجميع وجودات ما كان سابقاً عليه من الاجناس والفصول، وحيث ثبت أن الاجناس والفصول البعيدة موجودة في وجود الفصل القريب بنحو أتمّ وأعلى، ثبت أن الفصل الأخير ما دام باقياً، كانت حقيقة ذلك النوع باقية ببقائه؛ لأنه جامع لجميع وجودات فصوله البعيدة وأجناسه، وهو المطلوب لنا.

(14) إلى الفصل القريب للنوع.

(15) المقوّمة للنوع.

(16) لما كان في بادئ الرأي يشكل على عبارته، من أن الفصل لم يكن متضمّناً
فالنفس الناطقة التي هي الفصل الأخير في الإنسان،
لما كانت بسيطة الحقيقة(17) والبسيط جامع(18) لجميع الكمالات
التي وجدت فيما تحته(19) كانت الناطقة(20) مشتملة(21) على
وجودات الجوهر والجسم والمعدني والنامي والحسّاس والمتحـرّك بالإرادة،

 

للأجناس والفصول البعيدة، حيث إنه بسيط، فهي ليست أجزاءً له، ولا أنها تحمل عليه بالحمل الأولي، فليس الفصل متضمّناً لها، فلا معنى لما قلته من أن الفصل تضمن المعاني المقوّمة، فلذا فسـّر تضمّن الفصل لها، بان وجوده مشتمل على وجوداتها، بنحو البساطة لا بنحو التركيب، كاشتمال وجود الواجب على وجوداتنا بنحو البساطة والأتميّة. وقوله (وجود الكل) أي كل المعاني المقومة من الأجناس والفصول البعيدة.

(17) لأنها فصل.

(18) ولذا قيل بسيط الحقيقة كل شـيء([682]).

(19) بمعنى كان البسيط تالياً، وما تحته متلو في قوس الصعود.

إعلم أن المصنف لم يكن له داعٍ في مقام الاستدلال لأن يستعين بقاعدة بسيط الحقيقة كل شـيء، بل كان يكفيه في المقام أن يقول: (فالنفس الناطقة - التي هي الفصل الأخير في الإنسان - لمّا كانت جامعة لجميع الكمالات فيما تحتها في قوس الصعود، كانت الناطقة... الخ) كما أنه في شـرحه على المنطق لم يكن ذاكراً لهذه القاعدة في الاستدلال، على أنه لا معنى لإعمالها هنا؛ لأن قاعدة بسيط الحقيقة بحسب البراهين المذكورة عليها، إنما تتم وتكون صحيحة في البسيط من جميع الجهات([683])، أعني الله عز وجل ، لا في الوجودات المقيّدة كالنفس الناطقة.

(20) أي النفس الناطقة.

(21) بحسب وجودها.

بنحو البساطة(22) والوحدة(23).

(فهو) أي الفصل(24) (وإن تبدلت ذي) أي المعاني(25)
(عينا)(26) خبر هو يعني أنه أصلها المحفوظ، وهذية النوع(27)
به، فلا يعبأ بزوال هذه(28) (فهي) أي كل واحد(29)
من المعاني (على إبهامها) لا على الخصوص(30) (معتبرة) في حقيقة
النوع، ففي الإنسان مثلاً، المعتبر من الجوهر أعمّ مما في المجرد والمادي(31)

 

(22) أعلم أن الشـيء يشتمل على شـيء آخر، تارة بنحو التركيب، حيث إنه كان المركّب منه ومن غيره، وتارة بنحو البسائط، أي لا يكون مركّباً منه ومن غيره، لكن وجوده فيه بنحو أتم وأعلى، كما هو الشأن في وجوداتنا بالنسبة إلى وجود الباري تعالى، والنفس الناطقة مشتملة على تلك بنحو البساطة.

(23) أي يكون المشتمل والمشتمل عليه واحداً لا اثنين، كما في اشتمال المركّب على أجزائه، بخلاف اشتمال البسيط على أمر، فإنه يكون بنحو الاتحاد، وأنه عينه، فيكون عطفاً والوحدة على البساطة عطف لازم على ملزوم.

(24) لما برهن على هذه القاعدة فرّع على ثبوتها.

(25) وهي الاجناس والفصول البعيدة.

(26) بلفظ الماضـي المبني للفاعل، مصدره التعين، أي عين الفصل النوع وحصته.

(27) أي وحقيقة النوع به.

(28) المعاني وتبدلها.

(29) هذا تفريع على قوله: أن تبدلت كذا ذكر في الحاشية([684]).

(30) أي له خصوص مرتبة واحدة منها معتبرة فيه.

(31) أي أعم من الجوهر الموجود في المجرّد والمادي، وذلك لأن لو اعتبرنا خصوص المادي في الإنسان، لم يكن موجوداً مع الإنسان المجرد؛ لأنه يتبدل إلى جوهر مجرد، وكذا لو اعتبرت خصوص الجوهر، ولم يكن موجوداً مع الإنسان، فهو معتبر في
 

ومن الجسم(32) أعمّ من الطبيعي(33) العنصـري(34) والمثالي(35) ومن الحياة(36) أعمّ من الدنيوية والأخروية.

وقس عليه الباقي(37) (خص) أي الخاص(38) من كل واحد(39)
 

الإنسان على سبيل الإبهام والعموم.

(32) أي والمعتبر في الإنسان من الجسم.

(33) أي الذي هو موجود في عالم الطبيعة، ويسمّى بالمادي أيضاً.

(34) وهو المركّب من العناصـر الأربعة، الماء والهواء والنار والتراب.

(35) وهو الجسم الموجود في عالم المثال، فالإنسان الجسم المعتبر فيه ليس أحدهما بخصوصه، وإلا لما كان وجهاً للتبدل.

(36) والمعتبر في الإنسان من الحياة، أعمّ من الدنيوية، وقوله (الحياة) التي يعبّر عنها في تعريف الإنسان بالحيوان.

(37) مثل الحساسيّة، فإن المعتبر في الإنسان منها، أعمّ من الحساسيّة بالعلم الحصولي، أو بالعلم المشاهدي الحضوري.

(38) هذا بيان إلى أن خصّ مخفّف الخاص.

(39) لما بيّن أن كل واحد من الأجناس والفصول البعيدة، معتبر على سبيل الإبهام في النوع، رتّب عليه بأنه ينبغي ان تأخذ للأجناس والفصول البعيدة في حد النوع، على سبيل الإبهام والعموم لا خصوص مرتبة منها، لِما ذكره من أن المقوّم من تلك المعاني هو المبهم، ولا دخل لخصوصية مرتبة منها، فلو أخذ واحد منها مع الخصوصية، بأن أخذ في حدّ الإنسان الحيوان الدنيوي، لا الذي هو أعمّ من الدنيوي والأخروي، كانت خصوصية كونه دنيوياً خارجة، وكونه حيوان هو أعمّ من الدنيوي والأخروي، داخل في التعريف، فاخذ الخصوصية في حدّ النوع نظير أخذ الدائرة في حدّ القوس، حيث قيل في حدّه أنه قطعة من الدائرة([685])، فإن الدائرة ليست معتبرة في القوس، وكذا نظير أخذ الخط في تعريف النقطة، حيث تحدّ بأنها طرف الخط. وقوله (الخاص) أي مرتبة خاصة.

منها(40) من حيث الخصوصية(41) لو أخذ في حد النوع فهو (كما(42)) يؤخذ(43) (في حدّ قوس دائرة) فيقال(44) القوس قطعة من الدائرة(45). وقد صـرّحوا أنه من باب زيادة الحدّ(46) على المحدود. (فالجسم والنمو(47)) في الإنسان (قد تبدلا(48)) حتى يبلغ بهما التبدل إلى أن يصيرا(49) مثالياً(50) ومعنوياً(51). فهما وغيرهما(52) على وجه الخصوصية ليست ذاتية(53) وجزء.

(و) إنما (الجزء(54) ما) أي قدر مشترك (في) ضمن (أي فرد حصلا(55)).

(40) أي من تلك المعاني المقومة من الأجناس والفصول البعيدة.

(41) والمرتبة وأما من حيث نفسه مع قطع النظر عن الخصوصية، فليس الأمر كذلك كما ذكرناه.

(42) أي فأخذ الخصوصية في حدّ النوع، كأخذ الدائرة في حدّ القوس.

(43) ما مصدرية، أي كالأخذ في حدّ قوس الدائرة.

(44) أي في حدّ القوس.

(45) والدائرة ليست جزءً من حقيقة القوس؛ لأن القوس سطح يحيط به خط مستدير، فينتهي طرفاه بنقطتين.

(46) أي أن أخذ الدائرة في حد القوس من هذا الباب، فكذا أخذ الخصوصية يكون من هذا الباب.

(47) هذا تفريع على قوله: أنها معتبر على سبيل الإبهام.

(48) في العالم الأخروي.

(49) أي يصير الجسم والنمو.

(50) هذا راجع إلى الجسم، فإنه في العالم الأخروي يكون جسماً مثالياً.

(51) هذا راجع إلى النمو، فإنه في العالم الأخروي يكون نمواً معنوياً، وهو عبارة عن ترقي النفس، دون الترقي الجسمي الذي يكون في عالم الدنيا.

(52) من الفصول البعيدة والأجناس.

(53) للنوع.

(54) أي الجزء للنوع من الفصول البعيدة والأجناس.

(55) أي مرتبة حصل وليس الجزء هو مرتبة خاصة منه.


 

 [34]

غرر في ذكر الأقوال في كيفية التركيب من الأجزاء الحدّية

حَدِّيَةُ الأجزاءِ ذِهْناً غايَرَتْ            
ثُمَّ على الثاني فإمّا اتَّحدا            
أقوالٌ الثاني لَدَيَّ مُعْتَبَرْ            

 

 

هل وَحَّدَتْ في العَيْنِ أو تَعَـدَّدَتْ‏
وُجودا او كذاتِها تَعَدَّدا
بَل بِاعتباراتٍ لَهُ تِلْكَ الصُّوَرْ

 


 

 [34]

غرر في ذكر الأقوال           
في كيفية التركيب(1) من الأجزاء الحدّية(2)

وقد وصفه المحقق الشـريف بأنه مما تحيرت فيه الأوهام، واختلفت
فيه آراء الأعلام (حدّية الأجزاء) من إضافة الصفة إلى الموصوف(3)
 (ذهنا غايرت(4)) بحسب ذواتها(5) وبحسب وجوداتها(6) معا قطعاً(7)
واتفاقاً(8).

(1) أي تركيب النوع من الاجزاء التي تؤخذ في حدّه هل مركبة، منها بنحو الاتحاد، أو بنحو الانضمام، أو بنحو وحدة الماهية.

(2) وهي الجنس والفصل والصورة والمادة، فإنه سيجيء الكلام في كيفية التركيب منهما([686]).

(3) أي الاجزاء الحدية.

(4) أي عند التحليل العقلي متغايرة، وليس المراد بوجودها في الذهن بأي نحو يكون، حتّى لو كانت موجودة في ضمن النوع، فإنها إذا كانت موجودة في ضمن النوع ذهناً، أيضاً تكون محلاً للنزاع، وإنما الذي هو ليس بمحل النزاع هو عند وجودها في ظرف التحليل العقلي.

(5) لأنها لا تحمل أحدها على الآخر بالحمل الأولي في ظرف التحليل، فلو كانت متحدة ذاتاً هناك لحملت بالحمل الأولي.

(6) الذهني في ظرف التحليل، فإنها لا يحمل أحدهما بالحمل الشائع على الآخر، ولو كانت متحدة الوجود هناك لحمل أحدهما على الآخر.

(7) لما ذكرناه من عدم الحمل الأوّلي والشائع.

(8) حيث أنه لم يخالف في ذلك أحد.

ولكن الخلاف في أنها كيف هي في العين(9). (هل وحدت) ماهيتها (في العين(10) أو تعددت؟ ثمّ على الثاني) أي تعددها ماهية(11) (فإما اتحدا(12)) أي الأجزاء (وجودا) وتذكير الفعل(13) المسند إلى ضمير المؤنث المجازي(14) كثير في النظم. ورفع وجود على الفاعلية(15) وتنوينه للتعويض(16) وإن كانا ممكنين(17) لكن يخلو الكلام عن السلاسة(18) (أو) وجودها(19) (كذاتها) أي ماهيتها (تعددا). فهذه (أقوال) ثلاثة قد ذهب إلى كل طائفة.

(الثاني) وهو أن الأجزاء الحدّية متعددة في العين ماهية(20) متحدة وجودا
 

(9) أي في الخارج، بمعنى بأي نحو تركّب منها النوع، وعند وجودها في ضمن النوع في الذهن.

(10) أي هل كانت ماهية الجنس والفصل في الخارج واحدة، فتكون موجودة بوجود واحد؛ لأن الماهية الواحدة لا توجد بوجودين، وهذا الوجود الواحد الذي يكون لماهية واحدة، ينتزع منه الجنس والفصل.

(11) أي تعدد الأجزاء بحسب الماهية، أي كانت ماهيتها متعددة.

(12) الألف في أتحد للإطلاق ليخفف به للقافية.

(13) وهو إتّحدا إذ لم يقل أتحدت.

(14) وهو ضمير الأجزاء، والأجزاء جمع التكسير، وجمع التكسير مؤنث مجازي.

(15) لإتحد، فلا يلزم اسناد الفعل المذكر إلى الضمير المجازي.

(16) أي تنوين وجود، للتعويض عن المضاف إليه الذي هو الأجزاء، فيكون المعنى اتحد وجود الأجزاء.

(17) أي الرفع والتنوين.

(18) أي الوزن والنظم.

(19) هذا قول ثالث وحاصله: أن وجود الأجزاء في الخارج والعين مثل ماهيتها في أنه متعدد.

(20) أي كل واحد منها موجود في الخارج، ولا يصح نفيه عنه، إلا أنها مشتركة في وجود واحد.

(لدي معتبر). فإن الماهية، لما كانت متحقّقة ومجعولة بالعرض(21) في العين، فتلك الأجزاء في مقام تجوهرها(22) وشيئية ماهيتها(23) مختلفة، ولكنها في مقام وجودها واحدة(24). هذا إذا نظرنا إلى تحقق الماهية بالعرض(25). وأما إذا نظرنا إلى عدم تحقق الماهية بالذات، وأن الوجود هو المتحقق بالذات، فلا مقام ذات للأجزاء في العين(26) وراء الوجود(27) فضلاً عن بساطة الذات(28) أو تركيبها.

(21) بواسطة الوجود، كما قدّمنا الكلام فيه.

(22) أي في مقام نفسها، ومقام ماهيتها، وذاتها وذاتياتها.

(23) هذا عطف تفسير على ما قبله.

(24) ولذا يحمل أحدها على الآخر بالحمل الشائع، الذي ملاكه الاتحاد في الوجود.

(25) أي نختار القول الثاني، إذا لاحظنا الماهية باللحاظ العرفي الساذج من أنها موجودة في الخارج، وأما إذا لاحظنا الماهية باللحاظ الفلسفي العرفاني من أنها ليست موجودة في الخارج، وليس في الخارج الوجود، وهي سـرابية اعتبارية، فلا نختار القول الثاني من أن ماهياتها موجودة في الخارج بوجود واحد، بل نقول ليس في الخارج إلا وجود بحت، وليست ماهيتها موجودة في العين، بل تكون الأجزاء الحدّية صور اعتبارية منتزعة من ذلك الوجود، فيكون هذا قولاً رابعاً، وإليه اشار بالمتن بقوله: بل اعتبارات... الخ.

(26) أي بهذا النظر الدقيق لا يكون للأجزاء ماهية في الخارج.

(27) أي غير الوجود.

(28) أي بساطة ذات الأجزاء، واراد ببساطتها أن تكون ذات الاجـزاء الحدّية وماهيتها؛ واحدة غير متعددة في الخارج، كما هو مؤدي القول الأول، واراد بتركيب ذات الأجزاء، أن تكون ذاتها وماهيتها متعددة في الخارج، سواء كانت متحدة الوجود فيه، كما هو مؤدى القول الثاني، أو كانت متعددة الوجود كما هو مؤدى القول الثالث([687]).

بل كما يقول أصحاب القول(29) بوحدتها ذاتاً ووجوداً
في جواب من يقول عليهم: إن الصور العقلية(30) المتخالفة(31)
كيف تكون مطابقة لأمر بسيط(32) ذاتاً ووجوداً في العين؟ إنها تنتزع(33)

 

وقوله (فضلاً من بساطة) يريد أن هذا النظر لا وجه للنزاع والذهاب إلى واحد من الأقوال؛ لأنه بهذا النظر لا ماهية للأجزاء في الخارج، حتّى ينازع في أن الماهية واحدة أو متعددة. اما قوله: (بل باعتبارات له...الخ) هذا اشارة إلى القول الرابع المبني على النظر الدقيق العرفاني.

(29) يعني به أصحاب القول الأول.

(30) هذا مقول قول من يقول عليهم، وبعبارة أوضح هذا يكون تقريراً للإشكال عليهم. وقوله (أن الصور العقلية) وهي الجنس والفصل.

(31) في الذهن ذاتاً ووجوداً.

(32) أي لشـيء بسيط وهو ماهيتها؛ لأن المفروض أنها واحدة.

(33) هذا مقول قول ما يقوله اصحاب القول بوحدتها ذاتا ووجوداً، وبعبارة أوضح أنه مفعول لقوله كما يقول اصحاب...الخ. وقوله (إنما تنتزع) أي أن الصور العقلية أعني الجنس والفصل.

من ذلك البسيط(34) بحسب اعتبارات واستعدادات
تحصل للعقل(35) بمشاهدة(36) جزئيات أقل أو أكثر معه،
وتنبّهه(37) لما به الاشتراك وما به الامتياز بينها(38) كذلك نقول(39)
نحن (باعتبارات له(40)) أي لما له تلك الأجزاء(41) فالمرجع معلوم(42)

 

(34) أي البسيط ذاتاً ووجوداً، وهو ماهيتها.

(35) أي بحسب انتزاع العقل واعتباره واستعداده لحصول الصورة العقلية من الشيء فيه، وبعبارة أخرى أنه يكون اعتبارات للعقل، واستعدادات موجودات فيه، فينتزع منه هذه الصور العقلية.

(36) هذا متعلّق بقوله (ينتزع) أي ينتزع من ذلك الأمر البسيط، بحسب مشاهدات جزئيات قليلة أو كثيرة مع ذلك الأمر البسيط، كما مثّل لذلك في الحاشية([688]) بما حاصله: أنه إذا حصل زيد في العقل بمشاهدته، وشاهده معه عمر، وتكرر خالد أو أكثر من ذلك، حصل للعقل استعداد حصول الإنسان، فإذا له استعداد لحصوله حصّله، وإلا فلا، وإذا شاهد معه الفرس وغيرها، حصل الحيوان إذا كان له استعداد، وإذا شاهد العقل معه الشجر حصل الجسم النامي، وإذا شاهد معه الحجر حصل الجسم وهكذا.

ثمّ يلاحظ الفارق ما بين هذه المشاهدات، فيحصل الفصل كالناطق والصاهل، فالمشاهدة مع الإنسان حصل للعقل بحسب استعداده، اعتبار أمر في الإنسان به الاشتراك، واعتبار أمر فيه يكون به الامتياز.

(37) أي وبسبب تنبه العقل.

(38) اي بين هذه الأمور الاعتبارية.

(39) أي كما يقول أصحاب القول... الخ، كذلك نقول.

(40) أي كما نقول نحن بسبب اعتبارات العقل تكون له تلك الصور.

(41) وهو النوع.

(42) أي مرجع الضمير في قوله اعتبارات له... الخ، الذي هو عائد إلى ماله
من السياق، وهو حينئذٍ(43) نحو من الوجود بسيط (تلك الصور(44)) الذهنية. فبالحقيقة كلّها(45) خارجة من ذلك الوجود ذاتية كانت(46) المفاهيم الذهنية أو عرضية إلا أن ما ينتزع(47) ويحكى عن مقامه الأول(48) تسمّى ذاتيات، وما ينتزع ويحكى عن مقامه الثاني(49) يسمّى عرضيات. وأما القول الثالث فسخيف، إذ لا يتحقق الحمل بينها(50) حينئذٍ(51).

تلك الأجزاء.

(43) أي وماله تلك الأجزاء حين النظر إلى عدم تحقق الماهية بالذات في الخارج.

(44) مبتدأ مؤخر إلى قوله: باعتبارات له.

(45) أي الصور الذهنية.

(46) أي تلك الصور العقلية.

(47) هذا شـروع في الفرق في المفاهيم الذاتية والعرضية([689]).

(48) أي بلا واسطة شـيء يثبته العقل له، ويعتبره فيه.

(49) أي بواسطة شـيء يثبته العقل له، ويعتبره فيه.

(50) لعدم الاتحاد في الوجود.

(51) أي حين القول بالقول الثالث، وأما القول الأول فسخيف أيضاً؛ لأن إذا تغايرت المفاهيم ذهناً وماهية في الذهن، كيف تكون لها ماهية واحدة في الخارج، كذا ذكر الاستاذ.

 

 [35]

غرر في خواص الأجزاء

بَيّنَةٌ غَنِيَّةٌ عَـنِ السَّبَبْ
لكُلِّ أجزاءَ اعتباراتٌ تُعَـدْ
بِشَرْطِ الاجتِماع أو بالشَّطْرِ 
فَالسَّبْقُ للأَجْزاءِ بالأسْرِ عَلى            

 

ََ

أجْزا وَسَبْقُها على الكُلِّ وَجَـبْ‏
الكُلُّ أِفراداً ومجموعـاً وَرَدْ
أو نَفْسِ الاِجْزاءِ الَّتيْ بالأَسْـرِ
كُلٍّ بِمَعْنى كانَ يَتْـلُوْ الأَوّلا

 


 

 [35]

غرر في خواص الأجزاء(1)

إحداها أنها (بيّنة) خبر مقدّم، يعني العقل في التصديق بثبوتها للماهية(2) مستغن عن الوسط، فهذا استغناء عن السبب(3) لكن في الذهن(4). ثانيتها أنها (غنيّة عن السبب) أي في الوجود الخارجي(5). كما هو المتبادر(6). وقدّ عرف الذاتي(7) بهذه الخاصّة، فقيل: الذاتي ما لا يعلل.

والمراد: الغناء عن سبب على حدة وراء سبب الماهية(8)
 

(1) اراد بالخاصّة هاهنا: سواء كانت مطلقة([690])، وهي التي توجد في غير الشـيء، إلا أن الشـيء لا يمكن أن يكون بدونها. وخاصّة مقيّدة، وهي التي لا توجد في غيره. وقوله (الاجزاء) سواء كانت جنساً أو فصلاً أو صورة أو مادة. وقوله خبر مقدم لقوله اجزاء.

(2) المتصورة بالكنه والحقيقة، أما المتصوّر بوجه؛ فيحتاج إثباتها له إلى حدّ أوسط.

(3) أي من الحّد الاوسط.

(4) أي لكن هذا الاستغناء يكون في الذهن، ومن المعلوم أن هذه الخاصة ليست مختصّة بالأجزاء، بل هي موجودة في لوازم الماهية كالزوجية للأربعة.

(5) ومـن المعلوم أن هـذه الخاصّة موجودة في لوازم الماهية أيضـاً فإنها لا يكون لها سبب غير سبب الماهية.

(6) عندما يُنفى السبب عن شـيء، فإنه يتبادر منه نفي السبب الخارجي، دون السبب الذهني الذي هو الحدّ الأوسط، فإذا قيل: أن الله عز وجل ليس له سبب، يُفهم منه أنه لا سبب له في الخارج.

(7) أي جزء الماهية.

(8) إلا فهو ممكن الوجود يحتاج إلى سبب، وسببه هو سبب الماهية نفسها.

وعن سببية على حدة(9) من قبل سبب الماهية.

(أجزاء) مبتدأ مؤخر(10) (و) ثالثتها(11) (أن سبقها على الكل(12)) في الوجودين(13) (وجب). ولك أن تجعل الواو للحال(14) حتى يفيد مع ذكر الخاصّة الثالثة، الدليل على الخاصتين الأوليين(15).

(9) مراده أن لا يكون سبب الماهية مؤثراً في الجزء بسببيته، غير سببيّته للماهية، أي لا تكون جهة تأثير في الماهية، غير جهة تأثير فيه.

(10) لقوله بين.

(11) أي ثالث الخواص.

(12) أي سبق الاجزاء على المجموع، وسبقها بحسب الماهية يكون سبقاً بالتجوهر؛ لأن الجزء مقوم للكل، وسبقها بحسب الوجود يكون سبقاً بالطبع؛ لأن ملاك السبق بالطبع أن يكون المتأخر محتاجاً للسابق، وليس عند وجود السابق يوجد المتأخر، وكذا هنا فان الكل في وجوده محتاج للجزء، وليس عند وجود الجزء يوجد الكل([691]).

(13) الذهني والخارجي.

(14) جعلناها استئنافية فيه.

(15) إمّا جعله دليلاً على الخاصّة الأولى، فتقريره أن يقال: كيف لا تكون الأجزاء بيّنة الثبوت([692])، وتصور الكل بالحقيقة مسبوق بتصورها، فيلـزمه التصـديق بثبوتها للكل، وإلا فلا يكون متصوراً للماهية بالكنه والحقيقة.

وإمّا جعله دليلاً على الخاصة الثانية، فتقريره أن يقال: حيث إن سبقها على الماهية يكون من قبيل سبق الأجزاء على الكل، وذاتيات الشـيء على نفس ذلك الشـيء، فلو كانت تحتاج الاجزاء إلى سبب وراء سبب الماهية، ذلك السبب هو الذي يجعله
 

ولما كان في تقدّم الأجزاء على الكل إشكال(16) هو كالإشكال المشهور في سبق العلّة التّامة(17) على المعلول(18) تصدينا لدفعه بذكر الاعتبارات الأربعة(19) التي في كل كثرة(20).

فقلنا: (لكل أجزاء اعتبارات تعد(21)) أحدها (الكل أفرادا)
 

جزءً للماهية، للزم تخلل الجعل بين الشـيء وذاتياته، وهو باطل كما ذكرناه في باب الجعل.

(16) وهو أن الكل عين الأجزاء، فلو كانت الاجزاء متقدّمة على الكل، لزم سبق الشـيء على نفسه، وهو باطل.

(17) وهو أن العلّة التامة مشتملة على مادة المعلول وصورته، والمادة والصورة لشـيء يمتنع تقدّمها على ذلك الشـيء؛ لأنها اجزاء له، وهو كلٌ لها، والكل عين الاجزاء، فلو كانت الاجزاء مقدّمة على الكل، لزم تقدّم الشـيء على نفسه، وهذا الإشكال ذكره السيد شـريف في شـرح المقاصد([693])، وذكر أنه لا وجه لأطلاق القول بان العلة سابقة على المعلول، بل إنما السابق هو العلة الناقصة لا التامة.

(18) المركّب، وأما البسيط فلا يرد عليه ذلك الإشكال؛ لأنه لا مادة له ولا صورة.

(19) التي تكون لأجزاء كل مركّب.

(20) تكون اجزاء لمركّب خارجي.

(21) الأول: أن تعتبر كل واحد من الاجزاء منفرداً عن الأخر، أي يلحظ كل واحد منها على حدة، بشـرط عدم انضمامه إلى شـيء آخر من الأجزاء وهذا اللحاظ لا تكون أجزاء، بل أمور مستقلة ويسمّى هذا اعتبار بشـرط لا.

الثاني: أن تلحظ منضمّة بعضها لبعض، أي مجتمعة بشـرط الاجتماع، وهذا هو الكل، ويكون الاعتبار بشـرط شـيء.

الثالث: أن تلحظ مجتمعة بشطر الاجتماع، أي على نحو يعبر أن الهيئة الاجتماعية جزء مثلها.

الرابع: أن تلحظ مجتمعة لا بشـرط الاجتماع، أي لا يعتبر معها الاجتماع، ولا
 

أي كل فرد فرد(22) وثانيها الكل (مجموعا(23) ورد بشـرط
الاجتماع(24)) وثالثها ما في قولنا: (أو بالشطر) أي الكل(25)
مجموعاً بنحو شطّرية الاجتماع(26) ورابعها ما في قولنا (أو نفس
الأجزاء التي بالأسـر(27)) أي الكل مجموعاً ولكن ذات
المجموع(28) لا مع الوصف العنواني(29).

يلحظ معها الاجتماع، فيكون هذا الاعتبار لا بشـرط، وبهذا اللحاظ تكون أجزاء للمركّب الذي هو الأجزاء الملحوظة بشـرط الاجتماع، وليس اللابشـرط وبشـرط لا، والمذكوران في هذا المبحث هما اللا بشـرط وبشـرط لا، المذكورين في مبحث الفرق بين الصورة والمادة، وبين الجنس والفصل؛ لأنهما هناك تكون اعتبارات في الأجزاء التي هي معتبرة بإعتبار لا بشـرط هنا، وأيضاً أن المضاف إليه لا بشـرط وبشـرط لا هناك هو الاتحاد، والمضاف إليه لا بشـرط وبشـرط لا هو اللااجتماع.

(22) أي تلحظ الأجزاء كل على حدة.

(23) أي كل الأجزاء تلحظ منضمّة.

(24) أي تلحظ الاجزاء المنضمّة بشـرط الانضمام والاجتماع، بأن يكون الاجتماع خارجاً([694]).

(25) أي كل الأجزاء مجتمعة.

(26) أي بنحو الاجتماع، الذي هو أمر اعتباري، جزء مثلها.

(27) أي التي تكون مجتمعة، أي الأجزاء التي تكون منضمّة تلحظها لا بـشرط الانضمام، لا إنا نلحظها بشـرط عدم الانضمام، نظير ذلك مثلاً، لو لاحظنا الشـيء الذي يكون واحداً لا بشـرط الوحدة.

(28) أي لا الكل المجموعي بشـرط الاجتماع، بل يلحظ الكل المجموعي بذات، لا مع وصف العنوان، كما يلحظ العارض له الوحدة من حيث ذاته، لا بشـرط الوحدة ولا بشطرها، ولو لحظ المتصف بالعالمية لا بشـرط العالمية.

(29) وهو الاجتماع لا بشـرط الاجتماع، ولا بشطر الاجتماع.

فإن ذات المجموع(30) شـيء، وهيئة المجموعية(31) شـيء آخر،
كما أن ذات الواحد شـيء، وصفة الوحدة شـيء(32) آخر(33)
وهذه الثلاثة(34) متعلقة بقولنا: مجموعاً(35) ومشتركة في الاجتماع(36)

 

(30) هذا جواب ودفع سؤال مقدر: أنه كيف يلحظ كل الاجزاء مجموعاً، ولم يأخذ معها الاجتماع، لا بنحو الشـرط، ولا بنحو الشطر، فأجاب بما ترى.

(31) أي الاجتماع والانضمام.

(32) ويصحّ أن يلحظ المتصف بشـيء، لا بشـرط ذلك الشـيء، ولا بشطـره([695]).

(33) ويصح لحاظ الواحد لا بشـرط الوحدة، ولا بشطرها.

(34) يعني ما عدا اعتبار الكل افراداً.

(35) أي اقسام له وهو معتبر فيها؛ لأنها عبارة عن لحاظ، تلحظ الاجزاء الموصوفة بالاجتماع؛ بشـرط الاجتماع أو بشطره، أو لا بشـرطه ولا شطره.

(36) أي تلحظ الاجزاء بوصف الاجتماع، فترد عليها هذه الاعتبارات الثلاثة.

والمعية(37) بخلاف الكل الأفرادي(38).

إذا عرفت هذه‏، فالسبق للأجزاء بالأسـر(39) على كل(40) بمعنى كان(41)
يتلو الأوّلا(42) أي على الكل المجموعي(43) بشـرط الاجتماع، لا
بالمعنى الثالث(44) فإن هيئة(45) الاجتماع أمر اعتبـاري(46) فكذلك مجمـوع

 

(37) عطف تفسير على الاجتماع.

(38) فإنه لا يلحظ معه الاجتماع، بل يلحظ عدمه.

(39) الاجزاء المجتمعة لا بشـرط الاجتماع، أي الاجزاء بالاعتبار الثالث.

(40) أي على المركّب.

(41) أي الكل، والمركّب الذي هو عبارة عن الأجزاء الملحوظة بشـرط الاجتماع، الذي هو الاعتبار الثاني المذكور في النظم، بعد اعتبار الكل أفراداً، الذي هو الاعتبار الأول.

(42) أي كان يتلو الاعتبار الأول في النظم، فالاعتبار المذكور بعد الاعتبار الأول الذي هو الكل افراداً، هو معنى الكل والمركّب.

(43) أي سبق الأجزاء بالأمر على الكل المجموعي.

(44) أي ليس السبق على الكل بالمعنى الثالث، وهو الاجزاء بشطر الاجتماع؛ لأن الكل بهذا المعنى لا وجود له في الخارج؛ لأن للهيئة الاجتماعية أعني الاجتماع أمر اعتباري، فإذا كانت جزءاً لشـيء لم يكن ذلك الشيء موجوداً؛ لأن الامر الاعتباري غير موجود في الخارج، فالذي يكون جزءه لم يكن موجوداً في الخارج؛ لأن المركّب إذا انتفى أحد اجزائه في مكان، انتفى نفسه، فإذا كان الأمر كذلك، فليس الكل والمركّب بالمعنى الثالث، وإلا لزم عدم وجود المركّبات في الخارج، وهذا لا يقول به أحد.

(45) هذا تعليل إلى كون الكل ليس بالمعنى الثالث، وأما كون الكل ليس بالمعنى الأول فواضح، إذ من المعلوم أن الأجزاء بذلك اللحاظ ليست بأجزاء، وحيث لا جزء فلا كل، والجزئية والكلية متكافئان في الوجود، إذا وجد أحدهما وجد الآخر، وإذا انتفى احدهما انتفى الآخر.

(46) إذ لو كان أمر موجود في الخارج للزم التسلسل، وذلك لأن الأجزاء الاربعة التي
 

العارض والمعروض(47). فحصل المغايرة بين المتقدّم(48) والمتأخر(49).

تكون لها هيئة اجتماعية، لو كانت الهيئة موجودة؛ لكانت الاجزاء خمسة، وتكون لها هيئة، فتكون الأجزاء ستة وهلم جرا([696]).

(47) أي الاجزاء التي عرضت لها الهيئة، وتكون جزء مثلها، يكون ذلك المجموع أمراً اعتبارياً لا وجود له في الخارج، ونحن كلامنا في المركّبات التي عندنا بأيدينا، التي يمكن وجودها في الخارج، وبهذا المعنى لا يمكن أن يوجد في الخارج كما بيّنا، فليس كلامنا في المركّب بالمعنى الثالث.

(48) وهو الاجزاء المجتمعة لا بشرط الاجتماع.

(49) وهو الاجزاء بشـرط الاجتماع، وارتفع الإشكال في تقدّم الأجزاء على الكل، لأنه لم يكن المتقدّم عين المتأخر، وكذا أرتفع لهذا التقرير إشكال العلّة التامة، فإن المتقدم في العلّة التامة نفس المادة والصورة الملحوظة لا بشـرط الاجتماع، والمـتأخر هو المعلول الذي ]هو[ عبارة عن الأجزاء بشـرط الاجتماع.


 

 [36]

غرر في أنه لا بد في أجزاء المركب الحقيقي
من الحاجة بينها

في واحِدٍ حقيقةً تَركَّبـا
لِوَحْدةٍ حقِيقةً مِعْيارُ            
سُوى الذي الأجْزا عَرا من أثـر  

 

 

الفقرُ فِيْما بَيْنَ الاجْزا وَجَـبا
إنْ كانَ في مَوْصُوْفِها آثـارُ
كأثَرِ الياقوتِ لا كالعَسكـرِ

 


 

 [36]

غرر في أنه لا بد في أجزاء المركب الحقيقي(1) من الحاجة بينها(2)

(في واحد حقيقة) أي واحد(3) له وحدة حقيقية(4) (تركّباً(5))
من أجزاء. (الفقر(6) فيما بين الأجزا(7) وجبا) وإلا لامتنع(8)
أن يحصل منها(9) حقيقة واحدة وحدة حقيقية(10) بالضـرورة،

 

(1) ويقابله المركّب الاعتباري، الذي هو عبارة عن اعتبار أمور مجتمعة، لم تكن بينها وحدة حقيقية، أي لم تكن متشخّصة بتشخص واحد غير تشخصات الأجزاء، والمركّب الحقيقي هو الذي ينقسم في السنة القوم الى اتحادي([697]) وأنضمامي، وأما المركب الاعتباري فدائماً انضمامي.

(2) إنما من الحاجة، أما في الحاليّة والمحلّية والعليّة والمعلولية، كما أن الصورة محتاجة إلى الهيولى؛ لأنها حالّة فيها، والهيولى محتاجة إلى الصورة؛ لأن الصورة علة لها، أو في التأثير والتأثر كما في الممتزجات، فإن كل من الاجزاء كان محتاجاً إلى الآخر في تأثره بالآخر، وغير ذلك من جهات الحاجة.

(3) أي شـيء واحد.

(4) أي له تشخّص مستقل وراء تشخص أجزائه، ويقابل الوحدة الحقيقية الوحدة الاعتبارية، كوحدة العشـرة والعسكر، فإن الوحدة الاعتبارية تتحقق في المركّب الاعتباري.

(5) أي ذلك الواحد تركّب من أجزاء، والألف للإطلاق.

(6) أي الحاجة ]وهو[ مبتدأ خبره وجبا.

(7) أي بين اجزاء ذلك الواحد المركّب.

(8) أي وإن لم يكن فقر بين الأجزاء.

(9) أي من الاجزاء.

(10) أي لها تشخّص.

كما في الحجر الموضوع(11) بجنب الإنسان. وهذه إحدى(12) المسائل التي لم يبرهنوا عليها(13) لكونها ضـرورية(14).

ثمّ لما ذكرنا وجوب الحاجة في الواحد الحقيقي أردنا أن
نبين علامة الوحدة الحقيقية فقلنا: (لوحدة حقيقة معيار(15))

 

(11) فإنه حيث لا حاجة بينها، لا تلتئم منها حقيقة واحدة، لها وحدة حقيقية.

(12) أي وكون المركّب الحقيقي لابدّ من الحاجة بين أجزائه، ]هي[ أحدى
المسائل([698]).

(13) نظير كون الوجود خيراً محضاً، والعدم شـراً محضاً، فإنها أيضاً لم يبرهنوا عليها، وكذا مثل مسألة أن بين المستفيد والمفيد لابدّ من المناسبة، فإنها أيضاً لم يبرهنوا عليها، كصاحب الشوارق في المقدّمة عند الكلام في الصلاة.

(14) ومما يدلك على كونه من البديهيات التي لا تحتاج إلى برهان، أنه إذا لم يكن بين أجزاء المركّب الحقيقي حاجة، لم يكن بينها ارتباط، وإذا لم يكن بينها ربط فلا تحصل الوحدة الحقيقية، ولا يترتب على المجموع اثر وراء أثر الأجزاء، كما سيجيء إن شاء الله. والضـرورية يستحيل البرهان عليها؛ لأن البرهان ما يحصل الأمر المجهول، وهي ليست من الأمور المجهولة حتّى يحصّلها البرهان، فلو أقيم عليها البرهان يلزم تحصيل الحاصل([699]).

(15) أي ميزان.

هو (أن)(16).بفتح الهمزة(17) (كان في موصوفها) أي موصوف الوحدة(18) (آثار سوى الذي الأجزا عري(19)) أي عري الأجزاء (من أثر) بيان للموصول(20) (كأثر الياقوت(21)) كالتفريح(22) مثلاً فإنه أثر خامس سوى أثر كل واحد من عناصـره(23) وسوى الآثار الأربعة التي لمجموع العناصـر(24) (لا كالعسكر(25)) إذ ليس أثر العسكر إلا مجموع آثار آحاده.

(16) أي ذلك المعيار أن..الخ، وحاصله: أن علامة الوحدة الحقيقية ومعيارها أن يكون للمتصف بالوحدة أثر، لم يكن هو أثر احد الأجزاء، ولا مجموع آثار الأجزاء.

(17) مصدرية، والمعنى معيار، وهو كون في موصوفها...الخ.

(18) الحقيقية يعني المركّب الحقيقي.

(19) أي سوى الأثر الذي عرض على الأجزاء، فعرى بمعنى عرض.

(20) وهو الذي.

(21) فإنه علامة للوحدة الحقيقية؛ لأنه أثر، لم يكن أثر لاحد أجزائه.

(22) ونفي الفقر.

(23) أي من عناصر الياقوت، وأجزائه المركّب منها من التراب والماء والهواء والنار.

(24) أي وليس التفريح هو مجموع آثار أجزاء الياقوت وعناصـره، كما في رفع الحجر الكبير بالنسبة إلى عشـرة رجال، فإنه هو مجموع آثار الأجزاء، وهم الرجال، فلا يكون علامة للوحدة الحقيقية.

(25) هذا عطف على ما في النظم من قوله (كأثر الياقوت) أي لا كأثر العسكر، فإن أثرهم من هزم العدو هو مجموع آثار رجالهم، فلا يكون علامة للوحدة الحقيقية مثل هذا الأثر.


 

 [37]

غرر في أن التركيب بين المادة والصورة
اتحادي أو انضمامي

إنَّ بقَوْلِ السَّيّدِ السّنادِ
يُنْظَرُ في الحُكْمِ بِتَعْدادٍ إلى
إذ صُوْرَةٌ بَعْدَ العَراءِ باقِيَـةْ
لكِنَّ قَوْلَ الحُكَما العِظَامِ    
   

 

تَرْكِيْبَ عَيْنِيَّةٍ اتِّحـادِيْ
أنّ انْفِكاكاً بَينها قَدْ حَصَـلا
وَكان قَبْلَها الهَيُوْلى الثانِيَةْ
مِنْ قَبْلِهِ التركيبُ الاِنْضِمامِـيْ

 


 

 [37]

غرر في أن التركيب بين المادة والصورة(1) اتحادي(2) أو انضمامي(3)

(إن بقول السيـد السنـاد(4)) أي القوي وهو صدر الدين الشيرازي(5) المشهور بالسيد السّند، وقدّ تبعه في ذلك صدر المتألهين  قدس سره  (تركيب)
أجزاء (عينية(6) اتحادي(7) ينظر في الحكم(8) بتعداد) حيث يحكم على

 

(1) أي الجنس والفصل المأخوذين بشـرط لا، أعني الأجزاء الخارجية للجسم.

(2) وهو عبارة عن أن يصير شـيء عين شـيء آخر، ويتحدا في الوجود، ولا تمايز بينهما في الخارج، ويشار لهما بإشارة واحدة في الخارج، تكون لها ذات واحدة في الخارج، ومعنى التركيب فيه([700]): هو أن العقل يجزِّؤه إلى مادة وصورة مثلاً، وإلا في الخارج وجود واحد له ذات واحدة، يشار إليه بإشارة واحدة.

(3) التركيب الانضمامي([701]) عبارة عن أن ينضم شـيء الى شـيء آخر، ويكون لكل واحد منهما وجود غير وجود الآخر، وذات غير ذات الآخر، ويشار لكل واحد منهما في الخارج، لا أنهما موجودان بوجود واحد، ولها ذات واحدة ويشار إليها بإشارة واحدة في الخارج لا بإشارة متعددة.

(4) صفة للسيد أي السيد القوي.

(5) ويكون من اجداد سيد علي خان صاحب أنوار الربيع([702]).

