Our Islam is not your globalization

إسلامنا لا عولمتكم

 

 

المقدمة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله وصحبه المنتجبين. قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز:

[يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا
 إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ]

صدقة الله العلي العظيم

وبعد:

إن العولمة دعوة ظاهرها حق وحقيقتها باطل، فهي تَرْتَكِزُ على أسطورة أقرب للدعاية من الحقيقة والإعلام من الواقع على أن العالم قرية واحدة بسبب الاتصالات، وإن التقدم العلمي هو الحد الفاصل بين المجتمعات، وكل كلمة منها كلمة حق يراد بها باطل، تبطن غيرما تظهر وتخفي غير ما تعلن، فالعولمة ليست ظاهرة اقتصادية أو سياسية أو تقنية  معلوماتية فحسب بل هي ظاهرة استكبارية تقوم على أساس الهيمنة والسيطرة الأمريكية لإخضاع دول العالم وشعوبها اقتصاديا وعسكريا وثقافيا لمقتضيات المصلحة الأمريكية وفق المبدأ الأمريكي المعروف (كل ما هو صالح لأمريكا فهو صالح للآخرين).

واستعرضت في بحثي هذا تعريف العولمة والفرق بين العالمية والعولمة وعولمة الثقافة والعولمة والعلاقات الدولية والعولمة والصهيونية والآثار السلبية للعولمة، ثم بينت وجهة النظر الإسلامية للعولمة والخطوات العملية لصد العولمة، وإن المشروع الحضاري الإسلامي هو القادر على أن يكون القطب الآخر لمواجهة العالم ذي القطب الواحد لأن الإسلام لا يتنكر للخصوصيات الإنسانية بل يعتبرها مصدر إثراء للإنسانية، ولا يمنع الشعوب من أن تكون لها ثقافتها الخاصة بشرط أن ترتبط بالخط العام بالثقافة الإسلامية، وإن الإنسان هو مركز الكون بعد حاكمية الله عليه خلافا لما تدعيه العولمة من أن الدين ضد حركة التاريخ ويجب إلغاءه من حركة الإنسان في الحياة بناءا على أن الطبيعة هي مركز الكون لأن الحضارة الغربية لها بعد مادي فقط.

ثم تناولت سطوة العولمة في عصرنا هذا، وأوضحت بأن العولمة عبارة عن جولة استكبارية جديدة وإن الأمة العربية والإسلامية ستخوض صراعا مريرا مع الاستكبار العالمي بقيادة أمريكا لأصالة هذه الأمة وإنها خير أمة أخرجت للناس من بين الأمم وأعظمها أصالة فكريا وسياسية لقوله تعالى [كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ].

وختاما بينت أن أطروحة أسلمة العالم هي التي ستؤول إليها البشرية من خلال مخاضاتها المتوالية وحركتها الواصبة نحو الحق والعدل والسعادة لقوله تعالى:[وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ] وقوله تعالى: [وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ].

تعريف العولمة

العولمة كلمة مشتقة من العالم، وليس لها أصل في اللغة العربية، ولم يعهد مثل هذا التصريف في اللغة العربية. وقد شاع هذا الاستعمال وتحول إلى اسم علم أعجمي. وَتَدْعُوْ العولمة إلى تغيرات جذرية في الاقتصاد والسياسة والثقافة والاجتماع وهدفها الظاهري تهيئة الأجواء العالمية لمرحلة اقتصادية جديدة تتميز بعدة أنماط حديثة مثل انفتاح كل ما هو محلي على العالم على العالم الخارجي. وهذه الدعوة ظاهريا حق ولكن حقيقتها باطل، لأنها تنطلق أساسا بهدف تركيز الاقتصاد الإنساني وإلغاء الخصوصيات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشعوب واستتباع ثرواتها وأمنها، والعولمة مشروع أمريكي يريد أن يفسح المجال للشركات والمؤسسات الأمريكية للسيطرة على دول العالم الثالث بإلغاء الحواجز الاقتصادية.

إن العناصر الأساسية لظاهرة العولمة موجودة في مجالات ثلاثة متداخلة هي: الاقتصاد والسياسية والثقافة، وإن نقاد العولمة يفضلون تسمية (الأمركة) نسبة إلى أمريكا كتعبير أكثر دقة عن واقع الحال.

