ميلاد الرسول الأعظم

في هذا اليوم السعيد المبارك تشرق علينا شمس الهداية، ويظهر فيه الحق المبين ويجود علينا رب العالمين بنبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم سيد المرسلين ليخرج العالم الإنساني من فم الدهر المظلم، والذي كان بداية لإشراق العالم الإنساني بأنوار المعرفة وسمو المنزلة وفتح أبواب السعادة الدائمة والتدرج في مدارج الكمال والتطلع لمطالع الجمال والجلال وقد اهتزت عروش ذوي التيجان وتزعزعت به أركان ذوي العرش والصولجان، وقد اتفقت كلمة المؤرخين على أن يوم ميلاده على ما ذكره المجلسي صاحب البحار عن عدة كتب معتبرة أنه ارتج به إيوان كسرى وهو جالس عليه وسقط من شرفاته أربع عشر شرفة، وغارت بحيرة ساوة بينما فاض وادي السماوة، وخمدت نيران فارس ونكست الأصنام بين من يعبدها من الفُرسان، وكان من عجائب الدهر ومعاجز الزمن أنه صلى الله عليه وآله وسلم كانت أمه آمنة وحدها في دار مستقرة آمنة إذ دخلت عليها نسوة يفوح منهن رائحة المسك والعنبر قد تنقبن بأطمار من العقيق الأحمر وبأيديهن أكواب من البلور الأبيض فقلن: اشربي يا آمنة من الشراب العذب الزلال وابشري بسيد الأولين والآخرين المصطفى محمد، وهتف هاتف بصوت يجلجل بين السماء والأرض خذوه وغيبوه عن أعين الناظرين أنه ولي رب العالمين.وقد وضعت المولود المبارك صاحب الولاية الكبرى والرسالة العظمى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فأشرق بنوره الساطع ولمع بضيائه اللامع في آفاق العالمين، واستبشرت به أهل السموات والأرضين وقد أدرج في ثوب من الصوف الأبيض مقمط بقماط من حرير بالمسك معطر وهو مكحل مختون يكاد سنا نوره يخطف الأبصار.

لقد مضى على الإنسان حينا من الدهر لم يكن شيئا مذكورا يتسكع في ديجور ظلام غسق دامس لا يستبين في حندسه الطريق للحق المبين ولا يهتدي لأمانيه السبيل المستقيم تغمره ظلمات المحن وتعصف به عواصف الكوارث والإحن فأتحفه الله جلت عظمته بميلاد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وبعد أن اكتملت شخصيته ونضجت قوته واستوى إلى أفق الإنسانية الأعلى واستعدت نفسه الزكية لتلقي الرسالة العظمى جعله الله عظمت آلاؤه باعثا في العالم الإنساني روح اليقظة من سباته العميق وداعيا لانعتاقه من جهله الشديد ومنقذا له مما لصق به خلال ما مضى من القرون ومنجدا له مما يستقبله من الدهر الخؤون سراجا منيرا يكشف للناس ما انطوت عليه الإنسانية من القيم العليا والمحاسن المثلى مبرهنا على ذلك بمعجزات تزيد على الألف وتتجاوز حد الوصف كيف لا وقد دنا من الملكوت الأعلى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى.

اللهم أهل الكبرياء والعظمة وأهل الجود والجبروت أسألك بحق اليوم الذي تشرف بولادة نبينا المكرم صلى الله عليه وآله وسلم أن تدخلنا في كل خير أدخلت فيه عبادك الصالحين وأن تخرجنا من كل سوء أخرجت منه عبادك المخلصين.

هذا ما استفدناه من كتاب الكلم الطيب لسماحة والدنا المرحوم آية الله العظمى الشيخ علي كاشف الغطاء.

 
 
البرمجة والتصميم بواسطة : MWD