(6) أي تركيب الأجزاء الخارجية، يعني المادة والصورة؛ لأنها هي المسمّاة بالأجزاء العينية، أي الخارجية.

(7) خبر تركيب.

(8) هذا دفع ما يورد على التركيب الاتحادي([703])، وحاصل الايراد: أن التركيب
 

المادة بأنها محلّ، وعلى الصورة بأنها حالّة، وعلى الجسم أنه مركّب خارجي(9)

الاتحادي عبارة عن أن يتحدا في الوجود، وذاتهما في الخارج واحدة، ومقتضـى هذا أن لا يكون هناك تعدد في اجزائه، لاتحادها في الوجود، فلا معنى لقولهم أن المادة محل الصورة وغير ذلك، فما يذكر على التعدد ايضاً يلزم أن لا يكون فرق بين المركّب – على تقدير أن يكون التركيب أتحادي - وبين البسائط الخارجية؛ لأن البسائط أيضاً لها وجود واحد في الخارج، وذات واحدة، وجنس وفصل في الذهن.

فأجاب بما حاصله: أن ذات المادة الصورة، لما كانت تنفك عن الصورة؛ لأن ذات المادة التي تكون لصورة الجنين، تكون مفارقة لصورة الجنين في النطفة، وإن كان حال كونها في النطفة ليست مادة الجنين؛ لأن مادة الشـيء لا تنفك عن صورته، نعم هي ذات مادة الجنين، وكذا الصورة عن المادة، كما في الإنسان إذا مات، فإنه تنخلع عنه الصورة الإنسانية، ويتلبس بالصورة الجمادية، وكذا على رأي صدر المتألهين([704]) ومن تبعه، من أن الصورة في العالم الأخروي تكون مجردة عن المادة، فلما كانت الصورة تفارق المادة، حصل التعدد في العقل، واعتبر العقل كل منها على حدة في مقام التحليل، وحصل الفرق بينها وبين البسائط، فإنه ليس لها مادة تفارق الصورة، بل هي على هذه الحال حتّى في العالم الأخروي.

(9) فهذه الاحكام تقتضـي أن لا يكون مركّباً اتحادياً؛ لأنه على التركيب الاتحادي
 

فالعذر من هذا وأمثاله(10) أنه بالنظر (إلى أن انفكاكا بينها) أي بين
العينية(11) (قد حصلا إذ صورة بعد العراء) أي بعد التجرد عن
الهيولى في عالم المثال (باقية(12)) بلا محل(13) (وكان قبلها)
أي وجد قبل الصورة(14) المعينة(15) (الهيولى الثانية(16))

 

لا تركيب في الخارج، إذ في الخارج ليس إلا وجود واحد، وذات واحدة، فلا شـيء في الخارج محل لشـيء آخر.

(10) من الاحكام، حيث مثل ما يقال المادة ملازمة للصورة، والصورة علّة لها، فإن هذه الاحكام تنافي التركيب الاتحادي، وكونهما متحدين في الخارج.

(11) أي بين الأجزاء العينية، أعني الاجزاء الخارجية، وهي الصورة والمادة.

(12) على رأي بعض المحققين كصدر المتألهين([705]).

(13) أي بلا هيولى تحل فيها تلك الصورة.

(14) كما أن هيولى صورة الجنين موجودة في النطفة، لا أنها مكتسبة لصورة النطفة.

(15) أي الخارجية.

(16) قد تقدّم أن الهيولى الأولى هي القوّة المحضة، بحيث لا فرق بينها وبين العدم إلا بالاستعداد للوجود، وهـي هيولى العناصـر الأربعة والهيولى الثانية([706])، وهي الجسم القابل للصورة، ومن المعلوم أن الهيولى الثانية تفارق بعض الصور حال كونها مكتسبة لصورة غيرها، كالهيولى الموجودة في النطفة، فإنها مفارقة لصورة الجنين حال اكتسائها بصورة النطفة، وكذا الهيولى الأولى مفارقة لصورة الجنين حال كونها مكتسبة لصورة أحد العناصـر، أو لصورة النطفة مثلاً، وحينئذٍ فتخصيصه الكلام بالهيولى الثانية لا وجه له، إلا اللهم أن يكون ذكرها من قبيل التمثيل، وإنما مثّل بها بالخصوص لأجل القافية، أو لكون الكساء والعراء عن الصورة فيها ظاهر كما قيل، وهو حسن.

والأولى أن يقول ذات الهيولى الثانية؛ لأن هيولى الشـيء لا تكون مفارقة لصورته

مكتسية لصورة أخرى(17) وإلا ففي حال المصاحبة(18) هما متحدتان(19).

(لكن قول الحكما العظام) الذين كانوا (من قبله) أي من قبل السيد هو (التركيب الانضمامي). وهو المناسب لمقام التّعليم والتعلّم(20).

ابداً، نعم ذات هيولاه تكون مفارقة لصورته عندما تكتسـي صورة أخرى.

(17) كذلك القول بالعكس، فإن هيولى النطفة تكون مفارقة لصورتها حال اكتسائها بصورة الإنسان.

(18) أي وإن لم ينظر إلى الانفكاك بين الصورة والمادة، فهما متحدان وشـيء واحد، ولا معنى للحكم على المادة بأنها محل للصورة، وغير ذلك من الاحكام الناظرة إلى أنهما شيئان لا شـيء واحد، فلا بد أن تكون تلك الاحكام ناظرة إلى الانفكاك بينهما، وإلا فتلك الاحكام لا تلتئم مع التركيب الاتحادي. وقوله (حال المصاحبة) أي مصاحبة الصورة إلى الهيولى.

(19) على القول بالتركيب الاتحادي.

(20) لأنه هو الصحيح، والمذهب الصحيح هو الذي ينبغي تعليمه وتعلّمه([707]) دون المذهب الباطل، فهذه العبارة كفاية عن كون التركيب الانضمامي هو الصحيح، ولذا قال في الحاشية([708]) عليها أنها اشارة إلى أن التركيب الانضمامي هو المرضـي.

وقد استدل على كونه هو المرضـي بوجوه، نذكر المهم:

منها: أن حيثية القوّة تنافي حيثية الفعل، والهيولى ما به قوّة الشـيء، والصورة ما به فعلية الشـيء، فالهيولى حيثيتها حيثية القوّة، والصورة حيثيتها حيثية الفعلية كما سيجيء إن شاء الله ذلك.

ومن المعلوم أن بين القوة والفعل تقابل العدم والملكة؛ لأن القوّة هي عدم الفعلية عما من شأنه أن يتصف بها، وإذا كان الأمر كذلك فلو أتحدت الصورة والمادة، ووجدا بوجود واحد، وبشـيء واحد خارجي كما [هو] مبنى التركيب الاتحادي، لزم أن تجتمع الحيثيتان في شـيء واحد، فيلزم اجتماع المتقابلين في أمر واحد خارجي، وأما على التركيب الانضمامي فلا يتوجه هذا الايراد؛ لأن كلاً منها موجود بوجود على حدة، وهما شيئان، وهذا الدليل ذكره الشيخ إسماعيل في حاشية الشوارق([709])، وتبعه المصنف فذكره في الحاشية.

ومنها: أن الاتحاد أن يكون بين المتحصّل واللامتحصّل، كالجنس والفصل والماهية والوجود، والهيولى موجودة عند المحققين، والصورة موجودة عندهم، فهما متحصّلان، فكيف يتحدان ويكونان شـيئاً واحداً، وغير ذلك من الأدلة التي ذكرها صدر المتألهين([710]) وأجاب عنها، وأما هذان الدليلان فلم يتعرض لهما.

والجواب عن الأول: أنه قد تقدّم سابقاً أن العدم المقابل للوجود هو العدم البديل، والهيولى عند وجود الصورة تكمل قوته، فتكون فعلية محضة، والهيولى ليس لها قوّة بالنسبة إلى الصورة المكتسبة بها؛ لأنه لم يكن لها استعداد بالنسبة إلى تلك الصورة، إذ تلك الصورة صارت موجودة فيها، بل إنما لها قوّة بالنسبة إلى الصور الأخرى، وقوّتها بالنسبة إلى الصورة المكتسبة بها ذهبت ولم تبقَ، والبرهان الذي سيجيء في الطبيعيات لا يثبت أكثر من أن الهيولى لها قوّة بالنسبة إلى الصور الأخرى، غير الصورة المكتسبة بها، ومن المعلوم أن هذه القوّة لا تقابل بينها وبين الفعلية الموجودة فيها؛ لأن هذه القوة بالنسبة إلى فعليات غير هذه الفعلية، فهي ليست عدم بديل لهذه الفعلية حتّى لا تجتمع معها في الوجوه، ولا تتحد معها في التحقق.

فتلخص: أن الصورة والهيولى ماهيتين، وجدا بوجود واحد، ولا تقابل بينهما كتقابل ماهية العمى وماهية البصـر، حتّى لا يمكن وجودهما بوجود واحد.

والجواب عن الثاني: أن قول الحكماء أن الهيولى موجودة والصورة موجودة، أن ارادوا بذلك أن كلاً منهما موجود بوجود على حدة، بحيث يكونان متحصّلين، فلا نسلم ذلك. وإن كان مرادهم كونهما موجودين بوجود واحد،، وأن الهيولى موجودة بالعرض والصورة موجودة بالذات، فهو صحيح.

وأعلم أن الحق مع السيد السند، من أن تركيب الجسم من الهيولى والصورة اتحادي لا انضمامي لوجوه:

منها: أنا قد ذكرنا أن كل مركّب حقيقي لابد فيه من الوحدة الحقيقية، والوحدة الحقيقية لا تكون إلا مع وحدة الوجود؛ لأنها عبارة عن التشخّص، والتشخّص هو عين أن يكون هناك وجود واحد كما سيجيء ذلك، ومن هذا الدليل يظهر أن كل مركّب حقيقي لابد وأن يكون التركيب فيه أتحادي، من جهة أنه لابد في التركيب الحقيقي من الوحدة الحقيقية، ومعها لابد وأن يكون الوجود واحداً.

ومنها: أنه قد تقدّم أن الفرق بين المادة والجنس بالاعتبار، ومتحدان ذاتاً، وكذا الحال في الصورة والفعل، وقدّ تقدّم أن الجنس والفصل متحدان في الوجود في الخارج، بل قلتم أن المذهب الحق أن الوجود هو الموجود، والجنس والفصل ماهيتان منتزعتان من ذلك الوجود، فإذا كان الأمر كذلك في الجنس والفصل، فالمادة والصورة لابد أن يكونا ماهيتين منتزعتين من وجود واحد، لأنهما عين الجنس والفصل، وإنما يختلفان بالاعتبار، والاعتبار لا يغير شيئاً من الواقع.

ومنها: أن الجنس والفصل إنما يصح حمله لأجل أتحادها في الوجود خارجاً، فلو كانت الهيولى والصورة غير متحدين خارجاً، لما صحّ الحمل؛ لأنه لم يكن حينئذٍ الجنس والفصل متحدين خارجاً.

 

 

الفهارس الفنية

اولا: فهرس الآيات.

ثانيا: فهرس الأعلام.

ثالثا: فهرس المؤلفات.

رابعا: فهرس المصادر والمراجع.

خامساً: محتويات الكتاب.



 

فهرس الآيات

الآية

السورة: رقم الآية

الصفحة

[قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ]

الإِخلاص: 1

63

[فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ]

البقرة: 115

64

[وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ]

القمـر: 50

64

[سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ...]

فصلت: 53

74

[وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ]

الأَنعام: 59

76

[اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ]

النور: 35

112

[هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ]

الحديد: 3

112

[إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا]

يوسف: 36

233

[وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ]

النساء: 2

233

[كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ]

الرحمن: 29

241

[عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ]

الواقعة: 61

253

[قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي]

الإسـراء: 85

272

[ قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ]

الإسـراء: 84

310

[فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ]

المعارج: 4

437

[وَهُوَ الذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ]

هود: 7

438

[وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ]

إِبراهيم: 5

440

[وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ]

الروم: 22

451

[يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ]

الروم: 19

451

[وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ]

القارعة: 10

526

 




 

فهرس الاعلام

 

ابن سينا: 38، 73، 179، 242، 252، 336، 428، 453، 553، 562

ابن كمونة: 122

ابو الحسن الاشعري: 77، 90، 367، 435، 463، 467، 477، 505، 506

ابو نصر الفارابي: 103

الاسكندر الافروديسـي: 180

بهمنيار: 90، 246

الدواني: 58، 126، 154، 158، 159، 178، 351

سعد الدين التفتازاني: 243

الشـريف الجرجاني: 575، 601

شهاب الدين السهروردي: 47، 55، 290، 291، 292، 293، 351

صدر الدين الشيرازي: 19، 57، 107، 122، 126، 161، 162، 165، 171، 173، 178، 179، 180، 182، 183، 252، 309، 323، 402، 465، 475، 507، 519، 577، 581، 615، 616، 617، 619

الطوسـي: 197، 238، 271، 360

عبد الرزاق اللاهيجي: 19، 48، 93، 138، 141، 152، 291، 292، 293، 294، 295، 323، 324، 382، 408، 476، 536، 610

عضد الدين الايجي:93،243،329

فخر الدين الرازي: 83، 242، 368، 575

فرفوريوس: 180، 181

القوشجي: 146، 148، 149، 197، 324

محمد باقر الداماد: 154، 279، 294، 295، 297، 298، 323، 410، 428، 429، 435، 453، 476

 

 


 

فهرس المؤلفات

 

القرآن المجيد: 75

أسـرار الحكم: 93

الأسفار الاربعة: 93، 108، 126، 153، 162، 169، 183، 298، 323، 410، 411، 412، 497، 517

الأفق المبين: 323، 410

الايساغوجي: 344

الحاشية على الاسفار: 153

الحاشية على الهيات الشفاء: 63، 506، 573

الحاشية على تهذيب المنطق: 38، 366

تعليقة على شرح المنظومة: 41، 118، 126، 145،  148، 150، 152، 155، 156، 158، 174، 185، 187، 193، 194، 208، 219، 225، 232، 253، 255، 280، 290، 295، 296، 297، 300، 304، 308، 327، 344، 395، 426، 430، 466، 472، 481، 499، 519، 585، 595، 618، 619

شـرح التجريد: 58، 271

شـرح الرسالة الشمسية: 553

شـرح المقاصد: 141، 601

شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام: 94، 122، 141، 151، 172، 294، 435، 476، 537، 619

فصوص الحكم: 103

المنطق: 262، 366، 518

النجاة: 38

نهج الصواب في حل مشكلات الاعراب: 289


 

فهرس المصادر والمراجع

القرآن الكريم.

نهج البلاغة.

أثر فرفريوس الصوري، الدكتور محمد جلوب الفرحان، مجلة دراسات الاجيال، (1986م).

ارسطو عند العرب، عبد الرحمن بدوي، دار القلم، بيروت، (1978م).

أسـرار الآيات، صدر الدين الشيرازي، تحقيق محمد خواجوي، وزارت فرهنك آموزش، ايران، (1402هـ).

إشراق هياكل النور، غيّاث الدين دشتكي الشيرازي، تحقيق علي اوجبي، ميراث مكتوب، ايران، (1382هـ).‏

اصول الكافي، الشيخ محمد بن يعقوب الكليني، تحقيق علي اكبر الغفاري، دار الكتب الاسلامية، ايران، (1388هـ).

اعيان الشيعة، محسن الامين، تحقيق حسن الامين، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، (1403هـ).

انوار الحكمة، الفيض الكاشاني، منشورات بيدار، قم، (1425هـ).

إنباه الرواة على أنباه النحاة، علي بن يوسف القفطي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الفكر العربي، القاهرة، (1406هـ).

أنوار الحقيقة وأطوار الطريقة وأسرار الشـريعة، السيد حيدر آملي، تحقيق السيد محسن الموسوي، مطبعة الاسوة، قم، (1382هـ).

ايقاظ النائمين، صدر الدين الشيرازي، تحقيق محسن مؤيدي، مؤسسة مطالعات وتحقيقات، طهران، (1361هـ).

بحار الانوار، محمد باقر المجلـسـي، دار احياء الكتب الاسلامية، طهران، (1388هـ).

البحر المديد، احمد بن عجيبة، تحقيق احمد القريشي،
القاهرة، (1419هـ).

بد العارف، عبد الحق بن إبراهيم بن محمد (ابن سبعين)، تصحيح جورج كتورة، دار الاندلس، بيروت، (1987م).

بداية الحكمة، السيد محمد حسين الطباطبائي، تحقيق عباس الزارعي السبزواري، مؤسسة النشـر الاسلامي، قم، (1422هـ).

بداية الوصول في شرح كفاية الاصول، محمد طاهر ال الشيخ راضـي، تصحيح السيد محمد البكاء، مطبعة ستارة، قم، (2004م).

البراهين القاطعة في شرح تجريد العقائد الساطعة، محمد بن جعفر الاسترابادي، مكتب الاعلام الاسلامي، قم، (1424هـ).

البصائر النصيرية في علم المنطق، عمر بن سهلان السـاوي، تعليق الشيخ محمد عبدة، تحقيق حسن المراغي، القاهرة، (1989م).

التبصير في الدين، الاسفرائيني، تعليق محمد زاهد كوثري، المكتبة الازهرية للتراث، القاهرة.

تحرير القواعد المنطقية في شرح الرسالة الشمسية، قطب الدين الرازي، دار الكتب العلمية، بيروت، (2014م).

التحصيل، بهمنيار، تحقيق مرتضـى مطهري، دانشكاه الهيات ومعارف اسلامي، طهران، (1349هـ).

تجريد الاعتقاد، نصير الدين الطوسي، تحقيق محمد جواد الحسيني الجلالي، دفتر تبليغات حوزة علمية، قم، (1407هـ).

تسع رسائل في الحكمة والطبيعيات، ابن سينا، دار العرب، مصـر.

تعليقة الاشتياني على شرح المنظومة، الميرزا مهدي المدرّس الاشتياني، مؤسسة التاريخ العربي، لبنان، (2012م).

التعليقات على شـرح الدواني العقائد العضدية، السيد جمال الدين الأفغاني - الشيخ محمد عبدة، تقديم السيد هادي خسـروشاهي، مكتبة الشـروق الدولية، لبنان، (2002م).

التعليقات، ابو نصـر الفارابي، تحقيق جعفر ال ياسين، دار المناهل، بيروت، (1988م).

التعليقات، الشيخ الرئيس، ابن سينا، تصحيح عبد الرحمن بدوي، مكتب الاعلام الاسلامي في الحوزة العلمية، قم.

التعليقات على شـرح العقائد العضدية، جلال الدين الدواني، تقديم السيد هادي خسـروشاهي، تحقيق الدكتور عمارة - الشيخ محمد عبدة، لبنان، (1423هـ).

تعليقات على الشواهد الربوبية، الحكيم هادي السبزواري، مؤسسة التاريخ العربي، لبنان، (1948م).

التعرف لمذهب أهل التصوف، أبو بكر محمد الكلابادي، تحقيق الدكتور عبد الحليم محمود - طه عبد الباقي سرور، مطبعة السعادة، مصـر، (1960م).

تفسير بيان السعادة في مقدمات العبادة، سلطان محمد كنابادي، منشورات مؤسسة الاعلمي للمطبوعات، بيروت.

تفسير الاصفى، الفيض الكاشاني، مطبعة مكتبة الاعلام الاسلامي، قم، (1414هـ).

تفسير العياشـي، محمد بن مسعود العياشـي، تحقيق هاشم رسولي المحلاتي، المكتبة الاسلامية العلمية، طهران.

تفسير الامثل، ناصـر مكارم الشيرازي، دار احياء التراث العربي، (1426هـ).

تفسير نور الثقلين، عبد علي بن جمعة الحويزي، تصحيح هاشم الرسولي، مؤسسة اسماعليان، قم.

تقريرات بحث البروجردي للشيخ المنتظري، مطبعة القدس،
قم، (1415هـ).

تقريرات في أصول الفقه، تقرير بحث البروجردي للاشتهاردي، مؤسسة النشـر الاسلامي التابع لجماعة المدرسين، قم، (1417هـ).

التوحيد، السيد كمال الحيدري، جواد علي كسّار، دار فرقد، قم، (2002م).

التلويحات، شهاب الدين السهروردي، طبع في مجموعة مصنفات شيخ الاشـراق، انجمن اسلامي حكمت وفلسفة ايران، طهران.

تلخيص المحصّل، نصير الدين الطوسـي، تحقيق عبد الله نوراني، جامعة طهران، طهران، (1359هـ).

تمهيد القواعد، صائن الدين علي بن تركة، تحقيق السيد جلال الدين الآشتياني‏، انجمن اسلامي، طهران، (1358هـ).

التوحيد، الشيخ الصدوق، مؤسسة النشـر الاسلامي، قم، (1398هـ).

توضيح المراد، السيد هاشم الحسيني الطهراني، منشورات المفيد، طهران، (1407هـ).

ثلاث رسائل، جلال الدين الدواني، تحقيق السيد احمد تويسـركاني، استان قدس رضوي، مشهد، (1411هـ).

جامع الاسرار ومنبع الانوار، السيد حيدر الآملي، تحقيق هنري كربان ، عثمان يحيى، مركز النشـريات العلمية والثقافية، طهران، (1409هـ).

جامع الافكار وناقد الانظار، محمد مهدي النراقي، منشورات الحكمة، طهران، (1423هـ).

الجمع بين رأي الحكيمين، ابو نصـر الفارابي، تحقيق البير نصـري نادر، مطبعة الزهراء، قم، (1405هـ).

جوامع الكلم، الشيخ احمد الاحسائي، مطبعة الغدير، البصرة، (1430هـ).

الجوهر النضيد في شـرح منطق التجـريد، العلامة الطوسي، منشورات بيدار، قم.

جواهر النصوص في شرح الفصوص، عبد الغني النابلسـي، تحقيق عاصم ابراهيم الكيالي، دار 53 - الكتب العلمية، بيروت، (1429هـ).

الحاشية على تهذيب المنطق، عبد الله بن شهاب الدين اليزدي، مؤسسة النشـر الاسلامي، قم.

الحاشية على الهيات الشفاء، صدر الدين الشيرازي، منشورات بيدار، قم.

الحاشية على الهيات الشفاء، حسين الخوانساري، تحقيق احمد عابدي، بوستان كتاب، (1387هـ).

الحاشية على حاشية الخفري على شرح التجريد، آغا جمال الخوانساري- المحقق السبزواري، تصحيح رضا أستادي، مؤتمر المحقق الخوانساري، قم، (1420هـ).

حاشية الدواني على شـرح القوشجي على التجريد، مخطوط.

الاحتجاج، احمد بن علي بن ابي طالب الطبرسـي، تحقيق السيد محمد باقر الخرسان، دار النعمان للطباعة، النجف الاشـرف، (1386هـ).

الحجج البالغة على تجرّد النفس الناطقة، الاستاذ حسن زادة آملي، بوستان كتاب، قم، (1381هـ).

حدوث العالم، ابن الغيلان، مؤسسة الدراسات الاسلامية، قم.

الحدائق الناضـرة، الشيخ يوسف البحراني، تحقيق الشيخ محمد تقي الايرواني، دار الاضواء، بيروت، (1985م).

الحديقة الوردية (الاربعينيات لكشف أنوار القدسيات)، القاضي سعيد القمي، تحقيق نجف قلي حبيبي، التراث المكتوب، طهران، (1423هـ).

حكمة الاشـراق، شهاب الدين السهروردي، مؤسسة الابحاث والدراسات الثقافية، طهران.

حِكَم الفصوص وحِكَم الفتوحات المسمّى مجمع البحرين في شـرح الفصّين، ناصر بن الحسن الحسيني الكيلاني، تحقيق احمد فريد المزيدي، دار الآفاق، القاهرة، (1428هـ).

حوار بين الالهيين والماديين، الشيخ محمد الصادقي، دار المرتضـى، بيروت، (1407هـ).

حوار بين الفلاسفة والمتكلمين، الدكتور حسام محي الدين الآلوسـي، مطبعة الزهراء، بغداد، (1967م).

خزانة الادب ولب اللباب لسان العرب، عمـر البغدادي، تحقيق عبد السلام محمد هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، (1997م).

الخصال، الشيخ الصدوق، تحقيق علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشـر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم، (1403هـ).

درر الفوائد، الشيخ محمد تقي الآملي، مؤسسة دار التفسير، قم، (1416هـ).

الدرة الفاخرة في تحقيق مذهب الصوفية والمتكلمين والحكماء المتقدمين، نور الدين عبد الرحمن الجامي، تحقيق نيكولاهير- علي الموسوي البهبهاني، مؤسسة الدراسات الاسلامية، طهران، (1399هـ).

ديوان ابن فارض‏، ابن الفارض‏، تحقيق مهدي محمد ناصـر الدين، دار الكتب العلمية، بيروت، (1410هـ).

ديوان الجامي، عبد الرحمن الجامي، مخطوط.

ذروة من حياة الشيخ علي كاشف الغطاء، العلامة السيد عبد الستار الحسني، مؤسسة كاشف الغطاء، النجف الاشرف، (1418هـ).

الذريعة الى تصانيف الشيعة، اغا بزرك الطهراني، دار الاضواء، لبنان، (1403هـ).

رسائل ابن سبعين، عبد الحق بن إبراهيم بن محمد(ابن سبعين)، تحقيق أحمد فريد المزيدي، دار الكتب العلمية، بيروت، (1428هـ).

رسائل شيخ الإشـراق، شهاب الدين السهروردي، تحقيق وتصحيح هنري كربن - السيد حسين نصر- نجف قلي حبيبي‏، مؤسسة الابحاث والدراسات الثقافية، طهران، (1417هـ).

رسائل الشجرة الالهية في علوم الحقائق الربانية، شمس الدين الشهرزوري، تحقيق نجف قلي حبيبي، مؤسسة بزوهشي، طهران، (1383هـ).

رسالة التصور والتصديق، نصير الدين الطوسـي- صدر الدين محمد الشيرازي، شرح العلامة الحلي، بأشراف محسن بيدارفر، منشورات بيدار، قم.

رسالة العشق، ابن سينا، تحقيق حسين الصديق، دار الفكر، بيروت، (2005م).

رسالة في الحدوث، صدر الدين الشيرازي، بنياد حكمت اسلامي صدرا، طهران، (1378هـ).

الرسالة النيروزية، الشيخ الرئيس، طبعت ضمن رسائل ابن سينا، مطبعة بيدار، قم، (1400هـ).

رشحات البحار، محمد علي شاه آبادي، معهد الثقافة والفكر، طهران، (1428هـ).

رشحات عين الحياة، حسين بن علي الكاشفي، تحقيق عاصم ابراهيم الكيالي، دار الكتب العلمية، بيروت، (2008هـ).

زاد المسافر، صدر الدين الشيرازي، شرحه وعلّق عليه الاستاذ السيد جلال الدين آشتياني، مكتب الاعلام الاسلامي، قم.

الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، مكتبة المصطفوي، قم، (1378هـ).

شـرح ابن عقيل، بهاء الدين عبد الله بن عقيل العقيلي الهمداني، معه كتاب منحة الجليل، بتحقيق شـرح ابن عقيل- تأليف- محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة التجارية الكبرى، مصر، (1964م).

شـرح أسماء الله الحسنى‏، أبو القاسم عبد الكريم القشيري‏، تحقيق عبد الرؤوف سعيد - سعد حسن محمد علي‏، دار الحرم للتراث، القاهرة، (1422هـ).

شرح اصول الكافي، محمد صالح المازندراني، تحقيق وتعليق الميرزا ابو الحسن الشعراني، تصحيح علي اكبر غفاري، دار الكتب الإسلامية، طهران، (1388هـ).

شرح اصول الكافي، صدر الدين الشيرازي، مؤسسة الدراسات والابحاث الثقافية، طهران، (1408هـ).

شـرح الالهيات من كتاب الشفاء، محمد مهدي النراقي، تحقيق حامد ناجي اصفهاني، الناشـر كنگره بزرگداشت محققان نراقى، قم، (1380هـ).

شـرح التجريد، علاء الدين القوشجي، منشورات بيدار، قم.

شـرح حكمة العين، محمد بن مبارك البخاري (ميرك البخاري)، طبعة حجرية.

شـرح حكمة الاشـراق، قطب الدين الشيرازي، تحقيق عبد الله نوراني، مهدي محقق، انجمن اثار ومفاخر فرهنكي، طهران، (1383هـ).

شـرح رسالة المشاعر، جعفر اللاهيجي، تحقيق جلال الدين آشتياني، بوستان كتاب، قم، (1386هـ).

شـرح الاسماء الحسنى، صدر الدين القونوي، تحقيق قاسم الطهراني، دار ومكتبة الهلال، بيروت، (2008هـ).

شرح الاسماء الحسنى، الحكيم هادي السبزواري، منشورات جامعة طهران، (1414هـ).

شـرح الاشارات والتنبيهات، المحقق الطوسـي، تحقيق حسن زادة آملي، بوستان كتاب، قم، (1383هـ).

شـرح الاشارات والتنبيهات مع المحاكمات، قطب الدين الرازي، مع حاشية الباغنوي، تصحيح مجيد هادي زادة، ميراث مكتوب، قم، (1381هـ).

شـرح الاشارات والتنبيهات (لباب الاشارات)، فخر الدين الرازي، تحقيق احمد حجازي، مطبعة نفرتيتي، مصـر، (1986م).

شرح شافية ابن الحاجب، رضي الدين الاسترابادي، تحقيق محمد نور الحسن – محمد الزفراف – محمد محي عبد الحميد، دار الكتب العلمية، لبنان، (1975م).

شـرح العرشية، الشيخ احمد الاحسائي، طبعت مع موسوعة جوامع الكلم، مطبعة الغدير، البصرة، (1430هـ).

شـرح عيون الحكمة، الفخر الرازي، مؤسسة الامام الصادق  عليه السلام  ، طهران، (1415هـ).

شـرح فصوص الحِكَم للقيصـري، داود القيصـري، تحقيق السيد جلال الدين آشتياني، الشـركة العلمية والثقافية للنشر، طهران، (1375هـ).

شرح فصوص الحِكَم، صائن الدين تركة، تحقيق محسن بيدارفر، منشورات بيدار، قم، (1428هـ).

شـرح فصوص الحِكَم، خواجه محمد پارسا، تصحيح دكتر جليل مسگرنژا، مركز نشـر دانشكاهي، قم، (1366هـ).

شرح القيصـري على تائية ابن الفارض الكبرى‏، داود القيصـري، تحقيق أحمد فريد المزيدي، دار الكتب العلمية، بيروت، (1425هـ).

شـرح القبسات، السيد احمد بن زين العابدين العلوي، تحقيق حامد ناجي اصفهاني، تقديم مهدي محقق، ميراث مكتوب، قم، (1376هـ).

شـرح القوشجي على التجريد، علاء الدين بن علي القوشجي، مطبعة الرضـي وبيدار، قم.

شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، تحقيق الشيخ علي اكبر اسد زاده، مؤسسة الامام الصادق  عليه السلام  ، قم، (1390هـ).

شـرح مطالع الانوار، قطب الدين الرازي، قم، الطبعة الحجرية.

شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، تحقيق مسعود طالبي، مطبعة امير، قم، (1992م).

شـرح المنظومة، الحكيم الهيدجي، مؤسسة الاعلمي للمطبوعات، بيروت، (1365هـ).

شـرح المواقف، السيد شـريف الجرجاني، حاشية السيالكوتي، القاهرة، (1370هـ).

شـرح المقاصد، سعد الدين التفتازاني، تحقيق الدكتور عبد الرحمن عميرة، عالم الكتب، بيروت، (1989م).

شـرح نبراس الهدى، الحكيم السبزواري، تحقيق محسن بيدارفر، انتشارات بيدار، قم، (1421هـ).

شرح النجاة لابن سينا (قسم الإلهيات)، فخر الدين الأسفرايني النيشابوري، تحقيق حامد ناجي اصفهاني، اشراف مهدي محقق، انجمن اثار ومفاخر فرهنكي، قم، (1383هـ).

شـرح نهاية الحكمة، السيد كمال الحيدري، مؤسسة الامام الجواد، قم، (1436هـ).

شـرح الهداية الاثيرية، للميبدي، طهران، (1331هـ).

شـرح الهداية الأثيرية، صدر الدين الشيرازي، حجري، طهران، (1313هـ).

شواكل الحور في شـرح هياكل النور، المحقق جلال الدين الدواني، دار ومكتبة بيبلون، بيروت، (2010م).

الشواهد الربوبية، صدر الدين الشيرازي، تعليق السيد جلال الدين آشتياني، مركز انتشارات، قم، (1360هـ).

الشيخ علي كاشف الغطاء ودوره الاصلاحي والديني في العراق، صباح جابر عبد الحسين، رسالة ماجستير مقدمة الى قسم التراث في الجامعة الحرة في هولندا، (1429هـ).

سبع رسائل، المحقق الدواني – اسماعيل الخواجوئي، التراث المكتوب، طهران، (1423هـ).

سير أعلام النبلاء، محمد بن احمد الذهبي، إشـراف وتخريج شعيب الأرنؤوط، تحقيق أكرم البوشي، مؤسسة الرسالة، بيروت، (1993م).

سلّم العلوم وحاشيته المشهورة بالقاضـي مع منهياته، القاضـي محمد بن مبارك، حجري، (1306هـ).

ظاهرة العدول في شعر المتنبي، مصطفى عبد الهادي عبد الله، المجموعة العربية للتدريب والنشر، بيروت.

الاعلام، خير الدين الزركلي، دار العلم، بيروت، (1980م).

العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية، الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، تحقيق الدكتور جودت القزويني، بيسان للنشـر والتوزيع، بيروت، (1998م).

العرشية، ابن سينا، مطبعة مولى، طهران، (1361هـ).

العمل الضابط في الرابطي والرابط، الاستاذ حسن زادة آملي، انتشارات قيام، قم.

الاعمال الفلسفية، ابو نصـر الفارابي، تحقيق جعفر ال ياسين، دار المناهل، بيروت، (1992م).

عوالي اللئالي العزيزية، ابن ابي جمهور، مطبعة سيد الشهداء، قم، (1983م).

عين اليقين الملقب بالأنوار والاسرار، الفيض الكاشاني، دار الحوراء، بيروت، (1428هـ).

غاية المرام في علم الكلام، سيف الدين الآمدي، دار الكتب العلمية، بيروت، (1413هـ).

الفرق بين الفرق، عبد القاهر البغدادي، تحقيق الشيخ ابراهيم رمضان، دارالمعرفة، بيروت، (1415هـ).

فرفريوس، أ.باركر، منشور في معجم أكسفورد الكلاسيكي.

فرهنگ معارف اسلامى‏، السيد جعفر سجادي، منشورات جامعة طهران.

الافق المبين، محمد باقر الميرداماد، ميراث مكتوب، قم، (1376هـ).

الفصل في الملل والاهواء والنحل، ابن حزم الاندلسي، دار الصادر، بيروت، (1317هـ).

الفكر المنطقي الإسلامي، الدكتور محمد جلوب فرحان، منشورات مكتبة بسام، الموصل، (1988م).

الفواتح الالهية والمفاتح الغيبية، نعمة الله بن محمود النخجواني، دار الركابي، مصر، (1999م).

الفتوحات المكية، ابن عربي، تصحيح عثمان يحيى، دار احياء التراث العربي، بيروت، (1994م).

فصوص الحِكَم، ابو نصـر الفارابي، تحقيق محمد حسن ال ياسين، منشورات بيدار، قم.

القبسات، محمد باقر الداماد، تحقيق مهدي محقق، السيد علي الموسوي البهبهاني، بروفسور ايزوتسو، الدكتور ابراهيم ديباجي، دانشكاه، طهران، (1367هـ).

قصص الابرار، مرتضـى مطهري، دار المحجة البيضاء، بيروت، (2008م).

الكافي، الشيخ الكليني، منشورات الاسلامية، طهران، (1403هـ).

الكتاب التذكاري، جمع من المؤلفين، بإشراف ابراهيم بيومي مدكور، تحقيق البير نصـري نادر، دار المشرق، بيروت، (1985م).

كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، محمد علي التهانوي، مكتبة لبنان ناشرون، لبنان.

كشف ابن الرضا عن فقه الرضا، الشيخ علي كاشف الغطاء، تحقيق مصطفى ناجح الصـراف، مطبعة صبح، بيروت، (2011م).

كشف الغايات في شرح التجليات الالهية، ابن سودكين، تحقيق محمد عبد الكريم النمري، دار الكتب العلمية، بيروت، (2004م).

كشف المراد في شـرح تجريد الاعتقاد، العلامة الحلي، تحقيق الاستاذ حسن زادة آملي، جامعة المدرسين، قم، (1407هـ).

كشف الوجود الغر لمعاني نظم الدرر، عبد الرزاق الكاشاني، تحقيق احمد المزيدي، دار الكتب العلمية، بيروت، (1426هـ).

الكهف والرقيم في شـرح بسم الله الرحمن الرحيم‏، عبد الكريم الجيلي‏، تحقيق قاسم الطهراني، دار ومكتبة الهلال، بيروت، (2008م).

اللمعات المشـرقية، صدر الدين الشيرازي، مؤسسة انتشارات اكاه، ايران، (1362هـ).

لطائف الاعلام في اشارات أهل الالهام، عبد الرزاق الكاشاني، تحقيق احمد عبد الرحيم السائح- توفيق علي وهبة- عامر النجار، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، (1426هـ).

لطائف الإشارات، أبو القاسم عبد الكريم القشيري، تصحيح إبراهيم البسيوني، الهيئة المصـرية للكتاب، مصر، (1981م).‏

اللمعات العرشية، المولى مهدي النراقي، مطبعة العهد، ايران، (1423هـ).

ماضي النجف وحاضـرها، جعفر بن باقر ال محبوبة النجفي، دار الاضواء، بيروت، (1986م).

المباحث المشـرقية، فخر الدين الرازي، تحقيق محمد المعتصم، دار الكتاب العربي، بيروت، (1990م).

المبدأ والمعاد، صدر الدين الشيرازي، تحقيق الاستاذ جلال الدين آشتياني، بنياد حكمت اسلامي صدرا، طهران، (1381هـ).

المبدأ والمعاد، تحقيق عبد الله نوراني، مؤسسة مطالعات اسلامي، طهران، (1363هـ).

المثنوي المعنوي (معرب الدسوقي)، جلال الدين محمد البلخي(الرومي)، إبراهيم الدسوقي شتا، المجلس الاعلى للثقافة، القاهرة، (1416هـ).

مجموعة آثار آقا محمد رضا القمشئي حكيم صهبا، محمد رضا قمشئي‏، تحقيق حامد ناجي الأصفهاني- خليل بهرامي قصرچمي، مركز الابحاث، اصفهان، (1420هـ).

مجالس المؤمنين، السيد الشهيد نور الله المرعشي التستري، دار هشام، بيروت.

المحصّل، فخر الدين الرازي، مكتبة دار التراث، القاهرة، (1411هـ).

المحاكمات بين شرحي الاشارات، قطب الدين الرازي، مطبعة نشر البلاغة، قم.

محاضرات في الالهيات، جعفر سبحاني، تلخيص علي الرباني الگلبايگاني‏، مؤسسة الامام الصادق  عليه السلام  ، قم، (1428هـ).

المزهر، جلال الدين السيوطي، تحقيق فؤاد علي، دار الكتب العلمية، بيروت، (1418هـ).

المطارحات، شهاب الدين السهروردي، طبعت مع مصنفات شيخ الاشـراق السهروردي، مؤسسة الابحاث والدراسات الثقافية، قم.

مستدرك سفينة البحار، علي النمازي الشهروردي، مؤسسة النشـر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم، (1405هـ).

مصباح الانس بين المعقول والمشهود، محمد حمزة الفناري، تحقيق عاصم الكيالي، دار الكتب العلمية، بيروت، (2010م).

مذاهب الاسلاميين، عبد الرحمن بدوي، دار العلم للملايين، بيروت، 1971م.

المشارع والمطارحات، شهاب الدين السهروردي، تصحيح الدكتور مقصود محمدي، حق ياوران، ايران، (1385هـ).

مشارق الذراري (شرح تائية ابن الفارض)، سعيد الدين فرغاني، تحقيق وتعليق الاستاذ جلال الدين آشتياني، دانشكاه، مشهد، (1357هـ).

المشاعر، صدر الدين الشيرازي، تقديم هنري كربين، ترجمة ابتسام الحموي تعليق وتصحيح الدكتورة فاتن محمد خليل اللبون، طهران، (1363هـ).

مصباح الهداية الى الخلافة والولاية، السيد الخميني، تحقيق السيد جلال الدين آشتياني، مؤسسة تنظيم ونشر تراث السيد الخميني، طهران، (1418هـ).

مصباح الانس بين المعقول والمشهود، محمد بن حمزة (ابن الفناري)، تحقيق عاصم ابراهيم الكيالي، دار الكتب العلمية، بيروت، (2010م).

مصباح الانس بين المعقول والمشهود، محمد بن حمزة (ابن الفناري)، تعليق الاشكوري - حسن زادة آملي، مطبعة فجر، قم، (1363هـ).

مصنفات الميرداماد، محمد باقر الداماد، تحقيق هنري كربان، انجمن آثار ومفاخر فرهنكي، طهران، (1381هـ).

مطارح الانظار، الشيخ مرتضـى الانصاري، ابي القاسم النوري الطهراني، تحقيق علي الفاضلي، معهد السيد الخميني للتحقيق والدراسات، طهران، (1428هـ).

المطالب العالية من العلم الالهي، فخر الدين الرازي، تحقيق الدكتور احمد حجازي السقا، دار الكتاب العربي، بيروت، (1987م).

المعاد الجسماني، شاكر عطية الساعدي، المركز العالمي للدراسات الاسلامية، بيروت، (1425هـ).

معالم الفتن، سعيد ايوب، مجمع احياء الثقافة الاسلامية، قم، (1416هـ).

معجم مصطلحات الصوفية، عبد الرزاق الكاشاني، تحقيق الدكتور عبد العال شاهين، دار المنار، القاهرة، (1992م).

مفاتيح الغيب، صدر الدين الشيرازي، مع تعليقات المولى علي النوري، تصحيح محمد خواجوي، مؤسسة الابحاث والدراسات الثقافية، طهران، (1404هـ).

مفتاح السعادة في شـرح نهج البلاغة، محمد تقي النقوي القائيني، مكتبة المصطفوي، طهران.

مقالات الاسلاميين، ابي حسن الاشعري، فرانز شتاينر، المانيا، (1400هـ).

المكتوبات للسـرهندي، احمد الفاروقي السرهندي - محمد المراد المنزلوي، تحقيق عبد الله احدم الحنفي المصـري- علي رضا قشلي، مكتبة النيل، القاهرة.

الملل والنحل، للشهرستاني، تحقيق احمد فهمي، دار الكتب العلمية، لبنان، (1413هـ).

منتهى المدارك في شرح تائية ابن فارض، سعيد الدين الفرغاني‏، تحقيق عاصم إبراهيم الكيالي الحسيني، منشورات مكتب الاعلام الاسلامي، قم، (1421هـ).

المنطق، الشيخ محمد رضا المظفر، دار الغدير، قم، (2003م).

منطق الملخص، فخر الدين الرازي، تحقيق الدكتور احمد فرامرز، جامعة الامام الصادق، طهران، (1381هـ).