الفرق بين مفهوم العالمية والعولمة:

يبدو للبعض أن العالمية والعولمة مفهومان مترادفان، ولكن الواقع يشير إلى أن هنالك اختلافات جوهرية بينهما سواء من حيث النُّشُوْء والتطور والأسباب، حيث أن مفهوم العالمية ما هو إلا تعبير عن التطور الطبيعي والموضوعي والتاريخي، ذلك التطور الذي حدث نتيجة للتقدم العلمي والاجتماعي والثقافي بتكاثف العلاقات بين المجتمعات البشرية لتداخل الحضارات وتفاعلها، وهو قديم قدم الإنسان. والعالمية هي الاتجاه الذي يتماشى مع مقتضيات النظام العالمي والذي يستلزم التخلي عن روح الهيمنة والعدائية للشعوب والمركزية والعنصرية، واحترام حق الشعوب في تقرير مصيرها وحقها في التنمية والكرامة.

أما العولمة فهو إتجاه يتمثل بالمزيد من الهيمنة والسيطرة للقطب الواحد ذلك الاتجاه الذي أصبح هو السائد في أمريكا في الوقت الحاضر والذي سوف تكون عواقبه وخيمة على النظام العالمي وعلى عملية التنمية في الدول النامية. إن نظام العولمة الجديد في المفهوم الأمريكي ما هو إلا نظام قائم على الهيمنة والسيطرة الأمريكية، ذلك النظام الذي يعني في جوهره (أمركة العالم) الذي يعني خضوع جميع دول العالم والشعوب لمقتضيات المصلحة الأمريكية ووفق المبدأ الأمريكي المعروف (كل ما هو صالح لأمريكا فهو صالح للآخرين) حيث تعني العولمة في جوهرها انتصارا للرأسمالية في الصورة الأمريكية، وسيطرتها على العالم اقتصاديا وعسكريا وتوجيهه بما يتماشى مع مصالحها وطموحاتها. وهذا يعني أنه في ظل العولمة سوف يزداد الغني غنا والفقير فقرا.

سطوة العولمة

إن العولمة من العناوين التي طبخت في مطابخ السياسة والإعلام الاستكباري الأمريكي، وأمريكا طرحت هذا النظام العالمي الجديد في وقت لانجد فيه مصداقا للنظام العالمي الجديد بل هنالك واقع عالمي جديد يتحرك في كل مرحلة عندما تسقط قوة وترتفع قوة أخرى [وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ](1) كما صرح القرآن الكريم في هذا المجال. فإن أمريكا أرادت أن توحي للشعوب المستضعفة شعوب العالم الثالث أن هنالك نظاما جديدا يطبق على العالم وعلى الجميع أن يسلموا له. ففكرة العولمة انطلقت بنفي كل اقتصاد إقليمي أو وطني أو قومي، وإثبات اقتصاد واحد عالمي استكباري تسيطر عليه أمريكا بالقوة فتمنع أي اقتصاد من أن يدير نفسه بنفسه وأن تكون له مفرداته الخاصة به. هذا من الجانب الاقتصادي وكذلك من الجانب الأمني فإن العولمة تلغي الأمن الذاتي لأي دولة، بل إن الأمن ينطلق من خلال الأمن العالمي الذي تسيطر عليه القوى الاستكبارية تحت عنوان العولمة لتشعل حربا أو لتطفئ حربا بحيث تتسلح الدول لا لتمارس حربها بنفسها إلا في الدوائر الصغيرة الخاضعة للخطوط العالمية الدولية، ولتكن هذه الأسلحة والقواعد العسكرية في خدمة الدول الاستكبارية كما يحدث مثاله الآن في دول الخليج العربي. وهكذا أرادت أمريكا أن تخضع الثقافة للعولمة فليس هنالك من ثقافة إسلامية أو وطنية أو قومية بل هنالك ثقافة عالمية تحدد لكل مفردة من المفردات دورها وحركتها في خدمة المصالح الامبريالية.

إن العولمة التي انطلقت حديثا يراد لها إفساح المجال لأمريكا لأن تسيطر على العالم ولن يتحقق هذا الحكم لها وستفشل لأن علاقة الشعوب بخصوصياتها ووعيها للخطة الاستكبارية وتمسكها بدينها سوف يفشل هذا النظام.