منطق الشفاء، الشيخ الرئيس، تحقيق الدكتور ابراهيم مدكور، منشورات مكتبة اية الله المرعشـي النجفي، قم، (1404هـ).

منطق المشـرقيين، الشيخ الرئيس، منشورات مكتبة اية الله المرعشـي النجفي، قم، (1405هـ).

منهاج اليراعة في شـرح نهج البلاغة، حبيب الله الهاشمي الخوئي، تحقيق السيد ابراهيم الميانجي، دار الهجرة، قم، (1360هـ).

المواقف، المحقق عضد الدين الايجي، تحقيق عبد الرحمن عميرة، دار الجيل، بيروت، (1417هـ).

موسوعة مصطلحات فخر الدين الرازي، سميح دغيم، مكتبة ناشـرون، لبنان، (2013م).

موسوعة طبقات الفقهاء، اللجنة العلمية في مؤسسة الامام الصادق  عليه السلام  ، بإشـراف الشيخ جعفر سبحاني، مطبعة اعتماد، قم، (1418هـ).

موسوعة الفلسفة، عبد الرحمن بدوي، المؤسسة العربية للدراسات والنشـر، بيروت، (1996م).

الميزان في تفسير القران، السيد محمد حسين الطباطبائي، منشورات مؤسسة الاعلمي، بيروت، (1997م).

النجاة، الشيخ الرئيس، تصحيح محمد تقي دانش، دانشكاه، ايران، (1364هـ).

نحو القلوب (القشيري)، أبو القاسم عبد الكريم القشيري‏، تحقيق أحمد علم الدين الجندي‏، الهيئة العامة المصرية للكتاب، القاهرة، (2004م).

الانسان الكامل، عبد الكريم الجيلي، تحقيق صلاح بن محمد بن عويصة، دار الكتب العلمية، بيروت، (1418هـ).

النصوص، صدر الدين القونوي، تحقيق السيد جلال الدين آشتياني، مركز النشـر الجامعي، طهران، (1413هـ).

نظرية الحركة الجوهرية عند الشيرازي، هادي العلوي، دار المدى للثقافة، بيروت، (2007م).

نظرية وحدة الوجود بين ابن عربي والجيلي، سهيلة عبد الباعث الترجمان، تحقيق حربي عباس عطيتو، مكتبة الخزعلي، بيروت، (1425هـ).

نظرية الاكمل واشكالية الشـرور، الشيخ عمار التميمي، مطبعة الثقلين، النجف الاشرف، (2012م).

النظام الفلسفي لمدرسة الحكمة المتعالية، عبد الرسول عبوديت، تعريب علي الموسوي- مراجعة خنجر حمية، مركز الحضارة لتنمية الفكر الاسلامي، بيروت، (2010م).

النظرة الدقيقة في قاعدة بسيط الحقيقة، محمود الشهابي، انجمن اسلامي حكمت وفلسفة، ايران، (1355هـ).

نظام حكمت صدرائي، تشكيك در وجود، مؤسسة آموزشـي، قم، (1382هـ).

نقد المحصل، نصير الدين الطوسـي، تصحيح عبد الله نوراني، دانشكاه، طهران، (1359هـ).

نهاية الحكمة، السيد محمد حسين الطباطبائي، تحقيق عباس الزارعي السبزواري، مؤسسة النشـر الاسلامي، قم، (1424هـ).

نهاية المرام في علم الكلام، العلامة الحلي، تحقيق فاضل العرفان، مؤسسة الامام الصادق  عليه السلام  ، قم، (1419هـ).

الالهيات، جعفر سبحاني، تحقيق حسن مكي العاملي، مؤسسة الامام الصادق  عليه السلام  ، قم، (1417هـ).

الهيات الشفاء، الشيح الرئيس ابن سينا، تحقيق ابراهيم مدكور، مكتبة المرعشي، قم، (1404هـ).

هدى الطالب الى شـرح المكاسب، جعفر الجزائري المروج، مؤسسة دار الكتاب الجزائري للطباعة، قم، (1383هـ).

هدية العارفين، اسماعيل باشا البغدادي، طبع بعناية وكالة المعارف الجليلة في مطبعتها البهية إستانبول سنة (1951م)، أعادت طبعه بالأوفسيت دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان.

وسائل الشيعة، الحر العاملي، مؤسسة ال البيت لأحياء التراث، قم، (1414هـ).

وفيات الاعيان، ابن خلكان، تحقيق احسان عباس، مطبعة رضـي، قم.

وجود العالم بعد العدم عند الامامية، السيد قاسم علي الاحمدي، منشورات وليد الكعبة، قم، (1428هـ).


 

محتويات الكتاب

مقدمة الناشر. 5

في تقريظ شرح المنظومة للعلامة السيّد عبد الستار الحسني.. 7

المقدمة. 9

المنهج المتبع في التحقيق. 13

ترجمة المصنف.. 15

ولادته 15

دراسته 16

اساتذته 17

تلامـذته 18

مؤلفـاته 18

وفاته 21

ترجمة الشارح. 23

نسبه 23

ولادته ونشأته 23

أساتذته 23

تلامذته 24

دوره الديني والعلمي. 25

إجازته في الرواية 26

آثاره العلمية 26

وفاتُهُ 28

مقدمة الشارح. 31

الفريدة الأولى/ في الوجود والعدم. 33

[1] غرر في بداهة الوجود. 35

[2] غرر في أصالة الوجود. 43

[3] غرر في اشتراك الوجود. 67

[4] غرر في زيادة الوجود على الماهية 85

[5] غرر في أن الحق تعالى إنية صرفة 101

[6] غرر في بيان الأقوال في وحدة حقيقة الوجود وكثرتها 109

[7] غرر في الوجود الذهني.. 135

[8] غرر في تعريف المعقول الثاني وبيان اصطلاحين فيه 191

[9] غرر في أن الوجود مطلق ومقيّد وكذا العدم. 201

[10] غرر في أحكام سلبية للوجود. 205

[11] غرر في أن تكثر الوجود بالماهيات وأنه مقول بالتشكيك.. 217

[12] غرر في أن المعدوم ليس بشـيء وشروع في بعض أحكام العدم والمعدوم. 223

[13] غرر في عدم التمايز والعلية في الاعدام. 235

[14] غرر في أن المعدوم لا يعاد بعينه 239

[15] غرر في دفع شبهة المعدوم المطلق. 257

[16] غرر في بيان مناط الصدق في القضية 265

[17] غرر في الجعـل. 283

الفريدة الثانية/ في الوجوب والإمكان. 315

[18] غرر في المواد الثلاث.. 317

[19] غرر في أنها اعتبارية 331

[20] غرر في بيان أقسام كل واحد من المواد الثلاث.. 341

[21] غرر في أبحاث متعلقة بالإمكان بعضها بأصل الموضوع وبعضها باللواحق. 353

[22] غرر في بعض أحكام الوجوب الغيري. 390

[23] غرر في الإمكان الاستعدادي. 406

الفريدة الثالثة/ في القدم والحدوث.. 420

[24] غرر في تعريفهما وتقسيمهما في القدم والحدوث.. 422

[25] غرر في ذكر الأقوال في مرجح  حدوث العالم فيما لا يزال. 464

[26] غرر في أقسام السبق وهي ثمانية 470

[27] غرر في بعض أحكام الأقسام. 480

[28] غرر في تعيين ما فيه التقدم في كل واحد منها [السبق‏] 484

الفريدة الرابعة/ في الفعل والقوة 494

[29] غرر في أقسامهما 498

الفريدة الخامسة/ في الماهية ولواحقها 511

[30] غرر في تعريفها وبعض أحكامها 513

[31] غرر في اعتبارات الماهية 543

[32] غرر في بعض أحكام أجزاء الماهية 569

[33] غرر في أن حقيقة النوع فصله الأخير. 581

[34] غرر في ذكر الأقوال في كيفية التركيب من الأجزاء الحدّية 591

[35] غرر في خواص الأجزاء 599

[36] غرر في أنه لا بد في أجزاء المركب الحقيقي من الحاجة بينها 609

[37] غرر في أن التركيب بين المادة والصورة  اتحادي أو انضمامي. 615

الفهارس الفنية. 623

فهرس الآيات.. 625

فهرس الاعلام. 627

فهرس المؤلفات.. 629

فهرس المصادر والمراجع. 631

محتويات الكتاب.. 651

 

 

([1]) في عبارة (وَأَلْقِ العَصا) توريةٌ بِحَذْفِ (1) من مادّة التاريخ، وبه يتم المقصود.

([2]) شـرح نبراس الهدى، الحكيم هادي السبزواري، تحقيق محسن بيدارفر، ص9.

([3]) شـرح نبراس الهدى، الحكيم هادي السبزواري، تحقيق محسن بيدارفر، ص11.

([4]) شـرح نبراس الهدى، الحكيم هادي السبزواري، تحقيق محسن بيدارفر، ص21.

([5]) انظر لذلك: شـرح نبراس الهدى، الحكيم هادي السبزواري، تحقيق محسن بيدارفر. شـرح الاسماء الحسنى، الحكيم هادي السبزواري، تحقيق نجف قلي حبيبي. قصص الابرار، مرتضـى مطهري. اعيان الشيعة، محسن الأمين، ج2، ص601.

([6]) ماضي النجف وحاضرها، الشيخ جعفر ال محبوبة، ج1، ص176.

([7]) آل كاشف الغطاء مناهل عطاء، شاكر جابر موسى البغدادي، ص23.

([8]) العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية، الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، ص12.

([9]) ماضي النجف وحاضرها، الشيخ جعفر ال محبوبة، ج1، ص183.

([10]) ذروٌ من حياة الشيخ علي كاشف الغطاء، السيد عبد الستار الحسني، ص10- 11.

([11]) المصدر السابق، ص11.

([12]) مقدمة رسالة الماجستير الموسومة، الشيخ علي كاشف الغطاء ودوره الإصلاحي الديني في العراق.

([13]) ماضي النجف وحاضرها، الشيخ جعفر ال محبوبة، ص176.

([14]) موسوعة العتبات المقدسة، جعفر الخليلي، ص245.

([15]) ذِرْوٌ من حياة الشيخ علي كاشف الغطاء، السيد عبد الستار الحسني، ص14.

([16]) ذِرْوٌ من حياة الشيخ علي كاشف الغطاء، السيد عبد الستار الحسني، ص36.

([17]) قُسّمت الحكمة باعتبار غايتها ومنفعتها الى قسمين:

الاول: امّا انه نفس العلم فقط من غير اعتبار عمل بمقتضاه، فهو الحكمة النظرية، والنظر فيها امّا انه في نفس وجودات الاشياء وهو الفلسفة الاولى، أو في عوارضها، فالنظر امّا في اوائل الاشياء أو اواسطها أو اواخرها، فالعلم الالهي والرياضـي والطبيعي.

الثاني: وامّا هو العمل بها وهي الحكمة العملية، والعمل امّا انه عمل الجواهر البدنية فهو امّا متعلق بيد شخص واحد فعلم تهذيب الاخلاق، أو جماعة مشتركين في البيت فتدبير المنزل، أو مشتركين في المدينة فالسياسة المدنية، وامّا انه عمل القوى الفكريّة فهو المنطق.

وقد أشار إلى هذا التقسيم الأوّلي للفلسفة الشيخ الرئيس في إلهيّات الشفاء، حيث قال: (إنّ العلوم الفلسفيّة - كما قد أشير إليه في مواضع أخرى من الكتب - تنقسم إلى النظرية وإلى العملية). الشفاء، (قسم الإلهيّات)، ابن سينا، ص3.

وقال الشيخ الرئيس أيضاً في تعريفه للحكمة النظرية والحكمة العملية:

(والأشياء الموجودة إمّا أشياء موجودة ليس وجودها باختيارنا وفعلنا، وإمّا أشياء وجودها باختيارنا وفعلنا، ومعرفة الأمور التي من القسم الأوّل تسمّى فلسفة نظرية، ومعرفة الأمور التي من القسم الثاني تسمّى فلسفة عملية). المصدر السابق، (قسم المنطق)، ص12.

اما صدر الدين الشيرازي فقال: (ولمّا جاء الانسان كالمعجون من خلطين: صورةٍ معنويةٍ أمريةٍ، ومادّةٍ حسّيةٍ خلقيّةٍ، وكانت لنفسِه أيضاً جهتا تعلُّقٍ وتجرّدٍ، لا جرمَ أفتنّتِ الحكمةُ بحسب عمارةِ النشأتينِ بإصــلاحِ القوّتينِ إلى فنّينِ: نظريّة تجرّدية، وعملية تعلّقيّة.

أمّا النظرية: فغايتُها انتقاشُ النفس بصورةِ الوجودِ على نظامِه بكمالِه وتمامِه، وصيرورتُها عالماً عقليّاً مشابهاً للعالم العينيِّ لا في المادّة، بل في صورتِه ورقشِه وهيئتِه ونقشِه.

وأمّا العمليةُ: فثمرتُها مباشـرةُ عملِ الخيرِ، لتحصيلِ الهيئةِ الاستعلائيةِ للنفسِ على البدنِ، والهيئةِ الانقياديةِ الانقهاريةِ للبدنِ من النفسِ). الحكمة المتعالية، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص27.

يبقى السؤال المطروح في المقام حول اعتبارية هذا التقسيم وحقيقته، في حاجة الى البحث والبيان.

([18]) نقل الشارح في بعض تعليقاته اراء لمجموعة من اساتذته في فن المعقول، فيذكر البعض منهم، وفي بعض الاحيان يكتفي بالإشارة الى بيان راي الاستاذ في مجلس الدرس.

([19]) ان شـرح الاسم يرادف التعريف اللفظي، وبعبارة اخرى ان ما يقال في جواب ما الشارحة، ويعبّر عنه بشـرح الاسم ويرادف التعريف اللفظي، كما اشار اليه مُلا جلال الدين الدواني في حاشيته على التهذيب، وعلى شـرح الشمسية، وكذلك في حاشيته على المطالع، وهو مذهب الحكيم السبزواري  قدس سره ، وقد تبع في ذلك ما افاده الشيخ في النجاة من (ان الوجود لا يمكن ان يشـرح بغير الاسم، لأنه مبدأ اوّل لكل شـرح، فلا شـرح له، بل صورته تقوم في النفس بلا توسط شـيء) ومراده التعريف اللفظي المقابل للحقيقي، أي ان صورته تقوم في النفس بلا توسط شـيء، ولا يكون شـيء محصّلاً لصورته، حتى يكون تعريفاً حقيقياً له، بل ما يعبر عنه فإنما هو تعريف بلفظ آخر كالترجمة.

والا فالذي صـرح به، الشيخ في الاشارات، والمحقق الطوسـي في شرحها، والمحقق اللاهيجي في حاشيته على الشوارق، والمحقق الاصفهاني: ان التعريف اللفظي يقابل التعريف الحقيقي.

شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم المنطق)، ج1، (مبحث المعرّفات)، ص190. النجاة، الشيخ الرئيس، ص496. شـرح الاشارات والتنبيهات، المحقق الطوسـي، ج1، ص309.

([20]) الحاشية على تهذيب المنطق، المولى عبد الله بن شهاب الدين اليزدي، باب المعّرف، ص50.

([21]) النجاة، الشيخ الرئيس، تصحيح محمد تقي دانش، ص496.

([22]) (لأن التعاريف تنتهي إليه، مثلاً الإنسان يعرف بالحيوان الناطق، والحيوان يعرف بالجسم
النامي الحساس، والجسم النامي هو الجسم القابل للعد، والجسم الجوهر هو القابل للأبعاد الثلاثة، والجوهر هو ما إذا وجد كان لا في محل، فإذا أنتهى إلى الوجود لم يحتج إلى تعريف، حيث إنّ مفهومه واضح). (منه  رحمه الله ).

([23]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم المنطق)، ج1، (مبحث الصناعات الخمس)، ص334 - 335.

([24]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص63، حاشية8.

([25]) وقد اشار المصنف الى ما ذكره الشيخ الرئيس: (فاعلم ان الذي للممكن باعتبار ذاته - وهو الماهية - غير الذي باعتبار غيره - وهو الوجود - وهذا الممكن الواجب بالغير حاصل الهوية منهما جميعاً في الوجود، فلذلك لا شـيء غير الواجب تعالى يعرى عن ملابسة ما بالقوة وبالإمكان باعتبار نفسه... فهو سبحانه الفرد الحقيقي، وغيره على الاطلاق زوج تركيبي). الهيات الشفاء، الشيخ الرئيس، ج1، ص305.

([26]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج5، مبحث تجرد النفس الناطقة.

([27]) نسبه: احمد بن زين الدين بن ابراهيم بن صقر بن ابراهيم بن داغر بن راشد بن دهيم بن شمروخ آل صقر المطيري الاحسائي البحراني.

ولادته ووفاته: ولد بالأحساء في رجب (1166 - 1241هـ)، وتوفي وهو متوجه الى الحج بمنزل هدية قريباً من المدينة في آخر ذي القعدة، وحمل الى المدينة، ودفن بالبقيع.

دراسته: فقد درس أولاً في الأحساء مبادئ العلوم، وأكمل فيها المقدمات والسطوح على يد جماعة من الفضلاء في قرابة ست سنين، ثمّ هاجر إلى العراق عام (1186هـ) وهو ابن عشـرين سنة، وورد كربلاء وحضر فيها بحث الوحيد البهبهانـي، والسيد علي الطباطبائي صاحب (الرياض) والسيد ميرزا مهدي الشهرستاني، ثم هاجر إلى النجف الأشرف وحضـر عند الشيخ جعفر كاشف الغطاء والسيد محمد مهدي بحر العلوم وغيرهم، وبعد مدة - لم تحدد - حدث طاعون جارف في العراق، عاد على إثره المترجم له إلى وطنه في الأحساء

تلامذته: كان منهم السيد محسن ابن السيد حسن الأعرجي الحسيني الكاظمي، والسيد كاظم ابن السيد قاسم الحسيني الرشتي الحائري، والميرزا حسن بن علي الشهير بـ(كوهر) والسيد أبو الحسن بن الحسين الحسيني التنكابني القزوينـي، والشيخ محمد حمزة الحمزة كلائي مؤلف أسـرار الشهادة والشارح لـ(شـرح العرشية) تأليف أستاذه، والشيخ عبدالمطلب بن محمد حسن الأصفهاني الشهير بـ(العباس آبادي) صاحب كتاب الحجة البالغة. وغيرهم.

مؤلفاته: شـرح العرشية، شـرح المشاعر، رسائل في الفقه، رسائل في الاصول، حقيقة الرؤيا واقسامها، حياة النفس في العقائد، بيان حجة الاجماع، توضيح معنى الجسمين والجسدين، وبيان حقيقة العقل والروح، وغير ذلك، وقد جمعت مؤلفاته في دورة ضخمة تقع في 9 اجزاء سمّيت بـ(جوامع الكلم). انظر: جوامع الكلم، الشيخ احمد الاحسائي، ج1، ص2 - 22. الاعلام، خير الدين الزركلي، ج1، ص128. الذريعة الى تصانيف الشيعة، اغا بزرك الطهراني، ج5، ص253، ج12، ص253، ج13، ص305. اعيان الشيعة،محسن العاملي، ج2، ص592.

([28]) شـرح العرشية، الشيخ احمد الاحسائي، المجلد الثالث من جوامع الكلم، ص31 - 50. شـرح المشاعر، الشيخ احمد الاحسائي، المجلد الرابع من جوامع الكلم، المشعر الخامس، ص231.

([29]) نقل الحكيم السبزواري عن احد معاصـريه، ممن لم يكن له معرفة كاملة بالقواعد الفلسفية حسب رأيه، بانه يعتقد بأصالة كليهما، واستدل على نظريته: (ان الوجود مصدر الحسنة والخير، والماهية مصدر السيئة والشـر، ومن الصوادر امور اصيلة، فموردها اولى بالأصالة). ثمّ اشكل على هذا الاستدلال فقال: (وان تعلم ان الشـرور اعدام ملكات، وعلّة العدم عدم، فكيف لا تكفيه الماهية الاعتبارية).

وقد بيّن المحقق الاستاذ حسن زادة آملي: (ان الماهية بذاتها غير طاردة للعدم، ولا تأبى عن الوجود والعدم، والوجود بذاته طارد للعدم ويأبى عن العدم، فهما متباينان، فلو كانا اصيلين لزم التوالي الفاسدة في الكتاب، ولم يتفوه احد من الحكماء بأصالتهما معاً، والشيخ احمد الاحسائي توهم اصالتهما معاً... وهذا الرأي الفائل ينادي بانه لم يتقن القواعد الحكمية، وامثاله منه في مسوداته كشـرحه على المشاعر والعرشية وغيرهما). شرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة آمـلي قسم الحكمة، ج2، ص65.

([30]) وهو مبنى الاشـراقيين، وقد ذكر الشيخ شهاب الدين السهروردي في اعتبارية الوجود ثلاثة احتمالات:

الأوّل: هو أنّ الوجود الزائد على الوجود العيني أمر اعتباري لا تحقّق له وراء الإعتبار.

الثاني: هو أنّ المجموع من الوجود العيني وما يعرض عليه من المفاهيم الاعتبارية الحاصل في وعاءِ الاعتبار، أمر اعتباري غير حقيقي.

والثالث: هو أنّ الوجود نفسه أمر اعتباري غير متحقّق في ظرف الواقع.

وقد تصدى ابو حامد المعروف (بتركة) لردها، فصنف قواعد التوحيد في ذلك، وبعده شـرح القواعد لصائن الدين علي بن تركة باسم تمهيد القواعد في شـرح قواعد التوحيد. وايضاً بحثها وناقشها صدر المتألهين في كتابه (المشاعر) وغيرهم كثير.

مجموعة مصنفات شيخ الاشـراق، السهروردي، تصحيح هنري كربان، ج1، ص156، ص391، ص402. التمهيد في شـرح قواعد التوحيد، صائن الدين تركة، ص54. المشاعر، صدر الدين الشيرازي، ص84. المبدأ والمعاد، صدر الدين الشيرازي، تنبيه، ص149.

([31]) شوارق الالهام، المحقق اللاهيجي، تحقيق الشيخ اكبر اسد علي زادة، ج1، مبحث زيادة الوجود على الماهية، ص141 - 181.

([32]) لم نعثر على ترجمة له.

([33]) محاضـرات في الالهيات، الشيخ جعفر السبحاني، ص54.

([34]) تجريد الاعتقاد، نصير الدين الطوسـي، ص107. شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص53.

([35]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، (فصل في اثبات الوجود الذهني)، ص263.

([36]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة آملي، (قسم الحكمة)، ج2، الفريدة الخامسة في الماهية ولواحقها، ص229.

([37]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص44، ص49، ص427، ص446. الشواهد الربوبية، صدر الدين الشيرازي، ص95.

([38]) مصنفات شيخ الاشراق، السهروردي، ج1، ص21، ص153، ص269، ص299، ص333. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص254 - 427.

([39]) ذكر صدر المتألهين في تعليقته على حكمة الاشـراق في نفيه للتشكيك في الماهية بما هي هي بالمعنى الاول: (ليس لاحدٍ ان يقول: القوّة والضعف حالتان للمعاني والمفهومات، حتى يكون مفهوم الانسان اقوى من مفهوم البعوضة، مع قطع النظر عن وجوديهما، لأنه معلوم الفساد، فمن قال مفهوم العقل اقوى من مفهوم النفس، فقد خرج عن الانصاف).

وفي موضع اخر من نفس الكتاب يشير  قدس سره  الى نفي التشكيك في الماهية بما هي هي بالمعنى الثاني فيقول: (لا علاقة بين ماهية وماهية من حيث كل واحد منهما هي هي، فإن كل ماهية كليّة اذا نظرت اليها من حيث هي هي، لم تجد فيها اقتضاء التقدم والتأخر، ولا العلية ولا المعلوية، والا لكان مفهومهما من مقولة المضاف، لصدق حد المضاف وتعريفه عليهما، وهو ماهية كلية اذا عقلت عقلت معها معنى اخر).

شـرح حكمة الاشراق، صدر الدين الشيرازي، ص234 - 237. نظام حكمت صدرائي، تشكيك در وجود، ص20 - 68.

([40]) ان مفردة (التشكيك) في الفلسفة قد ترد بمعنى: ان ما به الاشتراك وما به الامتياز في الامور المتكثرة حقيقة واحدة، سواء كان منشأ هذه الخصوصية التفاضل (والذي يطلق عليه التشكيك الطولي أو التفاضلي)، أو كان منشأ ذلك غير التفاضل (وهو ما يطلق عليه التشكيك العرضـي).

فالمعيار الاساسي للتشكيك (الذي يكون عامّاً)، بنحو يشمل التشكيك التفاضلي، والتشكيك العرضـي ايضاً، وحده ما به الاشتراك وما به الامتياز، أو ما فيه التفاوت أو ما به التفاوت.

وقد اشار صدر المتألهين الى هذا المعنى بقوله: (ان التفاوت بين شيئين قد يكون بنفس ما وقع فيه التوافق بينهما، لا بما يزيد عليه، ولا بما يدخل فيه) شـرح الهداية الاثيرية، صدر الدين الشيرازي، ص302. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص36، ص120، ص255.

([41]) المراد من التشكيك في الماهية - سواء لدى الفلاسفة المنكرين له، أو القائلين به - التشكيك في فرد الماهية، لا في نفس الماهية بما هي هي، أو في صدقها، حيث يقول الشيخ الرئيس: (ان التقدم والتأخر في جزئيات يشملها معنى واحد، لا يخلو اما...). الشفاء، الشيخ الرئيس ابن سينا، (قسم المنطق)، ج1، ص74. ويقول شيخ الاشـراق: (فكل كلي واقع بالتشكيك لا يلزم ان يكون الامتياز بين شخصياته في الوجود بما وراء الماهية). مجموعة مصنفات شيخ الاشـراق، السهروردي، ج1، ص22. ويذكر الميرداماد: (فليعلم ان التشكيك هو ان يختلف قول الطبيعة المرسلة على افرادها في نحو الفردية، وفي درجة الفردية). مصنفات الميرداماد، المحقق الداماد، ج1، ص142.

([42]) شـرح الاشارات والتنبيهات، نصير الدين الطوسـي، ج3، ص34. الشواهد الربوبية، صدر الدين الشيرازي، ص162 - 166. مجموعة مصنفات شيخ الاشـراق، شهاب الدين السهروردي، ج1، ص153، ص294 - 300.

([43]) جاء هاهنا أن الامر الاعتباري تابع في الوحدة والكثرة لمنشِئه (منه  قدس سره ).

([44]) مجموعة مصنفات شيخ الاشـراق، السهروردي، ج1، ص21، ص153، ص294، ص296 -301. وقد ذكر صدر المتألهين تلك الآراء، وناقشها بالتفصيل. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص401 - 419. المبدأ والمعاد، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص83.

([45]) مجموعة مصنفات شيخ الاشراق، السهروردي، ج1، ص156، ص391، ص402.

([46]) مبحث زيادة الوجود على الماهية.

([47]) فـ(الكون في اصطلاح هذه الطائفة عبارة عن وجود العالم من حيث هو عالم، لا من حيث انه حق، وان كان مرادفاً للوجود المطلق عند اهل النظر). شـرح فصوص الحكم، داود القيصـري، شـرح الفص الآدمي، ص62.

([48]) وقد ذكروا تقسيمات اخرى:

منها عالم العقل، وعالم المثال، وعالم المادة، ويكون ذلك التقسيم بحسب درجة صفاء وكدورة العوالم من الكثافات العنصـرية، والصور الجسمية. فعالم العقل عالم لا تشوبه كثافة مادية ولا صورية. وعالم المادة هو عالم الكثافات العنصـرية والأجسام المادية. وعالم المثال هو عالم متوسط لطيف ليس فيه عناصـر مادية، وإنما صور مجردة قائمة بأجسام أثيرية.

ومنها تقسيمه إلى عالم اللاهوت، وعالم الجبروت، وعالم الملكوت، وعالم الملك، ويستند هذا التقسيم الى درجة التجرد من التعلّقات، فعالم اللاهوت مجرد من كافة التعلّقات. وعالم الجبروت مجرد من التعلّقات المادية والصورية معاً، ولكنه غير مجرد من المعاني العقلية. وعالم الملكوت عالم مجرد من التعلّقات المادية والصورية والمعنوية، وهو عالم النفوس المجردة القابلة للتعلّق بالأجسام. وعالم الملك هو عالم التعلّقات بكافة أنواعها مادية ومعنوية وصورية.

وقد تجد في محل اخر ما يسمّى بنظرية (تطابق العوالم) ولمزيد من التفاصيل، الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج6، ص412. الشواهد الربوبية في المناهج السلوكية، صدر الدين الشيرازي، ص57 - 65.

([49]) وقد ذكر صدر المتألهين بعض الآراء للمحقق الدواني وغيره راداً عليها في اسفاره. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص73 – 74، ج2، ص218.

([50]) حاشية الدواني على شـرح القوشجي على التجريد، ص91.

([51]) حيث ان (الاضافة الاشـراقية، هي اشـراق نور الانوار جل شأنه، واشـراقه هو الوجود المنبسط، فكان هو اصيلاً، وهذه الاضافة هي المرادة بحيثيّة فاعليّة الفاعل، الداخلة في مصداق الحكم، بان الشـيء الفلاني موجود عن المعتبرين من المشائين). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة) ج2، ص73، حاشية 29.

([52]) في حين لم يذكر صدر المتألهين هذا المطلب، الا بإشارة اليه في مبحث الوحدة والكثرة. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، مبحث الهوهوية وما يقابلها، ج7، ص92.

([53]) ذكر المصنف بعض الاشكالات، وردّ عليها. شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص74 – 75، حاشية 38.

([54]) جامع الاسـرار ومنبع الانوار، السيد حيدر الآملي، تحقيق هنري كربان، ص657. مفتاح السعادة في شـرح نهج البلاغة، محمد تقي النقوي القائيني، ج1، ص113. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج6، ص57. المباحث المشـرقية، فخر الدين الرازي، ج1، ص451 - 454.

([55]) ولمزيد من التوسعة، يمكن الاطلاع على الشبهة التي اعترت ابن كمونة، والتي سمّيت بـ(افتخار الشياطين) وصرّح صدر المتألهين ايضاً بان هذه الشبهة التي تنسب الى ابن كمونة، هي بالأصل تعود الى صاحب الاشراق، الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج6، ص63. وكذا المحقق الداماد حيث قال: (وهذا الاعضال معزى على السنة هؤلاء المحدثة الى رجل من المتفلسفين المحدثين يُعرف بإبن كمونة، وليس اول من اعتراه هذا الشك، كيف والاقدمون كالعاقبين قد وكّدوا الفصيّة عنه، وبذلوا جهودهم في سبيل ذلك قروناً ودهوراً) انتهى كلامه في التقديسات نقلاً عن شرح الأسماء، الحكيم ملا هادي السبزواري، ص373.

وقد ذكرها صدر المتألهين وناقشها في اكثر من موضع. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص146 - 149. المشارع والمطارحات، شهاب الدين السهروردي، ص395.

([56]) (لا يكون صحيحاً هذا الدليل). كذا وجد في الأصل.

([57]) الحاشية على الهيات الشفاء، حسين الخوانساري، ص288 - 297. وقد استدل بقوله تعالى [لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتَا]. سورة الأنبياء، الآية 22.

([58]) سورة الإِخلاص، الآية 1.

([59]) سورة البقرة، الآية 115.

([60]) القائل بالتوحيد:

 •اما ان يقول بكثرة الوجود والموجود جميعاً، مع التكلم بكلمة التوحيد لساناً، واعتقاداً بها اجمالاً، وأكثر الناس في هذا المقام.

• واما ان يقول بوحدة الوجود والموجود جميعاً، وهو مذهب بعض الصوفية.

• واما ان يقول بوحدة الوجود وكثرة الموجود، وهو المنسوب إلى أذواق المتألهين وعكسه باطل.

 •واما ان يقول بوحدة الوجود والموجود جميعاً في عين كثرتهما، وهو مذهب المصنف  قدس سره  والعرفاء الشامخين.

والأول توحيد عامي، والثالث توحيد خاصـي، والثاني توحيد خاص الخاص، والرابع توحيد أخصّ الخواص.

فللتوحيد اربع مراتب، وفي مراتبه الأربع في تقسيم آخر التي هي: توحيد الآثار، وتوحيد الافعال، وتوحيد الصفات، وتوحيد الذات. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص75.

([61]) للتعرف على آراء المعتزلة. انظر: الملل والنحل، الشهرستاني، ج1، ص45. التبصير في الدين، الاسفرائيني، ص58. محصّل افكار المتقدمين والمتأخرين، الرازي، ص281. الفصل في الملل والاهواء والنحل، ابن حزم الاندلسي، ج3، ص33 - 62. مقالات الاسلاميين، لابي حسن الاشعري، تحقيق محي الدين عبد الحميد، ص298 - 310. الفرق بين الفرق، عبد القاهر البغدادي، ص114. مذاهب الاسلاميين، عبد الرحمن بدوي، ج1، ص47 - 54.

([62]) لعل الباعث الذي دفع بالفكر الاعتزالي من نسبة صدور الافعال الى الانسان مباشـرة، وعلى نحو الاستقلال، يكمن بحرصهم على تنزيه حريم العدل الالهي من صدور القبائح عن الانسان، مما يتنزه الباري عنها، ولا تنسجم مع عدله. وتسمّى نظريتهم بالتفويض، وقد نوقشت على مستوى البعد العقلي، والبعد النقلي من قبل جمع غفير من علماء الاسلام. التوحيد، السيد كمال الحيدري، ج2، ص64 - 85.

([63]) القائلين بوجود مبدأين وخالقين أحدهما للخير والثاني للشـر. شـرح نهاية الحكمة، السيد كمال الحيدري، ج2، ص253 - 257.

([64]) الفتوحات المكية، ابن عربي، ج3، ص28 - 40. فيما ذكر صدر المتألهين: (إن بعضاً من أجلّة العلماء المتأخرين، أراد أن يصل إلى مقام الواصلين من أصحاب المعارج وأولياء الحكمة المتعالية، فقال في رسالته المسمّاة بـ(الزوراء) المعقودة لبيان توحيــد الوجود). الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص331.

([65]) نظرية وحدة الوجود بين ابن عربي والجيلي، سهيلة عبد الباعث الترجمان، ص224 - 229.

([66]) الفهلوي: معرب بهلوي في الفارسية، وهم حكماء الفرس. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص432 - 433.

([67]) الا ان المصنف لا يقول بوحدة الوجود التي تبناها المسلك الصوفي، حيث ذكر صدر المتألهين الاختلاف بين المسلكين في شـرحه للهداية الاثيرية فقال: (الثاني وهم الصوفية من اهل الوحدة قائلون بأن ليس في الوجود الا الموجود الحقيقي، والعالم ليس إلا شؤونه وظهوراته وتعيّناته، لم يروا في الوجود الا الله  عز وجل  وفيضه، لا ان لفيضه وجوداً بالانفراد. والصنف الثالث وهم الراسخون في العلم من الحكماء، قائلون بان العالم ليس عبارة عن الممكن الصـرف، ولا عن الوجود الحقيقي الصـرف، بل من حيث هو موجود بالوجود الحقيقي له اعتبار، ومن حيث إنه ينقسم الى العقول والنفوس وغيرها اعتبار آخر، فالعالم زوج تركيبي من الممكن، والسنخ الباقي الذي هو بذاته موجود ووجود، فليس العالم عبارة عن الذوات المتعددة كما حسبه المحجوبون، بل ذاته واحد هو الحق الذي هو الوجود الحقيقي، ولا وجه للممكنات الا بارتباطها به، لا بان يفيض عليها وجودات مغايرة للموجود الحقيقي، وبرهان ذلك موجود في كتابنا المسمّى بـ(الأسفار الاربعة) فراجع). شرح الهداية الاثيرية، صدر الدين الشيرازي، ص209.

([68]) والمصنف ناظر في هذه المسألة من خلال الفصل بين امرين، احدهما ان مفهوم الوجود مشترك، وثانيهما انه محمول على ما تحته حمل التشكيك، لا حمل التواطؤ. كما قال صدر المأالهين: (واما كونه مشتركاً بين الماهيات فهو قريب من الاوليات...الى ان قال: واما كونه محمولاً على ماتحته بالتشكيك...الخ). الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص7.

([69]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص79 - 80.

([70]) حيث مثّل اكثر الحكماء بحقيقة النور، لكونه ذا مَراتِبَ مختلفة. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص49، ص69 - 71.

([71]) إن الاقوال في حقيقة الوجود ثمانية:

الاول: ما ذهب اليه الاشاعرة، وهو ان الوجود مشترك لفظي مطلقاً، أي في جميع ما يطلق عليه لفظ الوجود من الواجب والممكن بأقسامه.

 الثاني: أن الوجود مشترك لفظي بين الواجب والممكن، ومشترك معنوي بين اقسام الممكن كما ذهب اليه جماعة من المتأخرين.

الثالث: أن الوجود مشترك معنوي في كل ما يطلق عليه، وليس له فرد اصلاً، وتكثّره إنما هو بالوجودات المضافة الى الماهيات المعبّر عنها بالحصص، وهو مذهب جماعة من المتكلمين.

الرابع: ان الوجود مشترك معنوي في كل ما يطلق عليه، وله افراد متعددة، غاية الامر واحد منها موجود خارجي وهو الواجب تعالى، وما سواه امور خارجية غير قائمة بذاتها لا موجودات خارجية، وهذا ما ذهب اليه السيد الشـريف، والمحقق اللاهيجي.

الخامس: ان الوجود له فرد واحد في الخارج وراء الحصص، وهذا الفرد هو الواجب تعالى وليس للممكنات وجودات اُخر وراء الحصص، فالوجود واحد والموجود كثير، وهو قول المحقق الدواني، ونسبه الى ذوق المتالهين.

السادس: ان الوجود له افراد متعددة، كلّها موجودة في الخارج بالأصالة، وتلك الافراد بسائط متباينة بتمام الذات، غاية الامر انها تشترك في مفهوم الوجود، وهو قول المشائين.

السابع: ان الوجودات بل الموجودات ليست متكثّرة في الحقيقة، بل هنا موجود واحد هو الله تعالى، قد تعددت شؤونه وتكثّرت اطواره، وهذا ما ذهب اليه الصوفية.

الثامن: أن للوجود أفراداً متعددة كلّها موجودة في الخارج، والوجود فيها حقيقة واحدة مشكّكة، واختلافها إنما هو بالشدة والضعف وغيرهما من اقسام التشكيك، وهذا ما نسب الى الفهلويين، واختاره صدر المتألهين، وتبعه المصنف. نهاية الحكمة، السيد محمد حسين الطباطبائي، تحقيق عباس الزارعي السبزواري، هامش ص24 - 25.

([72]) كشف المراد في شـرح تجريد الاعتقاد، العلامة الحلي، تحقيق الاستاذ حسن زادة آملي، ص24.

([73]) وصاحب كتاب (حكمة العين) هو العلامة نجم الدين علي بن عمر الكاتبي القزويني
(600 - 675هــ) وقد كتب على كتابه العديد من الشـروح، كان من ابرزها ايضاح المقاصد للعلامة الحلي، وايضا شـرحه محمد بن مبارك بن شاه البخاري، كما كتبت حواشـي عليه من قبل قطب الدين الرازي، والسيد الشـريف الجرجاني، وغير ذلك من الشــروحات الاخرى.

وقد ذكر صاحب حكمة العين في كتابه: (وهو - أي الوجود - مشترك، والا لزال اعتقاد الوجود بزوال اعتقاد الخصوصيات، ولبطل انحصار الشـيء في الموجود والمعدوم...). ايضاح المقاصد في شـرح حكمة العين، العلامة الحلي، ص5.

([74]) بل هو العلامة نجم الدين علي بن عمر الكاتبي القزويني (600 - 675هـ) المعروف بـ(دبيران كاتبي).

([75]) حِكَم الفصوص وحِكَم الفتوحات المسمّى مجمع البحرين في شـرح الفصّين، ناصـر بن الحسن الحسيني الكيلاني، ص58 - 60.

([76]) فكل الموجودات الآفاقية والأنفسية اعني ما سواه آيات له، كما جاء في الآيتين المباركتين.

([77]) وقد اشار المصنف الى قوله تعالى: [وَلا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ وَلا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ] سورة فاطر، الآية 20–21. (السموم تكون بالنهار، والحرور بالليل والنهار، وقيل بالليل خاصّة) الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، الزمخشـري، ج3، ص608.

([78]) أي لجميع الأشياء - على ما هو مقتضـى الجمع المحلى باللام - فلا ينافي وجود نوع آخر، أو أنواع أخر من الوجود لبعض الأشياء كالصورة الفتوغرافية، أو التمثال للأجسام، وكذا الوجود المثالي، والوجود العقلي.

([79]) المنطق، الشيخ محمد رضا المظفر، ج1، (مبحث الالفاظ)، ص27 - 30.

([80]) تفسير بيان السعادة في مقدمات العبادة، سلطان محمد كنابادي، ج1، ص16 - 17. جامع الاسـرار ومنبع الانوار، السيد حيدر آملي، ص410.

([81]) الحديث: (وَعَنْ جَابِرٍ أَيْضاً قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ِ7:‏ أَوَّلُ‏ مَا خَلَقَ‏ اللَّهُ‏ نُورِي‏ ابْتَدَعَهُ مِنْ نُورِهِ وَاشْتَقَّهُ مِنْ جَلَالِ عَظَمَتِه) وفي ‏رواية اخرى: (أَوَّلُ‏ مَا خَلَقَ‏ اللَّهُ‏ نُورِي‏ فَفَتَقَ مِنْهُ نُورَ عَلِيٍّ ثُمَّ خَلَقَ الْعَرْشَ وَاللَّوْحَ وَالشَّمْسَ وَضَوْءَ النَّهَارِ وَنُورَ الْأَبْصَارِ وَالْعَقْلَ وَالْمَعْرِفَةَ.. الْخَبَرَ). بحار الانوار، محمد باقر المجلـسي، ج1، ص97، ص105، ج15، ص24، ج54، ص170. عوالي اللئالئ، ابن ابي جمهور، ج4، ص99.

([82]) سورة الأنعام، الآية 59.

([83]) تفسير نور الثقلين، الشيخ عبد علي بن جمعة العروسـي الحويزي، تصحيح هاشم الرسولي، ج4، ص7 - 9. وقد ورد في بيان (الكتاب المبين) اوجه متعددة. الميزان في تفسير القران، السيد محمد حسين الطباطبائي، ج7، ص69 - 80. تفسير الامثل، ناصـر مكارم الشيرازي، ج13، ص388.

([84]) سورة الأنعام، الآية 59.

([85]) شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص29. المواقف في علم الاكلام، الايجي، ص48.

([86]) لإصـراره على عدم السنخية بين العلّة والمعلول، بل تكفير القائل بها. شـرح المنظومة، الحكيم الهيدجي، ص165.

([87]) محمد حسين الحائري، صاحب كتاب الفصول الغروية.

([88]) سورة الشورى، الآية 11.

([89]) عن علي بن إبراهيم عن المختار بن محمد بن المختار الهمداني ومحمد بن الحسن، عن عبد الله بن الحسن العلوي جميعا عن الفتح بن يزيد الجرجاني، عن أبي الحسن  عليه السلام  قال: سمعته يقول: (وهو اللطيف الخبير السميع البصير الواحد الأحد الصمد، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، لو كان كما يقول المشبهة لم يعرف الخالق من المخلوق، ولا المنشـئ من المنشأ، لكنه المنشـئ فرق بين من جسمه وصوره، وأنشأه، إذ كان لا يشبهه شـيء، ولا يشبه هو شيئا).