العولمة جولة استكبارية جديدة:

إن العولمة جولة استكبارية جديدة تَفَتَّقَ عَنْها العقل الأمريكي لتجميل صورة جولته الجديدة هذه، وحقيقتها فرض الرأسمالية الأمريكية بثوب
جديد على العالم. وهيأت أمريكا الأرضية لهذه الجولة الاستكبارية لئلا تخرج عن الدائرة الحمراء للخطة المرسومة باسم العولمة رقبة دول العالم ومناطقه الحساسة، ولكن الشعوب والأمم وخصوصا شعوب الأمة الإسلامية والعربية
لم تساوم ولن تساوم على هويتها الذاتية، أو تخنع ذليلة -لا سامح الله- أمام
هذه اللعبة الجديدة، خصوصا وأنها تعيش إرهاصات صحوتها الرائدة التواقة
إلى الاستقلال والحرية، وتحقيق حاكمية العدل الإلهي في الأرض. إن هذه
الأمة الرسالية ستخوض صراعا مريرا مع الاستكبار العالمي بقيادة أمريكا،
وإن ظلما وفسادا عظيمين سينالان الشعوب المستضعفة لو قدر للاستكبار أن يحقق نجاحا-لا سامح الله- في جولته هذه. والملحوظ أن دول العالم الثالث والدول المستضعفة ستنقسم إلى طائفتين رَئِيسَتَيْن في موقفها من العولمة الاستعمارية وهما:

الطائفة الأولى: الدول الانهزامية وهي التي لا تجد لنفسها القدرة الذاتية على الوقوف بوجه العولمة الرأسمالية، وستبرر ذلك وتنظر له بأنها أمام أمر محتوم وقدر لا يمكن الفرار منه.

الطائفة الثانية: دول الصمود وهي التي تتحدى هذه الجولة الاستكبارية الجديدة، وتجد في نفسها القدرة الذاتية على الوقوف والثبات لتحقيق عوامل البناء الذاتي والاستقلال والتطور الاقتصادي على المدى البعيد رغم التضحيات الآنية التي قد تقدمها جراء موقفها هذا ومثالها العراق العظيم الذي يمثل النموذج الفريد والقدوة المثلى لهذه الطائفة.

إن إباء الأمم والشعوب الرسالية الواعية، ورفضها لخطط العولمة الاستكبارية بما تملك من ثقافة أصيلة وثروات اقتصادية كبيرة وقدرة على اتخاذ القرار السياسي المستقل لا يعني بالضرورة انعزالها عن العالم، بل إنها عندما ترسم نهجها الاقتصادي مثلا يجب أن تراقب حركتها الاقتصادية في مستوى وطبيعة علاقته بالاقتصاد العالمي، وأن تضع لنفسها خطوطا حمراء لا تتجاوزها فتسقط أمام القدرات الاقتصادية الاستكبارية، وكما يصدق هذا في المجال الاقتصادي يصدق أيضا في المجالين الثقافي والسياسي.

وإذا عرفت أن خير أمة أخرجت للناس من بين الأمم وأعظمها أصالة فكرية وسياسية هي الأمة الإسلامية [كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاس تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ](1)، فسنجدها المصداق البارز بل المنفرد للأمة الممتنعة عن الاستكبار وجولاته المتوالية، فبأفضليتها الرسالية وأصالتها الفكرية والسياسية وما تملكه من مواقع جغرافية وثروات اقتصادية كبرى ستحقق الامتناع الذاتي والصمود أمام أية جولة استكبارية مهما كانت مقتدرة ومتطورة. بل إن الشمولية والواقعية والتكامل الفريد الذي تتمتاز به أطروحتها الإسلامية للحياة ستظهرها عل كل الأطروحات الوضعية المتداولة في عالم اليوم لتناغمها مع طموحات البشرية وآمالها في إزهاق الباطل وإزالة الفساد والظلم وإحقاق الحق وإقامة العدل في الأرض [هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ]([1])، وقوله تعالى: [هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا]([2]) وقوله تعالى: [وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ ، لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ]([3]).