قلت: أجل جعلني الله فداك لكنك قلت: الأحد الصمد، وقلت: لا يشبهه شـيء، والله واحد والإنسان واحد، أليس قد تشابهت الوحدانية؟

قال: (يا فتح أحلت ثبتك الله إنما التشبيه في المعاني، فأما في الأسماء فهي واحدة، وهي دالة على المسمّى، وذلك أن الإنسان وإن قيل واحد، فإنه يخبر أنه جثة واحدة، وليس باثنين والإنسان نفسه ليس بواحد، لأن أعضاءه مختلفة وألوانه مختلفة، ومن ألوانه مختلفة غير واحد، وهو أجزاء مجزئة، ليس بسواء، دمه غير لحمه، ولحمه غير دمه، وعصبه غير عروقه وشعره غير بشـره، وسواده غير بياضه، وكذلك سائر جميع الخلق، فالإنسان واحد في الاسم، ولا واحد في المعنى، والله جل جلاله هو واحد لا واحد غيره، لا اختلاف فيه ولا تفاوت، ولا زيادة ولا نقصان، فأما الإنسان المخلوق المصنوع المؤلف من أجزاء مختلفة وجواهر شتى غير أنه بالاجتماع شيء واحد). شـرح اصول الكافي، محمد صالح المازندراني، ج7، ص47.

([90]) وقد ذكر المصنف في حاشيته على الاسفار: (الذين قالوا بعدم السنخية بين العلة والمعلول بل بين وجود ووجود ولو كالسنخية بين الشـيء والفيء، سواء قالوا بالاشتراك اللفظي في الوجود حذرا من السنخية أو بالاشتراك المعنوي، بل وان قالوا بأصالة الوجود ولكن قالوا فيه بحقائق متبائنة بذواتها البسيطة بحيث لا حيثية اتفاق بينهما تكون عين ما به الاختـلاف بل أقول دفعها على هؤلاء أصعب من دفعها على أولئك، بل لا تنحل، لأنها من لوازم ذلك المذهب حيث لا يشعرون، لكنهم ينطقون بالتوحيد وبه يعتقدون، لأنهم إذا جوّزوا عدم تلك السنخية بين العلة والمعلول فليجوزوا بين علتين وواجبين). الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج8، ص58.

([91]) وفيه أن مجرد الاقتضاء من العلة كافٍ في الترجيح.

([92]) عن هشام بن الحكم قال: سألت أبا عبد الله  عليه السلام  عن أسماء الله عز ذكره واشتقاقها فقلت: الله مما هو مشتق؟ قال: (يا هشام الله مشتق من إله، وإله يقتضـي مألوها، والاسم غير المسمى، فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئاً، ومن عبد الاسم والمعنى فقد كفر وعبد الاثنين، ومن عبد المعنى دون الاسم فذاك التوحيد) وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج28، ص353. اصول الكافي، الشيخ الكليني، ج1، ص87.

([93]) أمّا معنى المدّة، فقد بيّنها الفخر الرازي، فقال: (إنّ الأقرب عندنا في المدّة والزمان هو مذهب أفلاطون. وهو أنّه موجود قائم بنفسه مستقلّ بذاته، فإن اعتبرنا نسبة ذاته إلى ذوات الموجودات القائمة المبرّأة عن التغيّر، سمّيناه بالسـرمد، وإن اعتبرنا نسبة ذاته إلى ما قبل حصول الحركات والتغيّرات، فذاك هو الدهر الداهر، وإن اعتبرنا نسبة ذاته إلى كون المتغيّرات مقارنة له حاصلة معه فذاك هو الزمان). موسوعة مصطلحات فخر الدين الرازي، سميح دغيم، ص698.

([94]) عن الامام موسى بن جعفر  عليه السلام  أنه قال: (إن الله تبارك وتعالى كان لم يزل بلا زمان ولا مكان، وهو الآن كما كان، لا يخلو منه مكان ولا يشتغل به مكان، ولا يحل في مكان، ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم، ولا خمسة إلا هو سادسهم، ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا، ليس بينه وبين خلقه حجاب غير خلقه، احتجب بغير حجاب محجوب، استتر بغير ستر مستور، لا إله إلا هو الكبير المتعال). بحار الانوار، العلامة المجلسـي، ج3، ص327.

([95]) شـرح فصوص الحِكَم، داوود القيصـري، تحقيق السيد جلال الدين الاشتياني، ص213 - 214.

([96]) انظر الصفحة السابقة.

([97]) بيّنه في المصنف في الحاشية. شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص84 - 85، حاشية 20.

([98]) شـرح فصوص الحِكَم، صائن الدين تركة، تحقيق محسن بيدارفر، ج1، ص436 - 443.

([99]) شـرح المواقف للايجي، شـريف الجرجاني، ج3، ص17.

([100]) سقط.

([101]) (وكذا عالم يؤمن هنا بعلم) هكذا وجد في الاصل.

([102]) شـرح الالهيات من كتاب الشفاء، محمد مهدي النراقي، تحقيق حامد ناجي اصفهاني، ج1،
ص351 - 361.

([103]) خلافاً للأشاعرة. المباحث المشـرقية، الفخر الرازي، تحقيق محمد المعتصم، ج1، ص130. شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص29.

([104]) تجريد الاعتقاد، نصير الدين الطوسـي، تحقيق محمد جواد حسيني، ج1، ص245. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص245.

([105]) مصباح الهداية الى الخلافة والولاية، السيد الخميني، تحقيق السيد جلال الدين آشتياني، ص38.

([106]) قال المصنف: (فأنها بالأولي تخلية، لكنها بالشائع تحلية، والتجريد بالأولي تجريد، وبالشائع تخليط، وهذا من عموم نور سـراية الوجود، فكلّما خلّيت الماهية عنه، وجدتها محفوفة به. نعم، اذا نفذ نور الوجود الى المقابل، فكيف يخلى ويغادر القابل). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص90، حاشية 7.

([107]) ذهب الحكماء إلى زيادة الوجود على الماهية في الذهن لا في الخارج، واستدلوا على ذلك بصحة سلب الوجود عن الماهية، وبافتقار حمل الوجود على الماهية إلى الدليل، وبانفكاك الماهية من الوجود في الذهن، وبلزوم اتحاد كل الماهيات لو كان الوجود عيناً لها، وبلزوم التسلسل لو كان الوجود جزءا للماهية.

أما أبو الحسن الأشعري، وأبو الحسين البصـري، وأبو إسحاق بن نوبخت، فذهبوا إلى ان الوجود هو نفس الماهيات، واجبة كانت أو ممكنة. شـرح المقاصد، سعد الدين التفتازاني، ج1، ص312 - 313. البراهين القاطعة في شـرح تجريد العقائد الساطعة، محمد بن جعفر الاسترابادي، ج1، ص164 - 165.

([108]) التحصيل، بهمنيار، تحقيق مرتضـى مطهري، ص531.

([109]) كما عرّفه الشيخ الرئيس. شـرح الاشارات والتنبيهات، الشيخ الطوسـي، ج3، ص27.

([110]) في مبحث اشتراك الوجود.

([111]) (ان الماهية الوجود عنها) كذا في الأصل.

([112]) حيث ذكر ادلة الحكماء القائلين بزياد الوجود على الماهية مناقشاً اياها، واستدل على مبناه. شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص141 - 180.

([113]) الدّرة الفاخرة في تحقيق مذهب الصوفيّة والمتكلّمين والحكماء المتقدّمين، نور الدّين عبدالرّحمن الجامي، ص3 - 4.

([114]) وقد ذكر في مبحث (اتحاد الوجود بالماهية) مناقشات مع شيخ الاشـراق، وطائفة من الصوفية، وغيرهم. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص245 - 261.

([115]) أسرار الحِكَم بالفارسيّة في الحكمتين العلميّة والعمليّة: كتبه إجابة لطلب السلطان ناصـر الدين القاجار، طبع في حياة المؤلَّف، مع حواشـي العلامة أبو الحسن الشعراني  قدس سره  سنة (1351هـ) (الطبعة الثانية) بطهران.

([116]) المواقف، عضد الدين عبد الرحمن الايجي، تحقيق عبد الرحمن عميرة، ج1، ص153.

([117]) (لاتحاد الكل) أي اتحاد كل الماهيات.

([118]) شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص30، ص41.

([119]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص71.

([120]) فيلزم أن يكون الكل موجوداً ومعدوماً، وهذا باطل.

([121]) في الجزء الثاني، مبحث السبق.

([122]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص92، حاشية 25.

([123]) (الماهية المركّبة التي لها وحدة طبيعية، هي التي أجناسها وفصولها بحذاء اجزائها المادية والصورية (كما مر في مبحث الماهية) فنقول لتلك الماهية اعتباران: اعتبار كثرتها وتفصيلها واعتبار وحدتها واجمالها، فإذا نظرت إليها من جهة وجودها التفصيلي وأردت تحديدها، فلا بد لك من ايراد جميع المعاني التي هي بحذاء تلك الأجزاء، وإذا نظرت إليها من الجهة التي هي بها واحد وهي صورتها الكمالية، وأردت تحديدها، فهذا التحديد لا يكون بالأجزاء، لان الصورة بسيطة، لا جزء لها خارجاً ولا ذهناً كما هو التحقيق، بل باللوازم). الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج5، ص188.

([124]) (والصورة علة للمادة) هكذا وجد في الاصل.

([125]) شـرح فصوص الحكم، داود القيصـري، ص245.

([126]) مجموعة مصنفات شيخ الاشـراق، شهاب الدين السهروردي، ج1، ص463.

([127]) رسالة فصوص الحِكَم، أو فصوص الحكمة للمعلم الثاني ابو نصـر الفارابي، وهي غير كتاب (فصوص الحِكَم لابن عربي) وقد طبعت عدّة طبعات، وكتبت عليها الكثير من الشروحات.  الذريعة، آغا برزك الطهراني، ج16، ص235.

([128]) وقد ذكره في الفص العاشـر، والثاني عشـر. فصوص الحِكَم، ابو نصـر الفارابي، تحقيق محمد حسن ال ياسين، ص56، ص59. نصوص الحِكَم على فصوص الحِكَم، الاستاذ حسن زادة آملي، ص13، ص540.

([129]) المصدر السابق.

([130]) شـرح فصوص الحِكَم، داود القيصـري، تحقيق حسن زادة آملي، الفصل الاول في الوجود وانه الحق، ص21. وقد ذكر الشارح العلامة القيصـري في الفصّ الهودي: (والعلوم الالهية ما يكون موضوعه الحق وصفاته، كعلم الاسماء والصفات، وعلم احكامها ولوازمها، وكيفية ظهوراتها في مظاهرها، وعلم الاعيان الثابتة، وعلم الاعيان الخارجية من حيث انها مظاهر الحق). شـرح فصوص الحِكَم، داود القيصـري، ص245. ونقل الحكيم ابن الفناري في مصباح الانس حجج المنكرين لحقيقة الحق من السوفسطائيين وغيرهم، ودفع كل واحد منها بأكمل وجه. مصباح الانس بين المعقول والمشهود، محمد ابن حمزة الفناري، ص56.

([131]) من بيت شعر قاله ابو عقيل لبيد بن ربيعة العامري:

الا كل شــيء ما خلا الله بــاطل
 

 

وكـل نعيــم لا محالــــة زائــــل
 

 

شـرح نبراس الهدى، الحكيم ملا هادي السبزواري، هامش ص76.

([132]) المواقف في علم الكلام، المحقق الايجي، ص48 - 59.

([133]) اضافة لهذا الدليل فقد ذكر في غرر الفرائد أدلة أخرى في فساده. شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص101 - 102.

([134]) وهو الدور.

([135]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، الفصل الثالث في ان واجب الوجود أنيته ماهيته، ص96 - 112.

([136]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، هامش ص108.

([137]) شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص110. شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2،
ص101 - 102.

([138]) مراتب من صيغة مُنتهى الجموع، وهي ممنوعة من الصرف، وصُرِفَتْ هنا لمراعاة كمال الوزن.

([139]) واغلب الشـرائع متفقة عليه.

([140]) القائلين بوجود مبدأين وخالقين أحدهما للخير والثاني للشـر.

([141]) والذي تقول به المدرسة الصوفية.

([142]) التعليقات على شـرح العقائد العضدية، جلال الدين الدواني، ص259.

([143]) مجموعة مصنفات شيخ الاشـراق، شهاب الدين السهروردي، ج2، ص119.

([144]) سورة النور، الآية 35.

([145]) سورة الحديد، الآية 3.

([146]) فقد ذهب شيخ الاشـراق الى جواز التشكيك في الماهية، وهو اختلاف نوع واحد بالشدة والضعف والتقدم والتأخر، وغيرها. شـرح حكمة الاشراق، السهروردي، ص224.

والحق انه لا تشكيك إلا في حقيقة الوجود، وهو ما اثبته صدر المتألهين في تعليقاته على حكمة الاشـراق. شـرح حكمة الاشـراق، صدر الدين الشيرازي، ص234، ص237. ولمزيد من التوسعة والاطلاع على الهيكليّة العامة لمدرسة الحكمة المتعالية ازاء مبحث التشكيك، انظر: النظام الفلسفي لمدرسة الحكمة المتعالية، عبد الرسول عبوديت، ج1، ص191 - 241.

([147]) البحر المديد، احمد بن عجيبة، تحقيق احمد عبد الله القريشـي، ج4، ص365.

([148]) حيث ذكر المحقق في غرر الفرائد مجموعة من الاقوال لصاحب الاشـراق. شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص106 - 107.

([149]) ايقاظ النائمين، صدر الدين الشيرازي، تحقيق محسن مؤيدي، ص60 - 61.

([150]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص69 - 71.

([151]) والمصنف يرى ان (فيه دفع لمّا قد يتوهم، انه كيف يكون الوجود على هذا المذهب حقيقة واحدة، والضعف والشدّة متباينان، وكذا النقص والكمال.

الجواب: ان الضعف وكذا النقص، قد يطلق ويراد به نفس الوجود الضعيف، الذي على حدٍ مخصوص، وله السنخيّة مع الشديد والكامل، لا المباينة. وقد يطلق ويراد به المعنى العدمي، وله مباينة معهما، لكنه غير داخل في الوجود، لأنه نفي محض، على ان الوجود بسيط). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص108، حاشية11.

([152]) انظر الفريدة الخامسة في الماهية ولواحقها.

([153]) وقد ذكر صدر المتألهين ان (المتقدّم والمتأخر وكذا الاقوى والاضعف كالمقوّمين للوجودات، وان لم تكن كذلك للماهيات، فالوجود الواقع في كل مرتبة من المراتب لا يتصوّر وقوعه في مرتبة اخرى، لا سابقة ولا لاحقة، ولا وقوع وجود اخر في مرتبته، لا سابق ولا لاحق). الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص8.

([154]) وقد اشار المصنّف (الى التوحيد الخاصّـي، وانه الوحدة في الكثرة، والكثرة في الوحدة، وان تفاوت المراتب لا ينثلم به الوحدة، والى دفع ما يتوهم من المحدودية، اذا كان الذات الاقدس مرتبة فوق التمام والوجود الاحدي، الذي لا اسم ولا رسم له كما ظنّه بعض المتصوّفة، وذلك للسنخيّة التي بين المراتب، فأنها من حقيقة واحدة مشككة كأفراد من نوع واحد، وان لم يكن حقيقة الوجود نوعاً، فضلاً عن ان يكون له افراد. نعم لها مراتب متميّزة لعينيّة الوجود والوحدة والتشخّص، وكيف ينثلم الوحدة الحقّة؟ وكل الكمالات الاولى والثواني في كل تال على النحو الاتمّ في متلوه، وبالعكس من المتلو في التالي على النحو الاضعف، فهي كالحد والمحدود، وكيف يحدّ الذات الاحديّة، والوجود المنبسط ظهوره وكلمته؟ وظهور الشـيء وكلمته لا يباينه والعلّية هي التشأن. فعاد الوجود طرّاً الى اقليم الله تعالى، والنور الى صقع الله تعالى، [اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ] سورة النور، الآية 35). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص109، حاشية17.

([155]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، قسم الحكمة، ج2، ص110، حاشية 20.

([156]) يأتي في بحث الوحدة والكثرة في الفريدة السادسة.

([157]) قال صدر المتألهين في الشواهد الربوبية: (ان الوجود مع كونه أمراً شخصياً ممّا يجوز القول بأنه مختلف الحقائق بحسب الماهيات المتحدة، كل منها بمرتبة من مراتبه، سوى الموجود الاول الذي لا يشوبه ماهية اصلاً... فلا تخالف بين ما ذهبنا اليه من اتحاد حقيقة الوجود واختلاف مراتبها... وما ذهب اليه المشاؤون... من اختلاف حقائقها عند التفتيش). الشواهد الربوبية، صدر الدين الشيرازي، الاشـراق الثالث من المشهد الاول، ص10 - 11. نقلاً عن شـرح المنظومة، الحكيم الهيدجي، ص176 - 177. وتجريد الاعتقاد، نصير الدين الطوسـي، ص110. شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص68.

([158]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، (مبحث الشدة والضعف)، ص431 - 446.

([159]) تجريد الاعتقاد، نصير الدين الطوسـي، ص110. شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص68.

([160]) ولمزيد من التوسعة، يمكن الاطلاع على الشبهة التي اعترت ابن كمونة، والتي سمّيت بـ(افتخار الشياطين) وصـرّح صدر المتألهين ايضاً بان هذه الشبهة التي تنسب لابن كمونة، هي بالأصل تعود الى صاحب الاشـراق. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج6، ص63.

([161]) شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، عبد الرزاق اللاهيجي، ج4، ص201 - 213.

([162]) جاء في هامش الاسفار (اذ الماهية مثار الكثرة والاختلاف بالفعل، والمفروض ان حيثيات ذواتها هي الأصل في التحقق والكثرة، بقدر قبول القسمة الغير المتناهية، بخلاف ما إذا كان الوجود أصلاً، فهو كخيط ينظم شتاتها، بل هي اعتبارية تحققها باعتبار المعتبر ما دام يعتبر، ولو بنى على ظاهر مذهب المشائين من أن الوجود أصل، ولكنه حقائق متباينة بتمام ذواتها البسيطة، لتم الاستدلال أيضاً، لان التباين انما هو في موضع الكثرة الوجودية بالفعل، وهنا وجود واحد لكنه متصل سيال، على أن الحكيم لا يرضـى بهذا القول، ولذا أول كلامه  قدس سره ). الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج4، ص82.

([163]) ولمزيد من الاطلاع على آراء صدر المتألهين. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص35. المبدأ والمعاد، صدر الدين الشيرازي، ص23.

([164]) ثلاث رسائل، جلال الدين الدواني، تحقيق السيد احمد تويسـركاني، ص168.

([165]) شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص69. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص249.

([166])مجموعة مصنفات شيخ الاشـراق، السهروردي، تصحيح هنري كربان، ج1، ص156، ص391-402.

([167]) شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص69، ص181.

([168]) مجموعة مصنفات شيخ الاشراق، السهروردي، ج1، ص119، ج2، ص464. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص349.

([169]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، في جواب الاشكالات التي وردت على اصالة الوجود، ص77 - 85.

([170]) وقد ذكر صدر المتألهين عبارة المحقق الدواني في اسفاره. شـرح المنظومة، الحكيم هادي السبزواري، تحقيق الشيخ حسن زادة آملي، ج1، ص116 - 117 تعليقة 59. شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص69.

([171]) بأن يكون الحكم على المفهوم من حيث السـراية إلى الحقيقة والحكاية عنها.

([172]) درر الفوائد، الشيخ محمد تقي الآملي، ج1، ص93 - 94.

([173]) وقد صنّف العلامة الشيخ حسن زادة آملي رسالة مفيدة جداً في تحقيق الوجود الذهني، رتّبها في ثلاثة فصول وخاتمة، مقرراً اصل المطلب، وذاكراً الحجج المتعددة في اثبات الوجود الذهني، ومناقشاً أدلة المعترضين والنافين. وقد سمّاها (النور المتجلي في الظهور الظلّي).

([174]) كذا قيل، وذكره الاستاذ أن النزاع في ملاك العلم، هل انه على نحو الاضافة، أو على نحو الوجود في الذهن. (منه  رحمه الله )

([175]) شـرح فصوص الحِكَم، داود القيصـري، ص148.

([176]) درر الفوائد، الشيخ محمد تقي الآملي، ج1، ص94 - 95.

([177]) وقد ذكر صاحب الشوارق ادلة اثبات القائلين بالوجود الذهني، ثمّ شـرع في مناقشتها. شوارق الالهام في شرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص194 - 208.

([178]) في مبحث أن المعدوم ليس بشـيء، وشـروع في بعض أحكام العدم والمعدوم.

([179]) المواقف في علم الكلام، الايجي، ص52. شـرح المقاصد، التفتازاني، تحقيق عبد الرحمن عميرة، ج1، ص345.

([180]) وقد ذكر صاحب الشوارق ادلة النافين للوجود الذهني. شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص209.

([181]) المواقف، المحقق الايجي، ص52. شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص48.

([182]) التمثيل المذكور من المصنف لتوضيح مراد القوشجي، كما ذُكر في حواشـي المصنف ايضاً على الاسفار. تعليقة الاشتياني على شـرح المنظومة، مهدي المدرّس الاشتياني، ج2، ص191. تعليقة الفاضل القوشجي على عبارة الشيخ الطوسـي في التجريد. شـرح تجريد الاعتقاد، علاء الدين القوشجي، ص16.

([183]) ويمكن بيان اهم الاشكالات التي وردت على القائلين بالوجود الذهني:

1- يلزم من القول به اجتماع الجوهر والعرض.

2- يلزم اندراج كافة المقولات - والماهيات المندرجة تحت المقولات - في مقولة الكيف.

3- لزوم الفرد المجرّد لكل نوعٍ جسماني.

4- لزوم اتصاف النفس بصفات الاجسام، وبالأمور المتضادة.

5- لزوم وجود امورٍ ممتنعة بالذات.

6- لزوم اجتماع الجزئيّة والكلّية.

7- لزوم انطباع الصغير في الكبير.

8- لزوم مباينة الصورة المنطبعة في العضو الحـسـّي مع ذي الصورة.

9- لزوم كون الامور الذهنية خارجية.

ولمزيد من الاطلاع على هذه الاشكالات مع الاجوبة عليها. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص297 - 308. الشواهد الربوبية في المناهج السلوكية، صدر الدين الشيرازي، ص30 - 40. مفتاح الغيب، صدر الدين الشيرازي، ص101 - 104. النظام الفلسفي لمدرسة الحكمة المتعالية، عبد الرسول عبوديت، ج3، ص48.

([184]) شـرح تجريد الاعتقاد، علاء الدين القوشجي، ص13 - 14.

([185]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص130، حاشية35.

([186]) المصدر السابق.

([187]) (لأنه خلاف الوجدان، ولأنه جمع بين القول بالشبح والقول بالمثليّة، لأن ذلك القائم شبح للموجود الخارجي، وذلك الحاصل مثل له، ووجهه واضح. وفيه محذورات اخرى تطلب من كتب اخرى كالأسفار والشوارق، وأني في تعاليقي على الاسفار ذكرت له توجيهاً وجيهاً على طريقة الاشـراق، ليس هنا موضع ذكره). شـرح المنظومة، الحكيم هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص130، حاشية38.

([188]) أي الصورة عارضة عليها، والا فلا يعقل أن تكون مادة، والصورة الحاصلة صورة لها. (منه  رحمه الله ).

([189]) شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص208 - 218.

([190]) وهو مذهب افلاطون والاقدمين. مجموعة مصنفات شيخ الاشـراق، شهاب الدين السهروردي، ج1، ص302.

([191]) مجموعة مصنفات شيخ الاشـراق، شهاب الدين السهروردي، ج1، ص302.

 

([192]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص131، حاشية 41.

([193]) نسبه: محمد بن غياث الدين الاَوّل منصور بن صدر الدين الثاني محمد بن إبراهيم ابن صدر الدين الاَوّل محمد بن إسحاق الحسيني صدر الدين الثالث، أبو المعالي الدشتكي الشيرازي.

ولادته ووفاته: ولد في شعبان سنة ثمان وعشـرين وثمانمائة (828 - 903هـ)، وقال ولده غيّاث الدين: إنّ والده استشهد في صبيحة يوم الجمعة الثاني عشر من شهر رمضان سنة ثلاث وتسعمائة بيد التركمان.

دراسته: وأخذ العلوم الشـرعية عن أبيه، وابن عم أبيه نظام الدين أحمد بن إسحاق ابن إبراهيم، والعلوم العربية والفنون الاَدبية عن ابن عمته حبيب اللّه، والعلوم العقلية عن السيد مسلم الفارسـي وغيره، ومهر فيها، وكان فقيهاً، مناظراً قديراً، من كبار العلماء بالحكمة والاِلهيات.

 تلامذته: شمس الدين محمد بن أحمد الخفري، وولده غياث الدين منصور.

مؤلفاته: صنّف أربعة عشـر كتاباً، منها: تعليقات على التيسير في فقه الشافعية، شـرح مختصـر أُصول ابن الحاجب المالكي، إثبات الواجب، حاشية على الكشاف في التفسير للزمخشـري حاشية شـرح المطالع، وحاشية على شـرح الشمسية في المنطق لقطب الدين الرازي، رسالة في خواص الجواهر، رسالة في القوس قزح.

وذكر في كتاب مجالس المؤمنين أنّ أسلاف المترجم كلّهم من حفظة السنّة والحديث، إلاّ أنّ الغالب على أمرهم عدم التصـريح بمذهبهم، ولذلك اقتصـروا في تآليفهم على نقل أحاديث أهل السنّة، لكن سيدنا المترجم عدل عن ذلك، وصارح بمعتقده من ولاء أئمّة آل البيت G.

مجالس المؤمنين، السيد الشهيد نور الله المرعشـي التستري، ج2، ص239. اعيان الشيعة، محسن الامين، ج9، ص60. موسوعة طبقات الفقهاء، اللجنة العلمية في مؤسسة الامام الصادق عليه السلام ، بإشـراف الشيخ جعفر سبحاني، ج10، ص3283.

([194]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص315.

([195]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص133، حاشية45.

([196]) (وذلك لان مدار كون شـيء واحد جوهراً وعرضاً، وعلماً ومعلوماً، هو ان الموجود في الذهن لما كان بعينه الموجود في الخارج، وما في الخارج معلوم وجوهر، وما في الذهن علم وعرض، فيلزم كون شـيء واحد باعتبار الوعائين، جوهراً وعرضاً وعلماً ومعلوماً، واما مدار اشكال كون شـيء واحد جزئياً وكلياً، فهو باعتبار وعاء الذهن فقط، اذ الموجود في الذهن جزئي باعتبار كونه قائماً بالذهن والموضوع من جملة المشخّصات، وكلي باعتبار ان كل شـيء في العقل محذوفاً عنه الغرائب كلي، سواء كان ذلك الشـيء نفس الموجود الخارجي على ما يقوله المحققون، أو شبحه على قول القائلين بالشبح، أو منقلبة على قول هذا المحقق السيد السند). درر الفوائد، الشيخ محمد تقي الآملي، ج1، ص108.

([197]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص133، حاشية47.

([198]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص133، حاشية52.

([199]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، مبحث الوجود الذهني، ص261.

([200]) وقد ذكره صدر المتألهين وردّه. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، مبحث الوجود الذهني، ص298.

([201]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص137، تعليقة 67.

([202]) وقد ذكره صدر المتألهين وردّه. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، مبحث الوجود الذهني، ص298.

([203]) كما سيأتي في آخر هذا الغرر.

([204]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص265.

([205]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج7، ص57.

([206]) وإن كانت لا تشعر بذلك كما هو واضح (منه  رحمه الله ).

([207]) فــ(المظهريّة بالنسبة الى المعقولات الكلية، والمصدرية بالنسبة الى الخيالات مثلاً، وذلك لأن العلّية تقتضـي سوائيّة ازيد ممّا في العقليات، اذ لها وجود تجرّدي وسيع، ووحدة جمعيّة تحاكي تجرّد النفس النطقيّة القدسية. فهي من صقع النفس، كما يقول: ان العقول المفارقة من صقع الربوبية، بخلاف الخيالات، لأن كُلاً منها محدود متقدّر متشكّل، ولا تجرد حقيقي فيها ولذا كثيراً ما يقول: التعقّل بالاتحاد، والتخيّل ما بالخلاقيّة باذن الله تعالى). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص139، حاشية76.

([208]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص294.

([209]) درر الفوائد، الشيخ محمد تقي الآملي، ج1، ص115 - 116.

([210]) ورد في حاشية المصنف: (هذا الحكيم المتأله  قدس سره  مع المحقق الدواني في شقاق، فالمحقق يدّعي صحة السلب للكيف، وصحة الاثبات للمقولات الاخر، وهو  قدس سره  يدّعي صحة السلب لحقائق المقولات، وصحة الاثبات للكيف، ومدار هذا الاشكال على اثبات كلا الامرين بالحقيقة لكل صورة صورة من المقولات، ومتى طرد احدهما أنحلّ). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص140، حاشية83. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص298.

([211]) حاشية الدواني على شـرح التجريد للقوشجي، ص27.

([212]) حِكَم الفصوص وحِكَم الفتوحات المسمى مجمع البحرين في شـرح الفصين، ناصـر بن الحسن الحسيني الكيلاني، تحقيق احمد المزيدي، ص133 - 134. شـرح فصوص الحِكَم، مؤيد الدين الجندي، تحقيق السيد جلال الدين آشتياني، ص155 - 156. الاسفار الاربعة، صدر الردين الشيرازي، ج2، ص354، ج8، 203. أنوار الحقيقة وأطوار الطريقة وأسـرار الشريعة، السيد حيدر آملي، تحقيق السيد محسن الموسوي، ص42. شـرح فصوص الحِكَم، داود القيصـري، تحقيق السيد جلال الدين آشتياني، ص70 - 73. ايقاظ النائمين، صدر الدين الشيرازي، تحقيق محسن مؤيدي، ص33. المشاعـر، صدر الدين الشيرازي، ص97.

([213]) فصوص الحِكَم، داود القيصـري، تحقيق حسن زادة آملي، ج1، ص81 - 94. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص349. مجموعة آثار آقا محمد رضا القمشئي، محمد رضا قمشئي‏، تحقيق حامد ناجي الأصفهاني، خليل بهرامي، ص86 - 94‏. الكتاب التذكاري، جمع من المؤلفين، تصحيح ابراهيم بيومي مدكور، ص207 - 220. جواهر النصوص في شـرح الفصوص، عبد الغني النابلسـي، تحقيق عاصم ابراهيم، ج1، ص136 - 139. شـرح الاسماء الحسنى، صدر الدين القونوي، تحقيق قاسم الطهراني، ص165. مفاتيح الغيب، صدر الدين الشيرازي، ص331.

([214]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص297، تعليقة 2.

([215]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص73 - 74.

([216]) وقد علّق المصنف على قول ملا صدرا في اسفاره (لما فرغ من تصحيح ان المقولات في الذهن ليست بالحمل الشائع مقولات، بل بالحمل الأولى فقط. ذكر الجزء الثاني من المطلوب وهو انها كيف بالحمل الشائع، ولما رأى أنه لو صدق عليها الكيف صدقاً ذاتياً، عاد الاشكال جذعاً، قال إنها كيف بالعرض، لكنه  قدس سره  ما ذكر في بيان كيفيتها سوى انها صفات للذهن، وان وجودها في النفس، وأنت تعلم أنه لا يثبت سوى عرضيتها المطلقة الشاملة لكل المقولات في الذهن، كما قال المحقق الدواني وغيره، فان وجودها في أنفسها كونها وتحققها، لا امر ينضم إليها، والوجود ليس كيفاً، ونفس تلك الماهيات من مقولات المعلومات، مع أن وجودها في أنفسها عين وجودها لموضوعها، وهو النفس.

ثمّ انتسابها إلى النفس إن كان اضافة اشـراقية من النفس، فالإشـراق هو الوجود، فكان كإشـراق الحق في كل بحسبه، فلم يكن من مقولة الكيف، بل من مقولة المعلوم، ولكن بالعرض، وإن كان اضافة مقولية كان المعلومات اضافة بالعرض، لا كيفاً بالعرض، ثمّ ما بالعرض لا بد وان ينتهى إلى ما بالذات، فما ذلك الكيف بالذات حتى تكون تلك المفهومات الذهنية كيفيات بالعرض له، والكيف من المحمولات بالضميمة، وليس كالعرض المطلق، ولا ضميمة فيها ينتزع منها ماهية الكيف المطلق، وماهية الكيف الخاص كمفهوم العلم.

والجواب: ان بناءه على طريقة القوم من القيام الحلولي لا الصدوري ولا الاتحاد، فالمقولات في العقل مفاهيم جوهر وكم وكيف.. الخ، ويضاف إليها وجود ناعتي عند القوم، وهذا الوجود له ماهية هي مفهوم العلم، وهي كيف بالذات، والمقولات كيف بالعرض).

الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص299.

([217]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص299.

([218]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص146، حاشية106.

([219]) للاطلاع على مزيد من التفاصيل حول هذه المباحث مجموعة رسائل ابن عربي، محي الدين ابن عربي، ج3، ص31. منتهى المدارك في شـرح تائية ابن الفارض، سعيد الدين الفرغاني، تحقيق عاصم ابراهيم، ج1، ص635 - 636. مجموعة رسائل ومصنفات الكاشاني، عبد الرزاق الكاشاني، تحقيق محمد هادي زادة، ص643 - 644. شـرح الاسماء الحسنى، الحكيم هادي السبزواري، تحقيق نجف قلي حبيبي، ص49، ص211، ص381. شـرح فصوص الحكم، صائن الدين علي بن تركة، تحقيق محسن بيدار، ج1، ص293 - 294. لطائف الاعلام في اشارات أهل الالهام، عبد الرزاق الكاشاني، تحقيق احمد عبد الرحيم السائح - توفيق علي وهبة - عامر النجار، ج3، ص547.

([220]) بحار الانوار، العلامة المجلـسـي، تحقيق ابراهيم الميانجي، محمد باقر البهبودي، ج84، ص199، ص344. شـرح اصول الكافي، محمد صالح المازندراني، تحقيق وتعليق الميرزا ابو الحسن الشعراني، ج1، ص74، ص97.

([221]) مصباح الانس بين المعقول والمشهود، محمد بن حمزة الفناري، تحقيق محمد خواجوي، ص671. تعليقات على الشواهد الربوبية، الحكيم هادي السبزواري، تعليق السيد جلال الدين آشتياني، ص697. اسـرار الايات، صدر الدين الشيرازي، تحقيق محمد خواجوي، ص42.

([222]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، قسم الحكمة، ج2، ص146، حاشية108. درر الفوائد، محمد تقي الآملي، ج1، ص122- 123.

([223]) اسـرار العبادات وحقيقة الصلاة، القاضـي سعيد القمي، تحقيق السيد محمد باقر السبزواري، ص91. شـرح الاسماء الحسنى، الحكيم هادي السبزواري، تحقيق نجف قلي حبيبي، ص151. معرفة الله، السيد محمد حسين الطهراني، ج1، ص168.

([224]) وقد تقدّم الكلام في مذهبي صدر المتألهين والمحقق الدواني.

([225]) شـرح الاشارات والتنبيهات، المحقق الطوسـي، ج4، ص541.

([226]) ولادته: ولد فرفريوس الصوري في مدينة صور اللبنانية، من أسـرة فينيقية سنة (233 - 305م) إلا أن تكوينه الثقافي ومن ثمّ الفلسفي كان يونانياً خالصاً.

دراسته: درس عند لونكنس مدة ثلاثين عاماً في أثينا، وكان فرفريوس واحداً من طلابه. ويقال إن لونكنس هو الذي أطلق عليه الإسم فرفريوس (والذي يعني لباس الإرجوان) وهو دلالة على (سحنة فرفريوس) أو لون الرداء الإمبراطوري الذي كان يرتديه.

ثمّ رحل الى روما، ليلتقي بأستاذه افلوطين ليحضـر عنده الدرس الفلسفي.

مؤلفاته: كتب فرفريوس الصوري مؤلفه في علم المنطق، والمعنون (الإيساغوجي) والذي يعد من أفضل مساهماته في تلك الفترة في مضمار الفلسفة، وفي طرف منه قدّم لنا نصاً يساعد في دراسة المعقولات، وهي في التقويم الأخير خلاصة إفلاطونية محدثة أساسية للمقولات، والتي تضمنت شـرحاً لمقولات أرسطو، وهذا هو العنوان الحقيقي لكتاب الإيساغوجي، كما ان اول من ترجمه الى العربية هو ابن المقفع.

نشاطه التدويني: إعتنى فرفريوس الصوري بالعلم الرياضـي، ومنحه أهمية في مشـروعه في التدوين الفلسفي عامة، والتدوين العلمي خاصة، تتوج ذلك في الشـرح الذي وضعه على كتاب الأصول في الهندسة، والذي كتبه عالم الهندسة إقليدس سنة (300 ق.م)، كما وكتب ايضاً في علم التنجيم، الدين، الفلسفة.

كما بدأ بجمع رسائل أستاذه إفلوطين، ونقحها ووضع لها مقدمة ونشـرها مع سيرة إفلوطين في العام (270م). وفرفريوس هو الذي وضع لها عنوان (التساعيات) أو (تاسوعات افلوطين) وهو العنوان الذي أستنبطه من رسائل إفلوطين ذاتها.

الفكر المنطقي الإسلامي، الدكتور محمد جلوب الفرحان، ص42. فرفريوس، أ.باركر، منشور في معجم أكسفورد الكلاسيكي، ص1226 - 1227. أثر فرفريوس الصوري، الدكتور محمد جلوب الفرحان، مجلة دراسات الاجيال، 1986.

([227]) شـرح الاشارات والتنبيهات، المحقق الطوسـي، ج3، ص395. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج3، ص487، ج6، ص181. مفاتيح الغيب، صدر الدين الشيرازي، تصحيح خواجوي، ص421، ص544.

([228]) تعليقات على شـرح المنظومة، الحكيم الهيدجي، ص193. الا ان الشيخ حسن زادة آملي في تعليقته ذكر ان (اسكندر هذا هو اسكندر الافروديسـي الرومي) والاول هو غير الثاني، ولعل الداعي الى حصول الخلط بينهما هو نسبة الحكيم الافروديسـي الى حكماء روما (كما سيأتي في ترجمته) والامر سهل. شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص148.

([229]) ولادته: وهو من مدينة ابرودماساس عاش في الربع الأخير من القرن الميلادي الثاني، والربع الأول من القرن الثالث، وقد أهدى كتابه (في القدر) إلى الامبراطورين سيفيريوس وأنطونيوس بين سنتي (198 و208م)، وعهد إليه تدريس فلسفة أرسطو في أثينا بين عامي (197- 211م). وثمة ما يشير إلى أنه أقام مدة من الزمن في روما، حيث يحتمل أنه لقي جالينوس.

دراسته: حضـر عند ارسطوطاليس مدّة من الزمن متأثراً بأفكاره ونظرياته، مما حدى به الى التفرغ لشـرح وتدوين مؤلفات استاذه، وقد عُدَّ خبيراً في فلسفة أرسطو، ولاسيما في مجال الكليات ونظرية العقل، الى ان لُقب بـ أرسطو الثاني أو الشارح. وباتت شـروحه منهلاً ونموذجاً، يفيد منها أتباعه من الإغريق والبيزنطيين، ونقلت تلك الشـروح إلى اللغات السـريانية والعربية واللاتينية.

مؤلفاته: وإلى جانب شـروح الاسكندر على أرسطو، كانت له آراء خاصة، ضمّنها رسائل، فُقد أكثرها في أصلها اليوناني.

وقد كتب التحليلات وفيها شـروح لأستاذه، كانت التحليلات الأولى تتضمن كتابين، الكتاب الأول الجدل (طوبيقا)، (والمفقود منها: المقولات، والعبارة) والكتاب الثاني في المغالطات، والآثار العلوية، وفي الإحساس، وفي الميتافيزيقا (والمفقود منها: الطبيعة، وفي السماء، وفي الكون والفساد، وفي النفس) اما مصنفاته الخاصة: كتاب في النفس، وكتاب في العقل، وكتاب في القدر، ورسالة في مبادئ الكل، وكتاب في العناية الإلهية (مفقود باللغة اليونانية) ويسميه عبد الرحمن بدوي (في العناية).

ارسطو عند العرب، عبد الرحمن بدوي، ص253 - 277. الموسوعة العربية، عادل العوا، الاسكندر الافروديسـي. الملل والنحل، الشهرستاني، تصحيح احمد فهمي، ص490. موسوعة الفلسفة، عبد الرحمن بدوي، ج1، ص153.

([230]) الاسكندر المقدوني، الذي لقّب بذي القرنين.

([231]) سيأتي ذلك في غرر أن التركيب بين المادة والصورة اتحادي أو انضمامي.

([232]) (فان قلت: قد اختار  قدس سره  في الفريدة الخامسة، التي يبحث فيها عن الماهية ولواحقها مذهب المشائين، من أن التركيب بين المادة والصورة انضمامي، لا اتحادي، فكيف خالف ما اعتقده هنا؟ الا ان يقال بعدوله عن تلك العقيدة فيما بعد، فيلزم ان يعدل عمّا اعتقده من اتحاد العاقل بالمعقول، أو يبقى عنده بلا دليل، لان مسلك التضايف على ما سيصـرّح به غير تام عنده، واذا لم يكن التركيب الاتحادي مرضياً عنده، فبأي دليل يثبت ما ادّعى من الاتحاد؟

قلت: اما اولاً، فليس الطريق عنده  قدس سره  لأثبات اتحاد العاقل بالمعقول منحصـراً في مسلكي التضايف، والتركيب الاتحادي بين المادة والصورة، بل لإثبات هذا المطلب العالي والدر الغالي طرق عديدة، ومسالك كثيرة، غير المسلكين المذكورين، قد أشار الى اثنين منها في الشـرح والحاشية، والى الباقي في حواشـي الاسفار والشواهد وغيرهما.

واما ثانياً، فما اختاره فيما بعد هذا المبحث من التركيب الانضمامي، ليس مما ينافي ما ذهب اليه هنا من الاتحاد، لان مراده فيما سيأتي عدم ذهاب حكم المادة مطلقاً بعد حصول الصورة فيها، بل تكون مرتبة القوّة ودرجتها وأحكامها التي هي من لوازمها، محفوظة في عين اكتسائها بالصورة في الجملة، مع القول بفنائها فيها وانمحائها تحتها، وانمحاقها عندها، فإن بقاء هيكل القوّة عند طلوع شمس الفعلية - وعدم اندكاك أنّيتها عند تجلّيها وتحقّقها، بجميع آثارها وخواصّها ولوازمها وحدّها - كبقاء الشـيء في جنب الشـيء، ممّا لا يتفوه به جاهل، فضلاً عن عاقل). تعليقة على شـرح المنظومة، الميرزا مهدي المدرس الاشتياني، ج2، ص223.

([233]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج4، ص312 - 326.

([234])الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج3، ص40.

([235]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج4، ص188. شـرح رسالة المشاعر، جعفر اللاهيجي، تحقيق جلال الدين آشتياني، ص243.

([236]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج6، ص169.

([237]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص149 – 150، حاشية120.

([238]) وقد نسبت هذه الابيات الى امير المؤمنين  عليه السلام :

دواؤك فيك فـــــلا تبصـــــر
 

 

وداؤك منك فـــــلا تشعــــــــر
 

وأنت الكتاب المبــــــين الذي
 

 

بأحــــرفه تظهـــر المضمـــــــر
 

أتزعم أنك جـــرم صغـــــير
 

 

وفيك انطوى العـــالم الأكبــــــر
 

منهاج اليراعة في شـرح نهج البلاغة، حبيب الله الهاشمي الخوئي، تحقيق السيد ابراهيم الميانجي، ج7، ص36.

([239]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص151، حاشية125.

([240]) المثنوي المعنوي (معرب الدسوقي)، جلال الدين محمد البلخي (مولوي) تحقيق إبراهيم الدسوقي شتا، ج2، ص520. النصوص، صدر الدين القونوي، تحقيق السيد جلال الدين آشتياني، ص102. شـرح فصوص الحِكَم (القيصـري)، داود القيصـري، تحقيق السيد جلال الدين آشتياني، ص115، ص250. رشحات عين الحياة، حسين بن علي الكاشفي، تحقيق عاصم ابراهيم الكيالي، ص594. مفاتيح الغيب، صدر الدين الشيرازي، تحقيق محمد خواجوي، ص39. شـرح الاسماء الحسنى، الحكيم هادي السبزواري، تحقيق نجف قلي حبيبي، ص126، ص170، ص382، ص507. مجموعة آثار آقا محمد رضا القمشئي حكيم صهبا، محمد رضا قمشئي، تحقيق‏ حامد ناجي الأصفهاني - خليل بهرامي قصـرجمي، ص210 - 211. رشحات البحار، محمد علي شاه آبادي، ص125 - 127. المكتوبات للسـرهندي، احمد الفاروقي الســرهندي - محمد المراد المنزلوي، تحقيق عبد الله احدم الحنفي المصـري - علي رضا قشلي، ج1، ص100، ص316، ج2، ص463.

([241]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، قسم الحكمة، ج2، ص164، حاشية2.

([242]) قال المصنف: (معيار كون الاتصاف في العين ان يكون الرابط للصفة في الخارج، وكون عروضها في العقل ان يكون وجودها الرابطي، أي وجودها المحمولي الناعتي في العقل، لا في الخارج، ولا غرو في ذلك، لان ثبوت شـيء لشـيء فرع ثبوت المثبت له، لا الثابت، وكون الوجود الرابط أي ثبوت شـيء لشـيء في الخارج لا يستدعي زيادة مؤنة، كما ان الاعدام ثابتة للأشياء في الخارج بهذا المعنى، وكذا الاعتباريات. فالعمى ثابت لزيد في الخارج، وكذا الجهل البسيط وسلب الكناية ونحوها، ولا ثبوت نفسـي لها في الخارج، وبوجه اخر معنى كون هذه في الخارج، ان الخارج ظرف لنفسها، لا لوجودها، كما ان النسبة الخارجية معناها ان الخارج ظرف لنفس النسبة، لا لوجودها. فكون العدم لزيد في الخارج، أو سلب بصـره في الخارج، معناه ان الخارج ظرف لنفس العدم والسلب، لا لوجودهما حتى يلزم التهافت). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص165،حاشية5.

([243]) بداية الوصول في شـرح كفاية الاصول، محمد طاهر ال الشيخ راضـي، تصحيح السيد محمد البكاء، ج3، ص241.هدى الطالب الى شـرح المكاسب، جعفر الجزائري المروج، ج1، ص6، ص185-188.

([244]) شـرح تجريد الاعتقاد، القوشجي، ص53.

([245]) كشف المراد في شـرح تجريد الاعتقاد، العلامة الحلي، تحقيق حسن زادة آملي، ص42.

([246]) ذكر المحقق الطوسـي في التجريد بأن(الشيئيّة من المعقولات‏ الثانية، وليست متأصّلة في الوجود) ص110، وفي موضع اخر قال: (والوجود من المحمولات العقليّة لامتناع استغنائه عن المحلّ وحصوله فيه، وهو من المعقولات‏ الثانية، وكذلك‏ العدم وجهاتهما والماهيّة والكليّة والجزئيّة والذّاتيّة والعرضيّة والجنسيّة والفصليّة النوعيّة)، ص116، ولم يذكر ما اورده المصنف نقلاً عنه:(فانه حيث قال: والجوهرية والعرضية والشيئية وغيرها من المعقولات الثانية). تجريد الاعتقاد، نصير الدين الطوسـي، تحقيق محمد جواد الحسيني الجلالي، ص110، ص116.

([247]) شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص287 - 296.

([248]) درر الفوائد، الشيخ محمد تقي الآملي، ج1، ص135.

([249]) معجم مصطلحات الصوفية، عبد الرزاق الكاشاني، تحقيق الدكتور محمد كمال ابراهيم، ص48.

([250]) جرى على لغة ربيعة من الوقف على المنصوب بالسكون، ومثله قول الأعشـى:

إلى المرء قيس أطيـــل الســـــــــــــرى
 

 

وآخــذ من كل حي عصــــم
 

إنباه الرواة على أنباه النحاة، علي بن يوسف القفطي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، ج2، ص60. شـرح شافية ابن الحاجب، رضـي الدين الاسترابادي، تحقيق محمد نور الحسن - محمد الزفراف - محمد محي، ج2، ص17، ص70.

([251]) والقائل هو: أبو القاسم إسماعيل بن عباد بن عباس الطالقاني المشهور بـ(الصاحب). سير أعلام النبلاء، محمد بن احمد الذهبي، إشـراف وتخريج شعيب الأرنؤوط، تحقيق أكرم البوشـي، ج16، ص513. وفيات الاعيان، ابن خلكان، تحقيق احسان عباس، ج1، ص230.

([252]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص174، حاشية7.

([253]) تقريرات في أصول الفقه، تقرير بحث البروجردي للاشتهاردي، ص95. مطارح الانظار، الشيخ مرتضـى الانصاري، ص106. شـرح الاسماء الحسنى، الحكيم هادي السبزواري، ص243.

([254]) شـرح الاسماء الحسنى، الحكيم هادي السبزواري، ص6. تعليقات على الشواهد الربوبية، السيد جلال الدين آشتياني، ص466.

([255]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص175، حاشية 14.

([256]) المصدر السابق.

([257]) فقد ذكر المصنف في الحاشية: (ان الفصل علّة الجنس، وذلك لان الفصل الطبيعي صورة حتى في البسائط الخارجية، فانه بشـرط لا صورة عقلية، جنسها بشـرط لا، لا مادة عقلية، وللصورة علّية ما لوجود المادة، وما يقال (ان الجنس مبهم، والفصل علّة تعيينه) يرجع الى الوجود، اذ التعيّن بالوجود، وحقيقة الامر ان ابهام الجنس ليس بحسب ماهيته، لان ماهيته معيّنة، إنما هو بحسب الوجود، لأنه مأخوذ لا بشـرط، ووجوده وجودات، ولذا يقال: الجنس يحمل على الكثرة المختلفة الحقائق، اي يتحد بها وينغمر وجوده في وجودات الفصول الطبيعية له، لان مفاد الحمل هو الاتحاد في الوجود، بخلاف النوع، فانه يحمل على الكثرة المتفقة، لأنه يتحد بوجود افراد تمتم ذاتها واحدة، وفصلها واحد، وهذا معنى علّية الفصول للجنس، ولا يلزم توارد العلل على معلول شخصـي، اذ للجنس حصص، وكل فصل حقيقي علّة لوجود حصّة منه، ووجود الطبيعي وحصصه بوجود افراده). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص176 - 177، حاشية22.

([258]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص71.

([259]) المصدر السابق، ص75.

([260]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص180 - 181، حاشية5.

([261]) مجموعة مصنفات شيخ الاشـراق، السهروردي، ج2، ص120.

([262]) كشف المراد في شـرح تجريد الاعتقاد، العلامة الحلي، تحقيق حسن زادة آملي، ص45. شوارق الالهام في شـرح نجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص68.

([263]) مجموعة مصنفات شيخ الاشـراق، السهروردي، ج2، ص119.

([264]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص401 - 414.

([265]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص401 - 414.

([266]) شـرح المقاصد، سعد الدين التفتازاني، ج1، ص352.

([267]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص183، حاشية1.

([268]) شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص63.

([269]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص95.

([270]) شـرح المقاصد، سعد الدين التفتازاني، ج1، ص351.

([271]) المواقف، المحقق الايجي، ص177.

([272]) شـرح المواقف، السيد شـريف الجرجاني، ج1، ص103، ج2، ص184.

([273]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص189، حاشية 27.

([274]) سورة يوسف، الآية 36.

([275]) سورة النساء، الآية 2.

([276]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص339.

([277]) الحاشية على حاشية الخفري على شـرح التجريد، آغا جمال الخوانساري - المحقق السبزواري‏، تصحيح رضا أستادي، ص262.

([278]) للاطلاع على آراء المتكلمين شـرح المقاصـد، سعد الدين التفتازاني، ج5، ص82. كشف المراد في شـرح تجريد الاعتقاد، العلامة الحلي، تحقيق حسن زادة آملي، ص73.

([279]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص196، حاشية 5.

([280]) سورة الرحمن، الآية 29.

([281]) شـرح فصوص الحِكَم للقيصـري، داود القيصـري، تحقيق السيد جلال الدين آشتياني، ص431. مجموعة آثار آقا محمد رضا القمشئي حكيم صهبا، محمد رضا قمشئي‏، تحقيق حامد ناجي الأصفهاني، خليل بهرامي قصرجمي‏، ص108.

([282]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص196، حاشية7.

([283]) فقال في المباحث المشـرقية: (ونعم ما قال الشّيخ من أنّ كلّ من رجع إلى فطرته السّليمة ورفض عن نفسه الميل والعصبيّة، شهد عقله الصـريح، بأنّ إعادة المعدوم ممتنع). المباحث المشـرقية، فخر الدين الرازي، الفصل العاشـر من الباب الاول، ج1، ص148. الهيات الشفاء، الشيخ الرئيس، تحقيق ابراهيم مدكور، ج1، ص38.

([284]) (واذا كان المراد اعادة المعدوم بعينه، بجميع لوازمه وعوارضه، حتى زمانه ومرتبته، فلا ريب في امتناعها). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص197، حاشية9.

([285]) المواقف في علم الكلام، المحقق عضد الدين الايجي، المرصد الثاني، المقصد الاول، ص371.

([286]) شـرح المقاصد، سعد الدين التفتازاني، الفصل الثاني، المبحث الاول، ج5، ص86.

([287]) وقال صاحب الشوارق في تقرير هذا البرهان: (أنّ معنى الإعادة هو أن يكون الشـيء موجوداً في زمان، ثمّ عدم في زمان ثان، ثمّ وجد في زمان ثالث. ولا شك في أنّه إذا عدم كان قد بطل ذاته، فلا يكون ذاته ثابتة بناء على ما مرّ من مساوقة الوجود للثبوت، فلو كانت ذاته ثابتة في الزّمان الثّاني، لأمكن لا محالة أن يحكم على الموجود في الزّمان الثّالث أنّه هو الموجود في الزّمان الأوّل. وقد أُعيد كما في الصّفات الّتي لا يلزم من إنعدامها عن الذّات الموصوفة بها إنعدام ذات الموصوف وبطلانها، مثل الجسم إذا كان أبيض في زمان، ثمّ زال عنه البياض في زمان ثان، ثمّ أُعيد عليه البياض في زمان ثالث، فإنّه لا شبهة في صحّة الحكم على الأبيض في الزّمان الثّالث بأنّه هو الأبيض في الزّمان الأوّل، وعلى الأبيض في الزّمان الأوّل انّه هو الّذي عاد أبيض في الزّمان الثّالث. وأمّا إذا لم يكن الذّات ثابتة، كما في صورة زوال الوجود، فإنّ نسبة الوجود إلى الماهيّة ليست نسبة العوارض الّتي يجوز تبدّلها واختلافها مع انحفاظ وحدة الذّات، لم يكن الحكم على الموجود الثّالث أنّه هو الموجود الأوّل. وعلى الموجود الأوّل أنّه هو الّذي أُعيد في الزّمان الثّالث، وذلك لعدم استمرار الذّات، فلا يكون الموضوع واحداً.

ألا ترى أنّه لو فرض أنّه موجود مستأنفٌ، لم يكن نسبة المفروض أنّه موجود مستأنفٌ إليه؟ اعتبر ذلك بنقش حرف كتب في اللّوح، ثمّ محى، ثمّ كتب في ذلك الموضع ذلك الحرف بعينه، وبنقش آخر كتب في ذلك الموضع ابتداء من دون أن كتب فيه أوّلاً، ثمّ مُحِي.

فمعنى كلام المصنّف أنّه يمتنع الإشارة إلى المعدوم الّذي قد بطل ذاته، فلا تكون ثابتة ليحكم عليه أنّه هو الّذي أُعيد، فلا يصحّ ذلك الحكم عليه، ولا يصدق لعدم وحدة الموضوع.

فإن قلت: المعدوم وإن بطل ذاته في الخارج، لكنّها ثابتة في الذّهن، فيصح الحكم عليها.

قلت: الموجود في الذّهن ليس هو الموجود في الخارج بعينه، بل مثله كما مرّ، وليس معناه انّه يمتنع الحكم عليه، لاستدعاء الحكم بصحة العود وجود المحكوم عليه كما حمل عليه الشّارحون، بل سائر المتأخرين في تقرير هذا الدّليل، فاعترضوا عليه باستدعاء الحكم مطلقاً، سواء كان بصحّة العود أو بسلبها، بل بصحّة الوجود والحدوث مطلقاً ذلك، فيلزم ان لا يصحّ الحكم عليه بامتناع العود أيضاً، ولا على معدوم بصحّة الإيجاد مطلقاً، إلى غير ذلك من الاعتراضات، وكيف يتصوّر من عاقل مثل هذا الاستدلال؟). شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، تحقيق الشيخ اكبر اسد علي زادة، ج1، ص496 - 497.

([288]) غرر الفوائد، محمد تقي الآملي، ج1، ص170.

([289]) وقد ذكرها صدر المتألهين عند التعرض الى البراهين الفلسفية التي اقامها على امتناع اعادة المعدوم، وفي معرض ردّه على المتكلمين ايضاً. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص356 -364.

([290]) شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، تحقيق الشيخ اكبر اسد علي زادة، ج1، ص503.

([291]) السيد السند الصدر في مبحث الوجود الذهني.

([292]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج4، ص265. بداية الحكمة، السيد محمد حسين الطباطبائي، تحقيق عباس الزراعي، ص114.

([293]) بحار الانوار، العلامة المجلـسـي، تحقيق يحيى العابدي الزنجاني، ج8، ص375، ج54، ص321. التوحيد، الشيخ الصدوق، تحقيق السيد هاشم الحسيني الطهراني، ص378.

([294]) المواقف، عضد الدين الايجي، ص372.

([295]) هذه امثال يطلقها العرف.

([296]) بحار الانوار، العلامة المجلـسـي، تحقيق يحيى العابدي الزنجاني، ج6، ص249، ج58، ص78. شـرح أصول الكافي، محمد صالح المازندراني، تحقيق وتعليق ابو الحسن الشعراني، ضبط علي عاشور، ج6، ص70.

([297]) الا ان الشيخ الرئيس لم يحقق المعاد الجسماني بالبرهان والاستدلال العقلي، ولكنه اعترف بثبوته عن طريق الشـرع كما ذكر ذلك في كتاب النجاة والشفاء، حيث قال: (يجب أن يعلم أن المعاد منه ما هو منقول من الشـرع، ولا سبيل إلى إثباته إلا من طريق الشـريعة وتصديق خبر النبوة، وهو الذي للبدن عند البعث، وخيرات البدن وشـروره معلومة لا يحتاج إلى أن تعلم، وقد بسطت الشـريعة الحقة التي أتانا بها نبينا وسيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وعلى آله حال السعادة والشقاوة التي بحسب البدن.

ومنه ما هو مدرك بالعقل والقياس البرهاني، وقد صدقته النبوة، وهو السعادة والشقاوة الثابتتان بالقياس اللتان للأنفس، وإن كانت الأوهام هاهنا تقصـر عن تصورهما الآن لما نوضح من العلل، والحكماء الإلهيون رغبتهم في إصابة هذه السعادة أعظم من رغبتهم في إصابة السعادة البدنية، بل كأنهم لا يلتفتون إلى تلك وإن أعطوها ولا يستعظمونها في جنبة هذه السعادة التي هي مقاربة الحق الأول، وهي على ما سنصفها عن قريب، فلنعرف حال هذه السعادة والشقاوة المضادة لها فإن البدنية مفروغ منها في الشـرع). كتاب الشفاء - الالهيات، الشيخ الرئيس ابن سينا، تحقيق ابراهيم مدكور، ج2، ص423. شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، قسم الحكمة، ج5، ص273 - 283، ص308، ص314. وقد حقق اقوال الشيخ الرئيس في المعاد احد الباحثين المعاصـرين. المعاد الجسماني، شاكر عطية الساعدي، ص184 - 190.

([298]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج5، الباب الحادي عشـر في ذكر الاصول التي يحتاج اليها في اثبات المعاد الجسماني، ص185 الى نهاية الباب.

([299]) سورة الواقعة، الآية 61.

([300]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص202 - 204، حاشية30.

([301]) وقد عقد صدر المتألهين كتاب زاد المسافر لأثبات المعاد الجسماني. زاد المسافر، صدر الدين الشيرازي، شـرحه وعلّق عليه الاستاذ السيد جلال الدين آشتياني.

([302]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص205، حاشية 36.

([303]) قال المصنف: (مثلاً، اذا سمعت ان هنا موجوداً، لا في داخل العالم ولا في خارجه، وليس في الاشياء بوالج، ولا عنها بخارج، فاسجح، ولا تنكر وذر وقوعه في بقعة الامكان، أي الاحتمال، لا الامكان الذاتي، والا، فانكرته، لأنه الوجوب الذاتي). المصدر السابق، ص206،حاشية 38. شـرح الاشارات والتنبيهات، المحقق الطوسـي، ج3، ص418.

([304]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، في دفع شبهة المعدوم المطلق، ص347 - 364.

([305]) فقال الشيخ حسن زادة آملي في تعليقته: (كأنه يريد الشيخ احمد الاحسائي، فأن اقواله في النظريات على هذا المنوال، وعلى هذه المثابة وافرة جداً، كما ان مسوداته شاهدة على ذلك). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص210، تعليقة6. وأما الميرزا مهدي الاشتياني قال: (لعلّ مقصود القائل ما افاده قطب المكاشفين محي الدين الاعرابي في الباب من الفتوحات). تعليقة الاشتياني على شـرح المنظومة، الميرزا مهدي الاشتياني، ج2، ص285. اما الشيخ محمد تقي الآملي، قال: (ولا يخفى ان هذا القائل، ان كان مراده من ان شـريك الباري لا يتصور ان مصداقه لا يتصور، وان فرض مصداق المحال محال، فهو كلام حق لا اشكال فيه، ضـرورة انه لو كان شـيء مصداقاً لشـريك الباري، فهو لا يدخل في تصوّر متصور، كما ان الباري عز اسمه كذلك، فكما لا يكون لشـريك الباري مصداق في الخارج لا يكون له مصداق في الذهن، وما يمكن تصوّره هو مفهوم شـريك الباري، وهو ليس مصداقاً له، بل هو مصداق لممكن موجود في الذهن، موجود بإيجاد الذهن، وكذلك مصداق المحال غير متصور، اذ التصور نحو وجود له، وهو مع كونه مصداقاً للمحال لا يكون موجوداً بوجود اصلاً، ولو بالوجود الذهني، واما مفهوم المحال فهو ليس بمصداق للمحال، بل هو مصداق للممكن الوجود كما في مفهوم شـريك الباري). درر الفوائد، الشيخ محمد تقي الآملي، ج1، ص180.

([306]) شرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة) ج2، ص210 – 211، حاشية8.

([307]) نظرية الاكمل واشكالية الشـرور، الشيخ عمار التميمي، ص184 - 204. المذهب الذري، بانيس، ص94.

([308]) أي وكما عرّفها الشيخ الرئيس في المتن. شـرح الاشارات والتنبيهات، المحقق الطوسـي، ج2، ص186.

([309]) شـرح الاشارات والتنبيهات، المحقق الطوسـي، ج2، ص361. كشف المراد في شـرح تجريد الاعتقاد، العلامة الحلي، ص70.

([310]) وقد ذكر ذلك المصنف في حاشيته على الاسفار (ان هذا يستقيم على مذهب المشائين، إذ عندهم فاعل النفوس ومخرجها من القوة إلى الفعل هو العقل الفعّال، ويعنون به العقل العاشـر، وهو أيضا فاعل هذا العالم بإذن الله تعالى، وقالوا إليه مفوض كدخدائيه أي تصـرف عالم العناصـر، واما عند الاشـراقيين والمصنف  قدس سره  ففاعل النفوس الإنسية مخرجها من القوة إلى الفعل هو رب النوع الانساني، مبادئ صور الأنواع الأخر التي في هذا العالم أصحاب أنواعها، لا صاحب النوع الانساني ولا العقل العاشـر، لأنهم وان قالوا بالطبقة الطولية من العقول كما قالوا بالطبقة العرضية، الا انهم لم يحددوا الطولية في مبلغ معين كعشـرة وعشـرين، بل قالوا يبلغ الأنوار القاهـرة في مراتب التنزلات والاصطكاكات إلى نور لا يفيض منه النور، كما في مراتب الأضواء الحسية، من الضوء الأول والثاني والثالث إلى أن ينتهى إلى ضوء ضعيف لا يفيض منه ضوء أصلاً، مع أن أنواع هذا العالم نفساً كانت أو جسماً مستندة إلى الطبقة المتكافئة لا إلى الطبقة المترتبة). الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج9، ص398. الشفاء – الالهيات، الشيخ الرئيس، تحقيق ابراهيم مدكور، ج1، ص22.

([311]) رسائل شيخ الاشـراق، شهاب الدين السهروردي، تحقيق هنري كربن - السيد حسين نصـر - نجف قلي حبيبي، ج1، ص459 - 464، ج2، ص158 - 159. الحديقة الوردية (الاربعينيات لكشف أنوار القدسيات)، القاضـي سعيد القمي، تحقيق نجف قلي حبيبي، ص230.

([312]) وصدر المتألهين وابن الفناري. كشف المراد في شـرح تجريد الاعتقاد، العلامة الحلي، ص70. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج3، ص436، ج7، ص32. مصباح الانس، محمد بن حمزة الفناري، ص36.

([313]) تمهيد القواعد، صائن الدين علي بن محمد التركة، تصحيح وتعليق السيد جلال الدين آشتياني، ص30، ص146. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج7، ص32، ص362.

([314]) تعليقات الحكيم الهيدجي على شـرح المنظومة، الحكيم محمد الهيدجي، تحقيق محسن بيدارفر، ص214.

([315]) سورة الإسراء، الآية 85.

([316]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج7، ص44 - 45، ج8، ص17، ص71، ص93. شـرح الاسماء الحسنى، الحكيم ملا هادي السبزواري، ج1، ص88، ص167، ج2، ص15، ص93. رسائل شيخ الاشـراق، شهاب الدين السهروردي، تحقيق هنري كربن - السيد حسين نصـر - نجف قلي حبيبي، ج2، ص223 - 226.

([317]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، قسم الحكمة، ج2، ص217، حاشية19.

([318]) المبدأ والمعاد، الشيخ الرئيس، ص98. الهيات الشفاء، الشيخ الرئيس، ج2، ص401.

([319]) الكافي، الشيخ الكليني، ج1، ص10، ص26. الحدائق الناضـرة، المحقق البحراني، تحقيق الشيخ محمد تقي الايرواني، ج7، ص127. الوسائل، الحر العاملي، ج5، الباب الثاني من احكام الملابس. القول الرشيد في الاجتهاد والتقليد، السيد المرعشـي، ج1، ص32.

([320]) شـرح اصول الكافي، صدر الدين الشيرازي، تصحيح محمد خواجوي، ج2، ص417 - 462.

([321]) القبسات، محمد باقر الميرداماد، تحقيق مهدي محقق، ص386 - 387.

([322]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص219، حاشية25.

([323]) (الجعل من الافعال المتعدّية الى مفعولين، متحدين مصداقاً متغايرين مفهوماً، كأفعال القلوب، لا مثل الإعطاء والاحفار والاطعام وغير ذلك، وقد يجيء بمعنى خلق، فيتعدى الى مفعول واحد. والجعل بالمعنى الثاني هو الجعل البسيط، وبالأول هو الجعل المؤلف، ويعبّر عنه بالجعل المركّب ايضاً. والجعل البسيط هو جعل الشـيء وافاضة نفس الشـيء، والمؤلف جعل الشـيء شيئاً. فالجعل البسيط ما كان متعلقه الوجود النفسـي، والمؤلف ما كان متعلّقه الوجود الرابط). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص222، تعليقة 2.

([324]) اشارة الى قوله تعالى [وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ]. سورة الأَنعام، الآية 1.

([325]) شـرح ابن عقيل، بهاء الدين عبد الله بن عقيل العقيلي الهمداني، معه كتاب منحة الجليل، بتحقيق شـرح ابن عقيل، تأليف محمد محيي الدين عبد الحميد، ج1، ص512.

([326]) مجموعة مصنفات شيخ الاشـراق، السهروردي، ج1، ص301.

([327]) نهج الصواب في حل مشكلات الاعراب، الشيخ علي كاشف الغطاء، ص13 - 53.

([328]) شــرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة آملي، (قسم الحكمة)، ج2، ص224، حاشية14.

([329]) وقد ذكر شيخ الاشـراق في اخر التلويحات، بان النفس وما فوقها انيات صـرفة، ووجودات محضة: (اذا كان ذاتى على هذه البساطة، فالعقول أولى، وامّا عدم الأولوية فى ايجاد بعض نوع لبعضه، فانّما يستقرّ عند استواء رتبة الوجود والمساواة فى الكمال والنقص، والّا عنـد التفاوت كما في النور التامّ، والناقص لا يصحّ). مجموعة مصنفات شيخ الاشـراق، شهاب الدين السهروردي، ج1، ص117.

وحمل صاحب الاسفار كلام الشيخ الاشـراقي في اعتبارية الوجود، بان مراده اعتبارية الوجود العام البديهي التصور، حيث قال: تنبيه عرشـي (ان صاحب الاشـراق ومتابعيه، حيث ذهبوا على وفق الأقدمين من الفلاسفة الأساطين كاغاثاذيمون وانباذقلس وفيثاغورس وسقراط وأفلاطون، إلى أن الواجب تعالى والعقول والنفوس ذوات نورية، ليست نوريتها ووجودها زائدة على ذاتها، فيمكن حمل ما نقلناه عنه في اعتبارية الوجود، وتنزيل ما ذكره في هذا الباب على أن مراده اعتبارية الوجود العام البديهي التصور، لا الوجودات الخاصة التي بعينها من مراتب الأنوار والأضواء، وان يؤول احتجاجاته على عدم اتصاف الماهية بالوجود، بامتناع عروض الوجود في الخارج لماهية ما، لا على امتناع قيام بعض افراده بذاتها). الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص411.

([330]) شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، تحقيق الشيخ اكبر اسد علي زادة، ج1، ص526 - 528.

([331]) شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، ج1، مبحث زيادة الوجود على الماهية، ص141 - 181. ولمزيد من الوسعة مجموعة مصنفات شيخ الاشـراق، شهاب الدين السهروردي، تصحيح هنري كربان، ج1 ص156، ص391، ص402. التمهيد في شـرح قواعد التوحيد، صائن الدين تركة، ص54. المشاعـر، صدر الدين الشيرازي، ص84.المبدأ والمعاد، صدر الدين الشيرازي، تنبيه، ص149.

([332]) شوارق الالهام، المحقق اللاهيجي، تحقيق الشيخ اكبر اسد علي زادة، ج1، ص219. وقد ابطله شيخ الاشـراق. مجموعة مصنفات شيخ اشـراق، السهروردي، تصحيح هنري كربان، ج2، ص64 - 68.

([333]) توضيح المراد، السيد هاشم الحسيني الطهراني، ص28.

([334]) القبسات، الميرداماد، تحقيق الدكتور مهدي محقق، ص73.

([335]) الاسفارالاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص406.

([336]) حيث قال: (لان الوجود نفس كون الماهية وتحققها، لا امر ينضم اليها، والا كان عرضاً فيها، لا وجوداً لها، هذا خلف. فما به يشار اليها اشارة عقلية، تتذوّت به، هو وجودها. فاستغناؤها بحسب ذاتها عن الجاعل، في قوّة استغناء وجودها. والمستغني الوجود واجب الوجود. هذا مرامه رفع مقامه.

وحاصل الايرادين، كما نشير اليه، انه اين الاستغناء من جهة ان الشـيء فوق الجعل، كما في الواجب تعالى، من الاستغناء من جهة ان الشـيء دون الجعل، كما في الماهيّة السـّرابيّة؟

واذا قلنا: الممتنع، بل العدم بما هو عدم، لا يحتاج الى جاعل موجود، فهل نصيّره شيئاً متحصّلاً، أو موجوداً غنيّاً؟

وايضاً قوام الماهيّة مصحح حمل نفسها، لا حمل الموجود، غايته مصحح حمل، لا موجودة ولا معدومة، بل مصحح سلب حمل الموجود، وسلب حمل المعدوم، كما قرر في تقديم السلب على الحيثيّة، فان الموجبة المعدولة تستدعي الوجود للموضوع، ولا وجود في المرتبة وفي الحقيقة عند تخلية الماهية في لحاظ العقل، كان مصحّح حمل الموجود، وجودها الذهني، لا القوام). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص227، حاشية251.

([337]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، ج2، ص227، حاشية251.

([338]) سورة النجم، الآية 23.

([339]) الاسفار الاربعة، صدرالدين الشيرازي، ج2، في نقد احتجاجات القائلين بمجعولية الماهية، ص407.

([340]) الاسفار الاربعة، صدرالدين الشيرازي، ج2، ص397.

([341]) وسيأتي ذلك في الجدول الذي وضعه المصنف لتلك الاقوال.

([342]) مجموعة مصنفات شيخ الاشـراق، شهاب الدين السهروردي، ج1، ص301. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص407.

([343]) اذ على كل من القولين الاخيرين، تكون الاحتمالات اثنا عشـر ايضاً. شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة آملي، (قسم الحكمة)، ج2، ص230، جدول رقم1.

([344]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص231، حاشية33.

([345]) العلة كما أشار إليه على قسمين: ما منه وهي المعطية للشـيء، وما بها وهي التي تلصق الشـيء بشـيء آخر كالصباغ يلصق الحبر بالثوب، (منه  رحمه الله ).

([346]) شـرح المقاصد، سعد الدين التفتازاني، ج1، ص427. شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، تحقيق الشيخ اكبر اسد علي زادة، ج1، ص526 - 528.

([347]) (إعلم أن الأصل في وضع (ذو) التي بمعنى صاحب، أن يتوصل بها إلى نعت ما قبلها بما بعدها، وذلك يستدعي شيئين:

أحدهما: أن يكون ما بعدها مما لا يمتنع أن يوصف به.

والثاني: أن يكون ما بعدها مما لا يصلح أن يقع صفة، من غير حاجة إلى توسط شـيء، ومن أجل ذلك لازمت الإضافة إلى أسماء الأجناس المعنوية، كالعلم والمال والفضل والجاه فتقول: (محمد ذو علم)، و(خالد ذو مال)، و(بكر ذو فضل)، و(علي ذو جاه)، وما أشبه ذلك، لان هذه الأشياء لا يوصف بها إلا بواسطة شـيء، ألا ترى أنك لا تقول (محمد فضل) إلا بواسطة تأويل المصدر بالمشتق، أو بواسطة تقدير مضاف، أو بواسطة قصد المبالغة، فأما الأسماء التي يمتنع أن تكون نعتا - وذلك الضمير والعلم - فلا يضاف (ذو) ولا مثناه ولا جمعه إلى شـيء منها.

وشذّ قول كعب بن زهير بن أبي سلمى المزني الذي سبق إنشاده:

صبحنا الخزرجية مرهفات
 

 

أبار ذوي أرومتها ذووها
 

كما شذّ قول الآخر: (إنما يعرف ذا الفضل من الناس ذووه).

وشذّ كذلك ما أنشده الأصمعي قال: أنشدني أعرابي من بني تميم، ثم من بني حنظلة:

أهنأ المعروف ما لم

 

 

تبتذل فيه الوجوه

 

إنما يصطنع
 

 

المعروف في الناس ذووه
 

وإن كان اسم أو ما يقوم مقامه مما يصح أن يكون نعتاً بغير حاجة إلى شـيء - وذلك الاسم المشتق والجملة - لم يصح إضافة (ذو) إليه، وندر نحو قولهم: (اذهب بذي تسلم) والمعنى: (اذهب بطريق ذي سلامة).

فتلخص أن (ذو) لا تضاف إلى واحد من أربعة أشياء: العلم، والضمير، والمشتق، والجملة، وأنها تضاف إلى اسم الجنس الجامد، سواء أكان مصدرا أم لم يكن). شـرح ابن عقيل، بهاء الدين عبد الله بن عقيل العقيلي الهمداني، معه كتاب منحة الجليل، بتحقيق شـرح ابن عقيل، تأليف، محمد محيي الدين عبد الحميد، ج1، ص57.

([348]) قال الزجاجي في شـرح أدب الكاتب، أنشدنا ابو بكر بن دريد، قال: أنشدنا عبد الرحمن ابن اخي الاصمعي، عن عمه، قال: أنشدني اعرابي من بني تميم من بني حنظلة:

من تصدى لأخيه
 

 

بالغنى فهو اخوه
 

انت ما استغنيت عن صا
 

 

حبك الدهر اخوه
 

فاذا احتجت اليه
 

 

ساعة مجك فوه
 

أهنأ المعروف ما لم
 

 

تبتذل فيه الوجــــــــوه
 

إنما يعرف ذا الفضل
 

 

من النــاس ذووه
 

انظر: المزهـر، السيوطي، ج1، ص157.

([349]) مجموعة مصنفات شيخ الاشـراق، شهاب الدين السهروردي، ج1، ص301.

([350]) ديوان الجامي، عبد الرحمن الجامي، ج1، ص550 - 551.

([351]) تعليقات الحكيم الهيدجي على شـرح المنظومة، الحكيم محمد الهيدجي، تحقيق محسن بيدارفر، ص221.

([352]) فقال المصنف: (اذ مرّ ان المتحقق، اما الوجود واما الماهية، واذا كان الوجود اعتبارياً عندهم، فالمتحقق في الواقع في المعلول الاول ليس الا ماهيته. وكل ما يعتبرون فيها، من الانتساب والارتباط والانضمام، خارجياً كان أو عقلياً، يخرجها عن كونها نفسها، وعن كون المجعول هو نفس الماهيّة. فمعلوله لازم نفس ماهيّته. وهكذا في لازم اللازم، بالغاً ما بلغ). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص232، حاشية37.

([353]) لم نعثر على ترجمة له.

([354]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص91، ص179، ص411.

([355]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص232، حاشية39.

([356]) سورة الإسـراء، الآية 84.

([357]) منتهى المدارك في شـرح تائية ابن الفارض، سعيد الدين الفرغاني، تحقيق وتصحيح عاصم إبراهيم الكيالي الحسيني، ج1، ص190.

([358]) و(كما في الوجود الخاص الحقيقي، على ماسيجيء انه عين الربط والتعلّق والفقر، لا بالمعاني المصدرية. بل كل منها، في اصطلاح اهل الحكمة المتعالية، مرادف مع حصص مفهوم الوجود، في ارادة الوجود الخاص الذي هو حيثية طرد العدم المتقوّم بوجود القيّوم، تقوّماً وجوديّاً، اتمّ واقوم، من تقوّم الماهيّة النوعيّة، بعلل قوامها). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص234، حاشية43.

([359]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص194 – 196، ج3، ص250 - 253. نهاية المرام في علم الكلام، العلامة الحلي، تحقيق فاضل العرفان، ص88 - 113. اللمعات المشرقية، صدر الدين الشيرازي، ص16 - 17. شـرح الالهيات من كتاب الشفاء، محمد مهدي النراقي، تحقيق حامد ناجي اصفهاني، ص503. شرح فصوص الحكم، داوود القيصـري، ص486.

([360]) (إنما عقّب مباحث الجعل، وتقسيم الوجود الى الرابط والرابطي والنفــسي، بمباحث المواد الثلاثة، لأنها من الكيّفيات العارضة على الوجود الرابط، الذي هو متعلّق الجعل التركيبي، بناء على عدم تحقق الوجود الرابط في الهليّة البسيطة. وذلك لانهم اختلفوا في كونه من اقسام الوجود ومراتبه، أو من اقسام الماهيّة، وفي كونه متحققاً في الهليّات البسيطة، أو غير متحقق فيها). تعليقة الاشتياني على شـرح المنظومة، الميرزا مهدي المدرّس الاشتياني، ج2، ص298.

([361]) المصدر السابق.

([362]) لمزيد من البيان والتفصيل، انظر: العمل الضابط في الرابطي والرابط، الاستاذ حسن زادة آملي. حيث جمع الكثير من الأقوال والآراء حول ذلك.

([363]) خزانة الأدب، البغدادي، تحقيق محمد نبيل طرفي - اميل بديع البعقوب، ص348.

([364]) الحكماء كانوا يطلقون مفهوم (الوجود الرابطي) على كلا القسمين وهما: الوجود المحمولي الناعتي، والوجود المحمولي، وكأنه مشترك لفظي بين هذين القسمين، وكان التمييز يقع بحسب وقوعهما في المورد. إلا أنّ صاحب الاسفار وتبعاً لأستاذه الميرداماد لم يرتض ذلك، فقال: (وكثيراً ما يقع الغلط من اشتراك اللفظ، فلو اصطلح على الوجود الرابطي للوجود المحمولي الناعتي، وعلى الوجود الرابط لمقابله المستعمل في مباحث المواد الثلاث، وبإزائهما الوجود المحمولي في قبال الوجود الرابط، والوجود في نفسه في قبال الوجود الرابطي، يقع الصيانة على الغلط). الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص83.

([365]) الافق المبين، الميرداماد، ص124.

([366]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص79.

([367]) المصدر السابق، ص80.

([368]) شـرح تجريد العقائد للشيخ علاء الدين علي بن محمد القوشجي (المتوفّى 879هـ)، ويُعرف بـ(الشـرح الجديد) وقد كثرت الحواشـي والتّعليقات على هذين الشـّرحين (القديم) و(الجديد) ولاسيّما ثانيهما لمزيد اعتناء المحقّقين به.

ومن أهمّ الحواشـي على هذا الشـّرح، ثلاث حواش بعنوان (حاشية التّجريد) للملاّ جلال الدّين محمّد بن أسعد الصديقي الدّواني (المتوفّى 907هـ). واشتهرت حاشيته الأُولى بـ(الحاشية القديمة) كتبها في البداية باسم السلطان يعقوب بايندري آق قوينلو (883 – 896هـ)، ثمّ أهداها إلى السلطان بايزيد.

كما أنّ هناك حاشية أُخرى للسيّد صدر الدّين محمّد الدشتكي الشيرازي (828 - 903هـ) سجّل فيها مؤاخذاته على حاشية الدّواني المتقدّم، فقام الدّواني بكتابة حاشية ثانية على ذلك الشــرح، دوّن فيها اعتراضاته على حاشية الدشتكي الشيرازي، واشتهرت هذه الحاشية بـ(الحاشية الجديدة).

ثمّ كتب صدر الدّين حاشيته الثانية وأجاب فيها عن اعتراضات الدّواني. فردّ عليه الدّواني بحاشيته الثالثة المشهورة بـ(الحاشية الأجدّ).

وتعتبر هذه الحواشـي أيضاً من أفضل الحواشـي المكتوبة على شـرح التجريد. وتعرف حواشـي الدّواني الثلاث، وحاشيَتا صدر الدّين بين العلماء باسم (الطبقات الجلاليّة والصدريّة).

ولم يكتب المحقق عبد الرزاق اللاهيجي حاشية على شـرح القوشجي، بل كتب شوارق الإلهام في شـرح تجريد الكلام، وقيل عند البعض ان له كتاب اخر غير الشوارق، اسمه مشارق الإلهام في شـرح تجريد الكلام، ويقال انه شـرح فيه الأُمور العامّة فقط. ذكره صاحب الذريعة (مشعراً بأنّه غير شوارق الإلهام، ولعلّ الشـرحين شـرح واحد اختلفا في الاسم مع وحدتهما في المسمّى. الذريعة، اغا بزرك الطهراني، ج3، ص355، ج6، ص144، ج13، ص139. هدية العارفين، اسماعيل باشا البغدادي، ج1، ص567. شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، تحقيق الشيخ علي اكبر اسد زاده، ج1، ص14 - 16.

([369]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص242، حاشية12.

([370]) اشارة الى قوله تعالى: [مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ]. سورة الأنبياء، الآية 52.

([371]) شـرح الشمسية، قطب الدين الرازي، ص102. الجوهر النضيد في شـرح منطق التجريد، العلامة الطوسـي، ص50. النجاة، الشيخ الرئيس، ص17. شـرح مطالع الانوار، قطب الدين الرازي، ص145.

([372]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص79.

([373]) شـرح المواقف، السيد شـريف الجرجاني، ص131.

([374]) وقد حرّره صدر المتألهين، فقال في ختامه تصالح اتفاقي: (ان ما اشتهر من الحكماء المشائين اتباع المعلم الأول، من الحكم بوجود هذه المعاني العامّة، كالوجوب والامكان والعلية والتقدم ونظائرها، وانهم يخالفون الأقدمين من حكماء الرواق. حيث قالوا: بان نحو وجود هذه المعاني انما هو بملاحظة العقل واعتباره.

فمنشأ ذلك ما حققناه، وفي التحقيق وعند التفتيش، لا تخالف بين الرأيين، ولا مناقضة بين القولين، فان وجودها في الخارج؛ عبارة عن اتصاف الموجودات العينية بها بحسب الأعيان، وقد دريت ان الوجود الرابط في الهليّة المركبّة الخارجية لا ينافي الامتناع الخارجي للمحمول، فعلى ما ذكرناه يحمل كلام أرسطو واتباعه، فلا يرد عليهم تشنيعات المتأخرين، سيّما الشيخ المتألّه صاحب الاشـراق). الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص139. حكمة الاشـراق، شهاب الدين السهروردي، ص71 - 72.

([375]) وهو (دفع لما قد يتوهم من عدم تعلّق قولنا: (امكانه لا...) مثلاً، بعدمية الوجوب بان يقال اولاً: مجموع المحذورات لعدمية مجموع الاثنين على التوزيع، الا رفع النقيضين، فيتعلّق بهما. أو يقال: كل من الثلاثة يجري في مجموع الاثنين، بلا اختصاص، لكل واحد. ففي عدمية الوجوب يقال: وجوبه لا كان ولا وجوب له، وفي عدمية الامكان يقال: الممكن امكانه ينحسم). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص246، حاشية5.