إن العولمة الحضارية بوجهها الإنساني النزيه وبعدها الحضاري المتوازن لن تجد أرضية ومناخا صالحين إلا في ظل الأطروحة الإلهية المتمثلة بالإسلام خاتم الرسالات السماوية وكمالها المنشود، وهو القائم على أساس المنطق العقلي والفطرة السليمة والنهج الواقعي المنزه عن جميع صور الاستكبار والظلم والفساد [فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ]([4]).

إن أطروحة أسلمة العالم هي التي ستؤول إليها البشرية من خلال مخاضاتها المتوالية، وحركتها الواصبة نحو الحق والعدل والسعادة، فيصدق قوله تعالى: [وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ]([5])، وقوله تعالى: [وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ]([6]).

عولمة الثقافة:

إن السياسية الأمريكية التي تعمل للسيطرة على مقدرات العالم الثالث وفي مقدمته العالم الإسلامي لا تريد أن تنطلق أية دعوة إلى الاستقلال السياسي والأمني والاقتصادي لتحمي وجودها واقتصادها وثرواتها، بل عملت هذه السياسة الاستكبارية على منع الاكتفاء الذاتي للعالم الثالث والإسلامي، ومنعته من الإنتاج والتصنيع الوطني وأثقلته بالسلبيات والصراعات وبكل ألوان التخلف، فموقف أمريكا السلبي المعروف من القضية العربية الإسلامية خصوصا القضية الفلسطينية، وهكذا موقفها اليوم من الإسلام الذي انطلق من أجل الحرية والعدالة، وما يهم أمريكا هو أن تبقى الدول الإسلامية تحت وطأة التخلف وروح الهزيمة لتبقى مسيطرة على العالم، وما زال الأمريكان يحذرون الغرب من سطوة الإسلام الجهادي الذي يهددهم، ويشوهون صورته، ويروجون للخرافات السائدة مثل استعباد الإسلام للمرأة، وإن الإسلام والإرهاب قرينان لا ينفكان، فإن الدعايات المغرضة تؤجج من جديد في أجهزة الإعلام الغربي سواء بالمحاضرات أو بالصحافة أو وسائل البث المسيطرة وغيرها.

العولمة والعلاقات الدولية

تزعم العولمة التي تدعو إليها أمريكا بأن الإسلام يعقد العلاقات الدولية، وهذا زعم موهوم وافتراء واضح مكشوف، فإن العلاقات الدولية تعيش حالة من السلبية من خلال طبيعة الواقع الاستكباري الذي تريده أمريكا للسيطرة على مقدرات المستضعفين في العالم لتسجل أرباحا لمصلحتها على حساب الدول الأخرى، فالواقع الاقتصادي والأمني والسياسي الاستكباري الذي يتمثل بالعولمة هو الذي يعقد العلاقات بين الدول والشعوب لا الإسلام. فإن الغرب قام بنهب ثروات الشعوب المستعمرة واستعباد أهلها والتجارة بهم، بينما قام الإسلام بتحديث الشعوب المفتوحة وتعريبها وإدخالها في ركب الحضارة الإنسانية متوحدا معها ومساويا لها ومعظما لفلاسفتها وعلمائها.

العولمة والصهيونية

ذكر كتاب (بروتوكولات حكماء صهيون) أن اليهود يسعون لإنشاء الدولة العالمية، وإن العولمة مقدمة وضعها يهود أمريكا من أجل إقامة دولتهم العالمية المزعومة، ويخطط اليهود لهذا من خلال إمساكهم بالاقتصاد والإعلام والسياسة في العالم، فهم يريدون أن يؤسسوا دولة عالمية ليست بالضرورة دولة يهودية موحدة، بل نظام العولمة لكي يسيطروا على كل الواقع العالمي، خاب فألهم ولن يتحقق حلمهم بقوله تعالى: [وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ](1).