([376]) شـرح الاشارات والتنبيهات، المحقق الطوسـي، ج3، ص104 - 105.

([377]) قال صاحب الاسفار في هذا المقام: (ومما تحققت انكشف لك ضعف ما وقع التمسك به في بعض المسطورات الكلامية، من أن عدم الفرق بين نفى الامكان والامكان المنفى، وهما مفاد لا امكان له وامكانه، لا يوجب كون الامكان ثبوتياً، وان كل عدم فإنه يتعرف ويتحقق بالوجود، فما يكون له عدم يكون له ثبوت، وما له ثبوت فهو ثابت...). الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص140.

([378]) درر الفوائد، الشيخ محمد تقي الآملي، ج1، ص205.

([379]) غاية المرام في علم الكلام، العلامة الحلي، تحقيق فاضل العرفان، ج1، ص93.

([380]) الحاشية على تهذيب المنطق، عبد الله بن شهاب الدين اليزدي، ص58.

([381]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم المنطق)، ج1، ص179.

([382]) كتاب (ايساغوجي) في المنطق لفرفريوس الحكيم، ترجمه وشـرحه الاسكندر الافروديسـي، وقد كتبت عليه العديد من الشـروحات. الجمع بين رأي الحكيمين، ابو نصـر الفارابي، ص59.

([383]) (ان قلت: لم لا يجوز اجتماع امكانين في الذات الواحدة، احدهما بالذات والاخر بالغير. ويكون الثاني مؤكداً للأوّل؟

قلت: المراد بالإمكان الغيري مالا يكون حاصلاً مع قطع النظر من الغير. وفي هذا الفرض قدّ حصل بدون الغير، فضلاً عن قطع النظر عنه.

فإن قلت: الحاصل هنا كذلك هو الامكان الذاتي، لا ما هو حاصل بالغير، مؤكّداً للأول.

قلت: اولاً: اذا كان الامكان ذاتياً، يصير مستغنياً عن الغير، كما في الوجوب والامتناع؛ لأنه يصير ضـروري الوجود للموضوع، والضرورة مناط الغناء، فيكون فرض الغير لغواً، كما لا يخفى. ثانياً: حصول الامكان بالغير مما لا يتصور اصلاً؛ لان اعطاء الغير للإمكان على الشـيء فرع إمكانه؛ لان الواجب والممتنع يمتنع احتياجهما الى الغير، فيلزم تقدّم الـشيء على ما يتقدّم عليه. ثالثاً: تأكد الشـيء بتضاعف الاعتباريات غير متصوّر كما لا يخفى، فتدبّر). تعليقة الآشتياني على شرح المنظومة، الميرزا مهدي المدرّس الآشتياني، ج2، ص307.

([384]) الجوهر النضيد في شـرح منطق التجريد، العلامة الحلي، ص13.

([385]) (فيفترق الوجوب بالقياس الى الغير، عن الوجوب بالغير افتراقاً جليّاً بهذا. ويفترقان خفيّاً، بان الاوّل حال اضافي للشـيء بالقياس الى غيره، والثاني حال ذاتي له، وان جاء من غيره). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص252، حاشية7.

([386]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص92.

([387]) المبدأ والمعاد، صدر الدين الشيرازي، ص43.

([388]) التعليقات على شـرح الدواني العقائد العضدية، السيد جمال الدين الأفغاني - الشيخ محمد عبدة، تقديم السيد هادي خسـروشاهي، ص204 - 205.

([389]) التلويحات، شهاب الدين السهروردي، ص34 - 35. المطارحات، شهاب الدين السهروردي، ص398 - 399. شـرح الإشارات والتنبيهات، المحقق الطوسـي، ج3، ص35، ص39، ص58. المبدأ والمعاد، صدر الدين الشيرازي ص27 - 29. الأسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص96 – 113، ج6، ص48 - 57. شـرح الهداية الأثيرية، صدر الدين الشيرازي، ص283 - 288. شـرح الهداية الاثيرية، للميبدي، ص167. شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص99 - 108. شـرح التجريد، علاء الدين القوشجي، ص52. التحصيل، بهمنيار، ص571.

([390]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج9، ص380.

([391]) (فيقال: لو كان للواجب اجزاء، فهي امّا ممكنات، فيلزم حاجته الى الجزء، بل الى الممكن، واما واجبات، فلا علاقة بينها، اذ بينها الصحابة الا الاتفاقية، لا الرابطة العلّية، اذ صادمها الوجوب الذاتي، وهذا خلف. حيث فرض الواجب الواحد مركباً، وظهر اثنان كل منهما بسيط. واما غير هذه المسألة، مثل ما يقول الشيخ الاشـراقي في برهان نفي الماهية عن الواجب تعالى، انه لو كان له ماهية، وكل ماهية لا تمنع الكثرة الافرادية، فكلّها واجبة، لو وجبت تلك الماهية، وممكنة، لو امكنت، وممتنعة، لو امتنعت. والاخيران ظاهرا البطلان، وعلى الاول لزم واجبات غير متناهية. فبعضهم فهم من كلامه الزام التسلسل، واعترض بان بطلان التسلسل مشـروط بالترتب، والواجبات لاترتب بينها، اذ لا يمكن العلّية فيها، فبينهما الامكان بالقياس). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص253، حاشية10.

([392]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص150.

([393]) غرر في بعض احكام الوجوب الغيري.

([394]) حيث علّق المصنف على هذا المورد فقال: (استيفاء معاني الامكان، انها سبعة: العام، والخاصّ، والاخصّ، والاستقبالي، والاستعدادي، والوقوعي، والفقر، ولم نذكر الثلاثة الاخيرة هنا، اذ المقصود ذكر الجهات وهي ليست بجهات، الا الوقوعي ببعض معانيه. فالاستعدادي يكون محمولاً، والامكان بمعنى الفقر والتعلق عين الوجود المحدود. على ان الاستعدادي - لمخالفته بالموضوع للذاتي- حيث ان موضوعه المادة، ولكثرة دورانه على السنتهم، وانه ليس اعتبارياً كالذاتي - لائق بان عقدنا له غرراً على حدة.

ثم ان الخاص يفسـّر بتفسيرات ثلاثة: سلب الضـرورتين، وتساوي الطرفين، وجواز الطرفين، والاول احق، والثاني حقيق، بناءه على بطلان الاولوية، والثالث جائز، سيّما على جوازها). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص255 - 256، حاشية4.

([395]) الحاشية على تهذيب المنطق، عبد الله بن شهاب الدين اليزدي، ص296. التعليقات على الشواهد الربوبية، الحكيم هادي السبزواري، ص565.

([396]) شرح الاشارات والتنبيهات، المحقق الطوسـي، ج1، المنطق، ص195. الجوهر النضيد في شـرح منطق التجريد ويليه رسالة التصور والتصديق، نصير الدين الطوسـي - صدر الدين محمد الشيرازي، شرح العلامة الحلي، بأشراف محسن بيدارفر، ص63.

([397]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص257، حاشية10.

([398]) شـرح الاشارات والتنبيهات، المحقق الطوسـي، ج1، المنطق، ص156.

([399]) وقد (احترز بهذا القيد، عن مثل طلوع الشمس في الغد، فلا يحكم بإمكانه، بل بوجوبه. وانت اذا علمت في الشتاء، ان الهواء سيحمي بعد ستة اشهر – لان الشمس تدخل في برج السـرطان، واوضاع السماء والسماوي لها انتظام واتساق، [وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلًا]. سورة الأحزاب، الآية 62 – ما حكمت بالإمكان عليه، بل بالوجوب الغيري، الا الامكان، باعتبار نفس الماهية، والكل، بالنسبة الى المبادئ والى علومها هكذا. فالوجوب ثابت للكل في نفس الامر، الا انه لا وجود رابطي له، بالنسبة الى الجاهل بالأسباب). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص257، حاشية14.

([400]) شـرح الاشارات والتنبيهات، المحقق الطوسـي، ج1، المنطق، ص156

([401]) قول الشيخ الرئيس في شـرح الفصل الاول من النهج الخامس من شـرح منطق الاشارات.

([402]) واراد بالمادة هذا الواجب والممتنع وأن مادة العرض المعروض (منه  رحمه الله ).

([403]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص152. شـرح الاشارات والتنبيهات، المحقق الطوسـي، ج1، المنطق، ص157.

([404]) وذلك لان: (السبب موجب للمسبب. ألا ترى انه عند موافاة القوّة الفعليّة الناريّة والقوّة الانفعالية الحطبيّة، واستيفاء الشـرائط، ورفع الموانع، وجود الاحتراق واجب. وعند عدم العلة ممتنع. فكل امر في المستقبل عند تحقق سببه واجب، وقبله ممتنع، ولو باعتبار عدم مضـي وقت، هو شـرط حصوله. فاين الامكان، الا باعتبار نفس الماهيّة، حيث ان الوجود أو العدم، ليس عينها ولا جزئها، وان انسحب احدهما عليها في الواقع. وفرق بين ان يكون الشـيء مع الشـيء دائماً، كاللازم والملزوم، وان يكون الشـيء نفس الشـيء. وكل الحوادث معلومة لله تعالى في الازل. فلو لم تقع، انقلب علمه جهلاً. تعالى عن ذلك علواً كبيراً. الا ان الامور مرهونة بأوقاتها... والعلم والارادة تعلّقا بوجود كل في وقته. وكما ان كل موجود، في حدّه، واجب بعلته، وعدمه رفعه عن مرتبته ممتنع، كذلك رفعه عن مطلق الواقع ممتنع، لان الرفع عن الواقع، بالرفع عن جميع مراتبه. وبالجملة، الكائنات اذا اخذت متعلقات بعللها وعللها بمنتهى متعلقة سلسلة الحاجات، وهو قيّومها ومقومها، لا منفصلة ومستقلة، كانت على الضـرورة البت. ومن اتم الاسباب، العلم الفعلي المسمّى بالعناية، المرجع للإرادة والقدرة، لكونه منشأ للنظام الاحسن). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص259، حاشية21.

([405]) انتهى المصنف من نقل كلام الشيخ في شـرح الاشارات والتنبيهات، ج1، ص178.

([406]) وقد ناقش صدر المتألهين في أسفاره قول المحقق الدواني حول اشتباهه في مبحث لازم الماهية. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص92 - 93. شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم المنطق)، ج1، ص174 – 176، تعليقة 28.

([407]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم المنطق)، ج1، ص323.

([408]) الحاشية على تهذيب المنطق، عبد الله بن شهاب الدين اليزدي، ص380.

([409]) الا ان الآشتياني يرى: (القائلون بالاتفاق، منهم من ينكر العلة الغائيّة لإيجاد الموجودات، ومنهم من ينكر العلّة الفاعلية. ولما كان انكار العلّة الغائيّة، في معنى انكار العلة الفاعلية ومساوقاً معه، جعل القائلين بالاتفاق، مطلقاً منكرين لهذه القاعدة. والا، فالفرقة الثانية غير منكرين لها ظاهراً، فتدبّر). تعليقة الآشتياني على شـرح المنظومة، الميرزا مهدي المدرس الآشتياني، ج2، ص316.

([410]) شـرح الاسماء الحسنى، الحكيم هادي السبزواري، ج1، ص137. نظرية الاكمل واشكالية الشـرور، الشيخ عمار التميمي، ص184 - 204. المذهب الذري، بانيس، ص94. شـرح المقاصد، التفتازاني، ج1، ص292.

([411]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج7، ص253 - 257.

([412]) المبدأ والمعاد، صدر الدين الشيرازي، تحقيق الاستاذ جلال الدين آشتياني، ص237. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج3، ص111.

([413]) شـرح الالهيات من كتاب الشفاء، محمدمهدي النراقي، تحقيق حامد ناجي اصفهاني، ج1، ص306.

([414]) شـرح الاشارات والتنبيهات، المحقق الطوسـي، ج3، ص128.

([415]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص208.

([416]) المباحث المشـرقية، فخر الدين الرازي، ج1، ص206. المطالب العالية من العلم الالهي، فخر الدين الرازي، تحقيق الدكتور احمد حجازي السقا، ج1، ص70 - 130.

([417]) وذلك لان (الجعل المتعلق بالوجود بسيط. فكان الجعل عند مورد الشبهة منحصــراً في المؤلف. وهو باطل. وفائدة كلمة (ارتبط) الاشارة الى الوجود الحقيقي الخاص الذي هو حيثية طرد العدم، وهو رابط محض، وتعلّق صـرف بالجاعل). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة) ج2، ص261 – 262، حاشية33.

([418]) ويمكن القول بان (الدهر ينقسم الى الايمن والايسـر، وكل واحد منهما الى الاعليين والادنيين: الاول العقول الطولية، والثاني العقول المتكافئة، والثالث النفوس الكلية، والرابع النفوس الجزئية. وسيأتي بيان كل واحد منها). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص262، حاشية37.

([419]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج9، ص381.

([420]) المصدر السابق، ج7، ص216، ص371. نهاية المرام في علم الكلام، العلامة الحلي، تحقيق الشيخ فاضل العرفان، ج1، ص158.

([421]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص206.

([422]) (وبذلك يندفع ما احتج به بعض القائلين بأن علة الحاجة إلى العلة هو الحدوث دون الإمكان، من أنه لو كان الإمكان هو العلة دون الحدوث جاز أن يوجد القديم الزماني، وهو الذي لا أول لوجوده ولا آخر له، ومعلوم أن فرض دوام وجوده يغنيه عن العلة، إذ لا سبيل للعدم إليه حتى يحتاج إلى ارتفاعه.

وجه الاندفاع: أن المفروض أن ذاته هي المنشأ لحاجته، والذات محفوظة مع الوجود الدائم، فله على فرض دوام الوجود حاجة دائمة في ذاته، وإن كان مع شـرط الوجود له بنحو الضـرورة بشـرط المحمول مستغنياً عن العلة، بمعنى ارتفاع حاجته بها). بداية الحكمة، السيد محمد حسين الطباطبائي، ص68. في حين ان مراده من (بعض القائلين) جمع من المتكلمين كما نسبه إليهم العلامة التفتازاني في شـرح المقاصد، ج1، ص127. ونسبه الشيخ الرئيس إلى ضعفاء المتكلمين في النجاة، ص213. ونسبه المحقق اللاهيجي إلى قدماء المتكلمين في شوارق الإلهام، ج1، ص89 - 90. ونسبه صدر المتألهين إلى قوم من المتسمّين بأهل النظر وأولياء التميز في الأسفار، ج1، ص206. ونسبه ابن ميثم إلى أبي هاشم من المتكلمين في قواعد المرام، ص48. فالقائل به جمع من قدماء المتكلمين، وأما المتأخرون منهم فذهبوا إلى خلاف ذلك.

([423]) فلا يجعل القديم بالزمان؛ لانتفاء الحدوث الذي هو مناط الحاجة عند الخصم، لان الحدوث وجود بعد العدم، وهو منتف عند القديم بالزمان، نعم حدوثه ذاتي، بمعنى ان وجوده من الغير، لا ان وجوده مسبوق بالعدم، فانه لا يتصور في القديم. شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص265، تعليقة45.

([424]) المصدر السابق، (قسم المنطق)، ج1، ص261.

([425]) وكذا الحال عند المصنف، حيث قسّمهم الى (اربع فرق، لانهم اما ان يصلوا اليها بمجرد الفكر أو تصفية النفس بالتخلية والتحلية. أو بالجمع بينهما. فالجامعون هم الاشـراقيون. والمصفون هم الصوفية. والمقتصـرون على الفكر، اما يواظبون موافقة اوضاع ملّة الاديان وهم المتكلمون، أو يبحثون على الاطلاق وهم المشائون. والفكر مشي العقل، اذ الفكر حركة من المطالب الى المبادئ، ومن المبادئ الى المطالب). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص266، حاشية50.

([426]) شـرح الالهيات من كتاب الشفاء، محمد مهدي النراقي، تحقيق حامد ناجي اصفهاني، ج2، ص474. الاسفار الاربعة، ج6، ص106 - 107. شـرح فصوص الحكم، محمد داوود القيصـري، ص50.

([427]) (هذه هي المتفق عليها بين الحكماء، انها زائدة على الذات، لكنها لوازم قديمة لكونها مستدعية للطرفين، اذ ليست كالحياة والارادة والعلم بالذات ونحوها، مما لا يستدعيهما. وكذا العلم بالغير، اذ يحصل بصورة الغير، لكن صورة قبل ذي صورة كما هو عند المشائين، بخلاف الخالقيّة والرازقيّة والغافريّة وغيرها، من الصفات الاضافيّة، وان كان مبدئها ايضاً عين الذات المتعالية). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2،
ص266 – 267، حاشية53.

([428]) وقد ذكر المصنف تلك الاقوال للمذاهب المختلفة بالتفصيل في المقصد الثالث في الالهيات بالمعنى الاخصّ. شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج3، ص571 - 584.

([429]) شـرح فصوص الحكم، محمد داوود القيصـري، تحقيق السيد جلال الدين آشتياني، ص333.

([430]) الالهيات، جعفر سبحاني، تحقيق حسن مكي العاملي، ص408.

([431]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج5، هامش ص46.

([432]) كما نُسب الى بعض المتكلمين. وقال الملا صدرا في اسفاره: (وهذا - يعني كون علة الحاجة إلى العلة هي الحدوث - أيضا باطل، لأنا إذا حللنا الحدوث بالعدم السابق والوجود اللاحق وكون ذلك الوجود بعد العدم وتفحصنا عن علّة الافتقار إلى الفاعل أهي أحد الأمور الثلاثة أم أمر رابع مغاير لها؟ لم يبق من الأقسام شـيء إلا القسم الرابع. أما العدم السابق فلأنه نفي محض لا يصلح للعلية. وأما الوجود فلأنه مفتقر إلى الايجاد المسبوق بالاحتياج إلى الوجود المتوقف على علّة الحاجة إليه. فلو جعلنا العلة هي الوجود لزم توقف الشـيء على نفسه بمراتب. وأما الحدوث فلافتقاره إلى الوجود لأنه كيفية وصفة له، وقد علمت افتقار الوجود إلى علة الافتقار بمراتب. فلو كان الحدوث علة الحاجة يتقدم على نفسه بمراتب، فعلة الافتقار زائدة على ما ذكرت). الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص203 - 204. شـرح المقاصد، العلامة التفتازاني، ج1، ص173. نهاية الحكمة، السيد محمد حسين الطباطبائي، ص73.

([433]) حيث (لا يخفى ان العدم السابق على وجود الشـيء ليس مقابلاً ومعانداً له حتى يلزم اشتراط الشـيء بمعانده، بل المعاند له هو العدم البديل له المقارن معه، وهو ليس شـرطاً هاهنا، نعم من جهة لزوم مقارنة الشـرط مع الشـروط زماناً، الذي هو ايضاً من باب لزوم مالا يلزم، يكون الممتنع هاهنا هو جعل العدم السابق شـرطاً للوجود اللاحق، وعليه فجعل العدم السابق شـرطاً لتأثير الفاعل ليس بممتنع الا من جهة ان الاثر لابد من ان يكون مقارناً لتأثير المؤثر، فيلزم ان يكون شـرط التأثير الذي يكون سابقاً مقارناً مع الأثر اللاحق). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص267، تعليقة60.

([434]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج3، ص308.

([435]) (ان قلت: هذا مصادرة مع المطلوب الاوّل، حيث ان احتياج الشـيء حال البقاء الى العلّة مبني على كون علّة الحاجة هو الامكان؛ دون الحدوث، والقائلون بأن علّة الحاجة هو الحدوث، لا يقولون باحتياج الحوادث حال البقاء الى العلّة، حتى يكون هذا رداً عليهم.

قلت: القائلون بشـرطية الحدوث ليسوا بمتفقين على عدم احتياج الشـيء حال البقاء الى العلة، بل بعضهم قائل باحتياجه حالة البقاء ايضاً الى العلّة، سيّما القائلين بمدخلية الإمكان في الحاجة الى العلّة ايضاً. فهذا يكفي في الزامهم بكون العلّة هو الإمكان دون الحدوث؛ لأن البقاء كما افاده قدّه مقابل الحدوث. فهو لا يمكن ان يكون دخيلاً في الاحتياج الى العلّة حال البقاء اصلاً، وأيضاً احتياج الشـيء الى العلّة حال البقاء ضـروري لا ريب فيه اصلاً. والمقصود من هذا الدليل إثبات الحق القراح، لا صـرف اسكات الخصم، حتى يقدح هذا في ارغامهم، فإن فيما اقيم من الادلة، مما مرّ أو سيجيء الإشارة اليها، غنى وكفاية لإرغام انوفهم، فتدبر). تعليقة الآشتياني على شـرح المنظومة، الميرزا مهدي المدرّس الآشتياني، ج2، ص325.

([436]) أي على المتكلمين. المواقف، المحقق عضد الدين الايجي، ص71 - 78. شـرح المقاصد، سعد الدين التفتازاني، ج1، ص459 - 497.

([437]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص207.

([438]) قال المحقق اللاهيجي في شوارقه: (ثمّ الحدوث كيفيّة الوجود، فليس علّةً لما تقدّم عليه بمراتب، حجّة لأبطال كون الحدوث له مدخل في علّية الافتقار مطلقاً، سواء كان بالاستقلال أو بالجزئيّة أو بالشّـرطيّة.

تقريرها: أنّ الحدوث كيفيّة للوجود، لأنّه عبارة عن مسبوقيّة الوجود بالعدم، فيتأخّر عن الوجود المتأخّر من الإيجاد المتأخّر عن الحاجة المتأخّرة عن علّتها، فلو كان علّة للحاجة أو جزءاً وشـرطاً، لتقدّم على نفسه بمراتب.

فإن قيل: الإمكان أيضاً، لكونه كيفيّة النّسبة بين الماهيّة والوجود متأخّر عن الوجود، فلا يكون علّة للافتقار المتقدّم عليه بمراتب.

قلنا: الإمكان إنّما هو كيفيّة النّسبة بين الماهيّة ومفهوم الوجود من حيث هو متصوّر، لا بين الماهيّة والوجود الحاصل لها.

ولهذا يوصف الماهيّة بالإمكان قبل اتّصافها بالوجود، بخلاف الحدوث، فإنّه مسبوقيّة الوجود الحاصل للماهيّة بالعدم، ولاشك في تأخّره عن الإيجاد لصّحة أن يقال: (أوجد فحدث)، وبذلك يتمّ المطلق، سواء قلنا بتأخّره عن الوجود أيضاً، أو لا). شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، تحقيق الشيخ اكبر اسد علي زادة، ج1، ص358 - 359.

([439]) الايجاد عين الوجود، وتغايرهما بالاعتبار، فإن الوجود الواحد إذا نسب إلى القابل سمّي وجوداً، وإذا نسب إلى الفاعل سمي إيجاداً. تقريرات بحث السيد محمد باقر الصدر للسيد كاظم الحائري، ج1، ص531. تقريرات بحث البروجردي للشيخ المنتظري، ج1، ص162.

([440]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص268، حاشية65 - 66.

([441]) (أي مطلق العدم عدم أي شـيء كان، فهو ليس كذلك، بل لو كان العدم شـرطاً، فعدم نفس ذلك الكائن. هو ايضاً باطل، لتوقف الكائن على عدمه السابق الواقعي، لكونه مشـروطاً به، وتوقف ذلك العدم عليه، لكونه مضافاً اليه، على ان العدم السابق ليس عدماً له، اذ ليس وجوده مترقباً في غير وقته، حتى يكون رفعه هناك عدماً له، اذ لكل موجود رتبة خاصّة، ولكل حادث متى خاص. نعم، الوهم يطمع وجوده في كل الاوقات ويضع قبول الماهية النوعيّة للوجود، وشأنيتها له موضع قبول الهويةّ. وهذا طمع كاذب. وايضاً عدم الشـيء لا بد ان يكون نقيضه ورفعه. فاتحاد الزمان شـرط، اذ عدم القيام في الليل لا يطرد القيام في النهار. وسيجيء هذا عند قولنا (فكأنه قيل...) والعدم البدلي المفروض في مقامه مرتفع بوجود، هو نعم البدل.

وبالجملة، فكأنه قيل بالحقيقة عند اهل الحقيقة، لا عدم حتى يكون سبقه بالزمان شـرطاً لوجود الحادث الا الليسيّة الذاتية لشيئيّة الماهية، بمعنى ان الوجود ليس عيناً لها ولا جزء، وان كان منسحباً عليها دائماً. فيرجع الامر في المناط الى الامكان. كيف؟ والوجودات بما هي وجود، انوار الله  عز وجل  التي لا يمكن عليها الافول، وعلومه التي لها ابداً لديه المثول، ومن ملكه شـيء لا يزول). المصدر السابق، ص269، حاشية67.

([442]) كشف اصطلاحات الفنون والعلوم، محمد علي التهانوي، ج2، ص1305. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص204.

([443]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص345.

([444]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص199.

([445]) في هذا الغرر، وفي تعليقاته على الاسفار. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص200.

([446]) هكذا قال المصنّف في حاشيته: (ومنهم من يقول بالأولوية الذاتية الغير الكافية. واما الكافية، فلا قائل بها منهم. كيف؟ وهي توجب انسداد باب اثبات الصانع تعالى، وهم ملّيون اهل الرشاد، مبرّئون عن الالحاد). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص272، حاشية 4. شـرح المواقف، الشـريف الجرجاني، ص141. شـرح المقاصد، سعد الدين التفتازاني، ج1، ص492. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص203.

([447]) والناقل صاحب المواقف وشارحه، حيث ذكر في هذا المقام اقوالاً اخرى. شـرح المواقف، السيد شـريف الجرجاني، ص141. ونقله ايضاً صدر المتألهين في اسفاره، ج1، ص204.

([448]) اللمعات العرشية، محمد مهدي النراقي، ص60 - 70. المبدأ والمعاد، صدر الدين الشيرازي، ص24، ص31.

([449]) انوار الحكمة، الفيض الكاشاني، ص16. شـرح المواقف، السيد شـريف الجرجاني، ج2، ص156. عين اليقين الملقب بالأنوار والاسـرار، الفيض الكاشاني، ج1، ص69.

([450]) وقد ردّوا هذه الاقوال، بعد ايضاح فسادها. شـرح المقاصد، سعد الدين التفتازاني، ج1،
ص127 - 129. المباحث المشـرقية، فخر الدين الرازي، ج1، ص132. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص221 - 222. المحصّل، فخر الدين الرازي، ص53.

([451]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، الفصل الثاني عشـر في بطلان الاولوية، ص199.

([452]) (التساوي، باعتبار ان الاولوية تقوم مقام العلّة، فكما ان الوجوب الذي هو لذات العلّة، لا يصادم التساوي في ناحية المعلول، كذلك الاولويّة؛ ولأنه، ان كانت الاولوية متعيّنة التعلّق بوقوع الوجود مثلاً، ولم يجر تعلّقها بوقوع العدم، كانت وجوباً، لان التعيّن والتخصص، هو الوجوب. هذا خلف، والا، فهي مستوية النسبة الى الطرفين، فيحتاج الوجود الى شـيء اخر يرجّحه، وهو ايضاُ مرجح اولوي، وهكذا ننقل الكلام، ويتسلسل. ومع ذلك لا يحصل تعيّن لاحد الطرفين، ولا يكون مرجحاً ما فرض مرجحاً.

وبالجملة، بين الاولوية الوقوع والتأدي الى الوقوع تهافت، اذ في حال الوقوع، ان طرد العدم مثلاً، فكان على سبيل الوجوب، والا جاز التبادل وحصل التصادم. فان تأدت الاولوية الى الوقوع، لزم الخلف. والا فالاولوية كلا اولوية.

وايضاً، كما ان وقوع الوجود على سبيل الاولوية، كذلك وقوع نفس الاولوية على سبيل الاولوية، فوقوعها ولا وقوعها متساويان. فيحتاج وقوعها الى مرجح. والفرض ان المرجح اولوي لا وجوبي، فيحتاج ايضاً الى مرجح. وهكذا في الاولويات الاخر، الى غير النهاية. ومع ذلك جميعها كالاولوية الاولى، كما يقال: ان الممكنات الغير المتناهية في حكم الممكن الواحد، في جواز طريان العدم.

والحاصل ان كل موجود ممكن، ينبغي ان يقع اولويته اولاً، ثم يقع وجوده الاولوي. والحال انها ايضاً يجوز ان تقع وان لا تقع تبادلاً، اذ كل وقوع عندهم، بلا وجوب.

ومن هنا يختلج بخاطري برهان على نفي الاولوية، وهو انه، لو وجد الممكن بالاولوية، لوجد الصادر الاول بها، لأنه ايضاً ممكن. ولو وجد بها، لم يكن صادراً اولاً. اذ لابد ان يقع اولويته اولاً، حتى يقع وجودها ثانياً. وهذه الاولوية ليست عين وجوده، لأنها سبب وجوده. وايضاً، هي جائزة العدم، والوجود يأبى العدم. وليست صفة الواجب ايضاً، لان واجب الوجود بالذات، واجب الوجود من جميع الجهات. وهذا بخلاف ما هو المذهب المنصور. فان الايجاب صفته تعالى، والوجوب السابق للصادر الاوّل، هو الخصوصية التي هي عين ذات الواجب، وهي التي لا تمكن من عدمه، وتابي الا ان يترتب عليها وجوده، اذ لكل علّة خصوصية مع معلولها الخاص. (فاستقم كما امرت)). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص273 - 274، حاشية7.

([453]) وقد ذهب الحكيم المؤسّس آقا علي المدرّس  رحمه الله  إلى أن الوجوب بشـرط المحمول أخصّ من الوجوب اللاحق. وإليك نص كلامه في ما علّق على شوارق الإلهام: (أقول: الوجوب السابق هو تعين المعلول بهويته الخاصة في مرتبة اقتضاء العلة المقتضية، الجامعة لجميع جهات اقتضاء تلك الهوية، الذي هو عين وجودها. والوجوب اللاحق هو تعين المعلول في مرتبة وجوده وهويته، بل وجوب اعتبر في مرتبة ذات الشـيء هو وجوب لاحق له، وإن كان سابقاً بالنسبة إلى وجوب معلوله منه. ووجه تسميته باللاحق هو كونه لاحقاً بالوجوب السابق في أكثر أفراده، وهي الوجوبات الحاصلة في مرتبة الوجودات الممكنات. والوجوب بشـرط المحمول وجوب آخر أخصّ منه، ولا يحصل إلا باعتبار الاشتراط واعتبار المحمول مع الموضوع الخالي عنه بحسب ذاته). بداية الحكمة، السيد محمد حسين الطباطبائي، ص62.

([454]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص224 - 229.

([455]) درر الفوائد، الشيخ محمد تقي الآملي، ج1، ص244.

([456]) (وهي من الاعتبارات النفس الآمـرية). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص275، حاشية9.

([457]) (فما لم يعتبر نفس شيئيّة الماهية، ولم يتقرّر، ولم يلاحظ خلوها بحسب ذاتها عن الوجود والعدم، لم يأت الامكان. واذا اعتبر الامكان، وان المتساويين، مالم يترجح احدهما بمنفصل لم يقع ولوحظ تشبثها بإحداهما، حكم بالحاجة الى العلة. وبعد الحاجة اليها، وملاحظة كيفية التأثير، وانه بنحو السد المسطور، حكم بالإيجاب، ثمّ بالوجوب، كترتب الانكسار على الكسـر؛ ثمّ بالإيجاد والوجود. والايجاد الحقيقي متقدّم على الوجود، مع انه الوجود الحقيقي، لأنه الوجود المنبسط السابق على المحدودات، ولان الوجود مضافاً الى الحق تعالى، ايجاد حقيقي متقدّم على الوجود المضاف الى الماهية). المصدر السابق، ص275، حاشية10.

([458]) الحاشية على تهذيب المنطق، عبد الله بن شهاب الدين اليزدي، ص296.

([459]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص149.

([460]) (أنّ الإمكان الإستعدادي وإن كان مغايراً للذّاتي الّا أنّه مثله في كونه من الاُمور الإعتباريّة، وليس من الكيفيّات الموجودة في الخارج كما عليه المتأخّرون، إذ لا دليل على وجود كيفيّة موجودة في النّطفة مثلاً، مغايرة للكيفيّة المزاجية وغيرها من الكيفيّات الملموسة فيها، مقربة لها إلى قبول الصّور الّتي تتوارد عليها.

فالحقّ أنّ الاستعداد أيضاً أمر اعتباري مغاير للإمكان الذّاتي بوجه كما قرّرناه، وعدّ القدماء إيّاه من الكيفيّات لا يوجب اعتقادهم وجوده في الخارج، لأنّهم كانوا يتسامحون ولا يفرقون في الأغلب بين الموجود في الخارج، والموجود في نفس الأمر وهو أي الواجب بالذات الفرد، وغيره من الممكنات زوج تركيبي لما عرفت من تركّبه من أمرين). شـرح الالهيات من كتاب الشفاء، محمد مهدي النراقي، ج2، ص643.

([461]) (ثمّ قد يطلق الامكان ويراد به الامكان الاستعدادي الذي هو تهيؤ المادة واستعداها، لما يحصل لها من الصور والاعراض...). الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص182 – 186، ص231، ص391.

([462]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص394.

([463]) شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، تحقيق الشيخ علي اكبر اسد زاده، المسالة الخامسة والعشـرين من الفصل الاول، في الامكان الاستعدادي، ج1، ص380.

([464]) قال السيد العلامة مبيناً الفرق بينهما: (وقد يستعمل الإمكان بمعنيين آخرين:

أحدهما: ما يسمّى (الإمكان الوقوعي)، وهو كون الشـيء بحيث لا يلزم من فرض وقوعه محال، أي ليس ممتنعاً بالذات أو بالغير، وهو سلب الامتناع عن الجانب الموافق، كما أن الإمكان العام سلب الضـرورة عن الجانب المخالف.

وثانيهما: (الإمكان الاستعدادي)، وهو كما ذكروه نفس الاستعداد ذاتاً، وغيره إعتباراً، فإن تهيؤ الشـيء لأن يصير شيئاً آخر، له نسبة إلى الشـيء المستعد، ونسبة إلى الشـيء المستعد له فبالاعتبار الأول يسمّى (استعداداً) فيقال مثلا: (النطفة لها استعداد أن تصير إنساناً)، وبالاعتبار الثاني يسمّى (الإمكان الاستعدادي) فيقال: (الانسان يمكن أن يوجد في النطفة).

والفرق بينه وبين الإمكان الذاتي أن الإمكان الذاتي - كما سيجيء – اعتبار تحليلي عقلي يلحق الماهية المأخوذة من حيث هي، والإمكان الاستعدادي صفة وجودية تلحق الماهية الموجودة، فالإمكان الذاتي يلحق الماهية الانسانية المأخوذة من حيث هي، والإمكان الاستعدادي يلحق النطفة الواقعة في مجرى تكون الانسان.

ولذا كان الإمكان الاستعدادي قابلا للشدة والضعف، فإمكان تحقق الانسانية في العلقة أقوى منه في النطفة، بخلاف الإمكان الذاتي، فلا شدّة ولا ضعف فيه.

ولذا أيضاً، كان الإمكان الاستعدادي يقبل الزوال عن الممكن، فإن الاستعداد يزول بعد تحقق المستعد له بالفعل، بخلاف الإمكان الذاتي، فإنه لازم الماهية، هو معها حيثما تحققت.

ولذا أيضا، كان الإمكان الاستعدادي - ومحله المادة بالمعنى الأعم - يتعين معه الممكن المستعد له، كالإنسانية التي تستعد لها المادة، بخلاف الإمكان الذاتي الذي في الماهية، فإنه لا يتعين معه لها الوجود أو العدم.

والفرق بين الإمكان الاستعدادي والوقوعي أن الاستعدادي إنما يكون في الماديات، والوقوعي أعم موردا). بداية الحكمة، السيد محمد حسين الطباطبائي، ص65.

([465]) (لتحققه في المجردات، اذ لم يلزم من فرض وقوعها، محال. لكنه اخصّ مورداً من الامكان الذاتي، لان عدم العقل الاول له الامكان الذاتي، لكن ليس الامكان الوقوعي، اذ يلزم من فرض وقوعه محال، وهو عدم الواجب بالذات، تعالى عن ذلك علواً كبيرا). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص279، تعليقة2.

([466]) الافق المبين، محمد باقر الميرداماد، ص155، ص317.

([467]) لأن (المراد بالكيفية، الكيفية الاستعدادية. وبالمعنى الاعمّ، القدر المشترك بين المحلّ، كالنطفة لصورة الحيوان، والموضوع، كالحصـرم للحلاوة، والمتعلق، كالجنين للنفس الناطقة، وبالفعل فعليّة القوّة، كفعلية الهيولى، حيث انها قوّة صـّرفة، وفعليتها عين القوّة. وكون حيثية الامكان امراً بالقوة، لكونه اضافة، وهي الى المعدوم الخارجي الموجود في الذهن). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص280، حاشية9.

([468]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص334.

([469]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص182 - 186.

([470]) (لا يخفى ان الكلام في الامكان الاستعدادي، لا في موضوع الاستعداد كالمني، ولعل مراده التنظير، أو ان العرض سيما الكيفية الاستعدادية، لما كان تابعاً للموضوع، ففي الفعلية والقوة تابع، فالإمكان الاستعدادي لما كان موضوعه مركباً من الفعلية والقوّة، فهو فعل من جهة، وقوة من جهة، بخلاف الذاتي، فان موضوعه ليس بالفعل، حتى في الوجود والعدم، فهو القوة الصـرّفة). الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص182.

([471]) وقد بيّن المصنف، وجه الاختلاف في المصطلحين في حاشيته على الاسفار، فقال: و(فيه ان هذا يستقيم على مذهب المشائين، إذ عندهم فاعل النفوس ومخرجها من القوة إلى الفعل هو العقل الفعّال، ويعنون به العقل العاشـر، وهو أيضا فاعل هذا العالم بإذن الله تعالى، وقالوا إليه مفوض (كدخدائيه)، أي تصـرّف عالم العناصـر، واما عند الاشـراقيين والمصنف  قدس سره  ففاعل النفوس الإنسية مخرجها من القوة إلى الفعل هو رب النوع الانساني، مبادئ صور الأنواع الأخر، التي في هذا العالم أصحاب أنواعها، لا صاحب النوع الانساني، ولا العقل العاشـر، لأنهم وان قالوا بالطبقة الطولية من العقول - كما قالوا بالطبقة العرضية - الا انهم لم يحدّدوا الطولية في مبلغ معين، كعشـرة وعشـرين، بل قالوا يبلغ الأنوار القاهرة في مراتب التنزّلات والاصطكاكات، إلى نور لا يفيض منه النور، كما في مراتب الأضواء الحسّية من الضوء الأول والثاني والثالث، إلى أن ينتهى إلى ضوء ضعيف لا يفيض منه ضوء أصلاً). الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج9، ص398، حاشية2.

([472]) (المادة بالمعنى الأعمّ تشمل المادة بالمعنى الأخصّ، وهي الجوهر القابل للصور المنطبعة فيها، كمادة العناصـر لصورها، وتشمل متعلّق النفس المجردة، كالبدن للنفس الناطقة، وتشمل موضوع العرض، كالجسم للمقادير والكيفيات). بداية الحكمة، السيد محمد حسين الطباطبائي، ص65.

([473]) فرهنك معارف اسلامى، السيد جعفر سجادي، ج2، ص1247.

([474]) توضيح المراد، السيد هاشم الحسيني الطهراني، ص76. شـرح الاسماء الحسنى، الحكيم هادي السبزواري، ص73.

([475]) قال المصنف: (المستفاد من كلمة (لم يكن)، لا ان المرجع هو الوجود، لأنه قديم، لا قدم) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص286، حاشية3.

([476]) مصنفات الميرداماد، محمد باقر الداماد، تحقيق هنري كربان، ص436. تلخيص المحصّل، نصير الدين الطوسـي، ص318.

([477]) سبع رسائل، المحقق الدواني، اسماعيل الخواجوئي، ص233، ص253.

([478]) شـرح المقاصد، التفتازاني، ج1، ص129.

([479]) شوارق اللالهام في شرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص16. كشف اصطلاحات الفنون والعلوم، محمد علي التهانوي، ج2، ص1305.

([480]) قد يراد بالقدم كون ما مضـى من زمان وجود الشـّي‏ء أكثر ممّا مضـى من زمان وجود شـي‏ء آخر، فيقال للأوّل بالنّسبة إلى الثّاني قديم، وللثّاني بالنّسبة إلى الأوّل حادث. شـرح تجريد العقائد، القوشجي، ص42. شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص197 - 198.

([481]) وقد بيّنه المصنف في حاشيته، فقال: (وإنما كانت ليسيّة الماهية قبل الايسيّة، لان الليسيّة ما بالذات، والايسيّة ما بالغير، وما بالذات متقدّم على ما بالغير. فهذه المسبوقية والسابقيّة معيار الحدوث الذاتي لجميع ما سوى الله تعالى). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص287، حاشية5.

([482]) المباحث المشـرقيّة، فخر الدين الرازي، ج1، ص38.

([483]) حاشية المصنف السابقة.

([484]) وقد نقل صاحب الشوارق قول الشيخ: (ان للمعلول في نفسه ان يكون ليس، وله من علّته ان يكون ايس أي موجوداً، والذي يكون للشـيء في نفسه اقدم عند الذهن بالذات، لا بالزمان، من الذي يكون له من غيره، فيكون كل معلول ايساً بعد ليس بعديّة بالذات).

ثمّ قال صاحب الشوارق بعد نقل كلام الشيخ: (ومقصود الشيخ من التقدّم بالذات هاهنا، هو التقدّم بالماهيّة، لأن تقدّم ما بالذات على ما بالغير هو هذا التقدّم، إذ التقدم لما بالذات حاصل، وليس بحاصل لما بالغير، وليس بحاصل لما بالغير إلا وهو حاصل لما بالذات، فيتحقق هاهنا ملاك التقدّم بالماهية، فما بالذات متقدّم بالماهية على ما بالغير، وهو المطلوب). شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص97، ط1.

([485]) الهيات الشفاء، الشيح الرئيس ابن سينا، ج2، ص266.

([486]) اذ ان (الحدوث المسمّى بالحدوث الجوهري والذاتي مما ابداه صدر المتألهين  قدس سره ، فان الحدوث الزماني قد كان في عُرف الحكماء يطلق على حدوث الزمانيات، والذاتي على حدوث الزمان. وقد اطلق الحكماء على كليهما الزماني، وجعلوا الزماني اعمّ من ان يكون زمانياً بذاته، أو بسبب كونه في الزمان أو طرفه، على وجه الانطباق، أو لا على وجه الانطباق.

ولكن، كِلا الفريقين، لما كانا من المنكرين للحركة الجوهرية، جعلوا الحدوث الزماني للزمان بالذات، ولِما يقع فيه أو في طرفه بالعرض. وزعموا ان جواهر الاجسام العنصـرية ثابتة، وصفاتها متجددة، وانها بسبب سبق وجودها بالعدم (الغير المجامع) ومن جهة تجدد صفاتها وتغيّر عوارضها، متصّفة بالحدوث الزماني بالعرض، وان كانت من حيث ثبات ذواتها غير متّصفة به. واما الافلاك، فزعموا انها لتقدمها على الزمان، من جهة حدوثه من حركتها عندهم، غير مسبوقة بالزمان والمدّة اصلاً.