الآثار السلبية للعولمة

الملحوظ أن الدول النامية ما أن تخطو خطوة واحدة للأمام تحت نظام العولمة حتى تتراجع خطوات إلى الخلف، وإذا كان البعض يعتقد بأن نظام العولمة يعني الانفتاح الاقتصادي والسوق العالمية المفتوحة والمحررة من كل القيود والتدخلات الخارجية والتي تسمح بانتقال عناصر الإنتاج والسلع والخدمات ورأس المال بين الدول بكل شفافية ووفقا للحاجة، وتهيئة فرص متكافئة لجميع الدول وبذلك الشكل الذي يضمن تحقق التوازن والعدالة بين جميع الدول، والذي يتم فيه انتقال رؤوس الأموال من البلدان المتقدمة إلى الدول النامية والتي هي بأمس الحاجة إلى ذلك الانتقال الذي يوفر لأصحابه الربح والدول المضيفة الازدهار الاقتصادي والاجتماعي، فهذا الاعتقاد خاطئ لأن هذه الشعارات التي ترفع ظاهرا أما عمليا وواقعا فإن عملية التنمية للدول النامية مقيدة في ظل العولمة وبما يتماشى ومصلحة الدول الرأسمالية، فتواجه الدول النامية صعوبات تتمثل في تدخل الدول الرأسمالية وخاصة أمريكا في برامج سياسات التنمية وتوجيهها بذلك الشكل الذي يتماشى ويخدم مصالحها وعلى حساب ومصالح شعوب العالم الثالث تلك التدخلات التي اتخذت أشكالا متعددة منها دعوة الدول النامية إلى الاصلاحات الاقتصادية، وتدخل مؤسسات التمويل الدولية والتي ما هي إلا وسيلة من وسائل الضغط والتدخل الأمريكي في شؤون الدول النامية حيث يلاحظ أن جميع عمليات الإقراض التي تقدمها تلك المؤسسات الدولية للدول النامية ما هي إلا قروض مشروطة وفيها تدخل واضح حتى في جوانب السيادة الوطنية. ونذكر بعض النقاط السلبية للعولمة منها:

إزدياد عدد الجريمة المنظمة والتجارة بالنساء والأطفال لأغراض الاستغلال الجنسي والمخدرات حسب تقرير التنمية البشرية الصادر في عام 1999 من الأمم المتحدة.

ظهور التطرف الديني كرد فعل للعولمة التي لا تقيم لأي شيء وزنا سوى السلع والاقتصاد والمال، والتي تدعو إلى تغير الشعوب في أخلاقهم وعقائدهم وأنماط سلوكهم، بل فرضها على الآخرين بالقوة الغاشمة.

إن العولمة جعلت النقود تتحدث بصوت أعلى من الحاجات الحقيقة للإنسان حيث أن التركيز على الأغذية المحسنة وراثيا والأدوية ومساحيق التجميل باتت أكثر أهمية من اللقاحات الطبية والإجراءات الوقائية من بعض الأمراض المعدية في ظل العولمة.

تعد العولمة العدو الأول للبيئة الطبيعية لا سيما وإن اقتصاد السوق ومصالح الدول الصناعية والشركات المتعددة الجنسية لا تعير أي اعتبار للأضرار القصيرة أو البعيدة المدى على الطبيعة.

إن العولمة توفر المزيد من الفرص للشركات العابرة للحدود التي تعد ركائز أساسية للدول الرأسمالية وسياساتها الإمبريالية، وواحدة من أبرز الأدوات التنفيذية للسياسة الاستعمارية الجديدة حيث تعمل هذه الشركات والمافيات على تخريب اقتصاديات الدول النامية والتدخل في شؤونها الداخلية.

من خلال العولمة الامبريالية التي هي أحد أشكال التفرد الأمريكي والتي تمثل إخلالا آخر بالنظام الدولي، ودليلا آخر على اللاعدل واللاإنصاف فيه، وتسعى قوى السيطرة الامبريالية إلى التضيق على المنظمات الدولية والإقليمية وفي مقدمتها هيئة الأمم المتحدة والتلاعب بسياساتها وتوجيهها لغير الأغراض التي وجدت من أجلها، وقد كانت قضية العراق ومواجهته للعدوان والهيمنة والحصار وما آل إليه الحال في علاقته بالأمم المتحدة بسبب هيمنة أمريكا على الهيئة الدولية ومؤسساتها وفي مقدمتها مجلس الأمن.

العولمة أنعشت الدول الغنية وزادت نَِسَبَ الفقر في دول العالم الثالث، فقد استطاعت العولمة الأمريكية أن تفرض أساليب اقتصادية على العالم جاءت بكثير من الخسائر والأضرار للعالم الثالث وذلك بإخضاع اقتصاديات العالم لمفردات قانونية أو اتفاقيات دولية تقدم التسهيلات للسلع والصناعات الغربية والأمريكية منها بوجه خاص وتفتح لها أسواقا أوسع مما يشكل إضعافا لمستويات الصناعة ولمجمل جوانب الإنتاج الوطني المستقل في بلدان العالم الثالث.

العولمة والإسلام

إن الإنسانية واحدة وإن كانت هنالك خصوصيات لموقع إنساني هنا وهناك، والإسلام لا يتنكر للخصوصيات الإنسانية بل يعتبرها مصدر إثراء للإنسان في العناصر الغنية التي تتحول إلى لقاء إنساني فيما يحتاجه الإنسان من الآخر من العناصر الناقصة عنده، وهذا ما جاء به القرآن الكريم بقوله تعالى: [يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ](1)، فالإسلام لا يلغي الخاص أمام العام، بل يرى أن العام يتغذى من الخاص وإن الإنسان يتحرك في العام مع الاستفادة من غنى الخاص لتكون هناك وحدة عالمية إنسانية في التنوع.

أما العولمة فقد ولدت في الدوائر الأمريكية والمطلوب من خلفية مشروع العولمة ان تخضع الخصوصيات القومية والإقليمية والدينية لدول الاستكبار الأمريكي، فباسم العولمة تستخدم أمريكا القوة لتتجاوز الحدود الوطنية والإقليمية والقومية والدينية للدول الأخرى وتصبح العولمة وسيلة من وسائل السيطرة، وهنا نؤكد على نقطة معينة بأن الأمريكين ليسوا مستعدين أن يفقدوا عناصرهم وخصائصهم القومية إن كانت هنالك حالة قومية في أمريكا لمصلحة العالم الثالث، فالتكامل مع العالم والتفاعل معهم ليس بالضرورة في إلغاء الخصوصيات الثقافية والاقتصادية والدينية فإن الإسلام دين عالمي في ثقافته، ولكن لا يمنع الشعوب من أن تكون لها ثقافتها الخاصة بشرط أن ترتبط في الخط العام بالثقافة الإسلامية.

دعوتنا إلى أسلمة العالم

إن الله سبحانه وتعالى أرسل رسوله محمد بن عبدالله  (صلى الله عليه وآله وسلم)  إلى الناس كافة. قال تعالى: [وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا](2). فالدعوة الإسلامية دعوة عالمية، ولا بد للداعية إلى الله سبحانه وتعالى أن يعي ذهنية الناس الذين يدعوهم إليه، وأن يكون مطلعا على ثقافتهم وعقليتهم وروحيتهم فيما يعيشونه في كل أوضاعهم وعلاقتهم، لأن الداعية عندما لا يفهم روح الآخر ولا يدرك حدود ثقافته فكيف يمكن أن يخاطبه؟ وقد ورد عن رسول الله  (صلى الله عليه وآله وسلم) : (إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم)، فاذا لم نفهم حجم عقولهم فكيف نستطيع أن نتكلم معهم على قدر عقولهم؟ ونحن نعيش في عصر يشتمل على كثير من التقدم في العلم والتنوع في الأفكار وعلى أسلوب الحياة الذي يتنوع هنا وهناك، لذلك يقتضي الحال أن نفهم روح العصر لنعرف كيف نحرك الإسلام في داخله. ولا يمكن خضوع الإسلام لذهنية العصر لأننا نؤمن بأن الإسلام يجب أن يقتحم ذهنية العصر من خلال فهم روحية الإنسان المعاصر وذهنيته وكل ما يفتح عليه ويغلق عنه.

إن العولمة تريد أن تلغي الدين من حساب حركة الإنسان في الحياة في قضاياه الحيوية وحاجاته المادية، بزعمها بأن الدين ضد حركة التاريخ، وهذا أمر موهوم لأن الإنسان متدين بطبعه من حيث فطرته الصافية الكامنة في سر وجوده تختزن الإحساس بالدين، والايمان بالله تعالى، كما أن العولمة في مشروعها الحضاري تعتبر الطبيعة مركز الكون وموارد الأرض محدودة، ويجب أن تكون تحت تصرف العنصر المتفوق، وإذا اصطدمت مصلحة الطبيعة مع مصلحة الإنسان تقدم الطبيعة ولو بقتل الإنسان وإبادة الجنس البشري، كما على علماء المسلمين تقديم مشروعهم الحضاري الإسلامي.