وصدر متألّهة الحكماء  قدس سره  حيث اثبت بالبرهان النيّر العرشـي تحقق الحركة والسيلان في ذوات الاجسام مطلقاً، من الفلكيات والعنصـريات بأجمعها، جعل كلّها حادثة بالحدوث الزماني بالذات، لا بالعرض.

ومصنف الكتاب  قدس سره  حيث اختار مذهبه  قدس سره  واقتدى بهداه، اشار بقوله الى هذا القسم من الحدوث الزماني، الذي لم يتفطّن له الجمهور، فتأمل!.

ولا يتوهمن ان مرجع هذا الحدوث الى الحدوث الذاتي، كما توهمه البعض. لأنه سبق عدم المجامع، وهذا غير مجامع. ولا يلزم منه الفصل الغير المتناهي بين الممكن والواجب، لأن المراد بالغير المتناهي، ان كان المقداري منه فلا مقدار هنا، حتى يوصف الفصل بين الحق والخلق باللاتناهي المقداري. وان كان المراد به اللاتناهي الشّدي، فهو فوق مالا يتناهى بما لا يتناهى، شدة ومدّة، سواء قلنا بهذا التقدّم ام لا. وليس هذا ايضاً السبق بالعلية فقط، بل مع الفك الوجودي في موطن الاعيان، وباعتبار وجودي العلة والمعلول، فتدبر). تعليقة الآشتياني على المنظومة، الميرزا مهدي المدرس الآشتياني، ج2، ص339 - 340.

([487]) بمقتضـى الحركة الجوهرية التي يقول بها. (ولدينا تحقيق انيق، في رسالتنا الموسومة (الحركة الجوهرية بين ملا صدرا وابن سينا).

([488]) وقد صنّف المعلّم الثالث الميرالداماد كتاب القبسات لأجل مناقشة قدم العالم وحدوثه.

([489]) نظرية الاكمل واشكالية الشـرور، الشيخ عمّـار التميمي، ص123 - 173.

([490]) وقد قدّم الفارابي وابن سينا صورة خاصة لمسالة قدم العالم، والتي انبثقت منها نظرية عرفت فيما بعد بنظرية الصدور أو الفيض. كتاب النجاة، ابن سينا، المقالة الثانية من الالهيات، ص310 - 288. الرسالة النيروزية، ابن سينا، تعليق د.محمد ثابت، ص16-12. تسع رسائل في الحكمة والطبيعيات، ابن سينا، ص137 - 135. رسالة العشق، ابن سينا، ص27 - 22. العرشية، ابن سينا،
ص37 - 36.

([491]) القبسات، محمد باقر الداماد، تحقيق مهدي محقق، ص117.

([492]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج6، ص63، ج4، ص207، ص233، ج7،
ص58 - 59.

([493]) راجع الى القبسين، الثالث والثامن من القبسات.

([494]) شـرح المواقف، السيد شريف الجرجاني، ج7، ص230. شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، ج2، ص347، ص502 - 504.

([495]) وقد عقّد صدر المتألهين رسالة في بيان هذا المطلب، سمّاها (رسالة في الحدوث). ولمزيد من الاطلاع، انظر: حوار بين الفلاسفة والمتكلمين، الدكتور حسام محي الدين الآلوسـي، ص103، ص133.

([496]) كما (ان الموجود اما سـرمدي، واما دهري، واما آني، وامّا زماني. والاخير اقسام، لأنه اما زماني بنفسه كنفس الزمان، فان كل زماني غير الزمان، زماني به، وهو زماني بنفسه، كما ان كل شـيء مضـيء بالضوء، والضوء مضـيء بذاته، واما زماني على وجه الانطباق على الزمان كالحركة القطعيّة، فأنها امر ممتد منطبق على ممتد هو الزمان، فان نسبة الزمان الى الحركة، نسبة خشبة الذارع الى المذروعات، واما زماني لا على وجه الانطباق، كالحركة التوسطية، فأنها بسيطة، كنقطة سيّالة، ولا يجوز انطباق البسيط على الممتد، واما لا مقدار له في ذاته على المقدار، وإنما هي زمانية، بمعنى انه لا يمكن ان يفرض آن في ذلك الزمان، الا وهي حاصلة فيه، اذ المتحرك في كل آن ليس فارغاً عن التوسط. ثمّ ان كلاً منها، اما منطبق، أو حاصل في جميع الازمنة، كما في الحركة الفلكية، أو على قطعة من الزمان، أو فيها، كما في الحركة المستقيمة). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص289، حاشية15.

([497]) نهاية الحكمة، السيد محمد حسين الطباطبائي، الفصل الخامس في مبدأ الحركة ومنتهاها، ص256.

([498]) الجزء الاول، ص184.

([499]) مصباح الانس بين المعقول والمشهود، محمد حمزة الفناري، ص362 - 365. المثنوي المعنوي، جلال الدين الرومي، ترجمه وشـرحه الدكتور ابراهيم الدسوقي شتا، ج4، ص20 - 33. شـرح فصوص الحِكَم للقيصـري، داود القيصـري، تحقيق السيد جلال الدين آشتياني، ص329 - 369. الانسان الكامل، عبد الكريم الجيلي، تحقيق صلاح بن محمد بن عويصة.

([500]) (اللاهوت: هو الوجود الجامع لجميع الاسماء الحسنى والصفات العليا الملزومة للاعيان الثابتات، الكامنات تحت الاسماء والصفات.

والجبروت: عالم العقول الكلّية.

والملكوت قسمان: اعلى واسفل، فالملكوت الاعلى هو النفوس الكلّية، والملكوت الاسفل هو المثل المعلقة.

والناسوت: هو عالم الشهادة وعلوياته وسفلياته). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص290، حاشية19.

([501]) المشارع والمطارحات، شهاب الدين السهروردي، ص455 - 459. وقد تعرّض لها صدر المتألهين في اسفاره، ج2، ص52 - 55. حكمة الاشراق، شهاب الدين السهروردي، ص142 - 144.

([502]) شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص16.

([503]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص291، حاشية 26.

([504]) سورة المعارج، الآية 4.

([505]) سورة هود، الآية 7.

([506]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص292 – 293، حاشية31.

([507]) (وبإزائهما قوس الليل وقوس النهار، وان شئت التطبيق على البروج الاثنى عشـر، قسمت كلاً من قوسـي النزول والصعود على ستة، كاللاهوت، والوجود المنبسط، والعقول والنفس الكلّية، والمثل المعلّقة، والطبائع. أذ كل ما هو في النزول، يوجد مثله بإزائه في الصعود. فيكون المجموع اثنى عشـر). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص292، حاشية30.

([508]) مصباح الانس بين المعقول والمشهود، محمد حمزة الفناري، تحقيق عاصم الكيالي، ص468. الفواتح الالهية والمفاتح الغيبية، نعمة الله بن محمود النخجواني، ج1، ص503. كشف الوجود الغر لمعاني نظم الدرر، عبد الرزاق الكاشاني، تحقيق احمد المزيدي، ص176.

([509]) في تفسير علي بن إبراهيم في قوله تعالى (وذكرهم بأيام الله) قال: أيام الله ثلاثة: يوم القائم  عليه السلام ، ويوم الموت، ويوم القيامة. وفي الخصال، ومعاني الأخبار: عن مثنى الحناط قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام  يقول: أيام الله ثلاثة: يوم يقوم القائم  عليه السلام  ويوم الكرة، ويوم القيامة. مستدرك سفينة البحار، علي النمازي الشاهرودي، ج10، ص611. بحار الانوار، العلامة المجلسـي، ج13، ص13. ج51، ص54. تفسير نور الثقلين، عبد علي بن جمعة الحويزي، ج4، ص84.

وورد ايضاً عن إبراهيم بن عمر، عمن ذكره، عن أبي عبد الله  عليه السلام  في قول الله (وذكرهم بأيام الله) قال: بآلاء الله يعني نعمه. بحار الانوار العلامة المجلسـي، ج68، ص53. ج83، ص145. تفسير العياشـي، محمد بن مسعود العياشـي، ج2، ص222.

(لا شك ان المراد بها أيام خاصّة، ونسبة أيام خاصّة إلى الله سبحانه، مع كون جميع الأيام وكل الأشياء له تعالى، ليست الا لظهور امره تعالى فيها ظهوراً لا يبقى معه لغيره ظهور، فهي الأزمنة والظروف التي ظهرت أو سيظهر فيها امره تعالى وآيات وحدانيته وسلطنته، كيوم الموت الذي يظهر فيه سلطان الآخرة، وتسقط فيه الأسباب الدنيوية عن التأثير، ويوم القيامة الذي لا يملك فيه نفس لنفس شيئا والامر يومئذ لله، ]او يوم خروج القائم (عجل الله له الفرج) فيملئ الارض عدلاً وقسطا[، أو هي كالأيام التي أهلك الله فيها قوم نوح وعاد وثمود، فان هذه وأمثالها أيام ظهر فيها الغلبة والقهر الالهيان، وان العزة لله جميعا. ويمكن ان يكون منها أيام ظهرت فيها النعم الإلهية ظهوراً ليس فيه لغيره تعالى صنع، كيوم خروج نوح  عليه السلام  وأصحابه من السفينة بسلام من الله وبركات، ويوم انجاء إبراهيم من النار وغيرهما، فإنها أيضاً كسوابقها لا نسبة لها في الحقيقة إلى غيره تعالى، فهي أيام الله منسوبة إليه كما ينسب الأيام إلى الأمم والأقوام. ومنه أيام العرب كيوم ذي قار ويوم فجار ويوم بغاث وغير ذلك). الميزان في تفسير القرآن، العلامة محمد حسين الطباطبائي، ج12، ص18- 19. تفسير الصافي، الفيض الكاشاني، ج4، ص81.

([510]) شـرح المقاصد، سعد الدين التفتازاني، ج2، ص14.

([511]) مصنفات ميرداماد، محمد باقر الداماد، ص289 - 294. اللمعات العرشية، محمد مهدي النراقي، ص481 - 488.

([512]) شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص96. شـرح المواقف، السيد شـريف الجرجاني، ص148.

([513]) المصدر السابق.

([514]) شـرح الاسماء الحسنى، الحكيم هادي السبزواري، تحقيق نجف قلي حبيبي، ص77.

([515]) شـرح فصوص الحِكَم، داوود القيصـري، ص457.

([516]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص294، تعليقة37.

([517]) شـرح أسماء الله الحسنى، أبو القاسم عبد الكريم القشيري‏، تحقيق عبد الرؤوف سعيد - سعد حسن محمد علي، ص327. شرح القيصـري على تائية ابن الفارض الكبرى، داود القيصـري، تحقيق أحمد فريد المزيدي، ص81 - 82. الكهف والرقيم في شـرح بسم الله الرحمن الرحيم‏، عبد الكريم الجيلي‏، تحقيق قاسم الطهراني، ص21 - 23‏. نحو القلوب، (القشيري)، أبو القاسم عبد الكريم القشيري، تحقيق أحمد علم الدين الجندي، ص119 - 124. تمهيد القواعد، صائن الدين علي بن تركة، تحقيق السيد جلال الدين الآشتياني‏، ص118 - 119.

([518]) شـرح الاسماء الحسنى، الحكيم هادي السبزواري، تحقيق نجف قلي حبيبي، ص69، ص77.

([519]) (المراد بالأسماء مثل مفاهيم العالم والقادر والحي ونحوها. وبالرسوم مظاهرها، مثل الانسان والحيوان ونحوهما. ويكون وجه تسميتها بالرسوم، من جهة انها مظاهر الاسماء ونقوشها، بمنزلة رسم الدار. ويمكن ان يكون المراد من كلّها الماهيات والاعيان الثابتة، كما يظهر مما افاده  قدس سره  في الحاشية). تعليقة الآشتياني على شـرح المنظومة، الميرزا مهدي المدرس الآشتياني، ج2، ص360. وقد ذكر المصنف في الحاشية بان المراد من الاسماء والرسوم (أي المفاهيم والماهيات. وهذا الحادث يتعلق بالعقول الكلية ايضاً لأنها ايضاً مفاهيمها حديثة، وان كان وجودها من صقع الربوبية). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص295، حاشية46.

([520]) أي العدم.

([521]) (اذ كما ان ما ثبت قدمه امتنع عدمه، كذلك ما ثبت حدوثه ثبت زواله، لأنه كعكس نقيض للأول). شرح المنظومة ، الحكيم هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص295، حاشية46.

([522]) سورة النجم، الآية 23.

([523]) التعرف لمذهب أهل التصوف، أبو بكر محمد الكلاباذي، تحقيق الدكتور عبد الحليم محمود - طه عبد الباقي سـرور، ص36. معالم الفتن، سعيد ايوب، ج2، ص401. تاريخ الفرق الاسلامية، مصطفى بن محمد مصطفى، ص158.

([524]) نهج البلاغة، خطبة1، ص39.

([525]) (أي ان الممكنات الا الماهيات التي هي اسماء الوجودات التي هي من صقع الحق تعالى. والضمير وان عاد الى ماهيات الاصنام كاللات والعزى، الا ان الممكنات ماهياتها كلّها اصنام للعقول الجزئية الوهمية، بحسب الباطن، توقع نظرها في التشتت، وتحجب عنها وجه المقصود). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص296، حاشية45.

([526]) فان ظاهر الامر وان كان الضمير عائد الى اللات والعزى وغيرها من الاصنام، الا ان باطنه ارادة جميع الماهيات الاعتبارية.

([527]) سورة النجم، الآية 23.

([528]) وقد اشار المصنف الى هذا المعنى في تعليقته على شـرح الاسماء الحسنى في بيان البينونة، فقال: (وحكم التميز بينونة صفة. فقال فيه وجوه:

الأوّل: أنّ البينونة بين وجوده تعالى وبين وجود خلقه، بينونة الشدّة والضعف، كما في الحقيقة المقولة بالتشكيك، لا كالتّباين النّوعي.

والثّاني: أنّ البينونة بينهما كبينونة الصّفة للموصوف، وهذا على وجهين:

أحدهما، أنّ الوجودات المجعولة بالنسبة إلى الجاعل الحقّ تعلّقيّة، كوجود الصفة للموصوف وكالعرض للموضوع، والآخر، أن يراد أنّ الماهيّات بالنسبة إلى الوجود المطلق المنبسط كالصّفات، ويكون العروض كعروض عارض الماهيّة لا عارض الوجود كما قيل: (من تو عارض ذات وجوديم).

والثّالث: ان يراد أنّ البينونة كبينونة موصوف بصفة معه، موصوفاً بصفة أخرى، فلننظر في مثله الأعلى، فالوجود المنبسط، مضافا إلى المرتبة الأحديّة، واحد وإيجاد ومشيّة وعليّة ونور السّماوات والأرض، الى غير ذلك من الأسماء والصّفات الشّامخة، ولكن مضافا إلى الأشياء كثير، ووجود للأشياء -  وبنوره اتحاد عدد الوجود والإيجاد، وهو تسعة عشـر، عدد حروف البسملة - ومشـي‏ء ومعلول ونحو ذلك، فانظر كيف أخذت تخالف الصّفة بينونة صفتيّة؟ فافهم واستقم). شـرح الاسماء الحسنى، الحكيم هادي السبزواري، ص76 - 77.

([529]) الاحتجاج، احمد بن علي بن ابي طالب الطبرسـي، تحقيق السيد محمد باقر الخرسان، ج1، ص299.

([530]) ديوان ابن فارض‏، ابن الفارض‏، تحقيق مهدي محمد ناصـر الدين، ص73. منتهى المدارك في شـرح تائية ابن فارض، سعيد الدين الفرغاني‏، تحقيق عاصم إبراهيم الكيالي الحسيني، ج2، ص198.

([531]) شـرح فصوص الحِكَم، خواجه محمد بارسا، تصحيح دكتر جليل مسكرنزا، ص21.

([532]) سورة الذاريات، الآية 56.

([533]) وجود العالم بعد العدم عند الامامية، السيد قاسم علي الاحمدي، ص46. درر الفوائد، الشيخ محمد تقي الآملي، ج1، ص269.

([534]) حدوث العالم، ابن الغيلان، ص3.

([535]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص297، حاشية53.

([536]) سورة الروم، الآية 22.

([537]) سورة الروم، الآية 19.

([538]) المروية في اصول الكافي في باب (حدوث العالم واثبات المحدث) من كتاب التوحيد.

([539]) التوحيد، الشيخ الصدوق، تحقيق السيد هاشم الحسيني الطهراني، ص278. الخصال، الشيخ الصدوق، تحقيق علي أكبر الغفاري، ص639، ص652.

([540]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج4، ص237 - 317.

([541]) مصنفات ميرداماد، محمد باقر الداماد، تصحيح عبد الله نوراني، ص24 - 44.

([542]) شـرح كتاب النجاة لابن سينا (قسم الإلهيات)، فخر الدين الأسفرائيني النيشابوري، ص124.‏

([543]) (قال تعالى: [يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ] سورة المائدة، الآية 64. وفيه اشارة الى انه لابدّ لأهل التحقيق ان يجمعوا بين الاوضاع، أي الاوضاع البرهانية والدينية. ومعلوم ان اثبات الصانع اسّ المطالب، وبعده اثبات المعاد، ولزوم المجازاة، والطريق اليهما عند اهل الظاهر من المتشـرعة الحدوث. فالحادثات لا بدّ له من محدث، وايضاً الحادث دائر زائل، ومسلك الامكان دقيق بالنسبة اليه على الجمهور، هذا حكمة الحدوث، ولكن ينبغي ان لا يقف العاقل كما قال تعالى: [عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ] سورة التوبة، الآية 109. ولا ينهار في نار الاعتقاد بإمساك الجود، وانقطاع الفيض الحاكم ببطلانه الوجدان الصحيح، فضلاً عن البرهان، ولا يصير مصداقاً لقول القائل: حفظت شيئاً وغابت عنك اشياء. فالقول بالحدوث الجامع ما نبيّنه من التجدد الذاتي لجميع العالم، ومثله في الجمع القول بالحدوث الدهري). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص298، حاشية 59.

([544]) المصدر السابق، ج4، ص101.

([545]) المصدر السابق، ج4، ص116 - 143.

([546]) كما ذهب اليه متأخري المشاء. رسالة في الحدوث، صدر الدين الشيرازي، ص48 - 58.

([547]) المباحث المشـرقية، الفخر الرازي، ج1، ص707. شـرح المواقف، السيد شريف الجرجاني، ج6، ص216. شـرح المقاصد، سعد الدين التفتازاني، ج2، ص423. الفصل الثالث من المقالة الثانية من الفن الأوّل من طبيعيات الشفاء للشيخ الرئيس. نهاية المرام في علم الكلام، العلامة الحلي، ج3، ص411.

([548]) (تلميح الى ان القياس المشهور، ان العالم متغيّر، وكل متغير حادث، هذا معناه. وكذا قول المتكلمين: ان الاجسام لا تنفك عن الحركة والسكون الحادثين. وكل مالا ينفك عن الحوادث حادث. المراد به هذا التجدد الذاتي). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص299، حاشية61.

([549]) المواقف، المحقق الايجي، ج1، ص145. جامع الافكار وناقد الانظار، محمد مهدي النراقي، ج1، ص103.

([550]) شـرح الاسماء الحسنى، الحكيم هادي السبزواري، تحقيق نجف قلي حبيبي، ص35، ص72. حوار بين الالهيين والماديين، الشيخ محمد الصادقي، ص192. شـرح المقاصد، سعد الدين التفتازاني، ج1، ص240 - 246.

([551]) ويستحسن في هذا المقام ان ننقل فائدة ذكرها المصنف في حاشيته على الاسفار، وهو اشكال ظاهر الورود، قد نقله السيد المحقق الداماد عن المحقق الطوسـي قدّس سـرّهما في (القبسات) وقد وصفه السيد  قدس سره  بأنه من مستصعبات العقد التعضيلية وهو: (انه إذا عدم شـيء في العالم، لزم منه عدم الواجب (تعالى عن ذلك) لأن عدم ذلك الشـيء، اما لعدم شـرطه أو شـرط علته، أو لعدم جزء علّته، والكلام في عدمه كالكلام فيه، حتى ينتهى إلى الواجب تعالى، لان الموجودات بأسـرها ينتهى في سلسلة الحاجة إلى الواجب تعالى.

والجواب: ان عدم الحادث ينتهى إلى عدم مرتبة، وقطعه من حقيقة متجددة بالذات، كالطبيعة الجوهرية السيّالة الوجود عند المصنف، وكالحركة الوضعية الفلكية عند القوم، وتلك الحقيقة كل حدّ منها ضـروري العدم عند وجود حد آخر، بلا حاجة إلى علّة أخرى، كضـرورة عدم يوم الجمعة في يوم الخميس ويوم السبت، فإذا انتهى عدم الحادث إلى عدم تلك المرتبة، من تلك الحقيقة السيّالة الوجود، يقال عدمها ذاتي، والذاتي لا يعلّل، فلا ينتهى إلى عدم الواجب تعالى، فالجاعل جعل نفس ذاتها جعلاً بسيطاً، لا انه جعلها متقضية متجددة، والسيد  قدس سره  أشار أولاً إلى ما ذكرناه، وثانياً إلى تحقيق آخر بقوله: فإذن يجب علينا ان نقطع وريد الشبهة، ونجب عرق الأعضال، فنقول: ما حقّقناه لك ان الحدوث والزوال في عالم امتداد الزمان، لا يتصحح الا بالانتهاء إلى طبيعة متجددة متصـرمة، يكون طباع جوهرها، ثبات اتصال التجدد والتصـرم، وسيلان استمرار الحدوث والبطلان، من غير استناد في الانقضاء والتصـرّم إلى علّة خارجة عن ذاتها، يضمن للمتأمل المخرج عن هذه المضائق، ولكنا نستأنف الان بياناً طارفاً من سبيل آخر، فاعلمن انه انما يعتاص الامر هنالك، على من بتوهماته الفاسدة يحسب؛ أن العدم الطاري على الشـيء الكائن الفاسد في الزمان، حادث متجدد في متن الواقع، وطرو العدم عبارة عن تجدد البطلان بعد التقرّر، وان انعدام الشـيء الزماني، إنما هو بارتفاع وجوده الحاصل في زمن حصوله، من تلقاء الجاعل الموجب عن وعاء التحقق عن زمان الحصول، وان العدم فعل الفاعل، والفاعل فاعل البطلان، وان عدم حصول الشـيء في زمان ما، غير متحقق الصدق الا في ذلك الزمان، ومع تحقّقه لا قبله، وان انتفاء المانع متقدّم على وجود المعلول بالذات، تقدّماً بالطبـع، لكونه من اجزاء علّته التامة، وشـيء من تلك الأوهام، ليس له في عالم العقل مـن نصيب، ولا في إقليم الحكمة من خلاق، وان في المتكلفين والمتفلسفين أقواماً وعشائر تلك أمانيهم، ومن هو على بصيرة في امره، يعلم أن ما يحدث ويتجدد ويعقل فيه الفعل والقبول؛ يكون لا محالة شيئاً ما، يعبّر عنه بالليسية والانتفاء، بل هو سلب محض وليس صـرف، لا يخبر الا عن لفظه، ولا يروم بمفهومه، الا انه ليس في الحصول امر ما أصلاً، وانما طرو العدم على الكائن الزماني، هو سلب وجوده في الزمان العاقب، سلباً صـرفاً.

ثم قال: أفليس من المنصـرح ان ارتفاعه عن زمانه في قوة اجتماع النقيضين، وعن الزمان البعد غير معقول، إذ لم يكن متحققاً قط. فإذن قد استوى واستبان ان الزوال حقيقة انقطاع اتصال الفيضان، لعدم الإفاضة الابقائية المعبّر عنها في القرآن الحكيم والتنزيل الكريم، تارة بالحفظ (ولا يؤده حفظهما)، وتارة بالامساك (ويمسك السماوات والأرض ان تزولا) وانه لا عدم الا وهو أزلي، وان طرو العدم على الحادث الزماني، إنما معناه المحصّل، تخصيص وجوده بزمان ما، محدود في جهة النهاية بحدّ بعينه، كما هو محدود في جهة البداية كذلك، وذلك الوجود المحدود بحدي الطرفين غير مرتفع، لا عن الدهر ولا عن ذلك الزمان المحدود في الجهتين.

ثمّ قال: فإذن قد بزغ ان العدم اللاحق بالكائن الفاسد أزلي، ليس يصح استناده إلى عدم تحقق العلّة التامة، لحصول الوجود في الزمان العاقب، من بدو الامر في الآزال والآباد رأساً، كما أن العدم السابق قبل حصول الوجود الحادث في الزمان الأول أيضاً كذلك، لا انه متجدد مستند إلى انتفاء جزء ما من اجزاء العلةّ التامة للوجود الحاصل في زمان الكون، فإن العلة التامة لذلك الوجود ولأي وجود قد دخل في التحقق غير منتفية ابداً، وانما الصحيح ان العلّة التامة لتقرر ما مفروض، ووجود ما مقدّر؛ غير داخلة في التحقق من بدو الامر أزلاً وأبداً، والعدميات الأزلية - سابقة كانت أو لاحقة - من حاشيتـي الوجود الكائن في زمان، بعلّية متسلسلة في العلية والمعلولية على الجهة اللا يقفية، بما هي متمثلة في لحاظ العقل، متمائزة بحسب الإضافة إلى الملكات، لا إلى نهاية أخيرة يقف الامر عندها، فليستيقن.

انتهت كلماته النورية وانما نقلناها بطولها مع كونه خروجاً عن طور هذه الحاشية لاشتمالهاعلى تحقيقات شـريفة نافعة في هذا المقام، وفي مقامات آخر، فليدرك بعد غوره، وليذعن حسن طوره). الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج9، هامش ص386.

([552]) القبسات، محمد باقر الداماد، ص117.

([553]) فـ(الحاصل ان العالم الطبيعي من الفلك الاطلس، وما فيه الى المركز، وما تعلّق به من النفوس بما هي نفوس، حادث. اذ العالم عوالم، والحادث حوادث، كمل منهما مجموع خاص. فللعالم اول، بل اوائل، وله مسبوقية بالعدم، بل مسبوقيّات بالاعدام. وسيجيء ان الفيض منه دائم متصل، والمستفيض داثر وزائل). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص299، حاشية64.

([554]) (وما قال كثير من الفلاسفة: ان النوع قديم ومحفوظ بتعاقب الاشخاص، ففيه ان النوع ليس بموجود على حدة. والموجبة لا بد من وجود موضوعها. بل ليس له حدوث على حدة ايضاً لذلك. نعم وجه الله  عز وجل  قديم ومحفوظ، فما من صقع الله  عز وجل  قديم، والخلق وما في ناحيته حادثة). المصدر السابق، حاشية66.

([555]) المطالب الالهية من العلم الالهي، فخر الدين الرازي، ج4، ص166. اللمعات العرشية، محمد مهدي النراقي، ص446 - 448.

([556]) سورة البروج، الآية 20.

([557]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج7، ص392، تعليقة3.

([558]) (لو كان العالم حادثاً، بمعنى كونه مسبوق الوجود بالعدم الزماني الموهومي، والواقع في عرض العالم، بحيث مضـى على وجوده الف سنة، أو الف الف سنة، وعلّته ازليّة تامّة غنيّة، لزم الخلف. فربط هذا الحادث بالقديم تعالى شأنه فيه اشكال يسمّى (الداء العياء). فيطالب المخصص للحدوث. فالكعبي جعله نفس الوقت، يعني كما ان ذاتي يوم الاثنين وقوعه في مرتبة خاصّة، ولا يقع في يوم الاحد، كذلك ذاتي اصل الوقت، قوعه فيما لا يزال، ولا يمكن تقدمه حتى يتقدم وجود العالم، فحدث العالم فيما لايزال، والمخصص هو الوقت. وفيه انه لم تخلف الوقت؟ ولم لم يخلق بحيث لاحد ولا عد لمضيه كسبق الواجب تعالى؟ ولا نقول: لم لم يقدّم؟ بل نقول: لم قطع ولم لم يتصل به وقت فيكون قبله؟ مع ان قوله (لا وقت قبله) وهم، لان العدم الذي في عرضه قبله بالزمان، فلزم من رفعه وضعه، بل اذا كان العدم مقابلاً، فإما لا يجتمع مع وجود الوقت، والموقوت بالذات، فهو الزمان، أو بالعرض، فيستلزم الزمان). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص303، حاشية1.

([559]) لمزيد من الاطلاع والتوسعة، نظرية الحركة الجوهرية عند الشيرازي، هادي العلوي. النظام الفلسفي لمدرسة الحكمة المتعالية، عبد لرسول عبوديت، تعريب علي الموسوي، مراجعة خنجر حمية، ج2، ص83 - 206.

([560]) كما ذكرنا قول المصنف في الصفحة السابقة.

([561]) شرح الاشارات والتنبيهات، المحقق الطوسـي، ج3، ص131. شرح المقاصد، سعد الدين التفتازاني، ج2، ص17.

([562]) قال العلامة الحلي: (واذا عرفت اصناف التقدم، فاعرف منها اصناف التأخر، وهو ظاهر، وكذا اصناف المعيّة، الا في المعية بالعلية، لاستحالة اجتماع علّتين مستقلتين على معلول واحد، والمصنف اطلق ذلك وليس بجيد). الجوهر النضيد في شـرح منطق التجريد، العلامة الحلي، ص28 - 29. اما صاحب الشوارق، فقال: (اذا علم اقسام السبق، علم اقسام التأخر ايضاً، لأنه مضائفه، واما اقسام المعيّة، فلا خفاء في المعيّة الرتبية كمفهومين متساويين وكمتحاذيين، ولا في المعيّة بالطبع كعلّتين ناقصتين لمعقول واحد، وكمعلولين مشـروطين بشـرط واحد، ولا بالعلّية كعلتين مستقلتين لمعلول واحد نوعي، أو لمعلولين لعلّة واحدة مطلقاً عند المتكلمين ومن جهة الحكماء...). شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص91 - 92.

([563]) (أي العرضـي الزماني. والقرينة ان المطلق ينصـرف الى الفرد الكامل منه، وحق الانفكاك ما في الزمانيات والمكانيات، ولهذا كان المكان والزمان حجابين عظيمين عن جميع الصور، ولا يطويان الا بيد التجرّد، وفسحة قدم الكلية. واما الانفكاك الطولي في السبق الدهري، فهو وان كان واقعياً فلا يخلو عن اجتماع، من حيث ان التالي واجد للمتلو بنحو الضعف، والمتلو جامع للتالي بنحو اعلى). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص307، حاشية2.

([564]) اعلم أن الشيخ الرئيس ذكر للتقدّم والتأخر خمسة أقسام، وتبعه غيره من الحكماء. الفصل الأول من المقالة الرابعة من إلهيات الشفاء. النجاة، الشيخ الرئيس، ص222. التحصيل، بهمنيار،
ص35 - 36، ص467 - 468. وتبعه الشيخ الإشـراقي. المطارحات، شهاب الدين السهروردي، ص302 - 303.

ثمّ المتكلمون زادوا قسماً آخر، وسمّوه (التقدم والتأخر الذاتي). كشف المراد في شـرح تجريد الاعتقاد، العلامة الحلي، ص57 - 58.

ثمّ السيد الداماد زاد قسماً آخر، وسمّاه (التقدم والتأخر بالدهر). القبسات، محمد باقر الداماد،
ص3 - 18.

ثمّ زاد صدر المتألهين قسمين آخرين: أحدهما (التقدم والتأخر بالحقيقة والمجاز). وثانيهما (التقدم والتأخر بالحق). الأسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج3، ص257. الشواهد الربوبية، صدر الدين الشيرازي، ص61.

([565]) (فإنك إن اعتبرت المبدأ هو المحراب، كان الإمام هو السابق على من يليه من المأمومين، ثمّ من يليه على من يليه. وإن اعتبرت المبدأ هو الباب، كان أمر السبق واللحوق بالعكس. ويقابل السبق والتقدّم بالرتبة، اللحوق والتأخر بالرتبة). بداية الحكمة، السيد محمد حسين الطباطبائي، ص145 - 146.

([566]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص92، حاشية25.

([567]) شـرح الاشارات والتنبيهات، المحقق الطوسـي، ج3، ص11. شوارق الالهـام في شرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص103.

([568]) (المقابل للمتكلمين الذين يجعلون السبق بالذات قسماً على حدة، وخصّوه بسبق اجزاء الزمان، بعضها على بعض، فهم يخالفون مع الحكماء في موردين: احدهما في جعل سبق اجزاء الزمان بعضها على بعض قسماً على حدة، مغاير للسبق بالزمان على ما تقدّم بيانه. وثانيهما في جعل السبق بالذات قسماً سادساً مغايراً مع الاقسام المشهورة عند الحكماء. واما الحكماء فجعلوا سبق اجزاء الزمان بعضها على بعض من السبق بالزمان، ولم يجعلوا السبق بالذات قسماً على حدة، بل هو عندهم القدر المشترك بين السبق بالطبع وبالعلية وبالماهية). درر الفوائد، الشيخ محمد تقي الآملي، ج1، ص278.

([569]) أي التقدّم بالحقيقة، وهو ما ذكره صدر المتألهين في اسفاره. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج3، ص255، ص264 - 265.

([570]) شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص96.

([571]) (هذا كالفرد الخفي، وهو التقدّم والتأخر في نفس اجزاء الزمان. فاذا لم يكن فيه اجتماع مع الوحدة الاتصالية، ففي الزمانين اللذين فيهما التقدّم والتأخر باعتبار الزمان، لم يكن اجتماع بالطريق الاولى، لانفصالهما، كتقدّم الطوفان علينا). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص313، حاشية1.

([572]) قال الشيخ الرئيس: (ان التقدّم والتأخر وان كان مقولاً على وجوه كثيرة، فأنها تكاد تجمع على سبيل التشكيك في شـيء واحد، وهو ان يكون للمتقدّم من حيث هو متقدّم، شـيء ليس للمتأخر، ولا يكون للمتأخر شـيء الا وهو موجود للمتقدم). الهيات الشفاء، الشيخ الرئيس، ج2، ص374.

([573]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج3، ص259، تعليقة2. شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص99.

([574]) شـرح كتاب القبسات، السيد احمد العلوي، ص221.

([575]) شـرح الاسماء الحسنى، الحكيم هادي السبزواري، تحقيق نجف قلي حبيبي، ص73.

([576]) القبسات، محمد باقر الداماد، ص75.

([577]) (يريد هذا التقدّم لا يرجع الى ما بالعليّة، بل يرجع ما بالعليّة في الحق ان التقدم السـرمدي، اذ لا ماهية له سوى الوجود الحقيقي، الذي هو حاقّ الواقع. والتقدّم بالعليّة يكفي فيه حكم العقل، بان المرتبة العقلية لماهيّة العلّة متقدمة على ماهية المعلول، وان كان وجودهما معاً، كحركة اليد وحركة المفتاح. فليس معنى التقدّم فيه الا تخلل الفاء بحكم العقل في الماهيتين. واما بحسب الوجود فالاجتماع واجب، كما في اكثر التقدّمات الاخرى، على ما صـرّحوا به، ومن افراط لزوم الاجتماع هنا، قال بعضهم بنفي تقدّم العلة التامة على المعلول، ففي تقدّم العقل الكلّي على النفس الكلية، تقدّم ماهيته على ماهيتها بحسب المرتبة العقلية بالعلية، ومجرد ذلك لا يأبى عن الاجتماع في الوجود بحسب نشأة واحدة، لكن تقدّمه وتأخرها الدهريين يقتضيان الانفكاك، فان نشأته في الدهر الايمن الاعلى، ونشأتها في الدهر الايمن الأسفل، وكأنها تأخرت عنه بألف سنة، كما ورد (خلق الارواح قبل الاجساد بألفي عام). واما الحق تعالى، من حيث تقدّمه السـرمدي، فالعالم متأخر عنه تأخراً انفكاكياً لا يقاس، اذ لا حد له. (ومن حدّه فقد عدّه) وقد مضى الايام الستة في البين [وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ] (سورة الحج، الآية 47)، بل قال تعالى [تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ] (سورة المعارج، الآية 4). وما قال  قدس سره ، ان وجوده بمنزلة ذات الانسان وماهية العقل، معناه انه كذلك في التقدّم على جميع الاعتبارات، فوجوده الواقع في حاق الاعيان، متقدّم على وجود العالم المتأخر، تأخراً انفكاكياً دهرياً عنه، لا كما في المواضع الاخرى من التقدّم بالعلية، لان المتقدم والمتأخر مجتمعان بحسب الوجود، لا بحسب المرتبة العقلية). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص317 - 318، حاشية9.     

([578]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج9، هامش ص10.

([579]) (الصنف محمول على معناه اللغوي والعرفي، وهو ما يرادف القسم، لا حقيقته الاصطلاحية، لان بعض الاقسام فيها التباين وغاية الخلاف، مثل القوّة التي تقابل الفعل، فأنها عدم، الا انها عدم شأني وتهيؤ، والقوّة الفاعلة والقوّة المنفعلة بينهما تباين.

ثمّ بين القوّة الفاعلة الواجبة بالذات، والقوّة الفاعلة العرضية المتقوّمة بالمحل المستغني كالحرارة والبرودة، وبين القوّة المؤثرة والمبدئ للتغير، وبين القوّة المسمّاة بالقدرة،عموم وخصوص). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص322، حاشية1.       

([580]) نهاية المرام في علم الكلام، العلامة الحلي، تحقيق فاضل العرفان، ج1، ص467، ص597.

([581]) المباحث المشـرقية، الفخر الرازي، ج1، ص216. شرح المقاصد، سعد الدين التفتازاني، ج1، ص254.

([582]) (نريد انه تطلق (القوة) مع قيد المنفعلة، وكذا القوّة الانفعالية عن نفس القابل،كما اطلقت (القوّة)في الاول، فتطلق على الهيولى الاولى، وعلى الهيولى المجسّمة،وعلى كل مادة).شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذحسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص323، حاشية4. 

([583]) كما صـرّح به الشيخ الرئيس. الشفاء (الالهيات)، الشيخ الرئيس، ج1، ص170. 

([584]) الاشارات والتنبيهات، نصير الدين الطوسـي - القطب الرازي، ج2، ص49 – 57، ص195 - 201.

([585]) المواقف، المحقق عضد الدين الايجي، ص150. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج3، ص10. ج6، ص307. وقد ذكر المصنف مبحث القدرة في ج1، ص376. ثمّ في مبحث الالهيات بالمعنى الاخصّ، ج3، ص618.

([586]) (هذا كدعوى الشـيء ببيّنة وبرهان، فانه تعالى كما انه واجب وجوده وواجب علمه، وواجب قدرته ومشيئته، وهكذا سائر صفاته، فكيف يسوغ ان يكون قدرته حالة امكانية؟ والتعريف عين المعرف). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص326، حاشية16.

([587]) المواقف، عضد الدين الايجي، ص153.

([588]) شـرح المواقف، سيد شريف الجرجاني، ص290. شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، ج2، ص431. المباحث المشـرقية، فخر الدين الرازي، ج1، ص502.

([589]) (زعم قوم من المتقدّمين وطائفة من المتأخرين من علماء الكلام، أن القدرة لا يكون إلا حين الفعل، ولا القوّة يمكن ثبوتها إلا مع الفعل، والشيخ رد عليهم: بأن هذا القائل يلزم عليه أن لا يقدر على القيام عند القعود، ولا على القعود عند القيام فكيف صار الممتنع الوجود موجوداً، وأن يرى شيئاً قبل أن يبصـر، وأن يبصـر في يوم واحد مرارا، فهو بالحقيقة أعمى، إذ الذي كان يمتنع عليه أن يرى شيئاً، يستحيل أن يصير بصيرا، إذ الخشب الذي ليس في طبعه أن يقبل النحت، كيف يصير منحوتا، فكل ما ليس بموجود بالفعل ولا فيه إمكان الوجود، فهو مستحيل الوجود، فبطل مذهبهم‏). الحاشية على الهيات الشفاء، صدر الدين الشيرازي، ص168.

([590]) شـرح المقاصد، سعد الدين التفتازاني، ج2، ص116. شـرح التجريد، القوشجي، ص273.

([591]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص257.

([592]) مفاتيح الغيب، صدر الدين الشيرازي، ص254.

([593]) شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص181. كشف المراد في شـرح تجريد الاعتقاد، العلامة الحلي، تحقيق حسن زادة آملي، ص114. وكما معلوم بان (الاعراض تسعة، هي المقولات والاجناس العالية، ومفهوم العرض عرضٌ عامٌ لها (والا انحصـرت المقولات في مقولتين، والعرض قيام وجود شـيءٍ بشـيءٍ اخر، يستغني عنه في وجوده، فهو نحو الوجود) لا جنس فوقها، كما ان المفهوم من الماهية عرضٌ عام لجميع المقولات العشـر، وليس بجنس له). بداية الحكمة، العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي، ص87.

([594]) تعليقات على الشواهد الربوبية، السيد جلال الدين آشتياني، ص572.

([595]) مجموعة مصنفات شيخ الاشراق، شهاب الدين السهروردي، ج2، ص213. شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج5، ص148 - 149.

([596]) شـرح مطالع الانوار، قطب الدين الرازي، ص61.

([597]) ولمزيد من التفصيل، شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم المنطق)، ج1، ص205 - 206.

([598]) وقد ناقش المصنف في قسم المنطق بعض الاقوال، شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم المنطق)، ج1، ص190 - 193. الحاشية على تهذيب المنطق، شهاب الدين اليزدي، ص233. مصنفات الميرداماد، محمد باقر الداماد، ص129 - 120.

([599]) (وعلى هذه المطالب الستة، تدور دائرة كل علم من العلوم المدوّنة، الا ترى ان أجزاء كل علم ثلاثة: موضوعات، ومسائل، ومبادئ، فالموضوعات مطالب (ما)، والمسائل مطالب (هل) المركّبة، والمبادئ التصديقية مطالب (لم)، والمبادئ التصورية مطالب(ما) الحقيقية. نعم، مطالب (هل) البسيطة على ذمة العلم الاعلى، وهو علم ما قبل الطبيعة، وليس بيان (هل) البسيطة لموضوعات سائر العلوم فيها، بل بيانها هناك، وأما موضوع نفسه، فبين المائية، وبين الهلية البسيطة). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص330، حاشية3.

([600]) ولمزيد من البحث عن المطالب انظر لذلك: الجوهر النضيد في شـرح منطق التجريد، العلامة الحلي، ص165 - 169. منطق الاشارات والتنبيهات، المحقق الطوسـي، النهج التاسع. منطق حكمة الاشـراق، شهاب الدين السهروردي، وشـرح القطب الرازي عليه، ص133 - 135.

([601]) شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص19.

([602]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص25.

([603]) وقد استوفى المصنف البحث في اللآلئ المنتظمة، شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم المنطق)، ج1، ص190 - 196.

 

([604]) المشاعـر، صدر الدين الشيرازي، تقديم هنري كربين، ترجمة ابتسام الحموي تعليق وتصحيح الدكتورة فاتن محمد خليل اللبون، ص89.

([605]) شـرح المنظومة،الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم المنطق)، ج1، ص191 - 193.