إن الحضارة الغربية لها بُعْدٌ مادِيٌ فقط لا تدخل الله سبحانه وتعالى في حساباتها وهذا البعد الذي يستغرق وجود الإنسان الذاتي في قضايا الحريات دون أن يتنبه إلى العناصر والأبعاد الأخرى التي قد تجعل من حركة بعض الحريات في وجوده حركة سلبية.

إن عرض الحضارة الإسلامية والخطاب الإسلامي الذي يمثل التطور المعرفي للإنسان المسلم في حركته في الواقع كما يمثل تطلعاته في تغيير حركته من أجل تغيير الواقع فلا بد أن ينطلق الخطاب الإسلامي من خلال حاجات الإنسان المعاصر وأن نحرك المفاهيم الإسلامية والعقيدية والشرعية بحيث يشعر الإنسان المعاصر أن الخطاب يمثل مرحلته وحاجته والقضايا التي تحكم حياته وتتحرك في مسيرته، وأن لا يكون الخطاب تجريديا يغرق في الخيال، وأن لا يكون ماضويا يبتعد عن قضايا العصر وحياة الإنسان المعاصر.

خطوات لصد العولمة

إن العولمة ليس قدرا محتوما ولا قانونا تاريخيا تخضع لها كل الشعوب، ولمواجهتها أمور منها :

أن نقدم صورة عن الإسلام بأنه دين حواري وتعايشي، ويتحرك من أجل أن ينفتح عقل الإنسان وقلبه على الحقائق من أقرب طريق، وأن نعالج قضية العنف بالمنطق الحضاري الذي يجعل للإنسان الحق في الدفاع عن نفسه ووقاية ساحته من التعديات، وأن نبين بصورة جلية بأن المسلمين لا يعملون على إثارة العنف، ولكن يعملون على أساس الدفاع عن أنفسهم ضد الذي يريد أن يلغي وجودهم وحريتهم ودينهم عندما لا يكون هنالك سبيل للرفق.

أن يكون فقهاؤنا يملكون الشمولية في فهم الإسلام ولا سيما في معرفة القرآن والسنة الشريفة ومعرفة الواقع الفكري والثقافي المتحرك، حتى يستطيع أن يفهم الإسلام لكي يستطيع أن يفتي للواقع ويعالج كافة مشاكله، فإن مناطق الفراغ في الفكر الإسلامي أكثر من أن تحصى.

أن يكون المسلمون دقيقين في مفردات الخطاب الإسلامي حتى لا يعطوا الأعداء السلاح الذي يحاربوننا به، وإن علينا أن نقول للعالم بأن الإسلام لا يلغي الآخر بل يعترف ويتعايش معه لا كما في عولمتكم التي تلغي الآخرين.

التمسك باللغة العربية واستعمالها في العلم والتعليم وفي كل أوجه نشاط المجتمع، ويعتبر التمسك باللغة العربية من أهم دعائم الوقوف بوجه العولمة، ومن الباطل أن يدعى أن اللغة العربية غير صالحة لهذا العصر، وإن اللغة الانكليزية هي لغة العصر، فإن اللغة العربية هي اللغة المقدسة التي أنزل الله تعالى بها القرآن الكريم: [إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا](1) وهي موثقة الأواصر بين أبناء هذه الأمة من مشارق أقطارها إلى مغاربها وهي وعاء تفكيرهم وتعبيرهم، وسجل تأريخهم، ووسيلة حفظ تراثهم، فما أحرانا بالتمسك بها والحفاظ عليها من هذه العولمة الشرسة وتيارها الجارف.

أن نبعد الحضارة الإسلامية عن الخرافة والتخلف، وأن نفرق بين الإيمان بالغيب وإعطاء الخرافة الحرية في أن تدخل عقولنا باسم الغيب، فللغيب قواعده وأصوله وقد أقامها الله على سننه، ولا يعني ذلك أن نفسر كل شيء بالغيب فإن الله سبحانه وتعالى أراد أن يتحرك الإنسان من خلال القوانين الطبيعية.