([606]) (ان قلت: هذا صحيح على مذاق القائلين بأصالة الوجود، حيث ان الماهية حدّ الوجود عندهم، وأما عند القائلين بأصالة الماهية فليس هذا بمسلّم عندهم، بل ولا عند غيرهم. لأنهم صـّرحوا بأن الفرق بين الماهية والحقيقة بالعموم والخصوص، وأن الماهية تطلق على المعدوم الخارجي ايضاً، مع ان بعضهم ذهب الى ثبوت المعدومات الازليّة، فكيف يمكن أن يقال بأن ما لا إنيّة له لا ماهية له؟.

قلت: المراد بالإنيّة اعمّ من الوجود الخارجي والذهني، وما أفاده  قدس سره  مبني على مساوقة الوجود مع الشيئيّة، ونفي الثابتات الازلية. فعلى مذهب كلتا القبيلتين يصحّ ما أفاده  قدس سره  وأمّا عكس ما ذكره، أي كل مالا ماهية له لا إنيّة له، فإنما يصح على مذهب القائلين بثبوت المعدومات. والقائلين بثبوت الماهية للواجب فقط، وعلى سائر الاقوال ليس بصحيح قطعاً، فتدبّر تعرف). تعليقة الآشتياني على شـرح المنظومة، الميرزا مهدي المدرس الآشتياني، ج2، ص373 - 374.

([607]) رسائل شيخ الإشـراق، شهاب الدين السهروردي، تحقيق وتصحيح هنري كربن - السيد حسين نصـر - نجف قلي حبيبي، ص179.

([608]) بد العارف، عبد الحق بن إبراهيم بن محمد (ابن سبعين)، تصحيح جورج كتورة، ص51 - 52. التحصيل، بهمنيار، ص196 - 197. رسائل الشجرة الالهية في علوم الحقائق الربانية، شمس الدين الشهرزوري، ص398 - 399. النجاة، الشيخ الرئيس، ص129.

([609]) وقد ذكر المصنف على هامش هذا المطلب (تلميح الى ما ذكره الشيخ الرئيس في النجاة، في مشاركة الحدّ والبرهان بقوله: (انا كما لا نطلب العلّة بـ(لم) الا بعد مطلب (هل) كذلك لا نطلب الحقيقية بـ(ما) الا بعد (هل) وعن كل واحد جواب، لكن الحقيقة من الجواب عن (لم) هو الجواب بالعلة الذاتية. وايضاً فإن العلّة الذاتية مقوّمة للشـيء، فهي اذن داخلة في الحدّ في جواب (ماهو) فيتفق اذن الداخل بين الجوابين، مثاله ان يقال: لم انكسف القمر؟ فتقول: لانه توسط بينه وبين الشمس والارض، فانمحى نوره. ثم يقال: ماكسوف القمر؟ فتقول: هو انمحاء نوره، لتوسط الارض، لكن هذا الحد الكامل للكسوف، لا يكون عند التحقيق حداً واحداً في البرهان، بل حدين، اي لايكون جزء من مقدّمة البرهان، بل جزئين. والذي يحمل منهما على الموضوع في البرهان اولاً، هو الحدّ الاوسط، يكون في الحدّ محمولاً بعد الاوّل. والذي يحمل في البرهان ثانياً، يكون في الحد محمولاً اوّلاً، لانك تقول في البرهان: ان القمر قد توسط الارض بينه وبين الشمس. وكل مستضـيء من الشمس، يتوسط بينهما الارض، فانه ينمحي ضوئه. ثمّ تقول: والمنمحي ضوئه منكسف. فالقمر اذن منكسف. فأوّلاً، حملت التوسط، ثم ّالانمحاء. وفي الحدّ التام، تورد اولاً الانمحاء، ثمّ التوسط، لأنك تقول: انكساف القمـر، هو انمحاء ضوئه، لتوسط الارض بينه وبين الشمس). انتهى كلامه.

فهذا مثال اخذ العلّة الفاعلية في الحدّ؛ لان اخذ (لم هو) في (ما هو) قسمان بحسب الفاعل والغاية، وامثلة اخذ الغاية قد مرّت وتأتي. فاعلم ان هذه الحدود الثلاثة: حدّ هو مبدأ البرهان، وحدّ هو نتيجة البرهان، وحدّ كامل هو تمام البرهان. فان جمعت في حدّ الانخساف بين العلة والمعلول، بان تقول: الانخساف انمحاء نور القمر، لتوسط الارض بينه وبين الشمس، كان من الحدّ الكامل الذي هو تمام البرهان. وان اقتصـرت على العلة، وقلت: هو توسط الارض بينه وبين الشمس، فهو حدّ مبدأ البرهان. وان اقتصـرت على المعلول، وقلت: هو انمحاء نور القمـر، فهو حد نتيجة البرهان، وفي حدّ الغضب والبرهان عليه تقول: فلان يريد الانتقام، وكل من يريد الانتقام، يغلي دمه، ففلان يغلي دمه. ثمّ تقول: وكل من يغلي دمه يغضب، ففلان يغضب. فان جمعت في الحدّ للغضب، بين العلة والمعلول، وقلت: غليان دم القلب، لإرادة الانتقام، فهو حدّ تمام البرهان. وان قلت: هو ارادة الانتقام، فهو حدّ مبدأ البرهان. وان قلت: هو غليان دم القلب، فهو حدّ نتيجة البرهان. وهذه المذكورات بيان مشاركة الحدّ والبرهان في الحدود، أي الحدّ الاول والحدّ الاخير والحدود الوسطى). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص332 - 333، حاشية8.

([610]) (اي (ماهو) في وجودي هو (هل هو)، و(ما هو) فيه، هو (لِمَ هو)، اما الاوّل، فلان الماهية في الوجود، هو الإنّية، والماهية القابلة، عارجة عن الوجود الخاص، وإنما هي للوجود، فتحقق الوجود الخاصّ عين حقيقته وماهيته، اي مابه هو هو هليّته. واما الثاني، فلان شيئيّة الشـيء وحقيقته، بتمامه لا بنقصه، فحقيقة كل وجود حقيقي وتمامه، هي الوجود المنبسط الذي هو علّية الحقّ تعالى لكل وجود ومشيئته، فهو (الّلم) الفاعلي، و(الّلم) الغائي لكل وجود. وهو (الما) الحقيقية له، اذ المشوب لا يخلو عن الصـرف، والخاص لا يخلو عن الحقيقة، سيّما ان مابه الامتياز في الوجود عين مابه الاشتراك. والنقص عدم، والنفس وجود بسيط). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص333، حاشية9.

([611]) سورة القارعة، الآية 10.

([612]) الحاشية على الهيات الشفاء، صدر الدين الشيرازي، ص233. تقويم الايمان، السيد احمد العلوي، ص668 - 669. تحرير القواعد المنطقية في شـرح الرسالة الشمسية، قطب الدين الرازي، ص380.

([613]) تعليقة رقم (58).

([614]) ولمزيد من التفصيل حول الشبهة المقدّرة، وهي: (أن الماهيّة لا يمكن أن تخلو من الوجود أو العدم، لأنه ارتفاع للنقيضين، وهو محال). تعليقة الآشتياني على شـرح المنظومة، الميرزا مهدي المدرّس الآشتياني، ج2، ص374 - 376.

([615]) القبسات، المحقق الداماد، ص21 - 22. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص4 - 5.

([616]) أي انتفاء للكون المقيد بكونه في المرتبة. (منه  رحمه الله ).

([617]) فقال ملا صدرا: (والماهية بما هي ماهية، اي باعتبار نفسها، لا واحدة ولا كثيرة، ولا كلية ولا جزئية، والماهية الانسانية مثلاً لّما وجدت شخصية، وعقلت كلية، علم أنه ليس من شـرطها في نفسها أن تكون كلّية أو شخصيّة، وليس ان الانسانية إذا لم تخل من وحدة أو كثرة، أو عموم أو خصوص، يكون من حيث إنها انسانية؛ اما واحدة أو كثيرة أو عامة أو خاصّة، وهكذا الحكم في سائر المتقابلات، التي ليس شـيء منها ذاتها أو ذاتيها، وسلب الاتصاف من حيثية لا تنافى الاتصاف من حيثية أخرى، وليس نقيض اقتضاء الشـيء الا لا اقتضاؤه، لا اقتضاء مقابله، ليلزم من عدم اقتضاء أحد المتقابلين، لزوم المقابل الاخر، وليس إذا لم يكن للممكن في مرتبة ماهية وجود، كان له فيها العدم، لكونه نقيض الوجود، لأن خلو الشـيء عن النقيضين في بعض مراتب الواقع غير مستحيل، بل إنما المستحيل خلوه في الواقع، لإن الواقع أوسع من تلك المرتبة، ا لا ترى ان الأشياء التي ليست بينها علاقة ذاتية، ليس وجود بعضها ولا عدمها في مرتبة وجود الاخر أو عدمه، على أن نقيض وجود الشـيء في مرتبة من المراتب، دفع وجوده فيها، بإن تكون المرتبة ظرفا للمنفي لا للنفي، أعني رفع المقيّد، لا الرفع المقيّد، ولهذا قالوا لو سئل بطرفي النقيض، كان الجواب الصحيح سلب كل شـيء بتقديم السلب على الحيثية، فلو سئل ان الانسان من حيث هو موجود أو معدوم، يجاب بأنه ليس من حيث هو موجوداً ولا معدوماً، ولا غيرهما من العوارض، بمعنى ان شيئاً منها ليست نفسه، ولا داخلاً فيه، وان لم يكن خالياً عن شـيء منها أو نقيضها في نفس الامر، ولا يراد من تقديم السلب على الحيثية، ان ذلك العارض ليس من مقتضيات الماهية، حتى يصح الجواب بالايجاب في لوازم الماهية، كما فهمه بعض لظهور فساده، ولا الغرض من تقديمه عليها ان لا يكون الجواب بالايجاب العدولي، لان مناط الفرق بين العدول والتحصيل في السلب، تقديم الرابطة عليه وتأخيرها عنه لا غير). الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج7، ص5. ولمزيد من التوضيح، انظر: الشفاء، الشيخ الرئيس،
ص482 - 484. الشواهد الربوبية في المناهج السلوكية، صدر الدين الشيرازي، ص111. كشف المراد في شـرح تجريد الاعتقاد، العلامة الحلي، تحقيق الاستاذ حسن زادة املي، ص86.

([618]) شـرح المواقف، السيد شريف الجرجاني، ج3، ص45 - 49.

([619]) الحاشية على الهيات الشفاء، صدر الدين الشيرازي، ص83. التعليقات على الشواهد الربوبية، الحكيم هادي السبزواري، ص546.

([620]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص6.

([621]) اللمعات العرشية، محمد مهدي النراقي، ص35 - 38.

([622]) شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص146.

([623]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، الفصل التاسع من المنهج الثاني.

([624]) التعليقات على الشواهد الربوبية، الحكيم هادي السبزواري، ص538 - 539. الحاشية على الهيات الشفاء، صدر الدين الشيرازي، ص181 - 183. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص5- 6.

([625]) حيث قال: (فان الانسان الواحد مثلاً من حيث هو واحد، مقابل للانسان الكثير من حيث هو كثير، وهي‏ اى الماهية ملحوظة من حيث هي،‏ غير مأخوذة مع شـي‏ء من الاعتبارات‏ ليست الا هي،‏ فان الانسان الملحوظ من حيث هو انسان؛ غير مأخوذ مع الكتابة والضحك والوحدة والكثرة الى غير ذلك، انسان فقط، لا انسان ضاحك، ولا انسان كاتب، ولا انسان واحد، ولا انسان كثير، ولا بشرط ان يكون منها شـي‏ء منها، الى غير ذلك‏، فلو سئل بطرفي النقيض‏ على سبيل اسناد الفعل المجهول الى الظرف، ولذا لم يؤنثه بان قيل هل الانسان‏ من‏ حيث هو انسان كاتب أو ليس بكاتب،‏ فالجواب السلب لكل شـي‏ء، اي ليس بكاتب، ولا بشـي‏ء من الاشياء قبل الحيثية لا بعدها، اي يذكر حرف السلب قبل الحيثية، بان يقال: الانسان ليس هو من حيث هو انسان بكاتب، لا بعد الحيثية، بان يقال: الانسان من حيث هو انسان ليس بكاتب، لان هذه الصيغة قد تكون للايجاب العدولي، كانك قلت: الانسان من حيث هو انسان شـي‏ء، هو اللاكاتب مثلاً، وهو باطل. والى هذا اشار الشيخ، حيث قال في خامسة إلهيّات الشفا: فان سالنا سائل وقال ألستم تجيبون وتقولون انها ليست كذا وكذا، وكونها ليست كذا وكذا غير كونها انسانية بما هي انسانية، فنقول انا لا نجيب انها من حيث هي انسانية ليست كذا، بل نجيب انها ليست من حيث هي انسانية كذا، وقد علم الفرق بينهما فى المنطق، وإنما قال بطرفي النقيض، لكون الترديد حينئذٍ حاصـراً البتة، فيستحق الجواب باختيار احد الشقين، بخلاف ما اذا سئل بطرفين لا يكونان متناقضين، كان يقال هل الانسان كاتب أو ضاحك، أو هل الانسان كاتب أو لا كاتب، فلا يستحق الجواب اصلاً). شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص145 - 146.

([626]) شـرح المواقف، السيد شـريف الجرجاني، ج1، ص170.

([627]) العلامة الفقيه الميرزا محمود الشيرازي النجفي، صاحب الحواشـي على الكتب الرياضيّة، وعلى كفاية الاُصول، ومطارح الأنظار، وغيرها، درس الشارح عنده في النجف الأشـرف المسائل العقليّة. دُفن في سامرّاء (قدّس الله نفسه).

([628]) شـرح الاشارات والتنبيهات، فخر الدين الرازي، ص159.

([629]) كشف الغايات في شـرح التجليات الالهية، ابن سودكين، تحقيق محمد عبد الكريم النمري، ص107-108. مشارق الذراري (شـرح تائية ابن الفارض)، سعيد الدين فرغاني، تحقيق وتعليق الاستاذ جلال الدين آشتياني، ص14 - 34. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص248. ج6، ص124.

([630]) (مثل ما قالوا: حقيقة الوجود، اذا اخذت بشـرط ان لا يكون معها شـيء من الاسماء والصفات، فهي المرتبة الاحدية المستهلكة فيها جميع الاشياء. واذا اخذت بشـرط الاسماء والصفات، فهي المرتبة الواحدية المدلولة لاسم الجلالة، وهو الله  عز وجل . واذا خذت لا بشـرط شـيء، فهي الهوية السارية في كل شـيء. ومرادهم من الاسماء والصفات مفاهيمها. فإن حقائقها حقيقة الوجود. فيكون اشتراط الشـيء بنفسه، اذ حقيقة الوجود هي الحياة والعلم والارادة والعشق والنور وغيرها، من الكمالات، ولهذا سـرت هذه سـريان الوجود، فكانت الاشياء حيّة شاعرة مريدة، عاشقة لمبدئها، كما قال تعالى: [سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ] (سورة الحديد، الآية 1) وقال: [وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ] (سورة الإسراء، الآية 44) والتسبيح تنزيه عن النقائص، وهو فرع الشعور بكمال المسبّح له، والسبب في انه لا يذعن اكثر العقول بكون الوجود اينما تحقق، هو عين الحياة والعلم والارادة، وغيرها من الكمالات، انه اذا سمعوا الوجود، ذهبوا الى مفهومه العام البديهي. وهذا المفهوم خال عنها، بل يخالف مفهوماتها. واما العقول المتألّهة فليست كذلك، بل ترقت الى معرفة حقيقة الوجود البسيط المبسوط. وانت اذا اردت الاذعان التام عند وصف الوجود بما ذكر، لا تقف في مقام الفرق، ومقام فرق الفرق من المعنون ايضاً. واصعد بذهنك الى المراتب العالية منه، كوجودات الارواح المضافة والارواح المرسلة، حتى ترى المضاف، فضلاً عن المرسلة، وجودها عين العلم، وغيره من الكمالات، بل ليس النفس النطقيّة القدسيّة، الا الوجود عند التحقيق، فقد حقق ان علمها بذاتها حضوري، ليس الا ذاتها. فوجودها علم وعالم ومعلوم. وكذا ارادة وعشق بذاتها لذاتها. ومراديّة ما سواها، ومعشوقيته منطوية في مرادية ذاتها لذاتها، ومعشوقيّة ذاتها لذاتها.

وايضاً ذلك الوجود وحدة جمعية، وتشخّص وحياة ونور وقدرة واشـراق على القوى، وغير ذلك، كل ذلك في النفس والعقل، قائم بالذات، وفي الواجب تعالى قيّوم بالذات. ولا تعدّد الا في مفاهيمها. وهذا هو المضـرة المشتركة في مقام آخر. فان كثيراً من المتكلمين لما سمعوا من الحكماء الالهيين والمتالهين، ان الواجب بالذات تعالى لا ماهية له، بل هو وجود بحت، ذهب اوهامهم الى الوجود البديهي، فقالوا: الوجود معلوم بالبديهية، وحقيقة الواجب ليست معلومة، والحال ان مرادهم به حقيقة الوجود الذي هو عين الاعيان، وحاق الواقع، الذي وجود المفارقات الذي عرفت حاله ظلّه. وهذا المفهوم عليه). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص339 – 340، حاشية 2.

([631]) ظاهرة العدول في شعر المتنبي، مصطفى عبد الهادي عبد الله، ص102.

([632]) تعليقة على شـرح المنظومة للحكيم السبزواري، الشيخ علي كاشف الغطاء، تحقيق الشيخ عمار التميمي، ج1، ص355 - 365.

([633]) شـرح الاشارات والتنبيهات، المحقق الطوسـي، ج1، ص25. شـرح مطالع الانوار، قطب الدين الرازي، ص92. شـرح القوشجي على التجريد، علاء الدين بن علي القوشجي، ص86.

([634]) (ربما يقال: ان المادة من الأجزاء الخارجية، فلا تتقدّم الا في الوجود الخارجي، لا الوجود الذهني. والجواب عن ذلك: من جهة ان تصوّر النوع كالإنسان، لا يتم الا بتصور جنسه وفصله. وذات الجنس والمادة واحدة، ولا تغاير الا باعتبار اخذها لا بشـرط، وبـشرط لا، وايضاً التحديد بالأجزاء الخارجية جائز، كتحديد الإنسان بانه نفس وبدن. والتحديد ليس الا التصور العقلي). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص342، حاشية10.

([635]) انتهى كلام الشيخ. الهيات الشفاء، الشيخ الرئيس، ج1، ص204. شـرح الاشارات والتنبيهات، المحقق الطوسـي، ج1، ص76. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص18.

([636]) نهاية المرام في علم الكلام، العلامة الحلي، ج1، ص201. شـرح المقاصد، سعد الدين التفتازاني، ج1، ص369. ج3، ص108.

([637]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص343، حاشية16.

([638]) شـرح مطالع الانوار، قطب الدين الرازي، ص61.

([639]) مجموعة مصنفات شيخ الاشـراق، السهروردي، ج1، ص459 - 464.

([640]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم المنطق)، ج1، ص130 – 137.

([641]) تحرير القواعد المنطقية في شـرح الرسالة الشمسية، قطب الدين الرازي، ص167 - 170. الحاشية على تهذيب المنطق، عبد الله بن شهاب الدين اليزدي، ص150 - 152.

([642]) شـرح الاشارات والتنبيهات مع المحاكمات، نصير الدين الطوسـي، ج1، ص160 - 161.

([643]) (ممنوع، اذ ليس في الخارج. كيف وبين عنوان الجزئية وعنوان الحمل المعتبر في الطبيعي مطلقاً تهافت؟ وإنما قلنا (اولى) الى الصواب، اذ يمكن حمله على الجزء التحليلي كما سيأتي، فإن مفهوم النوع جزء ماهية الشخص. فإن ماهيته بما هو شخص مفهوم النوع، مع العوارض المشخّصة، ومفهوميّ الجنس والفصل جزء احد النوع، واما الوجود، فوجود الجميع واحد وجعلها واحد). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص345، حاشية21.

([644]) شـرح الرسالة الشمسية، السيد شريف الجرجاني، ص61 - 62.

([645]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم المنطق)، ج1، ص139 - 142.

([646]) شـرح الاسماء الحسنى، الحكيم هادي السبزواري، ص331.

([647]) مجموعة آثار آقا محمد رضا القمشئي حكيم صهبا، محمد رضا قمشئي‏، تحقيق حامد ناجي الأصفهاني - خليل بهرامي قصرجمي، ص229.

([648]) رشحات البحار، محمد علي شاه آبادي، ص153.

([649]) ومن المتقرّرات أن ما بالعرض لا بدّ وأن ينتهي‏ إلى‏ ما بالذات. قال المعلم الثاني: (لا بدّ أن يكون في العلم علم بالذات، وفي القدرة قدرة بالذات، وفي الإرادة إرادة بالذات، حتى يكون هذه في شـي‏ء لا بالذات. فكما أنه في طرف الفعلية، تنتهي الفعليات إلى فعلية قائمة بذاتها، كذلك في طرف القوّة، تنتهي القوى إلى قوّة قائمة بذاتها). فصوص الحكمة، ابو نصـر الفارابي، الفص18.

([650]) الحاشية على تهذيب المنطق، عبد الله بن شهاب الدين اليزدي، ص36، ص233. التعليقات على الشواهد الربوبية، الحكيم هادي السبزواري، ص531، ص553.

([651]) (ما اشبه هذا بقول العرفاء: اذا جاوز الشـيء حدّه، انعكس ضدّه، فلو كانت الماهية التي هي الكلي الطبيعي تقررّ حيقي بذاتها، كضميمة للوجود الذي هو التشخّص الحقيقي، كما هو تحققها، لكنه باطل. فالتحقق الذي للوجود بالذات، يكون لها تحققاً بالعرض، لأن حكم المفني فيه، ينسحب على الفاني. ولذا يقال: اتحادهما اتحاد اللامتحصّل والمتحصّل واتحاد المبهم والمعين. وبالجملة، هذا سبيل القصد في القول بوجود الكلي الطبيعي. ومنهم من افرط فقال بوجوده بالذات، وهم القائلون بإصالة الماهية. ومنهم من فرّط فيه ونفاه مطلقاً. ومنهم من قال بوجوده بالعرض، ولكن لا على الوجه اللطيف الذي قلنا في معنى ما بالعرض، بل كاتصاف الجالس في السفينة بالحركة العرضية. ومنهم من قال ان وجود الكلي الطبيعي هو وجود رب النوع. ومنهم من يقال بوجوده كما ظنّه الهمداني. والكل مزيفة). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص347، حاشية27.

([652]) الدرة الفاخرة في تحقيق مذهب الصوفية والمتكلمين والحكماء المتقدمين، نور الدين عبد الرحمن الجامي، ص‏6، ص83. شـرح مطالع الانوار، قطب الدين الرازي، ص58. منطق الملخص، فخر الدين الرازي، ص370.

([653]) درر الفوائد، الشيخ محمد تقي الآملي، ج1، ص312.

([654]) وقد حقّقه المصنف في اللألئ المنتظمة. شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، قسم المنطق، ج1، ص146 - 149.

([655]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص228 - 283.

([656]) شرح الاشموني على الفية ابن مالك، علي بن محمد الاشموني، ج1، ص37.

([657]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج4، ص280.

([658]) ونُسب هذا القول الى المعلّم الثاني، كما ذكر ذلك الاستاذ جلال الدين آشتياني فقال: (يترائى أن الظاهر أن يقول، وإلا لكانا متساويين، لا ترجيح لكون أحدهما علّة والآخر معلولاً، ولم تكونا شيئاً واحداً، لأن المفروض تساوي وحدانيتها، بل وجودهما، بل لم يكونا شيئاً واحداً، وإن فرض وحدانية وحدانيتهما ووجودهما، إذ الاثنينية باقية، ولو لأجل الماهية في العقل وعدمها في الواجب تعالى، وينادي كلام المعلم بعد أسطر بأن للعقل ماهية.

والجواب أنه قد مر: أن انبعاث الماهيات من اختلاف الوجودات شدّة وضعفا، فإذا لم يتخلف الوجود بالشدة والضعف في المبدع، والمبدع كيف يحصل الماهية حتى يكونان شيئين، ولا أقل يمتاز
أحدهما بالماهية والآخر بعدمها). تعليقة على الشواهد الربوبية، الاستاذ جلال الدين
آشتياني، ص627 - 636. وقد ناقشها ايضاً صدر المتألهين في اسفاره. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ص317 - 357. وايضاً، الحاشية عل الهيات الشفاء، صدر الدين الشيرازي، ص90.

([659]) درر الفوائد، الشيخ محمد تقي الآملي، ج1، ص324.

([660]) سلّم العلوم وحاشيته المشهورة بالقاضـي مع منهياته، القاضـي محمد بن مبارك، ص107 -111. (حجري 1306هـ).

([661]) شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص162 - 178.

([662]) الجوهر النضيد في شـرح منطق التجريد ويليه رسالة التصور والتصديق، نصير الدين الطوســي، صدر الدين محمد الشيرازي، شـرح العلامة الحلي، ص252. المباحث المشــرقية، الفخر الرازي، ج1، ص157.

([663]) أما المير داماد فيرى ان (انعدام الشـّي‏ء ببعض أجزائه دون بعض إنّما يتصوّر في المركّبات الخارجيّة، لا في الماهيّات البسيطة بحسب الأعيان، وإن كان تحصّلها في لحاظ التعيّن والإبهام من جوهريّاتها بطبائعها المرسلة المحمولة. أمّا لديك من المنصـرح: أنّ طبائع المقوّمات المحمولة متّحدة جعلاً وتقرّرا، فكيف تتفارز بالبقاء والزوال في الماهيّة البسيطة. وقد انصـرح: أنّ الهيولى الشخصيّة تبقى مع طروء الانفصال وتزول الشّخصيّة الجرمانيّة. فإذن، تألّف الجسم منهما انضمامىّ بوجود الصّورة في الهيولى في الأعيان، لا تركيب‏ اتّحاديّ‏ في العقل. فهما مادّة وصورة خارجيّتان للجسم، لا جنس وفصل له. ووجود الصّورة الشّخصيّة الجرمانيّة في ذاتها هو بعينه وجودها في الهيولى. فلا محالة عدمها عنها هو بعينه عدمها في ذاتها). مصنفات الميرداماد، محمد باقر الداماد، تحقيق عبد الله نوراني، ص27، ص63.

([664]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج5، ص222، ص282. رسالة في الحدوث، صدر الدين الشيرازي، ص77.

([665]) النظرة الدقيقة في قاعدة بسيط الحقيقة، محمود الشهابي، ص52 - 53.

([666]) شـرح مطالع الانوار، قطب الدين الرازي، ص94. الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج6، ص185. شـرح المواقف، السيد شـريف الجرجاني، ج3، ص78 - 79.

([667]) الجوهر النضيد في شـرح منطق التجريد، العلامة الحلي، ص35. مصنفات ميرداماد، محمد باقر الداماد، ص116. شرح حكمة العين، محمد بن مبارك البخاري (ميرك البخاري)، ص196. سبع رسائل، المحقق جلال الدين الدواني، ص89.

([668]) منطق الشفاء، الشيخ الرئيس، ص97. البصائر النصيرية في علم المنطق، عمر بن سهلان الساوي، ص86. الاعمال الفلسفية، ابو نصـر الفارابي، ص397. التعليقات، الشيخ الرئيس، ص137.

([669]) حيث قال: (وكذلك قد توجد فصول كثيرة متفاوتة فى الترتيب، ولكنها لا تكون كلّها فصول الشــيء بالحقيقة، بل بعضها فصول جنسه، كما مثّل به؛ فإنّ الناطق ليس فصلاً قريباً للإنسان على هذه الطريقة التي رتّبوا عليها قسمتهم، بل هو فصل جنسه. وإنما فصله الملاصق على هذا المذهب هو المائت، وهذا فى مثاله واحد، بل‏ كما أن‏ الجنس الأقرب الذي ليس بجنس الجنس هو فى مثاله واحد، كذلك الفصل الأقرب الذي ليس بفصل الجنس هو في مثاله واحد، وهو المائت. لكن قد يوجد لهذا الموضع أمثلة أخرى، مثل الحساس والمتحرك بالإرادة؛ فإنهما على ظاهر الأمر فصلان قريبان‏ للحيوان، فيكون الجنس القريب ليس إلا واحداً، والفصول القريبة قد تكون أكثر من واحد). منطق الشفاء، الشيخ الرئيس، ص97.

([670]) (هذا الاصطلاح في الفصل المنطقي، غير ما هو المشهور في المنطق، لأن ذلك نفس الفصل والفصلية، والمراد بـ(المنطقي) هنا، ما يوضع في حدّ الشـيء، وهو ما يعرضه الفصل المنطقي بذلك المعنى، فيسمّى المعروض باسم العارض اللازم). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص352، حاشية 7.

([671]) الحاشية على تهذيب المنطق، عبد الله بن شهاب الدين اليزدي، ص130، ص391. التعليقات، ابو نصـر الفارابي، ص20.

([672]) شـرح عيون الحكمة، الفخر الرازي، ج2، ص272. المحاكمات بين شرحي الاشارات، قطب الدين الرازي، ج2، ص290. شواكل الحور في شـرح هياكل النور، المحقق جلال الدين الدواني، ص137.

([673]) النُطْق، بالضم وسكون الطاء، يطلق على النّطق الخارجي وهو اللفظ، وعلى النّطق الداخلي الذي هو إدراك‏ الكلّيات‏، وعلى مصدر ذلك الفعل وهو اللسان، وعلى مظهر هذا الإنفعال أي الإدراك، كذا في شـرح المطالع في تعريف المنطق‏. شـرح مطالع الانوار، قطب الدين الرازي، ص15.

([674]) تحرير القواعد المنطقية في شـرح الرسالة الشمسية، قطب الدين الرازي، حاشية السيد مير شـريف الجرجاني، ص160 – 164، ص213 - 215.

([675]) وذلك (لأن اعتباره اما على سبيل العموم، فيلزم كون العرض العام ذاتياً، واما على سبيل الخصوص، فيلزم كون القضية الممكنة ضـرورية، فتدبر. وليراجع المزيد لتوضيح المقام؛ الى آخر الفصل الرابع من المنهج الاوّل من المرحلة الاولى من الاسفار، حيث قال: (ويؤيد ذلك ما يوجد في الحواشـي الشـريفية، وهو ان مفهوم الشـيء لا يعتبر في مفهوم الناطق مثلاً، والا لكان العرض العام - وهو الشيئية داخلاً في الفصل؛ ولو اعتبر في المشتق ما صدق عليه الشـيء انقبلت مادة الإمكان الخاص ضـرورية، فإن الشـيء الذي له الضحك وهو الانسان، وثبوت الشـيء لنفسه ضـروري، فذكر الشـيء في تفسير المشتقات بيان لما رجع اليه الضمير الذي يذكر فيه). الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج2، ص41 - 43. شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص354، هامش10.

([676]) وقد ذكر البعض من اقوال صدر المتألهين في هامش حاشية المصنف. شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص352 – 354، هامش 8.

([677]) تحرير القواعد المنطقية في شـرح الرسالة الشمسية، قطب الدين الرازي، حاشية السيد مير شـريف الجرجاني، ص160 - 164.

([678]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج9، ص108.

([679]) المصدر السابق، ج2، ص35 - 36.

([680]) (والعجب أنه قد ذكر: أن صورة الشـي‏ء هي ماهيته التي بها هو ما هو، ثمّ يقول عقيبه ومادته هي حامل صورته، وهذا بعيد، فإن الصورة بالمعنى الذي يصحّ أن يحمله الهيولى؛ ليست الصورة التي هي بمعنى الماهية، فإن هذه الصورة هي مجموع المادة والصورة في المركّب، لا ما يحمله المادة نفسه)‏. الحاشية على الهيات الشفاء، صدر الدين الشيرازي، ص217.

([681]) (بل كل تالّ فيه جميع كمالات المتلو، مع شـيء زائد، لأن التغيّرات الطولية في الصعود استكمال، وهو اللبس ثمّ اللبس للمادة، لا الخلع ثمّ اللبس، كما في الانقلابات، في السلسلة العرضيّة. فينتهي الاستكمال الى تماميّة الفصل الاخير، وهو جامع، بنحو اللف والرتق، جميع الكمالات التي كانت فيما دونه، بنحو النشـر والفتق، ويقوي على جميع ما يقوي القوى الاخرى عليه، لأنه تمامها. والتام بجميع فعليات الناقص، ويفعل فعله). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص358، حاشية5.

([682]) شـرح فصوص الحكم (القيصـري)، داود القيصـري، تحقيق الاستاذ جلال الدين آشتياني، ص72. مفاتيح الغيب، صدر الدين الشيرازي، تحقيق محمد خواجوي، ص768 - 769. ولمزيد من التفصيل، انظر: النظرة الدقيقة في قاعدة بسيط الحقيقة، محمود الشهابي.

([683]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج6، ص110.

([684]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص359، حاشية6.

([685]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، ج1، ص209 - 212.

([686]) شـرح مطالع الانوار، القطب الرازي، ص104 - 110. شـرح الاشارات والتنبيهات، الفخر الرازي، ص107 - 125. منطق المشـرقيين، الشيخ الرئيس، ص34 - 47.

([687]) (الاول انها في العين واحدة ماهيّة، ومعلوم ان الماهية الواحدة لا يكون لها الا وجود واحد. والثاني انها في العين متكثّرة ماهيّة، كما في الذهن متحدة وجوداً، والصواب قول رابع، وهو ان ماهيّة الاجزاء العقليّة غير متحققة في العين، لا بنحو الوحدة، ولا بنحو الكثرة، كما اشـرنا اليه بقولنا: (بل باعتبارات له تلك الصور). وهو مقتضـى اصالة الوجود واعتبارية الماهية. ففي الخارج ليس الا نحو وجود ينتزع منه العقل، لأجل التنبيه بمشاركات اقل أو اكثر، مفاهيم خاصّة وعامّة واعمّ، فاذا حصل زيد في العقل بمعونة الحس، وشاهد معه عمرواً وبكراً وخالداً مثلاً، حصل له استعداد حصول الإنسان، واذا شاهد معها الفرس والبقر مثلاً حصل الحيوان، واذا شاهد معها الشجر، حصل له الجسم النامي، وهكذا، وليست متحققة في العين الا بالعرض. وهذا مذهب صدر المتألهين  قدس سره  واليه ناظر ما ارتضاه من ان الفصول الحقيقية انحاء الوجودات، والا، فالفصل احد الماهيّات والكلّيات الخمس، وإنما خصّه بالفصل، لأن الجنس ماهية ناقصة مبهمة، تحصّله بالفصل، وشيئيّة الشـيء بالصورة التي هي مأخذ الفصل، بل عينه). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص361 - 362، حاشية3.

([688]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، ج2، ص361 - 362، حاشية3.

([689]) (نظير الاسماء الالهية، مثل العلم المطلق والحياة والقدرة المطلقتين ونحوها. فإنها، من جهة حكايتها عن الكمال الذاتي للوجود، وانتزاعها عن حاقّ ذاته، تسمّى بأسماء الذات. وما يحكى عن مقام ظهوره والتعيّنات الطارئة عليه في هذا المقام، يسمّى بأسماء الفعل ونحوه. مع ان كلّها من حيث مفاهيمها خارجة عن حاقّ الوجود، فتدبر). تعليقة الاشتياني على المنظومة، الميرزا مهدي المدرّس الآشتياني، ج2، ص392.

([690]) منطق المشـرقيين، الشيخ الرئيس، ص53. شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص163.

([691]) هذا الخاصة لا توجد في غير الجزء من اللوازم. (منه  رحمه الله ).

([692]) (اذ كيف لا يكون الاجزاء بيّنة الثبوت، وتصوّر الكل مسبوق بتصورها؟ بل تصوّر المجموع ليس الا تصوّر هذا وذاك. فيلزمه التصديق بثبوتها للكل، ولولاه، فمعلوم انه لم يتصوّر الماهيّة الا بوجه ما، وايضاً لو لم يستغن عن الواسطة في الثبوت، لزم الجعل التركيبي في الذاتيات. وهو باطل). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص364، حاشية2.

([693]) شـرح المواقف، السيد شـريف الجرجاني، ج4، ص105.

([694]) درر الفوائد، الشيخ محمد تقي الآملي، ج1، ص325.

([695]) (أنّ المتّصف‏ بشـي‏ء بالعرض مطلقاً ما لايتّصف به حقيقة، وإنّما يوصف به، لمقارنته لما هو الموصوف به حقيقة، وهذا لايختصّ بالاتّصاف بالوجود، بل يجري في سائر الإتّصافات- كالاتصاف بالحركة، والوضع، والأين، والكيف، وأمثال ذلك - فالتجوّز في الموجود بالعرض في نفس الإتّصاف والإسناد، فهو تجوّز عقلي، وفي الموجود بالكتابة والعبارة في جعل المدلولية لهما وجوداً، وهو
تجوّز لغوي. ولمّا كان المتبادر من المجاز في عرفهم هو اللّغوي، أطلقوه على هذين الوجودين،
وجعلوا الموجود بوجود الغير قسماً عليحدة، وسمّوه بـ(الموجود بالعرض) كسائر الإتّصافات العرضية.

وعلى ماذكر، فلو وصف زيد بالوجود في الخارج بإعتبار وجود دالّ من الكتابة، أو العبارة عليه فيه، كان من قبيل الإتّصاف بالعرض، وكان مجازاً عقليّاً.

وعلى ماذكر يعمّ الوجود بالذّات كون الشـي‏ء في نفسه من دون كونه لغيره، وهو مطلب هل البسيطة، كقولنا (زيد موجود)، وكونه لغيره إذا كان لهذا الشـي‏ء وجود في نفسه أيضاً، وهو مطلب هل المركبة، كقولنا (زيد إنسان أو حيوان). ويختصّ الوجود بالعرض بكونه لغيره إذا لم‏يكن له وجود في نفسه، بل كان موجوديته بوجود الغير لأجل مقارنته له، أو انتزاعه منه، كما في سائر الإتّصافات العرضية). شـرح الالهيات من كتاب الشفاء، محمد مهدي النراقي، تحقيق حامد ناجي، ج2، ص707.

([696]) (اذ لو كانت هيئة الاجتماع في العشـرة مثلاً، امراً عينيّاً، كالبياض، كانت هي الحادية عشـرة. ففرضت هيئة اجتماع الاحد عشـر. والمفروض ان الهيئة الاجتماعية مطلقاً امر عيني، فيصير الاحد عشـر اثنى عشـر، وله هيئة اخرى عينيّة. وهكذا. فيلزم التسلسل.

وهاهنا وجه آخر في حل اشكال: تقدّم العلّة التامّة المركّبة من اجزائها - المادة والصورة - على المعلول. وهو ان العلّة الماديّة والصوريّة معتبرتان في ناحية العلّة، لا المعلول، اذ المعلول امر وحداني، على ما عرفت من ان شيئيّة الشـيء بصورته، وان الفصل الاخير الجامع لوجودات اجناسه وفصوله، هو حقيقة النوع، بل هو الوجود. فكيف يتحقق المادّة والصورة، بما هما شيئان في المعلول، حتى يقال: هما في العلّة عين ما في المعلول، فلا تقدّم؟ كيف لا تقدّم للعلّة التامّة، وهي العلّة الحقيقية؟ واطلاق المركّب على المعلول المستكمل بالوصول الى الغاية، باعتبار قبول التحليل عند العقل الى كمالات تلك الموجودات المتعاقبة وفعليّاتها، فانه جامع لها بنحو اللف، وهو بوحدته، يوازي الكل بكثرتها. وليس فاقداً الا ما هو من باب الحدود والنقائص). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص366، حاشية4.

([697]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج5، ص282.

([698]) ومنها مسألة (الوجود خير محض). ومنها مسألة (ان التلازم العقلي بين الشيئين، فرع كون احدهما علّة، والاخر معلولاً). ومنها (بطلان الترجيح بلا مرجح). و(احتياج الممكن الى العلّة). ومنها (عدم اجتماع الضدين والنقيضين والمثلين). و(عدم ارتفاع الوسطين). ومنها (ان الماهية من حيث هي ليست الا هي). ومنها(بطلان الدور). و(توقف الشـيء على نفسه)، الى غير ذلك من المسائل النافعة كثيراً، حيث يثبت بها نفي التركيب عن الواجب، من الاجزاء الواجبة، ونفي كون الواجب جزء من غيره، وعدم جواز توارد الفصلين على جنس واحد، وعدم تركيب الماهية من آمرين متباينين، الى غير ذلك من المسائل). تعليقة الآشتياني على شـرح المنظومة، الميرزا مهدي المدرّس الآشتياني، ج2، ص396.

([699]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص368، حاشية1.

([700]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج5، ص282 - 309.

([701]) شوارق الالهام في شـرح تجريد الكلام، المحقق عبد الرزاق اللاهيجي، ج1، ص173.

([702]) وقد مرت ترجمته، ج1، ص208 - 209.

([703]) فقال: (فيه اشكال، لان حيثيّة القوّة تنافي حيثيّة الفعليّة، كما ينادي به دليل القوّة والفعل المثبت للهيولى، فكيف يتّحد المتقابلان؟ وايضاً، الاتحاد يجوز بين اللامتحصّل والمتحصّل كالماهية والوجود، والجنس والفصل، حيث انها اجزاء عقليّة، لا خارجيّة. والهيولى موجودة عند المحققين. والموجودان لا يكونان موجوداً واحداً، وتوجيه الاتحاد ان الهيولى، لما كانت قوّة محضة، ولم تكن مرهونة بفعليّة، حتى يكون لها تابّ وتعصّ عن الاجتماع بفعليّة اخرى، كما في الصورة (اذ صورة بصورة لا تنقلب) والقوّة خفيفة المؤنة، جاز ان تتحد الهيولى بكل صورة وفعليّة، ولا تعصـي فيها عن قبولها. وهي وان كانت موجودة، الا ان وجودها في غاية الضعف، حيث انها قوّة صـرفة. فتركيبها مع الصورة، تركيب اللامتحصّل مع المتحصّل، لأن القوّة عدم، الا انها عدم شأني. فهذا معنى اتحادهما، لا ان حيثيّة القوّة وحيثيّة الفعليّة واحدة، لا تعاند بينهما). شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص371، حاشية3.

([704]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص300، ج2، ص13. ولمزيد من التفصيل، انظر: الحجج البالغة على تجرّد النفس الناطقة، الاستاذ حسن زادة آملي.

([705]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص300، ج2، ص13.

([706]) اشـراق هياكل النور، غياث الدين دشتكي الشيرازي، ص79 - 80.

([707]) الهيات الشفاء، الشيخ الرئيس، ج1، ص245.

([708]) شـرح المنظومة، الحكيم ملا هادي السبزواري، علّق عليه الاستاذ حسن زادة املي، (قسم الحكمة)، ج2، ص372، حاشية5.

([709]) التعليقة عليه للمولى إسماعيل بن المولى سميع الاصفهاني، من تلاميذ المولى علي النوري المتوفّى عام (1277هـ). ولم نعثر عليها.

([710]) الاسفار الاربعة، صدر الدين الشيرازي، ج5، ص282 - 309.

 
 
البرمجة والتصميم بواسطة : MWD