أن لا يكون طرحنا من خلال حلول ماضوية، فإن لكل مرحلة من مراحل الحياة حلول بحجم حاجات المرحلة ومشاكلها، فالمسلم سواء كان فقيها أو مثقفا له أن يعيش عصره ويفهم إنسان عصره وقضاياه ليتحدث بلغة العصر من خلال وجهة نظر إسلامية.

أن يؤصل جيل شبابنا انتماءه لثوابت الحياة الحقيقية ويؤصل فكره ليربط بعقله ووجدانه وأن يحافظوا على ثوابتهم الدينية في عقيدتهم الإسلامية، وأن لا يذوبوا في أفكار ومظاهر وقشور الحضارة الغربية والانفتاح على قيم الغرب التي تصطدم في كثير من الأحيان بالتزامات الإسلام .

تكوين التجمعات الإقليمية القادرة على الوقوف أمام الدول الاستكبارية مع التمسك بالإرادة الوطنية المستقلة للشعوب، كما يجب الدعوة إلى تكوين قطب ثان في مقابلة القطب الأوحد حتى ينشأ تطور متكافئ، وتبرز منافسة بين أقطاب متعددة منها القطب العربي الإسلامي الذي تكشف عنه الصحوة الإسلامية، فاحتمال ظهور قطب ثان وارد حضاريا من المنطقة العربية الإسلامية بإرثها الثقافي التاريخي الطويل الذي يرجح أن يكون هو المحتمل للتحدي للعالم ذي القطب الواحد، ومن هنا تأتي معاداة الغرب للإسلام بوجه عام وللصحوة الإسلامية بوجه خاص، والتركيز عليه بالضرب والحصار والتهديد، فإن بعض الدول النامية قد حققت نوعا من التنمية الصناعية في إرساء القاعدة العلمية والتقنية فيها والتي أصبحت مصدر تهديد لمصالح أمريكا كما هو الحال في عراقنا العظيم، مما دفع أمريكا إلى اعتماد سياسات معينة مستخدمة أساليب غير أخلاقية ومستخدمة قوتها العسكرية الغاشمة لإضعاف عراقنا العظيم.

المصادر

1.الآفاق/ مجلة ثقافية فصلية تصدر عن جامعة الزرقاء الأهلية / العدد (5)/ السنة (2) / ربيع الأول 1422 هـ - حزيران 2001م / الأردن.

2.الحكمة/ مجلة فكرية شهرية تصدر عن بيت الحكمة/ العدد (22)/ كانون الثاني 2002م/ العدد(19)/ السنة الرابعة / 1422هـ - 2001م/ بغداد.

3.الحركات الإسلامية المعاصرة في الوطن العربي / مركز دراسات الوحدة العربية/ الطبعة الثانية/ بيروت/ 1989م.

4.العولمة الاقتصادية/ الدكتور محمد طاقة/ تقديم الدكتور قيس محمد نوري/ الطبعة الأولى/ بغداد / 2001م.

5.العولمة الاقتصادية هيمنة الشمال والتداعيات على الجنوب / الدكتور محمود خالد المسافر/ الطبعة الأولى / بيت الحكمة / بغداد .

6.العولمة وانعكاساتها على التنمية في الدول النامية / الدكتور كاظم جاسم العيساوي.

7.ما العولمة/ الدكتور حسن حنفي والدكتور صادق جلال العظم/ الطبعة الأولى/ دار الفكر/ دمشق .

8.مجلة أم المعارك/ العدد(26)/ السنة السابعة/ 2001م/ بغداد.

9.مجلة أم المعارك/ العدد(29)/ السنة الثامنة/ 2002م/ بغداد.

10.مجلة اليقظة الإسلامية/ العدد(7) / السنة الأول / 1985م/ القاهرة .

11.منبر الحوار/ مجلة العدد(37)/ السنة 1999م/ بيروت.

(1) سورة آل عمران, آية: 140.

(1) سورة آل عمران, آية: 11.

([1]) سورة التوبة, آية: 33.

([2]) سورة الفتح, آية: 28.

([3]) سورة الأنفال, آية: 7, 8.

([4]) سورة الروم, آية:30.

([5]) سورة الأنبياء, آية: 105.

([6]) سورة القصص, آية: 5.

(1) سورة القصص, آية: 5.

(1) سورة الحجرات, آية: 13.

(2) سورة سبأ, آية: 28.

(1) سورة يوسف, آية: 2.

 
 
Design By : MWD